-
مجموع الأنشطة
5548 -
تاريخ الانضمام
-
آخر نشاط
نوع المحتوي
الاقسام
المدونات
Store
التقويم
التحميلات
مكتبة الصور
المقالات
الأندية
دليل المواقع
الإعلانات
كل منشورات العضو Light Life
-
-
الرجل هو من يخالــــــط الناس ويعاملهم بالمعـــــــروف،ويتزوج منهم ولا يغفـــــــــل عن الله طرفة عين . ـــ قيل لبعض العرفاء من المتقين الواعين: إن رجلاً من المتصوّفة بلغ في ترويضه لنفسه إلى حدّ يمشي على الماء!.. فقال العارف: وكذلك يفعله الضفدع. فقيل له: وإن واحداً منهم يطير في الهواء!.. فقال العارف: كذلك يفعل الذباب. قيل له: ومنهم من يسير من بلد إلى بلد في لحظة!.. قال العارف: وكذلك الشيطان يسير من المشرق إلى المغرب. فليس بهذه الأشياء قيمة الرجل، بل الرجل كل الرجل هو من يخالط الناس ويعاملهم بالمعروف،ويتزوج منهم ولا يغفل عن الله طرفة عين
-
-
تم انشاء هذا المبني عام 2007 ، في مقاطعة آنهوى الصينية . ولقد أشرفت جامعة هيفي للتكنولوجيا علي تصميمه. وتري جمال التصميم يبدأ من فكرة السلالم التي هي عبارة عن درج من السلالم الشفافة يصعد بداخل آلة الكمان المجاورة للبيانو الضخم الذي يعتبر هو المنزل الأساسي. وتستطيع أن ترى دقة المقاسات والأبعاد والمواد المستخدمة في بناء هذا المنزل الرائع ، بل وفكرة النوافذ والسلالم والمنزل من الداخل كلها تعتبر درب من الخيال والروعة . ولقد أصبح هذا المبني من أشهر المباني والمزارات أمام السائحين حتي المقبلين علي الزواج لأعتباره أكثر التصميمات رومانسية وجاذبية في الصين. لهذا أطلق عليه السكان المحليين اسم “أكثر منزل رومانسي بالصين”.
-
قامت إحدى المراهقات الروسيات بعرض عذريتها للبيع فى مزاد علني على إحدى مواقع الإنترنت بأقل من 30 ألف دولار. الفتاة الروسية، البالغة من العمر 18 عاما، وصفت نفسها بأنها “جديدة وغير مستخدمة”. وذكرت صحيفة إنجليزية أن الفتاة – التى اختارت اسم “شاتيناه” كى يكون اسما مستعارا لها – على موقع المزادات “أنا فى حاجة ماسة إلى المال لذلك ساقوم ببيع أغلى شىء امتلكه وهو عذريتي، وأنا جاهزة للمقابله فى أي وقت حتى لو كان غدا”. ونقلت الصحيفة عن موقع المزادات أن الفتاة المراهقة عرضت أن تقابل من يرغب بمواعدتها فى أحد فنادق مدينة كراسنويارسك الروسية؛ وقالت أيضا أنها “تريد أموالها قبل المواعدة”. وأكدت الصحيفة البريطانية أن الشرطة الروسية تحقق فى هذه الحادثة.
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا تقتربي أكثر مني فأنا رجل الشقاء لقد أصبحت يا أميرة الرقة حجرا من عالم البلاء فلا تقتربي أكثر يا نجمة كل النساء بطبيعتي أنا رجلا عربي فوضوي عبثي همجي لا يعرف غير الوجع والوباء وأنتى ( الأنثى العربيه ) فخر جميع جميع جميع النساء هكذا أنا رقيقتي بالصباح والمساء انسان من عالم الوجع أسكن قبيلة الحجر أتعلم عادات الغباء هذا أنا يا عصفورتي الخضراء نفس نفس الرجل في القاهره في اليمن في جدة في كربلاء هذا انا رجلا = وجع العالم فيه بغير بقاء ابتعدي عني ولا تقربيني فالقرب مني انتهاء والبعد عني نماء اعذريني سيدتي لأنني لازلت رجلا في عالم الغرباء
-
أجود الرجال يُـحـكــى أن أحــد الــرجــال كــان مــن أجـــوَد الــعـرب فــي زمـانـه . . فـقـالت لــه امــرأتــه يـومًـــا : مــا رأيــت قــومــا أشـدّ لــؤْمًـــا مــن إخوانـــك و أصـحــابــك !! قـــال :و لــم ذلــــك ؟! قـــالــت :أراهــم إذا اغـتـنـيــت لـــزِمُــوك ، وإذا افـتـقــرت تـركــوك .. فـقــال لـهــا هـــذا و الـلــه مــن كــرمِ أخـــﻼقِـهــم , يــأتــونـنــا فــي حـــال قـُـدرتــنــا عـلــى إكـــرامــهـــم ، و يــتــركــونـنـا فـــي حـــال عــجـــزنـــا عــن الـقـيــام بـواجـبـهــم !! قـال أحــد الحــكـمــاء تـعـلـيـقــاً عـلــى هـذه الـقـِصــة : انـظــُر كـيــف بـكــرمــه جـــاء بـهــذا الـتــأويـــل حـتــى جـعــل قـبـيـح فـِعـلـهـم حـسـنــاً و ظــاهِـــر غـدرهـم وفــاءً و هــذا يــدل عـلــى أن سـﻼمــة الـصــدر راحـــة فـــي الــدنــيــا و غـنـيــمــة فــي اﻵخـــرة لـــتــرتـــاح .. أحـســن الـظــن بـاﻵخـــريـــن و الـتــمـس ﻷخــيـــك 70 عــــــــذراً منقول
-
ذكــاء رجـــــــــل أعلن أحد الملوك في أرجاء مملكته مايلي : " إذا تمكن أحد من أن يختلق كذبة أقول له :- هذا كذب .. سأعطيه نصف مملكتي " _ فجاء إليه راع وقال له : أطال الله عمر ملكنا كان عند أبي عصا طويلة يمدها إلى السماء ويحرك بها النجوم . فقال الملك : يا له من شيء غريب، لكنه يحدث، وجدّي كان له غليون يشعله من الشمس مباشرة ، وذهب الراعي دون أن ينال شيئا _ وجاء خياط إلى الملك وقال له : اعذرني أيها الملك لقد تأخرت إذ كنت مشغولا فقد هبت البارحة عاصفة شقق فيها البرق السماء فذهبت لأصلحها. فأجاب الملك : أحسنت عملا لكنك لم تخطها بشكل جيد فاليوم صبااحا تساقط رذاذ من المطر ، وذهب الخياط أيضاً دون أن ينال شيئاً . _ فجاء رجل آخر يتأبط برميلاً .. فقال له الملك : ما شأنك انت والبرميل؟ فأجاب : جئت أسترد برميل الذهب الذي أقرضتك إياه فصاح الملك : أأنا مدين لك ببرميل من الذهب!!! فأجاب الرجل : نعم فقال الملك : لا .. هذا كذب فقال الرجل : إن كان هذا كذبا .. فأعطني نصف مملكتك فأجاب الملك على الفور : لا لا .. هذا صحيح .. فقال الرجل : ان كان هذا صحيحا فأعطني برميل الذهب !!! . منقول
-
في سورة هود: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ نسبه عليه السلام وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام. وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح. وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف - وهي جبال الرمل - وكانت باليمن بين عمان وحضرموت، بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر، واسم واديهم مغيث. وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } أي عاد ارم وهم عاد الأولى. {ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ} أي مثل القبيلة، وقيل مثل العمد. وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه: "منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر". ويقال أن هوداً عليه السلام أول من تكلم بالعربية. ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام، العرب العاربة، وهم قبائل كثيرة: منهم عاد، وثمود، وجرهم، وطسم، وجميس، وأميم، ومدين، وعملاق، وعبيل، وجاسم، وقحطان، وبنو يقطن، وغيرهم. وأما العرب المستعربة فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمه هاجر بالحرم كما ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة والبيان. وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم. قوم عاد والمقصود أن عاداً - وهم عاد الأولى - كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان. وكانت أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا. فبعث الله فيهم أخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم إلى الله، كما قال تعالى بعد ذكر قوم نوح، وما كان من أمرهم وقال تعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا مُفْتَرُونَ{ } وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}. وقال تعالى في النجم: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى، فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى، فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}. بعثة هود إلى قوم عاد ولنذكر مضمون القصة مجموعاً من هذه السياقات، مع ما يضاف إلى ذلك من الأخبار. وقد ذكرنا أنهم أول الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان. وذلك بين في قوله لهم: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} أي جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش. والمقصود أن عاداً كانوا جفاة كافرين، عتاة متمردين في عبادة الأصنام، فأرسل الله فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له، فكذبوه وخالفوه وتنقصوه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر. فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} أي هذا الأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك. {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ }. أي ليس الأمر كما تظنون ولا ما تعتقدون و لكنى : {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}. والبلاغ يستلزم عدم الكذب وعدم الزيادة فيه والنقص منه، وهو مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومه والشفقة عليهم، والحرص على هدايتهم، لا يبتغي منهم أجراً، ولا يطلب منهم جعلاً، بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه، والنصح لخلقه، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله، فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه، وأمره إليه، ولهذا قال: {يَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أي أما لكم عقل تميزون به وتفهمون أني أدعوكم إلى الحق المبين الذي تشهد به فطركم التي خلقتم عليها، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحاً وهلك من خالفه من الخلق. وها أنا أدعوكم إليه ولا أسألكم أجراً عليه، بل أبتغي ذلك عند الله مالك الضر والنفع. وقال قوم هود له فيما قالوا: {يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ، إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} يقولون ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق ما جئت به، وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك؛ بلا دليل أقمته ولا برهان نصبته، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه. وعندنا أنه إنما أصابك هذا لأن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك فاعتراك جنون بسبب ذلك. وهو قولهم: {إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْترَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}. {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِي}. وهذا تحد منه لهم، وتبرأ من آلهتهم وتنقص منه لها، وبيان أنها لا تنفع شيئاً ولا تضر، وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله. فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر وتنفع وتضر فها أنا بريء منها لاعن لها {فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون} أنتم جميعاً بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه وتقدروا عليه، ولا تؤخروني ساعة واحدة ولا طرفة عين فإني لا أبالي بكم ولا أفكر فيكم، ولا أنظر إليكم. {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي أنا متوكل على الله ومتأيد به، وواثق بجنابه الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه، فلست أبالي مخلوقاً سواه، لست أتوكل إلا عليه ولا أعبد إلا إياه. وهذا وحده برهان قاطع على أن هوداً عبد الله ورسوله، وأنهم على جهل وضلال في عبادتهم غير الله؛ لأنهم لم يصلوا إليه بسوء ولا نالوا منه مكروهاً. فدل على صدقه فيما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه وفساد ما ذهبوا إليه. وقد استبعدوا أن يبعث الله رسولاً بشرياً . ولهذا قال لهم هود عليه السلام: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ} أي ليس هذا بعجيب: فإن الله أعلم حيث يجعل رسالته. وقوله: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُون، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ، إِنْ هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ، إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ، قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بما كذبون} استبعدوا الميعاد وأنكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها تراباً وعظاماً، وقالوا: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ}، أي بعيد بعيد هذا الوعد، {إِنْ هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} أي يموت قوم ويحيا آخرون. كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة: أرحام تدفع وأرض تبلع. وقال لهم فيما وعظهم به: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُون، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}. يقول لهم: أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيماً هائلاً كالقصور ونحوها، تعبثون ببنائها لأنه لا حاجة لكم فيه، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام، كما قال تعالى: {ألم تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ} فعاد ارم هم عاد الأولى الذين كانوا يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام. وقوله: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} قيل هي القصور، وقيل بروج الحمام وقيل مآخذ الماء {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} أي رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعماراً طويلة {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُون، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}. وقالوا له مما قالوا: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} أي جئتنا لنعبد الله وحده، ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه؟ فإن كنت صادقاً فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال، فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نصدقك. قال: {قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنتَظِرِينَ} أي قد استحققتم بهذه المقالة الرجس والغضب من الله، أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له بعبادة أصنام أنتم نحتموها وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم؟ اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم، ما نزل الله بها من سلطان. وإذ أبيتم قبول الحق وتماديتم في الباطل، وسواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا، فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم، وبأسه الذي لا يرد ونكاله الذي لا يصد. وقال تعالى: {قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِي، قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ، فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} هلاك قوم عاد اهلكهم الله تعالى بأن سلط عليهم ريح صرصر عاتيه وقد ذكر الله تعالى خبر إهلاكهم في غير آية مجملاً ومفصلاً، كقوله: {فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ} وأما تفصيل إهلاكهم فلما قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيم} كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب، أنهم منع عنهم المطر، فطلبوا السقيا فرأوا عارضاً في السماء وظنوه سقيا رحمة، فإذا هو سقيا عذاب. ولهذا قال تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} أي من وقوع العذاب وهو قولهم: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} ومثلها في الأعراف. وقد ذكر المفسرون وغيرهم هذا الخبر: أنهم لما أبوا إلا الكفر بالله عز وجل، أمسك عنهم القطر ثلاث سنين، حتى جهدهم ذلك قال: وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه إنما يطلبونه بحرمة ومكان بيته. وكان معروفاً عند أهل ذلك الزمان، وبه العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان سيدهم إذ ذاك رجلاً يقال إنه معاوية بن بكر، وكانت أمه من قوم عاد واسمها جلهدة ابنة الخيبري. قال: فبعث عاد وفداً قريباً من سبعين رجلاً ليستسقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهراً، يشربون الخمر، وتغنيهم الجرادتان، و هما جاريتان لمعاوية وكانوا قد وصلوا إليه في شهر. فلما طال مقامهم عنده، وأخذته شفقة على قومه، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف - عمل شعراً يعرض لهم فيه بالانصراف، وأمر الجاريتان أن تغنيهم به، فقال: ألا يا قيل ويحك قم فهينم ** لعل الله يمنحنا غماما فيسقي أرض عاد إن عادا ** قد أمسوا لا يبينون الكلاما من العطش الشديد فليس نرجو * به الشيخ الكبير ولا الغلاما وقد كانت نساؤهم بخير ** فقد أمست نساؤهم أيامى وإن الوحش يأتيهم جهارا ** ولا يخشى لعادي سهاما وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم ** نهاركم وليلكم تماما فقبح وفدكم من وفد قوم ** ولا لقوا التحية والسلاما قال: فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم ودعوا لقومهم، فدعا داعيهم وهو قيل بن عنز فأنشأ الله سحابات ثلاثاً: بيضاء وحمراء وسوداء، ثم ناداه مناد من السماء: اختر لنفسك أو لقومك من هذا السحاب، فقال: اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء فناداه مناد: اخترت رماد رمددا، لا تبقي من عاد أحداً، لا والداً يترك ولا ولداً إلا جعلته همداً إلا بني اللوذية الهمدا. قال وهم من بطن عاد كانوا مقيمين بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم. قال: ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة. قال: وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث، فلما رأوها استبشروا، وقالوا هذا عارض ممطرنا، فيقول تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} أي تهلك كل شيء أمرت به. فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها "مهد" فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت. فلما أفاقت قالوا ما رأيت يا مهد؟ قالت رأيت ريحاً فيها شبه النار أمامها رجال يقودونها، فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، والحسوم الدائمة؛ فلم تدع من عاد أحداً إلا هلك. قال: واعتزل هود عليه السلام - فيما ذكر لي - في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين، ما يصيبهم إلا ما تلين عليه الجلود، وتلذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالظعن فيما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة. وقد قال ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من أئمة التابعين: هي الباردة، والعاتية الشديد الهبوب. {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} أي كوامل متتابعات. قيل كان أولها الجمعة، وقيل الأربعاء. {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} شبههم بأعجاز النخل التي لا رؤوس لها، وذلك لأن الريح كانت تجيء إلى أحدهم فتحمله فترفعه في الهواء؛ ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس، كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} أي في يوم نحس عليهم، مستمر عذابه عليهم. {تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} وفي الآية الأخرى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات والمراد في أيام نحسات، أي عليهم. وقال تعالى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} أي التي لا تنتج خيراً، فإن الريح المفردة لا تثير سحاباً ولا تلقح شجراً، بل هي عقيم لا نتيجة خير لها، ولهذا قال: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} أي كالشيء البالي الفاني الذي لا ينتفع به بالكلية. وأما قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} فإن عاداً لما رأوا هذا العارض وهو الناشئ في الجو كالسحاب ظنوه سحاب مطر، فإذا هو سحاب عذاب. اعتقدوه رحمة فإذا هو نقمة رجوا فيه الخير فنالوا منه غاية الشر. قال تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} أي من العذاب، ثم فسره بقوله: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} يحتمل أن ذلك العذاب هو ما أصابهم من الريح الصرصر العاتية الباردة الشديدة الهبوط، التي استمرت عليهم سبع ليال بأيامها الثمانية فلم تبق منهم أحداً، بل تتبعتهم حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال والغيران فتلفهم وتخرجهم وتهلكهم، وتدمر عليهم البيوت المحكمة والقصور المشيدة، فكما منوا بشدتهم وبقوتهم وقالوا: من أشد منا قوة؟ سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة، وأقدر عليهم، وهو الريح العقيم. ويحتمل أن هذه الريح أثارت في آخر الأمر سحابة، ظن من بقي منهم أنها سحابة فيها رحمة بهم وغياث لمن بقي منهم، فأرسلها الله عليهم شرراً وناراً. كما ذكره غير واحد , وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء المختلفة المتضادة . والله أعلم. عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد، الريح وما فيها {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة. و ما رواه مسلم في صحيحه حيث قال :عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به" قالت: "وإذا غيبت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر. فإذا أمطرت سرى عنه، فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال: "لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: {فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا}". عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً قط حتى أرى منه لهواته، إنما كانت يبتسم وقالت: كان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه، قالت يا رسول الله: إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال: "يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب! قد عذب قوم نوح بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا"
-
ترتبط النفخة الأولى"نفخة الصعق" في الصور فتكون زلزلة الساعة وحينها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى لشدة عذاب زلزلة الساعة ثم تكون النفخة الأولى في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض. وأما زلزلة الأرض فهي مرتبطة بالنفخة الثانية في الصور وتكون بعد النفخة الثانية"نفخة القيام". وهذا وفقا لفهمنا للآيات المضمنة، والله أعلى وأعلم. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (الحج:1) (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج:2) (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) (الزمر:68) (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) (الزلزلة:1) (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) (الزلزلة:2) (وَقَالَ الْأِنْسَانُ مَا لَهَا) (الزلزلة:3) (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) (الزلزلة:4) (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا) (الزلزلة:5) (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ )(الزلزلة:6) ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )(الزلزلة:7) (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(الزلزلة:8) (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) (الدخان:16) فالعذاب الشديد الذي سيكون قبل يوم القيامة هو عذاب زلزلة الساعة والهلاك سيكون بالبطشة الكبرى والله أعلى وأعلم. (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً) (الاسراء:58) خلاصة زلزلة الساعة هي زلزلة فيها عذاب شديد وهي مرتبطة بالنفخة الأولى نفخة الصعق ، وزلزلة الأرض هي زلزلة مرتبطة بالنفخة الثانية نفخة القيام.
-
ما من عاقل إلا ويعيش لهدف يريد تحقيقه، وغاية يسعى لبلوغها, ويختلف الناس في أهدافهم وغاياتهم؛ فمن الناس من همته تربو على السحاب، ومنهم من همته في أسفل القاع, من الناس من غايته بلوغ شهوة زائلة، ومنهم من غايته رضا الرحمن. منهم من يرضى أن يكون عبداً لعبيد مثله، يسخر قلبه ومبدأه لراحة جسده، وملء بطنه، وإشباع شهوته، ومنهم من لا يستعبد لغير الله تعالى، ولا يذل ولا يخنع لسواه سبحانه، ولو مشط بأمشاط الحديد، ونشرت أعضاؤه بالمناشير، يبذل جسده لغايته وهدفه، ولا يحيد عن ذلك مهما كلفه الأمر. والدعوة إلى الله تعالى، والاحتساب في نشر دينه، هدف هو أسمى الأهداف، وغاية هي أعلى الغايات؛ لأن فيها تعاملاً مع خالق الخلق، ومدبر الأمر، وفيها سمو عن دنايا الدنيا إلى الملكوت الأعلى, وحقيق بمن كان هذا هو هدفه في الدنيا، وغايته التي تقصر دونها كل الغايات، أن ينال رضا الله تعالى، ويبلغ أعلى المنازل والدرجات. ولكن هذه الغاية لا ينالها كل أحد؛ لأن طرقها محفوفة بالمكاره، محجوبة عن الشهوات، ممنوع أهلها من الراحة؛ فلا تصبر عليها إلا نفوس أبية، تحمل قلوباً بالحق موقنة، وهي على الأذى مصطبرة، فأهل المصالح الدنيئة، والحظوظ الرخيصة، والهمم المنحطة لا يتركون دعاة الحق يدعون إليه؛ ليقطعوا عنهم شهواتهم، وليحولوا بينهم وبين امتيازاتهم؛ فلا بد أن يقفوا في وجوههم، ويؤذوهم ويعذبوهم، ويبارزوهم بالبغضاء والعداوة، ويقذفوهم بالكذب والبهتان. إن الأذى بسبب الدعوة والحسبة هو طريق المرسلين، وبصبرهم ويقينهم نصرهم الله تعالى في الدنيا، ورفع ذكرهم في الناس، وأعلى درجاتهم في الجنة؛فنحن نذكرهم بخيرِ ما يذكرون به كما قد ذكرهم بذلك من كانوا قبلنا، وسيذكرهم به من كانوا بعدنا، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. صبر نوح عليه السلام على الأذى: أُرسل نوح عليه السلام إلى قومه فآذوه أذى شديداً؛ فصبر على أذاهم ألف سنة إلا خمسين عاما,واتهموه بالضلال وهو المحق وقالوا: [إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ] {الأعراف:60},وآذوه في صحبته وأتباعه، ورموه بالكذب، وليس شيء أعسر على الصادق أن يرمى بالكذب، قالوا: [مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ]{هود:27}, ولأنهم عدّوا من آمن معه من الأراذل؛ فإنهم لم يتورعوا عن السخرية من نوح ومن معه [وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ] {هود:38}, ورموه بالجنون وهو أكملهم عقلاً، وأسدهم رأياً، وأكثرهم حلماً فقالوا: [إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ] {المؤمنون:25},وهددوه إن استمر في دعوته بالرجم [قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ]. {الشعراء:116} ولكن رغم طول أمد دعوته، وقلة المستجيب له، وشدة الأذى عليه فإنه صبر فظفر. وإذا تفكر الداعية المحتسب في صبر نوح على أذى قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً هان عليه ما يصيبه من أذى في أربعين سنة فقط أو خمسين أو ستين. صبر هود عليه السلام على الأذى: وأوذي هود عليه السلام في الله تعالى، واتهمه قومه بالسفه في عقله، والكذب في قوله؛ فقالوا: [إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِينَ]{الأعراف:66},وادّعوا أن آلهتهم مسته بهذا الجنون [إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ].{هود:54} صبر صالح عليه السلام على الأذى: وأوذي صالح عليه السلام في الله تعالى فرماه قومه بالكذب فقالوا: [إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى الله كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ] {المؤمنون:38}, وزعموا أنه مسحور: [قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ]{الشعراء:153},وأجمعوا قتله وأهله في ليل مظلم, ولكن الله تعالى نجاه [قَالُوا تَقَاسَمُوا بِالله لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ]. {النمل:49} صبر إبراهيم عليه السلام على الأذى: وأوذي الخليل عليه السلام في الله تعالى؛ فهجره أبوه وهدد برجمه [قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا]{مريم:46}, وعزم قومه على قتله وحرقه [فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ]. {العنكبوت:24} صبر لوط عليه السلام على الأذى: وأوذي لوط عليه السلام في الله تعالى؛ فتواصى قومه على طرده وتشريده بسبب طهارته من فواحشهم [قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ] {النمل:56},وآذوه في ضيفه بمحاولة الاعتداء السافر القذر عليهم، حتى علاه الهم، وركبه الكرب؛ ظنا منه أنهم بشر وهم ملائكة، وخشي عليهم فحش قومه [وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ] {هود:77-78-79},وبلغ من همه وكربه عليه السلام أن قال: [لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ].{هود:80} صبر شعيب عليه السلام على الأذى: وأوذي شعيب عليه السلام في الله تعالى؛ فرماه قومه بالكذب، وزعموا أنه مسحور [قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الكَاذِبِينَ] {الشعراء:185-186},وعزموا على إخراجه ومن معه، وهددوه بالرجم لولا تقديرهم لعشيرته [قَالَ المَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا] {الأعراف:88}, وفي آية أخرى: [قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ]. {هود:91} صبر موسى عليه السلام على الأذى: وأوذي كليم الله موسى عليه السلام في الله تعالى أعظم الأذى؛ فاتهمه فرعون بالسحر لما جاءه بالآيات, وقال: [إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ]{الشعراء:34}, ورماه بالجنون لما عرفه بالله تعالى وقال: [إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ] {الشعراء:27}، وادعى أنه مسحور فقال: [إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا] {الإسراء:101}, وزعم أنه في دعوته كذاب [وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا المَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الكَاذِبِينَ]{القصص:38},واستصغر فرعون موسى عليه السلام وحقّر شأنه وعيره فقال: [أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ].{الزُّخرف:52} وبلغ الأذى بموسى ومن معه منتهاه حين توعدهم فرعون قائلا: [سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ]{الأعراف:127}, وموسى عليه السلام يثبتهم ويصبرهم ويعدهم بنصر الله تعالى فيقول: [اسْتَعِينُوا بِالله وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ* قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ]{الأعراف:128-129},وتآمروا على قتله قبل هجرته عليه السلام إلى مدين, وبعد عودته منها بحجة أنه مفسد [وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الفَسَادَ]. {غافر:26} ورحم الله موسى فقد استمر أذى قومه له حتى بعد هلاك فرعون، بتعنت بني إسرائيل، وكثرة سؤالهم واختلافهم، وبطئهم في الامتثال، وعبادتهم للعجل، ورميهم موسى بالسخرية فقالوا: [أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِالله أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ] {البقرة:67} وعصوه في الجهاد وقالوا: [فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ]{المائدة:24}, ومن صور أذاهم لموسى ما أخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله:«إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ، إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ: وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى؛ فَخَلاَ يَوْمًا وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الحَجَرِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ الله، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ... فَذَلِكَ قَوْلُهُ: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ الله وَجِيهًا] {الأحزاب:69} رواه البخاري, ولا عجب مع كثرة الأذى الذي ناله وقت فرعون وبعده أن يقول لقومه [يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ] {الصَّف:5},ولا عجب أن يتمثل النبي صلى الله عليه وسلم بموسى عليه السلام لما آذاه الأعرابي واتهمه بأنه لم يعدل في قسمة الغنائم فقال صلى الله عليه وسلم «رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ». رواه البخاري صبر عيسى عليه السلام على الأذى: وأوذي المسيح عليه السلام في الله تعالى فصبر,أوذي في أمه وعرضها، وما أشد ذلك على النفوس [وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا] {النساء:156}, وسعى اليهود في قتله؛ فاختبأ وطورد, وأوذي حتى رفعه الله تعالى إليه، ونجاه من مكرهم. صبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على الأذى: أوذي محمد صلى الله عليه وسلم كما أوذي الرسل من قبله؛ فطورد وحورب وهُجِّر، وضرب وخنق وجرح، ووضع الأذى على ظهره وفي طريقه، وأجمعت قريش قتله [وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ] {الأنفال:30}, ورموه بالشعر والجنون [وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ] {الصَّفات:36},وزعموا أنه مسحور [وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا]. {الفرقان:8} تلك هي مواقف المرسلين، وصور من صبرهم على أذى المؤذين [أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ]. {الأنعام:90} إنها سنة الله تعالى في المرسلين، وسنته سبحانه في ورثتهم من المصلحين [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ المُجْرِمِينَ] {الفرقان:31}, ولا سلاح لهم إلا الصبر على أذى المؤذين، واليقين بأن وعد الله حق [وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ المُرْسَلِينَ]. {الأنعام:34} وفي زمننا هذا يشتد الأذى على أتباع الرسل من الدعاة والمصلحين؛ فيمكر بهم الكفار والمنافقون، ويسخرون منهم، ويتهمونهم بالجنون والكذب كما اتهم الرسل من قبلهم، ويصورون للناس أن المصلحين لهم مآرب في إصلاحهم غير هداية الناس كما قد اتهم الرسل بذلك [قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ]. {يونس:78} وواجب على الدعاة والمحتسبين التحلي بالصبر، والثبات على الحق مهما كلف الأمر، وكثرة العبادة والذكر؛ فإن لذلك تأثيرا عجيبا على ثبات القلب وقوته في الحق؛ ولذا أمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك في كثير من الآيات [فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى] {طه:130},[فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ] {غافر:55}, [فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ]. {الأحقاف:35} فصبرا على الحق يا أهل الحق؛ فإن وعد الله حق، ومهما اشتد الأذى وعظم الكرب؛ فإن نصر الله تعالى قريب.