AmEr-Dz
الأعضاء-
مجموع الأنشطة
3306 -
تاريخ الانضمام
-
آخر نشاط
نوع المحتوي
الاقسام
المدونات
Store
التقويم
التحميلات
مكتبة الصور
المقالات
الأندية
دليل المواقع
الإعلانات
كل منشورات العضو AmEr-Dz
-
الحب : هو أخطر وأهم حدث يمر في حياة الإنسان لأنه يمس صميم شخصيته وجوهره ووجوده ،،، فيجعله يشعر وكأنه وُلد من جديد فإن المحب لا يجوع ويحس بشئ غريب في معدته وتظهر عليه علامات انه فعلا يحبكثرة ذكر المحبوب والحديث عنه فمن أحب أكثر من ذكر محبوبه بقلبه ولسانه وقلة صبر المحب عن محبوبه ، وتمني رؤيته في كل لحظةالروعة وزيادة دقات القلب وضرباته عند رؤية المحبوب فجأه أو عند ذكر إسمه أو سماع صوته أو حتى رؤية من يشبهه فما هو إلا أن أراها فجأةالغيرة على المحبوب خصوصا إذا رأى من المحبوب الإقبال على أحد غيرهحب الوحدة والخلوة والإبتعاد عن الناس ليسرح الخيال في تذكر المحبوب إدمان النظر بالمحبوب بمعنى إدامة النظر فيه لأن العين باب القلب وهي أبلغ من اللسان في ذلك، لذى تستطيع بسهولة ويسر أن تعرف المحب من نظرته
-
تقترب مني برونقها الأنيق ولباسها الجذاب في لمحة تعني الكثير لمن يفهم بشكل كبير! تنظر إلي بنظرات وأخرى وكأنني أعرفها لكنني في حقيقة الأمر لا أعرف سوى أن هؤلاء الفتيان منشغلين بمناقشة مسألة كيفية مصاحبتها والفوز بإعجابها الذي لم أكثرت له يوما... لماذا تقترب مني وتحدثني بلغة وبأسلوب يدلان على أشياء غير مرغوب فيها حتى الآن بالنسبة لي ربما كيف لي أن أتفاعل مع شخص غريب... جميل حسب رأيهم وأنيق حسب تعليقاتهم... لعله جذاب حسب النقاشات.... مرغوب فيه حسب الرغبات أجلس في طاولتي الأخيرة في الصف بقاعة دراسية أكاد أجزم أنها قاعة لفنون الحرب... تلك التي جعلتني أبتعد عن الجميع رغبة في تفادي سماع التفاهات... والنقاشات المستمرة حول الفتيات تعليقات مستمرة وإستفزازات متبادلة هنا وهناك.... طاولات مبعثرة حسب إفادة السادة الكرام.... ولوم مستمر من إدارة الأقسام.... لهو في كل الأقسام المقفلة, وضحك صارخ في كل الممرات.... أمشي داخل ممر بمؤسستي أرى فتية وفتيات يتبادلان النظرات والإعجابات.... مسؤولية غائبة لعلها مجهولة.... وقوة عقلية في حالة غيبوبة.... ونزيف مستمر للقدرات الميؤوس منها حسب إفادة من يفهم كيفية النقاش.... بعيد عن الجميع, لا أوافق الرأي مع أحد ولو كان الأستاذ, لأنني أعلم تمام العلم أنه عندما سينتهي من شرح الدرس سيذهب لمداعبة تلك الشقراء في قاعة المؤتمرات منفيا كل كلامه بخصوص الرغبة والإرادة... الوعي واللاوعي... تلك الدروس الفلسفية التي تحاول من خلالها الأطر المعنية السخرية منا بوضعها في مقرر دراسي وُصف عدة مرات بالفاشل! لا أعلم من أين أبدأ أو أبتدئ القضية, أراوغ وأنخرط في المجتمع الصغير هناك لكسب تصفيق الجبناء وإعجاب الفتيات.... أم أبتعد وألتزم بشخصيتي التي لم تتذوق يوما طعم المدح أو الشكر طالما أنني صريح ولم أنافق أحد... سيجارة.... من شفتي الفتاة التي كنت أراها مختلفة إلى يد منافق جبان يحاول الوصول لمبتغاه من هذه الفتاة! أذهب بعيدا... أتجول لوحدي مبتعدا عن مجموعة من المنافقين, أؤلئك الذين يعتقدون بأنهم الأذكى بمجاملة الأستاذ مقابل بضعة كلمات للحصول على عدد من الأرقام والعلامات في نتيجة لا تبرز بأي شكل من الأشكال مستوى التلميذ هناك.... أعتذر, لا أنتهي لهذه المجموعة!
-
[center] قصة قصيرة . قصة عن الامل .[/center] . . . . . . . . . . . [center]حكم أحد الملوك على شخصين بالإعدام لجناية ارتكباها، وحدد موعد تنفيذ الحكم بعد شهر من تاريخ إصداره وقد كان أحدهما مستسلما خانعا يائسا قد التصق بإحدى زوايا السجن باكيا منتظرا يوم الإعدام ... أما الآخر فكان ذكيا لماحا طفق يفكر في طريقة ما لعلها تنجيه أو على الأقل تبقيه حيا مدة أطول... جلس في إحدى الليالي متأملا في السلطان وعن مزاجه وماذا يحب وماذا يكره... فتـــذكــــر.. مدى عشقه لحصان عنده حيث كان يمضي جل أوقاته مصاحبا لهذا الحصان وخطرت له فكرة خطيرة.... فصرخ مناديا السجان طالبا مقابلة الملك لأمر خطير، وافق الملك على مقابلته وسأله عن هذا الأمر الخطير قال له السجين إنه باستطاعته أن يعلم حصانه الطيران في خلال السنة بشرط تأجيل إعدامه لمدة سنة وقد وافق الملك حيث تخيل نفسه راكبا على الحصان الطائر الوحيد في العالم سمع السجين الآخر بالخبر وهو في قمة الدهشة قائلا له: أنت تعلم أن الخيل لا يطير فكيف تتجرأ على طرح مثل تلك الفكرة المجنونة؟! قال له السجين الذكي أعلم ذلك ولكنني منحت نفسي أربعة فرص محتملة لنيل الحرية: - أولها أن يموت الملك خلال هذه السنة - وثانيها لربما أنا أموت وتبقى ميتة الفراش أعز من الإعدام - والثالثة أن الحصان قد يموت ! - والرابعة قد أستطيع أن أعلم الحصان الطيران ! في كل مشكلة تواجهك لا تيأس ولا تقنط وترضخ لحل وحيد.. أعمل عقلك و ذهنك وأوجد عشرات الحلول فلعل في أحدها يكون النجاح والتفوق.. [/center]
-
اكتشاف عناصر كيميائية جديدة تم مؤخراً اكتشاف عناصر كيميائية جديدة وجارى الكشف عن أسرارها وخواصها وفوائدها نبدأ باكثرها تعقيداً وغموضاً اسم العنصر امرأة الرمز( wo ) **الخواص الفيزيقية** عادة مستدير الخطوط يصل لدرجة الغليان لأتفه الأسباب يمكن ن يتجمد فى أى وقت يذوب بسهولة عند معاملته بالشكل اللائق شديد المرارة إذا لم يستعمل بالطريقة الصحيحة **الخواص الكيميائية** عضو نشط جداً غير مستقر يملك حساسية قوية للذهب والفضة والبلاتين والأحجار الكريمة عنيف إذا ترك وحيداً قابل لإمتصاص كمية هائلة من الطعام الدسم يتحول إلى اللون الأحمر عند وضعه بجانب عنصراً مشابهاً اكثر جمالاً **الاستخدامات** يتميز بصفات جمالية تؤهله لأن يصلح للزينة فى اى مكان محفز مثالى للحصول على الثروة افضل العناصر المخفضة والمبددة للدخل التى عرفت حتى الآن **تحذير** قابل للإنفجار إذا وضع فى يد غير خبيرة
-
السلام عليكم ,, أحاول التظاهر بأني غير مهتم .. لكن حين أرى وجهك الضياء .. أفقد توازني ،، لايسعني سوى رؤية صورتك تنعكس في رأسي .. نظراتك أمام أعيني تجعلني أحس بإعجابك بي ، أتسائل في أعماقي أهو وهم أم حقيقة .. تنادينني بصمت لأقترب منك و أبدأ الكلام .. لكن شئ ما يمنعني يجعلني فقط قادر على التحديق بك .. حتى أنا أريد أن أكون بقربك أكثر .. أن أحدثك أن أخبرك مابداخلي و أمسك يدك.. أحاول أن أخبرك كيف أشعر.. لكن الكلمات لا تخرج بسهولة ،، سأخطوا خطوات لأصل إليك وأخبرك بما في داخلي إلى ذلك الحين إنتظريني ، يا من سرقتِ قلبي ..
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمه الله وبركاته قال الله جل وعلا: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ}[الكهف:17] هذه الآية أُتلوها مع الحديث القدسي: "وما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحِبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها". من عظّم الله في قلبه سَخَر الله جل وعلا له خلقه فالمخلوقات كلها جندٌ لله إما أن تكون لك مُعينة أو أن تكون عليكضدا ! وهي مأمورةٌ بأمر الله لها قال أهل الأثار: إن قافلة إخوة يوسف لما خرجت من أرض مصر ذاهبة إلى الشام،، قال الله:{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} فَصَلَتِ الْعِيرُ : يعني خرجتمن أرضمصر إلى أرضالشام،،تجاوزت الحيطان في أرض مصر.. { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } جاء في الأثار: أن ريح الصَبَا استأذنت ربها أن تُبلغ يعقوب ريح يوسف قبل أن يصله البشير ! فأضحت جنداً لولي من أولياء الله هو يعقوب عليه السلام فالغاية كلها الأمر كله مرده إلى حسن الصلة برب العالمين جل جلاله قال الله جل وعلا هنا:{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ} تَزَاوَرُ =تميل {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} ما الذي جعل الشمس على علو كعبها ونظر الناس إليها تستحي أن تؤذيهم؟؟ ما في قلبهم منإجلال الله وما الشمس إلا مأمورة ! يقول يوشع بن نون لما أراد أن يفتح قَريحة نظر إليها وقد همت بالغياب،، قال:"أنتِ مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليّ" فبقيت، تأخر غروبها حتى أكمل حربه !! هنا يقول رب العالمين {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} قال بعدها أصدق القائلين ذلك ليس شيئاً مألوفاً يقع لهم ولغيرهم ! قال:{ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} فجعل الله جل وعلاازورار الشمس عنهم حال طلوعها وحال مغيبهاءايةً من آياته الدالة على رحمته جل وعلا بعباده وأنه جل وعلا يرحم عباده أيّ رحمة قال ربنا: {ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} ثم بين أن الأمر كله بيديه قال:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}[الكهف] فإذا تحقق لديك أن الهداية بيديه جل ذكره ما كان ينبغي لناإلاأنننطرح بين يديه ونسأله جل وعلا الهداية والثبات عليها الشيخ ((صالح المغامسي))
-
تفعل فعلتها بغرفتها ليلا والكل يظنونها نائمة ولكن كان هناك من يشاهدها يظنونهـا نائمـة ،، و لكــن ....! ... نعم في مكان دامس بالظلام .. في وقت متأخر من الليـل .. لمن يكن الأمر متوقعاً بتاتاً فمن ينظر إلى تلك الغرفة أوالمكان التي هيَ فيه لا يتوقع إطلاقاً أن بها أحداً .. بل الكل كان يتوقع أنها نائمة بل كما يُقال " في سابع نومه " لكن الواقع شي آخر ، فقد كانت تفعلها بل إنها مستمرة عليها !! قد لا تصدقون إذا قلت أنها تفعلها أغلب الليالي أن لم يكن جلّها فقد أخذت راحتها الكاملة .. لا أحد ينظر إليها سوى واحد فقط هو راضي بفعلتها ! البعض يشجّع فعلتها لكن عن طريق غير مباشرتشعر هيَ حينها بفرحة ،، والآخرون لا يحركون ساكنا ً.. لن أطيل عليكم أبداً .. فوقتكم ثمين جداً فدعوني الآن إذن أخبركم من تكون هيَ : إنها صاحبة . . . . . . . ~[قيام الليـــل ]~ . نعم هذه التي يظن الكثير أنها نائمة ولكنها في شغل آخر .. البعض في شغل يغضب الله أوفي نوم عميق .. وهي في أمر هام وفي اتصال برب الأنام و حق لها أن تكون في مكان مغلق حتى تخفي عملها ولا ينظر إليها سوى واحد وهو الله وهو راضي عن فعلتها.. وأن تكون في وقت متأخر من الليل حتى يكون وقت النزول الإلهي .. وحق لها أن تستمر في فعلتها ، فقد وجدت مبتغاها وراحتها النفسية فيها فإلى كل من : كالبتهم الهموم والأحزان وإلى كل من : أغلقت في وجوههم الأبواب إلى كل من : ضايقتهم الابتلاءات والأمراض وإلى كل من : تشتكي زوجها أو هو يشتكي زوجته وإلى كل من : يشتكون العقم ويريدون الأولاد وإلى كل من : من يبحث عن رزق في وظيفة أو غيرها إلى كل من : أوجعهم هم الدَّين أما آن لكم أن تنطرحوا بين يدي رب ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر .. فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ ! من يسألني فأعطيه ؟ ! من يستغفرني فأغفر له ؟ ! وذلك كل ليلة وليس كل ثلاث أو أربع ليال .. ويجب أن تعلموا أن قيام الليل : - من أسباب ولاية الله ومحبته - ومن أسباب ذهاب الخوف والحزن , وتوالي البشارات بألوان التكريم والأجر العظيم . - وأنه من سمات الصالحين , في كل زمان ومكان . - وهو من أعظم الأمورالمعينة على مصالح الدنيا والآخرة ومن أسباب تحصيلها والفوز بأعلى مطالبها . - وأن صلاة الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة وقربة إلى الرب ومكفرة للسيئات . - وأنه من أسباب إجابة الدعاء , والفوز بالمطلوب المحبوب والسلامة من المكروه المرهوب ومغفرة سائر الذنوب . - وأنه نجاة من الفتن , وعصمة من الهلكة , ومنهاة عن الإثم . - وأنه من موجبات النجاة من النار , والفوز بأعالي الجنان. وبعد هذا كله هل تراكم تتغفلون هذا الفضل الكبير ؟؟ وأخيراً جربوا قيام ليلة واحدة في خلوة وسكون تام،، سترون ما يسركم بإذن الله
-
وقفة مهمة .. حتى تكون برامج التواصل حجَّة لنا يوم لقاء الله بسم الله الرحمن الرحيم 1- في مقدمة صحيح مسلم : «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ»، فلا تنشر إلا ما تثق بصحته لئلا تدخل في هذا الوعيد. وبإمكانك التأكد من صحة حديث بسؤال أهل الاختصاص أو عن طريق موقع الدرر السنية http://www.dorar.net/hadith 2- في صحيح مسلم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ»، فاحترز من نشر أي رسالة فيها انتقاص وسخرية بشخص مسلم، ولو كان ذلك عن طريق الضحك والنكتة. 3- في الصحيحين أن أم جريج دعت على ابنها حين تأخر في إجابتها فأجيب دعاؤها عليه مع أنه كان (منشغلا عنها في صلاة)، وقد بوب النووي على الحديث: «بَابُ تَقْدِيمِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا».فلا تجعل هذه البرامج عائقا لك عن سرعة الاستجابة لنداء الوالدين، مهما كان قدر ما أنت منشغل به فيها. 4- في صحيح مسلم: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»، فإذا وصلتك فضيحة لأحد فاحذفها ولا تنشرها، لتحظى بستر الله عليك في الدنيا والآخرة، ما لم يكن هذا الشخص شره وفساده ظاهر وكان في ذلك مصلحة. 5- في صحيح البخاري: رأى النبي عليه الصلاة والسلام رجلا يعذب «بحدِيدة يُشَرْشرُ بها شِدْقه إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنهُ إِلَى قَفَاهُ» فسأل عن سبب عذابه فقيل: «هو الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ». وما أكثر ما تروج من الشائعات خصوصا مع قلة التثبُّت وكثرة المعرِّفات المجهولة، فعليك بمنهج القرآن: (فتبينــــــــوا) (فتثبتـــــــوا). 6- كم من منكر أزيل، ومظلوم نُصر، ومكروب فرج كربه، وفساد قُضي عليه، بسبب تضافر الجهود في الكتابة عنه، وكل ما سبق من أبواب الإحسان، والله يحب المحسنين، فكن إيجابياً وساهم في الكتابة والنشر. 7- قال الغزالي رحمه الله: الويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة ومائتي سنة أو أكثر يعذب بها في قبره ويسأل عنها إلى آخر انقراضها، {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}، ا.هـ فإذا بليت بمعصية فاجعلها بينك وبين ربك، وتوقّ أمرا تنشره يبقى عليك إثمه ووزره، ولا تعن الخلق على معصية الخالق. 8- هذه الأجهزة وسيلة لاختبار صدق مراقبتك لله، فما أعظم أن تتخطى المنكر فيها خشية وإجلالا لله مع قدرتك على مشاهدته، وخلوتك بجهازك وبعدك عن الرقيب، لتحظى بشرف هذا الوصف العظيم: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ}. 9- فتح عليك باب عظيم في الدعوة إلى الله، فبإمكانك أن تكون داعية وأنت في مكانك بضغطة زر في جهازك، فانتق الفوائد والأحاديث الصحيحة والمقاطع النافعة وأرسلها، فمن دل على خير كان له مثل أجر فاعله. 10- قال سليمان بن داود الهاشمي: (ربما أحدث بحديث ولي فيه نية فإذا أتيت على بعضه تغيرت نيتي فإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات)، فالنية شرود فتعاهدها خصوصا في مثل هذه البرامج التي يكثر فيها التزين والتكثُّر. 11- أختم بوصية من ابن حجر رحمه الله حيث قال في فتح الباري: (11/ 321) يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَزْهَدَ فِي قَلِيلٍ مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَلَا فِي قَلِيلٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَجْتَنِبَهُ فَإِنه لَا يَعْلَمُ الْحَسَنَةَ الَّتِي يَرْحَمُهُ اللَّهُ بِهَا، وَلَا السَّيِّئَةَ الَّتِي يَسْخَطُ عَلَيْهِ بِهَا.
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله الإعجاز العلمي في السنة النبوية تُعَدُّ الإشارات العلمية الواردة في السنة النبوية من أبرز الدلائل على أن محمدًا رسول الله هو خاتم الأنبياء والمرسلين؛ لأن سبقه العلمي من قبل ألف وأربعمائة سنة، وفي بيئة بدائية لا تملك مفاتيح العلم والمعرفة، بالإضافة إلى أميّته يقطع الطريق أمام القائلين بأن محمدًا رسول الله قد تلقَّى هذا العلم من بحيرا، أو ورقة بن نوفل، أو من غيرهم، كما أنه يُثبت بما لا يدع مجالاً للشكِّ أن المصدر الوحيد الذي اصطفى منه محمد رسول الله تعاليمه هو الله جلَّ في علاه. الإعجاز العلمي في السنة النبوية وللتعامل مع قضية الإعجاز العلمي في السُّنة النبوية ضوابط يجب أن تراعى؛ منها: اختيار الأحاديث المحتوية على إشارات إلى الكون ومكوناته وظواهره، والتثبُّت من معرفة درجة الحديث، واستبعاد كل الأحاديث الموضوعة، وكذلك جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد؛ لأن بعضها يفسر بعض، وفهم النص أو النصوص النبوية وفق دلالات الألفاظ في اللغة العربية، ووفق قواعدها، وفهم النص النبوي في ضوء سياقه وملابساته، وفهمه في نور القرآن الكريم؛ لأن أحاديث رسول الله شارحة لكتاب الله، ومبيِّنة لدلالات آياته... كما أنه ينبغي ألاَّ يُؤَوَّل حديث لرسول الله لإثبات نظرية علمية تحتمل الشكَّ والصواب، ولكن يجب التعامل فقط مع الحقائق العلمية الثابتة. أحاديث في الإعجاز العلمي حديث النجوم أمان للسماء لقد جاءت السنة النبوية بمجموعة من الأحاديث الشريفة التي تحتوي على كمٍّ من الحقائق العلمية التي أثبتها العلم التجريبي الحديث؛ منها على سبيل المثال ما رواه أبو بردة عن أبيه، قال: صلينا المغرب مع رسول الله، ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء. قال: فجلسنا، فخرج علينا، فقال:"مَا زِلْتُمْ هَهُنَا؟" قلنا: يا رسول الله، صلينا معك المغرب، ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال: "أَحْسَنْتُمْ" أو "أَصَبْتُمْ". قال: فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرًا مما يرفع رأسه إلى السماء، فقال:"النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ".في هذا الحديث الشريف حقيقة علمية أثبتها العلم الحديث، ألا وهي ذهاب النجوم وانكدارها وطمسها، ثم انفجارها وزوالها بتحوُّلها إلى دُخان السماء. ونظرًا لضخامة كتل النجوم فإنها تُهيمن بقوى جذبها على كل ما يدور في فلكها من كواكب، وكويكبات، وأقمار، ومذنبات، وغير ذلك من صور المادَّة، والنجوم ترتبط فيما بينها بالجاذبية، وتتجمَّع في وحدات كونية أكبر فأكبر، مرتبطة فيما بينها بالجاذبية أيضًا، فإذا انفرط عقد هذه القوى انهارت النجوم، وانهارت السماء الدُّنيا بانهيارها، وانهار الكون كله بانهيار السماء الدنيا، وهنا تتضح روعة التعبير النبوي الشريف:"النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ...". وهذا الحديث الشريف إعجاز علمي واضح، فمَنْ أخبر رسولَ الله بسرِّ غريب كهذا من أسرار نشأة الكون وتوازنه؟ وكيف عرف محمد الأميُّ، الذي يعيش في أُمَّة جاهلة لم يقم للعلم فيها راية هذه الحقيقة العلمية الخالدة؟! إنه الله الذي أوحى لنبيه هذا الأمر، فصدق رسوله. حديث خلق الإنسان ومن الأحاديث النبوية التي بهرت العلماء غير المسلمين في العصر الحديث، وكانت سببًا في إسلام عدد لا بأس به منهم، قوله: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ...". يوضح حديث رسول الله السابق أن خلق الإنسان يمرُّ بثلاث مراحل، وهي: النطفة، والعلقة، والمضغة، تكتمل خلال الأربعين يومًا الأولى من بدء عملية الإخصاب، والملاحظات العلمية الدقيقة التي تجمّعت لدى العاملين في حقل علم الأجنة البشرية تؤكد ذلك. وكان بعض علماء الحديث قد فهموا تلك المدة على أنها ثلاث أضعاف ذلك- أي مائة وعشرين يومًا- لأنهم فهموا التعبير بـ "مِثْلَ ذَلِكَ" في نصِّ الحديث على أنها تُشير إلى الفترة الزمنية المحدَّدة بأربعين يومًا لكل مرحلة من المراحل الثلاث: النطفة، والعلقة، والمضغة، وينفي ذلك الفهم حديثٌ آخر لرسول الله قال فيه: "إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا، فَصَوَّرَهَا، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا...". وشكل المضغة لا صلة له بشكل الإنسان من قريب أو بعيد، ولكن تبدأ المضغة في اكتساب الشكل الإنساني بالتدريج في الأيام الخمسة التالية لتخلّق المضغة؛ أي في الفترة من اليوم الأربعين إلى الخامس والأربعين من بعد عملية الإخصاب، وفي اليوم الخامس والأربعين يتم تكوُّن الأعضاء، والهيكل العظمي بصورة ظاهرة، وتستمرُّ عملية الانقسام الخلوي والتمايز الدقيق في الخلق بعد ذلك. وقد ثبت بالدراسات المستفيضة في مجال علم الأجنة البشرية أن هذه المراحل لا تبدأ إلاَّ مع نهاية مرحلة المضغة، أي مع نهاية الأسبوع السادس من بدء الحمل (بعد ثنتين وأربعين ليلة) وبذلك يثبت صدق رسول الله في الحديثين المذكورين، وفي كل حديث قاله. كيف عرف محمد رسول الله هذه الدقائق العلمية المعقدة، والمتناهية الدقَّة في خلق الجنين، والتي تتراوح أبعادها بين الجزء من عشرة آلاف جزء من الملليمتر حتى تصل إلى حوالي عشرة ملليمترات فقط؟!. وهذه المراحل الجنينية حتى لو نزلت مع السّقط وهي غارقة في الدماء ما كان ممكنًا للإنسان أن يُدركها فضلاً عن رؤيتها، ووصفها، وتسميتها بأسمائها الصحيحة، ومن هنا كانت تعبيرات وصف مراحل الجنين كما جاء في الحديث السابق من أوضح جوانب الإعجاز العلمي في سُنَّة رسول الله، ودليلاً ناصعًا على صدق نبوته. هذه بعض الإشارات العلمية في سُنَّة رسول الله، والمجال لا يتَّسع لعرض المزيد منها، ولكنها تؤكِّد بما لا يدع مجالاً للشكِّ صدق النبي محمد فيما بَلَّغ عن ربِّ العزَّة.
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السؤال: ما كيفية صلاة الاستخارة ومتى يكون الدعاء؟ هل هو قبل السلام أم بعده؟ الإجابة: صلاة الاستخارة سنة، والدعاء فيها يكون بعد السلام كما جاء بذلك الحديث الشريف. وصفتها: أن يصلي ركعتين مثل بقية صلاة النافلة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن ثم يرفع يديه بعد السلام ويدعو بالدعاء الوارد في ذلك وهو: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه بعينه من زواج أو سفر أو غيرهما- خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به" (رواه الإمام البخاري في صحيحه). عبد العزيز بن باز رحمه الله
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة لا تروجوا الكذب على رسول الله الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر الحمد لله وحده، فقد روى مسلم رحمه الله تعالى في صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم – يعني احذروهم – لا يضلونكم لا يفتنوكم)). ولقد تداول بعض الناس – خلال أيام مضت – وريقه مشتملة على خرافة منسوبه إلى شخصية مجهولة يدعى – الشيخ أحمد حامل مفاتيح الحرم – وهذه الفرية يروج لها منذ عشرات السنين وتتضمن زعم أن المذكور رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أوصاه بمضمونها وأمره أن يبلغها الناس وأن ينشرها ويحثهم على نشرها ومن لم يوزعها جاءه من المرض كذا وكذا ومن أهملها أصابه من البلاء كذا وكذا إلى آخر ما جاء في تلك الورقة من الخرافة والكذب والافتراء ما شاء وفيها آيات قرآنية قصد من إيرادها لبس الحق بالباطل. ومن تأمل تلك الوصية المزعومة وعنده أدنى مسكة من عقل تبين له أنها كذب على الله ورسوله من أجل فتنة الناس وتضليلهم وبطلان هذه الوصية بين من وجوه: الأول: أنه لا يعرف شخص بهذا الاسم ولا في هذه الوظيفة حتى يمكن الرجوع إليه ومعرفة حاله من جهة ديانته وعدالته حتى ينظر فيما نسب إليه. الثاني: ركاكة أسلوب تلك الوصية الذي يتنافى أن تكون من كلام من أوتي جوامع الكلم واختصر الكلام اختصار صلى الله عليه وسلم. الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى بلغ كل ما أنزل إليه من ربه وبينه وقد ترك أمته على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ولقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وترك عند الصحابة رضي الله عنهم عنه خبراً فكيف بما هو أهم من ذلك من النصيحة والترغيب والترهيب. ولقد اعترف أساطين اليهود بأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته كل ما تحتاج إليه فقالوا: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة – أي آداب قضاء الحاجة – فقال الصحابة رضي الله عنهم أجل – يعنون أنه صلى الله عليه وسلم علمهم ذلك – فلم يحوج صلى الله عليه وسلم أمته إلى خرافة تتلقى عن مجهول بواسطة رؤيا مناميه فجزاه الله عن أمته خير ما يجزي نبي عن أمته. الرابع: أن هذا الأفاك الكذاب جعل هذه الوصية المفتراه أعظم من القرآن وأفضل حيث زعم أن من كتبها وأرسلها من بلد إلى بلد حصل له كذا من المال ومن لم يكتبها وأهملها يعاقب أو عوقب بتعرضه لحادث أو موت ولده وأنه يحرم الشفاعة وهذا من أعظم الكذب على الله فإن من كتب القرآن وأرسله إلى بلدان عديدة لا يقطع بأن يحصل له ذلك فكيف يحصل ذلك لكاتب هذه الفرية ومروجها فهل تكون هذه الوصية أعظم من القرآن. الخامس:زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد مات من الجمعة إلى الجمعة مائة وستون ألفاً على غير الإسلام .. فهذا من أعظم الكذب فإنه من أمور الغيب والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما تحدث الأمة أو ما يحدث لها بعد وفاته لأن هذا من الغيب وقد قال الله تعالى : {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النمل: 65] وثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليذادن أقوام من أمتي عن حوضي فأقول أصحابي إنهم من أمتي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين منذ تركتهم فأقول سحقاً سحقاً – أي بعداً بعداً – فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدري ماذا أحدث بعض أمته بعده فكيف يدري بعد موته أنه قد مات من أمته بين جمعتين مائة وستون ألفا على غير الإسلام وهذا الأمر من أعظم الفرية والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم. وأما ما في الوصية المزعومة من ذكر بعض المنكرات وقرب يوم القيامة فهذا أمر واقع وفي الكتاب والسنة من التحذير من المنكرات والإخبار بأشراط الساعة وقربها ما فيه غنية عن هذه الفرية ولكن هذا الكذاب ذكر هذه الأمور من أجل أن يلبس على الناس بذكر شيء من الحق فإن الباطل الخالص لا يروج على العقلاء وإنما يروج على بعض الناس إذا خلط بشيء من الحق فيظنوه حقاً كله. والخلاصة أن هذه الوصية المزعومة وما اشتملت عليه من أنواع الإفك من ذكر فوائد تحصل لمن كتبها ووزعها وأضرار وأخطار يتعرض لها من أهملها ومنعها كل ذلك من الكذب البين والإفك العظيم على الله ورسوله والإحداث في دينه ما ليس منه وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ} [النحل: 105] وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق عليه. وفي صحيح البخاري ، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)) وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار)) وفيهما أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إن كذباً علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)). فتصوير هذه الوصية المفتراه على النبي صلى الله عليه وسلم وتوزيعها من الكذب على الله ورسولهوفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)) فالذي يروج هذه الوصية المكذوبة من الكاذبين على الله ورسوله المؤذنين لله ورسوله المرجفين في المدينة وقد توعد الله هؤلاء باللعنة وهي الطرد والأبعاد عن مظان الرحمة وبالعذاب المهين في الدنيا والآخرة ألا فليتق الله الناصحون لأنفسهم وليحذروا من ترويج الكذب والخرافة والتعاون على الإثم والعدوان ومعصية الرسول فإن من روج لذلك كان شريكاً لمفتريه ومبتدعه في إثمه وشؤمه وعقوبته في الدنيا والآخرة، رزقنا الله وإياكم الفقه في الدين والسير على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأعاذنا جميعاً من مضلات الفتن وأحاديث الدجالين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
-
من أساليب الإقناع في القرآن الكريم الفصل الأول: استراتيجيات الإقناع تتعدد النظريات التي حاولت تفسير الظاهرة الإعلامية وتأثيراتها على الجمهور.. واعتمدت في بداياتها المدخل النفسي لتفسير مكونات الظاهرة، ثم المدخل الاجتماعي، من واقع البحوث الميدانية، التي حاولت الوقوف على العملية الإعلامية وتأثير الرسالة الإعلامية على الجمهور المستهدف.. وحينما تيقن العلماء فشل كل من المدخل النفسي منفرداً وكذلك المدخل الاجتماعي منفرداً في تحليل الظاهرة تم دمج المدخلين بهدف تحديد وظائف وتأثيرات وسائل الإعلام في المجتمع، انطلاقاً من أن الوظائف أدوار عامة تؤديها وسائل الإعلام، وأن التأثيرات عبارة عن نتائج تحديد هذه الأدوار. وتأثير الرسالة الإعلامية يبدأ بإقناع الجمهور بمشاهدتـها أو الاستماع إليها أو قراءتها.. ولفكرة الإقناع الأساسية جذور قديمة، فقبل عصر الاتصالات الجماهيـرية بوقت طـويل، كان مصـطلح «علم البيان» أو «الفصاحة» يستخدم للإشارة إلى فن استخدام اللغة للتأثير على أحكام الآخرين وسلوكهم؛ ومن خلال الزمن الذي كان فيه الصوت البشري هو الوسيلة الوحيدة للاتصال، التي يمكن استخدامها لإقناع الناس بتغيير المعتقدات والأعمال، كانت تلك مهارة هامة بالفعل.. ومع ازدياد تطور المجتمعات، ازدهر فن الإقناع الشفهي بالكلام الفصيح. وكان الإقناع كفن يُمارس منذ قرون، غير أن «علم الإقناع»، الذي انبثق فيما بعد هو نتاج القرن العشرين، ومقارنة بالعلوم الأخرى فهو حديث، ولذلك يرى بعض المهتمين بالأمر أن الحكم على هذا العلم يجب أن ينطلق من الإجابة عن السـؤال القائل: هل أوجـد العلم إغراءات مقنعة تستطيع السيطرة على السلوك الإنساني؟ وأيًّا ما كانت أساليب الإقناع، فناً أو علماً، فإنها سوف تزداد فاعليتها في السيطرة على السلوك. وعملية الإقناع تبدأ من الفكرة وطريقة التعبير عنها وأسلوب نقلها.. والربط بين الفكرة والتعبير عنها وكيفية نقلها، من الأمور الشائعة بين دارسي الإعلام وخبرائه، وبالرجوع لآرائهم يمكن الخروج بعدة قواعد أساسية تعطي وجهة نظر سائدة: القاعدة الأولى: أن الكلمات عبارة عن رموز تستعمل للتعبير عن الأشياء أو الأفكار أو المفاهيم أو التجارب أو الأحاسيس. القاعدة الثانية: أن الكلمة الواحدة من الممكن أن تحمل معاني كثيرة ويكون لها أكثر من استعمال. القاعدة الثالثة: عند استخدام الرموز الكلامية أو الكلمات الرمزية كدليل لاتصالاتنا العامة أو الخاصة، فإننا غالباً ما نعتمد على الشمولية دون التفاصيل. القاعدة الرابعة: من خلال دورة معاني الكلمات بين الناس وتبادلهم لـها، يتحدد المعنى الذي يتصل بالعـلاقة بين الرموز أو الموضـوعات أو المفاهيم التي تعود عليها. القاعدة الخامسة: من الكلمات ما يمكن أن تكون لها معانٍ ظاهرة وأخرى باطنة. القاعدة السادسة: تميل الحقيقة إلى الثبات بينما تتجه اللغة للحركة الميكانيكية. فهذه هي القواعد التي تربط الفكرة بالتعبير عنها وأسلوب نقلها. والفكرة من حيث الاصطلاح الإعلامي هي: الشكل المحدد للتعبيـر عن مجموعـة من المواقف المرتبطة بشـخصيات حقيقية أو اختيارية خلال ظروف اتصالية محددة(1)، ومن ثم فإن الإقناع في السياق الحالي يشير بصورة أساسية إلى استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية لتقديم رسائل مخططة عمداً لاستنباط سلوكيات معينة من جانب جماهير القراء أو المستمعين أو المشاهدين، ولذلك فإن التعديل الواقعي للسلوك هو الهدف الذي ينبغي تحقيقه باعتباره المتغيـر التابع في النظرية التي تسـتهدف تفسيره(2). وقد عرض الباحثون ثلاث استراتيجيات نظرية للإقناع، يخاطب كل منها نفس المتغير التابع، وهو السلوك العلني.. وتشمل هذه الاستراتيجيات:- 1- الاستراتيجية الدينامية النفسية. 2- الاستراتيجية الثقافية الاجتماعية. 3- استراتيجية إنشاء المعاني. وعلى الرغم من الصعوبة الماثلة للعيان في تحديد أثر الإعلام في السلوك، إلا أن المعلومات التي توفرها وسائل الإعلام تقوم بدور محفز في هذا المجال.. ويمكن القول على وجه العموم: بأن المعلومات التي يستقبلها الإنسان من وسائل الإعلام تصب في المخزون المعرفي، الذي يستقبل أيضاً معلومات إضافية من مصادر أخرى وعبر قنوات أخرى. وتتفاعل تلك المعلومات مع المخزون المعرفـي المتراكم فتؤدي إلى تكوين صورة معرفية عقلية معدلة يتصرف الإنسان في ضوئها وبموجبها. لذلك فإن التأثر بالرسائل الإعلامية يعتبر عاملاً من بين مجموعة عوامل أو متغيرات تسهم جميعاً في إعادة صياغة الصورة العقلية، وهذه بدورها تدفع الإنسان لاتخاذ قرار معين والإتيان بسلوك ينسجم مع ذلك القرار(3)، وهذا قمة الإقناع، الذي يعرف بأنه استخدام الرموز واستغلالها بهدف دفع المتلقين للقيام بأعمال محددة تخدم المتلقي نفسه. أولاً: الاستراتيجية الدينامية النفسية: تقوم الافتراضات الأساسية في علم النفس على المؤثر والاستجابة عند الفرد، وذلك على النحو التالي:- 1- إن المؤثرات تُسْتَقبل وتُكتَشف بواسطة الأحاسيس من المحيط الخارجي. 2- إن خصائص الكائنات العضوية تشكل نوع الاستجابة التي ستحدث، وأخيراً سوف يتيح ذلك ظهور بعض أشكال السلوك. وبما أننا لا نهتم بالمخلوق البشري وحده، فإنه يمكن تحديد العوامل المؤثرة في الآتي(4): أ- مجموعة من خصائص بيولوجية بشرية أو صفات موروثة. ب- مجموعة أخرى من عوامل قد تكون قائمة أساساً على البيولوجيا جزئياً والتعليم جزئياً، مثل الحالات والظروف الانفعالية. ج- مجموعة من عوامل مكتسبة أو جرى تعلمها لتنظيم التركيب الإدراكي للفرد. ومن هنا ندرك أن المخلوق البشري تركيب معقد من مكونات بيولوجية وعاطفية وإدراكية، ومن بين هذه الأنواع الثلاثة لا بد أن تركز الاستراتيجية الدينامية النفسية أما على عوامل عاطفية أو عوامل إدراكية، إذ من المستحيل تعديل عامل بـيولوجي موروث كالطول أوالعنصر أو الجنس. فمن الممكن استخدام وسائل الاتصال الجماهيري لإثارة حالة انفعالية كالغضب أو الخوف، والتي يمكن أن تكون مهمة عندئذ في تشكيل الاستجابة. وتحاول هذه الاستراتيجية ربط الإثارة الانفعالية بأشكال معينة من السلوك؛ وفي حين أن العواطف تمثل أساساً واضحاً لهذه الاستراتيجية إلا أن استخدامها يتم في عدد محدود من المواقف خاصة تلك التي على صلة بالجوانب الإنسانية. أما العوامل الإدراكية فهي مؤثرات على السلوك الإنساني، ومن ثم فإنه إذا كان من الممكن تغيير العوامل الإدراكية فسوف يتسنى عندئذ تغيير السلوك بكل تأكيد(5). ومن هنا يمكن القول: إن جوهر الاستراتيجية الدينامية النفسية هو استخدام رسالة إعلامية فعالة لها القدرة على تغيير الوظائف النفسية للأفراد حتى يستجيبوا لهدف القائم بالاتصال، أي أن مفتاح الإقناع يكمن في تعلم جديد من خلال معلومات يقدمها القائم بالاتصال لكي يتغيَّر البناء النفسي الداخلي للفرد المستهدف (الاحتياجات - المخاوف - التصرفات) مما يؤدي إلى السلوك العلني المرغوب فيه. وتستخدم وسائل الإعلام العالمية هذه الاستراتيجية بشكل فاعل من خلال أساليب التضليل الإعلامي المرتكز إلى خمس أساطير(6) هي:- 1- أسطورة الفردية والاختيار الشخصي. 2- أسطورة الحياد. 3- أسطورة الطبيعة الإنسانية الثابتة. 4- أسطورة غياب الصراع الاجتماعي. 5- أسطورة التعددية الإعلامية. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التغطية الإخبارية للأحداث والبرامج ذات الطابع الدرامي، إضافة للإعلانات.. والرسم التالي يوضح هذه الاستراتيجية. ثانياً: الاستراتيجية الثقافية الاجتماعية:- بينما تقوم الافتراضات الأساسية لعلم النفس على أن السلوك يمكن السيطرة عليه من قوى داخل الفرد، فإن العلوم الاجتماعية الأخرى تفترض أن قدراً كبيراً من السلوك الإنساني تشكله قوى من خارج الفرد(7). ويؤكد علم دراسة المجتمعات البشرية التأثير القوي للثقافة على السلوك، بينما يهتم علم السياسة بدراسة هياكل الحكم وممارسة السلطة، أما علم الاجتماع فإنه يدرس تأثير النظام الاجتماعي على سلوك الجماعة.. وتقـدم كل هذه العلوم أسـاساً للتنبؤ بطبيعة العمل البشري. وهكذا لا يوجد شك كبير في أن كلاً من العوامل الاجتماعية والثقافية تشكل خطوطاً توجيهية للسلوك البشري، ولهذا السبب فإن مثل هذه العوامل الخارجية يمكن أن تهيئ أساساً للإقناع، مع افتراض أنه يمكن للفرد تحديدها أو التحكم فيها(8). إن ما تتطلبه استراتيجية ثقافية اجتماعية فعالة هو أن تحدد رسائل الإقناع للفرد قواعد السلوك الاجتماعي، أو المتطلبات الثقافية للعمل الذي يحكم الأنشطة، التي يحاول رجـل الإعلام أن يحدثها، وإذا كانت التحديات موجودة فعلاً تصبح المهمة هي إعادة تحديد هذه المتطلبات. وتستخدم الدول الأجنبية هذه الاستراتيجية؛ لبث ثقافتها وتقاليدها في البلدان الأخرى، وهذا يعني أن الرسالة الإعلامية تعمل على تعميم ثقافة تلك الدولة وقيمها، وتقيم بالتالي لغة مشتركة بين البلدين، تسهل للطرف الأقوى فرض سيطرته على الطرف الأضعف.. ويبدو أن العالم الإسلامي اليوم يشكل الطرف الأضعف، حيث تتم السيطرة الثقافية عليه عبر الآتي(9): - نشر قيم النظام الرأسمالي في الدول المسيطرة عبر البرامج المنوعة، وصولاً إلى الأفلام والتحقيقات، فضلاً عن المباريات والتحيُّز المباشر لهذا النظام في الأخبار والتعليقات. - تصدير فلسفات عمل عبر الشركات الكبرى، وهي الوحدات التنظيمية الأساسية في الاقتصاد الرأسمالي العالمي الحديث، هذا التصدير تقوم به وسائل الإعلام الغربية، ونعمل نحن على استقباله في الديار الإسلامية. - تعزيز الاتجاه المهني في قيم العمل وسلوكياته، الأمر الذي يؤدي إلى فرض قيود تقاوم التغيير في النظام العام. - نشر عادات وتقاليد المجتمعات الصناعية المتقدمة. ويساعد على تدعيم هذه السيطرة وتثبيتها، التدفق الحر للمعلومات، وضخامة الإنتاج للشركات الإعلامية العالمية الكبرى. وتتخذ الاستراتيجية الثقافية الاجتماعية الشكل الآتي: ثالثاً: استراتيجية إنشاء المعاني: تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية في إنشاء ودعم الصور الذهنية من خلال مصادر غير محددة للمعلومات، تعمل على صياغة أو تعديل المعاني التي خَبِرها الناس عن كل شيء. ويتضمن نموذج المعاني أساساً المقترحات المتشابكة التالية(10): 1- الذاكرة عند الإنسان تتيح تطوير المعرفة. 2- المعرفة موجودة على شكل مفاهيم، وهي تركيبات لها أسماء أو تصنيفات للمعاني التي يذكرها الأشخاص. 3- معاني المفاهيم يمكن للشخص أن يحصل عليها إما عن طريق الاتصال الحسي المباشر مع النواحي المختلفة للواقع، أو من خلال التفاعل الرمزي مع الجماعات التي تستخدم اللغة. 4- اللغة هي أساساً مجموعة من الرموز ( اللفظية وغير اللفظية) تستخدم في تمييز وتسمية وتصنيف المعاني المتفق عليها. 5- العادات أو الاتفاقات، توجد الروابط بين الرمز والمعنى، وبهذا فهي تتيح عملية الاتصال بين هؤلاء الذين يلتزمون بالقواعد. 6- رموز اللغة المتفق عليها، التي يستخدمها شعب معين، تشكل فهمه أو تفسيره أو سلوكه تجاه عالمه المادي والاجتماعي. وقد أحصى بعض العلماء وظائف اللغة الاجتماعية فـي الآتي(11): أ- اللغة تجعل للمعارف والأفكار البشرية قيماً اجتماعية، لسبب يقوم على استخدام المجتمع للغة بقصد الدلالة على أفكاره وتجاربه. ب- اللغة تحتفظ بالتراث الثقافي والتقاليد الاجتماعية جيلاً بعد جيل. ج- اللغة عبارة عن وسيلة لتعلم الفرد، تعينه على تكييف سلوكه وضبطه حتى يلائم تقاليد المجتمع وسلوكياته. د- اللغة تزود الفرد بأدوات التفكير، وما وصل المجتمع البشري إلى ما هو عليه الآن إلا من خلال التعاون الفـكري المنظم لحياته، ولا يأتي هذا التعاون الفكري إلا بالتفاهم وتبادل الأفكار بين أفراد المجتمع، والوسيلة الميسورة لهذا التبادل والتفاهم هي اللغة. ووفقاً لاستراتيجية إنشاء المعاني فإن وسائل الإعلام تكوِّن الصور الذهنية لرؤوسنا، وتنمي معتقداتنا عن العالم الحقيقي، وتؤثر في سلوكنا، كما أنها تنشىء وتغير وتثبت المعاني ككلمات في لغتنا، وتؤثر هذه التعديلات للمعاني في استجابتنا للموضوعات المختلفة. وإذا افترضنا أن وسائل الإعلام يمكن أن تعدل المعاني وتؤثر على السلوك بدون قصد، فإن هناك أسساً كافية للاعتماد على استراتيجية بناء المعاني بغرض تغيير السلوك عن قصد، فالمعلومات التي تنقل إلى الجماهير يجب أن تكـون فاعـلة(12). والشكل التالي يوضح استراتيجية إنشاء المعاني:- وعموماً يمكن تلخيص هذه الاستراتيجيات في الآتي:- الاستراتيجية النفسية تهدف إلى تعديل أو تنشيط العامل الإدراكي للفرد؛ بينما تهدف الاستراتيجية الثقافية الاجتماعية إلى صياغة أو تعديل التعريفات لسلوك اجتماعي متفق عليه من قبل الجماعة، أو تعيد تحديد متطلبات ثقافية أو قواعد سلوك للجماعة من خلال أدوار محددة أو مراتب أو عقوبات؛ فيما تهدف استراتيجية إنشاء المعاني إلى خلق معانٍ جديدة، أو تغيير معانٍ راسخة داخل أي مجتمع من المجتمعات. وعموماً يمكن القول: إن الإقناع في أدبيات الاتصال يرتبط ببناء الرسالة وأسلوب تقديمها.. وعلى الرغم مما يشار إليه دائماً من تأثيرات لعناصر أخرى في عملية الاتصال، إلا أن الرسالة وخصائصها تظل هي المتغير الأساس والحاسم في تحقيق هدف الإقناع في الحصول على استجابات موالية.. ويُعتبر تخطيط الرسالة الإعلامية وبناؤها البداية الناجحة لزيادة التوقعات بنجاح الرسالة العملية الإقناعية(13). وفي الفصل القادم نتناول هذه الجوانب. (1) سيد محمد ساداتي الشنقيطي، المرجع السابق، ص44. (2) ملفين ديلفر، نظريات الإعلام، مرجع سابق، ص380. (3) عصام سليمان موسى، المدخل في الاتصال الجماهيري، ط1 (الأردن: مكتبة الكنتاني،1986م) ص118 (4) ملفين ديفلر، نظريات الإعلام، مرجع سابق، ص379. (5) ملفين ديفلر، المرجع السابق، ص384. (6) هربرت شللير، المتلاعبون بالعقول، ترجمة عبد السلام رضوان، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد 106، 1986، ص 13-30. (7) ملفين ديلفر، مرجع سابق، ص 386. (8) حسن عماد مكاوي وليلي حسين، نظريات الإعلام المعاصرة، الطبعة الأولى (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 1998م) ص204. (9) فارس أشتي، الإعلام العالمي، مؤسساته، طريقة عمله وقضاياه، الطبعة الأولى (بيروت: دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع، 1996م) ص109. (10) ملفين ديلفر، مرجع سابق، ص 359. (11) عبد العزيز شرف، علم الإعلام اللغوي (القاهرة: الشركة المصرية العالمية للنشر،2000م) ص126. (12) عماد مكاوي وليلي حسين، مرجع سابق، ص 207. (13) محمد عبد الحميد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، ط2 (القاهرة: عالم الكتب، 2000م) ص321.
-
القرآن الكريم .. لماذا ذكر سبحانه وتعالى الزانيه قبل الزاني ولماذا ذكر سبحانه وتعالى السارق قبل السارقه ؟ *** *** *** عندما أمر الله سبحانه وتعالى بتوقيع حد الزنا بدأ الآية بالأنثى فقال تعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مئة جلدة ) [النور: 2]. ـ وعندما أمر الله سبحانه وتعالى بتوقيع حد السرقة بدأ بالذكر فقال تعالى: ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءاً بما كسبا نكالاً من الله ) [المائدة: 38]. ـ لقد بدأ الله حد الزنى بالأنثى (المرأة)، وذلك لأنها التي تعطي الضوء الأخضر للذكر (الرجل) ولو امتنعت منه ما استمر في تحرشه بها حتى تقع في مصائده، فالمرأة هي التي تفتنه بملابسها غير الشرعية الفاضحة، ونظراتها غير السوية المغرضة، وحركاتها غير الأخلاقية المثيرة. ـ فالأنثى هي البادئة بالفتنة والإثارة، ولهذا حملها الله المسؤولية الأولى في الزنى، ولكنه ساوى بينها وبين الذكر في العقوبة. ولذلك: أمر الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة بالعديد من أوامر سد الذرائع أو الأوامر الاحترازية الحامية لها من مثل هذا السلوك المشين والمهين. منها: 1ـ أن لا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض فيها. قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) [الأحزاب: 32]. 2ـ أمرهن الله سبحانه وتعالى بالتستر ولبس اللباس الساتر، والدال على حشمتهن وهويتهن وأنهن مؤمنات عفيفات لا يقبلن المخادعة والمصادقة للرجال، أو إثارة الفتنة فقال تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً )[الأحزاب: 59]. فهذا اللباس الساتر يحميهن من مرضى القلوب والتهم الباطلة. 3ـ أمر الله المرأة المسلمة أن لا تبدي صوت زينتها الخفية كالأساور والخلخال وغيرها تجنباً للعديد من المشكلات المترتبة على ذلك. فقال تعالى: ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) [النور: 31]. 4ـ كما أمر الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة بعدم إبداء زينتها للأجانب من الرجال فقال تعالى: ( ولا يبيدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) [الآية: 31] من النور. 5- أمر الله المرأة المسلمة بغض البصر وحفظ الفرج. فقال تعالى: ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) [النور: 31]. ـ ـ لهذا بدأ الله سبحانه وتعالى في حد الزنا بالأنثى. ـ أما في السرقة فـبدأ الله بالذكر في الحد مع مساواته لهم بالنساء في العقوبة. والإحصائيات العالمية تظهر ضلوع الرجال في جريمة السرقة لذلك !! ـ هذا دين الله، وتلك حدود الله، فأين من يخاف الله ويطبق حدوده؟!!. فانتبهوا يا أولي الألباب لعلكم ترحمون!!! والله الموفق
-
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،، كلمتان تجلبان لك كل الخير هناك كلمتان بسبهما تمطر السماء و يذهب الفقر ولها من الفوائد الكثير والكثير الا وهى استغفر الله جاء رجل إلى الحسن البصري فقال له: إن السماء لم تمطر!! فقال له الحسن: استغفر الله ثم جاءه آخر فقال له: أشكوا الفقر!! فقال له : استغفر الله ثم جاءه ثالث فقال له: إمرأتي عاقر لا تلد!! فقال له : استغفر الله ثم جاءه بعد ذلك من قال له:اجدبت الارض فلم تنبت!! فقال له: استغفر الله فقال الحاضرون للحسن البصري : عجبنا لك أوكلما جاءك شاكٍ قلت له استغفر الله؟ فقال لهم: أوما قرأتم قوله تعالى: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوارَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا))نوح:10-12 هل تريد راحة البال وانشراح الصدر والمتاع الحسن؟ استغفر الله ((وَأَنِ اسْتَغْفِرُوارَبَّكُم ْثُمَّ تُوبُوا إِلَيْه يُمَتِّعْكُم مَتَاعاً حَسَناً)) هود:3 هل تريد دفع الكوارث والامن من الفتن والمحن؟ استغفر الله ((وَمَا كَان اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَان اللَّهُ مُعَذِّبَهُم وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون)) الأنفال:33 هل تريد تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات؟ استغفر الله ((وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)) البقرة:58 فيا من مزقة القلق واضناه الهم وعذبه الحزن عليك بالاستغفار فانه يقشع سحب الهموم ويزيل غيوم الغموم وهو البلسم الشافى والدواء الكافى الاستغفار هوعلاجك الناجح من الذنوب والخطايا لذلك امر النبى صلى الله عليه واله وسلم بالاستغفار دائما بقوله:: ((يا ايها الناس استغفروا الله وتوبوا اليه فانى استغفر الله واتوب اليه فى اليوم مائة مرة)) ونسأل الله الخير لي ولكم
-
الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. وبعد: فإنّ أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق ما تعلق بأشرف معلوم : وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه فالعلم بأسمائه وصفاته والتفقه فيها رأس العلم وأساسه ؛ فالعلم علمان : علم بالله , وعلم بأمره وشرعه . والآخر راجع إلى الأول وصادر منه ,فالعلم بأسمائه أصل كل معلوم ,كما أن جميع المخلوقات والموجودات , والأوامر الشرعية ترجع على معاني هذه الأسماء . بيَن ذلك وجلاه ابن القيم -رحمه الله - حيث قال[1] : "فإحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه , ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى , وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه , فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى. وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه , فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى . وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا، فمن أحصى أسماءه ـ كما ينبغي للمخلوق ـ أحصى جميع العلوم لأنها من مقتضاها ومرتبطة بها , وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا " . ويقول أيضاً رحمه الله [2] :" وإذا اعتبرت المخلوقات والمأمورات وجدتها بأسرها كلها دالة على النعوت والصفات وحقائق الأسماء الحسنى . وعلمت أن المعطلة من أعظم الناس عمى بمكابرة .ويكفي ظهور شاهد الصنع فيك خاصة كما قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) [3] فالموجودات بأسرها شواهد صفات الرب جل جلاله ونعوته وأسمائه , فهي كلها تشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها, وتنادي عليها وتدل عليها وتخبر بها بلسان النطق والحال كما قيل : تأمل سطور الكائنات فإنها من الملك الأعلى إليك رسائل وقد خط فيها لو تأملت خطها ألا كل شيء ما خلا الله باطل تشير بإثبات الصفات لربها فصامتها يهدي ومن هو قائل فلست ترى شيئا أدل على شيء من دلالة المخلوقات على صفات خالقها ونعوت كماله وحقائق أسمائه وقد تنوعت أدلتها بحسب تنوعها فهي تدل عقلا وحسا وفطرة ونظرا واعتبارا " بل جنايات العبيد ومعاصيهم بتقدير الله لهم من أدل الشواهد على أسمائه وصفاته وسر من أسرار هذه الأسماء .قال ابن القيم :[4] "إذا عرف هذا فمن أسمائه سبحانه الغفار التواب العفو فلا بد لهذه الأسماء من متعلقات ولا بد من جناية تغفر وتوبة تقبل وجرائم يعفى عنها وكان تقدير ما يغفره ويعفو عن فاعله ويحلم عنه ويتوب عليه ويسامحه من موجب أسمائه وصفاته وحصول ما يحبه ويرضاه من ذلك وما يحمد به نفسه ويحمده به أهل سمواته وأهل أرضه ما هو من موجبات كماله ومقتضى حمده . فمن تأمل سريان آثار الأسماء والصفات في العالم وفي الأمر تبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد وتقديرها هو من كمال الأسماء والصفات والأفعال وغايتها أيضا مقتضى حمده ومجده كما هو مقتضى ربوبيته وإلهيته فله في كل ما قضاه وقدره الحكمة البالغة والآيات الباهرة " ولهذه الغايات العظيمة تعرف الله إلى عباده بها كثيرا فأفرد الأسماء وقرنها ,واستفتح بها آية وختم بها أخرى وما ذاك إلا "لأن لكل اسم منها له تعبد مختص به علما ومعرفة وحالا وأكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التى يطلع عليها البشر فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم... , وهذه طريقة الكمل من السائرين إلى الله , وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن قال الله تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)[5] والدعاء بها يتناول دعاء المسألة ودعاء الثناء , ودعاء التعبد وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته ,ويثنوا عليه بها ويأخذوا بحظهم من عبوديتها , وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته فهو عليم يحب كل عليم جواد يحب كل جواد وتر يحب الوتر" [6] فمن تأمل أسرار هذا العلم أوقفه ذلك على رياض من العلم بديعة , وحقائق من الحكم جسيمة وحصل له من الآثار الحميدة الزاكية ما لا يحاط بالوصف ولايدرك إلا بالذوق . وإليك بعضأَ منها: أنه إذا علم العبد ربه وامتلأ قلبه بمعرفته أثمرت له ثمرات جليلة في سلوكه وسيره إلى الله , وتأدب معه ولزم أمره واتبع شرعه , وتعلق قلبه به وفاضت محبته على جوارحه ,فلهج لسانه بذكره . ويده بالعطاء له ,وسارع في مرضاته غاية جهده , ولا يكاد يمل القربة لله محب , فلم يبق في قلبه غير الله كما قيل : قد صيغ قلبي على مقدار حبهم *** فما لحب سواهم فيه متسع ومن أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من الله , والمحب لا يجد مع الله للدنيا لذة, فلم يثنه عن ذلك حب أهل أو مال أو ولد لأن هذه وإن عظمت محبتها في قلبه إلا أنه يدرك أنها بعض فضل الله عليه فكيف يشتغل بالنعم وينسى المنعم . ومنها : أن منزلة العبد عنده سبحانه على قدر معرفته به , فتأمل معي كيف اختصت آية الكرسي بكونها أعظم آية في كلامه ـ جل وعز ـ,وكيف عدلت سورة الإخلاص ثلث القرآن ,مع أن المفضل عليه بعض كلام الرب ـ تبارك اسمه ـ فإذا تفاضل كلامه ببركة أسمائه كان تفاضل عبيده بسبب ذلك أدل وأحرى. ومن الآثار الحميدة لهذا العلم الشريف أنه لا سعادة للقلب ولا سرور له إلا بمعرفة مولاه ومربيه وإلهه وبقدر علمه به واتباعه لهداه تعظم سعادته يقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )[7] ومن آثرها : أن من أحبَّها أحبَّه الله كما في قصة الرجل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على سرية يصلي لأصحابه فكان يختم بسورة الإخلاص فلما سألوه قال :لأنها صفة الرحمن وأحب أن أقرأ بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أخبروه بأن الله يحبه" [8], كما أن من عمل بها , وحقق ما تقتضيه من فِعْل المأمورات وترك المحظورات كان من المقربين الذين أحبهم الله وتولاهم . قال ابن القيم [9]: "لما كان (سبحانه) يحبّ أسماءه وصفاته : كان أحبّ الخلق إليه من اتصف بالصفات التي يحبها، وأبغضهم إليه : من اتصف بالصفات التي يكرهها، فإنما أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت ؛ لأن اتصافه بها ظلم،إذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه ؛ لمنافاتها لصفات العبيد، وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية، ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعديه طوره وحدّه، وهذا خلاف ما تقدم من الصفات كالعلم والعدل والرحمة والإحسان والصبر والشكر،فإنها لا تنافي العبودية، بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته، إذ المتصف بها من العبيد لم يتعد طوره، ولم يخرج بها من دائرة العبودي" ومنها : أنه كلما أدام ذكرها بقلبه ولسانه أوجب ذلك له دوام مراقبته وشاهد ربه بعين بصيرته ؛ فاستحيى منه ,وانكسر له ,فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة , وهي أعلى مقامات الدين "وإذا بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حدٍّ كأنه يكاد يطالع ما اتصف به الرب (سبحانه) من صفات الكمال ونعوت الإجلال، وأحست روحه بالقرب الخاص، حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه وبين ربه، فإن حجابه هو نفسه، وقد رفع الله عنه ذلك الحجاب بحوله وقوته، فأفضى القلب والروح حينئذ إلى الرب، فصار يعبده كأنه يراه" [10] . ومنها : أن التعرف على أسماء الله (تعالى) يسلم الإنسان من آفات كثيرة : كالحسد، والكبر، والرياء والعجب , كما قال ابن القيم [11] : (لو عرف ربّه بصفات الكمال ونعوت الجلال،لم يتكبر ولم يحسد أحداً على ما آتاه الله ؛ فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله ؛ فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته ) . ومن أعظمها : أن من قام في قلبه حقائق هذه الأسماء , وتراءت معانيها لناظريه كان أعظم الناس تحقيقا للتوحيد , وأكملهم عبودية لرب العالمين , واستحال أن يصرف من أعماله شيئاً لغير مولاه . ولذا يستدل ربنا جل في علاه على بطلان الشرك والأنداد بأسمائه الحسنى ؛تلحظ ذلك مثلاً في آخر سورة الحشر فبُعيد ذكره لعدد من أسمائه نزه نفسه عما أشرك به المشركون فقال : (سبحان الله عما يشركون) [12]وذلك لأن من له هذه الأسماء يمتنع أن يكون معه إله آخر . ومن أجل هذه الثمرات أن من أحصى بعضاً منها حفظاً ,وفهماً , وعملاً ؛ استحق مأدبة الله العظمى ,كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن لله تسعة وتسعين اسما , من أحصاها دخل الجنة) [13] . وكل اسم من أسمائه سبحانه له معنى , وآثار , وهو ما سنعرضه في هذه النافذة تباعا ً بإذن الله. جعلني الله وإياكم ممن عرفه فخافه , وأحبه فأطاعه , وعلق به رجاءه ولم يلتفت لسواه ..آمين
-
بسم الله الرحمن الرحيم [center]أول من تسعر بهم النار فقد أوجب الله سبحانه علينا أن نعبده وحده مخلصين له الدين: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(البينة:5)، وفي الآية حث لنا على الإخلاص، وبيان أنه شرط أساسي في قبول العمل الصالح؛ إضافة إلى شرط المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الكهف:110)، وقوله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(الملك:2) يقول الفضيل بن عياض رحمه الله في هذه الآية: "العمل الحسن هو أخلصه وأصوبه"، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبَل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص: ما كان لله، والصواب: ما كان على السنة"1، وقال سعيد بن جبير رحمه الله: "لا يقبل قول وعمل إلا بنية، ولا يقبل قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة"2. يقول حافظ حكمي رحمه الله: شرط قبـول السعي أن يجتمعا فيــه إصابة وإخلاص معاً لله رب العرش لا ســـواه موافق الشرع الذي ارتضاه وكل ما خــالف للوحيـين فإنه رد بغيــــر مين3 ويقول ابن القيم رحمه الله: "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء؛ كالمسافر يملأ جرابه رملاً، ينقله ولا ينفعه"4، ولذلك فقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة للتحذير من أي عمل فقد الإخلاص. ونحب في هذا المقال أن نشير إلى حديث جليل يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم حال ثلاثة أصناف من الناس عملوا أعمالاً ظاهرها الصلاح؛ لكنها فقدت شرطاً مهماً هو الإخلاص لله تعالى فيها؛ فاستحقوا بذلك أن يكونوا أول من تسعر بهم النار؛ فعن سليمان بن يسار قال: تفرق الناس عن أبي هريرة فقال له ناتل5 أهل الشام: أيها الشيخ حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأُتى به، فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسَّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأُتى به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار)) رواه مسلم (3527). وأخرج الإمام الترمذي في سننه بسنده عن عقبة بن مسلم أن شفيا الأصبحي حدثه: أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو هريرة، فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له: أنشدك بحق وبحق لما حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، فقال أبو هريرة: افعل، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكثنا قليلاً ثم أفاق، فقال: لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم أفاق ومسح وجهه، وقال: أفعل، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خاراً على وجهه، فأسندته طويلاً ثم أفاق فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل، وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال إن فلاناً قارئ فقد قيل ذلك، ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم، وأتصدق، فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال فلان جواد وقد قيل ذلك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقول الله له: فيما ذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله تعالى له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك) ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال يا أبا هريرة: (أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة))، وقال الوليد أبو عثمان المدائني: فأخبرني عقبة بن مسلم أن شفيا هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا. قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حكيم أنه كان سيافاً لمعاوية؛ فدخل عليه رجل، فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال معاوية: قد فعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بقي من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاءً شديداً حتى ظننا أنه هالك، وقلنا قد جاءنا هذا الرجل بشر، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه، وقال: صدق الله ورسوله {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}6(سورة هود:15-16). فتأمل معي أخي الكريم هذا الحديث: وكيف أن هؤلاء الثلاثة كانت أعمالهم في ظاهرها صالحة نافعة، فكان أحدهم قارئاً للقرآن، وثانيهم مجاهد، وثالثهم متصدق منفق؛ ولكنهم خابوا وخسروا؛ لأن هذه الأعمال فقدت الإخلاص؛ فكانوا من أوائل الناس تسعيراً للنار، وإن كانوا لا يخلدون في النار؛ لأنهم من أهل التوحيد؛ وقد حرَّم الله على الموحدين الخلود في النار. ومما جاء في التحذير من الرياء حديث أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من الصحابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمل له لله فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك))7، والأحاديث في التحذير من الرياء كثيرة. واشتد تحذير السلف من الرياء، وذمُّوه ذماً بليغاً؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينظر إلى رجل يطأطئ رقبته، فيقول له: يا صاحب الرقبة: ارفع رقبتك، ليس الخشوع في الرقاب، إنما الخشوع في القلوب. وقال علي رضي الله عنه: "للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط في الناس، ويزيد في العمل إذا أثنى عليه، ويُنقص إذا ذُم به"، وهذا أبو أمامة الباهلي يأتي على رجل وهو ساجد يبكي في سجوده يدعو فيقول له: أنت! أنت لو كان هذا في بيتك. وقال الحسن البصري رحمه الله: "المرائي يريد أن يغلب قدر الله فيه، هو رجل سوء يريد أن يقول للناس هو صالح، فكيف يقولون وقد حَلَّ من ربه محل الأردياء"8. وقال بعض الحكماء: مثل من يعمل رياء وسمعة كمثل من ملأ كيسه حصى، ثم دخل السوق ليشتري به، فإذا فتحه بين يدي البائع افتضح وضرب به وجهه، فلم يحصل له به منفعة سوى قول الناس: ما ملأ كيسه، ولا يُعطى به شيئاً، فكذلك من عمل للرياء والسمعة لا منفعة له في عمله سوى مقالة الناس، ولا ثواب له في الآخرة قال تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً}(الفرقان:32) أي يبطل ثواب الأعمال التي قصد بها غير ربه تعالى، وتصير كالهباء المنثور وهو الغبار الذي يُرى في شعاع الشمس9. فينبغي للمؤمن أن يهتمَّ بالإخلاص لله في أعماله، وأن يَحْذر الرياء فإنه أخفى من دبيب النمل، وليسْتَعِن بالله على تطهير قلبه منه، وليرق نفسه بهذه الرقية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها إن أُخِذَتْ بصدق نفعت صاحبها بإذن الله تعالى جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: ((يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل)) فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نَتَّقِيه وهو أَخْفَى من دبيب النَّمْل يا رسول الله؟ قال: ((قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه))10. فواجب علينا جميعاً أن نخلص العمل، ونحذر الرياء وكل ما يخل أو ينقص أجر العمل، نسأل الله أن يجعل أعمالنا كلها صالحة، وأن يجعلها لوجهه خالصة. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 1 حلية الأولياء (8/95) لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، دار الكتاب العربي - بيروت، ط. الرابعة (1405هـ). 2 مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة (ص64) لعبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة، ط. الثالثة (1399). 3 معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول (1/44) لحافظ بن أحمد حكمي، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر، دار ابن القيم - الدمام، ط. الأولى (1410– 1990). 4 الفوائد (1/49) لابن القيم، دار الكتب العلمية - بيروت، ط. الثانية (1393–1973). 5 هو ناتل بن قيس الحزامي الشامي من أهل فلسطين، وهو تابعي، وكان أبوه صحابياً وكان ناتل كبير قومه. [color][font] 6 رواه الترمذي (2382)، وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب برقم (22). [/font][/color]7 رواه الترمذي (3079) وابن ماجة (4193) وقال الشيخ الألباني: "حسن" كما في صحيح الترغيب والترهيب برقم (33). 8 الكبائر (ص143) محمد بن عثمان الذهبي، دار الندوة الجديدة - بيروت. 9 الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/08) لابن حجر الهيثمي، تم التحقيق والإعداد بمركز الدراسات والبحوث بمكتبة نزار مصطفى الباز، الناشر: المكتبة العصرية، 1420هـ - 1999م لبنان - صيدا - بيروت. 10 رواه أحمد (18781)، وقال الألباني: "حسن لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب برقم (36). [/center]
-
[rtl][b]معاشر المؤمنين .. ما جرى للإمام أحمد رحمه الله من هذه المحنة العظيمة، وفيها فوائد كثيرة تحتاج إلى وقفة بل وقفات يسر الله جل وعلا ذلك.[/b][/rtl] [rtl]قال أبو اسحاق إبراهيم بن محمد الهمداني : سمعت بعض أصحابنا من المحدثين يقول: "لما حُمل أحمد دخل عليه أبو ثوبة الحلبي، فقال للإمام أحمد: يا هذا، إن أعين الناس ممدودة إليك، فإن كنت تعلم أنك تقوم المقام الذي فيه استنقاذك واستنقاذ الخلق فيما بينهم وبين الله تعالى، وإلا فاجعل القيد الذي في رجلك في رجلي وقم فاخرج، فقال الإمام أحمد: يا هذا أتظن نفسك أعز عليّ من نفسي، لا أترك هذا المقام أبدًا". قال الإمام أحمد بن حنبل: "ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحَبة قوم، قال: "يا أحمد، إن يقتلك الحق مت شهيدًا، وإن عشت عشت حميدًا فقوىّ قلبي"، قال مهنّا بن يحيى: "رأيت يعقوب بن إبراهيم الزهري حين أخرج الإمام أحمد من الحبس، وهو يقبل جبهة أحمد ووجهه، ورأيت سليمان بن داود الهاشمي يقبل جبهة الإمام أحمد ورأسه، يقول بشر بن الحارث: "لولا هذا الرجل –يعني: الإمام أحمد- لكان العار علينا إلى يوم القيامة".[/rtl] [rtl]*********[/rtl] [rtl]يقول الله تعالى: ((آلم*أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون*ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمن الكذبين))، وقال ربنا سبحانه وتعالى: ((ولنبلونكم حتى نعلم منكم المجهدين الصبرين ونبلوا أخبركم))، أخبر الله جل جلاله، أنه يختبر عباده بالسراء والضراء والعسر واليسر، وبنقص من الأموال والأنفس والثمرات، ليعلم الله من يخافه بالغيب، وليتبين الصادق من الكاذب، وكم لله جل وعلا في هذا من حكم ومنح، ((ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوَ بعضكم ببعض))، فيبتلي الله أهل الإسلام بالكافرين، ودولة التوحيد والسنة بدعاة الأهواء والفتنة، ويبتلي أهل السنة وأنصارها بأصحاب البدع ودعاتها، ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً، قال الله جل علا: ((وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً وبصيراً)). الله أكبر، قضى الله أن يبتلي دعاة التوحيد والسنة بأهل الأهواء والفتنة، كما ابتلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ساحر كذّاب به جنِّة، ((ومكروا مكراً كبّاراً))، وسعوا في صد الناس عن دعوته، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره، وينصر رسوله، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.[/rtl] [rtl]إن الناظر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسير السلف الصالحين، ليدرك أن الواجب على العلماء والأمراء والصلحاء أن يدعو إلى الله على بصيرة، وأن يكون بيان التوحيد والسنة، والتحذير من الأهواء والبدع أساس دعوتهم وأصلها، إلى توحيد رب العالمين يدعون، وعلى يوالون ويعادون، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، إلا أن الواجب على دعاة التوحيد والسنة، وأنصار منهج السلف الصالح، من العلماء والأمراء والصلحاء، عليهم أن يصبروا، فإنهم مُبتلونم –لا شك- بأهل البدع والأهواء والفتن والحسد، فليصبروا وليبشروا بالعز والنصر والتأييد، فإن الذي نصر الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب، لما دعوا إلى التوحيد والسنة ومنهج السلف الصالح، قادر على نصر من سلك طريقهم، إذ هو سبيل رسل الله من قبل، قال الله جل وعلا: ((ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)).[/rtl] [rtl]ابتلي أبو بكر رضي الله عنه زمن الردة، والإمام أحمد بن حنبل زمن المحنة، وابتلي شيخ الإسلام ابن تيمية بمبتدعة زمانه، حتى سجن هناك بالسجن، وابتلي الإمام محمد بن سعود بالقبوريين والخرافين، ثم كان ماذا؟ لقد نصر الله أهل السنة ورفع ذكرهم، وجعل لهم في قلوب المؤمنين محبة وإجلالاً، ((فاصبر إن العاقبة للمتقين)).[/rtl] [rtl]ومن ذلك: ما ابتلى الله به بلاد الحرمين حاملة لواء التوحيد والسنة، من كذب الأفّاكين، وافتراء المبتدعة الحسدة المبطلين، من نبز علمائها وأمرائها ودعوتها السلفية بالوهابية وغيرها من الألقاب، تنفيرًا وصدًا عن سبيل الله ونصرة للبدع والأهواء، ((وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)).[/rtl] [rtl][b]فيا أهل الإيمان والقرآن، ما أخلاق سلفنا الصالح زمن الابتلاء والمحن؟ وما الآداب الشرعية التي كانوا يحرصون عليها؟[/b][/rtl] [rtl]من تلك الآداب : الخوف من الفتنة في الدين وعدم تمينيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا)، قال محمد بن عبدالرحمن: "لما حمل الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح، وصارا إلى حبسِ بغداد جاءت الظهر، وأنيخ له البعير، وذهب محمد بن نوح يتهيأ للصلاة، فرجع وهو يبكي، فقال له أحمد: ما يبكيك؟ فقال: والله ما أبكي أسىً على أهلٍ ولا مالٍ ولا ولد، ولكنا نقدم على هذا الرجل ولا ندري ما يكون حالنا، فقال له الإمام أحمد: أبشر فلست تراه ولا يراك"، وقد صدق الله ظن الإمام أحمد، وتوفي الخليفة المأمون قبل أن يصل إليه، كان الإمام أحمد يدعو الله أن لا يرى وجه المأمون، لأنه بلغه أنه يقول: "لإن وقعت عيني على أحمد لأقطعنه إربًا إربًا"، قال المروذي: سمعت الإمام أحمد يقول: "إني لأتمنى الموت صباحًا ومساءً أخاف أن أفتن بالدنيا".[/rtl] [rtl]ومن ذلك: أن الأئمة لا يلجئون إلى التقيّة زمن المحن، لإنه يقتدى بهم، فلو أخذوا بها لضل الناس، قال الله جل وعلا: ((ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا))، قال أبو العباس الرقيّ -وكان من حفاّظ الحديث-: "إنهم دخلوا على الإمام أحمد بالرقة وهو محبوس، فجعلوا يذكرونه ما يروى في التقية من أحاديث، فقال الإمام أحمد: فكيف تصنعون بحديث خبّاب رضي الله عنه: (أن من كان قبلكم، كان ينشر أحدهم بالمنشار ثم لا يصدّه ذلك عن دينه) قال: فيئسنا منه". قال المروذيّ للإمام أحمد وهو يقدم للجلد والعذاب: "يا أبا عبدالله، قال الله جل وعلا: ((ولا تقتلوا أنفسكم))، فقال الإمام أحمد: يا مروذي أخرج فانظر أي شيء ترى، قال: فخرجت إلى رحبة دار الخلافة، فرأيت خلقًا من الناس لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل، والصحف في أيديهم، والأقلام والمحابر في أدرعتهم، فقال لهم المروذي: أي شيء تعملون؟ فقالوا: ننظر ما يقول أبو عبدالله فنكتبه، فقال المروذي: مكانكم، فدخل إلى الإمام أحمد فقال: لقد رأيت قومًا بأيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول فيكتبونه، فقال الإمام أحمد: يا مروذي، أضل هؤلاء كلهم؟ أقتل نفسي ولا أضل هؤلاء". قال ابن الجوزي تعليقًا على هذا الخبر: "هذا رجل هانت عليه نفسه في الله فبذلها، كما هانت على بلال رضي الله عليه نفسه، قال خبيب رضي الله عنه لما قدم للقتل:[/rtl] [rtl]فلستُ أبالي حين أقتل مسلمًا***على أي جنب كان لله مصرعي[/rtl] [rtl]وذلك في ذات الإله وإن يشأ***يبارك على أوصال شيْل مُمَزعي".[/rtl] [rtl]قال إسحاق بن حنبل -عم الإمام أحمد-: "دخلت على أبي عبدالله مع حاجبِ إسحاق الذي يقال له البخاري، فقلت: يا أبا عبدالله قد أجاب أصحابك، وقد أعذرت فيما بينك وبين الله عز وجل، وقد أجاب القوم، وبيقت أنت في الحبس والضيق، فقال الإمام أحمد: يا عمي، إذا أجاب العالم تقيّة والجاهل يجهل فمتى يتبين الحق؟"، قال حنبل: "سمعت الإمام أحمد -وذكر الذين حملوا إلى المأمون فأجابوا-، وذكرهم أبو عبدالله بعد ذلك فقال: هؤلاء لو كانوا صبروا وقاموا لله، لكان الأمر انقطع، وحذرهم الرجل –يعني: الخليفة المأمون-، ولكن لما أجابوا وهم عين البلد اجترأ على غيرهم". كان الإمام أحمد إذا ذكرهم اغتم لذلك ويقول: "هم أول من ثَلَم هذه السنة وأفسد هذا الأمر".[/rtl] [rtl]فرحم الله من صبر على السنة، ورد الأهواء المضلة، ونصح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، رحم الله من بذل نفسه لله فنصر منهج السلف، وسعى في إصلاح عقائد المسلمين، وإخراج العباد من عبادة القبور والأولياء والأحزاب والجماعات والقباب، إلى عبادة رب العباد وحده لا شريك له، يقول الله سبحانه وتعالى: ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)).[/rtl] [rtl]ومن الآداب الشرعية : الغضب لله عند وقوع الشرك والبدع، كما غضب موسى عليه السلام لما عبد قومه العجل، قال الله جل وعلا: ((ولما رجع موسى إلى قومه غضبن أسفاً))، قال أبي معمر القطيعي: "لمّا أحضرنا إلى دار السلطان أيام المحنة، وكان الإمام أحمد قد أحضر، فلما رأى الناس يجيبون وكان رجلاً لينًا، انتفخت أوداجه، واحمرت عيناه، وذهب ذلك اللين، فقلت: إنه قد غضب لله سبحانه وتعالى، ثم قلت: أبشر يا أبا عبدالله، حدثنا ابن فضيل عن الوليد بن عبدالله عن أبي سلمة أنه قال: (كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من إذا أريد على شيء من أمر دينه، رأيت حماليق عينيه تدور كأنه مجنون)". لما قال بعض الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط، أعظمَ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأنكره فقال: (الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ((اجعل لنا إلها كما لهم آلهة))".[/rtl] [rtl]ومن الأخلاق الشرعية: الإخلاص والصدق، قال الله جل وعلا: ((فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم))، وقال ربنا سبحانه وتعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم))، قال أبو زرعة الرازي: "قلت لأحمد بن حنبل: كيف تخلصت من سيف المعتصم وسوط الواثق؟ فقال الإمام أحمد: لو وضع الصدق على جرح لبرأ"، فما أحوج دعاة الإسلام إلى الإخلاص والصدق.[/rtl] [rtl]إن من الناس من إذا دعا، إنما يدعو لنفسه وفكره وحزبه وجماعته، لا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وعقيدة السلف الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم.[/rtl] [rtl]ومن الآداب الشرعية: اليقين بنصر الله وأن العاقبة للمتقين، قال الله جل وعلا: ((ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً))، قال ابن أبي أسامة: "حُكي لنا أن أحمد قيل له أيام المحنة: يا أبا عبدالله، أولا ترى الحق كيف ظهر على الباطل؟ قال: كلا، إن ظهور الحق على الباطل أن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة، وقلوبنا بعد لازمة للحق).[/rtl] [rtl]فيا أنصار السنة، أبشروا وأملوا خيرًا، ولا تستوحشوا من قلة السالكين، وكثرة الأهواء والبدع والمضلين، ذلك أن العاقبة لأهل السنة المتقين، قال الله جل وعلا: ((قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألبب لعلكم تفلحون)).[/rtl] [rtl]ومن ذلك: الحرص على إظهار الحق مع حفظ دماء المسلمين، يتجلى ذلك في قصة اجتماعهم بالإمام أحمد لما دخلوا عليه فذكروا ظلم الخليفة الواثق، وما أظهره من البدع وإجبار الناس على ذلك، فسألوه الخروج عليه، فوعظهم الإمام أحمد رحمه الله وقال: "عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يدًا من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر ويستراح من فاجر"، وقال أحمد: "ليس هذا –أي: نزع أيديهم من طاعته- صوابًا، هذا خلاف الآثار". وأهل السنة يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وهم أهل شفقة ورحمة بالمؤمنين، وهم أبعد الناس عن الفتن وشق عصا المسلمين، وأما أهل الأهواء والفتن فإنهم لا يهدأ لهم بال، إلا إذا اضطربت الأمور، وسفكت الدماء، ثم يدعون أنهم مصلحون، فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل.[/rtl] [rtl]ومن ذلك: عدم الانتصار للنفس، فمع أنهم آذوا الإمام أحمد، فإنه لم يأذن بالخروج عليهم، بل أمر بطاعتهم وحقن دماء المسلمين، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.[/rtl] [rtl]ومن ذلك: الصبر والثبات، قال ربنا جل جلاله: ((فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل))، وقال ربنا سبحانه وتعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا))، يقول إبراهيم بن إسحاق الأنصاري: "سمعت بعض الجلاّدين يقول: لقد غلب أحمد الشُطار، والله لقد ضربته ضربًا، لو أُبرك لي بعير فضربته ذلك الضرب لنقبت عن جوفه". قال أبو علي حنبل: "بلغني أن أبا علاء الأهتمي قال: ما رأيت أحدًا أشجع قلبًا من الإمام أحمد"، سأل أبو بكر أحمد فقال: "يا أبا عبدالله، إن عرضت على السيف تجيب؟ فقال الإمام أحمد: لا". يقول أبو الفضل: "أخبرني رجل حضر الإمام أحمد، أنه تفقده ثلاثة أيام وهم يناظرونه ويكلمونه، فما لحن في كلمة، ما ظننت أن أحدًا يكون في مثل شجاعته وشدة قلبه"، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر)، وفي الحديث: (أنه يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون). يقول محمد بن إبراهيم -صاحب شرطة المعتصم-: "ما رأيت أحدًا لم يداخل السلطان، ولا يخالط الملوك، كان أثبت قلبًا من أحمد يومئذ، ما نحن في عينيه إلا كأمثال الذباب"، كان الإمام أحمد رحمه الله يقول: "لست أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتلاً بالسيف، إنما أخاف فتنة السوط، وأخاف أن لا أصبر، سمعه بعض أهل الحبس وهو يقول ذلك فقال: لا عليك يا أبا عبدالله، ما هو إلا سوطان ثم لا تدري أين يقع الباقي، فلما سمع ذلك سُري عنه".[/rtl] [rtl]ومن الآداب: ذكر الله زمن الابتلاء والمحن، والحرص على العبادات، ففي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (العبادة في الهرج كهجرة إلي)، يقول جعفر بن محمد: "حدثني بعض أصحابنا قال: لما أخذت أبا عبدالله السياط قال: لكفّ عنه يا جبار السماء ويا جبار الأرض"، وقال ميمون بن الأخضر: "لما ضرب الجلاد سوطًا قال الإمام أحمد: بسم الله، ولما ضرب الثاني قال أحمد: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولما ضرب الثالث قال: القرآن كلام الله غير مخلوق، فلما ضرب الرابع قال: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فضربه تسعة وعشرين سوطًا"، قال أبو عبدالله السلال: "دخلت على الإمام أحمد لما قدم من طرسوس وهو عليل شديد العلة، ومحمد بن نوح عليل، فسلمت على الإمام أحمد ففتح عينه ثم نظر إلي ثم غمضها، ثم فتحها فقال: صليتم الظهر فقلت: لا، فغمض عينيه.[/rtl] [rtl]ومن ذلك: التقلل من الدنيا والزهد فيما عند الناس، ((ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون))، قال إسحاق بن إبراهيم صاحب شرطة بغداد: "قال لي الأمير: إذا حل إفطار أبي عبدالله فأرنيه، قال: فجيء بخبز وخيارةٍ فأريته الأمير، فقال: هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يعفه". يقول أحمد بن سنان: "بلغني أن الإمام أحمد صنع له عند خبّاز في اليمن، وأكرى نفسه من جمّال عند خروجه، وعرض عليه عبدالرزاق دراهم صالحة فلم يقبلها. ومن ذلك: أنه بعد الفتنة رد عطايا الخليفة بل وأفناها.[/rtl] [rtl]ومنها: الحرص على السنة في زمن الشدة والكرب، ففي الصحيحين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان على فراش الموت، دخل عليه عبدالرحمن بن أبي بكر وفي يده عود يستن به، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالت عائشة: فعلمت أنه يريده، فأخذته وطيبته، فتسوك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رفع إصبعه أو يده وقال: في الرفيق الأعلى ثم توفي صلى الله عليه وسلم). يقول إبراهيم بن هانئ: "اختفى الإمام أحمد عندي ثلاثة أيام، ثم قال: اطلب لي موضعًا، فقلت: لا آمن عليك، قال: افعل، فإذا فعلت أفدتك، فطلبت له موضعًا، فلما خرج قال: اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثة أيام ثم تحول.[/rtl] [rtl]ومن ذلك: حرص الإمام أحمد على العمل بأحاديث رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، التي تأمر بالصبر والسمع والطاعة في غير معصية، وتحرم شق عصا المسلمين والخروج على إمامهم، كما في قوله لمن سأله عن الواثق والخروج عليه: "هذا خلاف الآثار".[/rtl] [rtl]ومن ذلك: الحرص على قوة الحجة وصفائها، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السلف الصالح، ورد البدعة بالسنة والآثار، يقول الإمام أحمد: "لقد احتجوا علي بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أن أحكيه، أنكروا الآثار، وما ظننتهم على هذا حتى سمعت مقالتهم، فجعل ابن عون يقول: الجسم وكذا وكذا من أقوال الفلاسفة يعني، فقلت: لا أدري ما تقول، وقلت هو الأحد الصمد، قال: وجعلوا يناظرونني فأرد عليهم، فإذا جاؤوا بشيء من الكلام مما ليس في الكتاب والسنة، قلت: ما أدري ما هذا، وأقول: أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.[/rtl] [rtl]ومن الآداب: عدم مجادلة الجهلة المعاندين، والإعراض عنهم، قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: ((وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجهلين))، يقول الإمام أحمد: "كانوا القوم إذا انقطعوا عن الحجة عرف ابن أبي دؤاد رئيسهم فتكلم، فكلمني مرة فلم ألتفت إليه، فقال لي الخليفة المعتصم: ألا تكلمه؟ فقلت: لست أعرفه من أهل العلم فأكلمه".[/rtl] [rtl]ومن ذلك: الحرص على دفع الضرر عن المسلمين، ولو أدّى ذلك إلى الإمساك عن بعض طرق الخير، يقول حنبل: "لما مات المعتصم وولي ابنه الواثق، أكثر الناس من الأخذ عن الإمام أحمد، فشق ذلك على أهل البدع، فكتب الحسن بن علي بن الجعد قاضي بغداد إلى ابن أبي دؤاد: أن أحمد قد انبسط في الحديث، فلما بلغ أبا عبدالله أمسك عن التحديث من نفسه من غير أن يمنع"، وهذا من فقه وحكمته، خوفا من حصول فتنة تسلط أهل الأهواء ثانية.[/rtl] [rtl]ومن ذلك: الفرح لمن ثبت في المحنة، كما فرح الصحابة بثبات كعب بن مالك وصاحبيه، في قصة تخلفهم عن غزوة تبوك، يقول حنبل: "حضرت الإمام أحمد ويحيى بن معين عند عفان بن مسلم، بعدما دعاه الأمير إسحاق بن إبراهيم للمحنة، وكان أول من امتُحن من الناس عفان، سأله يحيى بن معين من الغد بعد أن امتحن، والإمام أحمد حاضر ونحن معه، فقال له يحيى: يا أبا عثمان أخبرنا بما قال لك إسحاق وما رددت عليه، فطلب منه عفان أن يعفيه فلم يقبل، فقال: دعا إسحاق بن إبراهيم، فلما دخلت عليه، قرأ عليَّ الكتاب الذي كتب به الخليفة المأمون، وإذا فيه: امتحن عفان، وادعه إلى أن يقول إن القرآن كذا وكذا –يعني: أنه مخلوق- فإن قال ذلك فأقرّه على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك، فاقطع عنه الذي يجري عليه، وكان المأمون يجري على عفان خمسمئة درهم كل شهر، قال عفان: فلما قرأ الكتاب، قال لي الأمير ما تقول؟ فقرأت عليه: ((قل هو الله أحد*الله الصمد)) حتى ختمتها، فقلت: أمخلوق هذا؟ قال الأمير: يا شيخ، إن أمير المؤمنين يقول إنك إن لم تجبه إلى الذي يدعوك إليه، يقطع عنك ما يجري عليك من بيت المال، وإن قطع عنك أمير المؤمنين قطعنا عنك نحن أيضًا، فقلت له: يقول الله جل وعلا: ((وفي السماء رزقكم وما توعدون))، قال: فسكت عني وانصرف، فسر بذلك الإمام أحمد ويحيى بن معين ومن حضر من أصحابنا".[/rtl] [rtl]يقول الله سبحانه وتعالى: ((وكأين من نبي قاتل معه ربييون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)).[/rtl] [rtl]فرحم الله أئمة أهل السنة الأبرار، كيف جاهدوا وصبروا في سبيل الدفاع عن السنة، فجزاهم الله خير الجزاء .[/rtl] [rtl]ـــــــــــــــــــ[/rtl] [rtl]قام بتفريغ المادة أحد الإخوة الفضلاء .. شكر الله له وأصلح عمله وبارك فيه .[/rtl]
-
[rtl]سيرة الإمام الـمُـجَّل أحمد بن حنبل[/rtl] [rtl]الحمد لله الذي أعزَّ أهل السنة وأذلَّ أهل البدعة، أحمدُه سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.[/rtl] [rtl]أما بعد : فيقول الفضيل بن عياض رحمه الله: "إن لله عبادًا يحيي بهم البلاد، وهم أصحاب السنة رضي الله عنهم وأرضاهم".[/rtl] [rtl][b]إن حديثنا اليوم عن رجلٍ أعزَّ الله به الإسلام زمن المحنة، أحمد بن محمد بن حنبل، إمامُ أهل السنة رضي الله عنه وأرضاه، قال علي بن المديني: "أحمد حجة الله على خلقه"، وقال أبو بكر الأشرم: "كان أصحابنا يرون مقام أبي عبد الله في المحنة كمقام أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الردة"، وقال سيّارٌ: "لقد قام هذا الرجل –يعني: أحمد- مقام النبيين والصديقين"، وقال بشر بن الحارث: "محنة أحمد في وحدته، وغربته في وقته، مثل محنة أبي بكر الصديق في محنته وغربته ووقته".[/b][/rtl] [rtl][b]الإمام أحمد هو : أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، ولد في شهر ربيع الأول، سنة مئة وأربع وستين للهجرة في بغداد، مات والده وهو صغير، فاتجه إلى طلب الحديث وفقه الآثار، منذ نعومة أظفاره، ورحل إلى البلدان، واجتمع بالإمام الشافعي وأخذ عنه، قال عنه الإمام الشافعي رحمه الله: "أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة".[/b][/rtl] [rtl][b]من أشهر مؤلفات الإمام أحمد : مسنده الذي يبلغ ثلاثين ألف حديث بل يزيد على ذلك، وكان يوصي ابنه عبد الله فيقول: "عليك بهذا المسند، فإنه سيكون للناس إمامًا".[/b][/rtl] [rtl]أشهر أولاد الإمام أحمد: عبد الله وصالح.[/rtl] [rtl][b]لقد توفي الإمام أحمد رحمه الله نهار الجمعة، الثاني عشر من ربيع الأول، سنة مئتين وإحدى وأربعين للهجرة، وكان عمره آنذاك سبعًا وسبعين سنة ودفن ببغداد.[/b][/rtl] [rtl][b]فما هي محنة الإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه؟[/b][/rtl] [rtl][b]كان الناس على منهج السلف يقولون : إن الله جل وعلا يتكلم، وإن من صفاته سبحانه وتعالى الكلام، فيتكلم الله جل وعلى بما شاء كيف يشاء إذا شاء، كلاماً يليق بجلال الله وعظمته، ومن كلامه القرآن، تكلَّم الله سبحانه وتعالى به، وأوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فنزل به جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله جل وعلا: ((وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)).[/b][/rtl] [rtl][b]ثم نشأت فرقة يقال لها المعتزلة، فابتدعوا قولاً مخالفًا لعقيدة السلف الصالح، فزعموا أن الله لم يتكلم بالقرآن بل خلقه، وكانوا يستترون بهذا القول، يخافون من الخليفة هارون الرشيد رحمه الله وغفر له، لأنه كان على منهج السلف، وكان شديدًا عليهم، حتى إنه قال: "بلغني أن بشر بن غياث المريسي، زعم أن القرآن مخلوق، ولله عليّ إن أظفرني الله به لأقتلنه قِتلة ما قتلها أحد". كان بشرٌ الضال هذا متاوريًا أيام هارون نحوًا من عشرين سنة، حتى مات هارون الرشيد رحمه الله، ثم كان الأمر كذلك في زمن الأمين.[/b][/rtl] [rtl]لمّا ولي المأمون الخلافة، خالطه هؤلاء الضلال المعتزلة، فحسَّنوا له القول بخلق القرآن فقبله، وكان يتردد في حمل الناس على ذلك، ويراقب بقايا الأشياخ، ثم قوي عزمه على هذا الأمر العظيم -أن يحمل أهل السنة على القول بقول المعتزلة المبتدعة- ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً.[/rtl] [rtl]لقد أمر المأمون صاحب شرطته ببغداد -إسحاق بن إبراهيم- أن يمتحن الناس في خلق القرآن، وأن يجبرهم على القول به، وطلب منه الخليفة أن يمتحن سبعة من كبار العلماء في بغداد، فأجاب هؤلاء السبعة بالرخصة التي في قول الله جل جلاله: ((إلا أن تتقوا منهم تقه))، إلا الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح فإنهما أبيا، فأمر المأمون إسحاق أن يحمل إليه أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح، وكان الإمام أحمد رضي الله عنه يدعو الله أن لا يرى وجه المأمون، فكان يقول: "كنت أدعو الله بأن لا يريني وجهه –يعني: الخليفة المأمون- وذلك أنه بلغني أنه كان يقول: لئن وقعت عيني على أحمد لأقطعنه إربًا إربًا"، وفي أثناء الطريق جاء رجل يقول: يا أبا عبد الله –يعني: الإمام أحمد- قد مات الرجل –يعني: المأمون-، قال الإمام أحمد: "فحمدت الله وظننت أنه الفرج". وإذا برجل قد دخل فقال: إنه قد تولى الخلافة المعتصم، وصار رجل من المعتزلة يقال له ابن أبي دؤاد، وقد أمر الخليفة بإحضاركم إلى بغداد، وفي الطريق إلى بغداد مرض محمد بن نوح ومات رحمه الله وغفر له، فبقي الإمام أحمد وحيدًا في هذه المحنة.[/rtl] [rtl]لما تولى الخلافة المعتصم كان قاضيه ابن أبي دؤاد، وكان جهميًا داعيًا إلى القول بخلق القرآن، ففتن به الخليفة المعتصم، وزين له أن يمتحن الإمام أحمد، فأمر المعتصم بحبس الإمام أحمد في بغداد، وكان ذلك في رمضان، وكان الإمام أحمد رضي الله عنه آنذاك مريضًا، فسجن ومكث في السجن نيِّفًا وثلاثين شهرًا، فلما طال حبس الإمام أحمد، دخل إسحاق بن حنبل -عم الإمام أحمد- إلى إسحاق بن إبراهيم صاحب شرطة بغداد، فتشفع للإمام أحمد ليخرج، ثم طلب منه أن يجمع له الفقهاء والعلماء ليناظروه، فمن أفلحت حجته كان أغلب، فاستأذن صاحب الشرطة الخليفة المعتصم، ليجمع العلماء والفقهاء لمناظرة الإمام أحمد، فجمعهم إسحاق وناظرهم الإمام أحمد فأفحمهم وغلبهم، فأمر إسحاق بن إبراهيم أن يحمل الإمام أحمد في زورق إلى الخليفة، وكان الإمام رضي الله عنه مثقلاً بالقيود، فوصل في جوف الليل فأدخلوه دارًا وأغلقوا الباب، وقام على الباب حارسان وليس بالدار سرُج، فقام الإمام أحمد يصلي ويتضرع إلى مولاه عز وجل، ثم أُدخل من صبيحة اليوم التالي على الخليفة المعتصم، وكان في المجلس الخليفة وابن أبي دؤاد والقواد والأصحاب، فطلب الإمام أحمد الإذن بالكلام فأذن له الخليفة، فتكلم الإمام أحمد، ووعظ الخليفة، فقال له المعتصم: لولا أنك كنت في يدي من كان قبلي لما عرضت لك، فطلب المعتصم من فقهائه أن يكلموه ويناظروه، فتكلموا والإمام أحمد يرد عليهم برد واحد، قال الإمام أحمد: فجعلوا يتكلمون من ههنا ومن ههنا، فأقول: يا أمير المؤمنين ما أعطوني شيئًا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فأقول به، قال ابن أبي دؤاد الضال: وأنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسوله؟ فقال لهم الإمام أحمد: وهل يقوم الإسلام إلا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟[/rtl] [rtl]ثم بدأ الفقهاء يحرضون المعتصم على قتل الإمام أحمد ويقولون: هو ضالٌ مضلٌ مبتدع ! اقتله ودمه في رقابنا ! وكان المعتصم يطمع أن يجيبه أحمد إلى مذهب المعتزلة، فقد كان يعرف له قدره وفضله وعلمه، ويرجو أن يكون أحمد من حاشيته .[/rtl] [rtl]لقد مكث العلماء والفقهاء يناظرون أحمد ثلاثة أيام، وهو وحيد غريب ثابت على قول أهل السنة، وكان طوال تلك الأيام صائمًا، لا يأكل إلا الشيء القليل الذي يقيه من التلف، كان ابن أبي دؤاد طوال تلك المدة، يهدده بأن الخليفة سيضربه ويحبسه، وأحمد لا يأبه بذلك، وإنما فوض أمره إلى الله وتوكل عليه جل وعلا، فأمر الخليفة في نهاية المطاف لمّا أيس من الإمام أحمد، أمر جنوده أن يأخذوه ويخلعوه ويحبسوه، ثم أمر بأدوات الضرب والتعذيب، فضربوه حتى أغميَ عليه رضي الله عنه وأرضاه، فقال له المعتصم بعد أن أفاق: يا أحمد، ويلك تقتل نفسك، ويحك أجبني حتى أطلق عنك بيدي، والإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه لا يجيب، فأمر المعتصم جنوده بضربه بالسياط، وهو يقول لكل واحد منهم : أوجع قطع الله يدك ! أوجع !، حتى أُغمي على الإمام أحمد، ثم رموه عليه حصيرًا، وكبُّوه على وجهه وداسوه .[/rtl] [rtl][b]قال الإمام أحمد : وذهب عقلي، فلما أحسَّ الخليفة أني ميت كأنه أرعبه، فأمر بتخليتي حين إذن وأنا على ذلك لا أعقل، فما شعرت إلا وأنا في حجرة مطلقٌ عني الأقياد، ثم أمر المعتصم بإطلاقه برغم وسوسة ابن أبي دؤاد وأصحابه، فخلع المعتصم على الإمام أحمد مبطنة وقميصًا وطيلسانًا وخفًا وقلنسوة، وأخرجه على دابة، وكان الناس في فزع وخوف على إمامهم، كانوا مجتمعين بالخارج قد ضجوا بالصوت، فلما رأوا الأمام أحمد فرحوا، ووصل الإمام أحمد إلى منزله وخلع ثياب السلطان تلك، وأمر ببيعها والتصدق بثمنها .[/b][/rtl] [rtl]ثم إن المعتصم بعد ذلك ندم على ما فعله بالإمام أحمد وصَلُح، وكان يرسل رجاله إلى الإمام أحمد كل يوم حتى يأتوه بأخباره، فبعد ذلك صحّ الإمام أحمد مما وقع عليه وعوفي، وخرج إلى الصلاة، وحضر الجمعة والجماعة، وأفتى وحدث، حتى مات المعتصم، وتولى ابنه الواثق، وعندها عظُم البلاء والكرب، فقد أظهر الواثق هذه المقالة، ومال إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه، وكان أطوع لهم من سابقه، وضرب عليها وحبس، وآذى أهل السنة، واشتد الأمر على أهل بغداد، فجاء نفر إلى الإمام أحمد يسألونه الخروج على الخليفة الواثق، فنهاهم عن ذلك، وأمرهم بالإنكار في قلوبهم وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يدًا من طاعة، لا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح برٌ ويستراح من فاجر، وعظهم الإمام أحمد، وهو الذي قد أوذي وسجن، وقال لهم: ليس هذا صوابًا –يعني: نزع أيديهم من طاعته- هذا خلاف الآثار، وبشرهم الإمام أحمد أن الله جل وعلا ناصر دينه.[/rtl] [rtl]في أيام الواثق، وفي تلك الشدة وما نزل بالناس منه، جاءت رسالة صاحب الشرطة إلى الإمام أحمد وفيها: يقول لك الأمير إسحاق بن إبراهيم، إن أمير المؤمنين قد ذكرك، فلا يُجتمعن إليك، ولا يأتيّن إليك أحد، ولا تساكني بأرض ولا مدينة أنا فيها، فاذهب حيث شئت من الأرض، فاختفى الإمام أحمد بقية حياة الواثق وولايته. وكان الإمام أحمد في بداية الأمر مختفيًا في غير منزله، ثم عاد إلى منزله بعد سنة، ولم يزل مختفيًا في البيت لا يخرج إلى الصلاة ولا غيرها حتى هلك الواثق، وتولى بعده المتوكل وكان سنيًا سلفيًا، فأذن الله جل وعلا بكشف تلك الكربة.[/rtl] [rtl]لما ولي المتوكل الخلافة، انكشفت تلك المحنة عن المسلمين، وأظهر الله السنة، وفرج عن الناس، وكان الإمام أحمد بعد ذلك يخرج إلى الناس ويحدث أصحابه، ويحضر الجمعة والجماعة، ويملي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الإمام أحمد مازال في بلاء من أهل الأهواء، فقد رفع بعض أهل الأهواء إلى الخليفة، أن الإمام أحمد يخفي رجلاً علويًا في منزله، ويريد أن يخرجه للناس ليبايعوه، فأرسل الخليفة رجاله إلى الإمام أحمد فسألوه فقال: إنه لا علم لي بهذا، فأخبرهم الإمام أحمد أنه يرى السمع والطاعة لأمير المؤمنين في العسر واليسر، ففتشوا البيت كله فلم يروا شيئًا ولم يحسوا بشيء، فأرسل المتوكل إلى أحمد يقول: إنه صح عند أمير المؤمنين براءتك، وقد وجّه إليك هذا المال لتستعين به في حاجتك، فرفض الإمام أحمد المال، ثم إن أصحابه نصحوه بأن يقبل عطية الخليفة، حتى لا يظن به سوءًا، فأخذها ثم فرقها كلها في الصباح على الفقراء، ثم تصدق بالكيس.[/rtl] [rtl]لقد أمر المتوكل الإمام أحمد أن يخرج إليه، فتعلل الإمام بأنه مريض فأصر الخليفة، فخرج أحمد في قافلة وجنود، وكانت تأتيهم كل يوم مائدة أمر بها الخليفة المتوكل إكرامًا للإمام أحمد، فيها ألوان الطعام والفاكهة والثلج وغير ذلك، فلم ينظر إليها أبو عبد الله ولم يذق منها شيئًا، دام المرض بالإمام أحمد، وضعف ضعفًا شديدًا، وكان يواصل الصوم، فوجه الخليفة إلى الإمام أحمد بمال عظيم فرده، ثم طال المرض بأبي عبد الله، وكان المتوكل يبعث بابن ماسويه المتطبب إليه، فيصف له الأدوية فلا يتعالج، وبلغ أم المتوكل خبر الإمام أحمد، أشتهي أن أرى هذا الرجل، فأجابها ابنها المتوكل إلى ذلك، فأرسل للإمام أحمد يسأله أن يدخل على ابنه المعتز ليسلم عليه ويدعو له، فامتنع الإمام أحمد من الدخول على ابن الخليفة، واشتد عليه الدخول عليهم ثم أجابهم، وشاء أن يتركوه ليرجع إلى بيته في بغداد، فوجه إليه المتوكل بلباس حسن، وأتوه بدابة يركبها إلى ابن الخليفة، فامتنع الإمام أحمد من ركوبها، ودخل على ابن الخليفة المعتز، ورأته أم المتوكل فقالت لابنها الخليفة: يا بني، الله الله في هذا الرجل، فليس هذا ممن يريد ما عندك، فليذهب إلى منزله، ولا تحبسه عندك، فأذن المتوكل لأبي عبد الله بالانصراف والرجوع، فركب زورقًا فانحدر من ساعته إلى بيته. ولم يزل الإمام أحمد بعد ذلك يخرج للجمعة والجماعة، وجيب في المسائل والفتيا ويحدث إلى سنة مئتين وإحدى وأربعين، وعندها مرض، وعاده في مرضه كثير كثير من أهل السنة، ثم توفي رحمه الله نهار الجمعة، فأرسل محمد بن عبد الله بن طاهر أمير بغداد بأثواب من كفن وغيره، فأبى أهله، وكفنوه بثلاثة أثواب من غزل جاريته، ثم وضعت الجنازة في الميدان للصلاة عليها، أراد صالحٌ ابنه أن يتقدم فيصلي فمُنع، وتقدم الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر فصلى عليه، يريد أن يتزين بذلك عند المتوكل، وظن الناس أن الذي صلى عليه صالح، ولم يعلموا أن الذي صلى عليه هو الأمير ابن طاهر، فلما علموا بالخبر جعلوا يجيئون ويصلون على القبر، فرحم الله الإمام أحمد وغفر له وأسكنه فسيح جناته.[/rtl] [rtl] [/rtl]
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله الحمد للَّه رب الأرض والسماء خلق آدم وعلمه الأسماء و أسجـد له ملائكـتـه وأسـكـنـه الـجـنة دار البـقاء وجعل الدنيا لذريته دار عمل لا دار جزاء و تجلت رحمته بهم فتوالت الرسل و الأنبياء... و أنزل القرآن لما في الصدور شفاءفأضأت به قلوب العـارفـين و الأتـقيـاء... و ترطبت بآياته ألسنة الذاكرين والأولياء .. نحمده تبارك و تعالى على النعماء و السراء...و نستعينه عـلى البأسـاء و الضـراء... وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا خاتم الرسل والأنبياء ...و إمـام المـجـاهـديـن والأتـقيـاء أما بعـد : ف البياض لايعني الجمال و السواد لا يعني القباحة فالكفن أبيض ومخيف والكعبة سوداء وجميلة والإنسان بأخلاقه ليس بمظهره ولو كانت الرجولة بالصوت العالي لكان الكلب سيد الرجال !!!؛ ولو كإنَــَت الانوثه بالتعري لكانت القِردة اكثر الكائنات انوثة !!!؛ ------- قبل أن ترفع عينيك وتطلب من الله المفقود أنزل عينيك واشكره على الموجود الحمدلله رب العالمين والشكر له ------ نصيحــه ثمينــه أثّث قـبرك بأجـمل الأثـاث الــصـلاة الــصدقة الــقرآن حب الخير للناس بـادِر قبل أن تُغـادر والسلام عليكم
-
لما كان موسى يسري ليلاً متجهاً إلى النار يلتمس شهاباً قبساً . . لم يدر بخُلده وهو يسمع أنفاسه المتعبة أنه متجهٌ ليسمع صوت رب العالمين فَثِق بربك طرح إبراهيم ولده الوحيد واستلّ سكينه ليذبحه .. وإسماعيل يردد : افعل ما تؤمر وكِلاهما لا يعلم أن كبشاً يُربى بالجنة من 500 عام تجهيزاً لهذه اللحظة فَثِق بربك لما دعا نوح ربه : " أني مغلوب فانتصر" لم يخطر بباله أن الله سيغرق البشرية لأجله وأن سكان العالم سيفنون إلا هو ومن معه في السفينة فَثِق بربك جاع موسى وصراخه يملأ القصر لا يقبل المراضع الكل مشغول به آسية . . المراضع . . الحرس . . كل هذه التعقيدات لأجل قلب امرأة خلف النهر مشتاقة لولدها رحمة ولطفاً من رب العالمين لها ولإبنها فَثِق بربك أطبقت الظلمات على يونس . . واشتدت الهموم . . فلما اعتذر ونادى : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) قال الله تعالى : فاستجبنا له ونجيناه من الغم فَثِق بربك مستلقٍ عليه الصلاه والسلام في فراشه حزيناً ماتت زوجته وعمه . . واشتدت عليه الهموم . . فيأمر ربه جبريل أن يعرج به إليه يرفعه للسماء . . فيسليه بالأنبياء ويخفف عنه بالملائكة فَثِق بربك لما أخرج الله يوسف من السجن لم يرسل صاعقة تخلع باب السجن . . ولم يأمر جدران السجن فتتصدّع . . بل أرسل رؤيا تتسلل في هدوء الليل لخيال الملك وهو نائم فَثِق بربك ثق بربك وارفع أكف الخضوع والتضرع واعلم أن فوق سبع سماوات رب حكيم كريم ما لنا غيرك يا اللّ?ُ نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس اللهم زدنا بك ثقة واجعلنا من المتوكلين عليك اللهم اجعلها صدقة جارية عني وعن والديّ وأهلي وأمواتتنا وعن كل من يرسلها
-
مرئيات حول مستقبل الإسلام للشيخ عبد العزيز بن باز س : سماحة الشيخ : كيف ترون مستقبل الإسلام أمام التيارات والأيديولوجيات والمذاهب المختلفة التي تناصبه العداء جـ : أرى أن الإسلام سوف ينتصر بإذن الله على تلك التيارات والنحل الزائفة التي ابتلي بها العالم في عصرنا الحاضر ، وأن كل ما يوجه إلى الإسلام من عداء ماكر للنيل منه وإزاحته عن قيادة العالم سوف يعود في النهاية بإذن الله تعالى على نحور أصحابه ، وذلك أن الله جل شأنه قد تكفل بحفظ القرآن الكريم الذي هو الأساس العظيم للإسلام ، حيث يقول سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وقد هيأ الله سبحانه وله الحمد والمنة لدينه أنصارا ، كما قال النبي (لاتزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله) وفي رواية أخرى : (لايضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة) ومما يبشر بما ذكرنا ما انتشر في العالم الإسلامي وغيره من الحركات التي توصي باتباع الكتاب والسنة والسير عليهما . ثم إن تلك المبادئ والمذاهب المختلفة من شيوعية ورأسمالية غربية وغيرها من المذاهب التي يروج لها اليوم أصحابها قد ثبت بالتجربة زيفها وفشلها ، وأنها لا تسعد البشرية بل تضرها في دينها وأخلاقها واقتصادها ، حيث إنها من صنع البشر الذي طبيعته القصور والجهل والهوى ، كما قال تعالى (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) وقد بدأت البشرية تتلفت يمنة ويسرة علها تجد منهجا صالحا ينقذها من الهاوية التي تردت فيها جميع شؤون حياتها ، والإسلام وحده هو القادر على إنقاذ البشرية من تلك المهالك ، وستكتشف البشرية بإذن الله تلك الحقيقة إن عاجلا أو آجلا ، كما قال الله تعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)وكلامنا هذا هو في الإسلام النقي من شوائب الشرك والبدع الذي أخذ به النبي وأصحابه والسلف الصالح من بعده فأفلحوا ونجحوا وفتحوا البلاد وقادوا العباد إلى سبيل الرشاد وشاطئ السلامة . والله الموفق . (مجموع فتاوى ومقالات بن باز - المجلد السادس)
-
القرآن الكريم .. لماذا ذكر سبحانه وتعالى الزانيه قبل الزاني ولماذا ذكر سبحانه وتعالى السارق قبل السارقه ؟ *** *** *** عندما أمر الله سبحانه وتعالى بتوقيع حد الزنا بدأ الآية بالأنثى فقال تعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مئة جلدة ) [النور: 2]. ـ وعندما أمر الله سبحانه وتعالى بتوقيع حد السرقة بدأ بالذكر فقال تعالى: ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءاً بما كسبا نكالاً من الله ) [المائدة: 38]. ـ لقد بدأ الله حد الزنى بالأنثى (المرأة)، وذلك لأنها التي تعطي الضوء الأخضر للذكر (الرجل) ولو امتنعت منه ما استمر في تحرشه بها حتى تقع في مصائده، فالمرأة هي التي تفتنه بملابسها غير الشرعية الفاضحة، ونظراتها غير السوية المغرضة، وحركاتها غير الأخلاقية المثيرة. ـ فالأنثى هي البادئة بالفتنة والإثارة، ولهذا حملها الله المسؤولية الأولى في الزنى، ولكنه ساوى بينها وبين الذكر في العقوبة. ولذلك: أمر الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة بالعديد من أوامر سد الذرائع أو الأوامر الاحترازية الحامية لها من مثل هذا السلوك المشين والمهين. منها: 1ـ أن لا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض فيها. قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) [الأحزاب: 32]. 2ـ أمرهن الله سبحانه وتعالى بالتستر ولبس اللباس الساتر، والدال على حشمتهن وهويتهن وأنهن مؤمنات عفيفات لا يقبلن المخادعة والمصادقة للرجال، أو إثارة الفتنة فقال تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً )[الأحزاب: 59]. فهذا اللباس الساتر يحميهن من مرضى القلوب والتهم الباطلة. 3ـ أمر الله المرأة المسلمة أن لا تبدي صوت زينتها الخفية كالأساور والخلخال وغيرها تجنباً للعديد من المشكلات المترتبة على ذلك. فقال تعالى: ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) [النور: 31]. 4ـ كما أمر الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة بعدم إبداء زينتها للأجانب من الرجال فقال تعالى: ( ولا يبيدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) [الآية: 31] من النور. 5- أمر الله المرأة المسلمة بغض البصر وحفظ الفرج. فقال تعالى: ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) [النور: 31]. ـ ـ لهذا بدأ الله سبحانه وتعالى في حد الزنا بالأنثى. ـ أما في السرقة فـبدأ الله بالذكر في الحد مع مساواته لهم بالنساء في العقوبة. والإحصائيات العالمية تظهر ضلوع الرجال في جريمة السرقة لذلك !! ـ هذا دين الله، وتلك حدود الله، فأين من يخاف الله ويطبق حدوده؟!!. فانتبهوا يا أولي الألباب لعلكم ترحمون!!! والله الموفق
-
الآية التسعون بعد المئة من سورة آل عمران وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)﴾ النبي عليه الصلاة والسلام يقول بصدد هذه الآية:((الويل لمن لم يفكر بهذه الآية )) النبي عليه الصلاة والسلام كان كلما استيقظ في الليل يتلو هذه الآية، وكأن الإنسان مكلف أن يجول فكره في خلق السموات والأرض حتى يعرفه، فإذا عرفه عَبَدَه من خلال الكتاب والسنة. فالإنسان لا يمر على الآيات مرورًا سريعًا، فكأس الماء الذي تشربه و، كأس الحليب الذي تشربه، ورغيف الخبز الذي تأكله، وهذه الفاكهة التي تأكلها، وهذه الأمطار التي تهطل، وهذه البحار التي تزخر بما فيها من أسماك، ولآلئ ومرجان، هذه كلها بين يديك من أجل أن تعرفه، وكلما ازدادت معرفتك بالله عز وجل ازدادت خشيتك له. مَنْ هم (أولي الألباب) ؟ قال المفسرون: هم أصحاب العقول، وقد شبه الله العقل في الإنسان كاللب في الثمرة، فما قيمة قشرة الثمرة، بكم تشتري قشور الثمار ؟ بلا شيء، لكن بكم تشتري الثمار ؟ بكل شيء، لأن فيها لبًّا، فالعقل في الإنسان كاللب في الثمرة، والعقل كما ورد: أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً، ورأس الحكمة مخافة الله، فعقلك يظهر بقدر خوفك من الله وحبك له، فإذا قلَّ الخوف ضعف العقل، وإذا قلَّت المحبة ضعف العقل، يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)﴾ فأنت بحاجة إلى شيئين ؛ بحاجةٍ إلى أن تعرف الله، وبحاجةٍ إلى أن تعبده، كي تحقق سر وجودك، فبالكون تعرفه، وبالشرع تعبده، الأمر والنهي، نعرفه من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أردت أن تعبده عليك أن تعرف أمره ونهيه، أما إذا أردت أن تعرفه، عليك بقول الله عز وجل، وأنْ تتدبَّر قوله: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)﴾ السموات والأرض كما قلت من قبل، تعبير قرآني عن الكون، فخلق السموات والأرض يدل على وجود الله، وعلى كماله وعلى وحدانيته، فالأرض مثلاً تدور حول الشمس بسرعة ثلاثين كيلو مترًا بالثانية، هذا الدرس المتواضع الذي لا يزيد عن عشر دقائق، تقطع فيه الأرض ثمانية عشر ألف كيلو متر، لأن الأرض تسير ثلاثين كيلومترًا بالثانية، بالدقيقة: 6x 3 = ثمانية عشر، عشر، وصفرين، ألف وثمانمئة، بعشر دقائق ثمانية عشر ألف كيلومترًا خلال درس التفسير الذي لا يزيد عن عشر دقائق. الأرض إذًا أيها الإخوة تدور حول الشمس، قال: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ المسار إهليلجي، هناك قطر طويل وقطر قصير، وعند القطر الصغير الأصغري، تزيد سرعتها، لتنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، وعند القطر الأعظمي، تقل سرعتها، لتبقى مرتبطة بالشمس. إذاً حركة الأرض حول الشمس بسرعةٍ متفاوتة، تزيد سرعتها وتقل سرعتها، لتبقى في مسارها ، شيئاً آخر: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ تتابع الليل والنهار ما سببه ؟ الشمس هنا، يعني في جانب، هي منبع الضوء، والأرض هنا، يعني في جانب آخر، فلو أن الأرض توقفت عن الدوران، لما كان ليلٌ ولا نهارٌ، ولو أن الأرض دارت حول الشمس، ودارت على محور موازٍ لمستوى دوارنها حول الشمس، ودارت هكذا، والشمس من هنا، مع أنها تدور لا ليل ولا نهار، الليل ثابت إلى الأبد، والنهار ثابت إلى الأبد، ولو أن الليل ثبت إلى الأبد، لكانت حرارة الأرض في الليل دون المئتين والسبعين تحت الصفر، وهو الصفر المطلق، إذًا تنتهي الحياة، ولو أن الوجه المقابل للشمس ثابت، لكانت الحرارة ثلاثمئة وخمسين درجة فوق الصفر واحترق كلُّ شيء، إذاً لو أنّ الأرض توقفت لأُلغي الليل والنهار، ولو دارت هكذا بالعكس، والشمس من هنا، فالوجه المقابل للشمس، في حرارة درجتها ثلاثمئة وخمسون فوق الصفر، والوجه الآخر يكون بدرجة مئتين وسبعين تحت الصفر، ولانعدمت الحياة، لكن الأرض تدور هكذا، و الشمس هنا تدور هكذا، إذًا: ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ لكن في الآية معنى آخر، الليل والنهار يختلفان فيأتي الأول بعد الثاني، والثاني بعد الأول، وهكذا، أمّا المعنى الثاني، أن اختلاف الليل والنهار، يعني أن طول النهار وطول الليل يختلفان، من سبع عشرة ساعة ونصف إلى عشر ساعات أحياناً، فما سر هذا الاختلاف ؟ فلو أن الشمس هنا والأرض هنا تدور الأرض حول محور عمودي على مستوى الدوران هكذا، لانعدمت الفصول، بالمنطقة الاستوائية صيف دائم إلى الأبد، وبالمناطق القطبية شتاء دائم إلى الأبد، والتغت الفصول، لكن هذا المحور مائل قليلاً، مع ميل المحور تأتي الشمس عموديةً على القطب الشمالي، فإذا أصبحت الأرض هاهنا جاءت الشمس عموديةً على القطب الجنوبي، وصار في السنة اختلاف فصول، من صيف، وشتاء، وربيع، وخريف، إذاً هذه الحكمة البالغة، أن الأرض تدور حول محورٍ مائلٍ على مستوى الدوران. ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)﴾ دورة الأرض حول نفسها، تتناسب مع طاقة الإنسان، لو كان الليل ساعة واحدة، والنهار ساعة، تنام وتستيقظ، ولا بد لك ثماني ساعات، ثمانية أيام نوم وثماني ليال، لكن لو كان النهار أو الليل مئة ساعة، أيضاً لصارت الحياة صعبة، أما الليل والنهار فيتوافقان مع طاقة الإنسان، لوجود تصميم وتناسق رائع، إذًا الإنسانُ إن لم يفكر في هذه الآيات التي بثَّها الله في الكون، فكأنه عطل عقله، أو كأنه لم يستخدمه، أما إذا استخدمه فيما لم يخلق له، فقد أساء إساءةً بالغة، إذاً دقق في هذه الآية: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)﴾ الألباب أصحاب العقول، وإنسان من دون عقل كالثمرة من دون لب. يعني أنت بكم تشتري قشر كيلو الموز، أتأخذه بمئة ليرة، أعوذ بالله، لن تأخذه ولو بقرش، أما كيلو الموز فثمنه مئة ليرة، وفيه اللبُّ، واللبُّ مغذٍ، والإنسان من دون عقل ثمرة من دون لب، والعقل يقتضي أن تُعمله في الكون كي تعرفه، إن أعملت عقلك في الأمر والنهي فمن أجل أن تعبده، وإن أعملت عقلك في الكون فمن أجل أن تعرفه، فأنت تعرف الله بالكون، وتعبده بالكتاب والسنة، فمعرفة الكتاب والسنة من دون معرفة الله نقص كبير، ومعرفة الله عز وجل من دون أن تعرف أمره نقص كبير، فلابد من التناسق بين معرفة الله ومعرفة أمره