-
مجموع الأنشطة
429 -
تاريخ الانضمام
-
آخر نشاط
نوع المحتوي
الاقسام
المدونات
Store
التقويم
التحميلات
مكتبة الصور
المقالات
الأندية
دليل المواقع
الإعلانات
كل منشورات العضو رودى رودى
-
من آقوال ابْن آلجَوزي
قام رودى رودى بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
قطرات من العسل ..
قام رودى رودى بالرد على موضوع لـ غلـآهم في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
يارب جنة تلملم شتاتنا
قام رودى رودى بالرد على موضوع لـ غلـآهم في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
بسم الله الرحمان الرحيمالقران الكريم كتاب الله تعالى امرنا بتلاوته و العمل باحكامه لهذا اهتم المسلمون على مر الزمان فوضعوا له القواعد للتلاوة الصحيحة عرفت بعلم التجويد 1معنى التجويد : لغة التحسين و الاتقان اصطلاحا اخراج كل حرف من مخرجه مع اعطائه حقه ومستحقه (حق الحرف صفاته الذاتية الازمة كالجهر و الشدة) مستحقه صفاته العرضية التي يوصف بها احيانا كالتفخيم و الترقيق) حكمه العلم به فرض كفاية و العمل به فرضعين لقوله تعالى (و رتل القران ترتيلا) غايته صون اللسان عن اللحن في كلام الله تعالى 2مراتب التلاوة : التحقيق هو القراءة باطمئنان و تؤدة مع اعطاء الحروف حقها و مستحقها من التلاوة الحدر الاسراع في القراءة مع مراعاة احكام التجويد التدوير هو القراءة بحالة متوسطة بين التحقيق و الحدر
-
[center][center][b]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم [/b] [/center][/center][b] [/b][b]كثير من الناس يقرؤون الفاتحة في الصلاة بسرعة وكأن الذئاب تلاحقهم ولا يعلمون ما فيها،[/b][b] [/b][b]عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهَ عنْهُ قَالَ[/b][b] [/b][b]سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:[/b] [center][b] 'قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ [/b] [b]فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: [/b][b]{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[/b][b] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي [/b] [b]وَإِذَا قَالَ: [/b][b]{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[/b][b] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي [/b] [b]وَإِذَا قَالَ:[/b][b] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[/b][b] قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي [/b] [b]فَإِذَا قَالَ:[/b][b] {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[/b][b] قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ [/b] [b]فَإِذَا قَالَ: [/b][b]{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم ْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [/b] [b]قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَل،،،،[
-
الحمد لله الذي يفتتح بحمده كل رسالة ومقالة، والصلاة على محمد المصطفى، صاحب النبوة والرسالة، وعلى آله وأصحابه الهادين من الضلالة, أما بعد: فأهمية القرآن في حياة المسلم 1- القرآن هدى للناس: قال تعالى: ?شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ? (البقرة: من الآية 185)، الله سبحانه وتعالى يبين فضل وأهمية القرآن الكريم، فهو كتاب الأمة الخالد، الذي أخرجها من الظلمات إلى النور، فأنشأها هذه النشأة، وبدَّلها من خوفها أمنًا، ومكّن لها في الأرض، ووهبها مقوماتها التي صارت بها أمةً ولم تكن من قبل شيئًا. هذا مدحٌ للقرآن الذي أنزله الله هدًى لقلوب العباد ممن آمن به وصدّقه واتبعه، كما أنه بينات أي: دلائل وحجج بينة واضحة جلية لمَن فهمها وتدبرها، ودالة على ما جاء به من الهدى المنافي للضلال، والرشد المخالف للغي، ومفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام، والله عزَّ وجلَّ بهذا التعبير الشامل ?هُدًى لِلنَّاسِ? جعل هذا الكتاب هدى لكلِّ الناس مهما اختلفت مآربهم ومشاربهم، يجد كل واحد منهم بغيته فيه، فهو كتاب الله لكلِّ البشر والله أعلم بما يصلح خلقه، فإذا خصَّ الله تبارك وتعالى الهداية بهذا القرآن للمتقين الذين آمنوا به وعاشوا معه وتدبروا معانيه في قوله تعالى في أول سورة البقرة: ?الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (5)? فإن الله عزَّ وجلَّ جعل في هذه الآية ?شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ? (البقرة: من الآية185). الهداية عامة لكل الناس?هُدًى لِلنَّاسِ? المسلم وغير المسلم، المسلم الطائع والعاصي ما دام أنهم نظروا إليه بعقولهم وأفئدتهم، وتنحوا عن أهوائهم وشهواتهم، فالقرآن الكريم في المقام الأول كتاب هداية لكل البشر. 2- القرآن يهدي للتي هي أقوم: قال تعالى: ?إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)? (الإسراء). يمدح الله تبارك وتعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه يهدي لأقوم الطرق وأوضح المسالك، ويبشر المؤمنين به الذين يعملون الصالحات على مقتضاه أن لهم أجرًا كبيرًا يوم القيامة، وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة يبشرهم بأن لهم عذابًا أليمًا، كما قال تعالى: ?فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ? (الجاثية: من الآية 8)، وكما يقول صاحب الظلال: هذه الهداية على وجه الإطلاق فيمن يهديهم وفيما يهديهم، فيشمل الهدى أقوامًا وأجيالاً بلا حدود من زمان أو مكان، ويشمل ما يهديهم إليه كل منهج وكل طريق، وكل خير يهتدي إليه البشر في كلِّ زمان ومكان، يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض، والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة، وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء، وتربط بين نواميس الكون الطبيعية ونواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق، ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله، فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم، متطلعةً إلى أعلى وهي مستقرة على الأرض، وإذا العمل عبادة متى توجَّه الإنسان به إلى الله، ولو كان هذا العمل متاعًا واستمتاعًا بالحياة، ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة بين التكاليف والطاقة، فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء، ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار، ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال، ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض أفرادًا وأزواجًا، وحكومات وشعوبًا، ودولاً وأجناسًا، ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى، ولا تميل مع المودة والشنآن، ولا تصرفها المصالح والأغراض. فهذه هي الأُسس التي أقامها العليم الخبير لخلقه، وهو أعلم بمن خلق وأعرف بما يصلح لهم في كلِّ أرض وفي كلِّ جيل، فيهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم ونظام المال ونظام الاجتماع ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان، ويهدي للتي هي أقوم في تبني الديانات السماوية جميعها، والربط بينها كلها، وتعظيم مقدساتها وصيانة حرماتها، فإذا البشرية كلها في سلام ووئام، إنهما طريقتان مختلفتان شتان شتان هدي القرآن وهدي الإنسان.
-
+ ---- - إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ( 190 ) الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ( 191 ) ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ( 192 ) ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ( 193 ) ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ( 194 ) ) قال الطبراني : حدثنا الحسن بن إسحاق التستري ، حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود فقالوا : بم جاءكم موسى ؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين . وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى ؟ قالوا : كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى : فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا . فدعا ربه ، فنزلت هذه الآية : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) فليتفكروا فيها [ ص: 184 ] . وهذا مشكل ، فإن هذه الآية مدنية . وسؤالهم أن يكون الصفا ذهبا كان بمكة . والله أعلم . ومعنى الآية أنه يقول تعالى : ( إن في خلق السماوات والأرض ) أي : هذه في ارتفاعها واتساعها ، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات ، وثوابت وبحار ، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار ، وحيوان ومعادن ومنافع ، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص ( واختلاف الليل والنهار ) أي : تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر ، فتارة يطول هذا ويقصر هذا ، ثم يعتدلان ، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا ، ويقصر الذي كان طويلا وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم ، ولهذا قال : ( لأولي الألباب ) أي العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها ، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون الذين قال الله [ تعالى ] فيهم : ( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) [ يوسف : 105 ، 106 ] . ثم وصف تعالى أولي الألباب فقال : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنبك أي : لا يقطعون ذكره في جميع أحوالهم بسرائرهم وضمائرهم وألسنتهم ( ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ) أي : يفهمون ما فيهما من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته ، وعلمه وحكمته ، واختياره ورحمته . وقال الشيخ أبو سليمان الداراني : إني لأخرج من منزلي ، فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة ، أو لي فيه عبرة . رواه ابن أبي الدنيا في كتاب " التفكر والاعتبار " . وعن الحسن البصري أنه قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة . وقال الفضيل : قال الحسن : الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك . وقال سفيان بن عيينة : الفكرة نور يدخل قلبك . وربما تمثل بهذا البيت : إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة وعن عيسى ، عليه السلام ، أنه قال : طوبى لمن كان قيله تذكرا ، وصمته تفكرا ، ونظره عبرا . وقال لقمان الحكيم : إن طول الوحدة ألهم للفكرة ، وطول الفكرة دليل على طرق باب الجنة . وقال وهب بن منبه : ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم ، وما فهم امرؤ قط إلا علم ، وما علم امرؤ قط إلا عمل . [ ص: 185 ] وقال عمر بن عبد العزيز : الكلام بذكر الله ، عز وجل ، حسن ، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة . وقال مغيث الأسود : زوروا القبور كل يوم تفكركم ، وشاهدوا الموقف بقلوبكم ، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة أو النار ، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها ، وكان يبكي عند ذلك حتى يرفع صريعا من بين أصحابه ، قد ذهب عقله . وقال عبد الله بن المبارك : مر رجل براهب عند مقبرة ومزبلة ، فناداه فقال : يا راهب ، إن عندك كنزين من كنوز الدنيا لك فيهما معتبر ، كنز الرجال وكنز الأموال . وعن ابن عمر : أنه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه ، يأتي الخربة فيقف على بابها ، فينادي بصوت حزين فيقول : أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [ القصص : 88 ] .وعن ابن عباس أنه قال : ركعتان مقتصدتان في تفكر ، خير من قيام ليلة والقلب ساه . وقال الحسن : يا ابن آدم ، كل في ثلث بطنك ، واشرب في ثلثه ، ودع ثلثه الآخر تتنفس للفكرة . وقال بعض الحكماء : من نظر إلى الدنيا بغير العبرة انطمس من بصر قلبه بقدر تلك الغفلة . وقال بشر بن الحارث الحافي : لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه . وقال الحسن ، عن عامر بن عبد قيس قال : سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : إن ضياء الإيمان ، أو نور الإيمان ، التفكر . وعن عيسى ، عليه السلام ، أنه قال : يا ابن آدم الضعيف ، اتق الله حيثما كنت ، وكن في الدنيا ضيفا ، واتخذ المساجد بيتا ، وعلم عينيك البكاء ، وجسدك الصبر ، وقلبك الفكر ، ولا تهتم برزق غد . وعن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، أنه بكى يوما بين أصحابه ، فسئل عن ذلك ، فقال : فكرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها ، فاعتبرت منها بها ، ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتها ، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر ، إن فيها مواعظ لمن ادكر . وقال ابن أبي الدنيا : أنشدني الحسين بن عبد الرحمن : نزهة المؤمن الفكر لذة المؤمن العبر نحمد الله وحده نحن كل على خطر رب لاه وعمره قد تقضى وما شعر رب عيش قد كان فو ق المنى مونق الزهر في خرير من العيو ن وظل من الشجر وسرور من النبا ت وطيب من الثمر غيرته وأهله سرعة الدهر بالغير [ ص: 186 ] نحمد الله وحده إن في ذا لمعتبر إن في ذا لعبرة للبيب إن اعتبر وقد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته ، فقال : ( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون . وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) [ يوسف : 105 ، 106 ] ومدح عباده المؤمنين : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ) قائلين ( ربنا ما خلقت هذا باطلا ) أي : ما خلقت هذا الخلق عبثا ، بل بالحق لتجزي الذين أساءوا بما عملوا ، وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، ثم نزهوه عن العبث وخلق الباطل فقالوا : ( سبحانك ) أي : عن أن تخلق شيئا باطلا ( فقنا عذاب النار ) أي : يا من خلق الخلق بالحق والعدل ، يا من هو منزه عن النقائص والعيب والعبث ، قنا من عذاب النار بحولك وقوتك وقيضنا لأعمال ترضى بها عنا ، ووفقنا لعمل صالح تهدينا به إلى جنات النعيم ، وتجيرنا به من عذابك الأليم . ثم قالوا : ( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ) أي : أهنته وأظهرت خزيه لأهل الجمع ( وما للظالمين من أنصار ) أي : يوم القيامة لا مجير لهم منك ، ولا محيد لهم عما أردت بهم . ( ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ) أي : داعيا يدعو إلى الإيمان ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ( أن آمنوا بربكم فآمنا ) أي يقول : ( آمنوا بربكم فآمنا ) أي : فاستجبنا له واتبعناه ( ربنا فاغفر لنا ذنوبنا ) أي : بإيماننا واتباعنا نبيك فاغفر لنا ذنوبنا ، أي : استرها ( وكفر عنا سيئاتنا ) أي : فيما بيننا وبينك ( وتوفنا مع الأبرار ) أي : ألحقنا بالصالحين ( ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ) قيل : معناه : على الإيمان برسلك . وقيل : معناه : على ألسنة رسلك . وهذا أظهر . وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عمرو بن محمد ، عن أبي عقال ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عسقلان أحد العروسين ، يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفا لا حساب عليهم ، ويبعث منها خمسين ألفا شهداء وفودا إلى الله ، وبها صفوف الشهداء ، رءوسهم مقطعة في أيديهم ، تثج أوداجهم دما ، يقولون : ( ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ) فيقول : صدق عبدي ، اغسلوهم بنهر البيضة . فيخرجون منه نقاء بيضا ، فيسرحون في الجنة حيث شاءوا " . وهذا الحديث يعد من غرائب المسند ، ومنهم من يجعله موضوعا ، والله أعلم . [ ص: 187 ] ( ولا تخزنا يوم القيامة ) أي : على رءوس الخلائق ( إنك لا تخلف الميعاد ) أي : لا بد من الميعاد الذي أخبرت عنه رسلك ، وهو القيام يوم القيامة بين يديك . وقد قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحارث بن سريج حدثنا المعتمر ، حدثنا الفضل بن عيسى ، حدثنا محمد بن المنكدر ، أن جابر بن عبد الله حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العار والتخزية تبلغ من ابن آدم في القيامة في المقام بين يدي الله ، عز وجل ، ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار " حديث غريب . وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ هذه الآيات العشر من آخر آل عمران إذا قام من الليل لتهجده ، فقال البخاري ، رحمه الله : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر ، أخبرني شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن كريب عن ابن عباس قال : بت عند خالتي ميمونة ، فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد ، فلما كان ثلث الليل الآخر قعد فنظر إلى السماء فقال : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) ثم قام فتوضأ واستن . فصلى إحدى عشرة ركعة . ثم أذن بلال فصلى ركعتين ، ثم خرج فصلى بالناس الصبح . وكذا رواه مسلم عن أبي بكر بن إسحاق الصنعاني ، عن ابن أبي مريم ، به ثم رواه البخاري من طرق عن مالك ، عن مخرمة بن سليمان ، عن كريب ، عن ابن عباس أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي خالته ، قال : فاضطجعت في عرض الوسادة ، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل - أو قبله بقليل ، أو بعده بقليل - استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من منامه ، فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ، ثم قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران ، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي - قال ابن عباس : فقمت فصنعت مثل ما صنع ، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه - فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي ، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها فصلى ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ثم أوتر ، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن ، فقام فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم خرج فصلى الصبح . وهكذا أخرجه بقية الجماعة من طرق عن مالك ، به ورواه مسلم أيضا وأبو داود من وجوه أخر ، عن مخرمة بن سليمان ، به . [ ص: 188 ] " طريق أخرى " لهذا الحديث عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] . قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن علي ، أخبرنا أبو يحيى بن أبي مسرة أنبأنا خلاد بن يحيى ، أنبأنا يونس بن أبي إسحاق ، عن المنهال بن عمرو ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، عن عبد الله بن عباس قال : أمرني العباس أن أبيت بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ صلاته . قال : فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة العشاء الآخرة ، حتى إذا لم يبق في المسجد أحد غيره قام فمر بي ، فقال : " من هذا ؟ عبد الله ؟ " فقلت نعم . قال : " فمه ؟ " قلت : أمرني العباس أن أبيت بكم الليلة . قال : " فالحق الحق " فلما أن دخل قال : " افرشن عبد الله ؟ " فأتى بوسادة من مسوح ، قال فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها حتى سمعت غطيطه ، ثم استوى على فراشه قاعدا ، قال : فرفع رأسه إلى السماء فقال : " سبحان الملك القدوس " ثلاث مرات ، ثم تلا هذه الآيات من آخر سورة آل عمران حتى ختمها . وقد روى مسلم وأبو داود والنسائي ، من حديث علي بن عبد الله بن عباس حديثا في ذلك أيضا . طريق أخرى رواها ابن مردويه ، من حديث عاصم بن بهدلة ، عن بعض أصحابه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة بعد ما مضى ليل ، فنظر إلى السماء ، وتلا هذه الآية : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) إلى آخر السورة . ثم قال : " اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي سمعي نورا ، وفي بصري نورا ، وعن يميني نورا ، وعن شمالي نورا ، ومن بين يدي نورا ، ومن خلفي نورا ، ومن فوقي نورا ، ومن تحتي نورا ، وأعظم لي نورا يوم القيامة " وهذا الدعاء ثابت في بعض طرق الصحيح ، من رواية كريب ، عن ابن عباس ، رضي الله عنه . . ثم روى ابن مردويه وابن أبي حاتم من حديث جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود فقالوا : بما جاءكم موسى من الآيات ؟ قالوا : عصاه ويده البيضاء للناظرين . وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى فيكم ؟ قالوا : كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى . فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا . فدعا ربه ، عز وجل ، فنزلت : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) قال : " فليتفكروا فيها " لفظ ابن مردويه . [ ص: 189 ] وقد تقدم سياق الطبراني لهذا الحديث في أول الآية ، وهذا يقتضي أن تكون هذه الآيات مكية ، والمشهور أنها مدنية ، ودليله الحديث الآخر ، قال ابن مردويه : حدثنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل ، أخبرنا أحمد بن علي الحراني ، حدثنا شجاع بن أشرس ، حدثنا حشرج بن نباتة الواسطي أبو مكرم ، عن الكلبي - هو أبو جناب [ الكلبي ] - عن عطاء قال : انطلقت أنا وابن عمر وعبيد بن عمير إلى عائشة ، رضي الله عنها ، فدخلنا عليها وبيننا وبينها حجاب ، فقالت : يا عبيد ، ما يمنعك من زيارتنا ؟ قال : قول الشاعر : زر غبا تزدد حبا فقال ابن عمر : ذرينا أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبكت وقالت : كل أمره كان عجبا ، أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي ، ثم قال : ذريني أتعبد لربي [ عز وجل ] قالت : فقلت : والله إني لأحب قربك ، وإني أحب أن تعبد لربك . فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صب الماء ، ثم قام يصلي ، فبكى حتى بل لحيته ، ثم سجد فبكى حتى بل الأرض ، ثم اضطجع على جنبه فبكى ، حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح قالت : فقال : يا رسول الله ، ما يبكيك ؟ وقد غفر الله لك ذنبك ما تقدم وما تأخر ، فقال : " ويحك يا بلال ، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل علي في هذه الليلة : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) " ثم قال : " ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها " . وقد رواه عبد بن حميد ، عن جعفر بن عون ، عن أبي جناب الكلبي عن عطاء ، بأطول من هذا وأتم سياقا . وهكذا رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه ، عن عمران بن موسى ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن يحيى بن زكريا ، عن إبراهيم بن سويد النخعي ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء قال : دخلت أنا [ وعبد الله بن عمر ] وعبيد بن عمير على عائشة فذكر نحوه . وهكذا رواه عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا في كتاب " التفكر والاعتبار " عن شجاع بن أشرص ، به . ثم قال : حدثني الحسن بن عبد العزيز : سمعت سنيدا يذكر عن سفيان - هو الثوري - رفعه قال : من قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيه ويله . يعد بأصابعه عشرا . قال الحسن بن عبد العزيز : فأخبرني [ ص: 190 ] عبيد بن السائب قال : قيل للأوزاعي : ما غاية التفكر فيهن ؟ قال : يقرؤهن وهو يعقلهن . قال ابن أبي الدنيا : وحدثني قاسم بن هاشم ، حدثنا علي بن عياش ، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان قال : سألت الأوزاعي عن أدنى ما يتعلق به المتعلق من الفكر فيهن وما ينجيه من هذا الويل ؟ فأطرق هنية ثم قال : يقرؤهن وهو يعقلهن . [ حديث آخر فيه غرابة : قال أبو بكر بن مردويه : أنبأنا عبد الرحمن بن بشير بن نمير ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم البستي ح وقال : أنبأنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد ، حدثنا أحمد بن عمرو قالا أنبأنا هشام بن عمار ، أنبأنا سليمان بن موسى الزهري ، أنبأنا مظاهر بن أسلم المخزومي ، أنبأنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران كل ليلة . ***************** والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
-
+ ---- - إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله الإمام الكسائي اسْمُهُ وَنَسَبُهُ هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي مولاهم وهو من أولاد الفرس من سواد العراق كذا قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني، أبو الحسن الكسائي الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الاقراء بالكوفة بعد حمزة الزيات... قال الإمام ابن الجزري: واختلف في تسميته بالكسائي فالذي رويناه عنه أنه سئل عن ذلك فقال لأني أحرمت في كساء وقيل غير ذلك... قال الشاطبي رحمه الله: وَأَمَّا عَلِيٌّ فَالْكِسَائِيُّ نَعْتُهُ لِمَا كانَ في الْإِحْرَامِ فِيهِ تَسَرْبَلاَ مَوْلِدُهُ 119 هـ، 737 م. البَلَدُ التي وُلِدَ فِيهَا وُلد في إحدى قرى الكوفة. شُيُوخُهُ أخذ القراءة عرضاً عن حمزة أربع مرات وعليه اعتماده وعن محمد بن أبي ليلة وعيسى بن عمر الهمداني وروى الحروف عن أبي بكر بن عياش وإسماعيل ويعقوب ابني جعفر عن نافع ولا يصح قراءته على نافع كما ذكره الهذلي بل ولا رآه وعن عبد الرحمن بن أبي حماد وعن أبي حيوة شريح بن يزيد في قول وقيل بل شريح... تَلَامِيذُهُ روى عنه القراءات أبو عمر الدوري وأبو الحارث الليث بن خالد ونصير بن يوسف وقتيبة بن مهران وأحمد بن سريج وأبو عبيد ويحيى الفراء وخلف بن هشام وغيرهم. وأما راوياه فهما الليث وحفص الدوري: قال الشاطبي رحمه الله بعد أن ذكر الكسائي: رَوَى لَيْثُهُمْ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ الرِّضاَ وَحَفْصٌ هُوَ الدُّورِيُّ وَفيِ الذِّكْرِ قَدْ خَلاَ قال الشارح: ليثهم مثل ورشهم هو أبو الحارث الليث بن خالد، مات سنة أربعين ومائتين، والرضى أي المرضى أو على تقدير ذي الرضى وحفص هو الدوري الراوي عن اليزيدي ولهذا قال في الذكر قد خلا أي سبق ذكره فيما ذكرناه من النظم. مُؤَلَفَاتُهُ للكسائي مؤلفات كثيرة منها: كتاب اختلاف العدد. كتاب قصص الأنبياء. كتاب كتاب الحروف. كتاب العدد. كتاب القراءات. كتاب المصادر. كتاب النوادر الأصغر. كتاب النوادر الأكبر. كتاب النوادر الأوسط. كتاب الهجاء. مختصر في النحو. معاني القرآن. مقطوع القرآن وموصوله. كتاب الحروف. وغير ذلك من المؤلفات... ثَنَاءُ العُلَمَاءِ عَلَيهِ أثنى عليه الشافعي في النحو وقال ابن الأنباري كان أعلم الناس بالنحو والعربية والقراءات وكانوا يكثرون عليه في القراءات فجمعهم وجلس على كرسي وتلى القرآن من أوله إلى آخره وهم يستمعون ويضبطون عنه حتى الوقف والابتداء. وقال إسحاق بن ابراهيم سمعته يقرأ القرآن مرتين وقال خلف بن هشام كنت احضر قراءته والناس ينقطعون مصاحفهم على قراءته... قال أبو عبيد في كتاب القراءات: كان الكسائي يتخير القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعض. وليس هناك أضبط للقراءة ولا أقوم بها من الكسائي. وقال ابن مجاهد: اختار الكسائي من قراءة حمزة ومن قراءة غيره متوسطة غير خارجة عن آثار من تقدم من الأئمة وكان إمام الناس في القراءة في عصره. وقال إسماعيل جعفر المدني وهو من كبار أصحاب نافع: ما رأيت أقرأ لكتاب الله تعالى من الكسائي. قال أبو بكر بن الأنباري: اجتمعت في الكسائي أمور كان أعلم الناس بالنحو، وأوحدهم في الغريب، وأوحد الناس في القرآن، فكانوا يكثرون عنده فيجمعهم ويجلس على كرسي ويتلو القرآن من أوله إلى آخره وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادئ. وقال يحيى بن معين: ما رأيت بعينى هاتين أصدق لهجة من الكسائي. وَفَاتُهُ عاش الكسائي 70 سنة وتوفي بالري - جنوب شرقي طهران - سنة 189 هـ - 805م. من مراجع البحث غاية النهاية في طبقات القراء.......................... ابن الجزري هدية العارفين............................................ الباباني إبراز المعاني من حرز الأماني......................... أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل تهذيب التهذيب.......................................... ابن حجر ما نسب للشيخ عبد الفتاح القاضي من موقع طريق القرآن أشهـر مـن روى عـن الكسـائـي 1- الليث. 2- حفص الدورى. 1- الليث هو الليث بن خالد المروزي البغدادي وكنيته أبو الحارث. عرض القراءة على الكسائي وهو من أجل أصحابه. وروى الحروف عن حمزة بن القاسم الأحول وعن اليزيدي. وهو ثقة حاذق ضابط القراءة، محقق لها، قال أبو عمرو الداني كان الليث من جلة أصحاب الكسائي. وروى عنه القراءة عرضاً وسماعاً سلمة بن عاصم صاحب الفراء، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، والفضيل بن شاذان، وغيرهم. وتوفى سنة أربعين ومائتين [ معرفة القراء الكبار( 1/173 ) ] . 2 - حفص الدورى فقد تقدم الكلام عليه في ترجمة أبي عمرو بن العلاء البصري، لأنه روى عنه وعن الكسائي، فلنكتف بذكره هناك عن ذكره هنا والله تعالى أعلم. منهـج الكسـائـي فـي القـراءة 1. يبسمل بين كل سورتين إلا بين ( الأنفال والتوبة ) فيقف أو يسكت أو يصلى. 2. يوسط المدين المتصل و المنفصل بمقدار أربع حركات. 3. يدغم ذال إذ فيما عدا الجيم، ويدغم دال وتاء التأنيث ولام هل وبل في حروف كل منها، ويدغم الباء المجزومة في الفاء نحو ﴿ قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ ﴾، ويدغم الفاء المجزومة في الباء في ﴿ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ﴾ في سبأ. ودغم من رواية الليث اللام المجزومة في الذال ( في يفعل ذلك )، حيث وقع هذا اللفظ ويدغم الذال في التاء في ﴿ عذتُ ﴾، ﴿ فنبذته ﴾، ﴿ اتخذتم ﴾، ﴿ أخذتم ﴾ ويدغم الثاء في التاء في ( أورثتموها، لبثت، لبثتم ). 4. يميل ما يميله حمزة من الألفات ويزيد عليه إمالة بعض الألفاظ كما وضح في كتب القراءات. 5. يميل ما قبل هاء التأنيث عند الوقف نحو رحمة، الملائكة بشروط مخصومة. 6. يقف على التاءات المفتوحة نحو ( شجرت، بقيت، جنت بالهاء ) . 7. يسكن ياء الإضافة في ﴿ قل لعبادي الذين آمنو ﴾ بإبراهيم، ﴿ يا عبادي الذين ﴾، بالعنكبوت والزمر 8. يثبت الياء الزائدة في ﴿ يوم يأت ﴾ في هود، ﴿ وما كنا نبغ ﴾ في الكهف، في حال الوصل. [center] المصادر : قصة الإسلام طريق القرآن مع تحياتي لأعضــاء وزوار ومشرفي منتدي القرآن الكريم [/center]
-
+ ---- - إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ... حياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام ، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة إخوانى وأخواتى الاعزاء اعضاء منتدانا الغالى [b] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. [b] الآيات [ 150: 152 ] [/b][/b][b]الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري [/b] تفسير سورة البقرة الآيات [ 150: 152 ] ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿ ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [150]. ابتدأ الله سبحانه وتعالى هذه الآية بصيغة الأمر الوارد فيما قبلها وقرن بها صيغة الأمر السابقة، كما جمع فيها بين خطابه لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وخطابه لجميع المكلفين، ليترتب على ذلك التعليل وبيان الحكم له، وهي ثلاث: الأولى: قوله سبحانه: ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ﴾ فليس هذا الجمع والأعادة لمجرد التأكيد، وإنما هو تمهيد للعلة وتوطئة لبيان الحكم الموصولة به، وهو أسلوب معهود عند البلغاء. والمراد بالناس هنا هم المشاغبون المحاجون في أمر القبلة المعروفون؛ وهم أهل الكتاب يعرفون من كتبهم أن قبلته الحقيقية هي الكعبة، فجعل بيت المقدس قبلة دائمة له تكون حجة لهم، على أنه ليس ذلك النبي المذكور المبشر به في التوراة لمخالفته القبلة المنصوص عليها فيها، وإنما هو دجال والعياذ بالله أو نبي غيره، فلما جرى التحويل عرفوا أنه الحق من ربهم. وأما المشركون فإنهم كانوا يرون أن نبياً جاء من ولد إبراهيم الحياء ملته لا ينبغي له أن يستقبل غير بيت ربه الذي بناه إبراهيم و إسماعيل و توجها إليه في صلاتهم، فلما جاء التحويل للقبلة الى هذا البيت الحرام دحضت حجتهم، ثم دحضت شبهات المنافقين، من ورائهم، فلم يبق لأحد حجة عليه وعلى المؤمنين، لا من يهود ولا من المشركين والمنافقين ﴿ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ﴾ ولم يقتنعوا بالحجة ظاهراً وإلا فكأنهم في قراره أنفسهم مدحوضون مغلوبون، لكن لا بد من حصول مغالطة من بعض الظلمة يظهرونها ليبردوا الحرارة التي في نفوسهم ولئلا يعترفوا بالهزيمة، فان كل رجل لئيم يسلك مسلك المغالطة لتغطية هزيمته، بخلاف الكريم الشجاع، فإنه يعترف بالهزيمة ويستعد لها. وأما اللؤماء والدجاجلة المضللون للناس فهم يحاولون بكل جهدهم تغطية الهزيمة وتسميتها بأسماء شتى، أو قلبها نصراً وهمياً، ليلعبوا على الجماهير التي لا عقل لها، كما هو المقرر، فيوجد من أجناس هؤلاء من يقول إنه رجع الى قبلة قومه لأرضائهم، وسيرجع إلى دينهم، ويقول المشركون: هكذا رجع إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا، ويقول المنافقون: إنه مضطرب متردد لا يثبت على قبلة. وأمثال هذه الأقوال المزيفة من أهل الأهواء حسداً وعناداً لا قيمه لها ما دام البرهان بضدها وما دام الدليل قامعاً لرءوس أهلها، فإنه لا بد أن يبقى فيهم لفيف على سفاهته يتجاهل الدليل والبرهان، فلذلك قال الله سبحانه: ﴿ فَلا تَخْشَوْهُمْ ﴾ حيث لا مرجع لكلامهم من الحق، فلا يتمكن في النفوس أبداً لعدم استناده إلى برهان عقلي أو هداية سماوية ﴿ و ﴾ لكن ﴿ وَاخْشَوْنِ ﴾ أنا، فلا تعصوني بمخالفة ما جاءكم به رسولي عني، فإنني القاهر القادر على جزائكم بما وعدتكم وبما أوعدتكم، فخشية الله رأس كل خير، لأن من لم يخش الله لم ينكف عن معاصيه ولم يبتعد عن مشابهة أعدائه والتلقي منهم خشية منهم، لأن من زالت منه خشية الله ابتلي بخشية المخلوقين. وهذه الآية الكريمة ترشدنا بكل جلاء ووضوح على أن صاحب الحق هو المرهوب الذي يخشى جانبه، وأن المبطل لاينبغي أن يخشى، لأن المبطل مخذول كباطله، زاهق ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾ [الإسراء: 81] وأن الحق يعلو ولا يعلى عليه. وما آفة الحق إلا ترك أهله له وتخاذلهم لانصياعهم لتخويف الشيطان. والله يقول: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]. ولو أن أهل الحق استعانوا بالله استعانة صادقة بعد تحقيقهم لطاعته في الأخذ بالمقدور من الأسباب وتوكلوا على الله فيما عجزوا عن تحصيلها توكلاً صحيحاً واسثغاتوا به اسثغاتة صادقة كاسثغاتة يوم بدر، وأخلصوا مقاصدهم لله، لم يغلبهم غالب مهما بلغ من القوة، لأن الله معهم إذا اخلصوا المقاصد وصدقوا بالاستعانة بالله، وامتثلوا أمره بالاستعانة بالصبر والصلاة كما سيأتي. ومن تأمل تكرار الآيات القاضية بالأمر باستقبال القبلة وجد أن لكل آية معنى مخالفاً للآخر، فالآية الأولى جاءت لتلبية رغبة الرسول وتقليب وجهه في السماء، والآية الثانية جاءت لتقرير أن هذا التحويل هو الحق من الله لا لمجرد الهوى والاتجاه، وهذه الآية الثالثة جاءت لقطع حجة الناس من يهود وغيرهم، كما جاءت أيضاً لإبلاغ الأمة بإتمام النعمة عليهم في ذلك، حيث ختمها بقوله سبحانه: ﴿ وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ﴾ باستقلالكم في الاتجاه عن غيركم، ذلك الاستقلال العظيم الذي حسدكم عليه اليهود، فقاموا بكل ما استطاعوا من أنواع الدجل والأراجيف، فهي نعمة عظيمة يجب أن نرعاها وأن نعرف مغزاها، لنكون من المهتدين هداية صحيحة تامة. ولذا أكمل الله ختام الآية بقوله: ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ يعني وليعلمكم ويمدكم بذلك إلى الاهتداء بالثياب على الحق والرسوخ فيه، وذلك لأن المقلد لغيره والمحاكي لغيره لا يكون مهتدياً، فينبغي أن تهتدوا لحقيقة دينكم الكامنة وراء هذا التحويل في الاتجاه عن قبلة اليهود، فإن تحويل الاتجاه الحسي في القبلة يدل بطريق الأولى على تحويل كل اتجاه معنوي نلتقي به مع اليهود أو غيرهم من الكافرين في أي شأن من شئون الحياة، فإن هذا التمييز والتخصيص من الله لنا في الاتجاه الحسي يوجب علينا أن نتميز عنهم في كل شأن وفي كل ميدان، ولا نلتقي معهم ولا مع غيرهم في الثقافة، ولا في أنظمة الاقتصاد وتشريعاته، ولا في المجال السياسي أو الاجتماعي، بل يكون لنا في كل شيء من ذلك منهج خاص مخالف لهم تمام المخالفة، ومستقل عنهم تمام الاستقلال. منهج منبثق من عقيدتنا ومستمد من وحي ربنا سبحانه وتعالى، وإلا فما قيمة تحويل الاتجاه الحسي للقبلة إذا التقينا مع أحد من الكفار في بعض المناهج الثقافية، واستوردنا منهم مذهب (لامارك) و(دارون) أو مذهب (فرويد) و(دور كيم) وغيرهم في علم النفس أو الاجتماع، كأن وحي الله الذي أكرمنا به مفلس من ذلك؟ إن استيراد شيء من نظريات الكفرة ومبادئهم لا يعمله إلا الذي لا يرى كفاية وحي الله، أو من هو جاهل مركب عديم الإحساس والعياذ بالله. ثم ما قيمة مخالفتنا لهم في القبلة إذا وافقناهم في الميدان الاقتصادي على أنظمة البنوك وغيرها مما يبيح الربا ويدين به قانونياً؟ وكذلك ما قيمة مخالفتنا لهم في القبلة إذا التقينا بهم واتفقنا معهم في الشئون الاجتماعية أو بعضها من المسارح والمراقص والأفلام الخليعة والبلاجات العارية والفسح للبغاء، وإباحة الزنا حالة الرضى وتشريع الأنظمة الديوثية المعفية للزناة من إقامة حدود الله؟ يجب على المسلمين أن يكونوا وعاة لحكمته ومقاصده العظيمة من كل تشريع، فإن الله العليم الحكيم الذي أكرمنا بتمييزنا عن اليهود تمييزاً حسيّاً بتحويلنا عن قبلتهم واستقلالنا بقبلة خاصة يريد منا أن نتميز عنهم تمييزاً معنوياً بمخالفتنا لهم في جميع شئون الحياة وعلى مدى الخطوط، فلا نلتقي معهم ولا مع غيرهم من الكفار في الميدان السياسي، التقاء يخالف عقيدتنا ويعاكس وحي ربنا، ولا في الميدان الثقافي، كما أسلفناه، ولا في الميدان الاقتصادي أو الاجتماعي وغيرها، لأن الالتقاء مع الكفار واستيراد الأنظمة منهم أو تقليدهم فيما يفعلون، خطر عظيم على الدين، إما في أصل العقيدة مما يهدم ملة إبراهيم ودين سيد المرسلين عليهما الصلاة والسلام، وإما فيما يجر إلى الردة عن الإسلام من إباحة ما حرم الله من الخمور والربا والزنا ونحو ذلك. فلقد أجمع علماء الأمة على من أن استحل أدنى شيء مما حرم الله كان كافراً يجب قتاله، ولهذا قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 100]. وقال: ﴿ يَا أيها الذين آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 149]. ولا شك أن الانصياع إلى شيء من تقاليدهم واستحباب شيء من أنظمتهم يجر إلى الكفر والردة، مع أن فيه هزيمة عقلية ومركب نقص لا يقبله ذوو الاستقلال الفكري. فلنتعظ ونعتبر ولا نضيع حكمة الله، ولا نبدل نعمته في استقلالنا الحسي والمعنوي الذي أكرمنا الله به، ولهذا فقد ذكرنا بنعمته العظيمة على ذلك حيث قال في الآية (151) و(152): ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [152،151]. يعني: أن إنعامنا عليكم بتحويل القبلة إلى الكعبة وما يستلزمه من تحويلكم عنهم بكل اتجاه وتقليد، ليس ذلك بأول إحساننا عليكم، بل أنعمنا عليكم بأصول النعم وأعاظمها وهي الرسالة، حيث اخترنا الرسالة منكم واصطفيناكم لها، فأرسلنا إليكم رسولاً كريماً منكم ليس من غيركم، ولو كان من غيركم لشق عليكم ذلك، ولكن أكرمناكم بجعله رسولاً منكم تعرفون نسبه وصدقه وأمانته ونصحه وكماله ﴿ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا ﴾ القرآنية وغيرها، فهو يتلو عليكم الآيات المبينة للحق من الباطل، والهدى من الضلال. تلك الآيات التي دلتكم أولاً على توحيد الله وكماله، ثم على صدق رسوله ووجوب الإيمان به، ثم على جميع ما أخبر به من المعاد والغيوب، حتى حصل لكم الهداية التامة. ﴿ وَيُزَكِّيكُمْ ﴾ يعني: يطهر نفوسكم من الشرك، ويربيها على الأخلاق الجميلة، ويرتفع بها عن الأخلاق الرذيلة، فتزكية نفوسكم من الشرك إلى التوحيد، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الخيانة إلى الأمانة، ومن الكبر إلى التواضع، ومن التباغض والهاجر والتقاطع إلى المحبة والتواصل والتوادد، وغير ذلك من أنواع التزكية، هي نعمة عظيمة ما كان لكم تحصيلها لولا هذا النبي الكريم الذي هو أعظم نعمة من الله عليكم، ومن حسناته عليكم بإذن الله أنه ﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ يعلمكم القرآن ألفاظه ومعانيه، ويعلمكم الحكمة التي هي معرفة أسرار الشريعة والفقه فيها، وتنزيل الأمور منازلها. أما تعليمه السنة فهي داخلة في تعليم القرآن، لأنها الوحي الثاني، ولأنها تبين القرآن وتفسره وتوضح ما أجمله الله فيه وما أطلقه وتخصص منه بعض عموماته وتزيد على ذلك من فروعيات التشريع التي دعا إلى أصلها، وذلك أن القرآن دعا إلى التوحيد وأمهات الفضائل، وشرع أصول الأحكام، ولكنه لم يفصل نظام البيوت والعائلات ولم يفصل طرق الأحكام القضائية والمدنية والحربية، ولم يتطرق لسيرة الرؤساء مع المرؤوسين. فهذه الأمور يجب أن تؤخذ بالأسوة به - صلى الله عليه وسلم -، والعمل بأقواله، واقتفاء أحواله، ولذلك كانت السنة المطهرة هي المبينة لذلك بالتفصيل من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيوته ومع أصحابه، في السلم والحرب، والسفر والإقامة، وفي حال الضعف والقوة، والقلة والكثرة. فالسنة العملية والقولية هي المبينة للقرآن بتفصيل مجمله وبيان مبهمه وتقييد مطلقه، وإظهار ما في أحكامه من الأسرار والمنافع، ولهذا أطلق عليها لفظ (الحكمة). ولولا هذه التربية العملية لما كان الإرشاد القولي كافياً في انتقال الأمة العربية من طور الشتات والفرقة والعداء والجهل والأمية إلى الائتلاف والاتحاد والتحابب والتآخي والعلم وسياسة الأمم، فالسنة المطهرة هي التي علمتهم كيف يهتدون بالقرآن، ومرنتهم على العدل والاعتدال في جميع أحوالهم. وفي قوله تعالى عن رسوله إليهم - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ يعني يعلمكم ما لم تكونوا تعلمونه زيادة عن الحكمة مما لا سبيل لكم إلى معرفته بالفكر والنظر، وإنما هو بالوحي. وقد كرر الفعل ليدل على أن هذا التعليم جنس آخر كأخبار الغيب من أحوال الأمم التي ما كانوا يعلمونها، وبل لم يكن يعلمها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وسيرة الأنبياء وما جرى لهم مع أممهم وأخبار ملك سليمان، وغير ذلك مما كان مجهولاً حتى عند أهل الكتاب، كما قال تعالى: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود: 49]. وقد تقدم في دعا إبراهيم ذكر تعليم الكتاب والحكمة مقدماً على التزكية وفي هذه الآية مؤخراً والنكتة في ذلك أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لاحظ في دعوته الطريق الطبيعي، وهو أن التعليم يكون أولاً ثم تكون التزكية كالثمرة له والنتيجة. وهاهنا ذكر الترتيب بحسب الوجود والوقوع، ذلك أن أول شيء فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الدعوة إلى الإيمان واقتلاع الشرك من القلوب بما تلا عليهم من آيات الله ودلائل توحيده وإلى الاعتقاد باليوم الآخر بتركيز عقلي بديع، وكل من آمن به كان يقتدي بأفعاله ويتخلق بأخلاقه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن في بادئ الأمر أحكام ثم شرعت الأحكام في الأخير، فالتزكية حصلت لهم بالتأسي به بحيث صفت نفوسهم لله، وانطبعوا انطباعاً كاملاً بدينه، على أن التزكية التي حصلت لهم نوعان: تزكية روحية معنوية وهي التي تكلمنا عنها، وتزكية حسية وهي نماؤهم وكثرتهم وقوتهم بسبب كثرة أتباعهم عن حب ورغبة. وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ﴾ يعني اذكروني ذكراً صحيحاً من أعماق قلوبكم، اذكروني ذكر المربوب العارف، المقدر لربه، المعظم له، واذكروني ذكر المحب لحبيبه على ما حبوتكم به من النعم، واصطفيتكم لرسالتي من بين الأمم، وأنعمت عليكم بالدين السمح الميسر وجعلت رسولكم منكم، يعلمكم الكتاب والحكمة ويزكيكم، وأتممت عليكم نعمتي، باستقلال اتجاهكم عن اليهود، وتميزكم عمن سواكم، واجتبيتكم للجهاد الديني في سبيلي لاستلام القيادة العالمية ورفعة مجدكم بين الأمم. ﴿ فاذْكُرُونِي ﴾ بقلوبكم وألسنتكم والتوجه إليَّ بجميع جوارحكم، ولا تنسوا أنني أنا المتفضل عليهم بجميع ذلك، فإنه بصدقكم في ذكري ﴿ أَذْكُرْكُمْ ﴾ في الملأ الأعلى، وأديم نعمتي عليكم وأزيدها بالنصر والتمكين، لأن الذكر الصحيح رأس الشكر الموجب لزيادة النعم وتوفر السعادة وقوة السلطان. فاذكروني بألسنتكم، وتلذذوا بذكر أسمائي الحسنى، والتحدث بنعمي التي لا تحصى، والثناء عليَّ بها دوماً في السر والإعلان. ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله عز وجل: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه، إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً وإن تقرب إليَّ ذرعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة))[1]. وهذه أفضل تربية من الله لعباده، فكأنه يقول إنني أعاملكم بأفضل مما تعاملوني به، وهو الرب ونحن العبيد، وهو الغني عنا ونحن الفقراء إليه، إذا ذكرناه زادنا ذكراً وزادنا فضلاً ونعمة. ثم إنه سبحانه بعد أن علمهم ما يحفظ عليهم النعم أرشدهم إلى ما يزيدها بجوده وكرمه فقال: ﴿ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ﴾ يعني اشكروا هذه النعم العظيمة التي تفضلت عليكم بها والتي من أعظمها نعمة الرسالة والهداية التي إن تمسكتم بها حصلت لكم القيادة والسيادة العالمية وعظم شأنكم ومجدكم. اشكروني شكراً عمليّاً بحسن التصرف بهذه النعم العظيمة، وذلك باستعمال كل حاسة من أحاسيسكم، وكل جارحة من جوارحكم، بذكري وتنفيذ أوامري، وتوزيع هدايتي، وبذل النفس والنفيس في حمل رسالتي، فإن الشكر كما تقدم تفصيله أول التفسير يكون باللسان وبالقلب وبالجوارح جميعها والأحاسيس، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سـبأ: 13]. فمن تراخى في أوامر الله لم يكن عبداً شكوراً، ومن استهان بحرمات الله فأقدم على ما يريده من منهيات الله لم يكن عبداً شكوراً، ومن جبن من حمل الرسالة أو شحَّ بمال الله في توزيع الهداية لم يكن عبداً شكوراً، فالشكر يحصل فيه بقاء النعم الموجودة والمزيد منها، كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]. ولما كان الشكر ضده الكفر نهانا عن ضده، فقال: ﴿ وَلا تَكْفُرُونِ ﴾ والمراد بالكفر هنا ما يقابل الشكر، وهو كفر النعم وجحدها وعدم القيام بها، فالإصرار عليه كفر خطير، وفي هذا تحذير لهذه الأمة مما وقعت فيه الأمم السابقة إذ كفرت بنعم ربها، فحولت الدين عن قطبه الذي يدور عليه وهو الإخلاص وإسلام الوجه لله وحده والعمل الصالح المصلح للأفراد والجماعات، وعطلت ما أعطاه الله إياها من مواهب المشاعر والعقل والملك فلم تستعملها فيما خلقت له، وهكذا انحرفوا بكل عن أصله، فسلبهم الله ما كان وهبهم وما ورثوه من خيرات أسلافهم تأديباً لهم ولغيرهم، ثم رحمهم بأن أرسل إليهم خاتم النبيين بهداية عامة تعرفهم سبب تلك العقوبات، وتحذرهم من العودة إلى أسبابها. وقد امتثل المسلمون هذه الأوامر زمناً قصيراً فسعدوا، ثم تركوها بالتدريج، فحلت بهم عقوبات الله، كما قال سبحانه: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]. فإذا عادوا عاد الله عليهم بما كان أعطى سلفهم، وإن بقوا على ما هم عليه فلا يزدادون إلا شراً وشقاء وتعاسة بجميع معانيها. كما قال الشاعر: شرٌّ بشرٍ ومن يعمله يلق ومن يزرع من الشوك لا يحصد من العنب [1] أخرجه البخاري (7405) ومسلم (2675/1) والترمذي (3603) وابن ماجه (3822) وأحمد (2/252، 413، 480، 516) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. الأعداد السابقة / سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 120: 121 ) سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات [122: 124] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات [125] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآية [126] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآية [127] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 128: 129 ) سلسلة /تفسير سورة البقرة الآيات [ 130: 134 ] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات [135: 137] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 138 : 140 ) سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 141 : 142 ) سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآية ( 143 ) سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات [ 144: 147 ] سلسلة / تفسير سورة البقرة .. الآيات [ 148 : 149]
-
إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ... حياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام ، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة إخوانى وأخواتى الاعزاء اعضاء منتدانا الغالى [b] [b] [b] نعمة إنزال القرآن د/ فارس العزاوي [/b] [/b][/b] [b][/b] [b] الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحْبه ومَن اهتدى بهداه. أما بعدُ: فإنه مما لا شكَّ فيه أن إنزال القرآن يُعَدُّ مِنَّة عظمى على هذه الأمة؛ وذلك لصلاح أمر الناس كافَّة؛ رحمةً بهم ولهم؛ لتبليغهم مراد الله تعالى منهم؛ قال تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89]. فكان المقصد الأعلى من إنزال هذا الكتاب، هو صلاحَ الأحوال الفردية والجماعية، وصلاح العمران والبناء، فالصلاح الفردي يعتمد تهذيبَ النفس وتَزْكِيتها، ورأس الأمر فيه صلاح الاعتقاد؛ لأن الاعتقاد مصدر الآداب والتفكير، ثم صلاح الظاهر والباطن؛ صلاح الظاهر كالعبادات الظاهرة: الصلاة، والحج، وغيرهما، وصلاح الباطن: إنما بتطهير النفس من الأخلاق الرذيلة - كالحسد، والحقد، والبُغض والكِبر - والتخلُّق بالأخلاق الحميدة؛ أُسوةً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قالت عنه عائشة - رضي الله عنها - واصفةً خُلقَه - عليه الصلاة والسلام -: ((كان خلقُه القرآن))؛ مسند الإمام أحمد، رقم (24601). وصلاح الجماعة إنما يكون بصلاح الفرد؛ لأن إصلاح الكلِّ لا يكون إلا بصلاح أجزائه، ومن ثَمَّ صلاح البناء والعمران، وذلك بحفظ النظام الإسلامي، وضبْط تصرُّف الجماعات والأقاليم بعضها مع بعض، وهذا هو المقصد الأسمى، وقد اتَّفق أهل العلم على أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ولكن الاستفادة الحقَّة من هذا الكتاب، إنما تكون بدوام الصلة به - علمًا وعملاً، تلاوة وتدبُّرًا، فهمًا وتذكُّرًا - قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]. ومن سُبل ذلك: التدبُّر والفَهْم، وإنما يكون ذلك بالنظر في كتاب الله، والوقوف على مقاصده القريبة والبعيدة؛ وَفْقًا لمنهج التدبر والتفكُّر والتفقُّه، والتفهُّم والتذكُّر، وباعتبار سياقاته المختلفة: السياق النصِّيّ، والسياق الموضوعي، والسياق التنزيلي. أما السياق النصي، فيكون بأخْذ النص القرآني في إطار محيطه وبيئته اللفظية - سواء القريبة منها والبعيدة - في ظل قاعدة: السياق والسباق مُحكم، أو بعبارة أخرى قاعدة: السياق والسباق واللحاق، وأما السياق الموضوعي، فيكون في إطار اعتبار الموضوع القرآني في سوره المختلفة، كما اصطَلحوا عليه أخيرًا بالتفسير الموضوعي، وأما السياق التنزيلي، فيكون في إطار اعتبار أسباب النزول - إن صحَّ سندُها ومتنُها - وهذا الاعتبار إنما يكون مُعينًا في فَهم الآية، وليس حاكمًا عليها؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، مع الأخْذ بنظر الاعتبار أن صورة سبب النزول قطعية الدخول في مقتضى اللفظ، ومن المهم أن نؤكِّد في هذا السياق أن فَهْم القرآن وتدبُّره، لا يتحقَّق إلا باعتبار بيانه النبوي، فمن شأن السُّنة النبوية: بيانُ مُجمل القرآن، وتوضيح مُشكِله، وتفصيل أحكامه، كما أنه لا يُستغنَى عن كتب التفسير ومعاجم اللغة، وكتب الأصول في إتمام المنظومة المفاهيميَّة لأخْذ القرآن. هذا المسلك المنهجي كان مستحضرًا عند السلف؛ فقد أخرج غير واحد من أهل العلم كيفيَّة هدْي السلف في التعامل مع القرآن الكريم، ومن ذلك ما أخرجه البيهقي في "شُعب الإيمان" من حديث أبي عبدالرحمن السُّلَمي عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - رقم (1801)، قال: "كنَّا إذا تعلَّمنا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات من القرآن، لم نتعلَّم من العشر التي أُنزِلت بعدها، حتى نتعلَّم ما فيه"، قيل لشُريك: مِن العلم؟ قال: نعم، وفي الرواية التي بعدها: كنا نتعلَّم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات، لا نتعلَّم العشر التي بعدهنَّ، حتى نَعلمَ ما أُنزِل في العشر من العلم، وأخرجه أحمد في المسند من لفظ أبي عبدالرحمن السُّلَمي رقم (23482)، قال: حدَّثنا من كان يُقرئنا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يَقترئون من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى، حتى يَعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلِمنا العلم والعمل،حأحأحك وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" رقْم (1251) بلفظ: كنَّا نَعلم عشر آيات، فما نتجاوزهنَّ حتى نعلم ما فيهنَّ من عملٍ. فما دلَّت عليه هذه الآثار يُعَد هو الهدفَ والغاية التي تترتَّب عليه الهداية الإلهية في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 123- 126]. وقد جاء هذا الوعد والوعيد والترغيب والترهيب أيضًا في سياق البيان النبوي؛ إذ قال - عليه الصلاة والسلام - كما أخرج ذلك مسلم في صحيحه: ((والقرآن حُجة لك أو عليك)). ويا لله! ما أشدَّ فقهَ السلف وفَهْمَهم حين أدرَك بعضهم الخَلل المنهجي الذي أصاب بعض مَن عاصره الأصحاب - رضي الله عنهم - فقد أخرج الحاكم في مستدركه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - رقم (101)، يقول: لقد عِشنا بُرهة من دهرنا، وإن أحدنا يُؤتى الإيمان قبل القرآن، وتَنزِل السورة على محمد -صلى الله عليه وسلم- فيتعلَّم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يُوقَف عنده كما تعلمون أنتم القرآن، ثم قال: لقد رأيتُ رجالاً يُؤتى أحدهم القرآن، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما أمرُه ولا زَاجرُه، ولا ما ينبغي أن يُوقَف عنده منه، يَنثُره نَثْرَ الدَّقَل. فالقِيمة التي يَحملها القرآن لا تقف عند إقامة اللفظ دون الغوص في معانيه، وتدبُّر آياته والعمل بمقتضياته، بل لا بد أن يكون المسلم المعاصر مُتَّبعًا للمنهجية المعرفية القرآنية التي تَعلَّمها الأصحاب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحمَلوها إلى العالمين، فكان القرآن رائدَهم ومرجعهم الذي لا يَحيدون عنه، ولا يهجرون آياته، تلاوة وتعلُّمًا وتدبُّرًا وعملاً، فنسأل الله - عز وجل - أن يَجعلنا من أهل القرآن وحمَلته، ويَجعله حُجة لنا لا علينا، وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصَحْبه وسلم. [/b]
-
-
+ ---- - بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لطائف قرآنية قل قتال فيه كبير من الآيات القرآنية التي تتناول بعض أحكام القتال نقرأ قوله - تعالى -: (يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه قل قتالٌ فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل) (البقرة: 217)، وهذه الآية تضمنت عدداً من اللطائف الجديرة بالتأمل والتفكر. يذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن جحش الأسدي - رضي الله عنه - على سرية في شهر جمادى الآخرة من السنة الثانية للهجرة؛ ليترصد قافلة لقريش، فيها عمرو بن عبد الله الحضرمي وآخرون معه، فانطلقت السرية لشأنها، وقتلت الحضرمي، وأسرت اثنين ممن كانوا معه، وصادف ذلك أول يوم من شهر رجب، وهو أحد الأشهر الحرم، فقالت قريش: قد استحل محمد الشهر الحرام -، ولم يكن من عادة العرب القتال في الأشهر الحُرم - فعظُم ذلك على المسلمين، خاصة الذين كانوا في هذه السرية، فنزلت الآية. إذا عرفنا السبب الذي نزلت الآية لأجله، نتبع ذلك ببعض اللطائف التي تتضمنها هذه الآية الكريمة: اللطيفة الأولى: في تقديم قوله - تعالى -: (الشهر الحرام)، على قوله - سبحانه -: (قتال فيه)، ففي هذا التقديم فائدة، وهي بيان أن المسؤول عنه إنما هو (الشهر الحرام)، وليس (القتال)، وتقدير الكلام: (يسألونك عن الشهر الحرام، يسألونك عن قتال فيه)، فالمسؤول عنه في الآية (الشهر الحرام)، وليس (القتال)، ولو قال: (يسألونك عن قتال في الشهر الحرام) لكان المسؤول عنه القتال فحسب دون ما يُنتهك به الشهر الحرام. وقد دل سبب نزول هذه الآية أن السؤال لم يقع إلا بعد وقوع القتال في الشهر الحرام، وتشنيع الكفرة انتهاك حرمة الشهر، فاهتمامهم بالسؤال إنما وقع من أجل حرمة الشهر؛ فلذلك قُدِّم في الذكر، فتقديم (الشهر الحرام)؛ لعموم حرمة القتال فيه، وشمولها لكل مخالفة من قتل أوغيره، ثم أبدل منه (قتال فيه)؛ لكونه سبب السؤال، فجمع بين الأمرين. قال ابن عاشور: "وإنما اختير طريق الإبدال هنا، وكان مقتضى الظاهر أن يقال: يسألونك عن القتال في الشهر الحرام؛ لأجل الاهتمام بالشهر الحرام؛ تنبيهاً على أن السؤال لأجل الشهر أيقع فيه قتال؟ لا لأَجل القتال هل يقع في الشهر...لكن التقديم لقضاء حق الاهتمام". اللطيفة الثانية:في تنكير قوله - تعالى -: (قتال فيه)؛ وذلك ليدل على أن المراد القتال، ولو كان قليلاً، كما حصل في سبب نزول هذه الآية، حيث لم يُقتل إلا كافر واحد، ولو قال: (القتال) بالتعريف لظُن أن المقصود القتال العظيم، باعتبار (أل) دالة على الكمال، أو أنه القتال المسؤول عنه، وهو ما كان سبباً في نزول الآية، باعتبار (أل) للعهد، لكن تنكيره دل على أن المقصود أي قتال مهما كان شأنه وحجمه. ولعدم دلالة النكرة على الكثرة، ونظراً إلى احتياجه إلى الدلالة عليها في الجواب، وصفه بما يدل عليه، فقال: (قل قتال فيه كبير). اللطيفة الثالثة: الفائدة في تكرار كلمة قتال، مع إمكان أن يقال: (قل: هو كبير)؛ وذلك أن التصريح به دون الإضمار، وصول إلى الدلالة على عموم الحكم لكل قتال، ولو جاء مضمراً لاختص الحكم بتلك الحادثة التي وقعت في سرية عبد الله بن جحش. قال الرازي في هذا الخصوص: "اللفظ إذا تكرر وكانا نكرتين كان المراد بالثاني غير الأول. والقوم أرادوا بقولهم: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه)، ذلك القتال المعين الذي أقدم عليه عبد الله بن جحش، فقال - تعالى -: (قل قتال فيه كبير). وفيه تنبيه على أن القتال الذي يكون كبيراً ليس هو هذا القتال الذي سألتم عنه، بل هو قتال آخر؛ لأن هذا القتال كان الغرض منه نصرة الإسلام وإذلال الكفر، فكيف يكون هذا من الكبائر؟ إنما القتال الكبير هو الذي يكون الغرض منه هدم الإسلام، وتقوية الكفر، فكان اختيار التنكير في اللفظين لأجل هذه الدقيقة، إلا أنه - تعالى -ما صرح بهذا الكلام؛ لئلا تضيق قلوبهم، بل أبهم الكلام بحيث يكون ظاهره كالموهم لما أرادوه، وباطنه يكون موافقاً للحق، وهذا إنما حصل بأن ذكر هذين اللفظين على سبيل التنكير، ولو أنه وقع التعبير عنهما أو عن أحدهما بلفظ التعريف لبطلت هذه الفائدة الجليلة". هذه بعض اللطائف التي تضمنتها هذه الآية الكريمة، وهي بالطبع لطائف تستحق التأمل والتدبر - كشأن القرآن كله -، وتدل على عظمة هذا القرآن، وأنه تنزيل العزيز الرحيم (يس:5).
-
ممكن
قام رودى رودى بالرد على موضوع لـ رودى رودى في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's أرشيف أقسام الطلبات
-
-
( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ) الكهف/18 ، " تأمل قوله تعالى: ( نقلبهم ) ففيه دليل على أن فعل النائم لا ينسب إليه ، فلو طلق ، أو قال : في ذمتي لفلان كذا ، لم يثبت ، لأنه لا قصد له . وفي تقليبهم ، وعدم إستقرارهم على جنب واحد فائدة بدنية ، وهي توازن الدم في الجسد " . [ ابن عثيمين ************ من تدبر القرآن تبين له أن أعظم نعم الرب على العبد تعليمه القرآن والتوحيد ، تأمل : ( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) فبدأ بها قبل نعمة الخلق، وفي " النحل " – التي هي سورة النعم - : ( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ ) فهذه الآية أول نعمة عددها الله على عباده ، لذا قال ابن عيينة : ما أنعم الله على العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله . [ د . محمد القحطاني ] الى الملتقى بحول الله نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا
-
+ ---- - الحمد لله الذي يفتتح بحمده كل رسالة ومقالة، والصلاة على محمد المصطفى، صاحب النبوة والرسالة، وعلى آله وأصحابه الهادين من الضلالة, أما بعد: فأهمية القرآن في حياة المسلم 1- القرآن هدى للناس: قال تعالى: ?شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ? (البقرة: من الآية 185)، الله سبحانه وتعالى يبين فضل وأهمية القرآن الكريم، فهو كتاب الأمة الخالد، الذي أخرجها من الظلمات إلى النور، فأنشأها هذه النشأة، وبدَّلها من خوفها أمنًا، ومكّن لها في الأرض، ووهبها مقوماتها التي صارت بها أمةً ولم تكن من قبل شيئًا. هذا مدحٌ للقرآن الذي أنزله الله هدًى لقلوب العباد ممن آمن به وصدّقه واتبعه، كما أنه بينات أي: دلائل وحجج بينة واضحة جلية لمَن فهمها وتدبرها، ودالة على ما جاء به من الهدى المنافي للضلال، والرشد المخالف للغي، ومفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام، والله عزَّ وجلَّ بهذا التعبير الشامل ?هُدًى لِلنَّاسِ? جعل هذا الكتاب هدى لكلِّ الناس مهما اختلفت مآربهم ومشاربهم، يجد كل واحد منهم بغيته فيه، فهو كتاب الله لكلِّ البشر والله أعلم بما يصلح خلقه، فإذا خصَّ الله تبارك وتعالى الهداية بهذا القرآن للمتقين الذين آمنوا به وعاشوا معه وتدبروا معانيه في قوله تعالى في أول سورة البقرة: ?الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (5)? فإن الله عزَّ وجلَّ جعل في هذه الآية ?شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ? (البقرة: من الآية185). الهداية عامة لكل الناس?هُدًى لِلنَّاسِ? المسلم وغير المسلم، المسلم الطائع والعاصي ما دام أنهم نظروا إليه بعقولهم وأفئدتهم، وتنحوا عن أهوائهم وشهواتهم، فالقرآن الكريم في المقام الأول كتاب هداية لكل البشر. 2- القرآن يهدي للتي هي أقوم: قال تعالى: ?إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)? (الإسراء). يمدح الله تبارك وتعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه يهدي لأقوم الطرق وأوضح المسالك، ويبشر المؤمنين به الذين يعملون الصالحات على مقتضاه أن لهم أجرًا كبيرًا يوم القيامة، وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة يبشرهم بأن لهم عذابًا أليمًا، كما قال تعالى: ?فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ? (الجاثية: من الآية 8)، وكما يقول صاحب الظلال: هذه الهداية على وجه الإطلاق فيمن يهديهم وفيما يهديهم، فيشمل الهدى أقوامًا وأجيالاً بلا حدود من زمان أو مكان، ويشمل ما يهديهم إليه كل منهج وكل طريق، وكل خير يهتدي إليه البشر في كلِّ زمان ومكان، يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض، والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة، وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء، وتربط بين نواميس الكون الطبيعية ونواميس الفطرة البشرية في تناسق واتساق، ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله، فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم، متطلعةً إلى أعلى وهي مستقرة على الأرض، وإذا العمل عبادة متى توجَّه الإنسان به إلى الله، ولو كان هذا العمل متاعًا واستمتاعًا بالحياة، ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة بين التكاليف والطاقة، فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء، ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار، ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال، ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض أفرادًا وأزواجًا، وحكومات وشعوبًا، ودولاً وأجناسًا، ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى، ولا تميل مع المودة والشنآن، ولا تصرفها المصالح والأغراض. فهذه هي الأُسس التي أقامها العليم الخبير لخلقه، وهو أعلم بمن خلق وأعرف بما يصلح لهم في كلِّ أرض وفي كلِّ جيل، فيهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم ونظام المال ونظام الاجتماع ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان، ويهدي للتي هي أقوم في تبني الديانات السماوية جميعها، والربط بينها كلها، وتعظيم مقدساتها وصيانة حرماتها، فإذا البشرية كلها في سلام ووئام، إنهما طريقتان مختلفتان شتان شتان هدي القرآن وهدي الإنسان. المصدر: اخوان اون لاين
-
اللهم أعز الاسلام والمسلمين
قام رودى رودى بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
والكاظِمِين الغيظ والعافِين عنِ النّاسِ
قام رودى رودى بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع