-
مجموع الأنشطة
123 -
تاريخ الانضمام
-
آخر نشاط
نوع المحتوي
الاقسام
المدونات
Store
التقويم
التحميلات
مكتبة الصور
المقالات
الأندية
دليل المواقع
الإعلانات
كل منشورات العضو ميزو
-
السعال الليلي زائر ثقيل له أسبابه يشتكي عدد غير قليل من المرضى، من سعال مزمن، يشتد أثناء ساعات الليل ، خاصة لدى الخلود إلى النوم ، يضطرهم إلى الاستيقاظ مرات عدة . بنوبات سعال متكررة، تعكرعليهم صفو تمتعهم بنوم هادىء ومستقر. وتزداد المعاناة من السعال خلال النوم ، نظرا لعدة عوامل حيوية وهرمونية وسلوكية يتميز بها النوم أثناء ساعات الليل . وترجع أسباب تلك المشكلة إلى عدة عوامل أهمها: - الارتجاع المعدي المريئي (Gastro-Esophageal Reflux Disease) أو ما يسمى اختصارا ب 'جيرد'، وتصل نسبة الإصابة به قريبا من 75 % من الناس بدرجات متفاوته ، إذ يزداد إفراز حامض المعدة ، ويرتخي صمام المريء السفلي بدرجة أكبر أثناء ساعات النوم ، مما يؤدي إلى اشتداد أعراض الارتجاع المعدي المريئي ، بوصفه أحد الأسباب الرئيسة للسعال خلال الليل . ويمكن للشخص المصاب بالارتجاع أن يستيقظ في بعض الأحيان بحرقة في الصدر، والشعور بطعم مر في الحلق ، ونوبات سعال أو حتى اختناق ، تبعا لتهيج الشعب الهوائية بطريقة غيرمباشرة ، تأثرا بوصول حمض المعدة إلى المريء وتجويف الحلق الربو الشُّعبي (Bronchial Asthma): وتُعد نوبات السعال الجاف أثناء الليل أحد أهم الأعراض المصاحبة للربو الليلي ، ويشير حدوثها إلى سوء التحكم في أعراض هذا المرض بصفة عامة . تقريبا 70% من المصابين بالربو الشُّعَبي ، يتعرضون إلى نوبات سعال وضيق تنفس وصفير صدر ليلية ، تؤدي في كثير من الأحيان إلى التململ أثناء النوم ، وتضطرهم إلى استعمال المستنشقات الهوائية خلال ساعات الليل، مما يعرضهم إلى رداءة النوم ، إضافة إلى الإرهاق والنعاس أثناء النهار. - حساسية وإفرازات الأنف (Post-Nasal Discharge) : أما بعض الذين يعانون من فرط حساسية الأنف والجيوب الأنفية ، فيشتكون من بحة الصوت والتنحنح المتكرر ، لاضطرارهم إلى تنظيف الحلق ومجرى الأنف الخلفي ، من الإفرازات المتراكمة نتيجة الالتهاب والاحتقان المُزمنين . ومع مرورالوقت تتهيج الأغشية المخاطية والحبال الصوتية وحتى الشعب الهوائية ، فيتعرضون للسعال الجاف خاصة خلال النوم ، بسبب سهولة وصول الإفرازات الـمُخاطية إلى تجويف الحلق أثناء وضع الاستلقاء. - إلتهاب الشعب الهوائية (COPD) ومن أنواعه الحاد الناتج عن عدوى فيروسية أو بكتيرية يتعرض لها الجهاز التنفسي، والمزمن الناتج عن التدخين المزمن ، ومايسببه من أعراض مرض التهاب الشعب الهوائية الساد المزمن ، كالسعال المزعج المصحوب ببلغم أثناء الليل ، تبعا لتهيج مجاري الهواء وتجمع الإفرازات الكثيفة بـها أثناء ساعات النوم. - إنقطاع التنفس أثناء النوم (Obstructive Sleep Apnea) ولايفوتني أن أذكر أحد أخطر الأسباب التي تؤدي إلى السعال أثناء النوم ، فضلا عن نوبات الاختناق وهو انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم ، لدى كثير من المصابين بالبدانة ، أو ارتخاء سقف الحلق ، وارتفاع ضغط الدم ، إضافة إلى أعراض الشخير ورداءة النوم ، وفرط النعاس خلال النهار. العلاج ومن أجل الوصول إلى علاج ناجع للسعال الليلي ، يُنصح الطبيب المختص إجراء فحص طبي ومعملي شامل بعد أخذ التاريخ المرَضي بدقة ، والاهتمام بجميع الأسباب والعوامل المتضافرة ، ومنها الآثار الجانبية لبعض العلاجات كأنواع معينة من أدوية ارتفاع ضغط الدم ( ACEI ) إضافة إلى تجربة واحد أو أكثر من الوسائل الوقائية ، ومجموعة العلاجات المختلفة ، تبعا للمسببات الظاهرة والمحتملة، عوضا عن وصف أدوية عرض السعال فحسب ، حتى لا تطول معاناة المريض ، من هذا الزائر الثقيل أثناء ساعات الراحة بالليل.
-
اهمية معدن المغنيسيوم للعظام والأسنان كما له دور مهم في الوقاية من الاضطرابات العصبية والنفسية.. يتواجد في المكسرات أ.د. جابر بن سالم القحطاني المغنسيوم هو معدن يعمل كمحفز حيوي في النشاط الأنزيمي وبالأخص نشاط الأنزيمات التي تدخل في عملية إنتاج الطاقة ، وهو يساعد على الاستفادة من الكالسيوم والبوتاسيوم . يحتوي جسم الإنسان على ما بين 20 إلى 28 جراماً من المغنسيوم نصفها موجود في العظام والنصف الآخر يحفز المئات من الأنزيمات في جميع أنحاء الجسم وتعد هذه الكمية حيوية لوظائف الأعضاء . أهمية معدن المغنسيوم للعظام والأسنان : يعد المغنسيوم مثل الكالسيوم والفوسفور ضرورياً لقوة وصحة العظام والأسنان، حيث يلعب هذا المعدن دوراً هاماً في نمو العظام ويساعد على الوقاية من تسوس الأسنان بتثبيته للكالسيوم في الغلاف الخارجي لها. وبالتالي تفهم أن الإقلال من تناول المغنسيوم يساهم في حدوث اعتلالات مثل هشاشة العظام. البقدونس غني بالمغنسيوم كما يلعب المغنسيوم دوراً مهماً في عمل العضلات حيث إن إحدى أهم وظائف الماغنسيوم مساعدة العضلات على الارتخاء . فعندما يتحرك الكالسيوم إلى داخل خلايا النسيج العضلي تنقبض العضلة، وعندما يتحرك الكالسيوم خارجاً ويحل محله الماغنسيوم ترتخي العضلة. وهذه الوظيفة بلا شك ترتبط بأعراض نقص الماغنسيوم مثل تقلص العضلات والارتعاش والتشنجات. يستخدم كثير من الخبراء المتخصصين الآن ماليات الماغنسيوم بنجاح وهي تركيبة من الماغنسيوم وحمض الماليك في علاج الفيبروميالجيا (Fibromyalgia ) وهو مرض يتميز بوجود كثير من العقد المؤلمة في العضلات، وكما يستخدم أيضاً في علاج الإجهاد المزمن الذي يشمل وجع العضلات والألم . له دور في أمراض الجهاز الدوري وأمراض القلب كما أن لمعدن المغنسيوم دورا مهما في الوقاية من الاضطرابات العصبية حيث يرتبط انخفاض الماغنسيوم بالمشاكل النفسية. ففي دراسة أجريت على 165 صبياً وجد أن من يعانون من أمراض الاكتئاب أو الفصام أو اضطرابات النوم لديهم مستويات أقل من الماغنسيوم عن أولئك الذي لا يعانون من هذه الأعراض . وفي دراسة أخرى وجد أن مستوى مستويات الماغنسيوم لدى الأطفال الانطوائيين ربما تتحسن حالتهم عندما يتم إعطاؤهم جرعات عالية من الماغنسيوم مع فيتامين ب 6 . معدن المغنسيوم ضروري لقوة وصحة العظام إن نقص الماغنسيوم لدى البالغين يكون مصحوباً بفقدان الإحساس في الأطراف . وإذا كان النقص شديداً فإن المريض يصاب بالارتعاش والتشنجات والتقلصات العضلية والتشويش والهذيان وتغيرات سلوكية مضطربة. وفي إحدى الدراسات وجد أن المرضى النفسيين الذين حاولوا الانتحار لديهم مستويات منخفضة من الماغنسيوم عن المرضى النفسيين الذين لم يحاولون الانتحار، أو عن الأشخاص العاديين . كما يلعب معدن المغنسيوم مع معادن أخرى دوراً في أمراض الجهاز الدوري وأمراض القلب حيث يؤثر كل من الماغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم في مستوى توتر عضلات الأوعية الدموية مما يفسر كيف أن مكملات الماغنسيوم تساعد على التحكم في أمراض الجهاز الدوري. وعلى سبيل المثال: أثبتت البحوث أن مكملات الماغنسيوم لها فاعليتها في خفض بعض أنواع ارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من الماغنسيوم. بالإضافة لذلك فلقد أثبتت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من آلام الذبحة الصدرية والتي تحدث نتيجة انقباض في الشريان المغذي للقلب يستفيدون من مكملات الماغنسيوم. كذلك الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم غالباً ما يصابون بانقباض في شرايين الشبكية مما يؤثر على إبصارهم. ولقد أثبتت الدراسات أن هؤلاء الأشخاص غالباً ما يكون لديهم نقص في مستوى الماغنسيوم ويتراجع المرض لديهم ويظهرون تحسناً بعد إعطائهم الماغنسيوم. والداء السكري مرض آخر يؤدي إلى تلف شرايين الشبكية وربما يؤدي إلى مشاكل شديدة في الإبصار وربما يسبب العمى ، ومرة أخرى نقول إن هناك دلائل على انخفاض مستوى الماغنسيوم ربما كان عاملاً مساعداً في حدوث وظهور هذه المشاكل . كما أن للماغنسيوم وظائف عديدة غير تلك التي ناقشناها ، فعلى سبيل المثال : يلعب الماغنسيوم دوراً هاماً في الحفاظ على وظائف الأعصاب ، كذلك فهو يساعد على ثبات الإنزيمات التي تنتج الطاقة بالخلية، وبهذا يكون متداخلاً في عملية تنظيم الطاقة والتمثيل الغذائي لها، كما أن له دوراً مهماً في إنتاج الأنسولين. وأخيراً فإن للماغنسيوم دوراً مهماً في منع بعض المشاكل المرتبطة بالحمل مثل الوقاية من الولادة المبكرة أو تأخر النمو داخل الرحم . * ما هي المصادر الغذائية التي يوجد فيها معدن المغنسيوم ؟ يوجد المغنسيوم في كثير من الأغذية والأطعمة التي تشمل اللبن، ومنتجات الألبان، واللحم، والمأكولات البحرية والعسل واللوز، وعسل قصب السكر، وفول الصويا، وبذور القمح والشوفان والذره الصفراء والأرز، والكاكاو، وبذور دوار الشمس، وبذور اليقطين والمكسرات المختلفة وزيت الفول السوداني والجاودار والفشار والتفاح والمشمش والأفوكاتو والموز وخميرة البيره، والثوم، والتين، والشمام، وليمون الجنة (جريب فروت) وسمك السالمون، والشطة، والبابونج، والليمون، والبرسيم الحجازي، والشمر، والحلبة، وعرقسوس، والبقدونس والنعناع، والمرمية. ومحتوى المغنسيوم في الطعام يختلف بحسب محتواه في التربة التي ينبت فيها الغذاء ، بالإضافة إلى ذلك فإن كثيراً من المغنسيوم يفقد أثناء عملية طهي الطعام أو تصنيعه فعلى سبيل المثال فإن عملية طحن حبوب القمح يفقدها حوالي 59% من محتواها من المغنسيوم، وكذلك طهو الطعام في الماء يجعل المعدن يتسرب منه. مثبطات امتصاص معدن المغنسيوم : إن وجود كميات كبيرة من معدن الكالسيوم يخفف من قدرة الجسم على امتصاص المغنسيوم ويتحد هذا المعدن مع مواد تدعى الأكسلات التي توجد بكثرة في الراوند والسبانخ ونخالة القمح. كما أن تناول الأدوية المدرة للبول مدة طويلة يخفض مستويات المغنسيوم في الجسم، كما أن الدهون وزيت كبد السمك وفيتامين ( د ) والفيتامينات الذائبة في الدهون تعطل امتصاص المغنسيوم . أعراض نقص المغنسيوم والكميات القياسية اليومية : بما أن الماغنسيوم يوجد في معظم الأغذية فإن النقص الشديد لا يحدث إلا لدى هؤلاء الذين يتناولون طعاماً غير متوازن مثل مدمني الكحول ومرضى الداء السكري، ومع ذلك فهناك مجموعات كثيرة معرضة لخطر نقص الماغنسيوم. فلقد وجد أن حوالي 60% من مواطني الولايات المتحدة معرضون لنقص الماغنسيوم . وعلى سبيل المثال : الأشخاص الذين يستخدمون عدة أدوية مثل المضادات الحيوية ومدرات البول قد يفقدون ما لديهم من ماغنسيوم. ولقد وجد أن حبوب منع الحمل أيضاً تخفض من مستوى الماغنسيوم في الدم . إن انخفاض الماغنسيوم يؤدي إلى تجلط الدم وهذا يساعد على توضيح سبب ارتفاع نسبة الجلطات لدى السيدات اللاتي يتناولن الحبوب. هذا بالإضافة إلى أن مستوى الماغنسيوم يكون منخفضاً جداً لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض سوء الامتصاص أو اعتلالات الجهاز الهضمي مثل مرض كرون. ولقد بدأنا ندرك أن المصابين بالشراهة معرضون أيضاً لنقص الماغنسيوم بسبب الإسهال المستمر أو القيء، وكذلك تعد الضغوط العصبية سبباً في نفاد الماغنسيوم مما يجعل الأفراد أصحاب الشخصيات العصبية أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز الدوري . وقد رجحت إحدى الدراسات أيضاً أن الضغط العصبي مسؤول جزئياً عن انخفاض مستوى الماغنسيوم لدى السيدات اللاتي يعانين من متلازمة ما قبل الطمث . إن الكمية القياسية اليومية للماغنسيوم هي 400 مجم للرجال والسيدات ، و450 مجم للسيدات الحوامل والمرضعات . المكملات الغذائية من معدن المغنسيوم : تتحدد قوة وفاعلية مكملات الماغنسيوم بناءً على كمية عنصر الماغنسيوم بها. وينصح العلماء بتناول الماغنسيوم في صورة كربونات الماغنسيوم، أو أكسيد الماغنسيوم حيث إن هذين المركبين أقوى فاعلية. يحتوي أكسيد الماغنسيوم على أعلى نسبة ماغنسيوم وهي 60% بينما تحتوي كربونات الماغنسيوم على 40% ماغنسيوم. أما الأشكال الأخرى للماغنسيوم والتي يوجد فيها متحداً مع الأحماض الأمينية أو سترات الماغنسيوم أو ماليات الماغنسيوم أو إسبارتات الماغنسيوم فهي تتوفر أيضاً بالأسواق، ويفضل ممارسون كثيرون استخدام هذه الأشكال أو التركيبات في برامج علاجية محددة. فعلى الرغم من أنها تحتوي على ماغنسيوم أقل من الموجود في أكسيد الماغنسيوم وكربونات الماغنسيوم عند مقارنة محتوى الأقراص والكبسولات إلا أنها تحتوي على مركبات لها تأثيرها المفيد. فالسترات على سبيل المثال تعتبر هامة في عملية إنتاج الطاقة بالإضافة إلى أن محتواها من الماغنسيوم يكون نشطاً وحيوياً أكثر من الموجود في المركبات الأخرى . يعمل الماغنسيوم مع العناصر الغذائية الأخرى مثل الكالسيوم وفيتامين "د" وكما ذكرنا فإن مكملات الكالسيوم والماغنسيوم يجب أن يتم تناولهما معاً. وتتفق الآراء على أن نسبة الكالسيوم إلى الماغنسيوم يجب أن تكون حوالي من 2-1 ، والتي غالباً ما ينصح بها . وهناك تركيبات تحتوي على الكالسيوم والماغنسيوم بهذه النسبة . ولقد نجح بعض الباحثين في استخدام نسبة قريبة من نسبة 1:1 ومع ذلك فإن الدراسات التي تؤيد هذه النسبة لا زالت غير موجودة حتى هذا الوقت، و كذلك يضع بعض الباحثين حلاً وسطاً بتناول الكالسيوم والمغنسيوم 1,5 . إن الكمية المناسبة اليومية التي ينصح بها العلماء للحالات التالية هي : 500-1000 مجم للذبحة الصدرية ، 6-12 قرص ماليات المغنسيوم لألم العضلات والإجهاد المزمن ، 500-750 مجم لارتفاع ضغط الدم ، 500-750 مجم للنساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل ، 500-1000 مجم لهشاشة العظام . هل هناك سُمية أو أضرار جانبية لمعدن المغنسيوم ؟ يندر حدوث سمية الماغنسيوم إلا مع حالات الأفراد الذين يعانون من فشل كلوي . أما الأشخاص الأصحاء فإن الكميات الكبيرة من أملاح الماغنسيوم 3000-5000 مجم يومياً لها تأثير ملين، وتستعمل المنتجات التي تحتوي على ماغنسيوم كملينات تباع بدون استشارة الطبيب . وهذه المركبات تشمل الملح الانجليزي ( سلفات الماغنسيوم ) ولبن الماغنسيوم ( هيدروكسيد الماغنسيوم ) وسترات الماغنسيوم ، وهي تعمل على سحب السوائل إلى الأمعاء وبالتالي تؤدي إلى انقباضها ، ومع هذا لم يتم ملاحظة أعراض تسمم على أشخاص تم علاجهم بجرعة تصل إلى 9000 مجم من الماغنسيوم . * هل هناك مثبطات تعيق امتصاص المغنسيوم ؟ إن وجود كميات كبيرة من معدن الكالسيوم يخفف من قدرة الجسم على امتصاص المغنسيوم ويتحد هذا المعدن مع مواد تدعى الأكسلات التي توجد بكثرة في الراوند والسبانخ ونخالة القمح. كما أن تناول الأدوية المدرة للبول مدة طويلة يخفض مستويات المغنسيوم في الجسم ، كما أن الدهون وزيت كبد السمك وفيتامين (د) والفيتامينات الذائبة في الدهون تعطل امتصاص المغنسيوم . المصادر: 1 أ.د. جابر بن سالم القحطاني: صحتك في الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية الأساسية : العبيكان ، 2010 م . 2 د. شاري ليبرمان ونانسي برانينج: دليلك إلى ما تحتاج من فيتامينات ومعادن : جرير ، 2002م ودمتم سالمين إن شاء الله
-
~ مآء آلزهر وآلصُدآآع . ~ ؟؟ . ألصُدآع . وأسبآبه . 1- قد يكون نآتِج عن تَلقّى صفعه مِن برد وهذه آلحآله تحدُث عِندما يكُوُن فيهِ ألمرءُ فى طقس حآر أو سآخِنُ ثُم فجئه يتعرّض لتغَيّر ذآلك الطقس ليُصبح بآرداً مما يُسبب فى أنخفآض درجه حراره الجسم بسرعه فا التغَيُر السريع يجعل من اعضاء الجسم فى ألاربآك وخصوصاً ألرأس . وذالِك بأن جهآز المنآعه يحتآج وقت قليل للارتفآع والتصدّى لمقآومه هذا البرد فيكون تأثير (( ألبرد مُبآشِر ويكون سبب رئيسى فى حُدوث ألصدآع )) 2- قد يكون ألنآتج عُسر ألهضم فى المعده فالاخلاط فى المعده وعُسر الهظم من المُسببآت أيضاً . وذألِك بأن الاكل بكميه أكبر وأمتلاء المعده من اعظم أسبآب عُسر آلهضم . حيث أن العُصآره الهضميه تكون قليله بما يكفى لهضم هذه الكِميه فتعجز المعده عن الهضم . كما يتطلب جُهدا كبيرا من خلايا آلكبد لهضمها وآمتصاصها . فيكون سبب الصُدآع هوا اتجآه ألدم للمعده والاجهزه الهضميه المُضطَرِبه . للمساعده ومنحها القُوه الازمه كا أغأثه نضاميه فيتأثر ألرأس بفقد هذه الكميه ويكون سبب فى الصدآع . ولاءن التدفّق بالاتجآه للاجهزه الهضميه فيكون نصيب ألرأس هذه النبضآت القويه مع مايُعآنيه من قلّة كِمية الدم . فيكون على شكل صُدآع . ؟ . لمآء آلزهر دور فعّآل فى تخفيف هذه التوثرآت الصُدآعِيه ويعمل كا مُسكِن لطيف وذو فعآليه كبيره فى التخفيف من حِدّتِهِ . وهى هذه تُعد من ضمن وصفآت وعلاآجآت الطب البديل . مما جربته شخصياً . هوا عند الصُدآع الحآد . تأخد كوباً من مآء ألزهر ثم تضع معه قليلا من عصير اليمون . يُخلط جيداً ويُغسل بِه ألراس أو يُبلل بحيث يصل ماء الزهر لفروة الرأس ثُم يُغطى الرأس . ونأخد فى الاسترخآء لربع سآعه فما فوق . يتم توقف الصُدآع أنشاء الله .... المكونآت . كوب مآء زهر . + رُبع كوب او اقل ليمون ... دمتم بالف صحه وعافيه ~ مآء آلزهر وآلصُدآآع . ~ ؟؟
-
العادات السيئة التي تسبب تساقط الرموش تعاني الكثير من النساء من تساقط الرموش، بينما تتمنى أخريات لو تعود لهن (رموش الطفولة) التي ولدن بها. وللحفاظ على الرموش التي تملكها، على المرأة أو الرجل، التخلي عن العديد من العادات السيئة التي تؤدي لتساقطها أولاً، ثم العمل على زيادة كميتها ثانياً. وبالإضافة للشكل الجمالي الذي تضفيه والدور الذي تلعبه في المغازلات العاطفية، تعتبر الرموش ذات أهمية بالغة في حماية العينين. إذ تتمتع الرموش بوظيفة وقائية، "حيث إنها تبعد الأجسام الغريبة عن العين" كما تقول طبيبة العيون في مدينة نيويورك سوزان ريسنيك، مضيفة "إنها بمثابة قرون استشعار حيث إنها تشعر بأي شيء يقترب من العين وتجعلها تصدر أفعالاً انعكاسية مثل الطرف". الكثيرون يتمنون عودة رموش الأطفال يمكن أن يصل عمر الرمش الواحد ثلاثة أشهر قبل أن يسقط. بينما يستغرق نمو الرمش الجديد مدة قد تصل إلى شهرين. ذا نظرت للرموش الكثيفة لدى الأطفال صغير ستشعرين بأن رموشك قد أصبحت أقل، لكن هذا مجرد خداع بصري. نحن نولد بعدد معين من البصيلات، وهي لا تقل مع مرور الوقت. قد تسقط بعض الرموش وتستغرق وقتاً لتنمو. لكن في الأساس يظل عدد الرموش ثابتاً إلى حد كبير. "أعتقد أن بصفة عامة تبدو العينيان أكبر والرموش أكثر كثافة عند الأطفال لأن حجم رأسهم يكون صغيراً"، كما قالت ريسنيك لموقع ويب ميد ***MD الطبي. لما نفقد رموشنا؟مع تقدّم السن وعدم العناية بها كما ينبغي، تبدأ الرموش في التساقط. ولا تنمو طويلة وسميكة مثلما كان يحدث سابقاً. "أسباب تساقط الرموش هي نفسها أسباب تساقط شعر الرأس" كما تقول جانيت غراف، طبيبة الأمراض الجلدية في غريت نيك Great Neck بولاية نيويورك. هذا يعني أن التوتر والعادات الغذائية السيئة من أهم أسباب تساقط الرموش، بالإضافة لمشاكل الغدة الدرقية والتهابات الجفون والعلاج الكيميائي. كما تتسبب المرأة، أحياناً، في تدمير رموشها عن طريق بعض الحركات التي تقوم بها بشكل منتظم مثل حك الجفون أو عدم إزالة الماسكرا قبل النوم ما يتسبب في تكسير الرموش، وحتى استخدام ماسكرا مضادة للماء ما يتسبب في جفاف الرموش. إذ عادة ما تكون إزالة الماسكرا مشكلة خاصة إذا كانت مضادة للماء" كما قالت غراف. كما أن الماسكرا ممتدة الأثر تكون أصعب في إزالتها ما قد يجعل المرأة أكثر عنفاً في التعامل مع رموشها. "إن جذور الرموش رقيقة جداً والتعامل بقسوة معها يجعلها تنكسر"، بحسب ما تشرح الطبيبة، مضيفة "على المدى الطويل يمكن أن تؤدي العادات السيئة لتدمير البصيلة، وهذا يجعلها تكف عن إنتاج الرموش أو يجعل الرموش تنمو أضعف وأقل سمكاً وأقل طولاً. مادام حدث تدمير في الجذر لن ينمو الرمش كما كان ويمكن أن يبدأ هذا التدمير في التضاعف". طرق إنقاذ الرموشإذا كانت صحتك جيدة وتتناولين أطعمة ذات قيمة غذائية عالية فكل ما تحتاجين إليه هو الحفاظ على الرموش الموجودة لديك بالفعل. إليك بعض النصائح التي تساعدك في الحفاظ على رموشك: - استخدمي مزيل ماسكرا لطيفاً وامسحي جفونك بلطف، بدلاً من دعك الرموش - لا تشدي رموشك بقسوة - إن كنت تستخدمين مجعد الرموش، تأكدي ألا يكون قريباً من جذورها - إذا أردت إزالة الكتل التي قد تتسبب الماسكرا في تكوينها يجب أن تفعلي هذا قبل أن تجف الماسكرا كي يكون من السهل تمشيط الرموش كما أن التخلص من الماسكرا القديمة يلعب دوراً كبيراً في العناية بالرموش. إذ يجب تغيير الماسكرا كل 6 أشهر كحد أقصى، حيث إن بقاءها أكثر من ذلك يجعلها عرضة للتلوث بالميكروبات ما يؤدي لحدوث التهابات" كما قالت ريسنيك. وأضافت ريسنيك أن لو تعاني المرأة من احمرار العين أو أي التهاب آخر يجب أن تقوم بتعقيم أي شيء تستخدمه بالقرب من منطقة العين. "لو لم تفعل هذا ستحدث مشاكل كثيرة إلى جانب تساقط الرموش حيث يمكن أن تصاب بعدة أنواع أخرى من العدوى والالتهابات". بلسم الرموش"تحتاج الرموش لبلسم مثل الشعر تماماً" كما قالت ريسنيك. "يمكنك أن تضعي طبقة رقيقة من الفازلين Vaseline أو أكوا فور Aquaphor على الجفون ليلاً". كما تقول غراف إنه يمكن استخدام عدة أنواع من البلسم التي لا تحتاج لاستشارة طبيب والتي تحتوي على بروتينات مثل كيراتين Keratin أو بيوتين biotin بالإضافة للمرطبات التي ترطب وتقوي الرموش. "هذه البروتينات تغطي الرموش لتجعلها أقوى، كما أن المرطبات تجعلها أكثر ليونة". كما أن البلسم يساعد في منع تكسير الرموش ما يجعلها تبدو أكثر طولاً خلال أسابيع، كما قالت غراف. وصلات الرموش الصناعيةمن أكثر الأمور التي تنخدع بها المرأة حين تريد أن تجعل رموشها تبدو أجمل هي الوصلات الصناعية، والتي قد تتكلف مبلغاً مالياً كبيراً، رغم أنها لا تستمر أكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر على الأكثر.
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله التوكل على الله تعريف التوكل: قال ابن عباس: التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تَثِق في الله وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك. قال الحسن: إن من توكُّل العبد أن يكون الله هو ثقته. الإمام أحمد: هو قطع الاستشراف بالإياس من الخلق، وقال: وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله - جل ثناؤه - والثقة به. عبدالله بن داود الخريبي: أرى التوكل حُسن الظن بالله. شقيق بن إبراهيم: التوكل طمأنينة القلب بموعود الله - عز وجل. الحسن: الرضا عن الله - عز وجل. علي بن أحمد البوشنجي: التبرئة من حولك وقوتك وحول مثلك وقوة مثلك. ابن الجوزي عن بعضهم: هو تفويض الأمر إلى الله ثقةً بحُسن تدبيره. ابن رجب الحنبلي: هو صدق اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب المصالح ودفْع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها. أقسام التوكل: (مجاله ومتعلقاته) (مراتبه 1- توكل العبد على الله في استقامة نفسه وإصلاحها دون النظر إلى غيره. 2- توكل العبد على الله في استقامة نفسه، وكذلك في إقامة دين الله في الأرض ونصره، وإزالة الضلال عن عبيده،، وهدايتهم والسعي في مصالحهم، ودفْع فساد المفسدين، ورفْعه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3- توكل على الله في جلْب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية؛ كالرزق والزواج، والذرية والعافية، والانتصار على العدو الظالم، أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية. وبين القسم الثاني والثالث من الفضل ما لا يُحصيه إلا الله، فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حقَّ توكُّله، كفاه النوع الثالث تمام الكفاية، ومتى توكَّل عليه في النوع الثالث دون الثاني كفاه أيضًا، لكن لا يكون له عاقبة المتوكل فيما يحبه ويرضاه. 4- توكل على الله في جلْب محرم؛ من إثمٍ أو فاحشةٍ، أو دفع مأمور به. أهمية التوكل ومنزلته من العقيدة والإيمان والسلوك: التوكل على الله خلقٌ عظيم من أخلاق الإسلام، وهو من أعلى مقامات اليقين، وأشرف أحوال المقربين، وهو نظام التوحيد وجماع الأمر؛ كما أنه نصف الدين والإنابة، نصفه الثاني، ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها، وهو مفتاح كل خير؛ لأنه أعلى مقامات التوحيد وعبادة من أفضل العبادات، وهو فريضة يجب إخلاصه لله تعالى وعقيدة إسلامية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]. فإن تقديم المعمول يفيد الحصر؛ أي: وعلى الله فتوكلوا لا على غيره. إن التوكل شرط من شروط الإيمان، ولازم من لوازمه ومقتضياته، فكلما قوِي إيمان العبد، كان توكله أكبر، وإذا ضعُف الإيمان ضعُف التوكل؛ قال الله - عز وجل -: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122]، وفي الآية الأخرى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84]. فجعل دليل صحة الإسلام التوكُّل، وهو من أشرف الرُّتب وأعلى المقامات من أعمال القلوب، التي هي أصل الإيمان الذي هو أجلُّ وأعظم ما تُعِبِّد الله تعالى به، والتوكل من أجمع أنواع العبادة وأعظمها؛ لِما ينشأ عنه من الأعمال الصالحة، والتوكل مقترن بمراتب الدين الثلاث: (الإيمان والإسلام والإحسان)، وشعائره العظام، والتوكل مقام جليل القدر، عظيم الأثر، جعله الله سببًا لنيل محبَّته؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]. وجمع الله بينه وبين الهداية والحق والدعاء. التوكل أصل من أصول العبادة التي لا يتم توحيد العبد إلا به، جاء الأمر به في كثير من الآيات؛ مثل قوله تعالى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123]، وقوله - عز وجل -: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58]. وهو من سمات المؤمنين الصادقين قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، وفي حديث: ((أربع لا يعطيهنَّ الله إلا مَن أحبَّ: الصمت وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع والزهد في الدنيا))؛ رواه الطبراني وهو في "اتحاف السادة". وقال علي: يا أيها الناس، توكلوا على الله، وثِقوا به؛ فإنه يكفي مما سواه. فائدة: عندما نتأمل مقالة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - نجد أنه يربط التوكل بالثقة واليقين بالله، وإلاَّ فلا توكُّل ما لم يكن معه اليقين، واليقين هو أن العبد يعمل لله خالصًا، ولا يطلب به عرض الدنيا، ولا رضا المخلوقين، وأن يكون في نفس الوقت آمنًا بوعد الله، وهو الرزق، وقيل لبعض الحكماء: ما الفرق بين اليقين والتوكل؟ قال: أما اليقين، فهو أن تصدق الله بجميع أسباب الآخرة، والتوكل أن تصدق الله بجميع أسباب الدنيا، وقال لقمان لابنه: يا بني، إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه أناسٌ كثير، فإن استطعت أن تكون سفينتك فيها الإيمان بالله وحَشوها العمل بطاعة الله - عز وجل - وشراعها التوكل على الله، لعلك تبحر، وعن سعيد بن المسيب قال: التَقى عبدالله بن سلام وسلمان، فقال أحدهما لصاحبه: إن مِت قبلي فالقني، فأخبرني ما لقيت من ربِّك، وإن مت، لقيتك فأخبرتُك، فقال أحدهما للآخر: أوَتلقى الأمواتُ الأحياءَ، قال: نعم، أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت، قال: فمات فلان، فلقِيه في المنام، فقال: توكَّل وأبشِر، فلم أر مثل التوكل قط، وأبشِر فلم أرَ مثل التوكل قط؛ أخرجه ابن منده، وأورده ابن رجب في أهوال القبور، والسيوطي في شرح الصدور. ومما يدل على أهميته أن الله أمر به نبيه - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء قبله، وجعله شعارًا لعباده المؤمنين والثناء عليهم، ومن فضل التوكل في القرآن أن الله أمر فيه رسوله بالتوكل في تسع آيات، وكذلك أمر المؤمنين عامة بالتوكل، وكذلك التوكل خُلق الرسل جميعًا، وكذلك تبيين القرآن لفضل التوكل، وكذلك ورد فضل التوكل في السنة، فعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكَّلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصَمت، أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت، والجن والأنس يموتون)؛ رواه البخاري، ومسلم، وأحمد. وعن الأوزاعي قال: كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أسألك التوفيق لمحابك من الأعمال وصدق التوكل عليك، وحسن الظن بك)، قال شعيب الأرناؤوط: ضعيف، أخرجه أبو نُعيم في الحِلية عن الأوزاعي مرسلاً، والحكيم الترمذي عن أبي هريرة، وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: (اللهم اجعلني ممن توكَّل عليك، فكفيتَه، واستهداك فهديتَه، واستغفرك فغفَرتَ له)؛ مروي في كنز العمال ومسانيد الجامع الكبير. وصفة التوكل من أبرز صفات المؤمنين الجليلة؛ لأن اعتماد القلب على الأسباب الظاهرة واعتقاد أنها هي المؤثرة، يُخل بصحة الإيمان وسلامته، بل هو في حقيقته شرك بالله تعالى، والتوكل على الله تعالى سلوك نفسي وقلبي يقتضيه الإيمان الصحيح الماثل في ساحة التصور الموجه للسلوك، ومما يدل على أهمية التوكل حاجة المسلم إليه حاجة شديدة، وخصوصًا في قضية الرزق، أو كان صاحب دعوة وحامل رسالة، وطالب إصلاح، و مما يدل على أهميته أيضًا ضرورته للعبد وعدم استغنائه عنه طرْفة عينٍ من عدة جهات: 1- من جهة فقر العبد وعدم ملكه شيئًا لنفسه، فضلاً عن غيره من المخلوقين. 2- من جهة كون الأمر كله بيد الله تعالى. 3- من جهة أن تعلق العبد الزائد بما سوى الله مضرة عليه. 4- من جهة أن اعتماد العبد على المخلوق وتوكُّله عليه، يوجب له الضرر من جهته عكس ما أمَّله منه. من أقوال السلف في بيان أهمية التوكل وارتباطه بالإيمان: ابن عباس: التوكل جماع الإيمان. سعيد بن جبير: التوكل على الله نصف الإيمان. قال أبو الدرداء: ذِروة الإيمان الإخلاص والتوكل، والاستسلام للرب - عز وجل. وقال أبو محمد سهل: ليس في المقامات أعز من التوكل. قال سعيد بن جبير: التوكل على الله جماع الإيمان. سهل بن عبدالله: من طعَن في الاكتساب، فقد طعَن في السنة، ومن طعَن في التوكل، فقد طعن في الإيمان. أحمد: التوكل عمل القلب. الجنيد بن محمد: التوحيد قول القلب، والتوكل عمل القلب. فُضيل بن عياض: التوكل قوام العبادة، والتوكل من أوجب واجبات القلب. ابن القيم: إن التوكل يجمع أصلين: علم القلب، وعمله، أما علمه: فيقينه بكفاية وكيله وكمال قيامه بما وكَله إليه، وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك، وأما عمله: فسكونه إلى وكيله وطُمَأنينته إليه، وتفويضه وتسليمه أمرَه إليه، ورضاه بتصرُّفه له فوق رضاه بتصرُّفه هو لنفسه. والتوكل من أقوال القلب وأفعاله التي كل منها حسنة وسيئة بنفسها، يحصل بها الثواب والعقاب بما يكون في القلوب، وإن لم يظهر على الجوارح، ولا يستقيم توكل العبد، حتى يصلح له توحيده، بل حقيقة التوكل توحيد القلب، فما دامت فيه علائق الشرك، فتوكُّله معلول مدخول، وكذلك لا يحصل تحقيق التوكل، حتى يؤمن العبد بكمال ربوبيَّة الله تعالى، وما تتضمنه من كمال الملك والتدبير والسلطان، والقدرة والتصرف، والمشيئة والقيُّوميَّة، والإحاطة وملْك الضر والنفع، فذلك من أقوى أسباب ودواعي التوكل؛ ولهذا نجد في كثير من الآيات ربْط التوكل بالربوبية، وكذلك كل من كان بالله تعالى وصفاته أعلم، كان توكُّله أكمل، والآيات التي بيَّنت تعلُّق التوكُّل بأسماء الله وصفاته كثيرة، ويستحيل أن يتمَّ توكل العبد، حتى يتم له أمران لهما صلة تامة بتوحيد الألوهية، وهما: حُسن الظن بالله - عز وجل - والتفويض، والآيات التي ربطت العبادة والإنابة بالتوكُّل، قد صورت العلاقة بين الإلهية والتوكل، وهي كثيرة، فالتوكل على الله عبادة يجب إخلاصه لله، فصرفه لغيره شِرك ينافي التوحيد؛ ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]. إن كنتم مؤمنين بالله، ومصدقين به، فلا تعتمدوا في جميع أموركم إلا عليه وحده. إن الإقرار بالربوبية والألوهية هو أول دليلٍ على أنه وحده - سبحانه - المستحق أن يُفرد بالتوكل؛ ﴿ قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [الملك: 29]، ﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 56]، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58]. وقرن تعالى التوكُّل بالربوبية والألوهية معًا، ومن ذلك قول الحق: ﴿ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾ [الرعد: 30]، وقوله: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾ [المزمل: 9]، وقوله: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122]. فالألوهية مقتضية للتبتل إليه تعالى بالكلية وقطْع التعلُّق بالمرة عما سواه من البرية، والتوكل من أكثر مقامات الإيمان صلةً بأسماء الله وصفاته؛ ولذلك عرَّف بعضهم التوكُّل بأنه: المعرفة بالله وصفاته، ومن الآيات: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58]، ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾ [الأنفال: 61]. وربط التوكل بصفتي (العزيز) و(الحكيم) في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 49]. كذلك الآيات التي يذكر فيها القضاء والقدر، تُذيل بالتوكل؛ إذ يستحيل أن يحصل توكُّل، حتى يعلم المسلم أن الأمور كلها تصدر عن مشيئة الله وقدرته، وأنها تنتهي كلها إلى علمه، فلا بد من الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وتحقيق التوكل مترتب على تحقيق الإيمان بالقدر؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]. وقال: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، ﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67]. إن القضاء والقدر والتوكل من أساسيات الدين، والقضاء والقدر سابق للتوكل، والقدر أشمل وأعم من التوكل، والقضاء والقدر جالبان للراحة والطُّمأنينة والسعادة، وسلوك الطريق المستقيم، والتوكل داخل في الإرادة الشرعية والقضاء والقدر داخل في الإرادة الكونية، والتوكل واتخاذ الأسباب يدفعان القضاء والقدر، واقترن لفظ العبادة بالتوكل في مواضعَ؛ منها: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، و ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ﴾ [هود: 123]. والتوكل داخل في معنى العبادة، واقترن التوكل بالتقوى في مواضعَ؛ منها:﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 11]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. فسرّ اقتران التوكل بالتقوى هو سرّ اقتران الاستعانة بالعبادة، وكذلك فإن التوكل سبب، ولكنه ليس كافيًا في حصول المراد، بل يحتاج معه إلى التقوى، وكلٌّ منهما يعتمد امتثال المأمور واجتناب المحظور. واقترن التوكل بالإنابة في مواضعَ؛ منها: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]، ﴿ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾ [الرعد: 30]، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [الشورى: 10]، ﴿ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4]. قال ابن عاشور: والإنابة الرجوع والمراد بها هنا: الكناية عن ترك الاعتماد على الغير، وكلاهما يحتاج للآخر، ويجب أن يفرد العبد ربه بكليهما. واقترن الصبر بالتوكل على الله في مواضع؛ منها: ﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 42]. فالصبر مبدأ السلوك إلى الله تعالى، والتوكل هو آخر الطريق ومنتهاه؛ قال تعالى: ﴿ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم: 12]. فالصبر والتوكل من أقوى الأسلحة في مواجهة الشدائد والصعاب في طريق الدعوة وتحمُّل أعبائها، وقيل: الصبر خاص بوقت المصيبة، والتوكل في أمر مستقبل، والصبر في حاجة للتوكل؛ لأنه - أي الصبر - من العبادات، وكلاهما من أُمهات الصفات التي يجب على المؤمن الاتصاف بها، وقيل: الصبر في أمر مملوك يحتاج للتحمل، والتوكل خاص بأمر غيبي كوني، يحتاج للاعتماد على الله والثقة بتدبيره، والتوكل على الله هو نتيجة للصبر، والتوكل على الله في إقامة الدين ودعوة الناس إليه، يحتاج إلى همة عالية، فهو من أعظم مقامات التوكل وأرفعها؛ كما هي هِمم الرسل والأنبياء وبعدهم الصحابة - رضي الله عنهم - قال الله تعالى: ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]. قال ابن عباس: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، قالها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - حين ألقي في النار، وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قال له الناس: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ﴾ [آل عمران: 173]. عوائق التوكل: 1- الجهل بمقام الله من ربوبية وألوهية، وأسماء وصفات. 2- الغرور والإعجاب بالنفس. 3- الركون للخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات. 4- حب الدنيا والاغترار بها مما يحول بين العبد والتوكُّل؛ لأنه عبادة لا تصِح مع جعْل العبد نفسه عبدًا للدنيا. قوادح التوكل: من أهمها التفات القلب إلى الأسباب وتعلُّقه بغير الله تعالى، وتلك الأسباب على ثلاث درجات: 1- التي ارتبطت المسببات بها بتقدير الله ومشيئته، ارتباطًا مطردًا لا يتخلف كالطعام، فترُكها ضربٌ من الجنون. 2- ليست متيقنة، بل هي ظنية كالرقى والاكتواء، فالتعلق بها مضعف للتوكل وكماله، وقيل: إن الرقية والكي يَقدحان في التوكل، فكرهوهما دون غيرهما، وقيل: أنهما لا يقدحان في كمال التوكل ولا ينافيانه، وقول ثالث بأنه يفرق بين فعل الرقية بنفسه أو بغيره، وبين طلبها وهو الراجح - إن شاء الله. ونأتي لمسألة حكم التداوي، فالأصل فيها الجواز، وأنه لا يقدح في التوكل، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصَبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرًا وشرعًا، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل؛ كما يقدح في الأمر والحكمة، وفيه أقوال - أي التداوي -: مباح، وترْكه أفضل، ومستحب، وواجب، وقيل: ما غلب على الظن نفْعه مع احتمال الهلاك بعدمه، فهو واجب، وما غلب على الظن نفْعه، ولا هلاك محققًا بترْكه، فهو أفضل، وما تساوى فيه الأمران، فترْكه أفضل، وقد ادَّعى قوم أن ترك التداوي والعلاج من التوكل، وعدُّوا فعل التداوي قادحًا في التوكل، ورد أهل العلم زعمهم هذا. 3- الموهومة: ليست معتبرة شرعًا ولا قدرًا كالتطيُّر - (وهو التشاؤم بكل مرئي ومسموع ومعلوم) - وتعليق التمائم والحروز، فالالتفات لها خوفًا وطمعًا بالاستدلال على أمر غيبي، منافٍ لتحقيق التوكل وكمال التوحيد، وهناك أحاديث يثبت ظاهرها التشاؤم بأشياء معينة؛ كالمرأة، والدار، والدابة، وقد جمع العلماء بينها وبين أحاديث النهي عن الطِّيرة، وبالنسبة للتفاؤل: هل هو من الطِّيَرة أم لا؟ على قولين. والدرجة الثانية والثالثة جمعها حديث ابن عباس في حديث عرض الأُمم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي آخره قوله: (سبقَك بها عكاشة). ومن الأشياء التي تنافي أصل التوكل: 1- التعلق بسبب لا تأثير له - كالأموات، والغائبين، والطواغيت - فيما لا يقدر عليه إلا الله. 2- اعتقاد أن السبب - سواء المشروع أو المحرم - فاعل بنفسه دون الله، فذلك شِرك أكبر، ومما ينافي كمال التوكل الواجب: 1- التوكل في الأسباب الظاهرة العادية على أي شخص قادر حي فيما يقدر عليه. 2- الاعتماد على أمر ليس سببًا شرعًا، مع اعتقاد أن الضر والنفع بيد الله وحده؛ كالتطيُّر والتمائم والتِّوَلة، وهناك الوكالة الجائزة، وهي: توكيل الإنسان في فعل ما يقدر عليه نيابة عنه، لكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وُكل فيه، بل يتوكل على الله في تيسير أمره الذي يطلبه بنفسه أو نائبه، وهناك أمور عدها العلماء منافية لكمال التوكل المستحب؛ كالكي، والاسترقاء، فهناك علاقة بين إثبات النفع والضر لله تعالى من جهة، والتوكل عليه والاستعانة من جهة أخرى، فلا يُتَصوَّر توكُّل العبد إلا بمن يعتقد فيه الضر والنفع؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38]. ومما ينافي التوكل والتوحيد تعليق النجاح بالأسباب فقط. والتطيُّر قادح في التوكل، وذلك أن المتوكل على الله يعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم ليكن ليُصيبه؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]. وأما المتطير، فهو في خوف وفزعٍ، دائمُ الاضطراب والقلق من أمور مخلوقة، لا تملِك لنفسها ضرًّا ولا نفعًا. علاقة التوكل بالأسباب: مواقف الناس من الأسباب على أربعة أقسام: 1- الالتفات إلى الأسباب بالكلية، واعتماد القلب والجوارح عليها من غير نظر لمسببها: كنظرة الماديين والعقلانيين، فوقعوا في الشرك؛ لأنهم أثبتوا موجدًا مع الله، مستقلاًّ بالضر والنفع، وهذا باطل مخالف للكتاب والسنة والاجماع، كما أن الأسباب قد تتخلف عن مسبباتها بإذن الله كما يشهد لذلك الحس. 2- الإعراض عن الأسباب بالكلية: كنظر غالب الصوفية للتوكل، فهم لا يرون تحقيق التوكل إلا في ترك الأسباب بالكلية، فتركوا التكسب والعمل، والاحتراز والاحتياط، والتزود في السفر والطعام، ويرون ذلك كله منافيًا للتوكل, ولهم شُبَه ضعيفة أجاب عنها العلماء المحققون؛ كمحمد بن الحسن الشيباني في كتابه: "الاكتساب في الرزق المستطاب"، والخلاَّل في كتابه: "الحث على التجارة والصناعة والعمل"، والحارث المحاسبي في كتابه: "المكاسب"، وابن تيمية وابن الجوزي، وابن القيم وابن مفلح، وابن رجب. كما أن الإعراض عن الكسب والخمول بدعوى التوكل، له آفات ومفاسدُ يصعُب حصْرها، وهذا الموقف - أي: (الإعراض عن الأسباب بالكلية) - حكَم عليه العلماء بأنه قدْح في الشرع. 3- نفي تأثير الأسباب بالكلية: وصف العلماء هذا القول بأنه (نقص في العقل)، وهو قول القدرية الجبرية، وهم يرون أن الله لم يخلق شيئًا سببًا، ولا جعل في الأسباب قوى وطبائعَ تؤثر، وغرضهم الرد على القدرية النُّفاة، لكنه ردُّوا باطلاً بباطل، وهذا الموقف فاسد باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع. 4- قيام الجوارح بالأسباب، واعتماد القلب على مسبب الأسباب - سبحانه وتعالى -: هذا مذهب أهل السنة والجماعة، وهو الحق الذي دلَّ عليه الشرع والعقل، وهو الوسط في كل مذهب، فأثبت للأسباب تأثيرًا في مسبباتها، لكن لا بذاتها، بل بما أودعه الله فيها من القوى الموجبة، وهي تحت مشيئته وقدرته، فإن شاء منَع اقتضاءَها، وإن شاء جعلها مقتضية لأحكامها، فهم - أي: أهل السنة والجماعة - يوجبون الأخذ بالأسباب، ويعتقدون عدم منافاتها للتوكل، بل إن التوكل من أعظم الأسباب في جلْب المنافع ودفْع المضار، ونفي الفقر ووجود الراحة، ويرون ضرورة الأخذ بالأسباب، مع عدم الاعتماد عليها، ويكون التوكل بالقلب على الخالق، مع اتِّباع الأسباب في ظاهر الحال فقط، والأخذ بالأسباب ثم الاعتماد على الله - عز وجل - هو مذهب أهل الحق من سلف الأمة؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67]. وفي جانب الرزق قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور ﴾ [الملك: 15]، قال في "مدارج السالكين": (... لا تقوم عبودية الأسباب إلا على ساق التوكُّل، ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدمِ العبودية). والسبب الذي أُمر العبد به - أمر إيجابٍ أو أمر استحباب - هو عبادة الله وطاعته له ولرسوله، والله فرض على العباد أن يعبدوه ويتوكلوا عليه؛ كما قال تعالى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123]، وقال: ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾ [المزمل: 8، 9]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. والمقصود أن الله لم يأمر بالتوكل فقط، بل أمر مع التوكل بعبادته وتَقواه التي تتضمن فعل ما أمر، وترْك ما حذَّر، فمن ظنَّ أنه يرضي ربَّه بالتوكل دون فعْل ما أمره به، كان ضلالاً، كما أن مَن ظن أنه يقوم بما يرضي الله عليه دون التوكُّل عليه، كان ضلالاً، وأن مَن ظنَّ أن التوكل يغني عن الأسباب المأمور بها، فهو ضال؛ ولهذا فمَن ظن أنه يتوكل على ما قدر عليه من السعادة والشقاوة، بدون أن يفعل ما أمره الله به، فإن كانت أسباب مقدورة له وهو مأمور بها، فعَلها مع التوكل على الله؛ كما يؤدي الفرائض، وكما يجاهد العدو، ويحمل السلاح، ويَلبس جُبة الحرب، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكُّله، بدون أن يفعل ما أُمِر به من الجهاد، فإن قيل: كيف يطلب ما لا يعرف مكانه؟ جوابه: أن يفعل السبب المأمور به، ويتَّكل على الله فيما يخرج عن قدرته، مثل الذي يشق الأرض، ويلقي الحَب ويتوكل على الله في إنزال المطر ونبات الزرع ودفْع المؤذيات، ومن ترَك الأسباب المأمور بها، فهو عاجز مفرِّط مذموم؛ قال الحسن: التوكل لا ينافي السعي في الأسباب؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]، وقال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، والتوكل باعتبار تعلُّقه بالأسباب ينقسم إلى قسمين: 1- توكل اضطرار. 2- توكل اختيار. ومن الأدلة على ارتباط التوكل بالأخذ بالأسباب: من القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]، ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]، ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [الأنفال: 69]، ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]، وقوله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123]، ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ [مريم: 25]، ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78]، {﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]، ومن السنة حديث: (وجعل رزقي تحت ظل رُمحي)؛ رواه أحمد، وابن أبي شيبة، وذكره البخاري تعليقًا، والهيثمي في المَجمع. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ناقة له، فقال: يا رسول الله، أدَعها وأتوكَّل؟ فقال: اعْقلها وتوكل؛ رواه الترمذي وابن أبي الدنيا، وأبو نُعيم والبيهقي، وابن حبان. وعن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لو أنكم توكَّلون على الله حقَّ توكُّله، لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خِماصًا، وتعود بطانًا؛ رواه أحمد، وابن المبارك في الزهد، والترمذي في الزهد، وابن ماجه في الزهد، والحاكم وصحَّحه، ووافَقه الذهبي والبيهقي في الشُّعَب، وأبو نُعيم في الحلية وغيرهم. خماصًا: جياعًا، بطانًا: مُمتلئات البطون، والمعنى الإجمالي للحديث: أن التوكل الصحيح هو تفويض الأمر إلى الله - عز وجل - والثقة بحُسن النظر فيما أمر به، فلو أن المسلمين يتوكلون على الله - جل ثناؤه - في كل شؤونهم، لرزَقهم كالطير تمامًا، ولكن بعضهم يعتمد على قوته وحذره، ويحلف بالباطل، وكل هذا خلاف التوكل. وعن المقدام بن معدي كرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود - عليه السلام - كان يأكل من عمل يده؛ رواه البخاري، وابن ماجه، وأحمد، والبيهقي في الشُّعَب. وعن عمر - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُنفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي، فيجعله مجعل مال الله، فعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياته؛ رواه البخاري، ومسلم. ولقي عمر بن الخطاب ناسًا من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، فقال أنتم المُتَّكلون، إنما المتوكل الذي يُلقي حبةً في الأرض ويتوكَّل على الله، وفي ذلك الرد البليغ على من يتركون الأسباب تقاعسًا بدعوى التوكل على الله، ولو صدَقوا لأحسَنوا العمل. أما التواكُل، فهو ترك الكسب، والطمع في المخلوقين، والاعتماد عليهم بالتخلي عن الأسباب التي وضعها الله - عز وجل - والانقطاع عن السعي والتقاعد عن العمل، وانتظار النتائج من الخلق أو القدر، أو الاتكال على الله أن يَخرِق له العوائد، ولأصحاب هذا المفهوم أدلة، والتواكل خِسَّة هِمَّة، وعدم مُروءة؛ لأنه إبطال حكمة الله التي أحكمها في الدنيا من ترتُّب المسببات على الأسباب، ولقد حارب الإسلام التواكل وحذَّر منه، وهو حرام ليس من الشرع أصلاً، وهو مخالف للنصوص. ثمار التوكل: 1- تحقيق الإيمان: قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]. 2- طمأنينة النفس وارتياح القلب وسكونه. 3- كفاية الله المتوكل جميع شؤونه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]. 4- قال ابن القيم: أي كافِيه، ومن كان الله كافيه وواقيه، فلا مطمع فيه لعدوِّه، ولا يضره إلا بأذًى لا بد منه - كالحر والبرد، والجوع والعطش - وأما أن يضرَّه بما يبلغ به مراده، فلا يكون أبدًا، وهذا أعظم جزاءً أن جعل الله تعالى نفسه جزاء المتوكل عليه وكفايته، فلو توكَّل العبد على الله حقَّ توكُّله، وكادته السموات والأرض ومن فيهنَّ، لجعَل الله له مخرجًا، وكفاه رزقه ونصره، ولحديث: إذا خرج الرجل من باب بيته، كان معه ملكان موكلان به، فإذا قال: بسم الله، قالا: هُديت، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قالا: وُقِيت، فإذا قال: توكَّلت على الله، قالا: كُفِيت، قال: فيَلقاه قريناه، فيقولان: ماذا تريدان من رجل قد هُدي ووُقي وكُفِي؛ رواه الترمذي، وابن ماجه، وروى أبو داود نحوه، وكذلك أحمد. 5- وروى ابن ماجه في الزهد عن عمرو بن العاص يرفعه: "إن من قلب ابن آدم بكل وادي شُعبة، فمن اتَّبع قلبُه الشُّعَب كلها، لم يُبالِ الله بأي وادٍ أهلَكه، ومن يتوكَّل على الله، كفاه الله التشُّعب". 6- ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه ما أهمَّه من أمور الدنيا والآخرة، قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية على أبي ذر - رضي الله عنه - وقال له: لو أن الناس كلهم أخذوا بها، لكفَتهم؛ رواه أحمد و غيره. 7- من أقوى الأسباب في جلب المنافع ودفْع المضار. 8- قال ابن عباس: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، قالها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - حين أُلقي في النار، وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قال له الناس: (إن الناس قد جمعوا لكم)، قوله: "ونعم الوكيل"؛ أي: نعم الموكول إليه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]، ومخصوص نعم محذوف تقديره (هو)، قال ابن القيِّم - رحمه الله -: هو حسب من توكَّل عليه، وكافي من لجَأ إليه، وهو الذي يؤمن الخائف، ويُجير المستجير، فمن تولاَّه واستنصر به، وتوكَّل عليه، وانقطع بكُليَّته إليه، تولاَّه وحفِظه، وحرسه وصانه، ومن خافه واتَّقاه، أمَّنه مما يخاف ويَحذَر، وجلَب إليه ما يحتاج إليه من المنافع؛ عن بهيم العجلي عن رجل من أهل الكوفة، قال:بينا أنا في بستان لي، إذ خُيِّل إليّ شخص أسود، ففزِعت منه، فقلت: حسبي الله ونعم الوكيل، فساخ في الأرض (غاصَ فيها)، وأنا أنظر إليه، وسمعت صوتًا من ورائي يقرأ هذه الآية: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ﴾ [الطلاق: 3]. 9- فالتفتُّ فلم أر شيئًا، وكتب عامل إفريقية إلى عمر بن عبدالعزيز يشكو إليه الهوام - (دواب الأرض المؤذية) - والعقارب، فكتب إليه: وما على أحدكم إذا أمسى وأصبح أن يقول: ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ ﴾ [إبراهيم: 12]، قال أبو زُرعة: وهي تنفع من البراغيث. 10- يورث محبة الله تعالى للعبد لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]. 11- يورث قوة القلب وشجاعته، وثباته وتحدِّيه للأعداء، ويُورث القوة الروحية؛ لحديث: (... ومن سرَّه أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله...)؛ رواه ابن أبي حاتم، وعبدالله بن أحمد في الزهد، والحاكم وابن أبي الدنيا، والطبراني وأبو نُعيم، وأبو يَعلى والبيهقي في الزهد من حديث ابن عباس، وضعَّفه العراقي في تخريج الإحياء، وحسَّنه المناوي في التيسير تبعًا للسيوطي، ويورث العزة؛ قال تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ [الشعراء: 217]، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 49]، ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [الأحزاب: 3]، قال الحسن: العز والغنى يَجولان في طلب التوكل، فإذا ظَفِرا أَوْطَنَا. 12- يورث الصبر والتحمل؛ ولهذا اقترن الصبر بالتوكل على الله في مواضع من القرآن؛ منها: ﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [العنكبوت: 59]، ﴿ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم: 12]. 13- يورث النصر والتمكين؛ ولهذا قرن الله تعالى بينه وبين التوكل في قوله: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 49]. 14- يقوِّي العزيمة والثبات على الأمر: قال تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، ولحديث: (إذا وقعتم في الأمر العظيم، فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل)؛ عزاه ابن كثير لابن مردويه. 15- يقي من تسلُّط الشيطان: قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99]، وفي حديث: (إذا خرج الرجل من باب بيته، كان معه ملكان موكلان به، فإذا قال: بسم الله، قالا: هُدِيت، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قالا: وُقِيت، فإذا قال: توكَّلت على الله، قالا: كُفِيت، قال: فيلقاه قريناه، فيقولان: ماذا تريدان من رجلٍ قد هُدي ووُقِي وكُفِي)؛ رواه الترمذي، وابن ماجه، وروى أبو داود نحوه، وكذلك أحمد. 16- من أسباب دفْع السحر والحسد والعين: قال تعالى: ﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67]. يورث الرزق؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]، وعن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لو أنكم توكَّلون على الله حقَّ توكُّله، لرزقكم كما يرزق الطير؛ تَغدو خماصًا وتعود بطانًا؛ رواه أحمد، وابن المبارك في الزهد، والترمذي في الزهد، وابن ماجه في الزهد، والحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي والبيهقي في الشُّعَب، وأبو نُعيم في الحلية وغيرهم. 17- يطرد داء العُجب والكِبر. 18- يطرد التطيُّر والأمراض القلبية؛ كالتشاؤم، ولُبْس الحلقة والخيط؛ قال ابن مسعود: "وما منَّا إلاَّ ولكنَّ الله يُذهبه بالتوكل)، بعد أن ذكر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الطِّيَرة شِرك))؛ رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. 19- يُورث الرضا بالقضاء؛ قال ابن القيِّم: فإنه إذا توكَّل حق التوكل، رضِي بما يفعله وكيلُه. 20- سبب في دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب؛ لحديث ابن عباس في السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب؛ متفق عليه. 21- الأمل. 22- دخول الجنة بوجوه مضيئة على صفة القمر، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يدخل الجنة من أُمتي زُمرة هم سبعون ألفًا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر...). 23- هم أول من يدخل الجنة؛ لحديث: (أول زُمرة تدخل الجنة على صورة القمر، والذين على آثارهم كأحسن كوكب دُري في السماء إضاءةً)؛ رواه البخاري ومسلم. 24- الثقة بالله وعدم اليأس. 25- الثبات على الحق: قال تعالى: ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ [النمل: 79]. 26- صدق الجهاد والإقدام على معالي الأمور. نماذج عملية في التوكل واتخاذ الأسباب: • ترتيبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للهجرة للمدينة من استئجار دليلٍ مُشرك؛ ليدله على طريق الهجرة للمدينة، وغير ذلك. • موقفه في غزوة بدر الكبرى. • ظاهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد بين دِرعين. • ما حدث له بذات الرقاع من رفْع الأعرابي سيف النبي - صلى الله عليه وسلم عليه -؛ رواه البخاري ومسلم. • دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة والبيضة على رأسه. • كان يحمل الزاد والمزاد إذا سافر في جهاد أو حجٍّ أو عُمرة، وجميع أصحابه. • إبراهيم - عليه السلام - في قصة حرقه بالنار. • موسى - عليه السلام - في لحاق فرعون وقومه له عند البحر. • أصحاب الكهف والرقيم في نومهم بالكهف تاركين الكفرَ وأهله. • كان الأنبياء يفعلون أسبابًا يحصل بها الرزق. • كان المهاجرون في مجموعهم أهل تجارة وكان الأنصار أهل زرعٍ. توكلت على الله: كل من سار في هذه الدنيا، ووَطِئَت قدمه الثرى، يحتاج إلى من يعينه وينصره، ويحتاج إلى من يتوكَّل عليه، وينصرف بقلبه إليه؛ ولهذا كان التوكل على الله والاعتماد عليه في جلب المنافع ودفع المضار، وحصول الأرزاق، والنصر على الأعداء، وشفاء المرضى وغير ذلك - من أهم المهمات وأوجب الواجبات، وهو من صفات المؤمنين، ومن شروط الإيمان، ومن أسباب قوة القلب ونشاطه، وطُمَأنينة النفس وسكينتها وراحتها. والآيات في الأمر بوجوب التوكل على الله، والحث عليه في كتاب الله - عز وجل - كثيرة؛ منها قوله: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]، وقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال - عز من قائل - في صفات المؤمنين: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]. وفي الحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي ذكر أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفًا لا حساب عليهم، ثم قال في وصفهم: ((هم الذين لا يتطيَّرون، ولا يَسترقُّون، ولا يَكتوون، وعلى ربهم يتوكَّلون)). وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم - عليه السلام - حين أُلقي في النار، وقالها محمد حين قالوا: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]"؛ رواه البخاري. وعن عمر بن الخطاب عن النبي قال: ﴿ لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً - جياعاً - وتروح بطاناً - شباعاً ﴾ [رواه أحمد والترمذي]. حقيقة التوكل: قال ابن رجب: "هو صدق اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة، وكِلَة الأمور كلِّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع، ولا يضر ولا ينفع سواه". وقال ابن القيِّم: "التوكل: نصف الدين، والنصف الثاني: الإنابة، فإن الدين: استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة، ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها، ولا تزال معمورة بالنازلين؛ لسَعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين، فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه، وفي محابِّه وتنفيذه أوامره". وقال الحسن: (إن توكُّل العبد على ربه أن يعلم أن الله هو ثقته". قال سعيد بن جبير: (التوكل جماع الإيمان). وقال بعض السلف: (من سرَّه أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله). وقال سالم بن أبي الجعد: (حُدِّثت أن عيسى - عليه السلام - كان يقول: اعملوا لله، ولا تعملوا لبطونكم، وإياكم وفضولَ الدنيا، فإن فضول الدنيا عند الله رجزٌ، هذه طَيْر السماء تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء - لا تَحرُث، ولا تحصُد الله - يرزقها). فَهم خاطئ للتوكل: قد يظن بعض الناس أن معنى التوكل ترْك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالقلب، والسقوط على الأرض كالخرقة، وهذا ظن الجهَّال، وحرام في الشرع، ولا شك أن ترْك التكسب ليس من التوكل في شيء، إنما هو من فعْل المبطلين الذي آثَروا الراحة، وتعلَّلوا بالتوكل. قال ابن رجب: (واعلم أن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدّر الله - سبحانه - المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك، فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب إيمان به؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]، وقال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ [الأنفال: 60]، وقال: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]. عن أنس قال: قال رجل: يا رسول الله، أعْقلها وأتوكَّل، أو أُطلقها وأتوكَّل؟ قال: ((اعقلها وتوكَّل))؛ أخرجه الترمذي. قال معاوية بن قُرَّة: ( لقي عمر بن الخطاب ناسًا من أهل اليمن، فقال: مَن أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: "بل أنتم المُتواكلون، إنما المتوكل الذي يُلقي حَبة في الأرض، ويتوكَّل على الله - عز وجل". وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "وكان أهل اليمن يحجُّون ولا يتزوَّدون، ويقولون: نحن متوكلون، فيحجون، فيأتون أهل مكة، فيسألون الناس، فأنزل الله: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّ
-
غرائب الألوان دائماً تتحفنا بالجمال والعجائب ! فكيف إذا كانت هذه الغرائب من عالم الغذاء وتحديداً من عالم اللون البنفسجي!! تحتوي الفاكهة والخضروات الأرجوانية (أو البنفسجية) اللون على عناصر غذائية هامة تظهر الدراسات العلمية يوماً بعد يوم فوائدها الصحية والحيوية ككثير من الأغذية الطبيعية الأخرى، لكن هذه الأرجوانيات تمتاز بخاصة تجعل منها إكسير الشباب والصحة الذي تكافح به الشيخوخة والهرم، حيث تحوي على مواد تدعى بالانثوسيانين (Anthocyanins) ، وهي مواد مضادة للأكسدة ثبت أنها توفر حماية للقلب والبصر وتعزز التركيز الذهني وتمنع عمليات الأكسدة التي تضر بالجسم وتسرع شيخوخة وهرم الخلايا. والأنثوسيانين؛ هي صبغات ذوابة بالماء تظهر بألوان تتدرج من الأحمر إلى البنفسجي إلى الأزرق بحسب درجة حموضة الوسط، وكيميائياً هي عبارة عن مركبات فلافونويد (مركبات حلقية متعددة غير مشبعة) لذا تعتبر من مضادات الأكسدة الفعالة جداً . أهم فوائد هذه المواد : تساعد في منع حدوث أمراض القلب . يساعد على حفظ المسالك البولية في صحة جيدة. يساعد على حفظ صحة جيدة حتى في الكبر . يساعد في تقوية الذاكرة . يمنع حدوث بعض أنواع السرطانات . خذ حصتك من الفواكه والخضار البنفسجية بتناول حصة أو أكثر من : عائلة التوت : بما في ذلك التوت البري cranberry- توت العليق (Blackberry)،: تُبيِّن البُحوثُ أنَّ المكوِّناتِ الموجودةَ في التُّوت قد تمنع بعضَ الجراثيم، مثل الإِشريكِيَّة القولونيَّة E. coli، من التشبُّث بالخَلايا على طول جدران المسالِك البوليَّة والتسبُّب في العَدوى. كما أنَّ هناك أدلَّةً أوَّلية أيضاً على أنَّ التوتَ البرِّي يمكن أن يُقلِّلَ من قُدرَة جراثيم المَلوِيَّة البَوَّابية على العَيش في المعدة وإحداث القرحات.هناك بعضُ الأدلَّة على أنَّ التُّوتَ البرِّي يمكن أن يساعدَ على الوقاية من عدوى المسالك البوليَّة الكرز : دائما كان الكرز مثار اهتمام الباحثين ليس فقط بسبب انخفاض محتواه من السعرات الحرارية وغناه في الالياف وفيتامين Cتتميز فاكهة الكرز cherry بغناها بالأملاح المعدنية مثل البوتاسيوم الذي يساعد الجسم على التخلص من أملاح الصوديوم الضارة بالأوردة المتصلبة .. يهدئ الأعصاب وينظف الدم من السموم - الخوخ : في ثمرة الخوخ كثير من السكر (حوالي 9%) إضافة إلى الأحماض العضوية ( حمض التفاح، حمض الليمون، حمض الأوكساليك )، النشا، البكتين، البروتين (0.8%) ، إضافة إلى الفيتامينات والمواد المعدنية. فهو مادة ملينة ومدرة للبول، تحسّن الشهية وتحسّن عملية الهضم، تنظف الأمعاء ولها أهميتها في حالات الإمساك وأمراض المعدة والأمعاء والكلى. الشمندر: ينظف الكبد من السموم ينقي الدم ويمنع فقر الدم يساعد الشمندر على تدفق الدم الى الدماغ مما يحمي من مرض الزهايم الملفوف البنفسجي: فالملفوف قليل السعرات الحرارية يخفض الكولسترول ويكافح السرطان تبين في دراسة جديدة ان الملفوف البنفسجي يمكنه الحدَ من تراكم الترسبات في الدماغ وبالتالي الوقاية من خرف الشيخوخة . الباذنجان البنفسجي : يحتوي الباذنجان على عناصرٍ غذائيةٍ هامةٍ كالفيتامينات والمعادن - يفيد في علاج تصلب الشرايين والوقاية منه يكافح السرطان ويمنع التأكسد - يعيق إنتقال الكوليسترول من المعدة إلى الشرايين وخصوصاً قشرته والتي تعمل على محاربة الشيخوخة وتقوي الذاكرة. العنب الاسود : يقوي الذاكرة.- يمنع حدوث أمراض القلب. يحمي الجلد من التجاعيد.الوقاية من تكوين الجلطات. البصل البنفسجي : يجعل الجسد أكثر دفئاً، وينشط الدورة الدموية، كما أن الدموع الذي يسببها عند تقطيعه تخلص الجسم من السموم. وأشار الباحثون إلى أن البصل قادر على منع إصابة الشخص بالسرطان ، كما يساعد في الحفاظ علي صحة القلب، التين البنفسجي : يحتوي التين على المواد المضادة للأكسدة المختلفة التي يمكن أن تساعد في منع العديد من الأمراض، كما يعتبر مصدرا مهما للألياف القابلة للذوبان التي يمكن أن تساعد بشكل كبير على تعديل مستويات السكر في الدم والكوليسترول. لكن هناك أصناف من الخضراوات والفواكه وغيرها ذات لون بنفسجي لم نرها أو نسمع بها من قبل، ومن الأمثلة عليها: - الجزر البنفسجي: يعد غنياً بالأنثوسيانين والكاروتينيدات، وهو مضاد للأكسدة، يساعد في التخفيف من الوزن، وفي السيطرة على مستويات الجلوكوز. القرنبيط البنفسجي: يتميز بوزنه الخفيف مقارنة بالأنواع الأخرى من القرنبيط، طعمه لا يختلف كثيراً عن القرنبيط الأبيض، وهناك أنواع أخرى من عائلته ولكن بألوان أخرى كالأصفر والأخضر. يحتوي القرنبيط على مضادات الأكسدة، وعلى مركبات الكبريت التي تساعد الجسم في التخلص من السموم التي يمكن أن تضر الخلايا وتزيد من خطر الإصابة بالسرطان. بطاطا أوكيناوا الحلوة البنفسجية: غذاء مفيد يزرع بالآلآف في الولايات المتحدة الأمريكية، تحتوي على مضادات الأكسدة وعلى الفيتامينات أ، ج، ب6، الحديد، البوتاسيوم، ولقد ثبت بأنها تعزز من جهاز المناعة، وتساعد في الوقاية من بعض أنواع السرطان. الهليون البنفسجي: يختلف عن نظائره الأخضر والأبيض، بارتفاع نسبة السكر وانخفاض مستوى الألياف فيه. البلد الأم له هو إيطاليا، وهو مصدر جيد للفيتامين ب6، الكالسيوم، المغنيسيوم، الزنك، البروتين، فيتامين أ، فيتامين ج، فيتامين هـ، فيتامين ك، الثيامين، الريبوفلافين، نياسين، حامض الفوليك، الحديد، الفوسفور، البوتاسيوم، النحاس، المنغنيز، السيلينيوم، وكذلك الكروم وهو المعدن الذي يعزز من قدرة الأنسولين لنقل الجلوكوز من مجرى الدم إلى الخلايا. الفلفل الهولندي البنفسجي: يتميز بجدرانه السميكة وبنكهته الأكثر مرارة من الأخضر والأحمر والبرتقالي أو الأصفر، ينخفض بالسعرات الحرارية، لا يحتوي على الصوديوم، الدهون أو الكوليسترول. يعد مصدراً ممتازاً للفيتامين س. حبة واحدة منه متوسطة الحجم تحتوي على حوالي 30 سعرة حرارية الأرز البنفسجي (Purple Thai Rice): لون الأرز البنفسجي ناتج عن لون النخالة (الطبقة الخارجية الصلبة)، والأرز البنفسجي غني بالكربوهيدرات، منخفض بالبروتين والدهون، يحتوي على كمية معتدلة من فيتامينات ب والألياف الغذائية. حصة واحدة من الأرز المسلوق البنفسجي تحتوي على 34 غراماً من الكربوهيدرات، 5 غرامات من البروتين، 2 غرام من الألياف الغذائية. يحتوي نصف كوب واحد من الأزر البنفسجي المطبوخ على 100 سعرة حرارية. الذرة البنفسجية: بدأت زراعتها في الأنديز في أمريكا الجنوبية (بوليفيا، إكوادور، بيرو)، تشتهر كمكّون رئيس في حلوى تسمى بحلوى الإنكا، تستخدم كغذاء وكذلك كصبغة، وتعد مصدراً غنياً بالمواد المضادة للاكسدة. الفاصولياء البنفسجية: تحتوي على كميات كبيرة من الألياف القابلة للذوبان التي يمكن أن تساعد على خفض نسبة الكوليسترول في الدم، كما أنها تحتوي على نسب مرتفعة من البروتين، الكربوهيدرات المعقدة، الـ folate، والحديد. كوب واحد من الفاصولياء البنفسجية المطبوخة توفر لنا ما بين 9- 13 غراماً من الألياف، وعند طبخها يتحول اللون البنفسجي للون الأخضر. الأرضي شوكي البنفسجي: زرع في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتحديداً في المنطقة الشمالية من إفريقيا، يعد غنياً بالألياف ومنخفض بالسعرات الحرارية. يساهم في الوقاية من أنواع معينة من أمراض القلب، والسرطان. الشعير البنفسجي: يحتوي الشعير على الفيتامين ب1، ب3، وعلى بعض المعادن كالفسفور، السيلينيوم، والنحاس. البندورة الكرزية السوداء البنفسجية: تعرف بالطماطم “السوداء” لكنها ليست سوداء حقاً،حيث تندرج بين الألوان الداكنة بما فيها البنفسجي الغامق والبني الغامق. تساهم في خفض الالتهابات والضغط المسبّب لأكسدة العضلات والتخفيف من الإحساس بالثقل في الساقين، إضافة إلى تحسين الدورة الدموية. الفجل البنفسجي: ينخفض الفجل بالسعرات الحرارية، وهو مصدر جيد لفيتامين س، البوتاسيوم والمغنيسيوم.مفيد لتقوية النظر، والتخلص من الرمال والحصى في المسالك البولية، ولمكافحة السموم. وقد قيل عنه انه مهضم، مدر للبول والطمث والحليب، مفيد لأمراض المفاصل، وأمراض العيون. المقال بقلم د اماني الطحان
-
كان حجر الاساس فى مكملات مركز الهاشمى هو العسل الذى يدخل فى معظم تركيبات المركز من المكملات الغذائية المنتجة ،، عرف الانسان العسل منذ القدم فكان انسان العصر الحجرى منذ ثمانية ألاف سنة يتناول فى طعامة عسل النحل وكان يستخدمة كعلاج وهذا مانجده فى الصور والمخطوطات و البرديات لقدماء المصريين والصوماليين بالعراق وسوريا واجداد اليمنين فى حضارة سبأ وحمير وقد كان قدماء المصريين يستعملونه فى التحنيط ليحافظ على انسجة المومياوات ,, وورد ذكره فى القرأن وكان يستعمل كعلاج للصلع ولمن الحمل كـــ لبوسات والالمان كان يستخدمونه لعلاج الجروح والحروق والناسور .. يستعمل العسل للغذاء والعلاج معا فاليمنيون القدماء اشتهروا بتربية النحل واستخدموا العسل فى غذائهم وفى علاجهم كما تدل بعض الوثائق القديمة على استعمال الآشوريين للعسل فى العلاج كما استعمله الفراعين لنفس الغرض قبل اكثر من ثلاثة ألاف سنة وورد فى احد كتبهم وصف كامل عن الخواص العلاجية للعسل جاء فيه ان العسل يساعد على شفاء الجروح وفى علاج امراض المعدة والامعاء والكلي كما يستعمل فى علاج امراض العين حيث يمكن تطبيقه على شكل مرهم او كمادات او غسولات وداخليا عن طريق الفم وفى الصين كان الاطباء يعالجون المرضى المصابين بالجدرى بدهن جلودهم بالعسل لما راؤه من اسراعه لعملية شفاء من البثور الجلدية الناتجة عن الاصابة بالجدرى اما الهنود القدماء فأستعملوا العسل لعلاج بعض امراض العيون كـــ السادة وكان ابو قراط يطلى بالعسل الجروح ويعالج به الالتهابات البلعومية والحنجرية وغيرها ويصفه كمهدىء للسعال وماص لرطوبة المصدر . وجاء المسلمون بعد ذلك واتسع نطاق استعمالهم للعسل تصديقا لقول الله عز وجل فى وصف العسل فى سورة النحل واقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم والتى وردت فى السنة النبوية ...
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله النصيحة الأولى : الإخلاص ، إخلاص العمل لله وإخلاص النية لله ، وأنت يا طالب العلم في طلب العلم ما أحوجنا جميعاً إلى الإخلاص أن تبتغي بعلمك وجه الله وأن تبتغي بعملك وعباداتك ودعوتك وجه الله سبحانه وتعالى ، فالله يقول : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )) ، ويقول سبحانه : (( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً )) ، والرسول يقول عليه الصلاة والسلام : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) متفق عليه عن عمر رضي الله عنه ، وتعرفون حديث أبي هريرة الذي رواه الإمام مسلم : ( أول من تسعر بهم النار والعياذ بالله من النار ثلاثة : ـ وهم كما تعملون ـ العالم الذي لم يبتغي بعلمه وجه الله ، والقارئ الذي لم يبتغي بقراءته وجه الله ـ ويدخل في ذلك الطالب الذي لم يبتغي بطلبه العلم وجه الله ـ والمجاهد الذي لم يبتغي بجهاده وجه الله ، وكذا المنفق الذي لم يبتغي بنفقته وجه الله ) . أول ما تُسعر بهم النار ويُسحبون سحباً على وجوههم حتى يُقذفون بالنار والذي فاتهم هو الإخلاص وإلا فالعمل بحسب الظاهر عملاً صالح ، فشرط الظاهر تَيسر وشرط الباطن الذي هو الإخلاص لله لم يتيسر ، فكانوا أول النار دخولاً إلى النار سحباً على وجوههم عياذاً بالله في ذلك ، فالله الله علينا جميعاً بالإخلاص ، يا طالب العلم إذا أردت أن يرفعك الله في الدنيا والآخرة فأخلص النية لله في طلبك للعلم ، فإن الإمام البخاري رحمة الله عليه حين ألف كتابه < الجامع الصحيح > بدأ بكتاب بدء الوحي وبدأ بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) لينبه طلاب العلم والعلماء على إخلاص النية لله ، وأن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله وإلا كان مردوداً على صاحبه ، وهكذا فعل الإمام النووي رحمة الله عليه في < رياض الصالحين > وفي كتابه < الأذكار > وفي كتابه < الأربعين النووية > ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وكذلك فعل المقدسي رحمة الله عليه في كتابه < عمدة الأحكام > بدأ بحديث عمر ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وكذلك فعل البيحاني رحمة الله عليه في كتابه < إصلاح المجتمع > بدأ بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) ، وغيرهم وغيرهم تنبيهاً لطالب العلم الذي وفقه الله لسلوك العلم بأن يُجرد النية لله ، وبأن يخلص العمل لله سبحانه وتعالى ، فقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في < صحيحه > عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( قال الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) ، فأحذر من الرياء وأحذر من السمعة وأحذر من حب الظهور وابتغي بعملك وجه الله سبحانه وتعالى ، وإذا أخلصت النية لله فأبشر بقبول العمل وأبشر أيضاً بعِظم المثوبة عليك ، فإن العمل إذا لم يكن خالصاً لوجه الله لو أنفقت مثل جبل أحد ذهباً رياءً وسمعة يجعله الله هباءً منثوراً وهو مثل جبل أحد أو أعظم من ذلك ، كما قال الله : (( وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً )) ، وإذا تصدقت ولو بنصف تمرة تبتغي بها وجه الله يُربيها الله لك حتى تكون يوم القيامة مثل جبل أحد ، فقليل العمل مع الإخلاص عظيم عند الله وكثير العمل بدون إخلاص لا شيء يكون هباءً منثوراً . هذه الوصية الأولى لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم ولداعي إلى الله ولكل مسلم ، ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل . الوصية الثانية لطالب العلم وطالبة العلم ولكل مسلم : أن نحذر من المعاصي ، أحذر يا طالب العلم من المعصية فربما كانت سبباً في ظلمة قلبك ، وفي ظلمة القبر ، وفي ظلمة الوجه ، وفي العيشة النكدة الظنكى ، المعصية هي حرب الشيطان للمؤمنين يُحارب الشيطان المؤمنين بالمعاصي ، لأنه يعلم أن من عصى فقد غوى ، كما قال الله : (( فعصى آدم ربه فغوى )) ، ومن عصى فقد ضل ، ومن عصى فقد عَرض نفسه لعقوبة الله عاجلاً أو آجلاً ، فأحذر المعاصي أحذرها على نفسك أشد مما تحذر على نفسك الحية والثعبان والتماس الكهرباء ، فكم من إنسان أظلم قلبه بسبب المعاصي فما استطاع أن يحفظ ولا استطاع أن يقرأ ولم يجد لذةً لا للقراءة لا للحفظ و ولا للصلاة في جماعة لظلمةٍ في قلبه حالت بينه وبين ما يريد ، فأنت إذا فعلت المعصية فقد أعنت الشيطان على تحطيم نفسك فاستقم كما قال الله : (( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك )) استقم وتمسك بالكتاب وبالسنة وأعمل بما تعلم ، أعمل بما تعلمت حتى يُبارك الله لك في علمك وفي عملك وفي عمرك وفي أقوالك وفي أفعالك ، يقول الشافعي رحمة الله عليه : شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدي إلى ترك المعاصي وقال أعلم بأن العلم نورٌ ونور الله لا يأتاه لعاصي فكم حاول من محاول أن يطلب العلم وأن يحفظ فما استطاع ، والسبب في ذلك المعاصي ، فالطاعة نور للقلب يَنجلي بها ، والمعصية ظلمة على القلب والعياذ بالله ، فالله الله في الابتعاد عن المعاصي ، وعليك بالإكثار من الاستغفار ، اكثر من الاستغفار لعل الله أن يغفر لك ، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يثبتك الله على دينه وعلى كتابه وسنة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه ، وراجع < الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) للإمام العلامة ابن القيم رحمة الله عليه ، وانظر كم من مخاطر تأتيك من قِبل المعصية . الوصية الثالثة لطالب العلم ولطالبات العلم وللعالم والداعي إلى الله : أن نحذر من الدنيا ، يا طالب العلم أحذر الدنيا ، أحذر حب الدنيا ، وأحذر أن يتعلق قلبك بها ، فإن القلب إذا تعلق بالدنيا وبحب الدنيا وبحب المال سرعان ما ينخدع ويُضحي بالعلم في سبيل الدنيا الفانية الملعونة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً ) رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، بل الله سبحانه وتعالى يقول : (( يا أيها الناس إن وعد الله حقٌ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )) قال ) فلا تغرنكم الحياة الدنيا )) أي لا تغتروا بها ، والرسول يقول صلوات الله وسلامه عليه : ( اتقوا الدنيا واتقوا النساء ) رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، اتقوا الدنيا واتقوا النساء ، أحذروا الدنيا أحذروا الدنيا ولا تتعلق قلوبكم بها ، ليس معنى أنك لا تأكل ولا تشرب ولا تبع ولا تشتري لا بد لك من هذه الأمور ، لكن أحذر أن يتعلق القلب بحبها ، وأحذر أن تنغمس فيها ، فكم من إنسان انغمس فيها فضيع دينه إلا من رحم الله ، وجاء أيضاً في سنن ابن ماجه بإسنادٍ حسن من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن نتذاكر الفقر ونتخوفه ، فقال : ( آلفقر تخشون ، والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صباً حتى لا يزبغ قلب أحدكم إزاعةً غلا هي ، وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ) فقال أبو الدرداء رضي الله عنه : نعم والله تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ، فانتبه انتبه أن تتعلق بالدنيا فإن من تعلق بها زاغ قلبه ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغةً إلا هي ) ، وهكذا يقول عليه الصلاة والسلام : ( ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم الدنيا ) وقال أيضاً : ( لا الشرك أخشى عليكم ، ولكن يخشى علينا زهرة الحياة الدنيا ) حديثان في البخاري وغيره ، فكن على حذر فإنه لا يجتمع في قلب امرئ حب العلم وحب الدنيا ، فإما أن يغلب هذا على هذا أو هذا على هذا ، وإذا غلب حب الدنيا على قلبك تركت العلم وضيعت نفسك ، وكم من أناس ضاعوا وقد كانوا طلبة علم ومنهم من كان قد استكمل حفظ القرآن ، ومنهم من حفظ من الأحاديث الشيء الكثير والكثير ، ثم تعلقت قلوبهم بالدنيا فضاعوا وأضاعوا . النصيحة الرابعة لطالب العلم وطالبة العلم وللعالم والداعي إلى الله : أن يحذر من الكبر فإن الشيطان إذا عَجز عن صرفك عن طلب العلم ما استطاع ربما آتاك من الباب الآخر ونفخ فيك روح الكبر ، وقال : أنت عالم وأنت زاهد وأنت صالح وأنت قارئ أو طالب علم وانظر إلى زملائك أين هم منك لا يسوون أصبع من أصابع يديك أو رجليك ، وأعطاك من هذا الثناء والإطراء والمدح ، فإذا بك تنخدع ويكون في هذه الحالة قد قضى عليك وأهلكك إلا أن يشاء الله أن يتغمدك برحمته فقد قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) مثقال ذرة من كبر ، فقال رجلٌ : يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون نعله حسناً ، وثوبه حسناً أي فهل هذا من الكبر ؟ ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس ) رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، فبين الرسول عليه الصلاة والسلام ما هو الكبر بشيئين : بطر الحق أي دفعه وعدم قبوله ، وغمط الناس أي احتقار الناس ، هذا هو الكبر ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) إذاً كلما أراد الشيطان أن ينفخ فيك روح الكبر والفخر والإعجاب بالنفس فتذكر أنت لا شيء ، قد سُبقت بعلماء كالجبال وما أنت إلا حصاد ، وقد سُبقت بعبادٍ وزاهدين وصالحين عُظماء ، وما أنت إلا شعرة في ظهر أحدهم ، وخاصةً حين تقرأ في سير الصحابة وسير الصالحين وسير الأنبياء ، وحين تقرأ أيضاً عن الملائكة عليهم السلام تجد نفسك لا شيء من حيث العبادة ، وأيضاً إذا قرأت في سير العلماء تجد نفسك لا شيء في العلم ، فأحذر يا أخي الطالب بارك الله فيك وفي علمك وكذلك أنتِ أيتها الطالبة بارك الله فيكِ وفي علمكِ ، علينا جميعاً أن نحذر من مداخل الشيطان التي يُغرقنا بها إن عجز من هذا الباب أتى من الباب الثاني ، إن عجز من أن يدخل عليك من الباب دخل عليك من النافذة حاول بكل ما يستطيع أن يضلك ضلالاً مبيناً وبعيداً وأن يُغويك ، فكن على حذر من كل المداخل ، وتذكر قول الله : (( والذين جاهدوا فينا لنهد ينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )) جاهد نفسك في ذات الله ، ومهما كان صوتك جميلاً فمن الذي أعطاك الصوت الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك الشعر الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك اللون الحسن ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك العقل والذكاء ؟ أليس هو الله ؟ من الذي أعطاك الحفظ والذاكرة ؟ أليس هو الله ؟ الجواب : بلى ، فإذاً تفتخر بأي شيء ؟ تفتخر بشيء ليس هو منك وإنما هو من الله أما تتقي الله في نفسك ، أما تعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يأخذ ما أعطاك أخذه ، فإنه لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون ، أخبرني رجلٌ عن شخصٍ وقد رأيت ذلك الشخص ، قال : كان ذاك الرجل ذا شعرٍ جميل وكان يتفاخر به ، قال : وبعد فترة ما نشعر إلا وشعر بدنه بكامله تساقط الذي على رأسه الذي على وجه والذي في يديه كل الجسم حتى الذي على حاجبيه ، فرأيته في الحالة الثانية لا شعر وهو يعرفه في الحالة الأولى والثانية ، والذي أخبرني ثقة والله يفعل ما يشاء ، (( لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون )) انظر لما تفاخر بشعره الوسيم الجميل وما حمد الله وما شكره وما تواضع وما أدى شكر هذه النعمة ، وكأنه هو الذي خلق هذا الشعر أستغفر الله كيف سلب الله منه هذه النعمة ، وهكذا الذاكرة إن تفاخرت فما تشعر إلا وقد سلب منك الذاكرة والعقل والذكاء والحفظ والفطنة ، فتصبح بليد من أرذل الناس في البلادة فتواضع لله وأعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه . الوصية الخامسة : الاهتمام بالعبادة ، يا طالب العلم يا طالبة العلم يا أيها العالم يا أيها الداعي إلى الله ، أحذر هذا المدخل أن يدخل عليك الشيطان منه وهو إهمال العبادة بدعوى أنك مشغول بالحفظ والمذاكرة والمراجعة في النحو في المصطلح في الحديث في المواريث في الفقه في الأصول إلى غير ذلك انتبه ، العلم يدعو إلى العمل الصالح ، والعلم يدعو إلى العبادة ، والعلم يدعو إلى التقوى ، والعلم يدعو إلى الاستقامة ، والعلم يدعو إلى التواضع ، فإذا لم تنتفع أنت بعلمك فكيف تريد من الناس أن ينتفعوا بعلمك وأنت مضيع لصلاة الضحى ، وقد تضيع صلاة الوتر وقد لا تهتم بالرواتب القبلية والبعدية في الصلوات المكتوبة ، وقد لا تهتم بالأذكار أذكار الصباح والمساء ، وقد لا تهتم بالصيام النوافل ، وقد لا تهتم بالدعاء والتضرع ، فالعلم الذي أنتفع به صاحبه هو الذي أثمر العمل وأثمر العبادة ، فهو كثير الاستغفار وكثير التهليل وكثير التكبير التسبيح وهو محافظ على صلاة الضحى على صلاة الوتر وقيام الليل محافظ على صيام النوافل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، يُنفق مما أعطاه الله من علمٍ أو مالٍ أو وقتٍ ويبتغي بذلك وجه الله ، يعمل بعلمه يصبر يحلم يعفو يصفح أنتفع بعلمه قبل أن ينتفع الناس بعلمه ، فبدأ بنفسه قبل أن يبدأ بالناس فأنتبه عليك بالعبادة ، إذا أردت أن يُوفقك الله وأن يثبتك وأن يُسددك فأحرص على الطاعة وعلى العبادة ، حافظ على الصف الأول بدون مضايقة ، حافظ على صلاة الضحى صلاة الإشراق صلاة الاستخارة إذا دعت الحاجة ، حافظ على صلاة قيام الليل وعلى صوم النوافل ، قال عليه الصلاة والسلام : ( من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ) رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، وتعرفون أيضاً حث الرسول عليه الصلاة والسلام على صيام يوم عرفة وأنه يكفر ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة ، وحث على صيام تاسوعا وعاشورا وأن صوم عاشورا يكفر الله به ذنوب سنة ، إلى غير ذلك من نوافل الطاعات ونوافل العبادات ، أنت أحق بها من غيرك تتعلم وتعمل كلما مررت بآية أو بحديث حاول على أن تعمل بهذه الآية أو بهذا الحديث إن كان في باب العقيدة تعتقد وإن كان من باب الوجوب تعمل وإن كان من باب فضائل الأعمال فأحرص ، وإن كان من باب المحرم فأبتعد عنه وإن كان من باب الكراهة فتنزه عنه وهكذا . الوصية السادسة : الفتوى ، يا طالب العلم ويا طالبة العلم التسرع بالفتوى ليس بالأمر الهين ، الفتوى لأهل العلم للعلماء الراسخين بالعلم البارزين ، أما أن يقوم الطالب في مسجد من المساجد وهو طالب ويلقي نصيحة طيبة جزاه الله خيراً ، ثم يقول للناس من كان عنده أسئلة فبعد صلاة العشاء إن شاء الله نجيب على الأسئلة ، ألا ترون أن هذه مهزلة وأن هذا يعتبر حطاً من قدر العلم ومن قدر العلماء ، طالب ما قد أجاز له العلماء بالفتوى ، أما لو كان من المتمكنين ومن المستفيدين قد أجاز له شيخه أجاز له أن يفتي هذا شيء آخر يستثنى من ذلك ، لكن شيخه ما أجاز له أن يفتي الناس ، فكلما ألقى كلمةً في أي مسجد قال : والإجابة على الأسئلة بعد صلاة العشاء ، سواءً هو يقول أم من حوله ، فعلى طلبة العلم أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يعلموا أن أمر الفتوى ليس بالأمر الهين ، الله يقول : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وأهل الذكر هم أهل العلم ، وهم أهل الفقه في الدين ، وكيف كان سلفنا الصالح رحمة الله عليهم كانوا يتدافعون الفتوى من شخصٍ إلى آخر ، يأتي السائل إلى أحدهم يستفتيه فيقول : أذهب عند فلان ، فيذهب عند فلان فيقول له : أذهب عند فلان ومن واحد إلى واحد كل واحد خائف على نفسه من أن يفتي بغير علم ، والله يقول : (( ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً )) ، ويقول سبحانه : (( ولا تقولوا لما تصف أنفسكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم )) ، ويقول سبحانه : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) فيعتبر القول على الله من غير علم من أكبر الكبائر ، ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما في مقدمة < سنن الدارمي > قال : من أفتى الناس بكل شيء فهو مجنون ، وتعلمون قصة ذلك الرجل الذي أتى إلى الإمام مالك رحمة الله عليه من مكان بعيد فسأله عن أربعين مسألة فأجابه عن ثلاث ، فقال : أنت الإمام مالك الذي ذاع صيتك وشاع وقد جئتك من مكان بعيد بأربعين مسألة تفتيني بثلاث ؟ ، قال : أصعد على جبل سلع وقل للناس أتيت من مكانٍ بعيد إلى مالك بأربعين مسألة فما أجابني إلا بثلاث أو كما قال رحمه الله ، طالب علم يتجرأ على الفتوى قلة أدب والله وقلة خوف من الله وقلة خشية من الله ، ما يفتي إلا العالم ، أو من أجاز له العالم بعد الاختبار بعد اختباره إذا أجاز له لا بأس ، وإلا يُحيل ويقول : أذهب إلى العالم أنا لست بعالم ، فإن شاء الله تتنبهوا لهذا الوصايا ولهذه النصائح التي هي في صالح الجميع إن شاء الله ، ولا بأس أن تعطي السائل رقم التلفون للعالم وتقول : أسأل الشيخ فلان هذا التلفون ، وإذا عرفت حكم المسألة فلا بأس أن تدله على الكتاب أو على الشريط على إنها فتوى للعالم ، إذا كنت قد وقفت على فتوى لعالم فتقول الشيخ الفلاني في الكتاب الفلاني أو في الشريط الفلاني أجاب عن هذه المسألة فتحيله على مليء على عالم ، أما أنك أنت تقوم تفتي الناس هذا مع وجود العلماء وكيف بعد موتهم ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبقي عالماً أتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علمٍ فأضَلوا وأَضلوا ) متفق عليه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما . الوصية السابعة : هي عدم التسرع في فتح المراكز ، يا طالب العلم إياك والتسرع في فتح المراكز ، تتعلم عند شيخ من المشايخ فترة ثم تطمع في أن تبرز كما برز هذا الشيخ قبل أن تتمكن من العلم قبل أن يُجيزك الشيخ بذلك ، فما يشعر إلا وقيل فلان فتح مركز بالمكان الفلاني في القرية الفلانية في الحي الفلاني في المسجد الفلاني وعنده طلاب وحوله الناس و الشباب وهم حوله يا شيخ يا شيخ يا شيخ وهو طالب ، هذا أمرٌ لا تظنوا أنه يُبشر بخير ، هذا يُنذر بشر لأن هذه المراكز لا بد لها من علماء يُسيرون الدعوة ويفتون الناس في القضايا الهامة ، ويُصلحون بين الناس وهم على هدى وهم على نور ، أما طالب ولد ولد ويفتح مركز فهذا إذا لم يظهر خطره الآن سيظهر بعد الآن بل قد ظهر خطره الآن أي نعم ، ويعرف هذا من تجول في الدعوة إلى الله وعرف أحوال الناس يعرف هذا ، فالله الله اثبتوا عند شيخكم يا طلبة العلم وإياكم والانقطاع عن طلب العلم ، ثم إياكم والتسرع بفتح المراكز احذروا ، إلا أن يكون أستأذن شهر من شيخه كبير أهل بلده في رمضان مثلاً أو في غيره ، تقول يا شيخ هل أنا أهل إلى أن أصلي بالناس صلاة التراويح ويحدثهم بما أستطيع فإن قال نعم فذاك ، فترة ثم تعود شهر نصف شهر عشرين يوم بما فتح الله عليك إن أجازك أن تمكث هذه الفترة داعي إلى الله لا بأس هو أخبر بك ثم تعود ، لا تنقطع عن أبيك فالعالم يعتبر أباً روحياً لا تنقطع عن طلب العلم إلا إذا رأى الشيخ أنك تستحق أن تفتح مركزاً ، فكل شيخ هو أدرى بطلابه وعليه أن يحتاط ، أنصح المشايخ أن يحتاطوا في مثل هذه الأمور وأن لا يتسرعوا حتى الشيخ أيضاً لا يتسرع ، فلا بأس أن يقول الشيخ لتلميذه أذهب إلى المكان الفلاني وعلم الناس الكتاب والسنة بما يفتح الله عليك لمدة كذا يربطه بمدة شهرين ثلاثة أربعة ستة أشهر من أجل لا يظن هذا الطالب أنه خلاص استقل فإذا انتهت المدة تعود إن شاء الله إلينا وننظر غيرك يواصل لهم الفوائد وأنت تَعود لطلب العلم ، ويقول له : إياك والفتوى بغير علم إلا فيما قد عَرف الحق والصواب فيه لأن هذا قد صار الآن مكلف من قِبل الشيخ بالذهاب بخلاف من ذهب من ذات نفسه ، وما أشكل عليك فارفعه إلينا أكتب في ذلك رسالة وأرسل بها إلينا حتى لا تنقل الفتوى بغير حق ، ففتح المراكز من جاء فتح هذا نذير بشر إلا مركز فُتح بأمر من الشيخ ، فهذا يُبشر بخير ، أما من جاء فتح نذير بشر ويعتبرون الذين يفتحون مراكز بدون أستاذان من مشايخهم يعتبرون قطاع طريق يقطعون الطريق بين الشباب وبين طلبة العلم وبين أهل العلم ، سواءً قال : لماذا تذهب هاهو المركز بجانب بيتك أو لم يقل هذا لكن هذا هو المراد ، فقد يأتي الكسل لذلك الطالب فيقول : أنا أذهب إلى المكان البعيد عن الشيخ الفلاني وقد في فلان الفلاني قد فتح دروساً فيكون سبب في قطع الطريق وسبب في تثبيط الناس عن طلب العلم . الوصية الثامنة : الجرح والتعديل ، يا طالب العلم ليس لك أن تجرح وأن تُعدل لا في إخوانك ولا في غيرهم ، فإن الجرح والتعديل من فروض الكفاية وليس من فروض العين إذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين وهو من وظائف أهل العلم الراسخين في العلم ، انتبهوا لهذه المكيدة الشيطانية التي أبعدت ووسعت الشقة بين الأمة وبين العالم والعامة حين من جاء تكلم ، العالم إذا تتكلم يتكلم بعلم ويتعلم بسداد إن شاء الله ويعرف متى يقول ومتى يسكت وإذا قال ماذا يقول ، أما الطالب والعامي ومن جاء جرح وعدل ويصبح حديث القوم في مجالسهم فلان كذا وفلان كذا هذه فوضى علمية لسنا راضين عنها ولا عن من يقوم بها ممن لم يُأهل لذلك ، فليتقِ الله طلبة العلم وليكونوا بارين بمشايخهم مطيعين فإن الله أمر بطاعة العلماء كما قال سبحانه : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً )) وأولوا الأمر هم العلماء والأمراء ، فالعلماء يجب على العامة وعلى طلبة العلم أن يُطيعوهم في حدود كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطاعة العالم أوجب عليك من طاعة أبيك فاتقِ الله يا طالب العلم ، ولا تشوه بمنبر العلماء عند العامة ، بما تثرثره في تلك المجالس من القيل والقال والطعن في الأعراض والتجريح في المسلمين فلست أهلاً لذلك ، إلا من أُجيز من أهل العلم بأن فلان أهل بأن يفتي أو أهل لأن يدعو أو أهل لأن يُجرح ويُعدل ، أما من جاء تكلم وتصبح المسألة فوضى بلا ثبات بلا سداد بلا صواب وهذا هو الحاصل ، وأنا والله أخشى على أهل العلم إن لم يتنبهوا لهذه الأمور وإن لم يُحيطوا طلابهم بالنصح أخشى عليهم من عقاب الله ، وأيما طالب لا يلتزم بالنصائح والتوجيهات التي لا تخالف الكتاب ولا السنة فإنه يُضرب إن لم يلتزم إذا كان يبقى يثرثر في الجرح والتعديل أو يفتي الناس بغير علم ويحاول أن يُظهر نفسه بمظهر العلماء مثل هذا وجوده وبال على المجتمع ، لأن ضرره سيكون أكبر وإذا تُرك على هذه الحالة ربما تطور في الضلال وأفسد أكثر مما يصلح ، فإن شاء الله المشايخ وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الوالد الشيخ مقبل حفظه الله علينا جميعاً أن نتنبه لهذا وعليه بوجه الخصوص أن يتنبه لهذا حتى تُحزم الأمور ويسود المجتمع الأمن والأمان والاستقرار والهدوء والدعوة بعلم وببصيرة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وكما أن الطالب يُمنع من الجرح والتعديل يُمنع نثراً كذلك يُمنع شعراً فلا يقولُ الشعر جرحاً وتعديلاً ولا يقول النثر جرحاً وتعديلاً ، حسبك يا طالب العلم أن تطلب العلم وكثر الله خيرك أنك طالب علم ، وكثر الله خير الشيخ أنه قَبل طلبة العلم ويعلمهم قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام ، فإنها ربما كان سبب كان سبباً لانقطاعك عن طلب العلم . الوصية التاسعة : عدم الرجوع إلى العلماء ، يا سبحان الله هذه ظاهرة خبيثة منتنة أن الطالب وأن الطالبة يكتفي بنفسه في الفتاوى وبغيرها وكأنه لا يلزمه أن يعود إلى العلماء في للاستشارة وللسؤال وللتفقه يتعلم شيئاً قليلاً من العلم ثم يرى نفسه ابن حجر الثاني أو ابن تيميه عصره أو الإمام الذهبي وربما نظر إلى شيخه أيضاً بأنه شيخ معلوماته محدودة يا سبحان الله نعوذ بالله من الغرور ونعوذ بالله من الكبر والظلم ، تنظر إلى شيخك الذي له الفضل بعد الله في تعليمك وكأنه ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة وأنت الليث بن سعد ، أو رشدين بن سعد وأنت علي بن المديني ، هذا والله مرض والله مرض ، أنا ما أقل كلكم والحمد لله فيكم ناس نسأل الله أن يُوفقهم وأن يُبارك فيهم لكن قد يدخل قد يحصل من البعض وقد يكون هذا المرض ما هو من ذات نفسه الشيطان أوقعه فيه وهو ما عنده الحصانة حتى يتنبه للمكائد والخطط الشيطانية ، فإذا رأى نفسه أتقن شيئاً وأحسن شيئاً من الفنون بعضهم يحتقر حتى شيخه ، أما احتقاره لزملائه فحدث ولا حرج يراهم عصافير وكتاكيت إلا من رحم الله ، وهذا هو العلم وهذه هي الثمرة التي نحن نريدها ؟ أنك حفظت مسألةً فرأيت من حولك كأنهم ذر أو نمل اتقِ الله في نفسك ، كلما أزداد المؤمن علماً كلما أزداد تواضعاً وقال : أيش عندي من أنا إلى فلان وفلان هذا هو الصحيح كلما أزدت من العلم والإيمان والصلاح والاستقامة والتمسك كلما ترى نفسك صغيراً ، الشيخ ابن باز رحمة الله عليه في العام الماضي وأنا موجود في الدرس في مكة وهو يفتي الناس رحمه الله قبل أن يموت في حياته بفتي الناس جاء إليه سؤال في ورقة ، يا شيخ أنا من سكان مكة يقول السائل هكذا أنا من سكن مكة ولي بيت وما أشعر إلا ودخل بيتي مجموعة من النحل وتراكم في بيتي فما عرفت ماذا أصنع فيه هل أخرجه من بيتي وهي في الحرم ومن دخل الحرم كان آمناً وإلا كيف أصنع أنا محتار أجيبوني أثابكم الله ؟ يقدم هذا السؤال لرئيس العلماء رحمة الله عليه ، وأنا في أتم الانتباه ماذا سيجيب هذا الشيخ الفاضل عن هذا السؤال ، وإذا به يقول رحمه الله : تُبحث هذه المسألة تبحث خلوها على جنب هكذا بالمكرفون ، انظروا على تواضع هذا هو العلم رئيس العلماء بل رئيس كبار العلماء يأتيه هذا السؤال وفي آخر حياته وليس في شبابه في آخر حياته والإنسان كلما طال عمره كلما زاد علمه ، ومع ذلك من تواضعه رحمة الله عليه ما تسرع في الإجابة قدام الناس في مكة المكرمة والناس ملتفون يريدون إجابة والمسألة نحل دخل بيته بيت هذا الرجل قال : تُدرس إن شاء الله ، هذه إن شاء الله ذكرى لنا جميعاً فأحذر يا أخي أن تستقل بنفسك والله مرض والله مرض وتأكدوا أن الذي يستقل بنفسه ما هي إلا فترة وإذا به ينحط ويصبح في مصاف العوام إلا أن يُوفقه الله ويعرف لأهل العلم فضلهم وقدرهم ويعود إليهم ويسألهم ويستشيرهم وإلا تأكدوا أنه سينحط سينحط . الوصية العاشرة : عدم الجدل ، الوصية العاشرة لطالب العلم ولطالبة العلم عدم الجدل ، يا طالب العلم إذا فتحت على نفسك هذه المسألة الجدال مع الزملاء وإظهار العضلات وأنك أنت صاحب العلم وصاحب الباع الطويل فقد فتحت على نفسك باب مرضٍ وباب فتنة ، وكذلك أنتِ يا أيتها الطالبة إذا لم يَترك الطالب الجدل وإلا فهو على خطر ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما ضل قوم بعد هدىً كانوا عليه إلا اُتوا الجدل ، ثم قرأ : (( ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصِمون )) ) رواه الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ، وأذكر زميلاً من زملائي في بداية الدراسة قبل تقريباً أربعة أو خمس وعشرين سنة ونحن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان كثير الجدل ، وربما جادل من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل ثم كانت النتيجة أنه انتكس ، نتيجة الجدل وعدم حفظ الوقت وعدم الإكثار من الاستغفار والتسبيح والتهليل وقيام الليل وعدم التأسي بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، الرسول ما كان يُجادل صلوات الله وسلامه عليه ، كانت النتيجة أنه انتكس ، لما ذهب النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت فاطمة وعلي رضي الله عنهما يُقضهما لصلاة الليل طرق الباب عليهما وقال : ( ألا تصليان ) أي صلاة الليل فقال علي رضي الله عنه من الداخل : يا رسول الله إنما نفوسنا بيد الله يطلبها متى شاء ، رجع النبي عليه الصلاة والسلام وهو يضرب فخذيه ويقول : ( وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً ، وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً ) ورجع ، ما قال : يا علي أيش أنا ما أعرف هذا الكلام الذي أنت تقوله أنت تعلمني وإلا أنا الذي علمتك رجع ويقرأ الآية ، واعتبر أن هذا الرد من علي جدالاً وقرأ عليه الآية وهو ماشي سمعه علي من الداخل وهو يضرب فخذيه ويقول ويقرأ : (( وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً )) ، فيا طالب العلم إياك والجدل ابتعد عنه فإنه يُوغر الصدور ويجلب الأحقاد والبغضاء في القلوب تقول بما تعرف وتقول لزميلك بما تعرف ، فإن قال لا تقول : الشيخ موجود أسأله أنا وإلا أنت إن شاء الله وقت الظهر إذا خرج أو العصر والفائدة لنا جميعاً واقطع باب الجدال ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا اختلفتم بالقرآن فقوموا ) متفق عليه ، يعني أنتم تقرءون في حلقة وقال واحد : الآية هذه كذا والثاني قال لا هي كذا ، قال : ( اقرءوا القرآن فإذا اختلفتم عنه فقوموا ) لا تجلسوا اقطع باب الجدال ، فانتبه يا طالب العلم لا جدال ، تحفظ وقتك وتبقى المودة بينك وبين زميلك والحمد لله أنتم بين يدي عالم من علماء المسلمين ومن الراسخين في العلم إن شاء الله تسألونه والفائدة للجميع . الوصية الحادية عشرة : الزهد والورع ، يا طالب العلم كن زاهداً وكن ورعاً ولا تكن طماعاً فإنك إن فتحت على رأسك هذا الباب باب الطمع والهلع والجشع فقد فتحت على نفسك باب فتنة أيُ والله كما قال الله : (( إنما أموالكم وأولادكم فتنة )) وكما قال الرسول عليه الصلاة السلام : ( إن لكل أمةٍ فتنة وفتنة أمتي المال ) ، والله يقول : (( كلا إن الإنسان ليطغى * أن رءاه استغنى )) ، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه ، والعفاف والغنى غنى النفس القناعة فأحذر الطمع فكم من إنسان جره الطمع فترك طلب العلم ، وبعضهم جره الطمع وترك العبادة والطاعة ، فكن قانعاً راضياً بما قسم الله لك حتى تنال العزة في الدنيا والآخرة إن شاء الله وتذكروا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام كما في < الصحيحين > لما قال هرقل عظيم الروم لأبي سفيان رضي الله عنه سأله عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال : فما يأمركم ؟ ، قال : يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، واتركوا ما يعبد آباءكم ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدق ، والصلة ، والعفاف ، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر بالعفاف وكان يقول : ( اللهم إنا نسألك التقى والهدي والعفاف والغنى ) ، وكان يقول : ( اللهم ارزق آل محمدٍ قوتاً ) وفي رواية ( كفافاً ) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، فعليك بالعفاف واترك الطمع . الوصية الثانية عشرة لطالب العلم ولطالبة العلم : بعدم فتح العيادات ، يا طالب العلم أحذر أن تفتح عيادة إذا رجعت إلى بلدك تقرأ على الممسوسين وعلى المسحورين فما نشعر إلا وقد انزلقت وراء الأطماع ووراء الدنيا ، كما انزلق غيرك إلا من رحم الله ، أقول إلا من رحم الله وقليلٌ ما هم ، فكم من أناس كانوا طلبة علم ثم فتحوا على أنفسهم هذا الباب تركوا الجمعة والجماعة بعضهم وبعضهم الجماعة وبقي عنده الجمعة وبعضهم بعض الجماعة ويحضر بعض الصلوات مع الجماعة والبعض في البيت وبعضهم خزن وتنبك وإلى غير ذلك ، وأما عن مسك المرأة فحدث ولا حرج منهم من يمسك الرأس ومنهم الظهر ومنهم الحلق ومنهم البطن ومنهم محل ما يكون يمسك بدعوى أنه يطارد الشيطان ، وبعضهم يقول : اكشفي عن وجهك قيل لِمَ ؟ قال : من أجل أُحدَ النظر في عينيها فأقهر الشيطان ، كم لبس الشيطان على هؤلاء الجهلة وأنت طالب علم ما أنت عالم أو أنت طالبة علم فما يكون همكم الدنيا والمصالح ثم تبيعون دينكم بعرض من الدنيا قليل ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه . الوصية الثالثة عشرة : أحذر يا طالب العلم مدخل الشيطان عليك ، يدخل عليك من باب فتقول : أنا لا آخذ العلم الفلاني عن الشيخ الفلاني ، فقد دخل الشيطان على بعض المغفلين وقال : أنا لا آخذ الفقه عن الشيخ مقبل وهو من طلابه ، انظروا على بلية وعلى فتنة من طلاب الشيخ يقول الشيخ ليس بفقيه ، يا سبحان الله من أين دب إليك هذا البلاء من أصحاب البدع من الحزبيين تأخذ تقول فلان كذا وفلان كذا ، والثاني قال : لا آخذ التاريخ عن الشيخ مقبل وهذا من أهل السنة وذاك من أهل السنة ، لكن من الجهلة هذا جاهل وذاك جاهل ، فاتقوا الله في هذه العبارات التي تأخذونها عن المبتدعة فتطلقونها على مشايخ السنة بدعوى أنه لا يتقن هذا الفن ، وأنا لا أقول أن العالم عالم بكل شيء قد يحصل أنه يتقن فنوناً وبعض المسائل يُشيرها على غيره كما قال الله : (( وفوق كل ذي علمٍ عليم )) لكن ما حاجة لذكر هذا الكلام أمام الناس فإن هذا يؤدي إلى احتقار العلماء واليوم تدعي أنك لا تأخذ عنه الفقه وغداً ستقول : ولا آخذ أيضاً عنه التجويد وبعد غد ستقول لا آخذ عنه الصرف ، ويوم آخر تقول لا آخذ عنه علم المواريث والمسألة طعن قد تكون من أعداء السنة وطعن وطعن وفي الأخير سيقول حتى علم الحديث ، فانتبهوا جزاكم الله خير أحذروا المداخل الشيطانية ، الشيخ مقبل حفظه الله يُعتبر من علماء الحديث ومن علماء التفسير ومن علماء التوحيد ومن علماء الفقه إلى غير ذلك من العلوم والفنون جزاه الله خيره ويعتبر من كبار علماء السنة في العصر الحاضر ، وهذا من فضل الله عليه ، وعليه أن يشكر الله على ما آتاه من هذا الخير فهذا دينٌ عليه يحتاج إلى شكر وثناء على الله ، ولكن هذا من باب (( وأما بنعمة ربك فحدث )) وحتى قالوا عن الشيخ ابن باز رحمة الله عليه لا يتقن الفن الفلاني والشيخ الألباني لا يتقن الفن الفلاني نحن ما نسمع هذا الكلام إلا من مبتدعة وأنا ما ذكرت هذا إلا لما سُمع من أناس من طلبة العلم وإلا ما سأذكره لأنه كونه يُسمع من المبتدعة ما نبالي بهم لكن أنت طالب علم وتدعي أنك سني ثم تتفوه بهذا الكلام البذيء أمام الناس ما تتقِ الله في نفسك . الوصية الرابعة عشرة : التصدر للدعوة ، وإن كان هذا الكلام قد دخل في ضمن كلامي السابق حول فتح المراكز ، لكن قد جعلت له بنداً مستقلاً ، التصدر للدعوة من الطلاب المبتدئين هذا يُشكل خطورة فما كل واحد يصلح للدعوة وبسم السنة ما كل واحد يصلح أن يقوم ، أعجب والله بعضهم يُسئ إلى لدعوة أكثر مما يُحسن إليها ، قيل لبعضهم لا تذهب إلى المكان الفلاني إلى المسجد الفلاني فذهب وتكلم وأثار المشاكل وصاح الناس وسبوا أهل السنة بسببه ، وأذكر مرة قبل سبع سنين من الشيخ مقبل حفظه الله أنه أُخبر عن طالب ذهب إلى جامع الهادي بصعده وتكلم أو أراد أن يتكلم وقام الناس عليه ، ثم أُخبر الشيخ حفظه الله فقال : من هذا الذي ذهب إلى جامع الهادي لا بارك الله فيه ، لا بارك الله فيه ، لا بارك الله فيه ، تذهبون إلى أناس لا يُريدكم وكم من أناس يُطالبون بكم ما قد سدينا الفراغ أو كما قال حفظه الله ، فيا طالب العلم يا أخي اشتغل بالعلم قبل أن تشتغل بالدعوة وفتح المراكز والقراءة على الممسوسين لا تتعجل الأمور تأنى ، من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه ، فإذا كان الشيخ يراى أنك أهل لذلك فلا بأس ، مرة واحد استأذنني في الدعوة قلت له أولاً تلكم عندنا بكلمة فإذا سمعتها طيبة لا بأس قال : أنا مشغول قلنا خير إن شاء الله وذهب ، يعني ما أراد أن يتكلم عندنا حتى لا نقول لا أنت غلطان عليك مآخذ إلا في المساجد سيقول وسيتكلم ولو حتى خبط لما يشبع ، فأنتبهوا من كان قد عُرف أنه يتكلم بكلام طيب ويجمع الأدلة ولا يُثير الناس ولا يأتي بالمشاكل يصلح أن يحاضر يصلح أن يخطب جمعة لا بأس ، أما الصغير يرى الكبير يقول وأنا كذلك لا تستعجل أول تحصن من العلم واحفظ واستفد جزاك الله خيراً . الوصية الخامسة عشرة : عدم الجلوس مع أهل البدع والأهواء ، هذا بحمد الله واضح إن شاء الله ابتعد ما أمكن ألا تجالس المبتدعة وألا تجالس المتحزبة ، وعُد إلى كتاب < إجماع العلماء على هجر أصحاب البدع والأهواء > كتابٌ طيب هو مصور مخطوط بخط اليد لكنه طيب جمع قول عشرين عالماً من علماء الإسلام ينقلون إجماع العلماء وإجماع أهل السنة والجماعة على عدم الجلوس مع المبتدعة ، وأنت بابتعادك عن الجلوس مع المبتدعة والمتحزبه تُحصن نفسك من هذا البلاء ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة باسنادٍ حسن ، الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ، والله يقول : (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً )) . الوصية السادسة عشرة : قول بعض الناس : لا أحب الكلام في الجماعات ، هذا الذي يقوله إنسان جاهل نعم نحن كذلك لا نحب الكلام في الجماعات ، لكن لا نحبه من العامي ومن الطالب المبتدئ ، أما العالم الراسخ في العلم الذي وفقه الله وبصره إذا تكلم على سبيل النصيحة فالدين النصيحة كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ) قلنا لمن ؟ ، قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم عن تميم رضي الله عنه ، فيعتبر من التعالي إذا قال الطالب لماذا الشيخ مقبل أو الشيخ الألباني أو الشيخ فلان تكلم في فلان أو في الجماعة الفلانية ؟ العلماء أعلم وإذا تكلموا فإنما يتكلمون بعلم ومن باب النصيحة وجزاهم الله خيراً أنهم يحذرون الناس من الخطأ ، أنت يا أيها الطالب المبتدئ أو العامي صح أنت ابتعد عن هذا لأنك إذا تكلمت ربما أثرت المشاكل وأساءت من تحسن وتصلح . الوصية السابعة عشرة : عدم التعجل بالتأليف ، يا طالب العلم ويا طالبة العلم أعلموا أن من ضمن المداخل على طالب العلم التسرع في التأليف والتسرع في إخراج هذا المؤلف ، هذا مدخل من مداخل الشيطان ، فلا تستعجل في التأليف ، أول تمكن من العلم والفقه في الدين والعقيدة والتفسير والحديث والمصطلح والنحو إلى غير ذلك سنتين ثلاث سنين أربع خمس ست بحسب ما أعطاك الله من فهمٍ ومن حفظ وبعد ذلك إذا شاورت الشيخ يا شيخ ما رأيك هل ترى لي أن أبحث وأن أجمع في مسألة من المسائل ؟ فإن قال : نعم لا بأس أنت أهل لذلك فقل فما رأيك أيش تختار لي من موضوع ؟ فإذا اختار لك موضوعاً فاستعن بالله ثم كن على صلة بشيخك في الاستشارة والسؤال ولا تستعجل في إخراجه للناس حتى لو يبقى عندك سنين طويلة تُؤلف لنفسك لا للناس ، فبعض الطلاب هدانا الله وإياهم ونحن يا أخواني في الله فولا ضرورة النصيحة وأهل السنة ما عندهم مجاملة أهل السنة ليسوا كغيرهم إذا كان الشخص معنا جاملناه وإذا هو ماهو معنا نزلناه لا حتى ولو كان معنا ولو كان أبني أو أخي أو أبي أو على نفسي إذا أنا غلطان أو أبني أو طالبي الدين النصيحة ، من غشنا فليس منا ، ما عندنا المحاباة والمجاملة ، كما أنه يوجد عند المبتدعة والمتحزبه الدين النصيحة ، فهذا يا أخي من تلبيس الشيطان إذا كنت تتسرع وأنت مبتدئ بعضهم ما قد درس النحو ولا المصطلح وأخذ يؤلف كتاب ينظر مع المشايخ جزاهم الله خيراً معهم مؤلفات يقول وأنا لماذا لم أؤلف فيحاول ويخبط خبط عشواء ثم يحاول على طبعه وعلى إخراجه للناس لا ، لا تؤلف إلا بعد مدة وبعد مشورة وإذا ألفت لا تخرجه للناس ليكن عندك وفي مكتبتك إلا بعد مدة وبعد مشورة وبعد عرضه على الشيخ . وبهذه المناسبة بالنسبة للسابعة عشرة : عدم التعجل بالتأليف ، كذلك هناك ظاهرة أخرى وهي حب التزاكي من المشايخ ، والإجازات هذه ظاهرة ماهي جيده أن يكون الطالب مبتدئ ويحاول من الشيخ أن يعطيه تزكية من أجل أن يظهر أمام الناس بأنه كيت وكيت الشيخ المحدث الفاضل ، فيا أخي في الله أطلب العلم لوجه الله لا تشغل شيخك بالتزاكي والتعاريف ومن أجل أن تصبح معك هذه الورقة أنك درست على الشيخ ، بعض الناس يأخذون هذه التزاكي ويذهبون يشحذون بها أنا طالب وأنا وأنا يريد مساعدة أنا طالب عند الشيخ مقبل ويريد مساعدة في زوجه في بيت في سيارة في مكتبة ، أين العفة اتقوا الله يا عباد الله ، أين العفة أين القناعة أين الغنى غنى النفس الرضا بما قسم الله ، فبعضهم ما قد درس إلا فترة قصيرة ويريد إجازة أو تزكية أو تعريف الآن سائدة وقع فيها بعض طلاب العلم إلا من رحم الله . الوصية الثامنة عشرة : التعجل في التمشيخ يعني مستعجل بده أن يقال له : الشيخ فلان أنا يا أخواني في الله حتى أنا ما أحب منكم أن تقولوا عني بأني شيخ جزاكم الله خيراً ، أو بأني عالم فضلاً عن كلمة علامة أستغفر الله وأتوب إليه ، فاتقوا الله واتركوا المدح ولنا أسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام لما قال : ( لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله ) رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وإذا كان هذا سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين ينهى أمته ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله ) فنحن من باب أولى اتقوا الله لا تقصموا ظهورنا اتقوا الله ولا تعينوا الشيطان علينا أعينونا على الخير وارفقوا بنا فإذا كان المشايخ يكرهون المدح والإطراء فكيف بالطالب الذي يُحب أن يقال له شيخ الأستاذ الشيخ الداعية المحاضر الخطيب المفوه كل واحد يقسم ظهر الثاني حتى نصل إلى التراب إلى الأرض نبقى مكسرين يا أخي قل أخي وقل الأخ كما قال الله : (( إنما المؤمنون أخوة )) ما قال مشايخ (( إنما المؤمنون أخوة )) ، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( المسلم أخو المسلم ) فنحن مسلمون والمسلم أخو المسلم فربي هو أعلم من هو العابد ومن هو الطالح ومن هو الطالب ومنهم هو العالم ومن هو الجاهل وكفى ، أما أن تبقى حريص على المدح والإطراء والثناء ، وعلى الشيخ أيضاً حفظه الله أن يرفق بطلابه أي شيخ من مشايخ السنة عليه أن يرفق بطلابه وأن يُعينهم على إصلاح أنفسهم ، لا يقول للطالب الصغير المحدث الفقيه نقسم ظهره من البداية الأخ الفاضل أو تقول الطالب النجيب ما ضرك لو قلت أنا لو قلتها لي أنا أفرح الطالب ، أمس كنا في قرية ورقة في ذمار فقام الأخ عائض قليص جزاه الله خيراً فقال : عليكم يا أخواني في الله إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي أبراهيم كلمة أعجبتني أي والله أعجبتني ، إذا جاءكم طلبة العلم أن تستفيدوا منهم مثل أبي إبراهيم حتى ما كلمته بها إلا الآن كلمة طيبة هكذا نهضم أنفسنا حتى لا نعين على قصم ظهورنا فتواضع لله جزاك الله خيراً يا طالب العلم وكذلك أنتِ يا طالبة العلم وأنت يا مدرس وأنتِ يا مدرسة ، ومن تواضع لله رفعه الله وأهم شيء أن يرضى عنا الله لا أن نظهر أمام الناس بأننا الشعراء والخطباء والفقهاء والمحدثين و و و أهم شيء أن يرضى الله عنا وأن نعمل أعمالاً توافق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام . الوصية التاسعة عشرة : عدم تمييع الدعوة بعض الناس لأنه ما تمكن من العلم ما تشعر إلا وقد ميع الدعوة في التغني بالأشعار وفي تميع في لبسه أنت طالب علم وأنت شيخ مركز كما يقال شيخ مركز تميع الدعوة وأشعار وذهاب إلى المخزنين ويجلس معهم الساعات الطوال يا ليت النصيحة فإذا انتهت أنطلق ، لا أنت هات النصيحة ربع ساعة أو الثلث يبقى إلى ساعة إلى ساعة ونصف قيل وقال وضحك مع الناس تميع نفسك وتميع الدعوة استقم على الكتاب وعلى السنة جالس طلبة العلم ، وبعضهم أيضاً يحب الجلوس مع المسؤولين وفلان وفلان وفلان يا أخي أنت بهذا تهين نفسك ، لا تذهب إلا ناصح وبدون إطراء ثم انصرف وأنت خائف على نفسك وما كل واحد يصلح يدخل على المسؤولين فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من بدا جفى ، ومن اتبع الصيد عفل ، ومن أتى أبوب السلطان افتتن ) كما في < صحيح الجامع > ويصححه الشيخ الألباني ( ومن أتى أبواب السلطان افتتن ) طالب علم وأنت تدخل على كبار المسؤولين أما تخاف على نفسك من أن تفتن . آخر وصية لطالب العلم وهي العشرون : التحذير من الديِن ، أحذر الدين فإن كثيراً من طلاب العلم يقع في ديون للناس فكانت سبباً في انصرافهم لطلب العلم هذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا يطالبه بدينه وهذا قد أتى له إحضار من القسم وذاك من النيابة فهرب ، فيا طالب العلم تقشف يا طالب العلم تقشف وأزهد في الدنيا واقنع بما آتاك الله وأترك الطمع وأترك سلفني بعضهم يحتال على الشحاذة بدل ما يشحذ يقل له سلفني عشرة ألف ويقول للثاني سلفني خمسة عشر ألف ويقول للثالث سلفني عشرين ألف وهكذا وعند السداد الذي أعطاه عشرة ألف يقول ما عندي إلا ثمانية يأخذها منه ويقول : سامحني بالألفين ، انظروا على شحاذة يا أخواني اتقوا الله والله نحن بحاجة إلى الضرب بالعصا من مشايخنا جزاهم الله خيراً الذي لا يتمسك بالكتاب ولا بالسنة ويكون عفيفاً ، وإلا فنحن بحاجة إلى ضرب بالعصا وما يأتي تعليم بدون تربية لا ي
-
الأسباب الموجبة لزوال عقوبة الذنوب قالابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (7/487-500): "قَدْ دَلَّتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ : عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ الذُّنُوبِ تَزُولُ عَنْ الْعَبْدِ بِنَحْوِ عَشَرَةِ أَسْبَابٍ: (أَحَدُهَا) : التَّوْبَةُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ تَعَالَى: ]قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[. (السَّبَبُ الثَّانِي) : الِاسْتِغْفَارُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إذَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ : أَيْ رَبِّ أَذْنَبْت ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ أَذْنَبْت ذَنْبًا آخَرَ. فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ رَبُّهُ : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ قَالَ ذَلِكَ : فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ"، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : "لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمِ يُذْنِبُونَ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ". وَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: الِاسْتِغْفَارُ هُوَ مَعَ التَّوْبَةِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ: "مَا أَصَرَّ مَنْ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ"، وَقَدْ يُقَالُ : بَلْ الِاسْتِغْفَارُ بِدُونِ التَّوْبَةِ مُمْكِنٌ وَاقِعٌ وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ فَإِنَّ هَذَا الِاسْتِغْفَارَ إذَا كَانَ مَعَ التَّوْبَةِ مِمَّا يُحْكَمُ بِهِ عَامٌّ فِي كُلِّ تَائِبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ التَّوْبَةِ فَيَكُونُ فِي حَقِّ بَعْضِ الْمُسْتَغْفِرِينَ الَّذِينَ قَدْ يَحْصُلُ لَهُمْ عِنْدَ الِاسْتِغْفَارِ مِنْ الْخَشْيَةِ وَالْإِنَابَةِ مَا يَمْحُو الذُّنُوبَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبِطَاقَةِ بِأَنَّ قَوْلَ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثَقُلَتْ بِتِلْكَ السَّيِّئَاتِ ; لَمَّا قَالَهَا بِنَوْعِ مِنْ الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ الَّذِي يَمْحُو السَّيِّئَاتِ وَكَمَا غَفَرَ لِلْبَغِيِّ بِسَقْيِ الْكَلْبِ لِمَا حَصَلَ فِي قَلْبِهَا إذْ ذَاكَ مِنْ الْإِيمَانِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ. (السَّبَبُ الثَّالِثُ الْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ] وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ[، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ"، وَقَالَ : "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وَقَالَ : "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وَقَالَ "مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"، وَقَالَ : "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ"، وَقَالَ : "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ"، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا فِي الصِّحَاحِ . وَقَالَ : "الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَالْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ". ( السَّبَبُ الرَّابِعُ الدَّافِعُ لِلْعِقَابِ ) : دُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُؤْمِنِ مِثْلُ صَلَاتِهِمْ عَلَى جِنَازَتِهِ فَعَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ"رواه مسلم، وَهَذَا دُعَاءٌ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ الْمَغْفِرَةُ عَلَى الْمُؤْمِنِ التَّقِيِّ الَّذِي اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَكُفِّرَتْ عَنْهُ الصَّغَائِرُ وَحْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَغْفُورٌ لَهُ عِنْدَ الْمُتَنَازِعِينَ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ لِلْمَيِّتِ. ( السَّبَبُ الْخَامِسُ ) : مَا يُعْمَلُ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ ؟ كَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ هَذَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِنُصُوصِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَالْحَجُّ . بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ : "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ". ( السَّبَبُ السَّادِسُ ) : شَفَاعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرُهُ فِي أَهْلِ الذُّنُوبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي". ( السَّبَبُ السَّابِعُ الْمَصَائِبُ الَّتِي يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا فِي الدُّنْيَا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ ; وَلَا نَصَبٍ ; وَلَا هَمٍّ ; وَلَا حَزَنٍ ; وَلَا غَمٍّ ; وَلَا أَذًى - حَتَّى الشَّوْكَةُ يَشَاكُهَا - إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ". ( السَّبَبُ الثَّامِنُ ) : مَا يَحْصُلُ فِي الْقَبْرِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالضَّغْطَةِ وَالرَّوْعَةِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُكَفَّرُ بِهِ الْخَطَايَا. ( السَّبَبُ التَّاسِعُ ) : أَهْوَالُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَرْبُهَا وَشَدَائِدُهَا. ( السَّبَبُ الْعَاشِرُ ) : رَحْمَةُ اللَّهِ وَعَفْوُهُ وَمَغْفِرَتُهُ بِلَا سَبَبٍ مِنْ الْعِبَادِ . فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ قَدْ يُدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الْعَشَرَةِ كَانَ دَعْوَاهُمْ أَنَّ عُقُوبَاتِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ لَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ"اهـ باختصار
-
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلىالله عليه وعلى آله وأصحابه. أما بعد.. فهذه أسئلة مهمة[1]من طلاب العلموالدعاة إلى الله إلى شيخنا الفاضل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالىوبارك فيه وفي علمه ، ونفع به الإسلام والمسلمين .. نقدمها إليه رجاءً منه بالإجابةبما يفتح الله عليه من الكتاب والسنة لعل الله أن ينفع بها : السؤال الأول: بمَ يكون الكفر الأكبر أو الردّة؟ هل هو خاص بالاعتقاد والجحود والتكذيب،أم هو أعم من ذلك؟ الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلىالله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فإن مسائل العقيدة مهمةجداً ، ويجب تعلم العقيدة بجميع أبوابها وجميع مسائلها وتلقيها عن أهل العلم ، فلايكفي فيها إلقاء الأسئلة وتشتيت الأسئلة فيها ، فإنها مهما كثرت الأسئلة وأجيب عنها ،فإن الجهل سيكون أكبر . فالواجب على من يريد نفع نفسه ونفع إخوانه المسلمين أنيتعلم العقيدة من أولها إلى آخرها، وأن يلم بأبوابها ومسائلها ، ويتلقاها عن أهلالعلم ومن كتبها الأصيلة ، من كتب السلف الصالح .. وبهذا يزول عنه الجهل ولا يحتاجإلى كثرة الأسئلة ، وأيضاً يستطيع هو أن يبين للناس وأن يعلم الجهّال، لأنه أصبحمؤهلاً في العقيدة. كذلك لا يتلقى العقيدة عن الكتب فقط .. أو عن القراءةوالمطالعة ، لأنها لا تؤخذ مسائلها ابتداءً من الكتب ولا من المطالعات ، وإنما تؤخذبالرواية عن أهل العلم وأهل البصيرة الذين فهموها وأحكموا مسائلها .. هذاهو واجب النصيحة .. أما ما يدور الآن في الساحة من كثرة الأسئلة حولالعقيدة ومهماتها من أناس لم يدرسوها من قبل، أو أناس يتكلمون في العقيدة وأمورالعقيدة عن جهل أو اعتماد على قراءتهم للكتب أو مطالعاتهم ، فهذا سيزيد الأمرغموضاً ويزيد الإشكالات إشكالات أخرى ، ويثبط الجهود ويحدث الاختلاف، لأننا إذارجعنا إلى أفهامنا دون أخذ للعلم من مصادره، وإنما نعتمد على قراءتنا وفهمنا ، فإنالأفهام تختلف والإدراكات تختلف .. وبالتالي يكثر الاختلاف في هذه الأمور المهمة .وديننا جاءنا بالاجتماع والائتلاف وعدم الفرقة ، والموالاة لأهل الإيمان والمعاداةللكفار .. فهذا لا يتم إلا بتلقي أمور الدين من مصادرها ومن علمائها الذين حملوهاعمن قبلهم وتدارسوها بالسند وبلغوها لمن بعدهم .. هذا هو طريق العلم الصحيح فيالعقيدة وفي غيرها ، ولكن العقيدة أهم لأنها الأساس ، ولأن الاختلاف فيها مجالللضلال ومجال للفرقة بين المسلمين. والكفر والردّة يحصلان بارتكاب ناقض مننواقض الإسلام ، فمن ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام المعروفة عند أهل العلم فإنهبذلك يكون مرتداً ويكون كافراً ، ونحن نحكم عليه بما يظهر منه من قوله أو فعله،نحكم عليه بذلك لأنه ليس لنا إلا الحكم بالظاهر، أما أمور القلوب فإنه لا يعلمهاإلا الله سبحانه وتعالى. فمن نطق بالكفر أو فعل الكفر، حكمنا عليه بموجب قولهوبموجب نطقه وبموجب فعله إذا كان ما فعله أو ما نطق به من أمور الردّة . السؤال الثاني: هناك من يقول : " الإيمان قول واعتقاد وعمل،لكن العمل شرط كمال فيه " ، ويقول أيضاً : " لا كفر إلا باعتقاد " .. فهل هذا القولمن أقوال أهل السنة أم لا؟ الجواب : الذي يقول هذا ما فهم الإيمان ولا فهم العقيدة ،وهذا هو ما قلناه في إجابة السؤال الذي قبله : من الواجب عليه أن يدرس العقيدة علىأهل العلم ويتلقاها من مصادرها الصحيحة، وسيعرف الجواب عن هذا السؤال. وقوله : إن الإيمان قول وعمل واعتقاد .. ثم يقول : إن العمل شرط في كمالالإيمان وفي صحته، هذا تناقض !! كيف يكون العمل من الإيمان ثم يقول العمل شرط،ومعلوم أن الشرط يكون خارج المشروط، فهذا تناقض منه . وهذا يريد أن يجمع بين قولالسلف وقول المتأخرين وهو لا يفهم التناقض، لأنه لا يعرف قول السلف ولا يعرف حقيقةقول المتأخرين ، فأراد أن يدمج بينهما .. فالإيمان قول وعمل واعتقاد ، والعمل هو منالإيمان وهو الإيمان، وليس هو شرطاً من شروط صحة الإيمان أو شرط كمال أو غير ذلك منهذه الأقوال التي يروجونها الآن . فالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعملبالجوارح وهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. السؤال الثالث: هلالأعمال ركن في الإيمان وجزء منه أم هي شرط كمال فيه؟ الجواب : هذا قريب من السؤالالذي قبله، سائل هذا السؤال لا يعرف حقيقة الإيمان. فلذلك تردد : هل الأعمال جزء منالإيمان أو أنها شرط له ؟ لأنه لم يتلق العقيدة من مصادرها وأصولها وعن علمائها.وكما ذكرنا أنه لا عمل بدون إيمان ولا إيمان بدون عمل ، فهما متلازمان ، والأعمالهي من الإيمان بل هي الإيمان : الأعمال إيمان، والأقوال إيمان، والاعتقاد إيمان ،ومجموعها كلها هو الإيمان بالله عز وجل، والإيمان بكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمانبالقدر خيره وشره. السؤال الرابع: ما أقسام المرجئة ؟ معذكر أقوالهم في مسائل الإيمان ؟ الجواب : المرجئة أربعة أقسام : القسم الأول :الذين يقولون الإيمان وهو مجرد المعرفة ، ولو لم يحصل تصديق .. وهذا قول الجهمية،وهذا شر الأقوال وأقبحها ، وهذا كفر بالله عز وجل لأن المشركين الأولين وفرعونوهامان وقارون وإبليس كلٌ منهم يعرفون الله عز وجل ، ويعرفون الإيمان بقلوبهم، لكنلما لم ينطقوه بألسنتهم ولم يعملوا بجوارحهم لم تنفعهم هذه المعرفة . القسمالثاني: الذين قالوا إن الإيمان هو تصديق القلب فقط ، وهذا قول الأشاعرة، وهذاأيضاً قول باطل لأن الكفار يصدقون بقلوبهم، ويعرفون أن القرآن حق وأن الرسول حق ،واليهود والنصارى يعرفون ذلك :( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)فهميصدقون به بقلوبهم ! قال تعالى في المشركين :( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) ..فهؤلاء لم ينطقوا بألسنتهم ،ولم يعملوا بجوارحهم مع إنهم يصدقون بقلوبهم فلا يكونون مؤمنين. الفرقةالثالثة: التي تقابل الأشاعرة وهم الكرَّامية ، الذين يقولون : إن الإيمان نطق باللسانولو لم يعتقد بقلبه ، ولا شك أن هذا قول باطل لأن المنافقين الذين هم في الدركالأسفل من النار يقولون : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله بألسنتهم ،ولكنهم لا يعتقدون ذلك ولا يصدقون به بقلوبهم ، كما قال تعالى: ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ @ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)، قال سبحانه وتعالى : ( يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) الفرقة الرابعة: وهي أخف الفرقفي الإرجاء ، الذين يقولون إن الإيمان اعتقاد بالقلب ونطق باللسان ولا يدخل فيهالعمل وهذا قول مرجئة الفقهاء وهو قول باطل أيضا . السؤال الخامس: هل خلاف أهل السنة مع مرجئة الفقهاء في أعمال القلوب أو الجوارح؟ وهلالخلاف لفظي أو معنوي ؟ نرجو من فضيلتكم التفصيل. الجواب : خلافهم في العمل ، خلافمرجئة الفقهاء مع جمهور أهل السنة هو اختلاف في العمل الظاهر ، كالصلاة والصياموالحج، فهم يقولون إنه ليس من الإيمان وإنما هو شرط للإيمان، إما شرط صحة وإما شرطكمال ، وهذا قول باطل كما عرفنا . والخلاف بينهم وبين جمهور أهل السنة خلافمعنوي وليس خلافاً لفظي، لأنهم يقولون إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص بالأعمال ، فلايزيد بالطاعة ولا ينقص بالمعصية .. وإيمان الناس سواء لأنه عندهم التصديق بالقلب معالقول باللسان ! وهذا قول باطل. السؤال السادس: ما حكم منترك جميع العمل الظاهر بالكلية لكنه نطق بالشهادتين ويقر بالفرائض لكنه لا يعملشيئاً البتة، فهل هذا مسلم أم لا ؟ علماً بأن ليس له عذر شرعي يمنعه من القيام بتلكالفرائض ؟ الجواب: هذا لا يكون مؤمناً، من كان يعتقد بقلبه ويقر بلسانه ولكنه لايعمل بجوارحه ، عطّل الأعمال كلها من غير عذر هذا ليس بمؤمن، لأن الإيمان كما ذكرناوكما عرفه أهل السنة والجماعة أنه : قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، لايحصل الإيمان إلا بمجموع هذه الأمور، فمن ترك واحداً منها فإنّه لا يكون مؤمناً . السؤال السابع: هل تصح هذه المقولة: " من قال الإيمان قول وعملواعتقاد يزيد وينقص فقد بريء من الإرجاء كلهحتى لو قال لا كفر إلا باعتقاد وجحود "؟ الجواب: هذا تناقض !! إذا قال لا كفر إلا باعتقاد أو جحود فهذا يناقض قوله إنالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، هذا تناقض ظاهر ، لأنه إذا كانالإيمان قول باللسان واعتقاد الجنان وعمل بالجوارح وأنه يزيد بالطاعة وينقصبالمعصية … فمعناه أنه من تخلى من شيء من ذلك فإنه لا يكون مؤمناً . السؤالالثامن: هل هذا القول صحيح أم لا : ( أن من سب الله وسب الرسولrليس بكفر في نفسه ، ولكنه أمارة وعلامة على ما في القلب من الاستخفافوالاستهانة ) ؟ الجواب: هذا قول باطل، لأن الله حكم على المنافقين بالكفر بعدالإيمان بموجب قولهم : ( ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أجبن عند اللقاء)يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فأنزل الله فيهم قوله سبحانهوتعالى :( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ @ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ،فكفّرهم بهذه المقالة ولم يشترط في كفرهم أنهم كانوا يعتقدون ذلك بقلوبهم، بلإنه حكم عليهم بالكفر بموجب هذا المقالة . وكذلك قوله تعالى :( وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ ) فرتب الكفر على قول كلمة الكفر . السؤالالتاسع: ما حكم من يسب الله ورسوله ويسب الدين فإذا نُصح في هذا الأمر تعلَّلبالتكسب وطلب القوت والرزق ، فهل هذا كافر أم هو مسلم يحتاج إلى تعزير وتأديب ؟ وهليقال هنا بالتفريق بين السب والساب ؟ الجواب : لا يجوز للإنسان أن يكفر بالله بالقولأو بالفعل أو بالاعتقاد ويقول إن هذا لأجل طلب الرزق، فالرزق عند الله سبحانهوتعالى ، والله جل وعلا يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) ،فالرزق بيد الله عز وجل ، والله جل وعلا حكم بالكفر على من آثر الدنيا علىالآخرة ، قال سبحانه وتعالى في وصف المرتدين والمنافقين : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) ، فحكم عليهم بأنهمتركوا إيمانهم بسبب أنهم يريدون أن يعيشوا مع الناس ويكونوا مع الناس ، ( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) ، فلو توكلوا على الله لرزقهم الله عز وجل . السؤال العاشر: ما هو القول فيمن نصب الأصنام والأضرحة والقبور ، وبنى عليها المساجدوالمشاهد ، وأوقف عليها الرجال والأموال ، وجعل لها هيئات تشرف عليها ، ومكَّنالناس من عبادتها والطواف حولها ودعائها والذبح لها ؟ الجواب : هذا حكمه أنهيكفر بهذا العمل، لأن فعله هذا دعوة للكفر . إقامته للأضرحة وبناؤه لها ودعوةالناس إلى عبادتها وتنصيب السدنة لها، هذا يدل على رضاه بهذا الأمر ، وعلى أنه يدعوإلى الكفر ويدعوا إلى الضلال والعياذ بالله . السؤال الحادي عشر: هل تصح الصلاة خلف إمام يستغيث بالأموات ويطلب المدد منهم أم لا ؟ وماذا عن رجل يكذب ويتعمد الكذب و يؤذي الصالحين ويؤم الناس. هل يقدم فيالصلاة إذا عرف عنه الكذب والفسوق؟ الجواب : لا تصح الصلاة خلف المشرك الذي شركهشرك أكبر يخرج من الملة ، ودعاء الأموات والاستغاثة بهم ، هذا شرك أكبر يخرج منالملّة . فهذا ليس بمسلم لا تصح صلاته في نفسه ولا تصح صلاة من خلفه، إنمايشترط للإمام أن يكون مؤمناً بالله وبرسوله ، ويكون عاملاً بدين الإسلام ظاهراًوباطناً . أما الرجل الأخر وما يفعله فهذه كبائر من كبائر الذنوب :الكذب، واكتساب الكبائر التي دون الشرك وأذية المسلمين .. هذه كبائر من كبائرالذنوب، لا تقتضي الكفر ، ولا ينبغي أن يُنصَّب إماماً للناس، لكن من جاء ووجدهم يصلونوهو يصلي بهم، يصلي خلفه ولا يصلي منفرداً، إلى أن يجد إماماً صالحاً مستقيماًفيذهب إليه. السؤال الثاني عشر: هناك بعض الأحاديث التي يستدلبها البعض على أن من ترك جميع الأعمال بالكلية فهو مؤمن ناقص الإيمان .. كحديث ( لميعملوا خيراً قط ) وحديث البطاقة وغيرها من الأحاديث ؛ فكيف الجواب على ذلك ؟ الجواب : هذا من الاستدلال بالمتشابه ، هذه طريقة أهل الزيغ الذين قال الله سبحانهوتعالى عنهم :( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) ، فيأخذون الأدلةالمتشابهة ويتركون الأدلة المحكمة التي تفسرها وتبينها .. فلا بد من رد المتشابهةإلى المحكم، فيقال من ترك العمل لعذر شرعي ولم يتمكن منه حتى مات فهذا معذور ،وعليه تحمل هذه الأحاديث .. لأن هذا رجل نطق بالشهادتين معتقداً لهما مخلصاً لله عزوجل ، ثم مات في الحال أو لم يتمكن من العمل ، لكنه نطق بالشهادتين مع الإخلاص للهوالتوحيد كما قال صلى الله عليه وسلم : (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد مندون الله فقد حرم دمه وماله ) .. وقال : (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلاالله يبتغي بذلك وجه الله ) ، هذا لم يتمكن من العمل مع انه نطق بالشهادتين واعتقدمعناهما وأخلص لله عز وجل، لكنه لم يبق أمامه فرصة للعمل حتى مات فهذا هو الذي يدخلالجنة بالشهادتين ، وعليه يحمل حديث البطاقة وغيره مما جاء بمعناه ، والذين يُخرجونمن النار وهم لم يعملوا خيراً قط لأنهم لم يتمكنوا من العمل مع أنهم نطقوابالشهادتين ودخلوا في الإسلام، هذا هو الجمع بين الأحاديث. السؤالالثالث عشر: ما حكم من يدعو غير الله وهو يعيش بين المسلمين وبلغه القرآن ،فهل هذا مسلم تلبس بشرك أم هو مشرك ؟ الجواب : من بلغه القرآن والسنة على وجه يستطيعأن يفهمه لو أراد ثم لم يعمل به ولم يقبله فإنه قد قامت عليه الحجة ، ولا يعذربالجهل لأنه بلغته الحجة ، والله جل وعلا يقول: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) ، سواء كان يعيش مع المسلمين أو يعيش مع غير المسلمين .. فكل من بلغهالقرآن على وجه يفهمه لو أراد الفهم ثم لم يعمل به فإنه لا يكون مسلماً ولا يعذربالجهل. السؤال الرابع عشر: هل يشترط في إقامة الحجة فهم الحجةفهماً واضحاً جلياً أم يكفي مجرد إقامتها ؟ نرجو التفصيل في ذلك مع ذكر الدليل ؟ الجواب : هذا ذكرناه في الجواب الذي قبل هذا، أنه إذا بلغه الدليل من القرآن أومن السنة على وجه يفهمه لو أراد .. أي بلغه بلغته ، وعلى وجه يفهمه ، ثم لم يلتفتإليه ولم يعمل به فهذا لا يعذر بالجهل لأنه مفرِّط . السؤال الخامس عشر: هل تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – للطائفة الممتنعة من أداءشعيرة الزكاة - حين فعل هذا من ارتد من العرب - لأجل جحدهم للوجوب أم لأجل مجردالمنع وعدم الالتزام بالأداء ؟ الجواب : هذا فصّل فيه أهل العلم، قالوا إن مانعالزكاة إن كان يجحد وجوبها فهذا كافر ويقاتل قتال ردة ، وأما إن كان منعه لها منأجل بخل وهو يعتقد وجوبها فهذا يقاتل حتى يخضع لأداء الزكاة فلا يحكم بكفره، فيقاتلامتناعاً لمنعه الزكاة حتى تؤخذ منه. وأما ما نُسب إلى الشيخ تقي الدين ابن تيميةإلى أنه كفرهم مطلقاً فأنا لم أطلع على هذا الكلام . السؤال السادسعشر: ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانونالفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراثبالشريعة الإسلامية ؟ الجواب : من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانهاالقانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانونإلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاحالشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل . أما من نص على أنقضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفرببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعةلا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها . السؤال السابع عشر: ما حكم من يقول بأن من قال : أن من تركالعمل الظاهر بالكلية بما يسمى عند بعض أهل العلم بجنس العمل أنه كافر ؛ أن هذاالقول قالت به فرقة من فرق المرجئة ؟ الجواب : هذا كما سبق. أن العمل من الإيمان،العمل إيمان، فمن تركه يكون تاركاً للإيمان، سواء ترك العمل كله نهائياً فلم يعملشيئاً أبداً، أو أنه ترك بعض العمل لأنه لا يراه من الإيمان ولا يراه داخلاً فيالإيمان فهذا يدخل في المرجئة . السؤال الثامن عشر: هل تكفيرالسلف - رضوان الله عليهم – للجهمية ، كفر أكبر مخرج من الملة أم هو كفر دون كفروالمراد منه الزجر والتغليظ فقط ؟ الجواب : تكفير السلف للجهمية تكفير بالكفر الأكبرلأنهم جحدوا كلام الله عز وجل، قالوا : كلام الله مخلوق ، وجحدوا أسماء الله وصفاتهفهم معطلة ، وهم مكذبون لما في القرآن وما في السنة من إثبات أسماء الله وصفاته ،وأيضاً يعتقدون بالحلول وأن الله تعالى حال في كل مكان تعالى الله عمّا يقولون .فمقالاتهم تقتضي الكفر الأكبر، فتكفير السلف لهم هو من التكفير بالكفر الأكبر، إلامن كان جاهلاً مقلداً اتبعهم وهو يظن أنهم على حق ولم يعرف مذهبهم ولم يعرف حقيقةقولهم فهذا قد يعذر بالجهل. السؤال التاسع عشر: هل إطلاقاتالسلف في تكفير أعيان الجهمية كتكفير الشافعي لحفص الفرد حين قال بخلق القرآن فقالله الشافعي : كفرت بالله العظيم ؛ كما نقل ذلك اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهلالسنة ، وكتكفير الجهم بن صفوان وبشر المريسي والنظَّام وأبو الهذيل العلاّف كماذكر ذلك ابن بطة في الإبانة الصغرى … يراد منه تكفير أعيان هؤلاء أم تكفير ألفاظهملا أعيانهم ؟ الجواب : من نطق بالكفر أو فعل الكفر فإنه يكفر بعينه ، فمن فعل الكفرأو نطق به وهو ليس ممن يعذر بالجهل فإنه يكفر بعينه ، ونحكم عليه بالكفر . السؤال العشرون: ترد بعض الإصطلاحات في كتب أهل السنة مثل :الالتزام، الإقناع، كفر الإعراض، فما معنى هذه المصطلحات؟ الجواب : الكفر أنواع: منهكفر الإعراض وكفر التكذيب ومنه كفر الجحود، كل هذه أنواع من الكفر، فالكفر ليسنوعاً واحداً وإنما هو أنواع . وأيضا الكفر ينقسم إلى كفر أكبر مخرج من الملة ،وكفر أصغر لا يخرج من الملّة، فلا بد من دراسة هذه الأمور ومعرفتها بالتفصيل،فالكفر ليس على حد سواء. السؤال الحادي والعشرون: ما معنى قولشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الناقض الثالث من نواقض الإسلام : "من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فهو مثلهم " ؟ الجواب : أي نعمهو كذلك، لأنه رضي بما هم عليه ووافقهم على ما هم عليه، فمن لم يكفرهم أو رضي بماهم عليه أو دافع دونهم فإنّه يكون كافراً مثلهم، لأنه رضي بالكفر وأقرّه ولم ينكره. السؤال الثاني والعشرون: ما حكم من يقول : ( إن الشخص إذا لميكفر النصارى لعدم بلوغ آية سورة المائدة : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواإِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ...} فإنه لا يكفر حتى يعلم بالآية ) ؟ الجواب : ليستكفير اليهود والنصارى قاصراً على سورة المائدة، بل تكفيرهم كثير في القرآن ، وأيضاًكفرهم ظاهر من أقوالهم وأفعالهم وما في كتبهم التي يتدارسونها ، مثل قولهم : المسيحابن الله، أو قولهم إن الله ثالث ثلاثة، وقولهم إن الله هو المسيح ابن مريم، أو قولاليهود إن عزيراً ابن الله، أو أن الله فقير ونحن أغنياء أو يد الله مغلولة .. أوغير ذلك مما هو موجود في كتبهم التي في أيديهم، فكفرهم ظاهر في غير سورة المائدة. السؤال الثالث والعشرون: ما الدليل على مشروعية شروط شهادة :أن لا إله إلا الله ، من العلم والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والقبول واليقين ،وما الحكم في من يقول " تكفي شهادة أن لا إله إلا الله بمجرد قولها دون هذهالشروط " ؟ الجواب : هذا إمّا أنه مضلل، يريد تضليل الناس وإمّا أنه جاهل يقول ما لايعلم. فلا إله إلا الله ليست مجرد لفظ، بل لا بد لها من معنى ومقتضى، ليست مجرد لفظيقال باللسان . والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (من قال لا إله إلاالله وكفر بما يعبد من دون الله ) ، أو قوله صلى الله عليه وسلم : (فإن الله حرمعلى النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) ، وقول النبي صلى اللهعليه وسلم :( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموامني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) ، إلا بحق لا إله إلا الله .. فلم يكتف بمجردقولهم لا إله إلا الله إذا لم يلتزموا بحقها وهو العمل بمقتضاها ومعرفة معناها،فليست لا إله إلا الله مجرد لفظ يقال باللسان .. ومنها تؤخذ هذه الشروط العشرة التيذكرها أهل العلم. السؤال الرابع والعشرون: نرجو تفسير قولهتعالى : { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَوَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } الآية تفسيراً مفصَّلاً مع بيان حكمالإكراه في هذه الآية ؟ الجواب : هذه الآية تدل على أن من نطق بكلمة الكفر مكرهاًعليها وهو غير معتقد لها، وإنما قالها ليتخلص بها من الإكراه فإنه معذور. كما فيقصة عمّار بن ياسر رضي الله عنه لمّا أجبره المشركون على أن يسب رسول الله صلى اللهعليه وسلم ، وآذوه وأبوا أن يطلقوه حتى يسب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فتكلمبلسانه بما يطلبون منه، وجاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كيف تجد قلبك؟قال: أجد في قلبي الإيمان بالله ورسوله، فأنزل الله تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ @ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ) فإذا قال الإنسان كلمة الكفر مكرهاًَ عليها يريد التخلص من الإكراه فقط ولميوافقه بقلبه فإنها رخصة رخص الله فيها للمكره، وهذه خاصة بالمكره دون غيره. وكذلكفي قوله: (إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُوَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) أي من الكفار ، فهذا في الإكراه ، وأما في غيرالإكراه فلا يجوز موافقتهم ولا إعطائهم ما يطلبون من كلام الكفر أومن فعل الكفر. السؤال الخامس والعشرون: ما حكم موالاة الكفار والمشركين؟ ومتىتكون هذه الموالاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملّة؟ ومتى تكون ذنباً وكبيرة من كبائرالذنوب؟ الجواب : الله جلّ وعلى يقول :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، وقوله سبحانه :( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ )، فيجب معاداة الكفار وبغضهم وعدم مناصرتهم علىالمسلمين ، وقطع الصلة معهم من ناحية المودة والمحبة وبغض ما هم عليه من الكفر، كلهذا يجب على المسلم أن يقاطعهم فيه وأن يبتعد عنهم ولا يحبهم ولا يناصرهم علىالمسلمين ولا يدافع عنهم ولا يصحح مذهبهم، بل يصرح بكفرهم وينادي بكفرهم وضلالهمويحذر منهم . السؤال السادس والعشرون: ما هي نصيحتكم لطلبةالعلم لمن أراد ضبط مسائل التوحيد والشرك ومسائل الإيمان والكفر ؟ وما هي الكتبالتي تكلمت عن هذه المسائل وفصَّلتها ؟ الجواب : هذا أشرنا إليه في مطلع الأجوبة ،بأن المعتمد في هذا كتب السلف الصالح . فعليه أن يراجع كتب سلف هذه الأمة من الأئمةالأربعة وقبلهم الصحابة والتابعون وأتباعهم والقرون المفضلة، وهذا موجود في كتبهمولله الحمد ، في كتب الإيمان وكتب العقيدة وكتب التوحيد المتداولة المعروفة عنالأئمة الكبار رحمهم الله ، مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، وكتب الإمام ابن القيم ،وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب .. وكتب السلف الصالح : مثل كتاب الشريعةلـلآجري ، والسنة لعبدالله بن الإمام أحمد، والسنّة للخلال ، ومثل كتاب العقيدةالطحاوية وشرحها للعز بن أبي العز … كل هذه من كتب أهل السنة ومن العقائد الصحيحةالموروثة عن السلف الصالح فليراجعها المسلم. ولكن كما ذكرنا لا يكفي الاقتصار علىمطالعة الكتب وأخذ العلم عنها بدون معلم وبدون مدرس، بل لا بد من اللقاء مع العلماءولابد من الجلوس في حلقات التدريس، إما الفصول الدراسية وإما في حلق العلم فيالمساجد ومجالس العلم، فلا بد من تلقي العلم عن أهله سواء في العقيدة أو في غيرالعقيدة ، و لكن العقيدة الحاجة أشد في هذا لأنها هي الأساس ، ولأن الغلط والخطأفيها ليس كالخطأ والغلط في غيرها. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم علىنبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . [1] هذه الأسئلة عرضت على الشيخ وأجاب عليها ولكنها لم تعرض عليه بعد تفريغها من الشريط وكتابتها فلذلك جرى هذا التنبيه .
-
المقدمة الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فإنه بعد محبة الله ورسوله تجب محبة أولياء الله ومعاداة أعدائه. فمن أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم، وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، حيث يقول سبحانه وتعالى :{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءٌ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}(1). وهو من دين محمد عليه الصلاة والسلام. قال تعالى :{لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(2). وهذه في تحريم موالاة أهل الكتاب خصوصًا. وقال في تحريم موالاة الكفار عمومًا:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}(3). بل لقد حرَّم على المؤمن موالاة الكفار ولو كانوا من أقرب الناس إليه نسبًا، قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(3). وقال تعالى:{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}(4). وقد جهل كثير من الناس هذا الأصل العظيم، حتى لقد سمعت بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في إذاعة عربية يقول عن النصارى إنهم إخواننا، ويا لها من كلمة خطيرة. وكما أن الله سبحانه حرَّم موالاة الكفار أعداء العقيدة الإسلامية فقد أوجب سبحانه موالاة المؤمنين محبتهم، قال تعالى:{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}(5). وقال تعالى:{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}(6). وقال تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(7). فالمؤمنون إخوة في الدين والعقيدة وإن تباعدت أنسابهم وأوطانهم وأزمانهم قال تعالى:{ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}(8). فالمؤمنون من أول الخليقة إلى آخرها مهما تباعدت أوطانهم وامتدت أزمانهم إخوة متحابون يقتدى آخرهم بأولهم ويدعون بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض. وللولاء والبراء مظاهر تدل عليهما: أولاً : من مظاهر موالاة الكفار 1 ـ التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما: لأن التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما يدل على محبة المتشبه به، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم". فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم من عاداتهم، وعباداتهم، سمتهم وأخلاقهم كحلق اللحى، وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة، وفي هيئة اللباس، والأكل والشرب وغير ذلك. 2 ـ الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال منها إلى بلد المسلمين لأجل الفرار بالدين: لأن الهجرة بهذا المعنى، ولهذا الغرض واجبة على المسلم. لأن إقامته في بلاد الكفر تدل على موالاة الكافرين – ومن هنا حرَّم الله إقامة المسلم بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة، قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً، فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}(1). فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة. وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم. 3 ـ السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس. والسفر إلى بلاد الكفار مُحرَّم إلا عند الضرورة – كالعلاج والتجارة والتعليم للتخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم – فيجوز بقدر الحاجة، وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين. ويشترط كذلك لجواز هذا السفر أن يكون مُظهِرًا لدينه معتزًا بإسلامه مبتعدًا عن مواطن الشر، حذرًا من دسائس الأعداء ومكائدهم، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام. 4 ـ إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم. وهذا – من نواقض الإسلام وأسباب الردة – نعوذ بالله من ذلك. 5 ـ الاستعانة بهم والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين. قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ، هَاأَنتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا}(2). فهذه الآيات الكريمة تشرح دخائل الكفار وما يكنونه نحو المسلمين من بغض وما يدبرونه ضدهم من مكر وخيانة وما يحبونه من مضرة المسلمين وإيصال الأذى إليهم بكل وسيلة، وأنهم يستغلون ثقة المسلمين بهم فيخططون للإضرار بهم والنيل منهم. روى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قلت لعمر –رضي الله عنه-: لي كاتب نصراني، قال: مالك قاتلك الله، أما سمعت قول الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(1). ألا اتخذت حنيفًا، قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم وقد أقصاهم الله. وروى الإمام أحمد ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الحرة، فقال: إني أردت أن أتبعك وأصيب معك، قال: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا. قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. ومن هذه النصوص يتبين لنا تحريم تولية الكفار أعمال المسلمين التي يتمكنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم. ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين – بلاد الحرمين الشريفين – وجعلهم عمالاً وسائقين ومستخدمين، ومربين في البيوت وخلطهم مع العوائل، أو خلطهم مع المسلمين في بلادهم. 6 ـ التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي. والذي هو عبارة عن ذكرت مولد المسيح عليه السلام، والذي ابتدعوه من أنفسهم وليس هو من دين المسيح عليه السلام، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم. ولتجنب هذا لما أراد الصحابة – رضي الله عنهم – وضع تاريخ للمسلمين في عهد الخليفة عمر – رضي الله عنه – عدلوا عن تواريخ الكفار وأرّخوا بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم مما يدل على وجوب مخالفة الكفار في هذا وفي غيره مما هو من خصائصهم – والله المستعان. 7 ـ مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتهم أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها. وقد فسر قوله سبحانه وتعالى:{ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}(2). أي ومن صفات عباد الرحمن أنهم لا يحضرون أعيان الكفار. 8 ـ مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد. قال تعالى:{ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرُ وَأَبْقَى }(3). وليس معنى ذلك أن المسلمين لا يتخذون أسباب القوة من تعلم الصناعات ومقومات الاقتصاد المباح والأساليب العسكرية بل ذلك مطلوب، قال تعالى:{ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}(4). وهذه المنافع والأسرار الكونية هي في الأصل للمسلمين، قال تعالى:{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(1). وقال تعالى:{ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا }(2). وقال تعالى:{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا }(3). فالواجب أن يكون المسلمون سباقين إلى استغلال هذه المنافع وهذه الطاقات، ولا يستجدون الكفار في الحصول عليها، بل أن يكون لهم مصانع وتقنيات. 9 ـ التسمي بأسمائهم: بحيث يسمي بعض المسلمين أبنائهم وبناتهم بأسماء أجنبية ويتركون أسماء آبائهم، وأمهاتهم وأجدادهم وجداتهم والأسماء المعروفة في مجتمعهم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن" وسبب تغيير الأسماء فقد وجد جيل يحمل أسماء غريبة، مما يسبب الانفصال بين هذا الجيل والأجيال السابقة ويقطع التعارف بين الأسر التي كانت تعرف بأسمائها الخاصة. 10 ـ الاستغفار لهم والترحم عليهم. وقد حرَّم الله ذلك بقوله تعالى:{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}(4). لأن هذا يتضمن حبهم وتصحيح ما هم عليه. ثانيًا : من مظاهر موالاة المؤمنين 1 ـ الهجرة إلى بلاد المسلمين وهجر بلاد الكافرين. والهجرة هي الانتقال من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين. والهجرة بهذا المعنى ولأجل هذا الغرض واجبة وباقية إلى طلوع الشمس من مغربها عند قيام الساعة، وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، فتحرم على المسلم الإقامة في بلاد الكفار إلا إذا كان لا يستطيع الهجرة منها. أو كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام. قال تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً، فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}(5). 2 ـ مناصرة المسلمين ومعاونتهم بالنفس والمال واللسان فيما يحتاجون إليه في دينهم ودنياهم. قال تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض ٍ}(6). وقال تعالى:{ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ }(7). 3 ـ التألم لألمهم والسرور بسرورهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم". 4 ـ النصح لهم ومحبة الخير لهم وعدم غشهم وخديعتهم. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وقال: "المسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يخذله ولا يسلمه، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه". وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضهم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا". 5 ـ احترامهم وتوقيرهم وعدم تنقصهم وعيبهم. قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}(1). 6 ـ أن يكون معهم في حال العسر واليسر والشدة والرخاء. بخلاف أهل النفاق الذين يكونون مع المؤمنين في حالة اليسر والرخاء ويتخلون عنهم في حال الشدة. قال تعالى:{ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}(2). 7 ـ زيارتهم ومحبة الالتقاء بهم والاجتماع معهم. وفي الحديث القدسي: (وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ). وفي حديث آخر: (أن رجلاً زار أخًا له في الله فأرصد الله على مدرجته ملكًا – فسأله أين تريد؟ قال أزور أخًا لي في الله، قل: هل لك عليه من نعمة تربها عليه، قال لا: غير أني أحببته في الله، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه). 8 ـ احترام حقوقهم. فلا يبيع على بيعهم ولا يسوم على سومهم ولا يخطب على خطبتهم ولا يتعرض لما سبقوا إليه من المباحات. قال صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته". وفي رواية: "ولا يسم على سومه". 9 ـ الرفق بضعفائهم. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا". وقال عليه الصلاة والسلام: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم". وقال تعالى:{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(1). 10 ـ الدعاء لهم والاستغفار لهم. قال تعالى:{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}(2). وقال سبحانه:{ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ}(3). تــنــبـيه : وأما قوله تعالى:{ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(4). فمعناه أن من كف أذاه من الكفار فلم يقاتل المسلمين ولم يخرجهم من ديارهم فإن المسلمين يقابلون ذلك بمكافأته بالإحسان والعدل معه في التعامل الدنيوي ولا يحبونه بقلوبهم لأن الله قال: {أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}. ولم يقل توالونهم وتحبونهم. ونظير هذا قوله تعالى في الوالدين الكافرين:{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}(5). وقد جاءت أم أسماء إليها تطلب صلتها وهي كافرة فاستأذنت أسماء رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في ذلك فقال لها: "صِلِي أمك" وقد قال الله تعالى:{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ}(6). فالصلة والمكافأة الدنيوية شيء، والمودة شيء آخر. ولأن في الصلة وحسن المعاملة ترغيبًا للكافر في الإسلام فهما من وسائل الدعوة بخلاف المودة والموالاة فهما يدلان على إقرار الكافر على ما هو عليه والرضى عنه وذلك يسبب عدم دعوته إلى الإسلام. وكذلك تحريم موالاة الكفار لا تعني تحريم التعامل معهم بالتجارة المباحة واستيراد البضائع والمصنوعات النافعة والاستفادة من خبراتهم ومخترعاتهم. فالنبي – صلى الله عليه وسلم- استأجر ابن أريقط الليثي ليدله على الطريق وهو كافر واستدان من بعض اليهود. وما زال المسلمون يستوردون البضائع والمصنوعات من الكفار وهذا من باب الشراء منهم بالثمن وليس لهم علينا فيه فضل ومِنَّة. وليس هو من أسباب محبتهم وموالاتهم، فإن الله أوجب محبة المؤمنين وموالاتهم وبغض الكافرين ومعاداتهم. قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(7). إلى قوله تعالى:{ وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}(1). قال الحافظ ابن كثير: ومعنى قوله: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل..] انتهى.. قلت : وهذا ما حصل في هذا الزمان والله المستعان. أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء الناس في الولاء والبراء على ثلاثة أقسام: القسم الأول: من يحب محبة خالصة لا معادة معها وهم المؤمنون الخلّص من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين. وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه تجب محبته أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين. ثم زوجاته أمهات المؤمنين وأهل بيته الطيبين وصاحبته الكرام – خصوصًا الخلفاء الراشدين وبقية العشرة والمهاجرين والأنصار وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان ثم بقية الصحابة – رضي الله عنهم – أجمعين. ثم التابعين والقرون المفضلة وسلف هذه الأمة وأئمتها – كالأئمة الأربعة. قال تعالى:{ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }(2). ولا يبغض الصحابة وسلف هذه الأمة من في قلبه إيمان. وإنما يبغضهم أهل الزيغ والنفاق وأعداء الإسلام كالرافضة والخوارج نسأل الله العافية. القسم الثاني: من يبغض ويعادي بغضًا ومعاداة خالصين لا محبة ولا موالاة معهما وهم الكفار الخلص من الكفار والمشركين والمنافقين والمرتدين والملحدين على اختلاف أجناسهم. كما قال تعالى:{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}(3). وقال تعالى عائبًا على بني إسرائيل:{ تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }(4). القسم الثالث: من يحب من وجه ويبغض من وجه فتجتمع فيه المحبة والعداوة وهم عصاة المؤمنين. يحبون لما فيهم من الإيمان ويبغضون لما فيهم من المعصية التي هي دون الكفر والشرك. ومحبتهم تقتضي مناصحتهم والإنكار عليهم. فلا يجوز السكوت على معاصيهم بل ينكر عليهم ويؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وتقام عليهم الحدود والتعزيرات حتى يكفوا عن معاصيهم ويتوبوا من سيئاتهم. ولكن لا يبغضون بغضًا خالصًا ويتبرأ منهم كما تقوله الخوارج في مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك. ولا يحبون ويوالون حبًا وموالاة خالصين كما تقوله المرجئة بل يعتدل في شأنهم على ما ذكرنا كما هو مذهب أهل السنة والجماعة. والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، والمرء مع من أحب يوم القيامة كما في الحديث. وقد تغير الوضع وصار غالب موالاة الناس ومعاداتهم لأجل الدنيا فمن كان عنده طمع من مطامع الدنيا والوه وإن كان عدوًّا لله ولرسوله ولدين المسلمين. ومن لم يكن عنده طمع من مطامع الدنيا عادوه ولو كان وليًّا لله ولرسوله عند أدنى سبب وضايقوه واحتقروه. وقد قال عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما -: "من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئًا"(1). وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب".(2). وأشد الناس محاربة لله من عادى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبهم وتنقصهم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا، فمن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه".(3). وقد صارت معاداة الصحابة وسبهم دينًا وعقيدة عند بعض الطوائف الضالة. نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه، ونسأله العفو والعافية، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله أجهزة إلاهية غير مرئية غذائها الايمان بالله، قد تنور للمؤمن طريقه و لا تخيبه عندما يستخيرها و هذه قصة طريفة و مفيدة جدا في يوم من الايام ذهب العلامة و العالم الكبير ابراهيم ابن أدهم بعد ان اعتمر بمكة، ذهب لزيارة قبر الرسول صلوات الله عليه، بعد أن صلى صلاة العشاء بقي بالمسجد، و كان في تلك الايام يقومون بتنظيف المساجد بعد صلاة العشاء ، فطلب منه الخروج و هم لا يعرفونه كون عالم ملا طباق الارض بعلمه دون أن يكشف عن هويته، فقال لهم أنه غريب عن الارض و أنه لايملك مكان ليذهب اليه، فجروه من رجليه و رموا به خارج المسجد ، التقى به أحد الخبازين فحن على حاله و اخذه و قال له اجلس و تدفأ قرب الفرن بينما أقوم انا بعملي، فلاحظ ابراهيم أن الخباز يقول باسم الله قبل أن يرمي كل رغيف و ينتظره الى حين يستوى و يخرجه و يقول الحمد لله، تكرر هذا الحال مع الخباز الى الفجر فتعجب ابراهيم و قال أنا رجل علم فلابد ان أعلمه و لكن سوف اسأله قبل أن اعلمه فقال له : يا رجل أما لك ذكر غير هذا ؟ قال الخباز :لا فمنذ عشرين سنة مالي غير هذا الذكر قال :و ماذا رأيت من ثمرته ؟ قال : مادعوت الله من دعاء الا استجيب فور أن انتهي منه، الا دعوة واحدة قال : و ما هي ؟ قال: منذ سنين و أنا أدعو الله أن يجمعني مع عبد من عباد الله الصالحين يسمى ابرهيم ابن أدهم و لكنه لم يحدث قال ابراهيم :و الله انت عند الله خير من ابراهيم ابن أدهم هذا قال الخباز: استحي من الله خباز جاهل مثلي خير من امام المسلمين و علامتهم قال ابراهيم : يا رجل الاستجابة في دعائك جاءت بي جرجرة اليك
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته معنى لا إله إلا الله وشروطها لا إله إلا الله هي الكلمة التي من أجلها خلق الله الخلق وأرسل الرسل وأنزل الكتب وجردت سيوف الجهاد وانقسم الناس إلى فريقين مؤمنين وكفار ولأجلها قام سوق الجنة والنار ووضع الميزان ونصب الصراط وهي حق الله على العباد فهي كلمة الإسلام ومفتاح دار السلام ، وعنها يسأل الأولون والآخرون إن شهادة أن لا إله إلا الله ليست مجرد كلمة أو مجرد عبارات، لكن حقائق هذه الكلمة التي بعث الله تبارك وتعالى بها أنبياءه جميعًا. وحقيقة الإسلام هو معنى 'لا إله إلا الله'، وهو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، وهي العروة الوثقى، وكلمة التقوى، قال تعالى "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم"والعروة الوثقى هي:شهادة أن لا إله إلا الله فلا تقبل الصلاة ولا صيام ولا صدقة ولا أي عمل من غير لا إله إلا الله، كما قال الله تعالى"وقدمنا إلى ما عملوا منعمل فجعلناه هباء منثورا" فلا يقبل الله العمل أبدا بل هو كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لأنه ليس مبنياعلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعلى توحيد الله تبارك وتعالى. وقال تعالى"وماأرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون"ومعنى لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله وهو في غير موضع من القرآن، ويأتيك في قول البقاعي صريحا قوله (وحده) تأكيد للإثبات (لا شريك له)كثير من الناس يظنون أنهم سيدخلون الجنان ولا يعذبون في النيران بمجرد قولهم لا إله إلا الله ، ويحتجون بقول رسول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ: (مَا مِنْ عَبْدٍ قَال لا إِلهَ إِلا اللهُ ثُمَّ مَاتَ على ذَلكَ إِلا دَخَل الجَنَّةَ)ولم يعلم هؤلاء أن شهادة التوحيد إن لم يحقق العبد شروطها ويستوفي أركانها فهي مجرد كلمة خرجت من اللسان ، أو نطق بها أعجمي لا يفهم القرآن. شروط لا إله إلا الله: الأول : العلم بمعناها نفياً وإثباتاً. الثاني : اليقين ، وهو : كمال العلم بها ، المنافي للشك والريب. الثالث : الإخلاص المنافي للشرك. الرابع : الصدق المنافي للكذب . الخامس : المحبة لهذه الكلمة ، ولما دلت عليه ، والسرور بذلك. السادس : الانقياد لحقوقها ، وهي : الأعمال الواجبة ، إخلاصاً لله ، وطلباً لمرضاته. السابع : القبول المنافي للرد اقوال علماء الامة في معنى لا اله الا الله قال الوزير أبو المظفر فى الإفصاح : قوله : شهادة أن لا إله إلا الله يقتضى أن يكون الشاهد عالماً بأنه لا إله إلا الله ، كما قال تعالى : "فاعلم أنه لا إله إلا الله" قال: واسم (الله) بعد (إلا) من حيث أنه الواجب له الإلهية فلا يستحقها غيره سبحانه . قال : وجملة الفائدة فى ذلك : أن تعلم أن هذه الكلمة مشتملة على الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، فإنك لما نفيت الإلهية وأثبت الإيجاب لله سبحانه كنت ممن كفر بالطاغوت وآمن بالله قال ابن القيم فى البدائع رداً لقول من قال : إن المستثنى مخرج من المستثنى منه . قال ابن القيم : بل هو مخرج من المستثنى منه وحكمه ، فلا يكون داخلاً فى المستثنى إذ لو كان كذلك لم يدخل الرجل فى الإسلام بقوله : لا إله إلا الله لأنه لم يثبت الإلهية لله تعالى . وهذه أعظم كلمة تضمنت بالوضع نفى الإلهية عما سوى الله وإثباتها له بوصف الاختصاص . فدلالتها على إثبات إلهيته أعظم من دلالة قولنا : (الله إله) ولا يستريب أحد فى هذا البتة قال الإمام الشافعي في الرسالة ( 1/42-53 بتحقيق أحمد شاكر ، ط . دار الكتب العلمية : (فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده ، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، ويتلو به كتاب الله ، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير ، وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك ). ولا يخفى أن إلزام المسلم بهذا يفيد ضرورة فهم الشهادتين وفهم معناها لامجرد ترديدهما بلسان العرب بلا فهم. وقال البغوي عند تأويل : ( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق ) "وأراد بشهادة الحق قوله لا إله إلا الله كلمة التوحيد ( وهم يعلمون ) بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم" قال الإمام ابن حبان رحمه الله تعالى: ( ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله جل وعلا بالوحدانية، وكان ذلك عن يقين من قلبه، لا أن الإقرار بالشهادة يوجب الجنة للمقر بها دون أن يقر بها بالإخلاص) قاال ابن تيميه" تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله أن ينفي عن قلبه ألوهية ما سوى الله ويثبت في قلبه ألوهية الله فيكون نافياً لألوهية كل شئ من المخلوقات مثبتا لألوهية رب العالمين رب الأرض والسماوات وذلك يتضمن اجتماع القلب على الله وعلى مفارقة ما سواه"
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فالمعنى الإجمالي: أي إذا أراد شيئًا فلا يُرَد، ولا يُمَانَع ولا يُخَالَف، بل هو الغالب لما سواه. قال سعيد بن جبير -رحمه الله- في قوله: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف:21]، أي: "فعال لما يشاء". وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} يقول: "لا يدرون حكمته في خلقه، وتلطفه لما يريد" (انتهى من تفسير ابن كثير). والهاء في قوله: (أَمْرِهِ) فيها قولان: إما عائدة على الله تعالى، أو على يوسف -عليه السلام، ولا تعارض بينهما، فتأمل كيف حوت هذه الآية معاني جامعة في "سورة يوسف" خاصة، وفي كل أحوال الخلق عامة. وتأمل كيف كان أول ما قال يعقوب لولده يوسف عليهما السلام: {يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف:5]، فلم يقصص يوسف عليهم؛ فهو الولد المعلَّم الطائع، وهم ما حضروا قطعًا مجلس يوسف وأبيه، ولكن {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}، كادوا له، ولم يغنِ حذر من قدر، فوقع ما كان يحذر يعقوب -عليه السلام! وتأمل كيف أرادوا بفعلتهم أن يخلو لهم وجه أبيهم، وينفردوا بمحبته، وينزعوا حب يوسف من قلبه، لكن {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}، ظل يعقوب يحبه ويرجف قلبه بمحبته هو، حتى بعد فقد أخيه ما قال إلا: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف:84]! فتأمل كيف كان يوسف في سويداء قلبه، وقال: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف:87]، فلم ينسه، وتطاولت الأزمان والسنون {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف أرادوا أن يجعلوه في قاع الجب، فرفعه الله إلى قمة المُلك، وقال المَلِك له: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف:54]! {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف أرادوا بيعه بيع العبيد فاشتراه من مصر عزيزها ليحيا فيها حياة الملوك وأبناء الملوك -بل ملكها هو بعد ذلك، وأرادوا بذلك إهانته فقال الذي اشتراه من مصر لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف:21]؛ لتعلم أن {اللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}! وتأمل كيف قالوا: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف:9]، أي تائبين، فغلب أمر الله حتى نسوا الذنب، وأصروا عليه حتى أقروا به بين يدي يوسف -عليه السلام- بعد سنين، وقالوا لأبيهم: {يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف:97]. وتأمل كيف كادت به امرأة العزيز، وغلقت الأبواب، وطلبت وقت غيبة العزيز؛ ليبعد ذلك عن علمه وعلم الناس، ولكن: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}، كشف الأمر وهتك الستر: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف:25]، وشاع الأمر حتى {قَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف:30]؛ لتعلم أن {اللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف ابتدرته بالكلام بين يدي العزيز؛ لتغلبه: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}؛ فأظهر الله براءته بشهادة شاهد من أهلها حتى استقر الحق في نفس العزيز، فقال لها: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف:29]، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف كادت به هي والنسوة، وتعالت صيحتها وهي تقول: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف:32]، فأرادت إدخال الوحشة عليه بالسجن؛ فآنس الله وحشته بذكره لربه وإحسانه للخلق {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وقالت: {وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} فغلب أمر الله، وقال المَلِك: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف:54]، فأرادت إذلاله -عليه السلام؛ فأعزه الله، وجعل أقوات الخلق بين يديه! {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف دبر يوسف -عليه السلام- أن يخلص من السجن فطلب من ساقي الخمر أن يذكر شأنه للمَلِك فغلب أمر الله تعالى؛ إذ أراد أن يمكث يوسف في السجن بضع سنين، فأنسى الشيطانُ الساقي ذكر قصة يوسف للملك؛ فلبث يوسف في السجن بضع سنين {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف دبر يوسف شأن نفسه ليخرج من السجن في أول الأمر، ولكن أراد الله ألا يكون لأحد عليه منة، وأن يعلي قدره جزاء إحسانه؛ فأرى اللهُ الملكَ الرؤيا ليخرج يوسف مطلوبًا لا طالبًا، مرغوبًا لا راغبًا، ويقول الملك: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} [يوسف:54]، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف حاول الساقي إخفاء أنها رؤيا الملك فقال: {أَفْتِنَا} [يوسف:46]، ولم يقل: أفتِ الملك، وقال: {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ} [يوسف:46]، ولم يقل: إلى الملك، حتى بادي الأمر قال: {فَأَرْسِلُونِ}، ولم يذكر جهة إرساله فتكتم قبل خروجه وحين جاء يوسف، ولكن {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}، ففهم الملك وكشف الله الأمر له، وما نفع هذا الرجل ما فعل، وكان حقه أن يحسن لمن أحسن إليه {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف أراد يعقوب -عليه السلام- حفظ أولاده أن يصيبهم أذى فقال: {لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف:67]، وهو يعلم أنه لا يغني عنهم من الله شيئًا، وقد فعلوا {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} [يوسف:68]، ولكن غلب أمر الله ففقدوا واحدًا منهم {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف صنع الإخوة واستعدوا لبذل واحد منهم مكان أخيهم، ولكن غلب أمر الله، وما كان ليوسف أن يأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله -وقد شاء، فغلب أمر الله {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل بعد هذا كله كيف كان تدبير الله ليوسف أن ينقل من كنف بيت النبوة إلى بلاط الملك والسياسة؛ ليكون هذا هو محل دعوته، ومكان عمله {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وفي هذا كله... تأمل حفظ الله لأهل مصر! وكيف أخرج لهم من الشام يوسف -عليه السلام-؛ ليدبر لهم شأنهم في السنين العجاف؛ ولتبقى مصر سلة الغلال وخزانة الدنيا، تأتيها الناس لتطلب ميرتها منها، وما ذلك إلا بتدبير الله لها {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. وتأمل كيف كان قدر الله لبني يعقوب -بني إسرائيل- أن يأتوا إلى مصر ليستوطنوها، لتبدأ دورة أخرى في حياة البشر، ليأتي بعد ذلك فرعون فيستعبدهم، ثم يبعث الله موسى -عليه السلام؛ ليستنقذهم {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}؛ لتعلم بعد هذه الكلمات: أن الله عزيز؛ إذا أراد شيئًا وأراد كل الخلق شيئًا؛ كان ما أراد الله، ولا مغالب لما أراد {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}. فلا تكن بعد هذا كله ممن قال الله فيهم في آخر السورة: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف:105]!
-
سم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله حقق ما تتمنى بإذن الله بقول لا حول ولا قوة إلا بالله بعض الناس يرددون هذا الكنز عندما يحدث أمر غير سار فيقولون لا حول ولا قوة إلا بالله تعبيراً عن ضيقهم مما حدث من أمر سيء سواء لهم او لغيرهم عافانا الله وإياكم من كًل سوء,, ولكن الحقيقة أن هذا الكنز يستخدم بتكراره كثيراً لتغيير وتبديل الأمور في حياة الإنسان ,, يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرحه : ((فإن المعنى لا تحول للعبد من حال , إلى حال , ولا قوة له على ذلك إلابالله )) فأكثرو من قول لا حول ولا قوة إلا بالله , واضمرو هذا المعنى في قلوبكم خاصة أثناء التلفظ بهذا الذكر, واحرصو على تواطؤال قلب مع السان حينما تقولون ((لا حول ولا قوة إلا بالله)) مثلاً لا تحول للعبد من الذل إلى العزةإلا بالله . ولا قوة إلا بالله :أي ولا يعينك على هذا التحول إلا الله لا تحول من المعصية إلى الطاعة إلا بالله ولا يعينك على هذا التحول إلاالله . لا تحول من المرض إلى الشفاء إلا بالله ولا يعينك على هذا التحول الا الله . لا تحول من الفقر إلى الغنى إلا بالله ولا يعينك على هذا التحول إلاالله . لا تحول من العزوبة إلى الزواج إلا بالله ولا يعينك على هذا التحول إلاالله . لا تحول من الفشل إلى النجاح إلا بالله ولا يعينك على هذا التحول إلاالله . لا تحول من الهزيمة إلى النصر إلا بالله ولا يعينك على هذا التحول إلاالله . وقس على ذلك التحول من المعصية إلى الطاعة , والتحول من المرض إلى الشفاء , والتحول من الفقر إلى الغنى , و التحول من العزوبة إلى الزواج , و التحول من الفشل إلى النجاح , و التحول من الهزيمة إلى النصر , وقس على ذلك أيضاً كل أمر يهمك بأنك تكثر من قول : ((لا حول ولا قوة إلا بالله)).
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله كـــن مــع الله تسعد الله خلق الحياة الدنيا وجعلها دار إبتلاءٍ وإمتحان وقدر فيها الأفراح والأحزان وكتب على بني آدم الهموم والأشجان وأراد بحكمته أن يحدث فيها كل ما يقدره فكان" فقضي فيها بخلق الخلائق فأطعمهم وسقاهم وأسعدهم ثم ابتلاهم وأسكن السعادة قلوبهم ثم أبكاهم ، فشقت الدموع خطوطاً من الألم ، والحزن ، والحسرة ، حتى إذا سلموا لأمره وآمنوا بقضائه عافاهم ، وبدد حزنهم ، وسلاهم .. أليس هو القائل جل في علاه : (( وأنه هو أضحك وأبكى))إذن هناك حكمة ٌعظمى .. ومنة ٌ كبرى في كل هذه الابتلاءات التي تصيبنا وتظل رحمة الله تسبق عذابه .. وحلمه يسبق غضبه . فسبحان من سبحت له الأفلاك والأملاك ~ تأملوا معي قول الله تعالى ((ألم ،، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ،، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ))هذه الدار خلقها الله للابتلاء والامتحان ليعلم قوة إيماننا ومدى صبرنا وتحملنا ، فإن توالت الأحداث وخيم الحزن علينا وطغت الآلام وتساقطت الدموع لفقد أحب شيءٍ لقلوبنا من الراحة والأنس ، والسكينة والعافية ، والطمأنينة وتتابعت الأحزان والهموم والآلام . فلله حكمةٌ في ذلك أفيكون الجزع والتضجر هو منهجنا وعقيدتنا؟ أم الصبر والاحتساب ؟! الله يقول : ((والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ،، أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المفلحون))~وقال جل وعلا : (( ولمن صبر وغفر فإن ذلك من عزم الأمور )) ~ وقال تعالى : (( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)) ~أخي وأختي المبتلين وكلنا أهل بلاء : لعل الله أختاركم دون غيركم ليبتليكم بهذا الأمر من الشدة والضيق والمرض ، لعل لكم منزلةً في الجنة لن تبلغوها بعملكم وإنما بصبركم فأثبتوا ثبت الله قلبكم وعصم عليه بالصبر ورزقكم السلوان وعوضكم خيراً مما فاتكم آمين ~ أمــــــــــــا ..... دموعكم وحزنكم والألم الذي أستعمر قلبكم فبإذن الله دواءه هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما يصيب المسلم من هم ولا غم ولانصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه "لا بأس إن ذرفتم الدموع لترتاح نفسكم ..ولا بأس إن خالط الحزن وأعتصر الألم قلبكم ولكن لا يطغى على حياتكم فيحرمكم السعادة ويفقدكم البسمة ويدفن بهائكم وإشراقكم . يقول الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه : "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" ثم أتبع بقوله " وفي كل خير" حولكم الكثير يحبونكم يخافون عليكم .. يحاولون إسعادكم ربما أنتم لم تشعروا بذلك لكني أكاد أجزم بوجودهم حولكم ، لا بأس إن تأخر تحقيق حلمك بالعافية أوالوظيفة أوتفريج الهم أوالزواج والذرية ،، لا بأس إن فارقتك الابتسامة لكن ثقوا أن رباً ابتلاك لن يترككم تضيعون في بحر الألم ،، وتغرقون في ذلك الخضم من الأسى والحزن واللوعة ~ ثقواأن بعد الشدة رخاء .. وبعد الليلة الشديدة الظلماء نور وضياء .. وبعد دموع الحزن سعادة قد تصل بكم إلى أن لا تتسع لكم الأرجاء .. فلا تستسلموا لآلام الحياة وحزنها وكدرها وكونوا على يقينٍ تام ببزوغ فجر الأمل المشرق الوضاء ~ * - لماذا لا تجعلوا للسرور مكاناً ؟! أخرجوا انفسكم من دائرة الألم وانزعوا النظارة السوداء عن عينيكم. لتحيوا حياةً طيبةً هانئة ً مباركة سعيدة ،، فأنتم مؤمنون ٌ بالله صابرون ٌعلى أقدارِ الله وما أنتم فيه إلا محاولات يائسة من الشيطان قد يحبط بها أجر صبركم فأثبتوا يا رعاكم الله ~
-
كيف تتعلم الحياء وتحسن المراقبة؟ 1-أسلوب سهل سهل : قال سهل بن عبد الله التستري: كنت و أنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فانظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوما إلا تذكر الله الذي خلقك ؟ فقلت : كيف اذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير من تحرك لسانك: الله معي... الله ناظري...الله شاهدي فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته به فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة فقلته فوقع في قلبي حلاوة فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمت و دم عليه إلى إن تدخل القبر فانه ينفعك في الدنيا و الآخرة فلم أزل على ذلك سنين ثم قال لي خالي يوما : يا سهل، من كان الله معه و ناظرت إليه و شاهده ...ايعصيه؟! إياك و المعصية أخي الحيي.. * إذا غاب العقل و غلبت الشهوة و دنا الذنب و سكر القلب.. تذكر: الله معي..الله ناظري.. الله شاهدي. إذا غاب الرقيب... و فقد الشهيد... ونامت العيون...تذكر: الله معي.. الله ناظري...الله شاهدي. 2- استحضار نعم الله: كم مرة مرضت فيها فشفاك، و نزلت بك نازلة فنجاك، و ألم بك الجوع و العطش فأطعمك وسقاك، و ابتلاك بالمصائب ليغفر لك الذنوب وقصدك بالبلايا ليمحو الخطايا انعم عليك بالإسلام و ملايين البشر في بحار الكفر غارقون و أفاض عليك بنعم السمع و البصر و الفؤاد و المحرومون كثيرون تبارزه بالمعاصي و يحبك و تعصيه و يغفر لك و تهتك ستر الله عليك و يوالي أستاره عليك فيحسن وتذنب فينعم و تقطعه فيصلك لا يمنعه إساءة لسانك بالكذب من يحرمك نعمة الكلام و لا إساءة بالنظر إلى الحرام إلى إن يحرمك نعمة الإبصار و لا إساءة الأذن بالاستماع إلى المحرم و الفحش من القول إلى إصابتك بالصمم. انعم عليك بنعم تعرفها ونعم لا تعرفها نعم تشعر بها و لا تحس بها نعم أورثك اعتياد رويتها نسيان شكرها فلا تعرف ثمنها إلا بفقدها.واعظ الرشيد دخل محمد بن صبيح الشهير بابن السماك على هارون الرشيد و في يده شربة ماء فقال: ارايت إن حرمتك هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكي. قال ارايت إن حرمت خروجها منك بعد شربها فبكم كنت تشتري ذلك قال بملكي كله قال ابن السماك ملك لا يساوي شربة وبولة.أربع و عشرون ألف نعمة يوميا!! قال ابن القيم: " و يكفي من النفس من أدنى نعمه التي لا يكادون يعدونها وهو أربعة وعشرون ألف نفس في كل يوم و ليلة فلله على العبد في النفس خاصة أربعة و عشرون ألف نعمة كل يوم و ليلة و لكل نعمة من هذه النعم حق من الشكر يستدعيه و يقتضيه".أساتذة الأعراب يعلمون فيها و لا تعرفها لتشكرها فأعجبه ذلك و قال: ما أحسن تقسيمه!! يحكى من أعرابيا دخل على هارون الرشيد فقال له: يا أمير المؤمنين... ثبت الله النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها و حقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به و عرفك التي أنت. 3- ماذا تساوي في ملك الله؟ و مما يدفعك إلى الحياء دفعا و يحثك على استشعار مراقبة الرب سبحانه و تعالى معرفة حجم هذا الكون العظيم و معرفة قدرك فيه و اسمع الحديث الأول : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: " ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة بأرض فلاة".لكن ما قدر السماوات السبع؟! اسمع الحديث الثاني: قال ابن مسعود:" بين السماء و التي تليها خمسمائة عام، و بين كل سماء و سماء خمسمائة عام و بين الكرسي و الماء خمسمائة عام و العرش فوق الماء و الله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم". لكن ما نسبة العرش إلى الكرسي؟ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" و فضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة". و الآن هل علمت قدرك أيها الإنسان؟ أنت جزء من دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة فلماذا التكبر و لماذا العصيان و علام الطغيان. 4- الخوف من حبوط العمل: و هذا التهديد أرسله النبي عليه الصلاة والسلام إلى صاحب الوجهين و ذي اللسانيين الذي يكون مع الناس بحال الطائع و إذا خلا بربه بحال العاصي. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم و يأخذون من الليل كما تأخذون و لكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها". فاستشعر الخوف من حبوط عملك الصالح، و خف على حسناتك واحرص على طاعاتك و لا تضيع جهدك سدى، لا تكن كمن سار ليلا فلما طلع عليه النهار وجد نفسه في الطريق الخطأ، و احرص على رضا الله لا رضا الخلق، فرضاهم عنك غاية لا تدرك و آمال في الأحلام. أيهما أيسر؟ قال سلمة بن دينار : تزين العبد لله يورث محبة الخلق له ، و تزين العبد للخلق يورث بغض الله له، و لمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها، انك إذا صانعت الله ( أرضيته) مالت إليك الوجوه كلها، و إذا أفسدت ما بينك وبينه كرهتك الوجوه كلها.الداعية الهالك.كان يحي بن معاذ ينشد في مجالسه: مواعظ الواعظ لن تقـبلا حتى يعيها قلبـــه أولا يا قوم من اظلم من واعظ قد خالف ما قاله في الملا اظهر بين الناس إحـسانه و بارز الرحمن لما خـلا 5- الاستبشار بثواب عبادة السر: و من أساليب التدريب على استشعار مراقبة الله الاستبشار بثواب العبادة الخفية، و كفى من ثوابها إن ثلاثة من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله هم من أصحاب عبادات السر... " و رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله م تنفق يمينه، و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه". و هذا الثواب راجع إلى من عبادة السر أقرب إلى الإخلاص و أبعد عن الرياء و المباهاة، و أكسر لحظ النفس من الشهرة و العجب، و لهذا جاء في بعض الآثار من عبادة السر تفضل عبادة العلن بسبعين ضعفا، فاستشعر قدر هذا الثواب يهن عليك حفظ محارم الله في السر و العلن و تكن عند الله من المقربين الأبرار. * و لهذا يبشرك كعب الأحبار بقوله: من تعبد لله ليلة حيث لا يراه احد يعرفه خرج من ذنوبه كما يخرج من ليلته. * بل قال عمرو بن العاص : ركعة بالليل خير من عشر بالنهار. * و يأتيك بالثالثة حذيفة بن قتادة فيقول: إن أطعت الله في السر أصلح قلبك، شئت أم أبيت. غضبة تميمية قال رجل لتميم الداري: ما صلاتك بالليل ؟ فغضب غضبا شديدا، ثم قال: و الله لركعة أصليها في جوف الليل في سر أحب إلي من من أصلي الليل كله ثم أقصه على الناس. مروءة خفية كان عبد الله بن المبارك كثيرا ما يسافر إلى الرقة، و ينزل في خان فيها، فكان شاب يأتي إليه... و يقوم بحوائجه، و يسمع منه الحديث، فقدم عبد الله الرقة مرة... فلم ير ذلك الشاب، فسأل عنه، فقالوا: أنه محبوس لدين ركبه، فقال عبد الله: و كم مبلغ دينه؟ فقالوا: عشرة آلاف درهم، فدعا عبد الله صاحب المال ليلا و أعطاه عشرة آلاف درهم... و حلفه من لا يخبر أحدا ما دام حيا، و قال له: إذا أصبحت فاخرج الرجل من الحبس، فلما خرج الفتى من الحبس.. قيل له: عبد الله بن المبارك كان ها هنا... و كان يسأل عنك، فخرج الفتى في أثره، فلما قابله.. قال عبد الله : يا فتى .. أين كنت؟!لم أرك في الخان. قال: كنت محبوسا بدين. قال: فكيف كان سبب خلاصك؟!قال: جاء رجل فقضى ديني، و لم اعلم به حتى أخرجت من الحبس، فقال عبد الله: احمد الله على ما وفق لك من قضاء دينك، ثم فارقه و مضى. صدق أو لا تصدق قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:" صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا و عشرين". بمعنى انك يا من صليت النوافل في بيتك في سنة حصلت اجر من صلاها في المسجد خلال 25 سنة. ولهذا اخبر النبي عليه الصلاة والسلام: " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
-
للشهادتين عدة شروط ، وهي : الأول : العلم وهو العلم بمعناها المراد منها نفيا وإثباتا المنافي للجهل بذلك ، قال الله عز وجل : " فاعلم أنه لا إله إلا الله " ( محمد : 19 ) وقال تعالى : " إلا من شهد بالحق " ( الزخرف : 86 ) أي بلا إله إلا الله " وهم يعلمون " بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم . وفي الصحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " . الثاني : اليقين وهو اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ، قال الله عز وجل : " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون " ( الحجرات : 15 ) ، فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين - والعياذ بالله - . وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عنه الجنة " . الثالث : القبول وهو القبول بما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، قال تعالى في شأن من قبلها : " إلا عباد الله المخلصين ، أولئك لهم رزق معلوم ، فواكه وهم مكرمون ، في جنات النعيم " ( الصافات : 40 - 43 ) إلى آخر الآيات ، وقال تعالى : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " ( النمل : 89 ) وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " الرابع : الانقياد وهو الإنقياد لما دلت عليه ، المنافي لترك ذلك ، قال الله عز وجل : " وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له " ( الزمر : 54 ) ، وقال تعالى : " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجه لله وهو محسن " ( النساء : 125 ) ، وقال تعالى : " ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى " ( لقمان : 22 ) أي بلا إله إلا الله " وإلى الله عاقبة الأمور " ومعنى يسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن : موحد . الخامس : الصدق وهو الصدق فيها المنافي للكذب ، وهو أن يقولها صدقا من قلبه يواطئ قلبه لسانه ، قال الله عز وجل : " الم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " ( العنكبوت : 1-3 ) إلى آخر الآيات ، وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار " . السادس : الإخلاص وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، قال الله تبارك وتعالى : " ألا لله الدين الخالص " ( الزمر : 3 ) ، وقال تعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ( البينة : 5 ) الآية ، وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه " . السابع : المحبة وهي المحبة لهذه الكلمة وما اقتضته ودلت عليه ، ولأهلها العاملين بها ، الملتزمين لشروطها ، وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله عز وجل : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله " ( البقرة : 165 ) ، وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه ، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه ، وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه ، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وقبول هداه . وكل هذه العلامات شروط في المحبة لا يتصور وجود المحبة مع عدم شرط منها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " ( أخرجاه من حديث أنس بن مالك ) . وزاد بعضهم شرطا ثامنا وهو الكفر بما يعبد من دون الله ( الكفر بالطاغوت ) ، قال صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز جل " رواه مسلم . فلا بد لعصمة الدم والمال مع قوله ( لا إله إلا الله ) من الكفر بما يعبد من دون الله كائنا من كان . مختصر معارج القبول لمحمد بن سعيد القحطاني ص 119 - 122.
-
حكم قضاء يوم عاشوراء لسؤال: من أتى عليها عاشوراء وهي حائض هل تقضي صيامه؟ وهل من قاعدة لما يقضي من النوافل؟ وما لا يقضي؟ جزاك الله خيراً. الجواب: النوافل نوعان: نوع له سبب، ونوع لا سبب له. فالذي له سبب يفوت بفوات السبب ولا يُقضي، مثال ذلك: تحية المسجد، لو جاء الرجل وجلس ثم طال جلوسه ثم أراد أني يأتي بتحية المسجد، لم تكن تحية للمسجد، لأنها صلاة ذات سبب، مربوطة بسبب، فإذا فات فاتت المشروعية، ومثل ذلك فيما يظهر يوم عرفة ويوم عاشوراء، فإذا أخر الإنسان صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء بلا عذر فلا شك أنه لا يقضي ولا ينتفع به لو قضاه، أي لا ينتفع به على أنه يوم عرفة ويوم عاشوراء. وأما إذا مر على الإنسان وهو معذور كالمرأة الحائض والنفساء أو المريض، فالظاهر أيضاً أنه لا يقضي، لأن هذا خص بيوم معين يفوت حكمه بفوات هذا اليوم. مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله (20/43)
-
ما هي السنة في كيفية صيام يوم عاشوراء ؟ الشيخ عبد العزيز الراجحي يجيب. السؤال: بعض الناس يقول: إن انفراد يوم عاشوراء بالصيام هو السنة؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مقدم على قوله، فهل هذا القول صحيح؟ الجواب: هذا ليس بصحيح، قال عليه الصلاة والسلام في آخر حياته: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر)، وفي الحديث الآخر: (صوموا يوماً قبله)، وفي رواية أخرى: (ويوماً بعده)، لكن فيه ضعف. وقوله: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر) هي في صحيح مسلم، والقول مقدم على الفعل، القول هو الأصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يقول شيئاً وقد لا يفعله؛ لأنه لا يتمكن، فقد يحث على صيام تسع ذي الحجة ولا يتمكن هو لانشغاله بالدعوة، ونشر العلم، وإرسال الجيوش وغير ذلك، فالسنة تثبت بالقول وبالفعل وبالتقرير. وقد ذكر العلامة ابن القيم أن الصيام على ثلاث مراتب: الأولى: أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده، وهذا أفضلها، وهذا فيه صيام الثلاثة الأيام من الشهر. الثانية: أن يصوم التاسع مع العاشر. الثالثة: أن يصوم العاشر وحده، وهذا فيه صيام العاشر، لكن إفراده مكروه؛ لأنه وافق اليهود في هذا، لكن لا بأس. منقول من موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي ـ حفظه الله ـ
-
السؤال: في صلاة الجمع سواء بين الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء، هل هناك فاصل لا يجوز أداء الجمع فيه، أم جميع الوقت جائز لذلك، وما بينهما وقت الآخر؟ الاجابة: لجمع بين الصلاتين للمسافر: إنما يكون ما دام سائرًا في الطريق، جادًا به على الطريق، فإذا سافر إلى الأحساء وخرج من هذه البلاد قبل الظهر بنصف ساعة، وأحب من يواصل سيره، فإنه يجوز من يجمع بين الصلاتين، سواء في وقت الظهر في الساعة الثانية عشر، أو في الساعة الواحدة، أو في الساعة الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة الذي هو وقت العصر، ويجوز من يصلي هاتين الصلاتين جمعًا في وقت واحد، سواء في وقت الأولى، أو في وقت الثانية، أو فيما بينهما، ولكن الأفضل من يجعله في وقت الأولى، أو في وقت الثانية؛ ليكون أرفق به، ويقال كذلك في العشائين، فالوقت كله وقت للجمع، ولكن يفضل من يكون في وقت الأولى، أو يكون في وقت الثانية. والله أعلم. رقم الفتوى (9559) سماحة الشيح عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ـ رحمه الله ـ.
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله القائل: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ } [النساء:131]. والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد القائل: « أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة » ، وتقوى الله طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وهي تثمر سعادة الدنيا والآخرة. وبعد، فهذه وصايا إسلامية قيّمة في مواضيع مختلفة في العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب وغير ذلك من شئون الحياة، نقدمها إلى الشباب المسلم الحريص على معرفة ما ينفعه للذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين. راجين أن ينفع الله بها من قرأها أو سمعها، وأن يعظم الأجر والمثوبة لمن ألفها أو كتبها أو نشرها أو عمل بها، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وهي كالآتي: - أخلص النية لله تعالى، واحذر الرياء في القول والعمل. - اتبع السنة المحمدية في جميع الأقوال والأفعال والأخلاق. - اتق الله تعالى، واعزم على فعل جميع الأوامر وترك جميع النواهي. - تب إلى الله تعالى توبةً نصوحاً، وأكثر من الاستغفار. - راقب الله تعالى في جميع حركاتك وسكناتك، واعلم أن الله يراك ويسمعك ويعلم ما يكنه ضميرك. - آمن بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. - لا تقلد غيرك تقليداً أعمى، ولا تكن إمَّعة. - كن سابقاً في عمل الخير تؤجر عليه وتنل ثواب من اقتدى بك فيه. - اقتن كتاب ( رياض الصالحين ) واقرأ به على نفسك وعلى أسرتك ( وزاد المعاد لابن القيم ). - حافظ على الوضوء وجدده، وكن دائماً على طهارة من الحدث والنجاسة. - حافظ على الصلاة في أول وقتها مع الجماعة في المسجد ولا سيما العشاء والفجر. - لا تأكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل، ولا تشرب الدخان المعروف لئلا تؤذي نفسك والمسلمين. - حافظ على صلاة الجماعة لتفوز بالأجر المرتب عليها. - أد الزكاة المفروضة ولا تبخل بها على المستحقين. - بادر إلى صلاة الجمعة مبكراً، واحذر أن تتأخر بعد النداء الثاني إليها فتأثم. - صم رمضان إيماناً واحتساباً لله تعالى ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. - احذر أن تفطر يوماً من رمضان من غير عذر شرعي فتأثم بذلك. - قم ليالي رمضان ولا سيّما ليلة القدر منه إيماناً واحتساباً لتنال المغفرة لما مضى من ذنوبك. - بادر بالحج والعمرة إلى بيت الله الحرام إذا كنت مستطيعاً واحذر التأخير. - اقرأ القرآن بتدبر معناه، وامتثل أمره واجتنب نهيه ليكون حجة لك عند ربك وشفيعاً لك يوم القيامة. - داوم على الإكثار من ذكر الله تعالى سراً وجهراً، قائماً وقاعداً وعلى جنبك، وإياك والغفلة. - احضر مجالس الذكر فإنها من رياض الجنة. - غض بصرك عن العورات والمحارم وإياك وإطلاقه، فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس. - لا تطل ثيابك إلى ما تحت الكعبين ولا تتبختر في مشيتك. - لا تلبس الحرير ولا الذهب فإنهما حرام على الذكور. - لا تتشبه بالنساء، ولا تدع نساءك يتشبهن بالرجال. - أطلق لحيتك لقوله صلى الله عليه وسلم : « أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى » [رواه البخاري ومسلم]. - لا تأكل إلا حلالاً، ولا تشرب إلا حلالاً تكن مستجاب الدعوة. - سم الله تعالى على الطعام والشراب، واحمد الله إذا انتهيت. - كل بيمينك واشرب بيمينك وخذ بيمينك وأعط بيمينك. - إياك والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. - لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. - اياك والرشوة، أخذاً وإعطاءً وتوسطاً، فإن فاعلها ملعون. - لا تطلب رضا الناس بسخط الله عز وجل فيسخط عليك. - أطع ولاة الأمر في كل أمر مشروع، وأدع لهم بالصلاح. - احذر شهادة الزور ولا تكتم الشهادة { وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [البقرة:283]. - { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ } [لقمان:17]. - والمعروف ما أمر الله به ورسوله ، والمنكر ما نهى الله عنه ورسوله . - اترك جميع المحرمات صغيرها وكبيرها، ولا تعص الله تعالى، ولا تعن أحداً على معصيته. - لا تقرب الزنا، قال تعالى: { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } [الإسراء:32]. - عليك ببر الوالدين، وإياك والعقوق. - عليك بصلة الرحم، وإياك والقطيعة. - أحسن إلى جارك ولا تؤذه، وتحمّل أذاه. - أكثر من زيارة الصالحين وإخوانك في الله تعالى. - أحبب في الله تعالى، وأبغض في الله، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان. - عليك بالجليس الصالح، واحذر جليس السوء. - بادر إلى قضاء حوائج المسلمين وأدخل السرور عليهم. - عليك بالرفق والأناة والحلم، واحذر الغلظة والعجلة. - لا تقطع كلام غيرك وعليك بحسن الاستماع. - أفش السلام على من عرفت ومن لم تعرف. - تلفظ بالسلام المسنون وهو قولك ( السلام عليكم )، ولا تكتف بالإشارة باليد أو الرأس فقط . - لا تسب أحداً ولا تصفه بسوء. - لا تلعن أحداً حتى البهائم والجمادات. - احذر قذف الناس واتهامهم في أعراضهم فإنه من أكبر الكبائر. - إياك والنميمة وهي نقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد بينهم. - إياك والغيبة، وهي ذكرك أخاك بما يكره. - لا تروع مسلماً ولا تؤذه. - عليك بالإصلاح بين الناس فإنه من أفضل الأعمال. - قل خيراً وإلا فاصمت. - كن صادقاً ولا تكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار. - لا تكن ذا وجهين تأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه. - لا تحلف بغير الله تعالى ولا تكثر الحلف ولو على الصدق. - لا تحتقر غيرك فإنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى. - لا تأت الكهنة ولا العرافين ولا السحرة ولا تصدقهم. - لا تصور صورة إنسان أو حيوان، فإن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورين. - لا تقتن في بيتك صورة ذي روح فتحرم دخول الملائكة بيتك. - شمِّت العاطس بقولك: ( يرحمك الله )، إذا حمد الله تعالى. - احترز من الصفير والتصفيق ( المكاء والتصدية ). - بادر إلى التوبة من كل ذنب وأتبع السيئة الحسنة تمحها، واحذر التسويف. - كن راجياً عفو الله تعالى ورحمته وحسِّن ظنك بالله عز وجل. - كن خائفاً من عقاب الله ولا تأمن عقوبته. - كن صابراً عند البلاء وشاكراً عند الرخاء. - أكثر من الأعمال الصالحة التي يبقى لك أجرها بعد الموت، كبناء المساجد ونشر العلم. - سل الله تعالى الجنة واستعذ به من النار. - أكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين وعلى آله وصحبه أجمعين. المصدر: طريق الإسلام ============== لا تنسونا من صالح دعائكم
-
قال البربهاري رحمه الله: اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلاَّ بالآخَر. فمن السنَّة لزومُ الجماعة، فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان ضالاًّ مضلاًّ. والأساس الذي تُبنى عليه الجماعة، وهم أصحاب محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ورحمهم الله أجمعين، وهم أهل السنَّة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضلَّ وابتدع، وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ، والضلالة وأهلها في النار.وقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: «لا عذر لأحدٍ في ضلالةٍ ركبها حسبها هدًى، ولا في هدًى تركه حسبه ضلالةً، فقد بُيِّنت الأمور، وثبتت الحجَّة، وانقطع العذر». وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. واعلم - رحمك الله - أنَّ الدين إنما جاء من قِبَل الله تبارك وتعالى، لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم، وعلمُه عند الله وعند رسوله، فلا تتَّبع شيئًا بهواك فتمرقَ من الدين فتخرجَ من الإسلام، فإنه لا حجَّة لك، فقد بيَّن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأمَّته السنَّة، وأوضحها لأصحابه وهُم الجماعة، وهُم السواد الأعظم، والسواد الأعظم: الحقُّ وأهله، فمن خالف أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في شيءٍ من أمر الدين فقد كفر. [«شرح السنَّة» للبربهاري (1/35)
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". هذه مسألة شائكة مزلةُ أقدام فكم راح ضحيتها من أنفسٍ بريئة، وأُتلفت أموال وقُطِعت سبل، وهذا الانزلاق الذي مرده إلى أحد أمرين: § إما السطحية والجهل وهو الأخذ بظاهر بعض النصوص. § وإما الرأي الفاسد وسبيله وطريقه عدم ضم النصوص إلى بعضها. فمن أراد أن يَسلم ويُسلم منه فليجمع نصوص الباب ولا يستقل برأيه، بل ينظر إلى من هم على مسلك السلف الصالح من أهل العلم فيأخذ عنهم العلم ولا يعبأ بكل ناطق من الناعقينممن يسمونهم المفكرين، ويرفعونهم إلى مصاف الدعاة وليسوا بدعاة تجدُ أصلهُ أصل ما عنده الطب أو الهندسة أو الكيمياء أو الرياضيات فهداه الله إلى تدين جميل وحُسن أعمال فأنقذه الله من ما كان فيه من الضياع، فهو يهجم هجوماً على السنة، ويسعى جاهداً في رد الناس إلى ما يفهمه هو وليس ما يفهمه السلف الصالح، وهذا لأنه لم يتلقَ علم الشرع عن أهله، بل تلقاه عن من هم أمثاله أو عن أهل الأهواء وفي هذا العصر ممن تتلمذ على كتب سيد قطب والمودودي والبنا وغيرهم ممن ليسوا علماء هم جُهال في الشرع وإن كان منهم أصحاب صلاة وصيام لكنهم جهال ولهذا كتبهم مليئة بالتكفير بل بعضهم كتبهم مليئة بالكفريات وقد أفعمت هذه المسألة بإسهاب في غير هذا الموضع فليراجعه من شاء. والمقصود أن الشارع يُطلق ألقاباً حسب الإطلاق اللغوي كالكفر هنا كفر المرأة عشيرَها فإن الصحابة يعرفون لفظ الكفر ولفظ التكفير ، ولهذا قالوا يا رسول الله ، كيف؟ كما سمعتم الحديث ((أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ))أيخرجن من دين الله، وبين هذا فإذاً هنا الكفر هنا جحود الفضل، جحود فضل الزوج وهذه جبلة جبل الله عليها النساء فلم يسلم منها إلا القلة ، ولكن الحاذقة ومن كان عندها جميل تدين وحسن تبعل فإنها تستغفر وتتوب إلى الله عز وجل مما أقسمت عليه مما هو خطأ أو كذب. وهذا وأمثاله من أحاديث الوعيد الذي يمرها أهل السنة على ظاهرها ولا يعترضونها بتأويل كي تكون أبلغ في الزجر وأوقع في النفس. ويُروى عن أبي بكر بن خزيمة محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله وهو مُلقب في زمانه بإمام الأئِمة قال"نصوص الوعد والوعيد مثل الزهرة التي إذا لُمِست ذَبُلت"، الزهرة يراها الناسُ جميلة لها روائح تفوح منها رائحة زكية ، لكن إذا تعرضت لأيدي الناس تلفت تذبل، هكذا نصوص الوعد والوعيد تمر مثل ما في الحديث لعله يأتينا إن شاء الله وأظن في كتاب العلم أو في غيره، أن رجلاً قطع شجرة كانت تؤذي الناس أو قطع غُصناً فغفر الله له طبعاً الناس تقول "كيف قطع وغفر الله له" لا مالنا شغل لا شأن لنا هذا نصٌ صحيحٌ عن من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم المعصوم قال هذا إذاً أنا آخذه على ظاهره ذلك الرجل غفر الله له، لا يعنينا كبائر صغائر لا تعنينا؛ لأن الشارع أطلق والوعيد غير هذا ، قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ))على ظاهره لا يأول وهكذا أحاديث كثيرة. والمتأمل في نصوص الكتاب والسنة وكيف فهمها السلف الصالح أن الكفر والفسق والظلم يراد بها تارة ما يخرج من الملة وتارةً ما دون ذلك فيجب على الحاذق الناصح لنفسه ولغيره أن لا يعدو أفهام السلف الصالح في استعمال نصوص الكتاب والسنة. - جزء من الدرس الثالث من شرح صحيح البخاري – للشيخ عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله -
-
السؤال: كيف يمكن لنا من نعرف إذا ما كان الشخص عالماً ؟ وكيف نميز بين مستوى العلماء على سبيل المثال ؟ هل يصح من يكون مفتياً أم لا ؟ حتى يمكننا من نضعه في مستواه ، ولا نكون ظالمين . وما هي منزلة الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني ، دون من نبخسهم حقهم ؟ الاجابة: الحمد لله لسنا مع رأي بعض علماء أصول الفقه القائلين بأن غير المختص في العلوم الشرعية : لا يمكنه الاجتهاد مطلقا في انتقاء العلماء المجتهدين وتمييزهم عن غيرهم ، خاصة وأننا اليوم نعيش عصر العلم وانتشار المعرفة والثقافة بفضل الله سبحانه ، بحيث صار كثيرٌ من الناس يمتلك أدوات الفكر والتمييز والاختيار . ونحن هنا يمكننا من نرشد إلى بعض الأمارات والعلامات التي يمكن الاستعانة بها في هذا الإطار ، وهي : أولا : علامة العالم الفقيه المتأهل للفتوى الاستدلال بآيات الكتاب الكريم ، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وتمييز صحيحها من سقيمها ، والناسخ والمنسوخ ، والخاص والعام ، ومعرفة دلالتها وسياق نزولها ، ذلك لأن العالم الحق هو الذي يقدم القرآن الكريم في سلم أولوياته ؛ لأنه منبع العلم ، ومصدر الفقه ، وعليه مدار التشريع والأحكام . ثانيا : ومن علامتهم التدين التام والأخلاق الحسنة الفاضلة ، مع الحرص على الاقتداء بالسلف الصالحين ، من الصحابة والتابعين ، والأئمة المتبوعين ، فلا يخرجون عن هديهم العام ، وكل فتوى أو كلمة تصدر منهم يعزونها لأحد الأئمة السابقين ، كأبي بكر وعمر ، وسفيان والأوزاعي، وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ، والغزالي والعز بن عبد السلام والنووي ، وابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن حجر ، وغيرهم من علماء الإسلام الذين لا يختلف المسلمون في إمامتهم وديانتهم . أما إذا وجدت أحد الناس اليوم لا يعتمد هؤلاء العلماء ، ولا يرفع بهم رأسا ، ولا يتقيد بمناهجهم العامة في علوم الشريعة ، فاعلم أنه ليس من " التابعين بإحسان "، بل هو ممن أساؤوا الاتباع ، واختاروا الابتداع . والمقصود هنا اتباع مناهج العلم المعتبرة ، وليس التقليد في كل كبيرة وصغيرة ، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم . ثالثا : ومن أبرز علامات العالم الحق ، والمفتي العدل ، التي نرشد الناس إليها ، أنهم لا ينغلقون على طائفة ، ولا ينفردون عن الأمة باسم أو وصف ، بل انتسابهم لرحم هذه الأمة وعمقها الضارب في التاريخ الإسلامي كله ، أما من ينتمي إلى فرقة عقائدية خاصة ، كالبريليوية أو الديوبندية أو القاديانية ونحوها ، أو ينفرد عن وصف " أهل السنة والجماعة " باسم مستحدث وهيكل تنسُّكي خاص ، فغالبا ما يكون ذلك علامة على البدعة والخروج عن السنة ؛ إذ لو كان المعتقد الذي يحمله هو معتقد المسلمين من أهل السنة لما احتاج إلى من يخرج إلى وصف آخر ، أو من يتسمى بغير ما سماه الله به ، وقد قال الله عز وجل : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج/78. أما الانتساب إلى الأعمال الدعوية للتعاون على برامج عملية ، فليس هو المحذور المقصود هنا ، وكذلك الانتساب الفقهي لأحد المذاهب الأربعة ، بل المقصود الانتساب العقائدي لفرقة تتبنى توجها عقائديا خاصا ليس من عقائد أهل السنة والجماعة ، وتجتمع عليه ، وتوالي وتعادي عليه . رابعا : الشهادات العلمية المعتمدة أمارة لا بأس بالنظر فيها ، والاستئناس بها ، خاصة الشهادات العليا في تخصص معين ، ومن جامعة مرموقة على مستوى العالم الإسلامي في ذلك التخصص ، بل كثيرا ما يكون من المهم - عند السؤال عن إشكال معين أو قضية دقيقة تحتاج إلى بحث وتحرير – من يسأل من تخصص في تلك المسألة في دراسته العليا ، وكتب فيها بحث الماجستير أو الدكتوراة ، فمثل هذه الأبحاث كثيرا ما تكون متقنة ، بسبب العناية والاهتمام من الجامعات المعتمدة ، وإشراف الأساتذة المختصين ، وتعرض الكاتب للحوار والنقاش حول جميع ما كتبه . ولكن هذا لا يعني من كل من حمل شهادة الشريعة من إحدى الجامعات فقد بلغ درجة العلم والفتيا في الدين ، فليس ذلك مقصودا لنا ، فقد رأينا الكثيرين جدا من حملة هذه الشهادات ممن لا يضبطون العلم ، ولا يحسنون الفقه ، ولا يملكون الأهلية لبلوغ ذلك ، بسبب تقصيرهم في الاستمرار والبحث والمتابعة . وإنما المقصود من هذه العلامة يمكن من نجعلها دليلا ثانويا ، بعد التثبت ، أو قرينة ، تضم إلى غيرها العلامات الأخرى. خامسا : ومن أهم العلامات التي نرشد الناس إلى العناية بها أيضا من يكون هذا المفتي أو العالم ممن استفاضت شهرته وثقته وعلمه بين النخب العلمية ، والأوساط المتخصصة ، وليس فقط بين عامة الناس ، بل يشهد له العلماء والمختصون بالفهم والحذق ، ويسلمون له بالإتقان والحجة ، ونستدل هنا بما ذكره علماء الحديث في طرق إثبات عدالة الراوي ، وذلك عند قول ابن الصلاح رحمه الله : " تارة تثبت بتنصيص معدلين على عدالته ، وتارة تثبت بالاستفاضة ، فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم ، وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة ، استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا ، وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي رضي الله عنه ، وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه " انتهى من " مقدمة ابن الصلاح " (ص/105). فالشهرة بالعلم بين الأوساط العلمية علامة كافية للجوء إلى هذا العالم وسؤاله فيما أشكل من أمر العلم . ولكن جميع ما مضى يبقى في دائرة الأمارات ، وليست وسائل للجزم واليقين ، فالجزم لا يتمكن منه إلا المختصون بذلك العلم نفسه . يقول ابن الصلاح رحمه الله : " يجب عليه [ يعني العامي المقلد ] قطعًا البحث الذي يعرف به صلاحية من يستفتيه للإفتاء ، إذا لم يكن قد تقدمت معرفته بذلك ، ولا يجوز له استفتاء كل من اعتزى إلى العلم ، وإن انتصب في منصب التدريس أو غيره من مناصب أهل العلم ، بمجرد ذلك . ويجوز له استفتاء من تواتر بين الناس أو استفاض فيهم كونه أهلا للفتوى . وعند بعض أصحابنا المتأخرين : إنما يعتمد قوله : أنا أهل للفتوى ، لا شهرته بذلك ، والتواتر ؛ لأن التواتر لا يفيد العلم إذا لم يستند إلى معلوم محسوس ، والشهرة "بين" العامة لا يوثق بها، وقد يكون أصلها التلبيس . ويجوز له أيضًا استفتاء من أخبر المشهور المذكور عن أهليته ، ولا ينبغي من يكتفي في هذه الأزمان بمجرد تصديه للفتوى واشتهاره بمباشرتها ، لا بأهليته لها " ينظر " أدب المفتي والمستفتي " (ص: 158) ، ونقله النووي في " المجموع " (1/54) ، وابن تيمية كما في " المستدرك على مجموع الفتاوى " (2/259) . وللتوسع يمكن من تراجع الفتاوى الآتية : (145071) . أما عن كل من الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني رحمهم الله فشهرتهم بين أهل العلم والمختصين بالعلوم الشرعية شهرة متواترة مستفيضة ، وهم من خير الأمثلة التي توضح العلامات التي سبق تفصيلها في جوابنا ، فقد اجتمعت فيهم خصال العلم والخير والفضل كلها بإذن الله سبحانه ، وشهد لهم القاصي والداني بذلك . وفي موقعنا بعض الأجوبة المتعلقة بهم ، منها الفتوى رقم : (113687) . ومن أهم المراجع التي توسعت في الترجمة لهم ، وبيان ثناء العلماء عليهم ، وارتفاع قامتهم في عصرنا الحاضر ، الكتب الآتية : 1. " إمام العصر "، ناصر الزهراني . 2. " الشيخ ابن باز " مانع الجهني . 3. " الإنجاز في سيرة الإمام عبد العزيز بن باز " عبدالرحمن الرحمة . 4. " الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين "، وليد الحسن . 5. " ابن عثيمين الإمام الزاهد "، ناصر الزهراني . 6. " حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه "، محمد إبراهيم الشيباني . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب.