-
مجموع الأنشطة
1603 -
تاريخ الانضمام
-
آخر نشاط
نوع المحتوي
الاقسام
المدونات
Store
التقويم
التحميلات
مكتبة الصور
المقالات
الأندية
دليل المواقع
الإعلانات
كل منشورات العضو شخـصية هـامة
-
برامج ادارة المحتوى CMS وأفضلها من أجل موقعك
قام شخـصية هـامة بالرد على موضوع لـ marwan essam في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
تردد قناة كوكي كيدز KokyKids 2014 على النايل سات
قام شخـصية هـامة بالرد على موضوع لـ AmEr-Dz في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
شعر: سجن الفتى (امرؤ القيس)
قام شخـصية هـامة بالرد على موضوع لـ شاعر الفتاة في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
متجر همسة دلع
قام شخـصية هـامة بالرد على موضوع لـ Khadmat في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
تنبيهات لما يقال في بعض المناسبات البعض يذكر مقولات غير واردة ولم تؤثر أو وردت لكنها غير صحيحة، مع أن ديننا بفضل الله دين شامل متكامل قد حوى كل ما يحتاج إليه المسلم في عبادته وتعامله وسلوكه بل في حياته اليومية كلها. وربنا -جل وعلا- يقول: (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) ولم يقل: أكثر عملاً، إنما أراد منا رب العزة العمل الحسن كما حثنا على القول الحسن، ولا يكون العمل حسناً إلا إذا كانت النية صادقة والعمل أو القول موافقاً لشرع الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وعليه رأيت من واجبي أن أبين بعض المخالفات ، وما هو الصواب أو القول والذكر والدعاء الذي ينبغي أن يقال في بعض المناسبات. سوف أقتصر بالكلام والتنبيه على ما يخص الأمور المدرجة أدناه: تنبيهات يقال المناسبات ما يقال عند التعزية والمواساة بحالات الوفاة. مَن منا لم يفقد عزيزاً أو صديقاً بل قريباً أو محباً، سيما في ظل ما تمر به العديد من الدول الإسلامية، من تنكيل وقتل وتشريد واضطهاد؛ في سوريا والعراق وفلسطين وأراكان وغيرها من بلاد المسلمين، فلا بد من أن يُصّبر بعضنا بعضاً ونواسي من حلّت بهم الفاجعة، لا سيما فراق الأحبة والخواص، فنجد الكثير اعتادوا في مثل هذه الحالة على ألفاظ قد لا يدرك الكثير معناها أو لوازمها أو مدلولها، مع أنه في الحقيقة التعزية لها أثر في النفس ووقع في القلب خصوصاً من محب أو قريب أو صديق، من تلك الألفاظ الشائعة والتي لا يجوز النطق بها (البقية في حياتك!). من يقول هذا القول يظن أنه قد واسى ذوي الميت بأن يخفف مصابهم بإضافة ما تبقى من عمر الميت إليهم، وهذا فيه مخالفة بمعنى هذا القول ومؤداه ومضمونه، وهو أن الميت كان له بقية من عمر، فأدعو الله أو أتمنى أن تكون هذه البقية لحياتك أنت، وهذا لا يجوز فكل إنسان له أجل ولا يمكن أن يأخذ أحد منا عمر غيره مهما بلغت قرابته أو منزلته فلا يجوز إذا أن نتلفظ بهذا اللفظ. الأمر الآخر أن هنالك دعاء جامع جميل نافع مفيد علمنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- أن نقوله لذوي الفقيد وهو: ((إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب))[متفق علية فهذا هو الدعاء الوارد وفيه من المعاني العظيمة التي من تأملها وتفكر بها لوجد راحة وطمأنينة؛ إذ فيها الرضا التام بقضاء الله وقدره، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطئنا لم يكن ليصيبنا وأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر. ولا بأس لمن لم يحفظ هذا أن يقول بعض الأدعية والكلمات التي فيها من المواساة والتعزية المعاني التي تقع موقعها، على سبيل المثال: (أحسن الله عزائكم، نسأل الله لكم الصبر والأجر على هذه المصيبة، رحم الله ميتكم وغفر له، نتقدم بأحر التعازي لذوي الميت، ونسأل الله لهم الصبر والسلوان، البقاء لله) وغيرها من الألفاظ المشروعة، لكن الأولى التقيد بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-. ما يقال لمن تزوج بعقد أو بناء: تنبيهات يقال المناسبات من الألفاظ والمصطلحات الشائعة التي تقال في حالات عقد النكاح أو حفل الزفاف هي: (بالرفاء والبنين أو بالرفاه والبنين) وهذا من الأخطاء والأشياء التي يجب أن ننتبه لها؛ إذ يرجع أصل هذه العبارة إلى الجاهلية الذين كانوا يقتلون البنات ويدفنوهن وهن أحياء خشية العار، وقد ذكر الله فعلهم هذا وأنكره، لذلك معنى هذه الكلمات هو الدعاء للعروسين بحياة متناسقة فيها حب ووئام وكذلك الدعاء لهم بالبنين دون البنات! وقد علمنا -عليه الصلاة والسلام- دعاء جميلاً فيه من المعاني العظيمة للعروسين الشيء الكثير، وهو أن نقول لمن تزوج: ((بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير)) فهل هنالك أفضل وأحسن من البركة التي هي أساس السعادة في الأعمال ودوام الحياة، فالعبرة ليست بكثرة المال والأولاد والجاه، فكم من زيجات بنيت على المال والترف والتظاهر بالسعادة من دون بركة فسرعان ما تنتهي، لكن عندما تكون الحياة الزوجية فيها بركة الرزق والطاعة والأولاد والوقت، تكون حياة مثمرة نافعة سعيدة. وقد ضرب الله لنا مثلاً عملياً بأن الخير لا ندري هل يكون في الذكور أو الإناث، فعندما تمنت والدة مريم بنت عمران أن يرزقها الله ذكراً يقوم على رعاية بيت المقدس رزقها الله -عز وجل- مريم سيدة نساء العالمين، حيث قال تعالى: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني إنك أنت السميع العليم * فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار))[صحيح البخارى]. ما يقال لمن رزق بمولود: لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيئاً خاصاً بهذه المناسبة، إلا أنه قد ورد عن بعض السلف الصيغة التالية وهي عن الحسن البصري -رحمه الله-: ((بارك الله لك في الموهوب لك، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره)) وإن ضعَّف نسبة هذه الصيغة بعض أهل العلم عن الحسن البصري - رحمه الله -، وكان أيوب - رحمه الله - أيضا كما ثبت عنه بسند صحيح أخرجه الإمام ابن عساكر في تاريخ دمشق يقول: (جعله الله مباركاً عليك، وعلى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-). لذلك ينبغي أن تكون الكلمات ذات دلالات نافعة، من حيث الدعاء بالذرية الصالحة وما ورد من أدعية عن بعض السلف الصالح، ويجب تجنب كل ما فيه مخالفة لأي من ثوابت الدين والعقيدة، ولا بأس باختيار كلمات لم ترد مع التنبه لما فيها من معاني. لذلك على كل مسلم أن يتقيد ببعض الأذكار الواردة بخصوص كل مناسبة حتى ينطبق عليه قول ربنا -جل وعلا-: (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) فهنالك ذكر خاص عند دخول المنزل وعند الخروج وعند دخول الحمام وعند الخروج، وعند الذهاب للمسجد والدخول والخروج، وعند المرض وزيارة المريض وأذكار الصباح والمساء، ودعاء الهم وحزن وركوب السيارة ودعاء السفر وعند الصعود وعند النزول وعند رؤية الهلال وعند لبس الثوب ونزعه وعند الطعام، وهكذا فكل حركة وانتقال وتحول فيه دعاء خاص ينبغي أن يقال كي يشملنا قول ربنا أعلاه، وننصح باقتناء كتيب صغير اسمه (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة) فرغم صغر حجمه إلا أنه نافع ومفيد جداً. ما يقال إذا نزل أحدنا منزلاً: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((إذا نزل أحدكم منزلاً فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه)) فهنا دعاء جامع لكل ما يحتاج إليه المسلم في تنقله، ومانع له من كل الأضرار والشرور بإذن الله، ومعنى ذلك ألتجأ إليك يا رب وأستعيذ من كل ما يتوقع منه شر في رحلتي أو مكاني هذا. ولما كثر التهجير والتشريد، لكثير من المسلمين بين المخيمات والدول، فإن من لوازم ذلك التنقل الذي لا بد فيه من نزول ببعض الأماكن، كالاستراحات أو التجمعات أو مروراً ببعض الدول والمناطق، فكم نحن بحاجة لهذا الدعاء في كل ترحالنا وإقامتنا، فيشرع أيضا لمن هو مقيم في بلد ما وأراد التنقل أو الذهاب لمدينة أخرى فعليه أن يستذكر هذا الدعاء أيضاً. نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يحفظنا جميعاً، وأن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً. --------------
-
مقتطفات دينية لسيدنا عمر بن الخطاب قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية". » قال عمر بن الخطاب لمعاوية بن خديج: لئن نمت بالنهار لأضيعن رعيتي.. ولإن نمت بالليل لأضيعن نفسي .. فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية. قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: ( لا تعترض فيما لا يعنيك واعتزل عدوك واحتفظ من خليلك إلا الأمين فإن الأمين من القوم لا يعادله شيء ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره ولا تفش إليه سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله عز و جل. )
-
احذر أعمالك الصالحة في خطر الأمر العجيب والخطير هو أن يعمل الفرد العمل الصالح، ثم يكون سبباً لهلاكه في الدنيا والآخرة، فهل يمكن أن يصبح العمل الصالح الذي يقوم به الفرد سبباً في تعاسته وهلاكه؟ هل يعقل أن يقوم أحدنا بأعمال يبذل فيها جهده وماله وربما حياته ثم يكتشف في نهاية المطاف أن هذه الأعمال لم تزيد في رصيد حسناته عند الله ولم ترفع درجته؟ قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا) [الكهف: 103-106]. احذر أعمالك الصالحة 1-انتهاك حرمات الله فى الخلوة هناك من يقوم بأعمال صالحة، ويعتقد أنه في خير كثير، لكنه يهدمها بسلوكيات وأفعال ونيات لم يتوفر فيها الصدق والإخلاص مع الله سبحانه وتعالى-، عنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:((لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ - عز وجل - هَبَاءً مَنْثُورًا)) قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ؟ قَالَ: ((أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا))[رواه ابن ماجة (4245)، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة].إنها عبادة الخشية من الله والخوف منه في السر والعلن: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)[الملك (12)]. احذر أعمالك الصالحة 2-العمل بدون نية لله فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، والإخلاص من غير تحقيق هباء، قال ابن القيم - رحمه الله -: فإن كل عمل لا بد له من مبدأ وغاية, فلا يكون العمل طاعة وقربة حتى يكون مصدره عن الايمان, فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض ... وغايته ثواب الله وابتغاء مرضاته, وهو الاحتساب. اهــ 3-أذية الناس ولا يستفيد العبد من العمل الصالح عندما لا يكون هناك تأثير للعبادة والعمل الصالح على سلوكيات وتصرفات الفرد مع الآخرين فتراه يصلي ويصوم ويقوم الليل ويتصدق لكنه يؤذي إخوانه وأهله وجيرانه بلسانه بالغيبة والنميمة وغير ذلك. لقد قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله! إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل، وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا خير فيها، هي من أهل النار))[صحيح الأدب المفرد للألباني: 88)]. فيحذر المسلم من سقطات اللسان وزلاته، فاحرص ألا تورث بعدك ذنباً أو ذنوباً لمن خلفك، اتق الله وحاسب نفسك، فأنت عاجز عن حمل ذنوبك، فكيف بذنوب غيرك وأوزارهم، وكيف إذا كانوا آلافاً أو ملايين، يقول الشاطبي: "طوبى لمن مات وماتت معه ذنوبه، والويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة، ومائتي سنة، يعذب بها في قبره يسال عنها إلى انقراضها". 4-المن والاذى والعجب بة من محبطات العمل الصالح: المن بالعمل، والعجب به، والركون عليه، قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)[البقرة 264)]. فإذا ما قام بعمل صالح من صلاة، أو صيام، أو جهاد، أو صدقة، أو غير ذلك؛ شعر بالعجب، وأخذ يتكلم عن هذه الأعمال يمدح نفسه، ويتفاخر بها، ويعتقد أن له عند الله ميزة ليست لأحد غيره، وما أدرك ما خالط عمله هذا من فساد نية وعجب، يقول سلمة بن دينار: "إن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها، وما خلق الله من سيئة أضرَّ له منها، وإن العبد ليعمل الحسنة تسوؤه حين يعملها، وما خلق الله من حسنة أنفع له منها". وذلك: أن الحسنة تعجبه فيركن إليها، ويمنّ بها على ربه، بينما السيئة مع حياة القلب تقلقه وتحدث له وجلاً في قلبه، يخضع معه لربه، ويستكين لخالقه، فهو دائم التوبة كثير الاستغفار، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات، فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله -تعالى- في السر والعلانية، وأما الكفارات: فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السَبَرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام))[قال الألباني: "حسن لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، (453)]. احذر أعمالك الصالحة 5-الجرأة على سفك الدماء ومن محبطات الأعمال: الجرأة على سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، وقتل المؤمن من فعل هذا، أو شارك في هذه الجريمة فقد حبط عمله، بل من رضي بقتل مسلم وفرح وإن لم يشارك فقد حبط عمله، وفسدت تجارته مع الله، وهلكت حسناته، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلاً))[صححه الألباني في صحيح أبي داود/3724)]. وما أكثر الناس اليوم مَن يقتل ويفرح بذلك ويعتقد أنه حقق نصراً أو أنجز أهدافاً أو حقق غاية بهذه الجريمة، بل وجدنا من يفرح ويستبشر بقتل مسلم فيخسر دينه ودنياه وآخرته ويحبط عمله، وهو جالس في بيته ولو كان مصلياً وصائماً وقائماً ومنفقاً، قال -تعالى-: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ)[هود: 113]. احذر أعمالك الصالحة 6- ظلم الاخرين وهناك من يحبط عمله لسنوات، أعمال كثيرة تذهب بسبب ظلم الآخرين؛ روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ)). اللهم اعصمنا من الزلل وثبتنا على الحق حتى نلقاك. قلت قولي هَذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
-
هو الموفق وهو المؤيد وهو المسدد وهو المعان وهو الذي من رآه أحبه و مـــــــــــــن عاملـــــــــــــه ذاب في حبـــــــــــــــه ولما لا وقد أحبه الحجر والشجر فكيف بالبشر؟؟ الصلاة على النبي صلَّ الله عليه وسلم من قـــــــــــــدر النبي صلَّ الله عليه وسلم فهي من أجل العبادات ومن أعظم القربات ولما لا وقد إبتدأها رب الأرض والسماوات وكناها بهؤلاء الأصفياء الأتقياء بالملائكةقال رب الأرض والسماء (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56] فالصلاة على النبي صلَّ الله عليه وسلم مفتاح المغاليق سبيل الرحمات وسبيل المنح والعطايا من رب الأرض والسماوات نصلي النبي صلَّ الله عليه ولكي نتعرف أكثر على الصلاة على النبي صلَّ الله عليه وسلم وما هي معناها؟ وما هو فضل الصلاة على النبي صلَّ الله عليه وسلم؟ وكيف نصلي عليه؟ تابعوا معنا هذا الدرس المؤثر جدًا بعنوان/ كيف نصلي على النبي صلَّ الله عليه وسلم
-
احذروا المن والاذى الألم النفسي أشد إيذاء من الألم الجسدي..الكلمة تجرح بل تكسر أيضا / يقال أن اللسان ليس له عظام فعجبا كيف يكسر بعض القلوب !! وعجبا كيف يحيي بعض القلوب !! وعجبا كيف يقتل بعض القلوب !!! وعجبا كيف ينير الله به الدروب !!! فبلسانك تزف إلى جنة عرضها السموات والأرض !!!وبلسانك تجر إلى جهنم وبئس المهاد !!! فسخر لسانك لطاعة الله ولا تجعله أداة حادة فالمرء مسؤول عما يقول . هناك امورفي الحياة تستوجب منابعض الوقفات والتأمل حيث اننا قد نكون على خطا كبيرولانذرك عاقبته ومن الامورالسيئة التي تحدث مراراوتكرارا ونسمع بها في بعض الاحيان المن والاذى الغيرمقصود فمثلا في افراد الاسرة احيانا الزوج اذا ماحدث خلاف مع زوجته يبدأ يذكرها بانه يصرف عليها وعلى اولاده والبيت وهو الذي يطعم ويهو الذي يشقى بالعمل وهو خطأ كبيريقع به واثم كبير يجب الحذرمنه ,هو يمن على زوجته وااولاده وبيته وهو واجب ومسؤولية على عاتقه لايجوز المن بعمل واجب عليه وليس له منه بذلك ,ماذدام حمل مسؤولية واصبح راعيا فلابدان يقوم بماحمل به دون تذمرولاتمنن ,نعم يشكرعليه من الناحية الانسانية بالتعاطف ولكن ليس من حقه ان يتمنن وليس من الضروري ان يذكرويجرح المشاعرويذل الزوجه والاولاد بفرض عليه وكذلك حين يذكرابناؤه دائمابانه كبرهم واطعمهم وعلمهم الخ الخ اليس هذا اذلال وتحقيرللمشاعر,واسال من ضربه على يده وقال له تزوج وانجب من الاولاد حتى تمنن عليهم وتذكرهم بعطاياك واحسانك وهي ليست كذلك انما هي واجب عليك مقروضا فاليتق الله كل زوج واب ويتوب الى الله وينتهي من المن والاذى ايضا الزوجه تمنن على زوجها قائلة انا ارعى الاولاد وانا اهتم بالبيت وانا وانا واقول لها نفس ماقلته للرجل اتقي الله وقومي بواجبك ولاتمني على زوجك واجبا مفروض عليك وبالنسبة للاولاد اسمع كثيرا بعض الامهات حين يغضبها ابناؤها قائلة لقدحملتك تسعة اشهروسهرت عليك ووووو اقول لها اتقي الله فهذا مافطرك الله عليه وهو واجب عليك وكفي عن اذى ابناؤك بالمن الدائم والتذكيربماتفلينه اذلالا ومنا واذى احذروا المن والاذى ناتي الى الخدم نجداغلب الاسريجعلون الخادمة تعمل اكثرمن عشرين ساعة بمالاتطيقه لايتثون الله في الخادمة او السائق فمتى ماارادوا ايقظوهم من النوم ليعملوا عملا وكأنهم عبيدا قد اشتروهم وتناسوا انهم بشرلهم طاقتهم ولهم حقوق واذا ماقلت لاحد حرام لماذا تدع الخادمة تعمل ساعات طويله دعها تاخذ راحة من بعدالظهر ودعها تنام مبكرا حتى تستريح ياتي الرد القاسي والسيئ وهو احذروا المن والاذى هذا عملها وهل تعمل ببلاش هي تاخذ راتبا احذروا المن والاذى سبحان الله لان الخادمة او السائق ياخذ راتبا نجعلهم رقيقا لدينا ونتجاهل آدميتهم وانهم مثلنا يتعبون ويرهقون ويريدون اخذ استراحة او اجازة ,اخطاءكثيرة نزاولها في حياتنا دون ادراك لعواقبها فلنتق الله في اهلنا وابناؤنا ومن هم في رعايتنا من الخدم والعاملين ولنتعامل معهم باخلاق الدين الحنيف ولنتقي يوم نلاقي فيه الله سبحانه وتعالى وسيسألنا عن الامانة التي وكلنا بها وكيف صنعنا بها . احذروا المن والاذى اقول قولي هذا لكل اخواني واخواتي في الله تذكيرا لهذه الصفة الذميمة الاوهي المن والاذى واليكم معنى المن وتذكيربآيات الله تعالى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلك . والمنّ: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها مثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه، وقال بعضهم: المن: التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه. والمنّ كبيرة من كبائر الذنوب؛ لما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: احذروا المن والاذىثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة تتشبه بالرجال، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطىاحذروا المن والاذى وفي بعض طرق مسلم: احذروا المن والاذىالمنان هو الذي لا يعطي شيئاً إلا منةاحذروا المن والاذى. أن من أتبع نفقته منًّا أو أذى، فإنه لا أجر له؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} فإذا أتبع منًّا، أو أذًى بطل أجره، كما هو صريح قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } أنَّ المن والأذى يبطل الصدقة؛ وعليه فيكون لقبول الصدقة شروط سابقة، ومبطلات لاحقة؛ أما الشروط السابقة فالإخلاص لله، والمتابعة؛ وأما المبطلات اللاحقة فالمن، والأذى.
-
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله "المسجد الحرام" بيت الله هو اطهر بقعة على وجة الأرض وبه الكعبة المشرفه ولعظم مكانتها قد ذكرت في القرآن الكريم 15 مره (ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين) ال عمران 96-97 وقال تعالى ({قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }البقرة144 وها انا اضع بين ايديكم مجموعة لصور نادره وقديمة جداً لبيت الله الحرام اتمنى ان تنال اعجابكم
-
الخارجيّة تتابع أوضاع الجاليّة المصريّة في ليبيا وتسهل سبل عودتهم كثّفت اللجنة الوطنية المعنية بأوضاع المصريين في ليبيا من اجتماعاتها، بغية متابعة التطورات التي ترد أولاً بأول بشأن الموقف على الأرض فيما يتعلق بأوضاع المواطنين المصريين المتواجدين في منطقة الحدود التونسية – الليبية، لتسهيل عودة الراغبين منهم إلى أرض الوطن، واتّخاذ قرارات فورية، تكفل سرعة إنهاء الموقف القائم في منطقة الحدود. وأكّد المتحدث باسم الخارجية المصريّة السفير بدر ععبد العاطي، في بيان رسمي، الأحد، أنَّ "الطاقم القنصلي المتواجد على الجانب التونسي من الحدود يعمل على مدار الساعة بعد مضاعفة عدده أكثر من مرة، بغية تسهيل عبور المصريين من الجانب الليبي إلى الجانب التونسي، من منفذ رأس جدير، كما يجري التنسيق المستمر والدائم مع السلطات الليبية والتونسية، لتذليل أيّة عقبات". وأشار إلى أنَّ "رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب اتصل بنظيره التونسي، كما أجرى سامح شكري اتصالات مع نظيره التونسي، فضلاً عن الاتصالات التي يجريها سفيرا مصر لدى طرابلس وتونس مع المسؤولين في البلدين، بغية الوقوف على سرعة إجراءات العبور من المنفذ". وأبرز أنّ "التنسيق مع وزارة الطيران المدني يستمر لترتيب إجراءات تسيير عدد أكبر من الرحلات، لتسفير المواطنين المصريين". وبيّن عبد العاطي أنّه "بناءً على تعليمات وزير الخارجية سامح شكري، فقد توجه السفير المصري لدى تونس إلى المنطقة الحدودية بين تونس وليبيا، بغية الوقوف بنفسه على أوضاع المواطنين المصريين هناك، والتنسيق مع السلطات التونسية، ومع الطاقم القنصلي المصري، لتذليل أيّة عقبات، كما يتوجه سفير مصر لدى طرابلس خلال الساعات المقبلة إلى الجانب الليبي من الحدود، ويجري الاتصالات اللازمة مع السلطات الليبية، وزعماء العشائر، بغية توفير التأمين اللازم للمصريين المتواجدين على الجانب الليبي من الحدود مع تونس، وسبل الإعاشة لهم".
-
بيت الله الحرام بين إبراهيم وحفيده محمد صلوات الله وسلامه عليهما إن الحديث عن بيت الله الحرام بين نبي الله الخليل إبراهيم عليه السلام وحفيده نبي الله الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم يبدأ طبعياً بالحديث عن تاريخ ذلك البيت الذي شرفه الله تعالى وشرفه بشرفه ما جاوره من بقاع، وشطت بركاته ونفحاته كل من أمه وقصده طاعة وتعبدا لله رب العالمين. بل عم خيره من كل بقاع الدنيا من آمن به بيتاً لله، وعظمه وكرمه ورعى حرمته برعاية حرمه. ونحن هنا نتناول الحديث عن بيت الله الحرام وجوداً، وطرفاً من الحديث عنه بناء وتطهيراً. والسؤال الذي يدور الحديث حول الإجابة عليه هو: متى وجد بيت الله الحرام؟ لقد اختلفت الآراء حول تاريخ وجود بيت الله الحرام على آراء كثيرة نستطيع أن نسلكها في اتجاهين اثنين، متخطين ما بين ذلك من خلافات يسيرة. الاتجاه الأول: الملائكة أو بناة آدم عليه السلام فذلك أمر لا يشغلنا الآن فيما انتدبنا أنفسنا إليه. الاتجاه الثاني: أن البيت لم يكن موجوداً قبل إبراهيم عليه السلام وأن ابتداء وجوده كان ببناء الخليل إياه، بأمر من ربه سبحانه وتعالى. هذان اتجاهان ذهب إلى كل منها فريق من العلماء، ولكل دليله فيما يرى، وفهمه فيما يقرأ من الآثار المتصلة بالموضوع. قلنا أن الدلائل والبراهين قائمة على أن البيت كان موجوداً قبل إبراهيم عليه السلام وأهم هذه الأدلة ما يلي: 1- أن القرآن الكريم قد نص على أن البيت الحرام بمكة هو أول بيت وضع للناس، يقول سبحانه وتعالى ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)) [آل عمران:96]، فالآية الكريمة تنص على أن البيت إنما وضع للناس، وليس لقوم إبراهيم عليه السلام ومن بعدهم. والناس هنا يعم كل من كلف بالعبادة والتكليف بالعبادة لم يبدأ بإبراهيم، وإنما بدأ بآدم عليهما السلام وبنية من بعده حتى قيام الساعة. فلا وجه لتخصيص الناس يقوم إبراهيم عليه السلام ومن بعدهم دون السابقين، فلا تخصيص إلا بمخصص ولا مخصص هنا، كما هو واضح. 2-ذهب جمهور العلماء إلى أن البيت الحرام في الأرض يسامت البيت المعمور في السماء، وعمارة البيت المعمور في السماء إنما هي بطواف الملائكة حوله، وعمارة البيت الحرام في الأرض إنما هي بطواف الناس حوله، فقارب أن يكون وجود البيت الحرام في الأرض مع بداية التكليف. 3-ورأس الأمر كله القرآن العظيم. فقد جاء في القرآن المجيد قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام وهو يدعو ربه قائلاًنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة(رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ)) [إبراهيم:37] وقد دعا إبراهيم بتلك الدعوات بعد أن ترك هاجر وابنها في تلك البقعة حيث أمره الله تعالى أن يعضها، وقفل راجعاً إلى الشام. ولم يكن إبراهيم عليه السلام قد أقام البيت بعد، ولم يكن هناك من بناء يمكن يسند إليه قوله عليه السلام: ((عنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ)) [إبراهيم:37] فالبيت كان موجوداً في مكانه قبل أن يذهب إبراهيم. وقبل أن يرفع القواعد منه، وإن كان قد تهدم، فإن إبراهيم عليه السلام علم مكانه وشأنه بعلم من الله سبحانه. وتبدأ صلة إبراهيم عليه السلام بالبيت الحرام بتلك الرحلة المعروفة المشهورة. رحلة الخليل عليه السلام من الشام إلى تلك البقعة الطاهرة الحرام. والتي قام بها عليه السلام تنفيذاً لأمر ربه حين أمره ربه بأن يأخذ زوجه هاجر وابنه منها إسماعيل عليه السلام ويضعهما في تلك البقعة ثم يتركهما في رعاية الله وعنايته. ولم تكن تلك هي الزيارة الوحيدة التي قام بها إبراهيم عليه السلام إلى ذلك المكان الطاهر الحرام، ولكن الخليل قام بزيارات عديدة إلى تلك البقاع الطاهرة، وبالجمع بين آيات الله في ذلك الشأن مع الصحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نستطيع أن نرتب زيارات الخليل عليه السلام إلى البقاع الطاهرة الحرام على النحو التالي: الزيارة الأولى: وفيها أمر الله سبحانه وتعالى الخليل عليه السلام أن يحمل أم إسماعيل وابنها عليه السلام ويذهب بهما إلى البقعة الطاهرة ويضعهما هناك ثم يتركهما بجوار البيت الحرام الذي لم يكن في ذلك الوقت سوى ربوة ناهدة على ما حولها. روى البخاري رضي الله عنه الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنه الله عنهما قال: {أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقاً لتخفى أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق الزمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقاً... الحديث( ) فهذه الزيارة الأولى ذهب فيها إبراهيم إلى مكان البيت فوضع تركته بجواره، في حمى الله سبحانه وتعالى ثم رجع إلى الشام من حيث أتى. الزيارة الثانية: وقد قام بها الخليل عليه السلام تلبية لأمر ربه سبحانه وتعالى الذي أمره بذبح إسماعيل عليه السلام فانطلق إبراهيم إلى مكة حيث ابنه، فألقي إليه الأمر فأسلم أمره إلى الله ففداه الله، يقول الله تعالى: ((فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ)) [الصافات:101] ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)) [الصافات:102]. الزيارة الثالثة: وفي هذه الزيارة أراد الخليل عليه السلام أن يطمئن على تركته فانطلق إلى مكة. يروي البخاري في الحديث السابق: {فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشٍّر. نحن في ضيق وشدة وشكت إليه، قال لها: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه}. الزيارة الرابعة: وفيها عاد إبراهيم عليه السلام إلى مكة ليطمئن على إسماعيل وأهله. روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: {فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسألها فقالت: خرج يبتغي لنا، فقال: كيف أنتم، وسألها عن عيشهم وهيئتهم. فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله عز وجل.. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه}( ). الزيارة الخامسة: وقد قام بها الخليل عليه السلام تلبية لأمر الله تعالى حيث أمره ربه أن يبني البيت هو وابنه إسماعيل عليه السلام يقول سبحانه وتعالى: ((وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)) [البقرة:125]، وفي حديث سالف الذكر: {ثم لبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلاً له تحت دوحة قريباً من زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، ثم قال: يا إسماعيل! إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمرك به ربك، قال: وتعينني؟ قال: نعم. قال: فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتاً. وأشار إلى لكمة مرتفعة على ما حولها. قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء فجاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه. وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: ((رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) [البقرة:127]. هذه هي الزيارات الثابتة لإبراهيم عليه السلام من مكة إلى بيت الله الحرام قبل أن يجدد بناءه ويرفع قواعده ومعه ابنه إسماعيل عليه السلام ويجب أن ننبه هنا إلى أننا نرتب الزيارات التي ثبتت بالكتاب أو السنة أو بهما معاً إبراهيم عليه السلام يرفع القواعد من البيت: سلسلة تاريخ الحرمين الشريفين مر بنا أن الله تعالى أمر إبراهيم الخليل عليه السلام ببناء البيت، وتطهيره من الشرك والأوثان وكل عبادة تكون لغير الله أو يكون فيها مع الله شريك. يقول سبحانه: ((وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)) [البقرة:125] ويقول تعالى ((وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)) [الحج:26]، ((وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)) [الحج:27]. فالآيات الكريمة توضح أن الله جل وعلا قد وكل إلى إبراهيم عليه السلام فيما يتعلق بشأن البيت الحرام أموراً ثلاثة: الأول: إقامة البيت، فالبيت كما سبق أن بينا كان أثراً من بعد عين. قد هدمته السيول أو الطوفان أو حدثان الزمان، وكان رابية ناهدة على ما حولها فعهد الله تعالى إلى إبراهيم أن يقيمه على قواعده التي هداه الله تعالى إليها، فأقام إبراهيم القواعد من البيت يعينه في ذلك ابنه إسماعيل عليه السلام على ما هو معروف، وما بيناه قبل ذلك. الثاني: تطهير البيت من الشرك والوثنية ومن كل ما يناقض عقيدة التوحيد أو يعارضها، فلا يكون البيت إلا خالصاً لله سبحانه وقد تكرر الأمر. بتطهير البيت موجهاً إلى إبراهيم عليه السلام وحده مرة، وإلى إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام مرة أخرى. الثالث: الأذان في الناس بالحج. أي إعلام الناس بأن الله قد فرض عليهم الحج إلى بيته الحرام. وقد ورد أن الله تعالى لما أمر إبراهيم عليه السلام بأن يؤذن في الناس بالحج، قال إبراهيم وإلى أي مدى يبلغ صوتي، فأوحى الله تعالى إليه، أن عليك الأذان وعلينا البلاغ، فلما أذن إبراهيم عليه السلام = بالحج أوصل الله تعالى صوته إلى كل جنبات الدنيا فلم يبق حي ولا جماد إلا وقد سمع أذان الخليل عليه السلام. هذه هي المهام الجسام التي وكل الله تعالى إلى الخليل عليه السلام القيام بها بالنسبة إلى بيته الحرام. وقد قام الخليل عليه السلام بما وكله الله إليه وأمره به. وليس من شك في أن هذه المهام الثلاث هي على أعظم قدر من الأهمية والخطر، ولذا لم يكلها الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام إلا بعد أن اختبره فوجده جديراً بتلك المهام العظام يقول الله تعالى ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) [البقرة:124] ((وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)) [البقرة:125].
-
نقول لها أنتِ لؤلؤة في أعماق البحار ، و عدم اصطيادها ، لا يقلل من قيمتها أبداً إلى من لم تتزوج بعد ، و جعلت الهّم رفيقها ، و غلفت بالحزن قلبها ، و جعلت اليأس يدبُ في نفسها ، وكل هذا لأنها لم ترزق بالزوج بعد .رفقاً بنفسك أيتها الكريمة ... فالزواج ليس فريضة يهدم دينك إن لم تفعليه ، بل هو سنة الله في خلقه ، يكتبها لمن يشاء ، و يرزق بها من يشاء ، ولا راد لقضاء الله ، فكم من عالم وعالمه أثروُا التاريخ الإسلامي بالأبحاث و الكتب ، و لم يكتب الله لهم أن يتزوجوا ، و مع هذا ذاع صيتهمُ ، وخلفوا وراءهمُ كنوز فكريه ثمينة ، خيرٌ من كنوز الذهب و الأحجار الكريمة ، ولم يقلل هذا من شأنهم أبداً . أختي الكريمة ... لماذا تعتزلين الناس ؟ أو تكوني معهم بقلب حزين يائس ، و كل ذلك بسبب عدم زواجك ، وهذا فيه اعتراض على قضاء الله ، فيا أختي .... أنتِ لا تدرين ! قد يكون في بقاءك دون زواج رحمة بك ، فاشكري الله على أي حال ، ولا تحزني أو تعتزلي الناس ، فهذا معناه شعورك بالنقص و كأن عدم الزواج ، يخل في عقيدتك أو ينقص من إيمانك و كرامتك . أختاه تعالي لأخبرك كيف يكون عدم الزواج رحمة بك إن كنتِ متدينة ، فهذا من نعم الله عليك ، و كم من فتاة كانت في مثل حالك و تزوجت و فتنها زوجها فأبعدها عن دينها و انتكس حالها ، فخسرت في الدنيا و الآخرة ، وقد حدث هذا حقاً ، فهذه فتاة تربت في بيت متدين و على طاعة الله ، و بعد زواجها أشتكى الجيران من حالها و حال زوجها بسبب أصوات الغناء المزعجة و العالية الخارجة من منزلهما ، و لا تسألين عن حال أبيها وهو يسمع بشكوى الجيران والله المستعان ، ( وهذه همسة خاصة لمن تقرأ الآن وهي مقدمة على الزواج للسؤال الدقيق عن الرجل قبل الزواج ) الآن يا أختي أليس الله لطيف بك و أنت مثل هذه الفتاة التي كانت تدعوا الله بالزوج الصالح ، فكانت هذه هي نهاية حالها ! إذاً اشكري الله أن فضلك على كثير من خلقه ، و قدر لك هذا الحال لحكمة لا تعلميها .. ولعل فيها تخفيف لذنوبك . { ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته و يعظم له أجراً } لن أنسى الجانب الهام ، والذي هو سبب رغبة الفتيات في الزواج ، وهو الإنجاب و إشباع عاطفة الأمومة بداخلها ، وهنا أيتها الكريمة أتمنى منك أن تنظري حولك و ترين حال من تزوجت و قدر الله عليها عدم الإنجاب ، تخيلي شعورها و كيف هو حالها ؟ فهي والله في شقاء و عذاب لأنها حُرمت من شئ هام ، تسعى له كل امرأة ، و الحزن يملئ نفسها بالتأكيد ، والله يرحم حالها و يفرج عنها ، ويرزقها بالذرية الصالحة . أختاه أليس حالك أفضل من حالها ، فأنتِ محرومة من هذه العاطفة ، بينما تلك المرأة محرومة و فوق ذلك تشعر بالحزن ، لأنها سبباً في حرمان زوجها من عاطفة الأبوه ، وهذا يُشكل ضغطاً نفسياً كبيراً عليها . أنتِ لديك أبناء اخوتك و أقربائك ، فوجهي عاطفتك نحوهم ، وعلميهم و ساعدي في تنشئتهم على أحسن الأخلاق و على طاعة الله ، و قد تكوني معلمة و لديك فرصة لتربي من هم بين يديك خير تربية فأنتِ مربيه أولا و معلمه ثانياً ، وقد تكونين طبيبة فتساهمي في شفاء طفل - بإذن الله - و تكوني سبباً لسعادته ، المهم في كل هذا أن تحتسبي الأجر عند الله ، و سيمتلئ قلبك بالسعادة الحقيقية و معها الأجر العظيم . أختي العزيزة ..... إن كنتِ تشعرين بأن عمرك يمضي و يحترق ، فلا تجعليه يحترق فيكون هباء منثوراً ، كعود الخشب اليابس ، بل أجعليه يحترق كالشمعة التي تحترق لتنير الدرب للآخرين ، و تضئ للآخرين حياتهم ، وهدفها ابتغاء وجه رباً كريم . أما أن كنتِ تنشدين المودة و الرحمة في الزواج ، فلا يخفى عليك ذلك الحرمان والشقاء و الجفاء الذي تعيشه كثير من النساء في ظل أزواج قصروا في حقوقهن ولم يراعوا شرع الله ، فكان الزواج وبالاً عليهن ، لذا عليك شكر الله فأنتِ لا تعلمين عن حالك بعد الزواج كيف سيكون . لا تجعلي كل تفكيرك محصور في الزواج ، فهكذا سيمضي العمر سريعاً و موحشاً عليك ، بل اصرفي هذا التفكير عن بالك ، وتوكلي على خالقك ، و اجعلي همك رضى الله وتعلم دين الله ، فأنتِ أن لم تكوني عالمه بكتاب الله وحافظه له فقد فاتك الكثير ، فعليك بطلب العلم الشرعي وابتغاء وجه الله الكريم ، و هكذا سيمر العمر و أنتِ كلك ثقة بنفسك وبالله لأنك توكلت على الله . أختاه ...... لا تبالي بتلك الأوصاف التي تطلق عليك ، فالعنوسه الآن تشمل الشباب قبل الفتيات ، و لدي خمس قريبات في الثلاثين من أعمارهن ، تزوجن بشباب تتراوح أعمارهم ما بين الثلاثين والخامسة والثلاثين ، وفي هذا التأخير حكمه عظيمة شعرن بها هؤلاء الفتيات و الشباب معاً ، وهي أنهن عرفن قيمة الزواج ، و جعلهن هذا الأمر يقدرن الحياة الزوجية ، وكان دافعاً لهن لقيامهن بواجباتهن على اكمل وجه ابتغاء مرضاة الله ، ولتعويض ما فاتهن ، و سبحان من يوزع الأرزاق كما يشاء ، وغيرهن كثيرات من تزوجن وهن في منتصف الثلاثينات بل وحتى في الأربعين ، و عشن في سعادة وهناء ، فليس المهم طول الحياة الزوجية ، المهم وقت السعادة الحقيقية فيها . أختي .... اجعلي كلمة عانس رمزاً لعزتك وافتخارك بنفسك ، و لا تجعليها خنجراً مسموماً تغرسينه بيديك في قلبك إن شعر الآخرين بعظم شخصيتك ونجاحك وعلو قدرك ، فسيخجلون من توجيه هذه الكلمة لك ، ولو حدث ووجهوا لك هذه الكلمة ، فهذا لن يهز ثقتك بنفسك و ثقتك بمن خلقك وصورك وشق سمعك وبصرك ، فمن أنعم عليك بهذا قادر على أن ينعم عليك بما هو خير لك . أختي الكريمة .... بأي عمر كنتِ ، في العشرين أو الثلاثين أو الأربعين أو حتى أكثر ، أتعلمين بماذا أشبه حالك ؟ حالك كحال تلك اللؤلؤة الثمينة ، الساكنة في أعماق البحار ، لا أحد يراها ، فهي محفوظة في تلك الأصداف ، والتي لم تستخرج بعد ! و أقول ( بعد ) لأنه لم يأتي ذلك الصياد الماهر الذي يعرف كيف يستخرج الجواهر الثمينة ، أو بسبب وجودها في أماكن بعيدة وعميقه يصعب على الصيادين الوصول إليها ، و ما أكثر اللؤلؤ الذي لم يُستخرج بعد من أصدافه ، لأي سبباً كان ، فهل يعني هذا بأنه رخيص أو ثمنه قليل ؟ يأختي الكريمة ... فافرحي ، و أخرجي للناس ، و ارفعي رأسك عالياً ليس من أجل العباد ، بل من أجل رب العباد ، و املئي قلبك بالعزة و الرضى بقضاء الله ، و اجعلي هذا اليوم هو البداية الحقيقة لك ، و توجهي فيه لله ، و أدعيه أن يعينك على ذكره وشكره وحُسن عبادته ، و أن ييسر أمرك ، و يفقهك في أمور دينك ، ويجعلك نوراً لمن حولك ، و اكثري من هذا الدعاء و ردديه صبحاً و مساء ( اللهم أغنني بحلالك عن حرامك ، وبفضلك عمن سواك ) .... يأختي الكريمة ... لا يحزنك ذلك ، و تذكري أنك لؤلؤه مكنونة ، في صدفة محفوظة ، تعيش حياة ساكنه في أعماق البحار ، و عدم اصطيادها ، لا يقلل من قيمتها أبداً . وفق الله فتيات و شباب الإسلام لما فيه الخير في دينهم و دنياهم
-
إلى كلّ مهموم .. افزع إلى الصلاة قال - تعالى -: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[البقرة]. أرشدنا الله - سبحانه - إلى الاستعانة بالصبر والصلاة كلما حزبنا أمر أو أهمّنا، فما سر ذلك، وما دور الصلاة في قضاء الحاجات وتفريج الهموم؟ لعلنا في هذه الخاطرة نحاول أن نستجلي بعضاً من أسرار الصلاة، من خلال بعض التأمل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.. روى الإمام احمد عن حذيفة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. قال ابن جرير: وقد حدثنا محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم، قالا حدثنا ابن عُلَيَّة، حدثنا عُيَينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن ابن عباس نُعي إليه أخوه قُثَم وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحَّى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ). عندما تضغط عليك ظروف الحياة وتكلفك فوق ما تستطيع بذله من الأسباب، فأين تذهب؟ ستذهب إلى فلان من الناس تستنجد به، وقد يفعل وقد لا يفعل، وقد يستطيع وقد لا يستطيع، ربما يتعاطف معك وربما لا، إذن فالاتجاه يجب أن يكون إلى الله - عز وجل - الذي لا يعجزه شيء.. الصبر يمنحك القدرة على التفكير المتزن والصلاة هي مثول بين يدي سيدك لتطلب حاجتك وتفزع إليه في كربتك، وربك يدلك ويرشدك. قد تصيبك الهموم فتحاول أن تنسى بطريقة ما، كالذهاب إلى شخص أو تناول ما يذهب العقل، لكن النسيان لا يحل ما تعاني منه وهو باق على حاله، وأنت بذلك تتخلى عن عقلك أحوج ما تكون إليه... فحل المسالة إذن هو أن اتجه إلى ربي واقف بين يديه ثم أستغيثه وهو - سبحانه - لا يرد يدي عبده صفرا. فقط قف بين يدي الكريم في حدود ما افترضه عليك ما يعني انك تقابله في اليوم خمس مرات تقول له إياك أعبد يا رب وإياك أستعين، وفي كل مرة يعد ترميم جسدك وصيانة روحك المجهدة. لاحظ أخي المسلم كم هو الفرق بين خروج المصلين عقب صلاة الجمعة، وبين خروج المحتفلين بمناسبة ما، هؤلاء طابعهم الهدوء والسكينة والاطمئنان بينما أولئك طابعهم الصخب والتدافع وقد تسرق حاجياتهم وقد يدوس بعضهم بعضا.. فالصلاة تخلق لدى المسلم توازنا وشعورا بالرضا والاطمئنان. وأمر آخر: عندما تريد مقابلة ملك أو صاحب جاه لا بد لك من تقديم طلب للمقابلة ولا بد لك من الإجابة على أسئلة عديدة وقد يوافق وقد لا يفعل، وقد تجده في الموعد وقد لا تجده، لكننا مع الله - عز وجل - لا نحتاج إلى شيء من ذلك، أنت تحدد الزمان والمكان والموضوع والحديث، ومدة المقابلة. فعبوديتك لله ولجوءك إليه جعل منك سيدا تحدد متى وأين ومتى ولماذا... يكفيك فقط أن تتوجه إلى القبلة ثم تقول: الله اكبر؛ لتصبح في حضرة ملك الملوك تتوجه إليه بالعبادة وتطلب منه العون، وبإمكانك أن تجلس بين يديه ما شئت فهو لا يمل حتى تمل حتى ولو قضيت عمرك كله... وفوق ذلك كله ربك يحتفي بك غاية الحفاوة، فهل بعد هذه السيادة شيء؟ حسب نفسي عزا بأني عبد *** يحتفي بي بلا مواعيد ربُّ هو في قدسه الأعز ولكن *** أنا ألقى متى وأين أحبُّ فالعبودية لله رب العالمين هي أعلى مقامات السيادة وهو - سبحانه - يذكرك على عظمته وضآلتك بمقدار ما تذكره بل وأعلى وهو يسعى إليك بأسرع مما تسعى إليه. في الحديث الصحيح: ((يقول الله - تعالى -: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)). وروى الإمام أحمد: عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله - عز وجل -: يا ابن آدم، إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة -أو قال: في ملأ خير منهم -وإن دنوت مني شبرًا دنوت منك ذراعًا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي أتيتك أهرول)). فإذا لم تكن السيادة هي ما أنت عليه وأنت في هذه الحال فماذا تكون؟ فيا أيها المهموم ويا من تواجه صعوبات الحياة ومنغصاتها افزع إلى الصلاة وقابل ربك متى وأنى شئت وكيفما تريد فأنت في محل الترحيب والإكرام والحفاوة في كل وقت وحين، وربك يدعوك ويناديك أن: هلم إليّ. والحمد لله رب العالمين... منتدى المختار الاسلامى
-
نحن في هذه الحياة الدنيا يعتورنا ما يعتورنا من الآلام والأكدار والمصائب، والبلايا المتنوعة، فيصيب النفسَ ما يصيبها من العلل والأدواء، والهموم والغموم، والأحزان التي لربما تكسرها، وكما ترون ما من أحدٍ في هذه الحياة إلا ويعاني، فمقلٌّ ومكثر، فمن الناس من يُبتلى ببدنه، ومنهم من يبتلى بماله، ومنهم من يبتلى بحبيبٍ وعزيزٍ وغالٍ عنده. وهذه امرأةٌ محزونة؛ لأنها لا تنجب، وتلك قلقة مشغولة؛ لأن الصغار قد أزعجوها، ولربما بكت وولت، وذاك شقيٌ بامرأةٍ لم يوفق معها، وتلك قد ابتليت بزوجٍ أشقاها وأتعسها. وهكذا يموت الإنسان فيبكي أهله عليه ويحزنون، أو يذهبون من بين يديه الواحد تلو الآخر ويتجرع أحزانهم حيناً بعد حين. وهذه الأحزان إذا تكاثرت وتتابعت على القلب فإنها تضعفه وتفسده، ولهذا فإنها لا تكون محمودة بحالٍ من الأحوال إلا إذا كان ذلك من الإشفاق من الدار الآخرة، أما الحزن على أمورٍ قد انقضت وانتهت فإن ذلك يضره ولا ينفعه، ويصير قلب هذا الإنسان معطلاً إذا كان محزوناً وتتابعت عليه الأحزان، لا ينتفع به في شيءٍ من عمل الدنيا، ولا أمر الآخرة، فيتفرق عليه قلبه، وتنثني عزائمه، ويكون هذا الإنسان ليس له شغلٌ إلا أن يذرف الدموع، وينعصر قلبه على ما حل به ونزل. ولذلك كان لابد من وصايا لكلِّ مهمومٍ ومحزون، سواءً كان ذلك الحزن والهم مما له سببٌ مدرك، كالمصائب التي تقع للإنسان، أو الأعباء والأشغال التي تتكالب عليه، فلربما ناءت نفسه بحملها، وقد قيل: بقدر الهموم تكون الهِمَم، فالذين لهم نفوس متطلعة تتشوف إلى ألوان النجاحات في هذه الحياة تكثر همومهم، بخلاف من كان فارغ البال، لا يرفع رأساً لشيء. فهذه ثلاثون وصية؛ لعلها تكون بلسماً ودواءً وعلاجاً لكل مهمومٍ ومحزون: الوصية الأولى: ينبغي أن نتذكر دائماً أن الله - عز وجل - قد ارتضى لنا هذه المصيبة، وهذا البلاء الذي حل بنا، وأنه اختاره لنا واختارنا له. والعبودية الحقة تقتضي أن نرضى بما رضي الله - عز وجل - به لنا، فلا يكون للعبد اعتراضٌ على الله، وعلى أقدار الله، وإنما يكون راضياً بما رضي له به مولاه. الوصية الثانية: تذكر أن الذي ابتلاك بذلك هو أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، فهو أرحم بك من نفسك، وأرحم بالولد من الوالدة المشفقة. الوصية الثالثة: أن نعلم أن هذه المصيبة دواءٌ نافع ساقه الله إلى هذا العبد، وهو العليم بمصلحته، الرحيم به، فينبغي على الإنسان أن يتجرع هذا الدواء، ولا يتقيؤه بتسخطه وشكواه، فيذهب نفعه باطلاً، فهو دواءٌ ساقه إليك الطبيب العليم بحالك. الوصية الرابعة: أن نعلم أن المصيبة والبلية ما جاءت لتهلكنا وتقتلنا، وإنما لتمتحن صبرنا، فإن ثبت العبد اجتباه ربه، وإن انقلب على وجهه طرد وصفع قفاه، وتضاعفت عليه المصيبة. الوصية الخامسة: أن يعلم العبد أن الله يربي عبده على السراء والضراء، والنعمة والبلاء، وبهذا تستخرج عبوديته في جميع الأحوال، فالعبودية تارةً تكون في حال السراء والنعمة، وللضراء أيضاً عبودية، فالله يقلّبنا بين هذا وهذا، فينبغي على العبد ألا يكون من عبيد العافية، وأن يعلم أن الابتلاء هو كير العبد، ومحك إيمانه. وقد هذبتك الحادثاتُ وإنما *** صفا الذهبُ الإبريزُ قبلك بالسَّبكِ الوصية السادسة: تذكر أن أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا: أي الناس أشد بلاءً؟ قال: ((الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة))[2]. وقد قال ابن مسعود -رضي الله عنه- كما في الصحيحين: "دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يُوعَك، فمسسته بيدي فقلت: يا رسول الله، إنك تُوعَك وعكاً شديداً، فقال: ((أجل، إني أُوعَك كما يُوعَك رجلان منكم))، قلت: ذلك بأن لك أجرين؟ قال: ((أجل، ما من مسلم يصيبه أذىً من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها))[3]. وقد قال بعض السلف: "من أصيب بشيء من البلاء فقد سُلك به طريق الأنبياء"[4]. الوصية السابعة: أنت على خير، وفي الحديث يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عجباً لأمر المؤمن، إنّ أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له))[5] [رواه مسلم]. وقد علق عليه شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رحمه الله - بأن الله - عز وجل - جعل لعباده المؤمنين بكل منزلةً خيراً منه، فالعبد دائماً في نعمة من ربه، سواء أصابه ما يحب أو ما يكره، وجعل الله - عز وجل - أقضيته وأقداره التي يقضيها لهم ويقدرها عليهم متاجر يربحون بها عليه، وطرقاً يصلون منها إليه، فهذا الحديث يعم جميع أقضيته لعبده المؤمن، وأنها خيرٌ لها إذا صبر على مكروهها، وشكر لمحبوبها. الوصية الثامنة: لماذا الحزن؟ ولماذا القلق والهمُّ وعملك يجري عليك أجره؟ وفي الحديث: ((ما من أحد من المسلمين يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله - تعالى -الحفظة الذين يحفظونه، قال: اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة مثل ما كان يعمل من الخير ما دام محبوساً في وثاقي))[6] يعني ما دام في المرض. الوصية التاسعة: الله أراد بك خيراً، وقد جاء في الحديث: ((من يرد الله به خيراً يُصبْ منه))[7]). وفي الحديث الآخر: ((إذا أحب الله قوماً ابتلاهم))[8]. يقول الفضيل بن عياض - رحمه الله -: "إن الله ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير"[9]. وقال أيضاً: "لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعدّ البلاء نعمة والرخاء مصيبة"[10]. وكان سفيان الثوري - رحمه الله - يقول: "ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة"[11]. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه يوم القيامة))[12]. الوصية العاشرة: أن العبد قد تكون له منزلة عند الله - عز وجل - لا يبلغها إلا بهذه المصيبة التي تُحرق فؤاده، فقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بالعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يُبلغه إياها))[13]. وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها بعمل ابتلاه الله في جسده أو ماله أو في ولده، ثم صبّره على ذلك حتى يُبلغه المنزلة التي سبقت له من الله -عز وجل-))[14]. فلو يدري هذا المحزون، وهذا المهموم، وهذا القلِق أن هذه المصيبة هي الرافعة التي ترفعه إلى تلك المنازل العالية لفرح بها. الوصية الحادية عشرة: تذكر أن البلاء كفارة، ففي الحديث الصحيح: ((ما يصيب المسلم من نصَب ولا وصب ولا همٍّ ولا حزن ولا أذى ولا غمٍّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه))[15]. وفي رواية: ((ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته))[16]. وفي الحديث الآخر: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله - تعالى -وما عليه خطيئة))[17]. ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا اشتكى المؤمن أخلصه الله أي من الذنوب- كما يخلص الكير خبث الحديد))[18]. وفي الحديث الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين فقال: انظرا ما يقول لعوَّاده، فإنْ هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه، رفعا ذلك إلى الله - عز وجل - وهو أعلم- فيقول: لعبدي عليَّ إن توفيته أن أدخله الجنة، وإن أنا شفيته أن أبدله لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وأن أكفر عنه سيئاته))[19]. وفي الحديث القدسي: ((إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني وصبر على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب - عز وجل - للحفظة: إني أنا قيدت عبدي هذا وابتليته فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر وهو صحيح))[20]. وقال - صلى الله عليه وسلم -:: ((ما يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله بذلك خطاياه كما تنحط الورقة عن الشجرة))[21]. وقال - عليه الصلاة والسلام - عن الحُمى: ((إنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد))[22]. وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنما مثل العبد المؤمن حيث يصيبه الوعك أو الحمى كحديدة تدخل النار فيذهب خبثها ويبقى طيبها))[23]. يقول الحسن - رحمه الله -: "كانوا يرجون في حُمّى ليلةٍ كفارةً لما مضى من الذنوب"[24]. وفي حديث جابر -رضي الله عنه- عند الإمام أحمد بإسناد صحيح: أن الحُمى استأذنت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((من هذه؟)) قالت: أمُّ مِلْدَم -وهي كنية الحمى- فأمر بها إلى أهل قباء، فلقوا منها ما يعلم الله، فأتوه فشكوا ذلك إليه فقال: ((ما شئتم، إن شئتم أن أدعو الله لكم فيكشفها عنكم، وإن شئتم أن تكون لكم طهوراً))، قالوا: أوَ تفعله؟ قال: ((نعم))، قالوا: فدعها"[25] وقد صححه الشيخ ناصر الدين الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. وقال - صلى الله عليه وسلم - عن الحمى: ((الحمى كير من حر جهنم، وهي نصيب المؤمن من النار))[26]. يقول مسلم بن يسار - رحمه الله -: "كان أحدهم إذا برئ قيل له: لِيَهْنِك الطهرُ([27])، يعني الخلاص من الذنوب. وفي الحديث يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر ذلك عنه كل ذنب))[28]. وفي الحديث الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبدٍ يُصرع صرعة من مرض إلا بعثه الله منها طاهراً))[29]. وهو أيضاً يؤجر مع تكفير السيئات، كما في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صداع المؤمن أو شوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه))[30]. وجاء نحوه من حديث عائشة رضي الله عنها- أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها))[31]. ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض))[32]. وفي خبر المرأة السوداء التي كانت تُصرع، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)) فقالت: "أصبر"[33]. وقد قال بعض السلف: "لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة مفاليس"[34]. ويقول أبو بكر -رضي الله عنه-: إن المسلم ليؤجر في كل شيء، حتى في النكبة وانقطاع شسعه، والبضاعة تكون في كُمّه فيفقدها فيفزع لها، فيجدها في ضِبْنِه[35]. يقول ابن الجوزي - رحمه الله - مصوراً لهذا المعنى: لو أن ملكاً قال لرجلٍ فقير: كلما ضربتك بهذا العود اللطيف ضربة أعطيتك ألف دينار لأحب كثرة الضرب؛ لا لأنه لا يؤلم، ولكن لِمَا يرجو من عاقبته وإن أنكاه الضرب. ونحن نقول: لو قيل لأي أحدٍ من الناس: كل حجر قد ربط به خمسمائة، فنضربك بهذا الحجر وما ربط به فهو لك لأحب كثرة الضرب. ويحكى عن امرأة من العابدات أنها عثرت فانقطعت إصبعها فضحكت، فقال لها بعض من معها: أتضحكين وقد انقطعت إصبعك؟! فقالت: "أخاطبك على قدر عقلك، حلاوة أجرها أنستني مرارة ذكرها"[36]. إذا فقد العبد عينيه، يقول الله - عز وجل -: ((إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة))[37]. وإذا فقد ولده يقول الله - عز وجل -: ((ما لبعدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة))[38]. الوصية الثانية عشرة: ما يدريك لعلها تكون سبباً لدفع ما هو أعظم، ومما يذكر في هذا الباب -ولعله ينفع- ما يذكر من خبر وزيرٍ لملكٍ من الملوك، وكان ذلك الوزير رجلاً صالحاً، وكان يكثر من قول: "الخيرة فيما اختاره الله"، فبينما هو يأكل على مائدة الملك، وإذا بالملك تجرح يده، فيقول: قد جرحت، فقال ذلك الوزير على سجيته وعادته: الخيرة فيما اختاره الله، فغضب الملك، وقال: أنت تشمت مني، ثم أمر به إلى السجن، فقال: الخيرة فيما اختاره الله، فأودعوه السجن، وكان ذلك الملك يعجبه الصيد، وكان يصيد عادةً مع ذلك الوزير، فخرج بمفرده -ومن تبع الصيد غفل- فبينما هو يتبع الصيد إذ خرج من حدود مملكته إلى أرضٍ قومٍ يعبدون الأوثان، فلقيه بعضهم وما عرفوه، فأخذوه، ثم جاءوا به إلى صنمهم الكبير، فلما أضجعوه، ووضعوا السكين، إذا بأحدهم يصيح بهم ويشير إلى يده التي قد ظهرت عليها آثار الجرح، وهو يقول لهم: إن هذا لا يصلح للقربان. فأطلقوه وتركوه، فرجع وهو يقول: قد عرفتُ أن الخيرة فيما اختاره الله، فصار هذا الجرح سبباً لإنقاذ رقبته، ثم أمر بالوزير أن يخرج من السجن، وقال له: قد عرفت أن هذا الجرح كان خيرة، ولكن أخبرني حينما أمرت بحبسك فقلت: الخيرة فيما اختاره الله؟ فقال: أيها الملك من الذي يخرج معك إلى الصيد عادةً؟، فقال: أنت أيها الوزير، فقال: لو خرجت معك هذه المرة لكنت أنا القربان، فكان سجنه سبباً لنجاته من القتل. ومما يذكر في هذا أيضاً ما وقع لأحد قادة عبيد الله بن زياد، فقد وقع من السطح فانكسرت رجلاه، فزاره إمام كبير من أئمة التابعين وهو أبو قلابة - رحمه الله -، وقال له مسلياً ومعزياً: أرجو أن تكون لك خيرة، فقال: يا أبا قلابة، وأي خيرٍ في كسر رجليَّ جميعاً، فقال: ما ستر الله عليك أكثر، وبعد ثلاثة أيام جاء إلى هذا القائد كتابٌ من ابن زياد يأمره بالخروج لقتال الحسين بن علي -رضي الله - تعالى -عنه وأرضاه-، فقال هذا القائد للرسول: قد أصابني ما ترى، فعذروه، وبعد سبع ليالٍ جاء خبر مقتل الحسين، فقال الرجل: رحم الله أبا قلابة لقد صدق، فكان كسر الرجلين سبباً لسلامته، ومعافاته من أن يشارك في قتل الحسين -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-. الوصية الثالثة عشرة: تأمل ما في ضمن هذه البلية من الفوائد، وفي الأمثال التي يتداولها بعض الأمم كالروس: لو لم تكن المصيبة لما كانت هناك سعادة. وفي أمثال نابليون: المصيبة هي القابلة القانونية التي تولد العبقرية. وفي مثَلٍ آخر: الريح التي تهب في الوجه تجعل المرء حكيماً. وفي بعض أمثال العرب: المصائب محك الرجال، المصائب مهماز الشجاعة، عند الشدائد يعرف الإخوان. الوصية الرابعة عشرة: تذكر أن ما وقع لك إنما وقع بسبب ذنوبك، والله يقول: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [(30) سورة الشورى]. فينبغي علينا بدلاً من الهم والحزن، والجزع والقلق أن يكون شغلنا بالاستغفار والتوبة، الذي هو من أعظم الأسباب في دفع البلايا والرزايا والمصائب، وقد جاء عن علي -رضي الله عنه-: ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة. الوصية الخامسة عشرة: ينبغي على العبد المصاب أن يشهد حق الله عليه في هذه البلوى، وحق الله هو الصبر، فهو مأمورٌ بأداء حقه، والله يقول: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [(155-157) سورة البقرة]. والله - عز وجل - يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [(200) سورة آل عمران]. الوصية السادسة عشرة: ينبغي على العبد أن يعلم أن هذه البلية والمصيبة واقعة ولابد، فهي مقدرةٌ ثابتة لابد من أن تحل بداره، فلا وجه للجزع، والجزع لا يرد فائتاً، وإنما يزيده الجزع بلاءً، ويشمت به عدوه، والله يقول: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [(22) سورة الحديد]. وفي حديث ابن عباس مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))([39])، فكتب الله - عز وجل - ما هو كائن. وقد سئل سلمان -رضي الله - تعالى -عنه-: ما الإيمان بالقدر؟ قال: إذا علم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وفي المثل: لا ينالك من ضربك رأسك بالحائط سوى التورم. يقول علي -رضي الله عنه-: إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور. وقد قال أحد الحكماء لبنيه: إياكم والجزع عند المصائب، فإنه مجلبةٌ للهم، وسوء ظن بالرب، وشماتةٌ للعدو، الوصية السابعة عشرة: لا تدري أيها المؤمن أين الخير، والله - عز وجل - يقول: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) [(216) سورة البقرة]. لعلّ عَتْبَك محمودٌ عواقبُه *** وربما صحّت الأجسامُ بالعلل وقد قيل: تعزّ وهون عليك الأمور *** فإن الذي بيديه الأمور عساك ترى بعد هذا سرورا *** يجعل في الكره خيراً كثيرا الوصية الثامنة عشرة: ينبغي أن ندرك طبيعة هذه الحياة، فهذه الحياة كما وصفها الله - عز وجل - بقوله: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) [(4) سورة البلد]، فالإنسان يكابد في هذه الحياة، يخرج إليها باكياً، ويتجرع فيها الغصص والأحزان، ويصيبه ما يصيبه من الآلام والهموم، يشقى بلقمة العيش يجمعها، وإذا طال عمره فإنه يتجرع أحزان أهله، ثم بعد ذلك يخرج من الدنيا مبكياً عليه. هذه طبيعة الدنيا، فينبغي على العبد أن يدرك ذلك، فمن ظن أنها محلٌ للراحة والسعادة والأنس فهو مخطئ، فالراحة إنما تكون في الجنة، وقد سئل الإمام أحمد - رحمه الله -: متى يجد المؤمن طعم الراحة؟، قال: حين يضع أول قدمٍ في الجنة. أما هذه الدنيا فليست محلاً للراحة، فإذا أدرك العبد ذلك من طبيعتها، وعرف حقيقتها فإنه لا يغتر بها، فعليه أن يروّض نفسه على ما يصيبه وينكؤه ويقع له من الآلام والهموم والأوصاب والأنكاد، الوصية التاسعة عشرة: لابد للعبد في دار الأكدار من أمرٍ يطمئن له، ويتنعم به ويغتدي به وهو اليقين، وعلى قدر كمال يقين الإنسان على قدر ما يكون عنده من الثبات، ورسوخ القدم أمام عواصف المصائب والمحن والبلايا. الوصية العشرون: ينبغي على العبد أن يعالج الصبر، وأن يتجرعه وإن كان مُرًّا، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من يتصبر يصبره الله))[40]. والمزاولات تعطي الملَكات، وقد قيل: العوائد تنقل الطبائع، ((إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم))([41])، فمن يتصبر يصبره الله. لا تجزعن إذا نابتك نائبةٌ واصبر *** ففي الصبر عند الضيق متسع وفي بعض الحكم: عندما نفقد كل أمل علينا ألا نيأس. الوصية الحادية والعشرون: أن يستعين الإنسان على الهموم والآلام والمصائب بكثرة الذكر والاستغفار، وقيام الليل، وقراءة القرآن، والله - عز وجل - قد قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا* وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) [(23-26) سورة الإنسان]. نزول القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحملُ أعباء الرسالة لاقى بسببه كثيراً من أعداء الرسل، لاقى منهم ما لاقى من التسفيه، والأذى، والرمي بالعظائم، وضُرب - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، وكسرت رباعيته، وسال الدم على وجهه الشريف، فالله - عز وجل - يعلمه الطريق إلى الصبر. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "لما كان لا سبيل إلى الصبر إلا بتعويض القلب بشيءٍ هو أحب إليه من فوات ما يصبر على فوته أمر الله نبيه بأن يذكر ربه - سبحانه - بكرةً وأصيلاً، فإن ذكره أعظم العون على تحمل مشاق الصبر، وأن يصبر لربه بالليل، فيكون قيامه بالليل عوناً على ما هو بصدده بالنهار، ومادةً لقوته"[42]. الوصية الثانية والعشرون: أن يلجأ العبد إلى الله - عز وجل - بالدعاء والتضرع، وأن ينطرح بين يديه، وأن يتذلل له، قال - تعالى -: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [(60) سورة غافر]، وقال - سبحانه -: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [(62) سورة النمل]. الوصية الثالثة والعشرون لا تُعد شريط الذكريات السيئة، من الناس من يجتر المصائب حيناً بعد حين، ويتذكر تلك البقع السوداء التي مرت به في سني حياته، فيجدد له ذلك الحزن حيناً بعد حين، وإنما ينبغي على العبد أن يوجه تفكيره بطريقةٍ صحيحة إيجابية، فانظر إلى المستقبل، فكر في عمارة آخرتك، وفيما ينفعك في دنياك وما أنت بصدده، فكر فيما يجدي عليك نفعاً. الوصية الرابعة والعشرون: عليك بحضور مجالس الذكر، ومجالس العلم، فإن ذلك يشرح الصدر؛ لأن هذه المجالس هي رياض الجنة. الوصية الخامسة والعشرون: عليك بالنفع المتعدي، فإنه من أعظم الأمور التي يحصل بها الانشراح، إذا ضاق بك أمرٌ فابحث عن مسكين، ابحث عن فقير، ابحث عن إنسان قد تعطلت به سيارته فأعِنه، ابحث عن إنسانٍ بحاجةٍ إلى أحدٍ يعينه على شيء من نوائب الدنيا -ولو كان ذلك يسيراً- فأعنه، تجد انبلاجاً وانشراحاً واتساعاً في الصدر، إذا ضاقت بك الأمور فعليك بنفع إخوانك المسلمين. إن النفع المتعدي يشرح الصدر بطريقة عجيبة، بل إن الإحسان إلى الناس -ولو كان في أمرٍ لا يخسر الإنسان منه شيئاً- يجد الإنسان بسببه انبلاجاً في صدره، ألم يقل الله - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ) [(11) سورة المجادلة]، يفسح لكم في الصدر، ويفسح لكم في الرزق، ويفسح لكم في القبر، فكل المعاني التي ذكرها السلف داخلة تحت هذا الفسح. ولذلك جرِّب حينما يتزاحم الناس، ويصطفون لصلاة الجمعة، ويأتي هذا وذاك يبحثون عن مكانٍ يصلون فيه، جرب أن تفسح لأحدٍ من هؤلاء، وأن تبتسم في وجهه، وأن تجلسه بجانبك، ستجد أن صدرك ينبلج ويتسع. وجرب حينما تنوء بجانبك من أجل أن لا يجلس عندك، تجد أن الصدر ينقبض. جرب حينما تقف لإنسان يحتاج إلى من يقف إليه من أجل أن يعبر الطريق في وقتٍ قد ازدحم فيه الناس، وتشاحّت فيه نفوسهم، إنك حينما تتوقف لمثل هذا تجد انفساحاً وانشراحاً يغمر صدرك. الوصية السادسة والعشرون: انتظر الفرج، سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً، وقد كثر كلام الشعراء والحكماء في هذه القضية، وسأورد طرفاً منه؛ من أجل أن يحفظه الإنسان فيردده في نفسه لعل ذلك يكون سبباً لاتساع صدره إذا ألمت به الكروب. إذا تضايق أمرٌ فانتظر فرجاً *** فأضيق الأمر أدناه إلى الفرج لوصية السابعة والعشرون: هناك أمورٌ محسوسة إذا تعاطها الإنسان فإن ذلك يكون سبباً لانشراح الصدر وسعته، فهناك أمورٌ يسميها العلماء بالمفرحات، كالعسل، والزعفران، والتين، والزيتون، والأترنج، فهذه كلها من المطعومات التي يقال لها المفرحات، فإذا أكلها الإنسان كان ذلك سبباً لانشراح صدره، وكذلك التلبينة، كما جاء في حديث عائشة في صحيح البخاري، فقد كانوا يصنعونها لأهل الميت ليخفف ذلك من الحزن عنهم. وهكذا أيضاً الأمكنة، فقد يجد الإنسان الانشراح في بلد أو في حي أو في دار، وهكذا الروائح كالمسك، والطيب، وهكذا الألوان كالبياض والخضرة، وهكذا الجلساء الذين يجد قلبه ينشرح عند مجالستهم، وهكذا المشاهد أيضاً التي يشاهدها الإنسان، فمنها ما يسبب له انشراحاً، ومنها ما يسبب لها غمًّا، وهكذا ما يسمعه الإنسان. الوصية الثامنة والعشرون: النفس تكلّ وتمل، وتتعب، ويصيبها ما يصيبها من الألم والحزن والهم، فيحتاج الإنسان إلى شيءٍ من الإجمام والترويح حيناً بعد حين، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبدو إلى بعض التِّلاع، وكان يسابق عائشة -رضي الله - تعالى -عنها- وكان يمازح أصحابه. الوصية التاسعة والعشرون: ابتعد عن المنغصات والمشكلات، من الناس من لا يوفق، إذا جلس مع الناس جرح هذا بلسانه، وآذى هذا بكلامه، وغمز هذا بحركاته، وآذى هذا بتصرفاته، فتقع له مشكلة مع زميله في العمل، ومع ابن عمه، ومع أخته، ومع أخيه، ومع والده، وولده، وزوجته، فهو في غابةٍ من المشكلات، لا يستطيع أن يمسك لسانه، ولا يحسن التصرف، ولا يستطيع أن يعبر بطريقةٍ صحيحة بحيث يحفظ للناس كرامتهم ومشاعرهم، وهذه المشاكل تورث في القلب حزناً وألماً. إذا وقع الإنسان في مشكلة مع زوجته، أو في مشكلة مع زميله، أو في مشكلة مع قريبه، أو في مشكلة مع ولده أو والده، فإنه قد لا يستطيع أن يصلي، ولا يجد قلبه عند الذكر، وقراءة القرآن، ولا يستطيع أن يخشع، ولا يستطيع أن يتدبر في مصالحه، وإنما يجد قلبه مربوطاً مهموماً محزوناً. فينبغي للإنسان أن يبتعد عن المشاكل، بأن يكون كلامه طيباً، وفعله جميلاً حسناً، لا يجد الناس منه ما يسوءهم، وتكون علاقته بمن حوله علاقة طيبة كريمة. الوصية الثلاثون: كما يقول العامة: "هونِّها وتهون"، كيف نهون المصيبة؟، يمكن أن نهون المصيبة بأمورٍ متعددة: الأول: أن نذكر ما هو أعظم منها، سُئلت امرأة كثيرة المصائب وهي صابرةٌ محتسبة لا تجزع ولا تتضعضع، كيف تصبرين هذا الصبر وتتماسكين؟ فقالت: ما أُصاب بمصيبة فأذكر معها النار إلا صارت في عيني أصغر من الذباب. وفي الحديث: ((يا أيها الناس، أيُّما أحدٍ من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعزّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري؛ فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي))([43]). والأمر الثاني مما يهونها: أن تحمد الله - عز وجل - أنها لم تكن أعظم من ذلك، إذا كُسرت رجلٌ واحدة فقل: الحمد لله أنها لم تكسر الثانية، وإذا كسرت اليد فقل: الحمد لله أنه ليس الظهر. يقول شريح - رحمه الله -: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله - عز وجل - عليها أربع مرات، وذكر من ذلك أن قال: أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي. ورأى رجلٌ قرحةً في يد الإمام العابد محمد بن واسع - رحمه الله -، ففزع ذلك الرجل منها، فقال محمد بن واسع: الحمد لله أنها ليست في لساني، ولا في طرف عيني. ورأى رجلٌ فقيراً مريضاً كفيفاً مقعداً وهو يردد: الحمد لله الذي فضلني على كثيرٍ من عباده، فقال: يرحمك الله، وبماذا فضلك؟ قال: رزقني لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وجسداً على البلاء صابراً. الأمر الثالث: انظر في حال أمثالك، وقد قالت الخنساء حينما قتل أو مات أخوها صخر: ولولا كثرةُ الباكين حولي *** على إخوانهم لقتلتُ نفسي فالإنسان حينما ينظر إلى حال أمثاله، هؤلاء مات أبوهم، وهؤلاء مات أخوهم، وهؤلاء مات قريبهم فتهون عليه مصيبته، وفي بعض الحكم: الدخان يخرج من كل السطوح. ويُذكر عن رجلٍ حينما حضرته الوفاة أنه أوصى أمه إذا أقامت له العزاء أن تدعو من لم يصب بمصيبة، لا يحضر إلا إنسان لم يصب بمصيبة، فلما نظرت في وصيته عرفت أنه لن يحضر لها أحد؛ فكل الناس أصحاب مصائب، ونحن أبناء الموتى وسنموت، قال - تعالى -: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) [(30) سورة الزمر]. الأمر الرابع مما يهونها: أن ينظر الإنسان في حال من ابتلي ببلوى هي أعظم من بلواه، فإذا خسر الإنسان في تجارته، أو في أسهمه مائة ألف، فليتذكر أن من الناس من خسر الملايين، ومن خسر المليون فليتذكر أن غيره خسر أضعاف ذلك، وإذا فقد الإنسان ولداً واحداً فليتذكر أن أسراً قد خرجت من بيوتها في نزهةٍ، أو سياحةٍ فلم يرجع منهم أحد. يقول سلام بن أبي مطيع - رحمه الله -: دخلت على مريض فإذا هو يئن، فقلت له: اذكر المطروحين في الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم ولا من يخدمهم، يقول: ثم دخلت عليه بعد ذلك فلم أسمعه يئن، وجعل يقول: اذكر المطروحين في الطريق، اذكر من لا مأوى له ولا من يخدمه. وقد وقع لعروة بن الزبير - رحمه الله - حينما قدم على الوليد بن عبد الملك بالشام ما وقع من علةٍ في رجله فقطعت رجله بالمنشار، ومات ولده في تلك السفرة في إسطبل الدواب، وجاء في ذلك الأثناء أعرابيٌ إلى الوليد بن عبد الملك، أعمى، فسأله الوليد عن حاله، فحمد الله - عز وجل -، وكان في غاية الصبر والتجلد، وقال: إنه كان من خبره أنه كان كثير المال والولد، فاجتاحهم السيل، فذهب المال والولد ولم يبقَ له إلا صبيٌّ صغير رضيع وجملٌ واحد، يقول: فأخذت هذا الصبي فشرد الجمل، فوضعت الصبي وجعلت أتبعه، يقول: ثم إن هذا الجمل أصابه في وجهه برجله فذهب بصره، فلما رجع إلى صبيه وجده قد افترسه الذئب، لم يبق له شيء، وذهب بصره، فقال الوليد بن عبد الملك: اذهبوا به إلى عروة، أي من أجل أن يخفف ذلك مصيبته. فالإنسان إذا نظر إلى حال أهل البلاء الذين وقع لهم أشد مما وقع له فإن ذلك يخفف ما في نفسه. وأمرٌ خامس مما يهونها: أن نعد نعم الله علينا وأياديه، فإذا عجزنا عن عدها وأصابنا اليأس من حصرها هان عندئذٍ ما نحن فيه من البلاء، وحينئذ نرى البلاء قليلاً كقطرة من بحر بالنسبة لنعم الله - عز وجل - المستفيضة التي يسوقها إلينا صباح مساء. لما قطعت رجل عروة بن الزبير - رحمه الله - قال له ابن طلحة: قد أبقى الله أكثرَك عقلَك ولسانَك وبصرَك، ويديك وإحدى رجليك، فقال: ما عزاني أحدٌ بمثل ما عزيتني به. واجتاز أحدهم بدار تاجرٍ من قرابته فوجده في حُوشٍ في داره، وهو حاسر الرأس، يعدو كالمجنون، فقال له: ما بك؟، قال: أخذوا مني -يعني أخذوا شيئاً من مالي- فقال: إنما يقلق هكذا من يخاف الحاجة، فاصبر حتى أبين لك غناك، ثم بدأ يعدد عليه، أليس دارُك هذه بآلتها وفُرُشها لك؟ وما زال يحسب حتى بلغ ألف ألف دينار في بغداد وحدها، فسجد الرجل وبكى، وقال: ما أكلتُ شيئاً منذ ثلاث، فأقم عندي لنأكل ونتحدث، يقول: فأقمت عنده يومين. وقال بعضهم لمن شكا إليه ضيق الحال: أيسُرّك ببصرك مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبسمعك؟ قال: لا، قال: فبلسانك؟ قال: لا، قال: فبعقلك؟ قال: لا، ثم قال: أرى لك مئين ألوفاً وأنت تشكو الحاجة!. وهذه إحدى الفتيات ذهبت إلى الطبيب وهي تعاني ما تعاني من الحزن، والهم والألم والقلق، فأمرها الطبيب أن ترجع إلى بيتها وأن تأخذ ورقة، وأن تعد الأمور المنغصات، وأن تعد في ورقةٍ أخرى النعم التي حباها الله - عز وجل - بها، فلما شرعت في كتابة النعم، وعجزت عن إحصائها أدركت سر هذا الطلب، وعرفت أنها في عافيةٍ وبحبوحة من الله -تبارك وتعالى. والأمرٌ السادس مما يهونها: أن يتذكر الإنسان سوابق النعم، أن يتذكر أن أيام العافية التي مرت به أطول من أيام المرض، كما قال القائل: فلا تجزع وإن أعسرتَ يوماً *** فقد أيسرتَ في الزمن الطويل الأمر السابع مما يهونها: تذكر، قل لنفسك: إنما هي ساعة فكأن لم تكن. كان ابن شبرمة - رحمه الله - إذا نزل به البلاء قال: سحابة صيف ثم تنقشع. انظر إلى الناس الذين ابتلوا بالأمراض، وابتلوا بفقد من يحبون قبل عشر سنوات، وقبل عشرين سنة، وقبل خمسين سنة، وقبل مائة سنة، وقبل ألف سنة، هل بقيت الآلام؟ هل بقيت الحسرات؟ كل هؤلاء الناس الذين ترونهم يضحكون بملء أفواههم، أليسوا قد بكوا في يومٍ من الأيام فذهب عنهم ذلك الحزن؟ فالإنسان يحتاج أن يتصبر قليلاً، ويتذكر أنه صبر ساعة أو كما يقال: سحابة صيف ثم تنقشع. هذه ثلاثون وصية، أسأل الله - عز وجل - أن ينفعني وإياكم بها، وأن يجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلاءٍ عافية. اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين من المسلمين، اللهم ارفع الحزن عن المحزونين، اللهم ارحم موتانا، واشف مرضانا، وعافِ مبتلانا، واجعل آخرتنا خيراً من دنيانا. اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وذهاب أحزاننا، وجلاء همومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم اغفر لنا ولوالدينا، ولإخواننا المسلمين، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين..
-
♥♡لُِلُِجٍمآلُِ هـيبَة عٍنوُآنهـآ آنت»:$
قام شخـصية هـامة بالرد على موضوع لـ Light Life في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
هام: ترددات شبكة قنوات تايم علي النايل سات 2014
قام شخـصية هـامة بالرد على موضوع لـ AmEr-Dz في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
ترد قناة cbc درما 2014 / 2015 على النايل سات
قام شخـصية هـامة بالرد على موضوع لـ AmEr-Dz في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع