اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

لؤلؤة العراق

الأعضاء
  • مجموع الأنشطة

    1836
  • تاريخ الانضمام

  • آخر نشاط

كل منشورات العضو لؤلؤة العراق

  1. كلك ذوووق حبيبتى باربى تكرمى عالرد الرائع تحياتى الك :{d}:
  2. Internet Download Accelerator 5.6 برنامج لتسريع التحميل واكماله عند الانقطاع وهو يتعامل مع سيرفرات الـ HTTP, HTTPS and FTP وهو متوافق مع جميع إصدارات ويندوز حجم الملف4.60MB: [url=http://www.krtonah.com/download.php?file=66815-Internet Download Accelerator 5.6.exe]حمل من هنا[/url] :{k}:
  3. بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أقدم لكم برنامج VerbAce 2008، هو المترجم الافضل على الاطلاق حيث تم تصميمه على اسس و ابحاث علميةمتخصصة حيث يمكن الاعتماد عليه في ترجمة النصوص في جميع المجالات و هو مطور بحيث يكون سهل الاستخدام من قبل المستخدم حجمه: ( 1.47 ميغابايت فقط!!) البرنامج يترجم من عربي الى انجليزي ومن انجليزي الى عربي ميزات البرنامج: **ترجمة رائعة للمفردات العربية والانجليزية ** يشتمل على اكثر من 100.000كلمة ومدخل ** القاموس ثمرة بحث اكاديمي وهو مجاني 100% **عند بدء كتابة الكلمة في القاموس ياتي لك باقرب كلمة وفقا لوضعك للحروف **أما الميزة الرائعة فهي ترجمة أي كلمة في أي ملف نصي سواء عربي أو أنجليزي حتى ( PDF) بالضغط على دبل كليك!! وللحصول على هذه الخاصية أدخل على menu ثمconfiguration ثم أ خترmouse activation من خلالها أخترdouble click [url=http://adf.ly/246619/http://www.mediafire.com/?11b190qzocc]حمل من هنا[/url] منقول للفائدة مع اضافة التعديلات وتحسين الموضوع :{k}:
  4. بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :::- إليكم البرنامج الغني عن التعريف بمميزاته الغير عادية برنامج Jet Audio في أخر إصدار jetAudio 7.1.0.3100 لتحميل البرنامج :{m}:
  5. [size=21]محول الصويتات العربي بنسختة 7.0 كامله من احسن برامج تحويل الصوت والصورة برنامج عربي بالكامل من تصميم عربي ايضا[/size] اقدم اليكم برنامج محول الصوتيات يإضافقات كثيرة و بإصداره الحديث والمميز وهو الاصدار السابع v7.0 ويضم البرنامج كالتالي :- . تم تطوير خاصية تحويل الصوتيات والفيديو بشكل كامل كليا ويتميز عن الإصدار القديم ب : السرعة العالية في التحويل : حيث يعتبر البرنامج الآن من أسرع برامج الصوت والفيديو في التحويل يدعم صيغ صوت وفيديو جديدة ، البرنامج يدعم الصيغ التالية : AVI, MPG, MPEG, WMV, MP4, M4V, ASF, MOV, QT, 3GP, DAT, OGM, RM, RMVB, RAM, RA, FLV, WAV, MP3, WMA, OGG, APE, M4A, MPC, WV, AMR, AC3, AU, M4A تم حل بعض المشاكل في التعامل مع بعض الصيغ الموجودة في الإصدارات السابقة. الإصدارات السابقة بشكل نهائي كما أصبح البرنامج يتعامل مع جميع أنواع وسائط التخزين المختلفة مثل : DVD+R Dual Layer DVD-R Dual Layer DVD+R / DVD+RW DVD-R / DVD-RW DVD-RAM CDR / CDRW كما تم أيضا تطوير خاصية إنشاء الأقراص الصوتية وحل جميع مشاكل الإصدارات السابقة لتحميل البرنامج : اضغط هنا ملاحظه / الكراك موجود في مجلد البرنامج باسوورد فك ضغط الملف : www.paldownload.com :{k}:
  6. EscomTools UltraConverter الاصدار : v1.9.31 حجم البرنامج : 3.91 MB يعمل على : Win2003, WinXP, Win2000, WinNT, WinME, Win9X :: وصف البرنامج :: برنامج رائع لتحويل الصور وتعديل ابعادها لاكثر من 100 امتداد UltraConverter can read BMP, RLE, DIB, JPG, JPEG, JPE, JFIF, JIF, GIF, GIFF, PNG, PSD, PDD, TIF, TIFF, FAX, G3N, G3F, XIF, JP2, J2K, JPC, J2C, TGA, TARGA, VST, ICB, VDA, WIN, PIX, PCX, PCC, WMF, EMF, ICO, CUR, CRW, CR2, DNG, NEF, RAW, RAF, X3F, ORF, SRF, MRW, DCR, BAY, PEF, TIFF, TIF, PSP, BW, RGB, RGBA, SGI, RLA, RPF, PPM, PGM, PBM, CEL, PIC, PCD, DCX, JBG, JBIG, BIE, DCM, DICOM, AVS, X, MBFS, MBFAVS, CIN, DOT, DPX, FITS, FPX, HDF, MAT, MTV, PALM, PCL, PICT, PIX, PWP, SUN, SVG, TTF, VICAR, VIFF, XBM, XCF, XPM, SCR, CUT, PAL and WBMP formats and convert them to BMP, JPG, PNG, GIF, TIF, PCX, TGA, WMF, EMF, ICO, JP2, WBMP, CRW, DCX, PS, AVI or PDF. البرنامج كامل بالسيريال للتحميل اضغط هنــــــــا :: السيريال :: SN : f4b37-UzNLn-w3Q54-wvz2r
  7. يتبع . .ما يجب على المرأة المعتدة في حالة الحداد س: تشيع بين الناس في منطقة الخليج اعتقادات غريبة عن المرأة المتوفى عنها زوجها، وما يجب أو يحرم عليها في أشهر عدتها وحدادها: من هذه الاعتقادات أنها يحرم عليها أن تكلم رجلا، أو يكلمها، أو يدخل عليها، حتى بعض محارمها مثل أبناء زوجها، أو أبناء أخيها أو أختها. فضلا عن غيرهم من أقاربها وجيرانها. وأكثر من ذلك أنها لا تنظر إلى الرجل مجرد نظر. فإذا نظرت إليه، وجب عليها أن تغتسل ولو كان نظرا عفويا. وأعجب من ذلك أنها لا يجوز لها أن تنظر إلى القمر والسماء أو لا تلمس بيدها الملح أو البهارات، ولا تلمس رجلها التراب. وعندما تنقضي عدتها، يجب أن تؤخذ وهي مغماة العينين إلى البحر…الخ. فهل لهذه العادات أصل من الشرع؟ ج : اختلفت الأمم من قديم في معاملة المرأة المتوفى عنها زوجها. حتى إن بعضهم رأى أن من وفاء المرأة لرجلها بعد موته، ألا تبقى بعده على قيد الحياة، فعمدوا إلى إحراق جثتها معه. وبعضهم لم يصل إلى هذا الحد. ولكن حرم عليها أن تفكر في رجل آخر بعد زوجها الأول، ومنعوها أن تنعم بحياة زوجية مرة أخرى، وإن كانت في عمر الزهر، وريعان الشباب، ولو لم تعش مع زوجها إلا يوما واحدا. وكان للعرب في الجاهلية ضرب من التقاليد والأنظمة والشعائر الغريبة المتوارثة بينهم، في معاملة هذه المرأة المسكينة، تتمثل فيما يلي: أولا: روى البخاري وأبو داود والنسائي عن ابن عباس قال: "كانوا إذا مات الرجل، كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها". وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: كان أهل يثرب، إذا مات الرجل منهم في الجاهلية، ورث امرأته من يرث ماله، فكان يعضلها، حتى يتزوجها، أو يزوجها من أراد.. وفي هذه الحالات وأمثالها نزل قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها، ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن… الآية). ثانيا: لم يكن لها نصيب في تركة زوجها، مهما خلف وراءه من ثروة وأموال، ومهما تكن حاجتها إلى النفقة والكفاية، "ولا عجب في ذلك مادامت هي شيئا يورث كالدابة والمتاع الذي يورث ولا يرث. وكانت نظرية العرب أن المرأة لا حق لها في الميراث، إذ لا يرث عندهم إلا من حمل السلاح، وذاد عن الحمى، وهم الرجال فقط، لا النساء ولا الصبيان. ومما ذكره المفسرون هنا: قصة كبيشة بنت معن بن عاصم، توفى عنها أبو قيس بن الأسلت فجنح عليها ابنه، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، لا أنا ورثت زوجي، ولا أنا تركت فأتزوج! فأنزل الله الآية السابقة. قال ابن كثير: فالآية تعم ما كان يفعله أهل الجاهلية، وكل ما كان فيه نوع من ذلك. وقد ورث الإسلام الزوجة في جميع الأحوال، ما بين ربع التركة وثمنها (الربع إن لم يكن للزوج ذرية، والثمن إن كان له). ثالثا: كانت المرأة العربية في الجاهلية، إذا مات عنها زوجها، تؤمر بأن تدخل مكانا رديئا، وتلبس شر ثيابها، ولا تمس طيبا، ولا تتزين بزينة مدة سنة كاملة. فإذا تمت السنة، أوجبت عليها التقاليد الجاهلية أن تقوم بعدة أعمال أو شعائر لا معنى لها، وإنما هي من ضلال الجاهلية وسخفها: من أخذ بعرة ورميها، إذا مر بها كلب، ومن ركوب دابة مثل حمار أو شاة! إحداد المعتدة المتوفى عنها زوجها في الإسلام فلما جاء الإسلام رفع عنها ما كانت تلقاه من ظلم وعنت، سواء من الأهل أم من قرابة الزوج، أم من المجتمع كله. ولم يوجب عليها بعد الوفاة إلا ثلاثة أمور: الاعتداد، والإحداد ولزوم البيت. 1. والمراد بالاعتداد: أن تتربص بنفسها، ولا تتزوج مدة أربعة أشهر وعشرة أيام، إذا لم تكن حاملا، فإن كانت حاملا فعدتها وضع الحمل. ويلاحظ أن مدة العدة هنا -في غير حالة الحمل- أطول قليلا من عدة المطلقة (وهي ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر). وذلك لأن الزوج يترك وراءه من مشاعر الأسى والحزن في نفس الزوجة، وفي أنفس أهله وأقربائه ما لا يتركه الطلاق. فلزم أن تطول المدة قليلا، حتى تخف حدة الحزن، وتبرد عواطف الأسى، ومظاهر الكآبة من قبل الزوجة، ومن قبل أهل المتوفى. 2. أما الحداد: فالمراد به أن تجتنب المعتدة مظاهر الزينة والإغراء، مثل الاكتحال واستعمال الأصباغ والمساحيق، التي تتجمل بها المرأة عادة لزوجها ومثل أنواع الطيب والعطور والحلي والثياب الزاهية والمغرية. ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أم حبيبة وزينب بنت جحش أماّ المؤمنين رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث (أي ثلاث ليال) إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا". وفي الصحيحين عن أم سلمة: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفى عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفتكتحل؟ فقال: لا… كل ذلك يقول: لا، مرتين أو ثلاثا. ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشرا. وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة". وفيهما عن أم عطية: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحد امرأة فوق ثلاثة أيام، إلا على زوجها، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا، ولا تلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عصب ولا تكتحل، ولا تمس طيبا، إلا عند أدنى طهرها إذا طهرت من حيضها، بنبذة من قسط أو ظفار". والمراد بثوب العصب ما صبغ بالعصب، وهو نبت ينبت باليمن. وروى أبو داود والنسائي عن أم سلمة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل.." وفي حديث آخر رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: "لا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب. قالت: قلت: بأي شيء أمتشط؟ قال: بالشذر تغلفين به رأسك". 3. والأمر الثالث الذي يلزم المتوفى عنها زوجها: أن تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي فيه، لا تغادره طوال أشهر العدة. كما روت فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أعبد (عبيد) له، فقتلوه بطرف القدوم. فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركني في مسكن أملكه ولا نفقة فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا". ولأن بقاءها في بيتها أليق بحالة الحداد الواجبة عليها، وأسكن لأنفس أهل الزوج المتوفى، وأبعد عن الشبهات. لكن يجوز لها أن تغادره لحاجة، مثل العلاج، أو شراء الأشياء اللازمة إذا لم يكن لها من يشتريها، أو الذهاب إلى عملها الملتزمة به، كالمدرسة والطبيبة والممرضة وغيرهن من النساء العاملات. وإذا خرجت لحاجتها نهارا. فليس لها الخروج من منزلها ليلا. وقد جاء عن مجاهد قال: "استشهد رجال يوم أحد، فجاء نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله، إنا نستوحش بالليل، أفنبيت عند إحدانا، حتى إذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال: تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، فإذا أردتن النوم، فلتؤب كل امرأة إلى بيتها". ولأن الخروج ليلا مظنة للريبة والتهمة، فلم يجز إلا لضرورة. وليس لها الخروج للصلاة في المسجد، أو السفر لحج أو عمرة أو غير ذلك، لأن الحج لا يفوت والعدة تفوت لأنها موقوتة بزمن. هذه هي الأمور الثلاثة المطلوبة من المعتدة الحادة. أما ما يطلب من الناس إزاءها، فهو أنها يحرم خطبتها مدة العدة تصريحا، ويجوز تعريضا وتلميحا. كما بين ذلك القرآن الكريم حين قال: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء، أو أكنتم في أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن، ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا، ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، واعلموا أن الله غفور حليم). وهذه الآية في النساء المتوفى عنهن أزواجهن، وقد رفعت الآية الجناح والحرج عند التعريض بخطبتهن، أي التلميح بذلك، مثل أن يقول: أنني في حاجة إلى الزواج، وأرغب في امرأة صالحة، ونحو ذلك، مما يفهمها أنه يريدها. كما رفعت الآية الجناح عن إكنان ذلك في النفس، لأن الإنسان لا يملك قلبه، وخواطر نفسه. كل ما يمنع هو التصريح بالخطبة للمرأة، أو مواعدتها سرا، فذلك مما يثير الريبة، وينشر حولها الشائعات، أما أن يقول لها قولا معروفا فلا بأس. وعندما يبلغ الكتاب أجله، وهذا كناية عن انقضاء العدة، أصبحت المرأة حرة في أن تتزوج من تشاء، وأن تخرج من البيت كما تشاء، وأن تلبس وتتزين بما تشاء، وأصبح لمن يريدها أن يخطبها صراحة لا كناية، وأن يعزم عقدة النكاح إن شاء. قال تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا، يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا. فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف، والله بما تعملون خبير). ولا يطلب من المرأة بعد انقضاء العدة أي شيء تعلمه مما كانت تفعله في الجاهلية قديما. أو يعتقده بعض الناس حديثا. وبهذا كله نعلم أن ما هو شائع عند جمهرة الناس في الخليج من معتقدات حول المعتدة مما أشار الأخ السائل إلى نماذج منه. لا أصل له في الشرع. فلها أن تكلم الناس ويكلموها بالمعروف، وأن يدخل عليها محارمها وغيرهم من الرجال الثقات، مادامت محتشمة وفي غير خلوة. أما ما قيل من أنها لا تنظر في المرآة أو القمر، أو لا تلمس الملح بيدها، ولا التراب برجلها، وأنها تخرج عند انتهاء العدة لتذهب إلى البحر. فكل ذلك مما لا أصل له في دين الله، ولم يقل به إمام، ولا مذهب، ولم يفعله أحد من السلف الصالح. ولهذا نجد أكثر بلدان المسلمين لا يعرفون هذه العادات، بل لم يسمعوا بها… وفي الحديث: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد" أي باطل مردود على من عمله. وبالله التوفيق دمتم في امان الله وحفظه تحياتي للجميع
  8. تساؤلات ولنا أن نسأل هنا: لماذا يفكر رجال العلم في نقل بويضة امرأة إلى رحم امرأة أخرى؟ سيجيبون: لنوفر للمرأة المحرومة من الولد، لفقدها الرحم الصالح للحمل، ما تشتاق إليه من الأطفال عن طريق أخرى صالحة للحمل. ونود أن نقول هنا: إن الشريعة تقرر قاعدتين مهمتين تكمل إحداهما الأخرى: الأولى: إن الضرر يزال بقدر الإمكان. والثانية: إن الضرر لا يزال بالضرر. ونحن إذا طبقنا هاتين القاعدتين على الواقعة التي معنا، نجد أننا نزيل ضرر امرأة -هي المحرومة من الحمل- بضرر امرأة أخرى، هي التي تحمل وتلد، ثم لا تتمتع بثمرة حملها وولادتها وعنائها. فنحن نحل مشكلة بخلق أخرى. إن على العلم أن يتواضع ولا يحسب أن بإمكانه أن يحل كل مشكلات البشر، فإنها لا تنتهي ولن تنتهي. ولو فرض أنه حل مشكلة المرأة التي ليس لها رحم صالح، فكيف يحل مشكلة التي ليس لها مبيض صالح؟ وسؤال آخر: هل هذه هي الطريقة الوحيدة -في نظر العلم- لإزالة ضرر المرأة المحرومة من الإنجاب لعدم الرحم؟ والجواب: إن العلم الحديث نفسه بإمكانه وتطلعاته -فيما حدثني بعض الأخوة الثقات المشتغلين بالعلوم، والمطلعين على أحدث تطوراتها، وتوقعاتها، يفتح أمامنا باب الأمل لوسيلة أخرى أسلم وأفضل من الطريقة المطروحة. هذه الوسيلة هي زرع الرحم نفسه في المرأة التي عدمته، تتمة لما بدأ به العلم ونجح فيه من زرع الكلية والقرنية وغيرهما، بل زرع القلب ذاته في تجارب معروفة ومنشورة. احتمالات ولقد حصر الدكتور حتحوت الصورة المسئول عنها في امرأة ذات مبيض سليم، ولكن لا رحم لها. وهي مشوقة إلى الأولاد، راغبة في الإنجاب، كأنه بهذا يثير الشفقة عليها، ويستدر العطف من أجلها. ولكن هذا الباب إذا فتح، ما الذي يمنع أن تدخله كل ذات مال من ربات الجمال والدلال، ممن تريد أن تحافظ على رشاقتها، وأن يظل قوامها كغصن البان، لا يغير خصرها وصدرها الحمل والوضع والإرضاع. فما أيسر عليها أن تستأجر "مضيفة" تحمل لها، وتلد عنها، وترضع بدلها، وتسلم لها بعد ذلك "ولدا جاهزا" تأخذه بيضة مقشورة، ولقمة سائغة، لم يعرق لها فيه جبين، ولا تعبت لها يمين، ولا انتفض لها عرق. وصدق المثل: رب ساع لقاعد، ورب زارع لحاصد!! وإذا كان مبيض الأنثى يفرز كل شهر قمريبويضة صالحة -بعد التلقيح- ليكون منها طفل، فليت شعري ما يمنع المرأة الثرية أو زوجة الثري أن تنجب في كل شهر طفلا مادام الإنجاب لا يكلفها حملا ولا يجشمها ولادة!! ومعنى هذا أن المرأة الغنية تستطيع أن تكون أما لأثنى عشر ولدا في كل سنة، مادامت الأمومة هينة لينة لا تكلف أكثر من إنتاج البويضة، والبركة في "الحاضنات" أو "المضيفات" الفقيرات اللائى يقمن بدور الأمومة ومتاعبها لقاء دريهمات معدودة. ويستطيع الرجل الثري أيضا أن يكون له جيش من الأولاد بعد أن يتزوج من النساء مثنى وثلاث ورباع، يمكن لكل واحدة أن تنجب حوالي 500 خمسمائة من البنين والبنات بعدد ما تنتج من البويضات، طوال مدة تبلغ أو تتجاوز الأربعين عاما من سن البلوغ إلى سن اليأس. والنتيجة من وراء هذا البحث أن الشريعة لا ترتاح إلى ما سمي "شتل الجنين" لما ذكرنا من آثار ضارة تترتب عليه، فهو أمر مرفوض شرعا، ممنوع فقها. ضوابط وأحكام بقي أن نبين الحكم فيما إذا سار العلم إلى نهاية الشوط ووقع هذا الأمر بالفعل، ولم يبال رجال العلم بمخالفة ذلك للشرائع والأخلاق. وهنا نستطيع أن نضع الضوابط والأحكام: للتقليل من ضرره والتخفيف من شره: يجب أن تكون "الحاضنة" امرأة ذات زوج، إذ لا يجوز أن تعرض الأبكار والأيامى للحمل بغير زواج، لما في ذلك من شبهة الفساد. يجب أن يتم ذلك بإذن الزوج، لأن ذلك سيفوت عليه حقوقا ومصالح كثيرة، نتيجة الحمل والوضع، وإذا كان الحديث ينهى المرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها، فكيف بحمل يشغل المرأة تسعة أشهر ونفاس قد يستغرق أربعين يوما؟ يجب أن تستوفي المرأة الحاضنة العدة من زوجها، خشية أن يكون برحمها بويضة ملقحة، فلا بد أن تضمن براءة رحمها، منعا لاختلاط الأنساب. نفقة المرأة الحاضنة وعلاجها ورعايتها، طوال مدة الحمل والنفاس، على أب الطفل ملقح البويضة -أو وليه من بعده، لأنها تغذيه من دمها، فلا بد أن تعوض عما تفقد، وقد قال تعالى في شأن المطلقات: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) وقال في شأن المرضعات: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) -يعني الأب- ثم قال: (وعلى الوارث مثل ذلك). جميع أحكام الرضاعة وآثارها تثبت هنا من باب قياس الأولى، لأن هذا إرضاع وزيادة، إلا فيما يتعلق بزوج المرأة الحاضنة، فهناك في الرضاع يعتبر أبا لمن أرضعته أمه إذا كان اللبن من قبله، لأن التغيرات التي تحدث بجسم المرأة أثناء الحمل، وبعد الوضع من إدرار اللبن ونحوه بسبب الولد أو الجنين الذي كان لماء الرجل دخل أساسي في تكوينه. أما زوج المرأة الحاضنة أو المضيفة فليس له أي علاقة بالجنين أو الوليد. إن من حق هذه الأم الحاضنة أن ترضع وليدها إن تمسكت بذلك، فإن ترك اللبن في ثديها دون امتصاص قد يضرها جسميا، كما يضرها نفسيا، وليس من مصلحة الطفل أن يجري الله له الحليب في صدر أمه، ثم يترك عمدا ليغذى بالحليب الصناعي… وقد جعل الله الرضاع مرتبطا بالولادة فقال: (والوالدات يرضعن أولادهن). في رأيي أن هذه الأمومة -إن حدثت- يجب أن تكون لها مزايا فوق أمومة الرضاع. ومن ذلك إيجاب نفقة هذه الأم على وليدها إذا كان قادرا واحتاجت هي إلى النفقة. قضية اختيار الجنس أما قضية اختيار جنس الجنين، من ذكورة وأنوثة، فهي تصدم الحس الديني لأول وهلة وذلك لأمرين: الأول: أن علم ما في الأرحام للخالق سبحانه، لا للخلق. قال تعالى: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد) وهو من الخمسة التي هي مفاتح الغيب المذكورة في آخر سورة لقمان (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام) فكيف يدعي بشر أنه يعلم جنس الجنين ويتحكم فيه؟ الثاني: أن ادعاء التحكم في جنس الجنين تطاول على مشيئة الله تعالى، التي وزعت الجنسين بحكمة ومقدار، وحفظت التوازن بينهما على تطاول الدهور، واعتبر ذلك دليلا من أدلة وجود الله تعالى وعنايته بخلقه وحسن تدبيره لملكه. يقول تعالى: (لله ملك السماوات والأرض، يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثا، ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما، إنه عليم قدير). ولكن لماذا لا يفسر علم ما في الأرحام بالعلم التفصيلي لكل ما يتعلق بها؟ فالله يعلم عن الجنين: أيعيش أم يموت؟ وإذا نزل حيا: أيكون ذكيا أم غبيا، ضعيفا أم قويا، سعيدا أم شقيا؟ أما البشر فأقصى ما يعلمون: أنه ذكر أو أنثى. وكذلك يفسر عمل الإنسان في اختيار الجنس: أنه لا يخرج عن المشيئة الإلهية، بل هو تنفيذ لها. فالإنسان يفعل بقدرة الله، ويشاء بمشيئة الله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله). وفي ضوء هذا التفسير، قد يرخص الدين في عملية اختيار الجنس، ولكنها يجب أن تكون رخصة للضرورة أو الحاجة المنزلة منزلة الضرورة، وإن كان الأسلم والأولى تركها لمشيئة الله وحكمته (وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة). إلى الأعلى تغيير المزاج بقي ما يقال من محاولة تغيير المزاج، والتحكم في انفعالات الإنسان ونزوعه عن طريق العقاقير والأغذية ونحوها. والحس الديني السليم يرفض هذا الوضع أيضا، لأنه يخرج بالإنسان عن طبيعته المميزة الحاكمة المختارة. ولهذا حرم الدين المسكرات والمخدرات، كما أن في ذلك تغييرا لخلق الله لم تدفع إليه ضرورة ولا حاجة. وكل تغيير لخلق الله حرام بنص القرآن والسنة. قال تعالى في بيان وظيفة الشيطان مع الإنسان: (ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام، ولآمرنهم فليغيرن خلق الله، ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا). وإذا كان الحديث النبوي قد حرم التغيير الحسي الضئيل لخلق الله تعالى، في مثل وشم الجلد، أو نمص الحواجب، أو وصل الشعر، أو فلج الأسنان، فلعن الواشمة والمستوشمة. والنامصة والمتنمصة، والواصلة والمستوصلة، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله، فكيف بتغيير أعمق وأخطر، وهو تغيير المزاج النفسي للإنسان؟ إن استعمال مثل هذا التغيير لعلاج المريض لا بأس به، من باب الضرورة، وهي تقدر بقدرها، أما استخدامه في التأثير على السليم، فهو جناية على فطرة الله بصنع الإنسان. وقد قال تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله). وقد يطرح هنا سؤال، وهو: ما إذا استطاع العلم، بواسطة عقاقير ومواد معينة أن يغير من مزاج الإنسان: هل يبقى الإنسان مسئولا عن أعماله، بحيث يمدح بحسنها ويثاب عليه، ويذم بقبيحها ويعاقب عليه؟ أم انتفت مسئوليته بهذه المؤثرات، فلا فضل له إذا تعفف عن شهوة أو حلم عند غضب، ولا عقاب عليه إذا غضب وهاج فضرب أو قتل؟! والحق: أن المسئولية لا تنتفي عن الإنسان مادام واعيا مريدا لما يفعله، فإذا انتفى الوعي والإدراك، أو القصد والإرادة أو كلاهما، فقد انتفت عنه المسئولية، وإذا انتفى قدر منهما وبقي قدر فهو مسئول بقدر ما بقي عنده من الوعي والإرادة. ولهذا جاء في الحديث: "لا طلاق ولا إغلاق" فسر بعضه الإغلاق بالغضب، وبعضهم بالإكراه، وهما من باب واحد، وهو: أن ينغلق على الإنسان تصوره وقصده. وإذا انتفى عن الإنسان وعيه وإرادته بسبب منه وباختياره، فشأنه شأن السكران، والكلام فيه وفي مسئوليته عن أقواله وأعماله طويل الذيول. والذي أراه أن هذه المؤثرات الصناعية مهما بلغت لن يكون أثرها أقوى من تأثير الوراثة والبيئة في سلوك الإنسان. ومع هذا لم يعف من المسئولية. فقد يرث الإنسان من أبويه أو أسرته حدة المزاج، بحيث يغضب لأتفه الأسباب، ويثور كالجمل الهائج لأدنى شيء أو لغير شيء، على حين يرث إنسان آخر طبيعة هادئة، فتنهد الدنيا من حوله وهو لا يحرك ساكنا كأن أعصابه في ثلاجة كما يقولون. ومع هذا يذم الأول على شدة غضبه، ويحاسب على نتائجه، ولا تعفيه الوراثة من المسئولية. كما أن الثاني يمدح بهدوئه وحلمه، وقد يذم أحيانا إذا اعتدى على حريمه أو انتهكت حرمات الله وهو ساكن. وقد قيل: من استغضب ولم يغضب فهو حمار! ومثل ذلك تأثير البيئة الأسرية والاجتماعية في اتجاه الإنسان وسلوكه. حتى جاء في الحديث الصحيح: "كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" ومع هذا لا يعفى اليهودي أو النصراني أو المجوسي من مسئوليته عن اختيار الدين الحق، إذ ما زال له قدر من الوعي والإرادة كاف للاختيار والترجيح. ومن ثم قال المحققون من علماء المسلمين: إن إيمان المسلم المقلد لا يقبل، إذ لا إيمان بغير برهان. كلمة أخيرة أوجهها لرجال العلم، هي أن يجعلوا أكبر همهم الاشتغال بما يحل مشكلات الإنسانية الكثيرة، ويخفف عن الناس متاعب الفقر والجوع الذي هلك به ألوف من الناس في عالمنا، ويعالج الكثير من الأمراض التي لا زال البشر يشكون منها ولا يجدون لها دواء. وبالله التوفيق
  9. ضوابط المزاج من قديم حاول الناس الحصول على ما يغير من حالاتهم الفكرية والمزاجية، وفي هذا السبيل اهتدوا إلى الخمر والحشيش والأفيون والمنزول والقات وغيرها مما نعرف وما لا نعرف… ودخل ذلك في حوزة البحث العلمي فتوالت عقاقير تعالج به التشنجات أو القلق أو الاكتئاب، ومن سنوات ظهرت نظرية ترد مرض الفصام (ازدواج الشخصية) إلى مسببات كيميائية وتعالجه على هذا الأساس. ولقد اهتدى العلم إلى أن أحوال الناس من رضى أو غضب وثورة أو خنوع وحماس أو خمول إنما يرجع إلى تغيير كيمياء الدورة الدموية لنشاط بعض الغدد في صب إفرازاتها إليها. وتلت ذلك سلسلة من التعرف على هذه الإفرازات واستنباط العقاقير الكيميائية التي تدخل في الجسم فتحدث أثرها المطلوب. وإذا كان لهذا التقدم أثره الحميد في السيطرة على طائفة من الأمراض العصبية، فإن للمسألة وجها آخر أصبح محل الاهتمام بصورة متزايدة وكان مبعث هذا الاهتمام احتمالات استعمال هذه العقاقير على السليم لا المريض. إن مناط مسئولية الإنسان هو قدرته على التمييز والاختيار الحر.. ولقد تعتمل في نفسه عوامل وتضطرم مشاعر وتثور غرائز فإذا هو مطالب بأن يملك زمام نفسه فيفعل الخير ويمتنع عن الشر. فماذا لو اختلت هذه القاعدة وأصبحت المواد الكيميائية هي التي تصنع للإنسان مزاجه أو شعوره أو إرادته. ماذا لو كانت العفة دائما عفة العاجز، والصبر دائما صبر الضعيف. وماذا لو كانت الشراسة أو النزق آثارا فارماكولوجية وليست سمات أخلاقية. يتحدثون بأن المستقبل غير البعيد سيشهد تفريق المظاهرات أو منعها باستعمال قنابل الغاز الملين للعريكة لا المسيل للدموع.. وبإمكان خلط الخبز أو الماء بمواد تبعث على الدعة والسكينة وتمنع الغضب ولو للحق. وهل يستطيع حاكم أو نظام أن يضمن شراسة جنده ووداعة شعبه بهذه الوسيلة؟ هذا عدا ما هو الآن مدرج في قائمة أسلحة الحرب البيولوجية من غازات أو إشعاعات تؤدي إلى سلب الإرادة وشلل الفكر.. ويتقدم العلم ويتقدم… ومهما تقدم يظل قول الله قائما: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها). إلى الإجابة ج : وقد بعث إلينا سكرتير تحرير مجلة "العربي" الأستاذ فهمي هويدي يسألنا الإجابة في ضوء الأدلة الشرعية عما أثاره الدكتور حتحوت. فأجبناه بما يلي: لا ريب أن القضايا التي أثارها الصديق الطبيب العالم الأديب الدكتور حسان حتحوت وطلب فيها رأي الفقه -قضايا خطيرة تستحق الاهتمام من المشتغلين بفقه الشريعة وبيان أحكامها، وخصوصا إذا كانت في حيز الإمكان القريب، كما يؤكد د.حتحوت. وإن كان من فقهاء السلف رضي الله عنهم من جعل نهجه رفض الإجابة عما لم يقع بالفعل من الحوادث المسئول عنها، حتى لا يجري الناس وراء الافتراضات المتخيلة، مما لا يقع مثله إلا شاذا، بدل أن يعيشوا في الواقع، ويبحثوا عن علاج لأدوائه. فعن ابن عمر قال: لا تسألوا عما لم يكن: فإني سمعت عمر يلعن من سأل عما لم يكن. وكان بعضهم يقول للسائل عن أمر: أوقد وقع؟ فإن وقع أجابه. وإلا قال له: إذا وقع فاسأل. وكانوا يسمون من سأل عما لم يقع: "أرأيتيا" نسبة إلى قوله: "أرأيت لو كان كذا وحدث كذا" الخ.. قال الشعبي إمام الكوفة في عصر التابعين: والله لقد بغض هؤلاء القوم إلي المسجد. قلت: من هم يا أبا عمر؟ قال: الأرأيتيون. وقال: ما كلمة أبغض إلي من "أرأيت"؟! ويمكننا أن نقتدي بهؤلاء الأئمة، ونقول للدكتور حسان حتحوت: دع الأمر حتى يقع بالفعل، فإذا حدث أجبنا عنه، ولا نتعجل البلاء قبل وقوعه. وما يدرينا؟ لعل عقبات لم يحسب العلماء حسابها، أو قدروا في أنفسهم التغلب عليها. تقف في طريقهم، فلا يستطيعون تنفيذ ما جربوه في بعض الحيوان على نوع الإنسان. ولكنا -مع هذا- نحاول الجواب لأمرين: الأول: إن موجه السؤال يعتقد أن الأمر وشيك الوقوع، وليس من قبيل الفروض المتخيلة التي كان يسأل عن مثلها "الأرأيتيون" فلا بد أن نتهيأ لبيان حكم الشرع فيما يترتب عليها من آثار لم يسبق لها نظير في الحياة الإسلامية، بل الإنسانية. الثاني: إن السؤال فيما أرى يتضمن أيضا فيما يتضمن بحث مشروعية هذه الأعمال المطروحة للاستفتاء: أتدخل في باب الجائز أم المحظور؛ وهذا غير السؤال الأول. إلى الأعلى شتل الجنين أما ما سماه الدكتور حتحوت "شتل الجنين" فهو قضية غاية الغرابة والإثارة. وهي تختلف عما كان يسأل عنه من قبل من "التلقيح الصناعي" الذي تلقح فيه بويضة امرأة بحيوان منوي من رجل غير زوجها، وهذا حرام بيقين لأنه يلتقي مع الزنى في اتجاه واحد، حيث يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وإقحام عنصر دخيل على الأسرة أجنبي عنها، مع اعتباره منها نسبا ومعاملة وميراثا، وإذا كان الإسلام قد حرم التبني ولعن من انتسب إلى غير أبيه، فأحرى به أن يحرم التلقيح المذكور، لأنه أشد شبها بالزنى. أما قضية "الشتل" المسئول عنها هنا فليس فيها خلط أنساب، لأن البويضة ملقحة بماء الزوج نفسه، ولكنها تترتب عليها أمور أخرى هي غاية في الخطورة من الناحية الإنسانية والأخلاقية. وإذا كنا نبحث أولا عن مشروعية هذا الأمر من الوجهة الدينية، قبل أن نبحث عن أحكامه إذا حدث بالفعل، فالذي أراه -بعد طول تأمل ونظر- أن الفقه الإسلامي لا يرحب بهذا الأمر المبتدع. ولا يطمئن إليه، ولا يرضى عن نتائجه وآثاره، بل يعمل على منعه إفساد لمعنى الأمومةوأول هذه النتائج وأبرزها: أنه يفسد معنى الأمومة كما فطرها الله، وكما عرفها الناس. هذا المعنى الذي ليس في الحياة أجمل ولا أنبل منه.فالأم الحقيقية في التصور المعروض للسؤال، هي صاحبة البويضة الملقحة، التي منها يتكون الجنين، هي التي ينسب إليها الطفل، وهي الأحق بحضانته، وهي التي تناط بها جميع أحكام الأمومة وحقوقها من الحرمة والبر والنفقة والميراث وغيرها.وكل دور هذه الأم في صلتها بالطفل أنها أنتجت يوما ما بويضة أفرزتها بغير اختيارها، وبغير مكابدة ولا مشقة عانتها في إفرازها.أما المرأة التي حملت الجنين في أحشائها وغذته من دم قلبها أشهرا طوالا، حتى غدا بضعة منها، وجزءا من كيانها، واحتملت في ذلك مشقات الحمل، وأوجاع الوحم، وآلام الوضع، ومتاعب النفاس، فهذه مجرد "مضيفة" أو "حاضنة" تحمل وتتألم وتلد، فتأتي صاحبة البويضة، فتنتزع مولودها من بين يديها، دون مراعاة لما عانته من آلام، وما تكون لديها من مشاعر، كأنها مجرد "أنبوب" من الأنابيب، التي تحدثوا عنها برهة من الزمان، لا إنسان ذو عواطف وأحاسيس.حقيقة الأمومةوإن من حقنا -ومن حق كل باحث عن الحقيقة- أن يسأل معنا هنا عن ماهية الأمومة التي عظمتها كتب السماء، ونوه بها الحكماء والعلماء، وتغنى بها الأدباء والشعراء، وناطت بها الشرائع أحكاما وحقوقا عديدة. فالأمومة التي هي أرقى عواطف البشر وأخلدها وأبقاها.وهل تتكون هذه الأمومة الشريفة من مجرد بويضة أفرزها مبيض أنثى ولقحها حيوان منوي من رجل.إن الذي يثبته الدين والعلم والواقع، أن هذه الأمومة إنما تتكون مقوماتها، وتستكمل خصائصها، من شيء آخر بعد إنتاج البويضة حاملة عوامل الوراثة، إنه المعاناة والمعايشة للحمل أو الجنين، تسعة أشهر كاملة يتغير فيها كيان المرأة البدني كله تغيرا يقلب نظام حياتها رأسا على عقب، ويحرمها لذة الطعام والشراب والراحة والهدوء. إنه الوحم والغثيان والوهن طوال مدة الحمل. وهو التوتر والقلق والوجع والتأوه والطلق عند الولادة. وهو الضعف والتعب والهبوط بعد الولادة. إن هذه الصحبة الطويلة -المؤلمة المحببة- للجنين بالجسم والنفس والأعصاب والمشاعر. هي التي تولد الأمومة وتفجر نبعها السخي الفياض بالحنو والعطف والحب.هذا هو جوهر الأمومة. بذل وعطاء، وصبر واحتمال، ومكابدة ومعاناة.ولولا هذه المكابدة والمعاناة، ما كان للأمومة فضلها وامتيازها، وما كان ثمة معنى لاعتبار حق الأم أوكد من حق الأب.إن أعباء الحمل، ومتاعب الوضع، هي التي جعلت للأمومة فضلا أي فضل، وحقا أي حق، وهي التي نوه بها القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وحسبنا أن نقرأ في كتاب الله (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا، حملته أمه كرها ووضعته كرها، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)، (ووصينا الإنسان بوالديه، حملته أمه وهنا على وهن، وفصاله في عامين).ومعنى "وهنا على وهن": أي جهدا على جهد، ومشقة على مشقة، مما يؤدي بها من ضعف إلى ضعف.وهذه المعاناة التي تتحمل الأم آلامها وأوصابها راضية قريرة العين، هي السر وراء تأكيد القرآن على حق الأم ومكانتها وأوردها فيما ذكرنا من آيات، وهي السر كذلك وراء تكرار الرسول صلى الله عليه وسلم الوصية بها، وتأكيد الأمر ببرها، وتحريم عقوقها، وجعل الجنة تحت أقدامها، من مثل: "إن الله يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بآبائكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب".وفي الحديث المشهور في إجابة من سأل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك … ثم أمك… ثم أمك… ثم أبوك".وفي مسند البزار: إن رجلا كان في الطواف حاملا أمه يطوف بها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل أديت حقها؟ فقال: "ولا بزفرة واحدة -أي من زفرات الطلق والولادة". فإذا كانت الأم لم تتحمل أي شيء من هذه المخاطر والأوجاع والزفرات فما فضل أمومتها؟ ومن أين تستحق كل ما جاءت به الوصايا النبوية من زيادة برها؟الأم هي الوالدةولا شك أن خير وصف يعبر عن الأم وعن حقيقة صلتها بطفلها في لغة العرب هو "الوالدة" وسمى الأب "الوالد" مشاكلة للأم، وسميا معا "الوالدين" على سبيل التغليب للأم الوالدة الحقيقية، أما الأب فهو في الحقيقة لم يلد، إنما ولدت امرأته. وعلى هذا الأساس سمي ابن المرأة "ولدا" لها، لأنها ولدته، وولدا لأبيه كذلك لأنها ولدته له.فالولادة إذن أمر مهم، شعر بأهميته واضعو اللغة، وجعلوه محور التعبير عن الأمومة والأبوة والبنوة.وما لنا نذهب بعيدا. وهذا هو القرآن الكريم يحصر حقيقة الأمومة في الولادة بنص حاسم، فيقول في تخطئة المظاهرين من نسائهم: (ما هن بأمهاتهم، إن أمهاتهم إلا اللائى ولدنهم).بهذا الأسلوب الجازم الحاصر، حدد القرآن معنى الأمومة: (إن أمهاتهم إلا اللائى ولدنهم). فلا أم في حكم القرآن إلا التي ولدت.والخلاصة أن الأم التي لا تحمل ولا تلد كيف تسمى "أما" أو "والدة"؟ وكيف تتمتع بمزايا الأمومة دون أن تحمل أعباء الأمومة؟وأستطيع أن أضرب هنا مثلا بارزا للعيان يوضح موقف الشرع من الأم الحقيقية.لماذا كانت الأم أحق بالحضانةروى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وإن أباه طلقني وزعم أنه ينتزعه مني! فقال صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تنكحي" (أي تتزوجي).وهكذا أعطى الشرع حق الحضانة للأم وقدمها على الأب. وجعلها أحق بطفلها منه، لما ذكرته هذه المرأة الشاكية من أسباب وحيثيات تجعلها أحنى على الطفل وأرفق به وأصبر على حضانته من أبيه، فقد صبرت على ما هو أشد وأقسى من الحضانة، حين حملته كرها ووضعته كرها.فما تقول هذه الأم المستحدثة إذا اختلفت مع زوجها في أمر حضانة الولد؛ وبأي منطق تستحقه وتقدم على أبيه، ولم يكن بطنها له وعاء، ولا ثديها له سقاء؟إن قالت: إنها صاحبة البويضة التي منها خلق، فالأب كذلك صاحب الحيوان المنوي الذي لولاه ما صلحت البويضة لشيء، بل لعله هو العنصر الإيجابي النشيط المتحرك في هذه العملية، حتى إن القرآن نسب تكوين الإنسان إليه في قوله تعالى: (فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب) فالماء الدافق هنا هو ماء الرجل
  10. قضايا علمية تنتظر أحكامها الشرعية : س: ما رأي الفقه في عمليات شتل الجنين، واختيار جنس المولود والنتائج التي يمكن أن تسفر عنها تجارب ضبط المزاج ؟نشرت مجلة "العربي" مقالا للدكتور حسان حتحوت تحت العنوان المذكور يقول فيه:"كان الواحد من العلماء في مطالع الحضارة الإسلامية آخذا في شتى فروع المعرفة بنصيب وافر، فكان منهم الفرد ينبغ في الطب والكيمياء والطبيعة والموسيقى نبوغه في الفقه وعلوم القرآن واللغة، استجابة لنداء هذا الدين الذي ينتظم شئون الحياة الروحية والمادية جميعا، ويحض على النظر في النفس والكون لاستجلاء سنن الله في كونه، تلك التي تعرف حديثا بالنواميس أو القوانين العلمية.والآن وقد تقدم العلم وتشعبت فروعه إلى أقسام وتخصصات هي من الاتساع والتباعد بحيث يستحيل أن يلم بها عقل واحد، أصبح لا مناص لنا إن أردنا أن نتبين أحكام ديننا فيما يستحدث من أمور دنيانا، من أن تتضافر جهود علمائنا المتخصصين في العلوم الكونية والشرعية للوصول معا بالاجتهاد المخلص والمبصر إلى رأي الشرع في مسائل لم تكن من قبل ولم تكن لها سوابق ولا نظائر. وإذا كان الشافعي صاحب المذهب قد قال: (تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور) فمن الحق أن نقول كذلك: (تحدث للناس أقضية بقد ما بلغ من العلم من آفاق وما حقق من إمكانات).وأود أن أعرض على سبيل المثال لا الحصر نماذج من الإنجازات التي أصبح العلم على مشارفها وبلغ القدر الذي يسمح أن نقول: أن دخولها إلى حيز الواقع معقول وفي زمن غير بعيد. ولا أتصدى للرأي الشرعي فهذا اختصاص آخر، وإنما أسوقها لأضع تحت بصر القارئ الفقيه لمحة مما يحدث على الجبهات المتقدمة للعلم.إلى الإجابةشتل الجنينواخترت هذا الاسم لأفرق بينه وبين ما تناقلته الصحف من سنوات عن جنين أنبوب الاختبار وما صحب ذلك من تهاويل فهذا موضوع آخر. ولتبيان موضوعنا أذكر القارئ بأن أول تكوين الجنين هو التحام خلية من الرجل هي الحيوان المنوي بخلية من الأنثى هي البويضة التي تخرج من أحد المبيضين فيتلقفها أنبوب (أيمن أو أيسر) واصل إلى الرحم وتنغرس في بطانته وتشرع في الانقسام بغير توقف إلى ملايين الخلايا التي تعطي الجنين الكامل الذي يولد طفلا. فالجنين إذن التحام نصفين نصف آت من الخصية ونصف آت من المبيض. أما الرحم فمستودع ومستزرع وحاضن يفي بالغذاء والنماء.نذكر بعد ذلك نموذجا لمرض خلقي.. تكون فيه المرأة ذات مبيضين ولكنها غير ذات رحم.. وتفرز كل شهر بويضة ولكنها تهدر لأن غياب الرحم معناه الحيلولة بين المنى وبين البويضة وكذلك غياب الحاضن الطبيعي منذ تكونه من التحام خليتين حتى استوائه في أواخر الحمل.والبحث الجاري الآن ينصب على شفط البويضة من مبيضها خلال منظار يخترق جدار البطن (وقد تمت هذه الخطوة)، ثم تلقيح هذه البويضة بمنوى من الزوج يلتحم بها ليكونا بيضة تشرع في الانقسام إلى عديد من الخلايا (وقد تمت هذه الخطوة أيضا) ثم إيداع هذه الكتلة من الخلايا أي الجنين الباكر رحم امرأة أخرى بعد إعداده هرمونيا لاستقبال جنين.. فيكمل الجنين نماءه في رحم هذه السيدة المضيفة حتى تلده وتسلمه لوالديه اللذين منهما تكون.هذه الخطوة لم تتم بعد ولكنها بلغت درجة الممكن. وقد تمت بنجاح في الحيوانات بل وعلى درجتين، إذ تم استخراج أجنة نعاج في بريطانيا وإيداعها رحم أرنبة حملت بالطائرة لجنوب أفريقيا حيث استخرجت مرة أخرى وأودعت أرحام نعاج من فصيلة أخرى حضنتها حتى ولدتها على هيئة سلالتها الأصلية.قد عرفنا الأم في الرضاع وأحكام الأخوة في الرضاع.. والآن أدركنا أن للمرء بأمه صلتين صلة تكوين ووراثة أصلها المبيض وصلة حمل وحضانة أصلها الرحم. وحتى الآن كانت صلة الرحم تطلق مجازا على الجميع.. ولكن ماذا إذا انشعبت النسبتان فكان التكوين من امرأة والحضانة في أخرى.. وأين تقف صلة الرحم من بنوة المبيض.. وما حقوق هذه الحاضن وماذا يترتب على ذلك من أحكام؟إلى الإجابةاختيار جنس الجنينهناك نوعان من كروموزومات الجنس.. أما الذي في بويضة المرأة فهو دائما من النوع المسمى X.. وأما منويات الرجل فبعضها يحمل X والآخر يحمل Y.. وكلاهما موجود بأعداد وفيرة مختلطين في القذيفة المنوية الواحدة.. فإن قدر أن يلقح البويضة منوي يحمل X كان كروموزوما الجنس في الجنين الناتج Xx وهذا الجنين أنثى.. وإلا فهما Xy وهذا الجنين ذكر..دار البحث ولا يزال عما تختلف فيه المنويات حاملة X عن تلك حاملة Y من خصال.. وثبت أنهما يختلفان في الكتلة وفي سرعة الحركة وفي الأثر الكهربي وفي القدرة على اقتحام وسط لزج واجتيازه وفي درجة نشاطها باختلاف التفاعل الكيميائي للبيئة المحيطة.. واستخدمت هذه الفروق في إتاحة الفرصة لأحدهما دون الآخر في أن يكون السابق إلى تلقيح البويضة ومن ثم اختيار جنس الجنين الناتج.وقد تم تطبيق ذلك فعلا في صناعة تربية الحيوان. حيث تتم تهيئة الظروف المرغوبة وإجراء التلقيح الصناعي للإناث والحصول على مواليد من الجنس المنشود إن لم يكن دائما فبنسبة عالية.ولم يتم ذلك في الإنسان حتى الآن.. لأسباب أهمها أن من الصعب إخضاع الطبيعة الإنسانية لظروف التجربة الحيوانية من منع عن الجنس لفترات طويلة تكتنفها تلقيحة صناعية واحدة.. ولكن أصبح في حيز الاحتمال أن يصل العلم إلى المزيد في هذا الشأن.. بل إن بعض السيدات تتحايل على ذلك بمعرفة نوع الجنين الذي في أرحامهن بشفط جزء من السائل الرحمي الذي حول الجنين وفحص ما فيه من خلايا الجنين المنفوضة، فإن لم يكن الجنين من الجنس المراد طلبن من الطبيب إجهاضه وذلك في البلاد التي تبيح الإجهاض.. على أن رأينا نحن واضح في أن الإجهاض حرام.ولكن ماذا لو تم التغلب على الصعوبات الباقية بغير إجهاض وهذا أمر محتمل؟في مهنتي أرى أم البنات تريد أن تحدد عدد أطفالها ولكنها تزيد وتزيد في انتظار الذكر المنشود. فهل إن استطاعت من البدء إنجاب الذكر أفضى ذلك إلى تقليل التناسل؟وهل يجنح الأغنياء إلى إنجاب الذكور حرصا على الثروة أن تخرج من الأسرة إن ورثت البنت وانضمت بما تملك إلى زوج غريب يحمل أولاده منها اسمه واسم أسرته ثم يؤول إليهم أملاك أمهم بالوراثة؟أو أن الإنسان إن حاول أن يأخذ على عاتقه مهمة الطبيعة الحكيمة بعيدة النظر في توزيع الجنس آل به الأمر إلى أن يفسد حيث ظن أنه يصلح كما فعل من قبل وهو يعبث بالتوازن الحيوي على هذه الأرض؟إلى الإجابة يتبع
  11. من المسئول؟ : س:: أنا سيدة متزوجة وأم لطفلين وزوجي دائما يصحبني معه إلى الحفلات العامة، بحيث أدمنت -من كثرة ترددي على هذه الحفلات الخمر والسيجارة، وأصبحت لا أستطيع تركها أبدا، فأحببت أن أسألك: هل يقع الإثم علي شخصيا أم على زوجي، لأنه هو الذي يصحبني إلى الحرام، وإذا لم أطعه يضربني؟ أرجو إرشادي. ج : مأساة أي مأساة أن يصبح المجتمع المسلم، في هذا المستوى، ويخور رجاله ونساؤه إلى هذا الدرك، والإثم في هذه القضية على كل حال واقع على الطرفين، على الرجل والمرأة، الزوج والزوجة. يقع على الزوج أولا، لأنه مكلف أن يحمي أهله من النار كما قال تعالى مخاطبا جماعة المؤمنين: (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) أي أن يقيهم النار لأنه مسئول أن يجنب نفسه وأهله النار، فكما يوفر لهم القوت ليأكلوا، والكسوة ليلبسوا، والتعليم ليتثقفوا، والدواء ليعالجوا، هذه الأمور الدنيوية مطلوبة منه، هو كذلك مسئول أن يقربهم من الجنة ويباعد بينهم وبين النار، وإلا فما قيمة أن تلبس زوجتك أحسن الثياب، وتطعمها من أفضل الطعام والشراب، وتوفر لها من المتع الشيء الكثير، ثم تجرها جرا إلى جهنم -والعياذ بالله-؟ وما قيمة أن يأخذ أولادك أرقى الشهادات، أو يتسنموا أرفع المناصب ثم يكون مصيرهم جهنم؟ ما قيمة هذا كله؟ فالإنسان مطلوب منه أن يحمي نفسه وأهله من النار: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا). "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل في أهل بيته راع وهو مسئول عن رعيته" فهذا الزوج وأمثاله، كان عليه أن يقي زوجته من هذه الخبائث: من الخمر ومن الحفلات، وخاصة حفلات الاختلاط، التي يختلط فيها الرجال بالنساء، بلا حدود ولا قيود، كما هو شأن المدنية الغربية، التي قذفتنا بهذه الألوان من السلوك في حياتنا، هذه الألوان الغربية، الدخيلة على المجتمع المسلم، فهذا الزوج مسئول، لأنه بدل أن يحمي زوجته من النار، جرها إلى النار جرا… ثم الزوجة أيضا مسئولة، لأنها مكلفة، لم تفقد الأهلية، هي ليست آلة طيعة، تدار فتدور، وتحرك فتتحرك، أو بهيمة تقاد فتنقاد، لا… إنها إنسان.. لها عقل، ولها إرادة، تستطيع أن تقول: لا، خاصة في المعاصي. وفي هذه الحالة، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. هذه هي المسألة التي تذوب فيها كل السلطات، ليس لرئيس أن يجبر مرؤوسه على المعصية، كلا ففي الحديث: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة" متفق عليه. فإذا كان يأمرها بالمعصية، أو يدفعها إلى المعصية، فمن حقها -بل من واجبها أيضا- أن تقول: لا، بملء فيها. لأنه هنا تعارض حق الزوج وحق الله فإذا كان حق الزوج أن يطاع فحق الله في هذه الحالة أن ترفض المعصية، وحق الله مقدم. على أن الزوج هنا ليس له حق أصلا، لأن هذا خارج عن حقوقه.. فإذا أراد أن يصحبها إلى الحفلات المنكرة أو إلى شرب الخمر فيجب أن ترفض هذا ولو أدى ذلك إلى الطلاق، فهذه الأخت مسئولة، وإن كان الزوج أيضا مسئولا. وتستطيع على كل حال أن تراجع نفسها وأن تتوب، وأين هذا من كثير من الرسائل، التي تأتي من بعض السيدات، يشكون من فساد أزواجهن؟ الزوج الذي يسهر سهرا طويلا، ويأتي آخر الليل وهو لا يعرف يمينه من شماله، وهي تأمره بالصلاة وهو لا يصلي، وتنهاه عن المنكر، وهو لا ينتهي، ولا يزدجر… هذه هي الزوجة التي تعين زوجها على الطاعة وعلى الخير، فهذه الأخت مسئولة، وزوجها مسئول، ونرجو من الإثنين… الزوج والزوجة، أن يراجعا حسابهما مع الله، وأن يرتدعا عن مثل هذا الطريق، الذي لا يؤدي إلا إلى الخسار في الدنيا والبوار في الآخرة -والعياذ بالله
  12. حق الأم وأن قست على ولدها : س: أنا فتاة، كانت لي أم، تركتني لأبي، وكان عمري خمسة أشهر فقط، وربتني عمتي أخت أبي، وعمري الآن أربعة عشر عاما، وسمعت عن حقوق الوالدين، وأن الجنة تحت أقدام الأمهات. فهل يغضب الله علي مادامت هي -أي أمي- لا تريدني؟؟ ج : للأم فضل عظيم، وللوالدين بصفة عامة، وقد أكد الله لك الوصية بهما في كتابه، وجعل ذلك من أصول البر، التي اتفقت عليها الأديان جميعا، فوصف الله يحيى بقوله: (وبرا بوالديه، ولم يكن جبارا شقيا) وكذلك وصف عيسى على لسانه في المهد: (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا). وكذلك جاء القرآن فجعل الأمر ببر الوالدين بعد عبادة الله وحده، بعد التوحيد… (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) (أن اشكر لي ولوالديك) (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا). وبخاصة الأم، فهي التي حملت الإنسان كرها ووضعته كرها، وتعبت في حمله وتعبت في وضعه، وتعبت في إرضاعه، ولذلك وصى النبي بها ثلاث مرات، وبالأب مرة واحدة. فحتى هذه الأم التي لم ترحم طفلتها، والتي تركتها منذ صغرها، حتى هذه لها حق… حق الأمومة، فالأم هي الأم، ولن يصير الدم ماء -كما يقول الناس-. والقرآن جعل للوالدين المشركين حقا، قالت أسماء بنت أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي زارتني وهي مشركة، أفأصلها؟ فنزل قول الله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين) وقال تعالى في سورة لقمان في الوالدين اللذين يجاهدان ويحاولان كل المحاولة لتكفير ولدهما وجعله مشركا بدل كونه مؤمنا… يقول الله عز وجل: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا). فهذا ما جاء به الإسلام، أن يكون الإنسان بارا بأبويه، وإن جارا عليه، وإن ظلماه… وإن جفواه… وهذا هو شأن مكارم الأخلاق: أن تصل من قطعك، وتبذل لمن منعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتحسن إلى من أساء إليك. هذا في الناس عامة، فكيف في ذوي الأرحام؟ فكيف بالوالدين؟ فكيف بالأم التي جعل الله الجنة تحت أقدامها؟ إننا نوصي الأخت السائلة، نوصيها أن تبر أمها، وأن تكون ذات فضل، وإحسان، ولا تتبع الوساوس، فلعل الله يصل ما انقطع من حبال المودة، والأم هي الأم على كل حال. ولعل هذه الأم كانت لها ظروف خاصة لا تدركها الآن، وربما تدركها في المستقبل. وعاطفة الأمومة لا تحتاج إلى تقرير ولا إلى وصية… والإسلام حين وصى… إنما وصى الأولاد بوالديهم، ولم يوص الآباء ولا الأمهات… لأنهم ليسوا في حاجة إلى وصية، وخاصة الأم فإن قلبها مطبوع بالحنان، فإذا خرجت أم ما عن هذا الأمر، فلا بد أن يكون هناك فعلا من البواعث والدواعي العنيفة ما جعلتها تسلك هذا السلوك الشاذ… ولعل الفتاة حين تشب عن الطوق، تدرك الظروف التي جعلت أمها تسلك هذا السلوك الغريب
  13. مقابلة المرأة المطلقة : س: هل يجوز للمرأة المطلقة أن تتقابل مع من طلقها بعد الطلاق لأغراض شريفة؟ ج : حين تطلق المرأة من زوجها وتنتهي عدتها منه يصبح زوجها بعد ذلك أجنبيا عنها، كأي رجل أجنبي تماما، فشأنه شأن الأجانب، يجوز أن تلقاه، ولكن في غير خلوة، إن الخلوة محرمة في الإسلام، وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، فإذا امتنعت الخلوة، قابلته كما تقابل أي رجل من الرجال بالحدود المشروعة وبالآداب الدينية والملابس الشرعية، وأمام الناس، دون خلوة، ودون تبرج، ودون شيء محرم. هذا إذا كان بعد انقضاء العدة، أما في حالة العدة وكانت مطلقة رجعية، الطلقة الأولى، أو الطلقة الثانية، فإن لها أن تقابله، بل إن عليها وعليه أن تبقى في بيت الزوجية ولا تخرج منه كما يفعل الكثيرات الآن حين يطلقها زوجها، وتغضب منه، تذهب إلى بيت أبيها، لا، القرآن يقول: (يأيها النبي إذا طلقتم النساء، فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة، واتقوا الله ربكم، لا تخرجوهن من بيوتهن، ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) إذا بقيت المرأة في بيتها بنص القرآن، أي بيت الزوجية، فلعل قلب الرجل يصفو ويميل ويحن إليها من جديد، وتعود العلاقة على خير مما كانت… فلا يجوز في حالة الطلاق الرجعي أن تخرج المرأة ولا يخرجها زوجها من بيتها الذي هو بيت الزوجية.
  14. - الحلف بالطلاق: هل يقع؟ : س: في لحظة "زعل" حلفت بالطلاق على زوجتي، على أن تبقى في البيت، كذا يوم، وألا تخرج وقد قلت حرفيا "علي الطلاق ما أنت خارجة لغاية يوم العيد" وكنت أقصد أن أؤدبها بهذا العمل، فما هو حكم الإسلام في ذلك، وهناك أمور هامة أريدها أن تخرج لها، فلو خرجت، هل يقع علي الطلاق في هذه الحالة؟ وما رأي فضيلتكم في هذا الموضوع؟ ج : لقد أخطأت في هذا الحلف، فالحلف في الإسلام ليس بالطلاق، لم يجعل الطلاق ليكون يمينا، إنما الحلف واليمين بالله عز وجل، ولهذا جاء في الحديث: "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر" فأما أن يجعل الطلاق يمينا يحلف به فهذا شيء لم يرده الإسلام فإنما جعل الطلاق علاجا للأسرة حين تتفكك الروابط بين الزوجين، ولا يجدي وعظ ولا هجر ولا تأديب ولا تدخل الحكمين في إصلاح ما بين رجل الأسرة وامرأته، حين ذلك، يلجأ إلى الطلاق باعتباره الوسيلة الأخيرة -أو آخر العلاج، فإن لم يكن وفاق ففراق، (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) أما جعل الطلاق يمينا فهذا هو المحظور، وهو طرق، وإذا كان حراما، فهل يقع أو لا يقع؟ اختلف الفقهاء من السلف في ذلك، وأكثر الفقهاء وخاصة الأئمة الأربعة يرون وقوع الطلاق بمثل هذا، ويرون وقوع الطلاق بالحلف، وبمثل هذه الألفاظ، هذا هو المشهور في المذاهب، وخاصة عند المتأخرين، وجاء بعض الأئمة فقالوا: إن الطلاق بمثل هذا لا يقع، لأن الله لم يشرع الطلاق بمثل هذه الألفاظ ولم يشرع الطلاق بمثل هذه الأيمان فإذا كان الطلاق يراد منه الحمل على شيء أو المنع من شيء فقد خرج عن قصد الطلاق وعن طبيعة الطلاق وأصبح يمينا، فاليمين بالطلاق يرى بعض الأئمة لا يقع أبدا ولا شيء فيه، وبعضهم كالإمام ابن تيمية يرى أن فيه كفارة يمين إذا وقع، أي أنه بمثل هذه الحالة ناب الطلاق عن القسم بالله عز وجل، فإذا وقع ما حلف عليه كأن خرجت المرأة في مثل سؤال السائل، فإن عليه كفارة يمين، أي يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وهذا ما أرجحه، وما أفتي به، أي إذا كان لا بد من خروج المرأة كما يقول الأخ السائل، تخرج، ويحنث، وعليه كفارة يمين على الأقل، لأنه خرج عن منهج الإسلام الصحيح، بهذا الحلف وبهذا اليمين، فعليه أن يستغفر الله، وأن يكفر، وأن يتوب إليه. فإن أشبه بناذر المعصية فإنه لا ينعقد نذره وعليه كفارة يمين كما جاء في الحديث
  15. حسن تسمية الأولاد : س: أنا سيدة أبلغ من العمر عشرين سنة، ولي زوج مسافر إلى لندن، وقد وضعت طفلا في غيابه، وأسميته "يوسف" لأنني منذ كنت تلميذة في المدرسة قرأت سورة يوسف وتألمت لحال يعقوب وحزنه على ابنه يوسف، وصممت منذ ذلك الحين -إن من الله علي وتزوجت وأنجبت طفلا- لا أسميه إلا يوسف، وهذا الواجب الذي صممت عليه أديته، لكن مع الأسف عندما عاد زوجي من سفره، أقسم ألا أسميه إلا فرعون، فبكيت حزينة جدا، ما أعمل معه؟ إنه لا يصلي ولا يصوم ولا يذكر ربه حتى بلسانه، كيف العمل معه، وهو من مدة ثلاث سنوات ما رضي أن أزور أهلي ولا أن أراسلهم، وأبكي مقهورة جدا، حرمني من رؤية أبوي، وهما لا يدريان ما حل بي من العذاب والمرار مع هذا الشاب، والله مع الصابرين. فأرجو حلا لهذه المشكلة، وأمري لله. ج : من العجب أن تكون هذه المرأة أتقى وأفضل وأكرم من زوجها فقد أحسنت اسم ولدها، ومن حق الولد على والده أن يحسن اسمه -كما جاء في الحديث الشريف- ويحسن أدبه. ولهذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتسمى بأسماء الأنبياء، وخير الأسماء وأحبها إلى الله عبد الله وعبد الرحمن. وأصدق الأسماء حارث وهمام، كما جاء في الأحاديث. إحسان اسم الولد من أول حقوقه عند أبويه، وقد استجابت هذه المرأة المسلمة فسمت ابنها باسم أحد الأنبياء الكرام في القرآن "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" كما جاء في الحديث. ولكن للأسف وجدنا الرجل الذي يفترض فيه الرشد والنضج والعقل والذي جاب الآفاق، كان المفروض في مثل هذا أن يكون على دراية ومعرفة، فإذا به يغير هذا الاسم الكريم إلى اسم قبيح عند الله وعند الناس هو اسم فرعون، وهذا يذكرني برجل سمى ابنه "لهبا" حتى يكنى بأبي لهب وليقول له الناس: يا أبا لهب؟ و(تبت يدا أبي لهب وتب). فتصوروا امرأة تسمي ابنها يوسف، وهو يسميه فرعون ماذا تملك هذه المسكينة؟ الخطأ ليس خطؤها، إنه خطأ وليها الذي زوجها من إنسان لا يرجو الله وقارا، ولا يحسب للآخرة حسابا، هذا الذي لا يذكر الله -كما تقول هذه المسلمة- ولا يصلي ولا يصوم، كيف يجوز لأب أن يزوج ابنته من مثل هذا الإنسان؟ وهي أمانة في عنقه يجب أن يضعها عند من يحفظ الأمانة، وعند من يرعاها، وعند (الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون). إن هذه المرأة ليس لها إلا الصبر، نقول: ليس لها إلا الصبر، تصبر، عسى الله عز وجل أن يهدي هذا الزوج، ويوقظ قلبه، بنفحة منه، فيعود إلى الله، أو يفرق الله بينه وبينها، فتستريح منه. ليس هناك من حل، إلا هذا، وعليها أن تدعو الله، لعل الله يستجيب لها، في هذه الأيام المباركة.
  16. إعطاء المرأة ابنتها المتزوجة بدون إذن أبيها : س: رجل حصل بينه وبين إحدى بناته المتزوجات سوء تفاهم، مما جعلها تقاطع أباها. ولا تكلمه. ولكن أمها تعطي ابنتها التي تسكن مع زوجها بعض الحاجات خفية حتى لا يراها زوجها -والد البنت- الذي يقول: من لا يتكلم معي ولا يواصلني لا يأكل من خيراتي. ج : كلام الأب كلام صحيح. فلا يجوز للبنت أن تقاطع أباها وتجافيه، ثم تأتي الأم من وراء ظهر الأب وتعطي لابنتها من خيراته ومن ماله وكسبه بدون إذنه… هذا لا يجوز… لأمرين: الأول: ليس للمرأة الحق في التصرف بمال زوجها إلا بإذنه، حتى الصدقة… لا يجوز لها أن تتصدق إلا بإذنه. فإذا أذن لها إما بالكلام أو بدلالة الحال فبها، وإلا فليس لها أن تفعل خاصة إذا علمت أنه يغضب لهذا، أو أنه نهاها أن تفعل… فعندئذ لا يجوز لها أن تخالف وتفعل بماله ما لم يأذن لها به. الأمر الثاني: أن المرأة بما تفعل من إعطاء ابنتها خفية عن زوجها تبدو كأنها تشجع البنت على مقاطعة الأب… والمفروض من الأم أن تقف من البنت موقفا آخر، تبين لها فيه أنها بحاجة إلى أبيها، وينبغي أن تبره ولا تقطعه، وتواصله وتسترضيه، فإن أباها له عليها حق كبير ينبغي أن يعرف وأن يوفى... فلو كان هناك أغراب متقاطعون، وجب عليهم أن يتواصلوا حتى يقبلهم الله في عباده الصالحين ويغفر لهم، فكيف بالأقرباء، وكيف بالأب مع بنته، والبنت مع أبيها؟!! ففي الحديث: "تعرض الأعمال على الله سبحانه وتعالى كل يوم اثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله تعالى: أخروا هذين حتى يصطلحا، أخروا هذين حتى يصطلحا، أخروا هذين حتى يصطلحا" فالله يؤخر المغفرة عنهما حتى يتصافيا، ويتصالحا. لإعادة هذه الصلة، وإعادة المياه إلى مجاريها
  17. تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم : س: لماذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تسع زوجات في حين حرم على المسلمين الزواج بأكثر من أربع؟ أرجو إيضاح الحكمة في هذه القضية، فقد علمتم ما يروجه المبشرون والمستشرقون حولها من شبهات وأكاذيب. ج : جاء الإسلام والزواج بأكثر من واحدة ليس له ضابط ولا قيد ولا شرط، فللرجل أن يتزوج من النساء ما شاء، وكان ذلك في الأمم قديما. حتى يروى في أسفار العهد القديم: أن داود كان له مائة امرأة، وسليمان كان عنده سبعمائة امرأة، وثلاثمائة سرية. فلما جاء الإسلام أبطل الزواج بأكثر من أربعة، وكان الرجل إذا أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اختر منهن أربعا وطلق سائرهن" فلا يبقى على ذمته أكثر من أربع نسوة. فالعدد محدود بأربع نسوة لا يزيد... والشرط الذي لا بد من توفره في التعدد هو العدل بين نسائه، وإلا اقتصر على الواحدة كما قال تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة). هذا ما جاء به الإسلام. ولكن الله عز وجل خص النبي صلى الله عليه وسلم بشيء دون المؤمنين وهو أن أباح له ما عنده من الزوجات اللاتي تزوجهن، ولم يوجب عليه أن يطلقهن ولا أن يستبدل بهن من أزواج يبقين في ذمته، ولا يزيد عليهن، ولا يبدل واحدة بأخرى: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن، إلا ما ملكت يمينك). والسر في ذلك أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لهن مكانة خاصة، وحرمة متميزة فقد اعتبرهن القرآن "أمهات" للمؤمنين جميعا. وقال تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم). ومن فروع هذه الأمومة الروحية للمؤمنين أن الله حرم عليهن الزواج بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) ومعنى هذا أن التي طلقها النبي صلى الله عليه وسلم ستظل محرومة طول حياتها من الزواج بغيره، مع حرمانها من الانتساب إلى بيت النبوة. وهذا يعتبر عقوبة لها على ذنب لم تجنه يداها. ثم لو تصورنا أنه أمر باختيار أربع من نسائه التسع، وتطليق الباقي، لكان اختيار الأربع منهن لأمومة المؤمنين، وحرمان الخمس الأخريات من هذا الشرف، أمرا في غاية الصعوبة والحرج. فمن من هؤلاء الفضليات يحكم عليهم بالإبعاد من الأسرة النبوية، ويسحب منها هذا الشرف الذي اكتسبته؟ لهذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يبقين جميعا زوجات له، خصوصية للرسول الكريم. واستثناء من القاعدة (إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم). أما الزواج من هؤلاء التسع من الأصل، لماذا كان؟ فسر ذلك معلوم. وحكمته لم تعد خافية. فإن هذه الزيجات التي أتمها النبي صلى الله عليه وسلم كلها ليست لأي غرض مما يتقول المتقولون ويروج المستشرقون والمبشرون من إفك وكذب على هذا النبي العظيم. لم تكن الشهوة ولا الناحية الجنسية هي التي دفعت النبي عليه الصلاة والسلام أن يتزوج واحدة من هؤلاء. ولو كان عند هذا النبي العظيم ما يقال، وما يفتري الأفاكون الدجالون عليه، لما رأيناه وهو في شرخ شبابه وفي عنفوان حياته ومقتبل عمره يتزوج امرأة تكبره بخمسة عشر عاما. فقد كان في الخامسة والعشرين وتزوج خديجة في سن الأربعين. وقد تزوجت من قبله مرتين. ولها أولاد من غيره، وعاش مع هذه المرأة الكبيرة شبابه كله أسعد ما يكون الأزواج، حتى سمى العام الذي ماتت فيه "عام الحزن"، وظل يثني عليها حتى بعد موتها، ويذكرها بكل حب وتقدير، حتى غارت منها -وهي في قبرها- عائشة رضي الله عنها. وبعد الثالثة والخمسين من عمره عليه الصلاة والسلام أي بعد أن توفيت خديجة وبعد الهجرة بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يتزوج نساءه الأخريات، فتزوج سودة بنت زمعة وهي امرأة كبيرة، لتكون ربة بيته. ثم أراد أن يوثق الصلة بينه وبين صديقه ورفيقه أبي بكر (ثاني اثنين إذ هما في الغار) فتزوج ابنته عائشة، وكانت صغيرة لا تشتهى ولكن تطييبا لنفس أبي بكر. ثم رأى أن أبا بكر وعمر وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكونا لديه بمنزلة واحدة في ذلك، فتزوج حفصة بنت عمر، كما كان من قبل قد زوج علي بن أبي طالب ابنته فاطمة، وعثمان بن عفان ابنته رقية ثم ابنته أم كلثوم. وحفصة ابنة عمر كانت ثيبا، ولم تكن على نصيب من الجمال أو الحسن. وكذلك أم سلمة، تزوجها ثيبا، حيث مات زوجها أبو سلمة وكانت تظن زوجته أنه ليس هناك من هو أفضل من أبي سلمة… إذ هاجرت معه، وأوذي كلاهما من أجل الإسلام، وأصابها ما أصابها. وكان زوجها قد علمها مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أن تقول حين تصيبها مصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلفني خيرا منها. وحين قالت ذلك بعد وفاة زوجها، تساءلت في نفسها: من يكون من الناس خيرا من أبي سلمة؟! ولكن الله عز وجل عوضها خيرا منه، وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. خطبها ليجبر مصيبتها ويجبر كسرها، ويعوضها عن زوجها بعد أن هاجرت وتركت أهلها وعادتهم من أجل الإسلام. وكذلك تزوج النبي صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث ليسلم قومها. ويرغبهم في دين الله. وذلك أن الصحابة بعد أن أخذوا السبايا في غزوة بني المصطلق وجويرية منهم، علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج منها، فأعتقوا من عندهم من إماء ومن سبايا، لأنهم أصبحوا أصهار النبي عليه الصلاة والسلام ومثلهم لا يسترقون. فكل واحدة من تلك الزوجات لها حكمة. وهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان هاجرت مع زوجها إلى الحبشة، وكتب الله الشقاء على هذا الرجل فارتد هناك... هذه المرأة وهي بنت أبي سفيان، الذي كان يناوئ المسلمين على رأس المشركين تركت أباها وآثرت الهجرة مع زوجها فرارا بدينها، ثم يكون من أمر زوجها ما يكون، وتجد نفسها وحيدة في الغربة… فماذا يفعل النبي عليه الصلاة والسلام هل يتركها دون رعاية وعناية؟ لا… بل قام بنفسه ليجبر خاطرها ويهدئ من روعها… فأرسل إلى النجاشي يوكله عن نفسه في زواجها ويصدقها عنه، وتزوجها وبينه وبينها بحار وقفار… جبرا لحالتها في مثل تلك الغربة… وحكمة أخرى نذكرها، وهي: أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة أبي سفيان يرجى أن يكون له أثر طيب في نفس أبي سفيان، قد يكفكف من عداوته، ويخفف من غلوائه في محاربة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ربطت بينهما هذه المصاهرة الجديدة. كل نسائه، لو بحثنا وراء زواجه منهن، لوجدنا أن هناك حكمة هدف إليها النبي صلى الله عليه وسلم من زواجه بكل واحدة منهن جميعا. فلم يتزوج لشهوة، ولا للذة، ولا لرغبة دنيوية، ولكن لحكم ولمصالح، وليربط الناس بهذا الدين. وبخاصة أن للمصاهرة وللعصبية قيمة كبيرة في بلاد العرب، ولها تأثير وأهمية. ولذا أراد عليه الصلاة والسلام أن يجمع هؤلاء ويرغبهم في الإسلام، ويربطهم بهذا الدين، ويحل مشكلات اجتماعية وإنسانية كثيرة بهذا الزواج. ثم لتكون نساؤه عليه الصلاة والسلام أمهات المؤمنين، ومعلمات الأمة في الأمور الأسرية والنسائية من بعده… يروين عنه حياته البيتية للناس، حتى أخص الخصائص، إذ أنه ليس في حياته أسرار تخفى عن الناس. ليس في التاريخ واحد إلا له أسرار يخفيها، ولكن النبي عليه صلاة الله وسلامه يقول: "حدثوا عني…" تعليما للأمة وإرشادا لها. وهناك حكم لا يتسع المقام لشرحها وتفصيلها، من أبرزها وأهمها: أنه عليه الصلاة والسلام قدوة حسنة للمسلمين في كل ما يتصل بهذه الحياة، سواء كان من أمور الدين أو الدنيا… ومن جملة ذلك معاملة الرجل لزوجه وأهل بيته. فالمسلم يرى قدوته الصالحة في رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان زوجا لامرأة ثيب، أو بكر، أو تكبره في السن أو تصغره، أو كانت جميلة أو غير جميلة، أو كانت عربية أو غير عربية، أو كانت بنت صديقه أو بنت عدوه. كل هذه الصور من العلائق الزوجية يجدها الإنسان في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على أكمل وأفضل وأجمل صورة. فهو قدوة لكل زوج، في حسن العشرة، والتعامل بالمعروف، مع زوجته الواحدة، أو مع أكثر من واحدة… ومهما كانت تلك الزوجة، فلن يعدم زوجها الإرشاد القويم إلى حسن معاشرتها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم الزوجية. ولعل هذه الحكمة من أجل الحكم التي تتجلى في تعدد الزوجات نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه
  18. حق الزوجة في النفقة الملائمة لحالها وحال زوجها : س: أنا زوجة لرجل موسر، له عقارات ورصيد في البنوك، ولكنه مريض بالبخل، لا تخرج النقود من يده إلا بعد معاناة وجهد. وقد انعكس هذا على حياتي، فلا يعطيني لنفقة البيت إلا النزر اليسير، الذي لا يلائم حال رجل في مثل مركزه. ولهذا أرى بيوت كثير من الناس المحدودي الدخل خيرا من بيتي، وأرى نساءهم أحسن مظهرا مني: في الملابس والحلي وسائر ما تحتاج إليه المرأة في عصرنا. وأرى أولادهم أيضا خيرا من أولادي. فهل يجيز الشرع لهذا الزوج أن يضيق علينا وقد وسع الله عليه، وآتاه من فضله الشيء الكثير؟ وماذا تصنع الزوجة إذا قتر عليها زوجها في النفقة، أترفع أمرها إلى المحكمة، وفي ذلك ما فيه من فضيحة اجتماعية، قد تهدم الحياة الزوجية من الأساس؟ أم تأخذ من مال الزوج -إن استطاعت- بدون إذنه ولا علمه؟ وهل تعد آثمة في هذه الحال لأنها أخذت مالا بغير إذن مالكه؟ وما الحل إذن؟ ج : مما يؤسف له أن نجد كثيرا من الأزواج في هذه القضية على طرفي نقيض. فبينما نجد فريقا يرخي العنان للزوجة، تبذر وتبعثر، وتنفق على نفسها كيف تشاء فيما ينفع وما لا ينفع، وما يحتاج وما لا يحتاج إليه. المهم أن تشبع غرورها وترضي طموحها، في السباق المجنون على أحدث الأزياء، وأطرف ما ابتدعته أوروبا وأمريكا دون نظر إلى مصلحة عائلية أو وطنية أو قومية. ولا اعتبار لما يخبئه الغد من مفاجآت.. تجد مقابل هذا الفريق فريقا آخر يقتر على الزوجة، ويضيق عليها الخناق، فلا يعطيها ما يكفيها، ويشبع حاجاتها المعقولة بالمعروف. مع أن الله سبحانه وتعالى أوجب في كتابه التوسط بين الإسراف والتقتير في الإنفاق، فقال سبحانه: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، ولا تبسطها كل البسط، فتقعد ملوما محسورا) ووصف عباد الرحمن بقوله: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما). ولم يحدد الشرع في النفقة على المرأة مقدارا معينا من الدراهم أو غيرها. بل الواجب هو تلبية حاجتها بالمعروف. والحاجة تختلف من عصر لآخر، ومن بيئة لأخرى، ومن وسط لآخر، ومن رجل لآخر. فالمدنية غير الريفية، والحضرية غير البدوية، والمثقفة غير الأمية، والناشئة في بحبوحة النعيم غير الناشئة في خشونة الشظف، وزوجة الثري غير زوجة المتوسط، غير زوجة الفقير. وقد أشار القرآن إلى شيء من ذلك. فقال: (لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها). وفي متعة المطلقة نبه على هذا المعنى فقال: (ومتعوهن على الموسر قدره وعلى المقتر قدره، متاعا بالمعروف، حقا على المحسنين). وما أجمل ما ذكر الإمام الغزالي في "الإحياء" من آداب النكاح عن الاعتدال في النفقة حيث قال: فلا ينبغي أن يقتر عليهن في الإنفاق، ولا ينبغي أن يسرف، بل يقتصد قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) وقال تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله" وقال صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله (أي في الجهاد) ودينار أنفقته في رقبة (أي في العتق) ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك" وقيل: كان لعلي أربع نسوة، فكان يشتري لكل واحدة في كل أربعة أيام لحما بدرهم. وقال ابن سيرين: يستحب للرجل أن يعمل لأهله في كل جمعة فالوذجه (نوعا من الحلوى) قال الغزالي: وكأن الحلاوة وإن لم يكن من المهمات ولكن تركها بالكلية تقتير في العادة. ولا ينبغي أن يستأثر عن أهله بمأكول طيب، فلا يطعمهم منه، فإن ذلك مما يوغر الصدور، ويبعد عن المعاشرة بالمعروف، فإن كان مزمعا على ذلك، فليأكل بخفية، بحيث لا يعرف أهله ولا ينبغي أن يصف عندهم طعاما ليس يريد إطعامهم إياه. وإذا أكل فيقعد العيال كلهم على مائدته…ألخ". ولكن ما الذي يفرضه الشرع للزوجة من النفقة ومطالب المعيشة؟ لنسمع ما يقوله في ذلك الفقه المستند إلى الكتاب والسنة.. قال شيخ الإسلام ابن قدامة الحنبلي في كتابه "الكافي": "يجب للمرأة من النفقة قدر كفايتها بالمعروف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" ولأن الله قال: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) والمعروف: قدر الكفاية، ولأنها واجبة لدفع الحاجة. فتقدرت بالكفاية كنفقة المملوك فإذا ثبت أنها غير مقدرة، فإنه يرجع في تقديرها إلى الحاكم (أي القاضي) فيفرض لها قدر كفايتها من الخبز والأدم. ويجب لها في القوت الخبز، لأنه المقتات في العادة. وقال ابن عباس في قوله تعالى: (من أوسط ما تطعمون أهليكم) الخبز والزيت. وعن ابن عمر: الخبز والسمن، والخبز والزيت، والخبز والتمر. ومن أفضل ما تطعمهم: الخبز واللحم. ويجب لها من الأدم بقدر ما تحتاج إليه من أدم البلد: من الزيت والسيرج والسمن واللبن واللحم، وسائر ما يؤتدم به، لأن ذلك من النفقة بالمعروف، وقد أمر الله تعالى ورسوله به. ويختلف ذلك بيسار الزوج وإعساره، لقوله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) وتعتبر حال المرأة أيضا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" فيجب للموسرة تحت الموسر من أرفع خبز البلد وأدمه بما جرت به عادة مثلها ومثله، وللفقيرة تحت الفقير من أدنى خبز البلد وأدمه على قدر عادتهما، وللمتوسطة تحت المتوسط. وإذا كان أحدهما غنيا والآخر فقيرا ما بينهما كل على حسب عادته، لأن إيجاب نفقة الموسرين على المعسر، وإنفاق الموسر نفقة المعسرين، ليس من المعروف، وفيه إضرار بصاحبه. وتجب الكسوة للآية والخبر، ولأنه يحتاج إليها لحفظ البدن على الدوام، فلزمته كالنفقة ويجب للموسرة تحت الموسر من رفيع ما يلبس في البلد من الإبريسم والخز والقطن والكتان، وللفقيرة تحت الفقير من غليظ القطن والكتان، وللمتوسطة تحت المتوسط، أو إذا كان أحدهما موسرا، والآخر معسرا، ما بينهما على حسب عوائدهم في الملبوس، كما قلنا في النفقة. ويجب لها مسكن، لأنها لا تستغني عنه للإيواء، والاستتار عن العيون، للتصرف والاستمتاع ويكون ذلك على قدرهن، كما ذكرنا في النفقة. وإن كانت ممن لا يخدم نفسها، لكونها من ذوات الأقدار، أو مريضة، وجب لها خادم، لقوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) وإخدامها من العشرة بالمعروف، ولا يجب لها أكثر من خادم، لأن المستحق خدمتها في نفسها، وذلك يحصل بخادم واحد، ولا يجوز أن يخدمها إلا امرأة، أو ذو رحم محرم، أو صغير". وقال صاحب (الروضة الندية) في بيان ما يجب للزوجة على الزوج من النفقة: "هذا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، والأحوال والأشخاص. فنفقة زمن الخصب، المعروف فيها غير المعروف في زمن الجدب. ونفقة أهل البوادي، المعروف فيها ما هو الغالب عندهم، وهو غير المعروف من نفقة أهل المدن. وكذلك المعروف من نفقة الأغنياء، على اختلاف طبقاتهم، غير المعروف من نفقة الفقراء، والمعروف من نفقة أهل الرياسات والشرف، غير المعروف من نفقة أهل الوضاعات. فليس المعروف المشار إليه في الحديث، هو شيء متحد، بل مختلف باختلاف الاعتبار". وذكر الإمام الشوكاني في كتابه "الفتح الرباني" اختلاف المذاهب في تقدير النفقة بمقدار معين، وعدم التقدير. فذهب جماعة من أهل العلم. وهم الجمهور -إلى أنه لا تقدير للنفقة إلا بالكفاية. وقد اختلفت الرواية عن الفقهاء القائلين بالتقدير فقال الشافعي: على المسكين المتكسب مد، وعلى الموسر مدان، وعلى المتوسط مد ونصف. وقال أبو حنيفة: على الموسر سبعة دراهم إلى ثمانية في الشهر، وعلى المعسر أربعة دراهم إلى خمسة. قال بعض أصحابه: هذا التقدير في وقت رخص الطعام. وأما في غيره فيعتبر بالكفاية. قال الشوكاني: "والحق ما ذهب إليه القائلون بعدم التقدير، لاختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص، فإنه لا ريب أن بعض الأزمنة قد يكون أدعى للطعام من بعض، وكذلك الأمكنة، فإن بعضها قد يعتاد أهله أن يأكلوا في اليوم مرتين، وفي بعضها ثلاثا، وفي بعضها أربعا. وكذلك الأحوال، فإن حالة الجدب تكون مستدعية لمقدار من الطعام أكثر من المقدار الذي تستدعيه حالة الخصب. وكذلك الأشخاص، فإن بعضهم قد يأكل الصاع فما فوقه، وبعضهم قد يأكل نصف صاع، وبعضهم دون ذلك. وهذا الاختلاف معلوم بالاستقراء التام، ومع العلم بالاختلاف يكون التقدير على طريقة واحدة ظلما وحيفا. ثم إنه لم يثبت في هذه الشريعة المطهرة التقدير بمقدار معين قط، بل كان صلى الله عليه وسلم يحيل على الكفاية مقيدا لذلك بالمعروف، كما في حديث عائشة عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وأحمد بن حنبل وغيرهم: "أن هندا قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". فهذا الحديث الصحيح، فيه الإحالة على الكفاية، مع التقييد بالمعروف، والمراد به الشيء الذي يعرف وهو خلاف الشيء الذي ينكر، وليس هذا المعروف الذي أرشد إليه الحديث شيئا معينا ولا المتعارف بين أهل جهة معينة، بل هو في كل جهة باعتبار ما هو الغالب على أهلها، المتعارف بينهم. ويعتبر في كل محل بعرف أهله، ولا يحل العدول عنه إلا مع التراضي. وكذلك الحاكم، يجب عليه مراعاة المعروف بحسب الأزمنة والأمكنة، والأحوال والأشخاص، مع ملاحظة حال الزوج في اليسار والإعسار، لأن الله تعالى يقول: (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) وإذا تقرر لك أن الحق عدم جواز تقدير الطعام بمقدار معين، فكذلك لا يجوز تقدير الإدام بمقدار معين، بل المعتبر الكفاية بالمعروف. وقد حكى صاحب البحر: أنه قدر في اليوم أوقيتان دهنا من الموسر، ومن المعسر أوقية، ومن المتوسط أوقية ونصف". "وفي شرح الإرشاد أنه يعتبر في الإدام تقدير القاضي باجتهاده عند التنازع، فيقدر في المد من الإدام ما يكفيه، ويقدر على الموسر ضعف ذلك، وعلى المتوسط بينهما، ويعتبر في اللحم عادة البلد للموسرين والمتوسطين كغيرهم". قال الرافعي: "وقد تغلب الفاكهة في أوقاتها فتجب…" قال الشوكاني: "المرجع ما هو معروف عند أهل البلد في الإدام جنسا ونوعا وقدرا، وكذلك في الفاكهة لا يحل الإخلال بشيء مما يتعارفون به وإن قدر من تجب عليه النفقة من ذلك، وكذلك ما يعتاد من التوسعة في الأعياد ونحوها، ويدخل في ذلك مثل القهوة والسليط. وبالجملة فقد أرشد الشارع إلى ما هو معروف من الكفاية، وليس يعد هذا الكلام الجامع المفيد شيء من البيان". ثم الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" إن ذلك غير مختص بمجرد الطعام والشراب، بل يعم جميع ما يحتاج إليه، فيدخل تحته الفضلات (الكماليات) التي قد صارت بالاستمرار عليها مألوفة، بحيث يحصل التعذر بمفارقتها أو التضجر أو التكدر. ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة والأحوال، ويدخل فيه الأدوية ونحوها، وإليه يشير قوله تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) فإن هذا نص في نوع من أنواع النفقات إن الواجب على من عليه النفقة رزق من عليه إنفاقه، والرزق يشمل ما ذكرناه. قال في الانتصار: ومذهب الشافعي، لا تجب أجرة الحمام وثمن الأدوية، وأجرة الطبيب، لأن ذلك يراد لحفظ البدن، كما لا يجب على المستأجر أجرة إصلاح ما انهدم من الدار. وقال في الغيث: الحجة أن الدواء لحفظ الروح فأشبه النفقة انتهى. قلت: هو الحق لدخوله تحت عموم قوله: "ما يكفيك" وتحت قوله: "رزقهن" فإن الصيغة الأولى عامة باعتبار لفظ (ما)، والثانية عامة، لأنها مصدر مضاف، وهي من صيغ العموم واختصاصه ببعض المستحقين للنفقة لا يمنع من الإلحاق انتهى كلام الإمام الشوكاني وقد نقله السيد صديق حسن خان في (الروضة الندية). وبهذا البيان يتضح للأخت السائلة الجواب عن سؤالها بشقيه، وفي جوابه صلى الله عليه وسلم لهند في موقفها من زوجها أبي سفيان وشحه: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" وفيما نقلناه من كلام العلماء حول المراد ب (الكفاية) و(المعروف) ما ينير الطريق أمام صاحبة الاستفتاء هنا، كيف تتصرف مع زوجها البخيل عليها. أجل فيما قدمنا من البيان ما يكفي ويشفي.
  19. - التسمية ب"عبد المسيح" : س: نعرض عليك هذه المسألة راجين الجواب عنها. عندنا امرأة مسلمة، وزوجها مسلم، تحمل وتضع طفلها بسلام، ولكن بعد الولادة بقليل يموت الطفل. فقال لها بعض الناس: سميه "عبد المسيح" ليعيش فهل يجوز التسمية بهذا الاسم الذي ليس من أسماء المسلمين؟ وهل توجد علاقة بين اسم المولود وبين حياته أو موته؟ أفيدونا مشكورين. ج : هذه التسمية حرام، حرام. أعني أن حرمتها مضاعفة، حيث أن تحريمها لا يأتي من جهة واحدة، بل من جهات ثلاث: الأولى: أن كل اسم معبد لغير الله تحرم التسمية به بإجماع المسلمين. سواء كان هذا المضاف إليه نبيا أم صحابيا أو وليا من الصالحين أم غير ذلك. فلا يجوز أن يسمى المسلم: عبد النبي أو عبد الرسول أو عبد الحسين أو عبد الكعبة أو غيرها. قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى، عبد هبل، وعبد عمر، وعبد الكعبة، حاشا عبد المطلب. الثانية: أن هذا الاسم خاصة من الأسماء التي يتميز بها غير المسلمين، والتي ينبئ مجرد ذكرها عن الهوية الدينية لصاحبها. فهو اسم نصراني صرف، والتسمي به من خصائص النصارى وسماتهم الدينية المميزة. ولهذا كان التشبه بهم في ذلك داخلا في دائرة الحديث القائل: "من تشبه بقوم فهو منهم" والمراد: التشبه بهم فيما هو من سماتهم الدينية خاصة. الثالثة: أن التسمية بهذا الاسم للسبب المذكور في السؤال، وبهذا الدافع بالذات، ضرب من الشرك الذي يحاربه الإسلام. وذلك لما فيه من اعتماد على غير الله تعالى، وعلى غير الأسباب والسنن الكونية التي وضعها وأقام عليها نظام هذا الوجود، فشأن هذه التسمية شأن تعليق الودع، ونحو ذلك مما عده النبي صلى الله عليه وسلم شركا، وحذر منه أشد التحذير. ولا يوجد -في نظر الدين ولا العقل ولا العلم- علاقة بين اسم المولود وبين حياته أو موته. وواجب على هذه المرأة وزوجها وكل من يلي أمرها أن يحترموا القوانين الكونية. ويأخذوا بالأسباب المشروعة، ويعرضوها على المختصين من الأطباء، ويتوكلوا بعد ذلك على الله سبحانه ضارعين أن يعافيها الله ويحفظ ولدها. أما اللجوء إلى التسمية بأسماء غير المسلمين، أو الذهاب إلى الكنيسة أو معبد لغير المسلمين أو "تعميد" الطفل بعد ولادته، كما قد يغرر ببعض العوام في القرى، فكل هذا من الشرك الذي يجر من فعله إلى الخروج من الإسلام، إذا هو أصر عليه، بعد التنبيه والتذكير. وواجب العلماء أن ينبهوا العامة ويعلموهم ما جهلوا حتى لا يقعوا في شرك المضللين والدجالين.
  20. زواج المحلل : س: سيدة متزوجة وعندها أربعة أولاد: تحب زوجها، ولكنه -لأمر ما- اختلف معها، فوقع الطلاق الثالث والأخير… وأراد الزوجان المطلقان أن يعودا إلى الحياة الزوجية معا، فذهبت السيدة (ف) إلى الأستاذ (س) ليعقد عليها زواج المحلل لمدة أسبوع، ليتسنى لها أن تعود لزوجها وأولادها بزواج جديد… ويتساءل سيادته ما قيمة هذا الزواج وهل هو مقبول شرعا؟ ج : إن الإسلام الحنيف ربط عقدة الزواج على أوثق الأواصر، وأقام الحياة الزوجية على أثبت دعائم الاستقرار وأوفر أسباب الكرامة، وجعل للدخول فيه مقدمات وأركانا وشروطا توحي بما له عند الله تعالى من أصالة وشأن خطير، وجعل للخروج منه كذلك مقدمات ومراحل وشروطا أحاطها بما يجنب حياة الزوجين عوارض الحمق والغضب ونزوات من لا يقدرون مسؤوليات الحياة، ولذا قال عليه السلام: "أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق". ويقول عليه السلام: "لا تطلقوا النساء إلا من ريبة" والريبة هنا معناها سوء الخلق الذي بلغ من الشذوذ حدا لا علاج له ولا طاقة بالصبر عليه. ولا نطيل بما ورد من التنفير من الطلاق، والترغيب في أن يمسك الزوج زوجته، ولو على كره (فإن كرهتموه فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله في خيرا كثيرا). ونمضي لنذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخذ منه المحققون أن طلاق الغضبان لا يقع وهو قوله عليه السلام: "لا طلاق، ولا عتاق في إغلاق" والإغلاق كل حالة تستغلق فيها على المرء مقاصده فيأتي من الأعمال ما لا يقصده، وابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن قال: "إنما الطلاق عن وطر" والوطر كل مأرب تتعلق به همة المرء، فيسعى إليه ويحتال لتحقيقه بكل ما وسعته الحيلة. وفي ضوء هذه المعاني النبوية الجليلة تتبين أنه لا قيمة لأي طلاق يوقعه صاحبه عند بادرة غضب أو عابرة خلاف، مادامت همته لم تتعلق به من قبل، ولم تكن له فيه نية مبيتة ووطر يرتب له الأمور في أناة، وتوضع المقدمات لإدراكه. ونقول للسيد (س) في هذا المقام: إنه إذا كان ما وقع بين الزوجين هو غضب أدى إلى الطلاق، فالطلاق لم يقع، والزوجة حل لزوجها، ولا معنى للتفكير في الوسائل المحرمة احتيالا لاستئناف الحياة الزوجية، لأن الحياة الزوجية لم تنقطع ولم تتوقف حتى تحتاج إلى استئناف… وكذلك كل طلاق وقع بين الزوجين من قبل من هذا القبيل. فإذا كانت المرتان السابقتان على هذه المرة من هذا القبيل، فلا اعتداد بهما، ولا طلاق بين الزوجين. أما إذا كان ما وقع بين الزوجين هو من قبيل: إن كلمت فلانا، أو إن دخلت بيت فلانة، أو إن خرجت من المنزل، أو إن فعلت كذا فأنت طالق ثم كلمته، أو دخلت بيتها، أو خرجت من المنزل أو فعلت ما نهاها عنه، فإن الطلاق لا يقع.. وإذا حلف بالطلاق فيمينه غير منعقدة، لا يقع بها طلاق ما. ومن المؤسف أن أكثر ما يقع بين الزوجين من الطلاق هو من هذا القبيل الذي لا يؤثر في عقد الزواج بأي فساد، ومع أننا لا نعرف الظروف التي وقع فيها الطلاق المزعوم نميل إلى أنه طلاق من هذا الذي نرى شرعا أنه لا يقع. ومع ذلك نسأل الزوج أو الزوجين: هل وقع الطلاق وهي حائض؟ أو هل وقع في طهر جامعها فيه. فإذا كان الزوج أوقع طلاقه وهي حائض فهو طلاق بدعة، وإذا كان وقع في طهر جامعها فيه، فهو كذلك طلاق بدعة، وطلاق البدعة لم يشرعه الإسلام وكثير من الأئمة لا يوقعونه ولا يعتدون به. ونوصي الزوجين أن ينظرا في طلاقهما المزعوم هذه المرة والمرتين السابقتين، هل وقع عن وطر في كل مرة؟ أي من رغبة ودراسة، ومحاولات للإصلاح انتهت بالفشل ووجوب الفراق… وهل وقع الطلاق بعد تقريره ودراسته -طلاق بدعة أو طلاق سنة؟… لننظر إلى طلاقها على ضوء ذلك كله، فإن كان الطلاق سنة وعن وطر وفي كل مرة فالزوجة بائنة بينونة كبرى لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره، أما المحلل المنشود فهو حرام، وهو زنا، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له، والرجل الذي يقبل أن يمثل دور الزوج الوهمي في مهزلة المحلل سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم التيس المستعار… فلا يحل للسيد (س) ولا لغيره أن يقدم على ذلك الإثم الحقير. أما إذا كانا ما يزعمانه من طلاق قد وقع بعضه بدعيا وبعضه سنيا، فإن السني وحده هو الذي وقع، ولا اعتبار لسواه. ومع ذلك كله فإن في السؤال غموضا كثيفا يجعلنا في حيرة من الفتوى، إلا ما هو مختص منها بحرمة المحلل، فإن الله تعالى يقول: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) ولم يقل حتى تنكح رجلا غيره، فسماه زوجا تسمية صريحة، والرجل لا يكون زوجا إلا إذا كان له نية الزواج الشرعي المنعقدة على الاستمرار، وتحقيق ما امتن به سبحانه. بقوله: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها) ومن ذلك تفكيره في المهر واجتهاده في إعداد بيت الزوجية إلى آخر ما هو معلوم عن كل زواج حقيقي تعلق به القصد والهمة… ومما لا شك فيه أن السيد (س) لا يفكر لعملية المحلل المطلوبة في أي شيء مما ذكر، لأنه لا يفكر إلا أن ذلك وسيلة لتحليل المرأة لزوجها الأول، وقد تبين ما فيه من مجافاة لأحكام الحلال في دين الله.
  21. الطلاق في حالة الغضب : س: أنا رجل عصبي حاد المزاج، سريع الغضب، ولا حيلة لي في ذلك، فهذا أمر وراثي كما تعلم. وحدتي هذه تسبب لي مشكلات كثيرة، وخاصة في حياتي العائلية. فقد تغضبني زوجتي بكلمة أو تصرف، يؤدي إلى شجار، تكون نتيجته الطلاق. في حين أني لا أريد الطلاق ولا أفكر فيه، إن لم يكن ذلك من أجل زوجتي فمن أجل أولادي منها. ولكن في ساعة الغضب أذهل عن كل شيء، وأقول ما لم يكن في نيتي، وأتصرف تصرفات، قد يصفها بعض الناس بأنها جنونية. وقاتل الله سورة الغضب، فإنها هي السبب. وقد حدث مني الطلاق مرتين على هذه الصورة، فأفتاني بعض أهل العلم بوقوع الطلاق في المرتين، ومراجعة الزوجة، وقد كان. ومنذ أيام قامت مشادة بيننا مرة أخرى، انتهت بالطلاق أيضا، وقيل لي في هذه المرة: أنها لا تحل لي إلا بمحلل، فهي الطلقة الثالثة… مع أنني حين تلفظت بالطلاق كنت أشبه بالمحموم من شدة الغضب، وكنت مستعدا لأي شيء في تلك اللحظات، ولكن لما برد الغضب ندمت أشد الندم، فهل عندكم حل لمشكلتي هذه غير "المحلل" الذي ذكر لي؟ وهل يسمح الشرع أن تهد الحياة الزوجية وتتمزق أسرة كاملة، بكلمة عابرة تصدر من إنسان في حالة غير متزنة، وبدون نية ولا ترتيب سابق؟ وأضيف إلى ما سبق أن قوما من مخالطينا لهم أغراض سوء، أبلغوني عن امرأتي ما أثارني وأوغر صدري عليها، وأشعل هذه المشادة الأخيرة، ثم تبين لي سوء نيتهم، وبراءة امرأتي مما قالوه. ولو عرفت ذلك أولا ما حدث ما حدث… ولكن هذا قدر الله. أرجو أن أجد عندكم مخرجا من هذه الورطة. والله يحفظكم. ج : 1- أما زواج "المحلل" الذي ذكره من ذكره للأخ السائل فهو حرام، ولا يجوز فعله، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله المحلل والمحلل له" وفي حديث آخر أنه سماه "التيس المستعار". وقد اتفق على تحريمه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتابعوهم بإحسان. صح ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وغيرهم، حتى قال عمر: لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما!. وقال عثمان، لا نكاح إلا نكاح رغبة، لا نكاح دلسة. وقال ابن عباس: لا يزالان زانيين وإن مكثا عشرين سنة، إذا علم الله من قبله أنه يريد أن يحلها له. وقال بعضهم: كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفاحا. ومن هنا لا يجوز لمسلم أن يلجأ إلى هذا الاحتيال الباطل على شرع الله. ليحل ما حرم الله. 2- وأما الطلاق في حالة الغضب، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، وفقا لاتجاهاتهم في التوسيع أو التضييق في إيقاع الطلاق. وإذا كان الأمر خلافيا وجب علينا أن ننظر في أدلة الفريقين، لنختار أرجحها وأقربها إلى تحقيق مقاصد الشريعة. 3- وقبل أن نبين الرأي المختار في طلاق الغضبان، يلزمنا أن نبين الغضب المختلف فيه بين المضيقين والموسعين، يقول العلامة ابن القيم: الغضب ثلاثة أقسام: أحدهما: أن يحصل للإنسان مبادئه وأوائله، بحيث لا يتغير عليه عقله ولا ذهنه، ويعلم ما يقول ويقصده. فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه وعتقه وصحة عقوده، ولا سيما إذا وقع منه ذلك بعد تردد فكره. القسم الثاني: أن يبلغ به الغضب نهايته، بحيث ينغلق عليه باب العلم والإرادة، فلا يعلم ما يقول، ولا يريده. فهذا لا يتوجه خلاف في عدم وقوع طلاقه، كما تقدم. والغضب غول العقل، فإذا اغتال الغضب عقله، حتى لم يعلم ما يقول، فلا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله في هذه الحالة، فإن أقوال المكلف إنما تنفذ مع علم القائل بصدورها منه، ومعناها، وإرادته للتكلم بها. فالأول: يخرج النائم والمجنون والمبرسم والسكران، وهذا الغضبان. والثاني: يخرج من تكلم باللفظ وهو لا يعلم معناه البتة، فإنه لا يلزم مقتضاه. والثالث: يخرج من تكلم به مكرها، وإن كان عالما بمعناه. القسم الثالث: من توسط في الغضب بين المرتبتين، فتعدى مبادئه ولم ينته إلى آخره بحيث صار كالمجنون -فهذا موضع الخلاف ومحل النظر. والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه وعتقه وعقوده، التي يعتبر فيها الاختيار والرضا، وهو فرع من "الإغلاق" كما فسره به الأئمة. فالمضيقون في إيقاع الطلاق -ومنه طلاق الغضبان- يستندون إلى عدة أدلة. (أ) ما روته عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق". رواية أبي داود "في غلاق"، قال: أظنه الغضب. وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله -يعنى أحمد بن حنبل- يقول: هو الغضب وقال بعض أهل اللغة: الإغلاق وجهان، أحدهما، الإكراه، والآخر: ما دخل عليه مما ينغلق به رأيه عليه. وهذا مقتضى تبويب البخاري، فإنه قال في صحيحه: باب الطلاق في الإغلاق (الغضب) والكره (أي الإكراه) والسكران والمجنون، ففرق بين الطلاق في الإغلاق وبين هذه الوجوه، مما يشير إلى أن الإغلاق عنده يعني الغضب. قال الإمام ابن القيم: وهو قول غير واحد من أئمة اللغة. (ب) قال الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم). روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. وروى عن أجل أصحاب ابن عباس وهو طاووس قوله: "كل يمين حلف عليها رجل وهو غضبان فلا كفارة عليه". واستدل بالآية. قال ابن القيم: وهذا أحد الأقوال في مذهب مالك: أن لغو اليمين في الغضب، وهذا اختيار أجل المالكية وأفضلهم على الإطلاق، وهو القاضي إسماعيل بن إسحاق. فإنه ذهب إلى أن الغضبان لا تنعقد يمينه. (ج) ما حكاه القرآن من قصة موسى، لما رجع إلى قومه غضبان آسفا، (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه، يجره إليه..) الآية. ووجه الاستدلال بالآية: أن موسى لم يكن ليلقى إلى الأرض ألواحا كتبها الله كما أنه قسا على أخيه وهو نبي رسول مثله وإنما حمله على ذلك الغضب، فعذره الله تعالى به، ولم يعتب عليه بما فعل، إذ كان مصدره الغضب الخارج عن سلطان قدرته واختياره. (د) يوضح ذلك الآية الكريمة الأخرى في نفس السورة (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح) فعبر بـ "سكت" تنزيلا للغضب منزلة السلطان الآمر الناهي، الذي يقول لصاحبه: افعل أو لا تفعل، فهو مستجيب لداعي الغضب المسلط عليه، فهو أولى بأن يعذر من المكره. (هـ) قال تعالى: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم) جاء عن مجاهد في تفسير الآية: هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليهم: "اللهم لا تبارك فيه والعنه" فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك، كما يستجاب في الخير لأهلكهم. قال ابن القيم: فانتهض الغضب مانعا من انعقاد سبب الدعاء، الذي تأثيره في الإجابة أسرع من تأثير الأسباب في أحكامها، لأن الغضبان لم يقصده بقلبه. (و) إن الغضب يحول بين الإنسان وبين سلامة التفكير، وصحة الإدراك ويشوش عليه معرفة الأمور، وحكمه على الأشياء، ولهذا جاء في الحديث الصحيح "لا يقضي القاضي وهو غضبان". والطلاق حكم من الرجل يصدره على المرأة فلا يجوز أن يصدر منه وهو غضبان إذا صدر ينبغي أن يلغي اعتباره حماية للمرأة وللأسرة. (ز) إن معظم الأدلة التي اعتمدنا عليها في عدم إيقاع طلاق السكران، تنطبق على حالة الغضبان، بل قد يكون الأخير أسوأ حالا من الأول، لأن السكران لا يقتل نفسه، ولا يلقي ولده من علو، والغضبان قد يفعل ذلك. إن قاعدة الشريعة: أن العوارض النفسية لها تأثير في القول إهدارا واعتبارا وإعمالا وإلغاء. وهذا كعارض النسيان والخطأ والإكراه والسكر والجنون والخوف والحزن والغفلة والذهول. ولهذا يحتمل من الواحد من هؤلاء من القول مالا يحتمل من غيره، ويعذر بما لا يعذر به غيره، لعدم تجرد القصد والإرادة، ووجود الحامل على القول. ولهذا كان الصحابة يسأل أحدهم الناذر: أفي رضا قلت أم غضب؟ فإن كان في غضب، أمره بكفارة يمين، لأنهم استدلوا بالغضب على أن مقصوده الحض والمنع كالحالف، لا التقرب… وجعل الله سبحانه الغضب مانعا من إصابة الداعي على نفسه وأهله… وجعل سبحانه الإكراه مانعا من كفر المتكلم بكلمة الكفر… وجعل الخطأ والنسيان مانعا من المؤاخذة بالقول والفعل. وعارض الغضب قد يكون أقوى من هذه العوارض، فإذا كان الواحد من هؤلاء لا يترتب على كلامه مقتضاه لعدم القصد، فالغضبان الذي لم يقصد ذلك إن لم يكن أولى بالعذر منهم، لم يكن دونهم. وإذا كنا قد رجحنا عدم وقوع الطلاق في حالة الغضب، لما ذكرنا من الشواهد والأدلة، فمن الواجب أن نعرف المقياس الذي نحدد به حالة الغضب التي لا يقع فيها الطلاق، من الحالات الأخرى. لأن ترك مثل هذا الأمر بلا ضوابط يؤدي إلى البلبلة والاضطراب. وقد رأينا الإمام ابن القيم -ومن قبله شيخ الإسلام ابن تيمية- يميلان إلى جعل المقياس هو انعدام القصد والعلم. فمن فقد قصده إلى الطلاق وعلمه بما يقول، فهو في حالة الإغلاق… الذي لا يقع به طلاق. ولكن علامة الحنفية الشيخ ابن عابدين في حاشيته المشهورة على "الدر المختار" بعد أن نقل كلام ابن القيم في تقسيم أحوال الغضب إلى ثلاثة، كما ذكره في رسالته في حكم طلاق الغضبان، ملخصا من شرح الغاية في الفقه الحنبلي، "استظهر أنه لا يلزم في عدم وقوع طلاق الغضبان -وكذا المدهوش ونحوهما- أن يكون بحيث لا يعلم ما يقوله، بل يكتفي فيه بغلبة الهذيان، وغلبة الخلل في أقواله وأفعاله الخارجة عن عادته، واختلاط جده بهزله، فهذا هو مناط الحكم، الذي ينبغي التعويل عليه. فمادام في حال غلبة الخلل في الأقوال والأفعال، لا تعتبر أقواله، وإن كان يعلمها ويريدها، لأن هذه المعرفة والإرادة غير معتبرة لعدم حصولها عن إدراك صحيح. كما لا يعتبر من الصبي العاقل". وعندي أن ما ذكره ابن عابدين مقياس دقيق وضابط سليم. فالغضب المعتبر هو الذي يفقد الإنسان اتزانه في الكلام والتصرف، بحيث يقول ويفعل ما ليس من شأنه ولا من عادته في حال الهدوء والرضا. ولنا أن نضيف علامة أخرى. نميز بها الغضب المستحكم من غيره، وقد نبه عليها ابن القيم في "الزاد" وهي أن يندم على ما فرط منه إذا زال الغضب، فندمه بمجرد زوال الغضب يدل على أنه لم يكن يقصد إلى الطلاق. والله أعلم
×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.