اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

alfahloy-alfahloy

الأعضاء
  • مجموع الأنشطة

    44096
  • تاريخ الانضمام

  • آخر نشاط

كل منشورات العضو alfahloy-alfahloy

  1. إليك حبيبي إليك سيد احبابي إليك يا استاذاً في مدرسة العشق إليك يامن تعلمت عى يديه اصول العشق والهوى ها انا اليوم اقف اعتزازاً وفخراً فقد نجحت بحبك بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف إليك يا اول حلم اقتحم حياتي فأنت اول من اوقد نار الحب داخل اعماقي انت اول من عزف على اوتار قلبي اجمل الألحان أنا هو من سقيته من كأس حبك حتى ادمنت هواك واصبحت اطالبك بالمزيد والمزيد دعني أحبك دعني احبك حتى يحترق الحب دعني اتنفس عشقك دعني احبك اكثر فأكثر دعني اغرق في بحورك واتلطم بين امواجك ولاتنقذني دعني اشتاق إليك حتى تحرقني اشواقي دع حبك يزلزلني ويفجر داخلي بركاني ها أنا اليوم اعلن حبك على الملأ واعترف امامهم .. ليس لي غناة عنك وأعدك .. وليشهد الملأ على ما اقول لن اتركك بعد اليوم ولن اتخلى عنك حتى تتخلى الروح عن جسدي فأنا عجزت عن نسيانك واعلن فشلي فقلبي مازال اسيراً لك ولم يخفق يوماً لغيرك حتى في بعدك لايرى سواك ولايشعر بسواك ولايريد سواك فأنا ارى بك كل شيء و لاأرى شيءً بدونك قلبي ملكاً لك فهو ينبض لك ولأجلك ويعيش بك ويموت بك هل تتوقع بعد كل هذا انا احيا يوماً بدونك؟؟؟ فأنت قصة كتبتها حياتي تبدأ بك وتنتهي بك أنت صميمها وربيع فصولها صفحاتها تفاصيلك وانت من يجول بين سطورها كل من قرأها يشعر بأنها من الأساطير أعلم ان حبي لك خيال في زمن اصبح فيه الحب محال ولكن احبك نعم احبك أحبك و أحبك و أحبك لاأريدك ان تبعدني عنك لأني ارى في بعدك موتي وبوجودك مولدي أنت قمراً يضيء سمائي وأنت السعاده التي احلم بها أنت الأمل الذي اعيش عليه أنت من يبعثرني ويلملم شتاتي أنت الحب والحبيب أنت الجرح والطبيب أنت الحلم والواقع أنت مني و أنا منك أنت لي وأنا لك ولا أريد أن يحبك أحداً سواي ولن اسمح لأي ٍ كان ان يشاركني بك بإ ختصار أنت "" ملكاً لي "" وسأظل أحبك وستظل عشقي الأبدي ياحبيبي إليك حبيبي حبيبيإليك حبيبي حبيبيإليك حبيبي حبيبي تحياتى لكم
  2. احلام محلقة فوق هامات السحاب بعضها تراودنا اطيافها محلقة بين اليقظة والسبات وتراكم بعضها بقاع بئر الأحلام الضائعة حلم عقيــــم آن تنتظر من بائع ضمير بالمزاد العلني ان يحقق العدالة وان تدلو بدلوك بمائة العكر وتريد ان يمتلىء بمياه صالحة للشرب والاستهلاك البشري فحلمك هنا لن يلد الا خيبات رجاء واحلام مكسورة ستبقى محفورة بالذاكرة تتوسدها بين الفينة والآخرى كجمر فؤاد يستعر وتطفيء لهيبة فيض مدامع تنهمر ووهم مرهون بواقع غابر يحوم الأسى حولة حلم اعرج تسهر متأملاً بأصلاح الكون وتنتظر اشجاراً عقيمة ان تثمر واشواك تريدها ان تينع وتزهر ومن غياهيب يسكنها البغض ان تطرح وداً فلكل ابن آدم عيباً لامحالاً وبكل مصلحة ستجد الأنانية والزيف والخبث واستحقار العمالة فلا تتكيء كثيراً على حلمك الاعرج وابدأ بأصلاح ذاتك فهذا هو الحل الامثل لتحقيق بعضاً من اسراب حلمك احلام مبعثرة تقبع تحت عباءة محب للسيطرة والشهرة متأملا ان يبرز نجمك وتتسع بؤرة ضوء شموعك فتكتشف ان بريقك لايزيدة الا شهرة وانصهارك وهو يحجب وميض اضواءك داخل قوقعتة لايدعم الا سلطتة ليصعد على اكتافك متفاخراً يحركك كمفتاح زنبرك اعرج يحتك متآكلاً تدريجياً بين جشع الشهرة واستغلال زخم عطائك وسيسعى جاهداً لتقليل شأنك وبعثرة احلامك حلم مشوه ان تصبح المصلحة استثنائية وانماط الاتصالات فعالة نابعة من نبل قلب لا ارادية لايشوهها مصلحة ولا خبث نية شعارها صلة الارحام ومودة الاصدقاء ووصل الاوفياء مؤسف ان تتفاخر بكثرة الاقارب والاصدقاء وعند المحن والشدائد تستيقظ على حلم مشوة ان جذور محبتهم لك نمت على صخرة صماء احلام عقيمة لكنها ستظل بسراج الأمل لاتعرف المستحيل وتتوالى نوباتها بين ابتسامة حالم ومؤمن بالقدر لاينحني لليأس ولا يبالي بعثرات السبيل
  3. م ـدخل }.. تمر علينا لحظات مختلفة .. فمنها المفرح ومنها المحزن والجميل والقبيح . تدوم علينا احزانا وتختفي من امامنا ابتسامتنا فتصبح اللحظات الجميلة كالشروق واللحظات الحزينة كالغروب {شــروق عندما ترا نبراساً للأمل معلق في ظلام حالك فتفرح بوجود هذا الضوء وهذا الأمل غــروب} عندما ترا هذا الضوء عبارة عن شمعة تتأرجح في ذلك الأفق لتنبؤك بأجل إنطفائهــا {شـــروق عندما تشعر بوجود أعز النــاس بجانبك يساندك في وقت الشدة ويسمح دمعتك في وقت الغربة غــروب} عندما تعلم أن هذا الشخص مجرد منافق قد مر على حياتك وقد مسح دمعتك عن طريق الخطأ {شـــروق عندما تبذل كل جهدك في زراعة بذرة لتكبر وتصبح شجرة قد عليها كل طموحك ومستقبلك غــــروب} عندما ترآ ان كل مازرعته قد حصدته في فصل لم يآن آوان قدومه بعد .. {شـــروق عندما ترا ذكرياتك المفرحة تتسلسل امامك كشريط للأيام فترسم على شفاتك ملامح الإبتسامة ومعالم الفرحة غــروب} عندما تعلم ان لحظات الفرح قليلة بحيث تستطيع عدها إن لحظات الحزن كثيرة . لاتعد ولاتحصى {شــروق عندما تضمد جراح الآخرين وترى عنفوان الصفاء والشكر يحيطان بك غــــروب} عندما تضمد جـراح الأشخاص الخاطئين فترى تعبك قد أحاط بك فتنادي علي أحد ليضمد جرآح قلبك النازف عندها لاتسمع إلا صدى صوتك {شـــروق عندما تجد ان قلمك قد يرفع حملاً كبيراً من آحزانك على ذلك الورق الأبيض غـــــــروب} عندما يخونك قلمك ليعلن إنتهاء مسؤليته وليعلن عدم احتماله تدوين المزيد من الأحزان والآلآم.... راق لي
  4. ]•°• ? •°• تأمُـلات قلــ ? ــب •°• ? •°• : أشعة الحُب تُظهر لنا مزايا من نُحب وتنكسر عند عيوبهم ..، : : لكي تصل لهدفك بنجاح , أسلُك الطريق المباشر وإن كان وعراً، وأحذر أن تسلُك طريقاً ملتوياً مهما أغرتك مزاياه وخدماته ..،: : :: تساؤل :: نُفاجأ أحياناً بوجودنا على أرض المعركة فإلى أي الطرفين سننضم ؟! للطرف الأقوى!! أم للطرف صاحب الحق ؟!! : : عِلاقاتنا بالآخرين كالأيام ، فيومٍ سعيد , ويومٍ رائع , ويومٍ مميز ، ويومٍ كئيب ، ويومٍ لنا ، ويومٍ علينا ، ويوم يمر وكان لم يكن ..!! وجميعها تنتهي ، ولا يبقى منها إلا ما يستقر في نفوسنا ، من ذكريات حميمة ، أو ماضٍ أليم ..، : : دس الأنُوف في غُبار الماضي ...يُزكمُها ، فتفقد الإحساس بعبير الحاضر ، وأريج المُستقبل ..،: : عندما يُصاب قلبان في الصميم فإن القلب الذي كان يُحلق طـــائــرا من السعادة سيهوي بشدة ، وإصابته ستكون أعمق من القلب الذي سيُصاب وهو واقف على الأرض ..!!
  5. علمتني الحياة أن تكون واثقاً من نفسك لا يعني .. أنك مغرور أن تبكي لا يعني .. أنك ضعيف القلب أن تبتسم دائماً لا يعني.. أنك لا تحمل هموماً وأحزانًا أن تخطئ مرة لا يعني .. أنك إنسان سيئ هكذا علمتني الحياة إن أعظم ألم في الحياة أن يتجاهلك الآخرون إن أعظم ألم في الحياة إن تخسر صديقاً تحبه جداً لتكسب آخر لا يهتم لك أبدًا إن أعظم ألم في الحياة حينما يكون أصدقائك مشغولين جداً عن مواساتك عندما تحتاج لأحد كي يرفع من معنوياتك إن أعظم ألم في الحياة حينما تطلع أحدهم على أعمق أفكارك ثم يضحك ساخراً في وجهك إن أعظم ألم في الحياة حينما يبدو لك أن الشخص الوحيد الذي يهتم لأمرك هو أنت هكذا علمتني الحياة إن أجمل لحظات الحياة حين تعيش في أفئدة الناس دون غش و خداع إن أجمل لحظات الحياة حين يفهمك من حولك فيداوون جروحك أو يجعلونك تستند عليهم في مصائبك هكذا علمتني الحياة من شاور عاقلاً أخذ نصف عقله ليس عليك أن يقتنع الناس برأيك ولكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق سقوط الإنسان ليس فشلاً ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط لا تلم نفسك على ما مضى فاللوم آفة كبير بل اتعظ من أخطائك وليكن لك هدفًا جديداً الابتسامة أقل كلفة من الكهرباء وأكثر إشراقًا منها هكذا علمتني الحياة ما أقسى الحياة عندما تفرقك من تحب وتنتهي أغلى أحلامك فتحكم عليك بالموت وأنت حي ما أقسى الحياة عندما تسرق منك أغلى ابتسامة وأجمل فرحة وأروع قلب فتكره حياتك وتنقلب الدنيا على رأسك ولا عزاء ما أقسى الحياة عندما تحول أيامك إلى ليلٍ حالك وحزنٍ دائم وبكاءٍ منقطع النظير بعد أن كنت عاشقاً للشمس ساكناً في قلبها ما أقسى الحياة عندما تصبح الآلام والأحزان لصيقةً بحياتك في كل مراحلها ولحظاتها بما في ذلك ساعات الفرح وما أقلها ما أقسى الحياة عندما تبكي ولا يسمعك أحد وتصرخ فلا يجيبك أحد وتشكو فلا ترد عليك سوى الجدران ما أقسى الحياة عندما تنتزع روحك ووجدانك ومشاعرك وأحاسيسك ويحل محلها النسيان ومفارقة أغلى الخلان ما أقسى الحياة عندما تصبح الوحدة رفيقةَ دربك والضيق أقرب خلانك والمرارة أعز أصدقائك ما أقسى الحياة عندما تقرأ هذه الكلمات .. وترى أنها تعبر عن ما في قلبك ما أقسى الحياة عندما تقرأ هذه المعاني .. و تتذكر أنها صورة عن حياتك أشعِر الناس بأهميتهم عندما تقابل احدا اينما كان داخل البيت او خارجه .. صغيرا كان او كبيرا تخيل انه يلبس قناعا خفيا مكتوب عليه : أرجوك .. أشعرني بأهميتي إستجب لذلك النداء فورا وسترى العجائب كيف تشعر الاخرين بأهميتهم ؟ اولا بالابتسامة في وجوههم ثانيا بالإصغاء اليهم فهذا لن يشعرهم باحترامك لافكارهم فقط بل ستشعرهم بأنك تتعلم منهم عندما تبخس اعتزاز شخص بنفسه فانك تنتقص من طاقته وقدره ولكن عندما تُشعر الناس بأهميتهم فانك تؤكد لهم احساسهم بانفسهم وبالتالي يزداد اعتزازهم بذاتهم وتتضاعف ثقثهم بانفسهم أظهر للناس مقدار تقديرك لهم لأنك لن تلتقي أبدا بشخص لايحب أن يُمتدح هناك من سيصعب عليه تحقيق ذلك لانه لم يألف ان يمتدح احدا ولكن ان اعتبرنا ان الإثراء والمدح من الاشياء الجيدة فهي اذن لمن يستطيع تحقيقها واخذها بقوة الهدف.. وشدة التصميم ليست هناك قوة ترسل الخير لأناس مفضلين.. وتعطيك انت الاشياء الناقصة فالذين يمتلكون القدرة على ملء عقولهم بالافكار الايجابية، بالفكر المتفائل المبهج هؤلاء يكتسبون واحدا من اكبر الغاز الحياة أشعِر الناس بأهميتهم فالناس النافعون هم الذين يسعدون الاخرين وينجزون ذلك بعظمة وينمون بقوة ويحتفظون بسماتهم الباعثة على البهجة والايجابية ودمتم فى حفظ الرحمن
  6. مِنْ رَوْعَةِ الْجَمَالِ أَنْ تَعِيْشَ بِشَكْلٍ مُخْتَلِفٍ ! عُبِّرَ عَنْ أَيُّ شَيْءٍ تَرَاهُ .. تُسْعِدُ وَتَتَعَجَّبُ.. تَحْزَنْ وَتَسَتُفَهُمْ .. تَضْحَكُ وَتُحَاكِيّ الْنُّجُوْمِ .. تَبَوُّحُ وَتُرْسَمُ ,’ ادَّمَجَ احْسَاسِكْ بِالرِّيَشَةِ .. بِالْقَلَمِ .. بَالَصُّوْتَ .. بِالْصُّوَرَةِ .. وَبِالاحسّاسِ .. كُنْ وَلَوْ لِلَحَظَاتِ " سَّمِعِيَا , بَصرِّيَا , حسيّا " لِتَكْتَشِفَ الْجَدِيْدِ .. وَتَعِيْشُ أَمَامَ وَخَلْفَ الْكَوَالِيْسِ ! بِاخْتِصَارٍ.., بُّكّلَ الْمَشَاعِرِ تَعّيّيْييشُ ,’ افْتَحْ سِجِلّكَ الْيَوْمِيَّ وَحُدِّدَ مَوَاعِيْدُكَ مَعَ الْأَمَاكِنِ وَلَيْسَ الْبَشَرُ .. بِمُنْتَهَىَ الْبَسَاطَةْ " تَعِيْشُ بِشَكْلٍ مُخْتَلِـفً!! " وَفِيْ مَوَاعِيْدُ الْأَمَاكِنِ .. عَبْرَ كَيْفَمَا تَشَاءُ .. أَخْرَجَ كُلَّ الْمَشَاعِرِ الْمَكْبُوتَهْ دَاخِلَ أَرْوِقَةَ الْقَلْبِ وَأَطْلَقَهَا لِلعَنَانَ .. الْحَيَاةِ لَاتَسْتَحِقُّ أَنَّ نُحَرِّمُهَا مِنْ احَاسَيْسَنا .. انّ آَثَرْتَ الْصَّمْتَ فمَلامِحكِ سَتَحْكِي عَنْكَ .. فَ لا تَنْتَظَرَهَا .. اسَبِقَهَا وَعَبَّرَ .. اصْنَعِ نَفْسَكَ لِنَفْسِكَ .. حَاكِيْ نَفْسَكَ وَازْرَعْ مِقُوْلاتِكِ الْمُبْهِرَةٍ عَلَىَ أَرْوِقَتِهِا وجَنَبَاتِهَا وَفِيْ كَلَلٍ مَكَانٍ فِيْهَا .. وَانْ حَانَ مَوْعِدُ الْحَصَادِ .. اقْطُفَ أَرْوَعْ ثِمَارَكِ وَاهْدِهَا لِقَلْبِكَ وَعَقْلُكَ .. فَأَنْتَ الْأَرْوَعُ وَالْأَجْمَلُ حِيْنَ اذُنٌ .. لِأَنَّكَ مُخْتَلِـفً!! " الْالْوَانِ تَتَجَدَّدُ .. أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ .. أَحْمَرُ وَأَخْضَرُ .. أَصْفَرُ وَأَزْرَقُ .., آلْحَيَاةِ تَتَجَدَّدُ .. فَرَحٌ وَحُزْنٌ .. مَيْلَاَدَ وَ وفْاَةَ .. سَلِمَ وَحَرْبٌ .. رُخَاءً وَشِدَّةِ .., نَوعْ ثقَافتَكَ .. جَدَدَ قْرَاءَتَكَ اَرَتقَ بّ مَواَهَبَكَ وَاَسَعَدَ بَهَاَ انْظُرْ لِمَنْ حَوْلَكَ وَابْتَسَمْ لَهُمْ .. وَتُذَكِّرُكَ عَالَمُكَ الْمُخْتَلِفٌ .. تُذَكِّرُ مَوَاعِيْدُكَ .. رَسْمَ رِيْشَتُكَ .. وَصَوْتُ تَعْبِيرُكْ .. وَابْتَسَمْ مِنَ الْدَّاخِلِ لِقَلْبِكَ .. وَ بِإِبْتِسَامَةً مُخْتَلِفَةَ عَنْ ابْتِسّامْتَكَّ لِلْآَخِرِينَ .. لِأَنَّهُ قَلْبِكَ ! لَيْسَ انْفِصَامَ أَوْ تَخَلَّفَ .. بَلْ اخْتَلاف .. اَجَعَل كَل لَحَظةْ بَصمْة َاصْبعَ لَاتْتكَررْ الَا ْبإَختْلاَف
  7. المعذبون في الارض ::::::::::::::::::::::::::::: أصداء أيتام لا مأوى ولا دار كبرت قلوبهم وهرمت أرواحهم من جور الزمان وحقد البشر يفترشوا الأرض ويلتحفوا السماء ..... يلتمسوا البقاء أحلام لا تنتهي ليست لهم تتحقق في أماكن آخرى... زهور تموت بعزلة عن البشر قلوب أستسلمت لمشيئة القدر قلوب شربت المر مع أول قطرة حليب أنه الأشد ألم ووجع هو النظر بوجه طفل يتيم مشرّد لا أعتقد يوجد أقسى وأكثر وجع من تلك الصور البشرية الحية ماذنب هؤلاء هل كان الذنب ذنبهم أم هو ذنب الزمن الضرير زمن شلت فيه أيادي الرحمة ماتت القلوب..... تحجرت قلوب البشر
  8. إن العقل يعتبر هو المتحكم الأول في كل أفكار وقرارات وتوجهات الإنسان فالعقل يكون على اتصال بكل أعضاء الجسم كما أن العقل هو من يستقبل المعلومات والبيانات ويبدأ في ترجمتها إلى ما يناسب طبيعة رؤيتنا وتعاملنا البشري معها فالعقل هو ذلك الصديق الوفي المرافق الدائم للإنسان ولكن مع ذلك قد يخل العقل بهذا الوفاء في بعض الأحيان ويصور لنا أشياء نراها بأعيننا حقيقة مؤكدة مع كونها غير حقيقة.. نعم فالعقل قد يخدع صاحبة التشبع الدلالي التشبع الدلالي هل مر عليك وقت قبل ذلك قمت فيه بتكرار كلمة معينة كثيرا حتى وجدت أنك بدأت تفقد معناها؟ إذا حدث ذلك معك فلا تقلق، فالعلماء قد قاموا بدراسة هذه الظاهرة جيدا وأسموها ظاهرة التشبع الدلالي حيث أثبتت الدراسات أنك عندما تقول كلمة واحدة (على سبيل المثال “القلم” ) يبدأ عقلك بالتشبع بالكلمة ثم يبدأ يحدث خلط في معنى الكلمة كما أنك إذا قمت بتكرار الكلمة بسرعة كبيرة يصبح عقلك أقل قدرة على التواصل مع المعنى إذا فنحن من نعطي عقلنا الفرصة كي يخدعنا ويصور لنا أن الكلمة أصبحت ليست ذات معنى، وقد يكون ذلك سببه بعض الأمراض كمتلازمة توريت عندما يبدأ المريض في تكرار كلمة مفضلة له مرارا وتكرارا. نظرية الشعور تخيل أنك ذهب إلى رحلة مخيمات بعد أن تم تأجيلها لفترة طويلة وأنك خلال هذه الرحلة قضيت يوما طويلا من المشي والصيد وغيرها من الأنشطة، ثم ذهبت لترتاح في خيمتك فعندما تستيقظ في اليوم التالي في الصباح إذا وجدت أن شيئا ما غريب يحدث بأن ترى دبا في خيمتك مثلا فأنت تتصور أن أول شعور تشعر به هو الخوف الذي يؤدي إلى زيادة ضربات القلب، وهذا ليس إلا خداع عقلي فطبقا لنظرية المشاعر أنك عندما ترى الدب فإن قلبك يبدأ ينبض بقوة وهنا يبدأ العقل يرسل إشارات الخوف فيتولد لديك الشعور بالخوف، كما أن الدارسين لأمور المشاعر والعواطف لم يستطيعوا حتى الآن أن يثبتوا خطأ هذه النظرية. دودة الأذن أهل حدث أنك استمعت يوما إلى نغمات موسيقية ثم استمر تكرار هذه النغمات في أذنك لمدة طويلة بعد إيقاف الموسيقى؟ لقد أطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم دودة الأذن لأنك عندما تستمع إلى النغمة يعلق بأذنك أول جزء منها ثم يحاول عقلك أن يستعيد باقي المقاطع فلا يستطيع فيبدأ في تكرار الجزء الأول كثيرا وبعد العديد من الدراسات التي أجراها العلماء توصلوا إلى أن السبيل إلى التخلص من هذه الظاهرة هو الإندماج في قراءة رواية أو حل الألغاز
  9. إذا كنت في صلاة فاحفــــظ قلبك . وإذا كنت في مجلس الناس فاحفظ لسانك . وإذا كنت في بيوت الناس فاحفظ بصرك . وإذا كنت على الطعــام فاحفظ معدتك . واثــنــتـــان لا تذكرهمـــا أبدأ : إســـــــــــــاءة الناس إليك..... وإحسانك للناس ............... إعلــم : ليس غير الله يبقى .. من علا فالله أعلى .. اعلم رعاك الله .. أنه من عاش مات .. ومن مات فات .. وكل ما هو آتٍ آت .. من وثق بالله أغناه ومن توكل عليه كفاه ومن خافه قلت مخافته ومن عرفه تمت معرفته
  10. لا تتعجب إدا اختلف أحدهم معك فى الرأي .... . . . . . . فكل له تفكيره الخاص به وطريقته في التعبير عن افكاره أعاننا الله على كثير من الأشخاص نراهم كل يوم يملكون هده الأدمغة الفاسدة....
  11. قد تكون معجبا بشخصية معينة وتعتقد بانها الشخصية المثالية والتي ينجذب اليها الاخرون من حواليك. تشاهد ان الاخرين ينجذبون ويصغون الى ما يقوله ذلك الشخص ولكن عندما تتكلم انت لا يعيرونك ذلك الاهتمام. تعتقد بانك ذو شخصية غير مؤثرة او ضغيفة وغيرك يمتلك السلطة والقيادية في القرارات والحديث. تحس بان رأيك لا يهم وان عليك السماع لرأي الاخر. اذن انت تريد البحث عن الطريقة التي تجعل بها شخصيتك تتغير وتكون قيادية في المجتمع ويكون لك رأي مسموع. انت في المكان الصحيح. نقدم لك 5 خطوات سوف تغير شخصيتك بالكامل الى الافضل. ما معني كلمة كاريزما؟ دعنا أولاً نتعرف على معنى كلمة كاريزما التي نسمعها كثيراً ويتنامى إلى أسماعنا دائماً أن هذا الشخص كاريزمي أو له كاريزما. كلمة كاريزما تعني الشخصية القوية المحبوبة وأن هذا الشخص ينجذب إليه الناس ويكون له القدرة في التأثير على الآخرين ويكون محط أنظارهم ويحاول الناس تقليده في كل شيء مهما كان مظهره ومهما كانت نسبة ثرائه أو فقره. وفي هذا المقال نتناول بعض الخطوات التي تساعدك على أن يكون لك كاريزما. اولا: التحلي بالثقة بالنفس. هناك فرق كبير بين الكاريزما والثقة بالنفس ولكن الثقة بالنفس تزيد من قوة شخصيتك فكلما زادت قوة شخصيتك كلما زادت ثقة الناس بك وزاد إعجابهم بك وبالتالي يسهل عليك التأثير فيهم. فالناس دائماً تلتف حول الشخص الواثق من نفسه وتحب أن تكون برفقته وإليك بعض الخطوات للتحلي بالثقة بالنفس: الثقة بالنفس لشخصية قوية · كن إيجابياً. فالأشخاص الواثقين من أنفسهم يكونوا إيجابيين دائماً لآنهم يحبون أنفسهم ويحبون ما يفعلون دون خجل ودون تردد. لاتبدأ أي محادثة بتوجيه النقد لأي شخص سواء كان حاضراً أو غائباً أو أي مكان أو شخصية سياسية. ولكن ابدأ بالتركيز على الأشياء التي تحبها مما يجعل الآخرين في شوق دائم للإستماع إليك. أما إذا كان حديثك كله عن السلبيات وعن الأشياء التي تكرهها فسينفر الناس منك ويتولد لديهم الشعور بأنك شخص سلبي. · تحدث بثقة. ولكن هذا لا يعني التحدث أكثر من الآخرين أو بصوت أعلى منهم ولكن التحدث بثقة يعني الحديث عن أشياء مهمة وأفكار وآراء تستطيع إقناع الآخرين بها. تحدث بهدوء واجعل كلامك واضحاً وقم بتغيير درجات صوتك في الإرتفاع والإنخفاض وطريقة الإلقاء والتركيز على الكلمات المهمة. وللتدريب على ذلك يمكنك تسجيل كلامك وأنت في منزلك واستمع إلى التسجيل وتدرب أكثر من مرة. · ولتيدو كشخص واثق بنفسه فعليك الثقة بنفسك بالفعل فالشخص الواثق من نفسه يحبون أنفسهم ويحبون ما يفعلون. أما إذا لم تتحلى بهذه الدرجة من الثقة فعليك تذكر إيجابياتك وتعمل على تطويرها وزيادتها وتعلم أخطائك واعلم ما هي سلبياتك واعمل على تفاديها وتحويلها إلى إيجابيات وابدأ في تحسين مظهرك لتبدو بمظهر جذاب دائماً. ثانيا: اظهر الكاريزما من خلال لغة الجسد. فلغة الجسد مهمة جداً وتستطيع أن تخبر الآخرين بالكثير عنك وعن شخصيتك وثقتك بنفسك. أما الحركات الخاطئة التي تقوم بها قد تسبب لك الخجل أمامهم وتجعل ثقتك بنفسك أقل. وإليك بعض النصائح لتستفيد من لغة الجسد لغة الجسد شخصية مؤثرة · الشخص الذي له كاريزما وواثق من نفسه يقف شامخاً ويتحرك بخطوات ثابتة. يمشي في غرفة مليئة بالغرباء دون أن يخجل ويمشي بفخر واعتزاز. · قم بتحسين طريقة حركتك. فاجعل طريقتك في الوقوف ثابتة وجسمك منفرداً غير منحني وعندما تقابل أحد الأشخاص قم بمصافحته بقوة (ولكن ليست قوة شديدة) وانظر في عينيه. قم بمواجهة الشخص الذي يتحدث إليك ويديك منفردتان ولا تلمس وجهك أو شعرك أثناء الحديث. · قم بالتمرين أمام مرآة وأنت في المنزل وكأنك تتحدث مع الآخرين أو تلقي كلمة وهم يستمعون إليك وراقب حركات جسدك وعينيك. هل ترتعش يداك وتدور عينيك كثيراً في كل أرجاء امكان؟ هل تستطيع فهم معنى الكلام من تعبيرات وجهك؟ قم بالتمرين كثيراً حتى يصبح جسدك ثابتاً ولا ترتعش يداك وتستطيع استخدام جسدك لتأكيد كلامك. · قم بالتدريب على حركات الجسد التي يستخدمها من تتحدث معهم وبالتالي تقترب منهم أكثر دون أن تتحدث كثيراً فعندما تتحدث مع شخص يستخدم لغة الجسد كثيراً عليك باستخدام جسدك وحركات يديك كثيراً مثله وعندما تتحدث مع شخص يتكلم أكثر مما يتحرك فافعل مثله فالناس تقترب دائماً من الشخص المشابه لهم. · عندما تتحدث إلى شخص أنظر دائما في عينيه ولكن ليس طوال الوقت أي لا تحدق به ولا تنظر إلى كل مكان في الغرفة عندما تتحدث ولكن إجعل تركيزك على الشخص الذي تتحدث معه. لا تنظر إلى هاتفك كثيراً بدون داع ولا تنظر إلى ساعتك لآن هذا يعني أنك غير مهتم بهم. · إبتسم عندما تقوم بتحية أحد الأشخاص فابتسامتك تعني أنك سعيد لرؤيته وتود التعرف إليه. ثالثا: اجعل الاخرين يحسون بالتميز. عندما تتحدث إلى شخص ما أو تتعرف إليه فعليك أن تجعله يشعر أنه مميز بطريقة مصافحتك له وحديثك معه. فلكي يكون لك كاريزما يجب أن يكون لديك القدرة على التحدث مع أي شخص وعن أي شيء وأن تكون مستمعاً جيداً وإليك الطريقة كيف اصبح شخصية · عندما تتحدث إلى شخص أقل منك فلا تحتقره أو تترفع عن محادثته سواء كان موظفاً لديك أو طفل أو عامل ولكن عليك باحترام الجميع. · عليك بإظهار إهتمامك بحياتهم دون أن تكون متطفلاً فاسألهم عن حياتهم وتاريخهم أو آرائهم. إجعلهم يشعرون أن لهم قيمة عندك وأن حياتهم تهمك. · إستمع إليهم جيداً عندما يتحدثون واظهر لهم مدى تفهمك بقولك "أوافقك الرأي" أو "هذا صحيح" حتى يعلم أنك مهتم بما يقول وتتابع أحاديثه. عليك بتذكر أسماء من تتحدث معهم ولا تنساها وتذكر أسمائهم عندما تتحدث معهم مما يعني أنك مهتم بهم رابعا: كن بارعا. فالشخص الذي له كاريزما يجعل الآخرين يضحكون دون أن يحاول جاهداً فعل ذلك فالناس تحب دائماً التواجد مع الشخص المرح الذي يرسم البسمة على وجوههم وإليك بعض النصائح لفعل ذلك · يمكنك ذكر بعض المواقف الطريفة عن نفسك ولكن ليس إلى الحد الذي تنكر فيه ذاتك وتجعلهم يعتقدون أنك غبي ولكن مواقف طريفة بسيطة ليس إلا ولا تجعل كل إهتمامك هو إضحاكهم فقط ولكن كن مرحاً. · عندما تتواجد مع أشخاص أكبر منك في السن أو أشخاص ليس لديدهم حس الفكاهة العالي فلا تكثر من النكات واجعل نكاتك قصيرة وغير جارحة وعندما تتواجد مع شخص تتعرف عليه للمرة الأولى فعليك بالتحدث في بعض المواضيع التي تهمه حتى تلفت إنتباهه وتجعله يحب التواجد معك. · لا تقوم بإلقاء الكثر من النكات أو ذكر العديد من المواقف الطريفة طوال الوقت ولكن عليك اختيار الوقت المناسب لذلك. خامسا: كن متفاعلا. ليكون لك كاريزما حقيقية فلا يكفي أن تترك أثراَ عند الناس أو أن تستمع إليهم ولكن ينبغي أن تتفاعل معهم وتشترك معهم فيما يهمهم وبالتالي تحصل على إهتمامهم بك وتلفت إنظارهم إليك وإليك بعض النصائح شخصية قوية جدا · عليك ألا تحصر نفسك داخل مجمو عة من الأشخاص او المواضيع ولكن كن متنوعاً تحدث مع الجميع وفي كل المواضيع التي تهمهم ولهذا فعليك أن تزيد من ثقافتك وتعلم أكثر عما يجري حولك فقم بقراءة الجرائد والمجلات بشكل يومي وتعرف على لغات جديدة أو نوع جديد من الفن وكلها مواضيع يمكنك مناقشتها معهم. · عليك أن تستمع للأخبار السياسية وتعلم ما يجري حولك وكذلك التاريخ والعلوم والأدب حتى تستطيع الدخول في أي مناقشة تدور امامك. · تعلم دائماً ان تفكر قبل أن تتحدث حتى لا تخطيء في الكلام وتتخلص من الكلام التافه ولا تتكلم إلا بما يهم الناس ويثيرهم ويجعلهم ينتبهون إلى ما تقول. عليك بصياغة كل جملة بشكل أفضل قبل أن تقولها وإذا لم يكن لديك شيئ مهم لتقوله فالأفضل أن تظل صامتاً فصمتك أفضل بكثر من أن تتكلم بكلام تافه لا يهمهم. · الكثير منا يقوم بإخفاء بعضاً من أحاسيسه ومشاعره عن الآخرين ولا يتحدثون عما بداخلهم إلا للقريبين منهم ويثقون بهم فحاول دائماً أن تتقرب منهم وتتحدث معهم عما تشعر أنت به بصدق ولكن لا تخبرهم عما ينفرهم منك أو يجعلهم غير محبين للحديث معك لتشجعهم على التحدث معك عن مشاعرهم. نصائح: · تطوير الكاريزما عبارة عن فن وما ذكرناه سالفاً يساعدك كثيراً على تطويرها ولكن الكاريزما يجب أن تنبع من داخلك أنت أولاً ويجب أن تنعكس على شخصيتك وتصرفاتك وتكون حقيقية. · كن صادقاً فالناس لا تحب الأشخاص الذين يقومون بالتقليد فقط سواء في الحركات أو طريقة الكلام وحاول دائماً أن تعطي النصائح والآراء المفيدة ولا تقم بإهانة أي شخص مهما كان فهذا سينفر الناس منك ويبعدهم عنك. · يمكنك الحصول على كورس تنمية بشرية لتنمية مهارات التوصل مع الآخرين وتعلم كيف تتواصل بلغة الجسد ومتى تتكلم ومتى تصمت. انظر ايضا: كيف اصبح محبوب للجميع
  12. عجبت لأربــــع يضلّــــــــــون عن أربع 1/ عجبت لمن ابتلى بغــم كيف يغفل عن قـــول (( لا إلــــه إلا أنت سبحانــك إني كنت من الظالمين)) والله يقــول بعـــدهـــا (( فــاستجبنـــا لـــه ونجينــاه من الغـــم ))) 2/ عجبت لمن ابتلى بضـــر ّ كيف يغفل عن قـــول (( ربي إني مسني الضـــر وأنت أرحــم الراحميــن )) والله يقــول بعـــدهـــا ((فا ستجبنـــا لــه وكشفنــا ما به من ضــر )) 3/عجبت لمن ابتلى بخوف كيف يغفل عن قـــول ((حسبي الله ونعــم الوكيـــل )) والله يقــول بعــــدهــــا (( فانقلبوا بنعمة من الله وفضــل لم يمسسهــم ســــوء )) 4/عجبت لمن ابتلى بمـــكر النــاس كيف يغفل عن قـــول ((وأفـــوض أمري إلى الله والله بصيــر بالعبـــاد)) والله يقــول بعــدهـــا (( فوقاه الله سيئــات ما مكـــروا
  13. فيد كلام صاحب "معجم اللغة" أن الأصل في مادة (نسك) يدل على عبادة وتقرب إلى الله تعالى، ومنه رجل ناسك. وذكر أيضاً أن هذا الأصل يدل على معنى الذبيحة التي يُتقرب بها إلى الله نسيكة. وبمثل هذا قال ابن عاشور حيث جعل الأصل في مادة (نسك) العبادة، وذكر أنه يطلق على الذبيحة المقصود منها التعبد، قال: "وأغلب إطلاقه على الذبيحة المتقرَّب بها إلى معبود". وذهب بعض أهل العلم إلى أن أصل مادة (نسك) الذبح، والنسيكة الذبيحة، قال الطبري: "النسك: الذبح لله في لغة العرب، يقال: نسك فلان لله نسيكة، بمعنى: ذبح لله ذبيحة، ينسكها نسكا". ثم كثر ذلك حتى قيل لكل عبادة نسك، وكل عابد ناسك، ومنه مناسك الحج. قالوا: والناسك العابد، ويكثر استعماله في القرآن والحديث في عبادة الحج، وعبادة الذبائح والقرابين فيه، أو مطلقاً. والذي حققه الطبري أن الأصل في مادة (نسك) الموضع الذي يتردد إليه الناس لخير أو شر؛ ومن هنا أُطلق على مشاعر الحج ومعاهده وعلى المواضع التي كانوا يذبحون فيها للأصنام كالنُّصُب. و(المناسك) جمع "مَنسَك" -بفتح الميم وكسر السين وفتحها- الموضع الذي يُنسك لله فيه، ويتقرب إليه فيه بما يرضيه من عمل صالح: إما بذبح ذبيحة له، وإما بصلاة، أو طواف، أو سعي، وغير ذلك من الأعمال الصالحة. ولذلك قيل لمشاعر الحج: (مناسكه)؛ لأنها أمارات وعلامات يعتادها الناس، ويترددون إليها، قال الطبري: "والغالب على معنى "المناسك" أنها "مناسك الحج". وقد قيل: إن معنى (النسك عبادة الله، وأن (الناسك) إنما سمي (ناسكاً) بعبادة ربه". ومادة (نسك) وردت في القرآن الكريم في سبعة مواضع، وردت في ستة منها بصيغة الاسم، من ذلك قوله تعالى: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} (البقرة:196)، ووردت في موضع واحد بصيغة الفعل، وهو قوله تعالى: {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} (الحج:67). نذكر فيما يلي ما نُقل من معان للفظ (النسك) في الآيات التي ورد فيها هذا اللفظ: * قوله تعالى: {وأرنا مناسكنا} (البقرة:128)، فُسرت (المناسك) هنا بمعنى شعائر الحج ومعالمه. وفُسرت أيضاً بأنها: المذابح، فكان تأويل هذه الآية، على قول من قال ذلك: {وأرنا} كيف ننسك لك يا ربنا نسائكنا، فنذبحها لك. * قوله سبحانه: {فإذا قضيتم مناسككم} (البقرة:200)، فسر هنا بمعنى أعمال الحج، وعباداته، قال الرازي: "أي: إذا قضيتم عباداتكم التي أمرتم بها في الحج". وذكر الطبري أن المراد بـ (المناسك) الذبائح، قال في معنى الآية: فإذا فرغتم من حجكم، فذبحتم نسائككم، وروى عن مجاهد: {فإذا قضيتم مناسككم}، قال: إهراقة الدماء. * قوله عز وجل: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} (البقرة:196)، فُسر (النسك) بمعنى ذبح الشاة كفارة لارتكاب بعض المحظورات في الحج، روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: النسك: أن يذبح شاة. وقال بعضهم: النسك هنا الذبيحة شاة فما فوقها. * قوله عز وجل: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} (الأنعام:162)، فُسر (النسك) في هذا الموضع بـ (الذبح)، روى الطبري عن مجاهد: قال: {إن صلاتي ونسكي}، قال: (النسك) الذبائح في الحج والعمرة. وذكر بعضهم أن النسك هنا يعني العبادة، قال ابن عاشور: "النسك حقيقته العبادة؛ ومنه يسمى العابد: الناسك". * قوله سبحانه: {ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة} (الحج:34)، فُسر (المنسك) هنا بمعنى الذبح، أي: لكل أمة جعلنا ذبحاً يهريقون دمه. روى الطبري عن مجاهد، قال: {ولكل أمة جعلنا منسكا}، قال: إهراق الدماء، والمعنى: جعلنا لكل أمة من الأمم التي بعث فيها الأنبياء ذبائح يتقربون بها إلى الله، والشاهد لهذا المعنى قوله تعالى في الآية نفسها: {ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} (الحج:34). قال ابن عاشور في المراد بـ (المنسك) هنا: "أي: جعلنا منسكاً للقربان والهدايا، وجعلنا البدن التي تهدى، ويُتقرب بها شعائر من شعائر الله"، فالمراد بـ (المنسك) هنا -وفق ابن عاشور- المكان الذي تقدم به الذبائح. * قوله تعالى: {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر} (الحج:67)، اختلف أهل التفسير في المراد بقوله: {لكل أمة جعلنا منسكا} أي المناسك عنى به؟ فقال بعضهم: عنى به: عيدهم الذي يعتادونه، روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال: عيداً. وقال آخرون: ذبح يذبحونه، ودم يهريقونه، روى الطبري عن مجاهد، في قوله: {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال: إراقة الدم بمكة. وعن قتادة: {منسكا}، قال: ذبحاً وحجاً. واختار ابن عاشور أن المراد بـ (المنسك) هنا: مواضع الحج، بمعنى الأماكن التي تؤدى بها شعائر الحج، كمنى وعرفة والمزدلفة، ونحوها من الأماكن. وذكر بعض أهل التفسير أن المراد بـ (المناسك) هنا: العبادات، وقال: إن معنى الآية: جعلنا لكل أمة بعثنا فيها نبياً ضَرْباً من العبادات والشرائع. والذي اختاره الطبري أن المراد بـ (المنسك) في الآية هنا: إراقة الدم أيام النحر بمنى؛ لأن المناسك التي كان المشركون جادلوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت إراقة الدم في هذه الأيام. وعلى الجملة، فإن مادة (نسك) في القرآن الكريم جاءت إما بمعنى (الذبائح) التي يُتقرب بها إلى الله سبحانه، وإما بمعنى (شعائر الحج)، وإما بمعنى (الأماكن) التي تؤدى بها شعائر الحج، وإما بمعنى (الموضع) الذي تقدم به الذبائح تقرباً إلى الله تعالى، وجاءت أيضاً بمعنى (العبادة) مطلقاً، كما هي في أصل اشتقاقها اللغوي.
  14. قبل أن نذكر بعض الأحاديث المنسوخة في أبواب متفرقة، يجدر بنا أن نشير إلى طرق معرفة الناسخ من المنسوخ، حيث تنحصر في ثلاثة أمور: 1- التصريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك: كحديث بريدة رضي الله عنه في صحيح مسلم وفيه: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة). 2- النص على ذلك من أحد الصحابة رضوان الله عليهم: كقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار" أخرجه أصحاب السنن، وقال الزهري: "كانوا يرون أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الناسخ للأول". 3- معرفة التاريخ: كحديث شداد بن أوس رضي الله عنه في سنن أبي داود: (أفطر الحاجم والمحجوم)، فقد جاء في بعض الطرق أن الحديث كان في زمن الفتح، فنُسخ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم في حجة الوداع" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. نسخ جواز القتل بمكة المنسوخ: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدِم مكة فبعث ابن الزبير على إحدى المَجْنَبتين -وهما الميمنة والميسرة-، وبعث خالد بن الوليد على المَجْنَبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحُسّر -أي الرجالة أو الذين لا دروع لهم- فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته، فقال عليه السلام: (أترون أوباش قريش وأتباعهم -ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى- احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا)، قال أبو هريرة رضي الله عنه: "فانطلقنا فما يشاء أحدٌ منا أن يقتل منهم من شاء إلا قتله" رواه مسلم. الناسخ: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني لم أُحرّم مكة ولكن الله حرّمها، وإنها لم تحلّ لأحد قبلي، ولا تحلُّ لأحد بعدي إلى يوم القيامة، وإنما أحلّها الله لي ساعة من نهار) رواه البخاري ومسلم، وكان ذلك في حجة الوداع. نسخ النهي عن تلقيح النخل المنسوخ والناسخ: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بقوم يلقحون النخل، فقال: (لو لم تفعلوا لصلح)، قال: فخرج شِيصا -أي تمرا رديئا-، فمرّ بهم فقال: (ما لنخلكم؟) قالوا: قلت كذا وكذا.. قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) رواه مسلم، وفي رواية ضعيفة عند الطبراني: (ما أنا بزارع ولا صاحب نخل، لقّحوا). نسخ النهي عن الدفن ليلا المنسوخ: عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه خطب فذكر رجلاً من أصحابه قُبِض فكفن في كفن غير طائلٍ -أي غير سابغٍ- وقُبِر ليلا، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُقبر الرجل بالليل حتى يُصلى عليه؛ إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك" رواه مسلم، ففي هذا الحديث النهي عن دفن الميت ليلا. الناسخ: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "مات إنسانٌ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، فمات فدفنوه ليلا، فلما أصبح أخبروه فقال: (ما منعكم أن تُعلموني؟)، قالوا: كان الليل فكرهنا أن نشق عليك، فأتى قبره فصلى عليه" رواه البخاري. وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: "رأى ناسٌ نارا في المقبرة فأتوها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر يقول: (ناولوني صاحبكم)، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذِّكر" رواه الترمذي وحسنه. وفي هذين الحديثين نسخٌ للنهي عن الدفن ليلا وإباحته.
  15. على الرغم من كثرة المكائد والمؤامرات، وتعدد أشكال الأذى البدني والنفسي الذي تعرض له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أنه ضرب المثل الأعلى والقدوة الحسنة ـ للمسلمين عامة، وللمُربين خاصة ـ في العفو عن المسيء، وحسن التوكل على الله، والشجاعة .. والمواقف الدالة على ذلك من سيرته وحياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرة، منها ما رواه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ( غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة قِبَل نجد، فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في واد كثير العضاه (شجر فيه شوك)، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن رجلا أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟، قال: قلتُ: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟، قال: قلت: الله، فشام السيف (رده في غمده) فها هو ذا جالس، ثم لم يعرِض له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعاقبه وجلس ) رواه البخاري . وفي رواية الإمام أحمد أن الرجل ( قام على رأس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اللهُ عز وجل .. فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: من يمنعك مني؟، فقال الأعرابي: كن كخير آخذ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أتشهد أن لا إله إلا الله؟، قال: لا، ولكني أعاهدُك أن لا أقاتِلَكَ، ولا أكونَ مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فذهب إلى أصحابه، فقال: قد جئتُكم من عندِ خير الناس ) . وذكر الواقدي أنه أسلم ورجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير . وفي هذا الموقف النبوي الكثير من الفوائد، منها : شجاعته وحسن توكله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ربه : رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان أفضل الناس توكلا على الله، وأشجع الناس في المواقف والمصاعب، وكانت مواقفه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مضرب المثل، ومحط النظر، فهو شجاع في موطن الشجاعة، قوي في موطن القوة، رحيم رفيق في موطن الرفق . وفي هذا الموقف الذي نحن بصدده ظهرت شجاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحسن توكله على ربه، فقد علق سيفه بغصن شجرة ثم نام، ولولا حسن ثقته بوعد الله بكفايته وعصمته من الناس لطلب حراسة عليه من الجيش أثناء نومه، ولمَّا استيقظ ـ صلى الله عليه وسلم ـ من نومه ووجد السيف مسلطا عليه، والأعرابي يقول له: ( ما يمنعك مني؟ )، لم تظهر عليه أي من علامات الخوف، ولم يزِدْ عن قوله: ( الله )، وهذا يدل على شجاعته وعظيم تعلق قلبه ـ صلوات الله وسلامه ـ بربه، وحسن توكله عليه، قال الماوردي : " فمن معجزاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ : عصمتُه من أعدائه، وهم الجمُّ الغفير، والعددُ الكثير، وهم على أتم حَنَقٍ عليه، وأشدُّ طلبٍ لنفيه، وهو بينهم مسترسلٌ قاهر، ولهم مخالطٌ ومكاثر، ترمُقُه أبصارُهم شزراً، وترتد عنه أيديهم ذعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً، لم يَكْلَمْ في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمةٍ إلهيةٍ وعدَه الله تعالى بها فحققها، حيث قال ـ سبحانه ـ: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ }(المائدة: من الآية67)،فعَصَمَه منهم ". حب الصحابة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : قول جابر ـ رضي الله عنه ـ في هذا الحديث وهذا الموقف: ( فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) فيه دلالة واضحة على عظيم حبهم للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإيثارهم له على أنفسهم، فلقد أحب الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حُباً فاق كل حب، فآثروه على أنفسهم بالمال والنفس والولد، وقد سُئِل علي ـ رضي الله عنه ـ كيف كان حبكم لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟، قال: " كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ "، فكان لسان حالهم ومقالهم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : هو المُقَّدم في نفسي على نفسي وأهل بيتـي وأحبابـي وخِلانـي العفو النبوي : من فوائد وثمرات هذا الموقف النبوي الهامة ظهور حبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ للعفو والصفح عمن أراد إيذاءه، فقد ورد في الحديث: ( فها هو ذا جالس، ثم لم يعرض له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ )، ومعنى ( ثم لم يعرض له أي لم يعاقبه على ما فعل . قال ابن حجر: " فمنّ عليه (عفا عنه)، لشدة رغبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في استئلاف الكفار ليدخلوا في الإسلام ". ألا ما أجمل العفو عند المقدرة، وما أعظم النفوس التي تسمو على الانتقام للنفس، بل تسمو على أن تقابل السيئة بالسيئة، وتعفو وتصفح، ثم أليس من صفاته ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ التي بشّرت بها التوراة أنه " ليس بفظّ ولا غليظ، ولا سخّاب في الأسواق، ولا يقابل السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ؟ ". وإذا كان العفو من صفات الجمال والكمال الخُلقي، فلنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ النصيب الأوفى منه، إذ كان أحسن الناس عفواً، وألطفهم عشرة، يعفو عن المسيء، ويصفح عن المخطئ، ولا ينتقم لنفسه أبدا، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ( ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قَط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إِلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إِلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم . لقد ترك هذا الموقف النبوي الكريم أثرًا كبيرًا في أعراب هذه المنطقة من غطفان، فقد أظهر وأكد أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس رجلاً كريمًا فحسب، وليس قائدًا شجاعًا جريئًا فقط، وإنما هو أيضًا نبي مُرْسَل، لأنه ليس من عادة الملوك والقادة أن يتركوا من وقف عليهم بالسيف مهدِّدًا هكذا دون أن يقتلوه، وليس من عادتهم الرحمة والتسامح إلى هذا الحد، مما كان لذلك أبلغ الأثر في تفكير هؤلاء الأعراب جديًّا في الدخول في الإسلام .
  16. في شهر شوال من السنة الثامنة من الهجرة كانت غزوة حُنَيْن آخر غزوات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمشركي العرب، والتي دارت رحاها في حنين، وهو واد أجوف ذو شعاب ومضايق قريب من الطائف، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات، وهذه الغزوة فيها من الدروس التربوية الكثير، وقد أشار الله تعالى إليها في القرآن الكريم، فقال تعالى: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ }( التوبة: 25 : 26 ) . والمتأمل في هذه الغزوة يرى حكمته وفقهه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في معاملة النفوس، وعلاج ما بها من خلل أو خطأ، ومن ذلك موقفه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الأنصار . بعد أن تحقق النصر للمسلمين في هذه الغزوة، أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجمع الغنائم، وكانت نحو أربعة وعشرين ألف بعير، وأكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية من الفضة، وأمر أن تساق إلى الجعرّانة، ثم وزَّع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا الخير على المسلمين، وأعطى قبائل العرب عطايا ملأت رحب الفضاء من النعم والشاء والغنم، ومن الذهب والفضة والمال، تأليفا لقلوبهم لحداثة عهدهم بالإسلام، فأعطى لزعماء قريش وغطفان وتميم عطاء عظيما، إذ كانت عطية الواحد منهم مائة من الإبل، ومن هؤلاء: أبو سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن الفزاري، والأقرع بن حابس، وترك الأنصار لعلمه بقوة إيمانهم . وكان هدف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من هذا العطاء المجزي للبعض ـ مع تأليفهم وتثبيتهم ـ تحويل قلوبهم من حب الدنيا إلى حب الإسلام، بعد أن يخالط الإيمان بشاشة قلوبهم، ويتذوقون حلاوته، وقد حدث ذلك بالفعل، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : ( إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها ) رواه مسلم . غير أن بعض أهل الزيغ والنفاق انتقد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صنيعه هذا ونسبه إلى الجور والظلم، فخاطب رسولَ ـ الله صلى الله عليه وسلم ـ بلهجة تنبئ عما انطوت عليه نفسه من الحقد والنفاق، فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: ( أتى رجل بالجعرانة منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقبض منه ويعطي الناس، فقال: يا محمد اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟، لقد خبتُ وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق، فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية ) رواه مسلم . يقول ابن القيم : " ومعلوم أن الأنفال لله ولرسوله يقسمها رسوله حيث أمره لا يتعدى الأمر، فلو وضع الغنائم بأسرها في هؤلاء لمصلحة الإسلام العامة، لما خرج عن الحكمة والمصلحة والعدل، ولما عميت أبصار ذي الخويصرة التميمي وأضرابه عن هذه المصلحة والحكمة .. قال له قائلهم: اعدل فإنك لم تعدل، وقال مشبهه: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله .. ولعمر الله إن هؤلاء من أجهل الخلق برسوله، ومعرفته بربه، وطاعته له، وتمام عدله، وإعطائه لله، ومنعه لله " . وقد تأثر بعض الأنصار من هذا العطاء بحكم الطبيعة البشرية، فعالج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا الموقف بحكمة ورفق، مبينا فضل الأنصار وحبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم . عن أبى سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : ( لما أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد (غضب) هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة، حتى قال قائلهم : لقي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال : يا رسول الله، إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء، قال: فأين أنت من ذلك يا سعد ؟، قال: يا رسول الله، ما أنا إلا امرؤ من قومي، وما أنا من ذلك، قال : فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، قال : فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة، قال : فجاء رجال من المهاجرين فتركهم، فدخلوا وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا أتاه سعد ، فقال : قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، قال : فأتاهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثم قال : يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم، ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله، وعالة ( فقراء) فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بل الله ورسوله أمن وأفضل، قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟، قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المن والفضل، قال: أما والله لو شئتم لقلتم، فَلَصَدَقْتُمْ، وَصُدِّقْتُمْ، أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رحالكم؟، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعبا، وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار، قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا، ثم انصرف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتفرقوا ) رواه أحمد . فضل الأنصار : بلغ حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأنصار مبلغا عظيما حتى تمنى أن لو كان واحدا منهم، وقد بوب البخاري في صحيحه : " باب حب الأنصار من الإيمان " . والأحاديث التي أثنى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها على الأنصار مشيرا إلى فضلهم ومنزلتهم كثيرة، منها : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار ) فقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : " ما ظلم بأبي وأمي! آووه ونصروه " رواه البخاري . وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حبهم علامة على الإيمان، وبغضهم أمارة على النفاق، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار ) رواه البخاري . وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله علبيه وسلم ـ: ( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله ) رواه البخاري . وقبل وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأيام أوصى بهم قائلا: ( أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي (بطانتي وخاصتي)، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم ) رواه البخاري . ويكفي في فضلهم وحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم دعاؤه بالمغفرة لهم، ولأبنائهم، وأبناء أبنائهم،ونسائهم، فعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار، ولنساء الأنصار ) رواه البخاري . لقد اتبع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الأنصار منهجاً تربوياً حكيما لعلاج تأثرهم بتوزيعه للغنائم في حنين، وخاطب فيه عقولهم وعواطفهم، فكانت النتيجة أن انقادوا طائعين مختارين راضين بقسمة الله تعالى ورسوله قائلين: ( رضينا برسول الله قسْماً وحظاً ) .
  17. يحلو لبعض الماديين والملاحدة أن يجعل دور التديّن دوراً ثانويّاً هامشيّاً في الحياة، كأنّهم ظنّوا في التديّن والإيمان أغلالاً تمنعهم من الحريّة المنفلتة التي تفعل أيّ شيء وفي أيّ وقتٍ، دونما قيود أو ضوابط. والواقع يشهد أن الحاجة إلى الإيمان وإلى المعتقد الصحيح ليست مجرّد حاجةٍ إلى أمرٍ كماليّ يمكن الاستغناء عنه والانفكاك منه، بل هو ضرورةٌ ملحّة يفرضها الواقع ويشهد بثقلها ومركزيّتها، ومدى تأثيرها على طبيعة الحياة المعاصرة، ولعل فشو الأمراض النفسيّة والممارسات الاجتماعيّة السلبية - وغيرها من الأمور التي سوف يتمّ عرضها وبَسْطُها في الأسطر القادمة - خير دليلٍ على هذه الحاجة، وأنّه لا سعادة ولا طمأنينة للبشريّة إلا بالإيمان بالله جلّ وعلا ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد –صلى الله عليه وسلم- نبيّاً ورسولاً. وأوّل دلائل هذه القضيّة ما نراه من فشوّ القلق والاكتئاب وغيرها من الأمراض النفسية، وليس من المبالغة أن نصفها بأنها مشاكل العصر بلا منازع، وأنها تقع في أعلى سلّم الأمراض المعنويّة المشتهرة والمنتشرة في المجتمعات، مما يعني أن إصابة الناس بأعراض القلق والاكتئاب قد حقّقتا نِسَباً عاليةً، لا فرق في ذلك بين الأغنياء والفقراء، والذكور والإناث، بل –وياللعجب- الصغار والكبار، فأغلب الناس مهمومٌ مغموم، قلقٌ متوجّس، إلا من عصمه الله وقليلٌ ما هم، مع تباينٍ في أسباب القلق وصوره. وصور هذا القلق ومتعلّقاته في عالمنا المعاصر كثيرةُ جداً، فإننا نجد أن الفقير يخاف على أولاده من الضياع من بعده، ويخشى عليهم الإملاق، ولولا ما فرضته الحضارة والقوانين الدوليّة من تجريم وأد الذريّة، لقام بعضهم بما قامت به الجاهليّة الأولى، وإن كان بإمكاننا أن نتعبر الإجهاض (جريمة العصر) هو تحايلٌ يكاد يتفّق في النتيجة والمُؤدّى ما ما كان يقوم به أسلافهم الجاهليّون من الوأد في التراب، ثم إنه لا ينبغي لنا هنا أن ننسى دور المخاوف المتعلّقة بالفقر على مستوى العالم وإفرازاتها الفاسدة القائمة على تشريع بعض القوانين الجائرة، كقانون تحديد النسل الذي تمارسه بعض الدول الشيوعيّة خوفاً من التزايد السكّاني، تحت ذريعة الأمن الاقتصادي على المنظور البعيد. وإذا كان الفقير يدور في فَلَك المخاوف المتعلّقة بالتفكير بمستقبل الأولاد وتوفير احتياجاتهم في ظلّ النكسات الاقتصاديّة المتتالية، وانتشار البطالة، وقلّة فرص العمل، فإن مخاوف الغنيّ تتعلّق بالمنافسة الاقتصاديّة التي تجري في سوق العمل، وصعوبة شق الطريق في ذلك الوسط المتصارع على مناطق النفوذ، والتحدّيات المتعلّقة ببسط الهيمنة وتحقيق التوسّع في النشاط التجاري، وهو قلقٌ كذلك في سياق المحافظة على المركز التجاري والبقاء في الصدارة. وعند الغني قلقٌ من المستقبل بسبب ما يراه من حال الأسواق وتأرجح أسهم الشركات صعوداً وهبوطاً، وهو خوفٌ يعضدّه إدراك المتغيّرات التي تؤثّر في مراكز القِوَى الاقتصاديّة، وما سبّبته من الإطاحة بإمبراطوريّاتٍ عظيمةٍ كان لها الآلاف من العاملين، ومئات الفروع، وملايين الدولارات، ومثلها من الأسهم والممتلكات، فإذا بها في غمضةِ عينٍ والتفاتتها تتهاوى، وتُعلن عن إفلاسها، وتسريح موظّفيها لا نزال وحتى هذه اللحظة نعاني من آثار الأزمة المالية العالمية Global Financial Crisis، وما أفرزته من انعكاسات خطيرة على اقتصاديات العالم، تمثّلت في صورة انخفاض أسعار النفط، وخسائر مالية للبنوك وصناديق الاستثمار السيادية، وانخفاض حجم الاستثمار الإنتاجي الحقيقي، فضلاً عن إفلاس مؤسسات مالية عملاقة. ونجد في عالمنا أن الصحيح المعافى يخشى المرض، ويخاف من آثار تلوّث البيئة وتأثّرها بالنفايات، ويخشى على نفسه من أمراضٍ كالسرطان والسكّري، وغيرها من الأمراض المزمنة، والتي تستنزف الكثير من الأموال، وتذهب بزهرة الحياة ونضارتها، ويزداد قلق الأصحّاء حين سماع الأخبار المتعلّقة باجتياح الأوبئة من حينٍ لآخر تحت مسمّياتٍ مختلفة: جنون البقر، انفلونزا الطيور، انفلونزا الخنازير، وفي جعبة الأطباء قائمة طويلة من تلك الأسماء التي لم تنسَ ذاكرة التاريخ آثارها المدمّرة. ونجد أن الموظّف قلقٌ على مركزه الوظيفي، ويخشى من عدم استقرار الوظيفة، ويعيش في دوّامة التسابق الحاصلة بينه وبين زملائه للظفر بأعلى المناصب، وفي ظلّ تنامي نسبة العطالة مع مرور الزمن، وقلّة تمكّن الحكومات من خلق فرصٍ للعمل، واستحداث وظائف تتناسب مع حجم المتخرّجين من الجامعات ذكوراً وإناثاً، وفي ظلّ تزايد نسبة العمالة الوافدة ذات الكفاءات العالية من الدول الفقيرة وارتضائها للرواتب المتدنّية، وما قد يشكّله ذلك من تهديدٍ وظيفي حتمي، يعشّش التشاؤم ويربو، ويتنامى القلق ويزداد، ويؤثّر على مستوى الموظّف وأدائه في العمل. ونجد أن الطلاّب يقلقون أيّام امتحاناتهم ويخشون الرسوب، وتنتابهم المخاوف حيال المناهج التي يدرسونها ويشكون من عدم فهمها. وإذا انتقلنا من نطاق القلق الفرديّ إلى النطاق العالمي، سيكون الحديث عن جملةٍ من القضايا المصيريّة التي تُسبّب قلقاً بالغاً وتخوّفاً علنيّاً من المستقبل، ونرى عند كثيرٍ من النخب الثقافيّة استخدام مصطلحاتٍ تعبّر عن هذه القلق الجمعيّ الأمميّ كمصطلح: "الدخول في النفق المظلم"، وذلك في قضايا محوريّة كالقلق المتعلّق بتضاؤل احتياطي النفط العالمي، وضبابيّة المشهد بعد نفوقه، والتصوّرات المرعبة لآثار ذلك على أنماط الحياة،وهناك أيضاً: القلق من الاحتباس الحراري الناتج عن الغازات الصناعية، وإسهامها في تدمير طبقة الأوزون، والتغيّرات المناخيّة المتوقّعة من هذه الظاهرة. ومن القضايا السياسيّة: القلق من حالة الاستقطاب الحادّ بين القوى السياسيّة المتصارعة، والسعي نحو امتلاك السلاح النووي، وتنامي حالات التوتّر السياسي والعيش في ظلال الحروب المتوقّعة، والخلافات الدائرة حول تقسيم الحدود، وفوضى العابثين في أمن الأوطان وسعيهم في أفساد جهود الإصلاح والتنمية. ومن القضايا الاجتماعيّة: ظاهرة الاتجار بالبشر، وتجارة المخدرات، وغسيل الأموال، وكيفيّة التصدّي للعصابات الدوليّة المنظَّمة والعابرة للقارّات، والأرقام الإحصائيّة تعزّز النظرة التشاؤميّة للمستقبل، فإذا كان أهل الاختصاص يذكرون أنّه وطَوَال عقد التسعينيات كان يتم غسيل ما يقرب من مائة مليار دولار من تجارة المخدرات، وبشكل سنوي في ذلك العقد، في أمريكا وأوروبا وحدهما، إذا كان ذلك قبل دخول القرن الحادي والعشرين، فكيف سيكون الحال بعد عدّة سنوات؟ ونظراً لأن هذه المشاكل التي استعرضناها تزداد تأزّماً يوماً بعد يوم، والآثار الناتجة ستكون كارثيّةً على الأجيال القادمة إن لم يتمّ علاجها أو الحدّ منها، فلا شكّ أن الارتباك والحيرة والخوف من المستقبل هو مظهرٌ من مظاهر الحضارات الماديّة التي لا تؤمن بدور الخالق في تدبير الكون وإيجاد الحلول. ثم يأتي الحديث عن روح التشاؤم والقلق، واليأس من إحداث التغيير، وانعكاس ذلك على مجالات الأدب، فإن الواقع يشهد زحفاً لهذا المسلك في تصوير الواقع، والنظر إلى المستقبل والتعبير عنه بــ(المجهول)، وما تخفيه هذه الكلمة من دلالاتٍ رافضةٍ للتفاؤل، مؤمنةٍ بعدم جدواها، وما تولّده من أدبيّاتٍ شعريّة ونثريّةٍ تميت الفاعليّة، وتنطق بالحيْرة والسوداويّة، ولو شئنا أن نمثّل لأصحاب هذه النزعات التشاؤميّة وجدنا في مقدّمها الشاعر والناقد الأمريكي إدجار آلان بو Edgar Allan Poe، صاحب أشهر قصص الرعب الناطقة بالكآبة والتعاسة، وكثيراً ما كان يجلس في غرفة معتمة، مع غرابٍ على بابه، وزجاجةٍ على طاولته، وأنبوبٍ مليء بالأفيون يكتب قصصه وأشعاره بروحٍ تشاؤميّةٍ عالية. ويقول أحد الفلاسفة المعاصرين: "الحياة شرٌّ لأنها حرب، أينما وليت وجهك لا تقع عينيك إلا على صراعٍ ومنافسةٍ ونزاع، وتبادلٍ انتحاري بين الهزيمة والنصر، وكل نوع يقاتل للفوز بالمادة والأرض والسيطرة، وإن صورة الحياة في مجملها مؤلمة جداً اذا تأمّلناها، وهي تعتمد على جهلنا بها". ويُكمل قائلاً: "إننا لو عرضنا أمام نظر الإنسان ما تتعرض له حياته دائماً من ضروب الألم والبؤس المروع عرضاً واضحاً لامتلأ رعباً، ولو دخلنا بالمتفائل الشديد تفاؤله إلى المستشفيات، وملاجئ العجزة والمقعدين، وغرف العمليات الجراحية، ولو دخلنا به إلى السجون وغرف التعذيب، وحظائر العبيد، ولو أخذناه إلى ميادين القتال، وأماكن الإعدام، ولو فتحنا له كل مشاكل البؤس والفاقة المظلمة، حيث يواري البؤس نفسَه من نظرات الفضول السمجة الباردة، وأخيراً: لو سمحنا له بالنظر إلى السجون التي يموت الناس فيها جوعاً، لعلم هذا المتفائل أخيراً طبيعة هذا العالم". وقد نجحت هذه الروح التشاؤميّة في التسلّل إلى بلاد المسلمين، وأفرزت الكثير من الكتابات المتخاذلة التي تستبعد تحقّق النصر، وترى ألاّ أمل في تغيير الواقع، ولا مناص من الانكفاء نحو الذات والتقوقع وقطع الصلة بالغد المشرق، واليأس من صلاح الزمان وأهله، وينسون آيات الله التي تُتلى كل آنٍ وحين، قائلةً: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا} (النور:55)، ومؤكّدةً: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} (غافر:51). ولم يبقَ لبعضهم سوى أن يَصِفوا مجتمعاتنا المسلمة أنها قد تحوّلت إلى جثةٍ على طاولة التشريح، فهي في حُكم الميت، والموتى لا يعودون إلى الحياةِ أبداً، وقُلْ مثله عن المبالغة في قدرات الأعداء وسيادة نظريّة المؤامرة في كلّ ما يحدث، لتكون النتيجة عدم المقدرة على النصر، واستبعاد القدرة على وقف زحف الباطل وإيقاف تقدّمه أو صدّ هجماته. ومما يُؤسف له أن البعض عند تعرّض المسلمين للكثير من صنوف الإحباطات والهزائم، وألوان القهر والنكد؛ تأثّر بشكل بالغ من هذه البلاءات حتى سادت عنده روح التشاؤم واليأس، وصار الكثيرون يشعرون بانقطاع الحيلة والاستسلام للظروف والمتغيرات، وأفرز هذا الوضع مقولات يمكن أن نسميها بـ (أدبيات الطريق المسدود) ! هذه الأدبيات تتمثل بالشكوى الدائبة من كل شيء، من خذلان الأصدقاء، ومن تآمر الأعداء، ومن تركة الآباء والأجداد، ومن تصرفات الأبناء والأحفاد!. وإذا أخذنا في الحديث عن التديّن بإطاره الواسع وجدنا أن هناك علاقةً عكسيّة بين القلق والجانب الروحي لدى الإنسان، وكنتيجةٍ لذلك، نجد أن المتديّنين من المسلمين هم أقلّ الناس قلقاً من المستقبل، فضلاً عن كونهم الأقلّ عالميّاً من ناحية اليأس من الحياة، والسعي للهروب منها بإزهاق النفس، والسبب يتعلّق بتصوّرهم الشمولي الدقيق للعقيدة، ويرتبط بعلاقتهم الوثيقة بالله سبحانه وتعالى ومدى تعلّقهم به مقارنةٍ بغيرهم، بينما يكون الحال على النقيض من ذلك عند الماديّين والمنكرين للديانات السماويّة من الملاحدة واللادينيين. ولتأكيد العلاقة بين الضيق والرُّهاب من المستقبل، وبين الفراغ الروحي، يقول الدكتور فيكتور فرانكل Viktor Emil Frankl أحد أشهر علماء النفس: "..ويمكن القول أن اهتمام الإنسان بالحياة، وقلقه بشأن جدارتها، وحتى يأسه منها، لا يخرج عن كونه ضيقاً معنوياً روحياً، وليس بالضرورة أن يكون مرضاً نفسياً بحال من الأحوال، وهنا يكون تفسير هذا الضيق المعنوي أو الروحي على أنه مرض نفسي، هو ما يدفع الطبيب أن يدفن اليأس الوجودي عند مريضه تحت كومة من العقاقير المهدئة، بدلاً من أن تكون مهمّته هي بالأحرى أن يقود المريض من خلال أزماته الوجودية إلى النمو والارتقاء". وتصبّ الدراسات الحديثة في ذات الاتجاه، وتؤكّد ما أشرنا إليه آنفاً، ففي إحدى الدراسات حديثة تبيّن أن الملحدين هم أكثر الناس يأساً وإحباطاً وتفككاً وتعاسة. والحاصل مما سبق أن البشريّة برمّتها هي بحاجةٍ مستمرّةٍ إلى الإيمان العميق ورؤية الإسلام الشموليّة لحقيقة الكون والحياة، وهذه الرؤية المنضبطة ستسهم إلى حدٍّ بعيد في بثّ الثقة في النفوس، وستساعد على بناء العقليّة السويّة التي تتعامل مع الواقع وتًراعي الظروف المتباينة من خلال هذه القيمة الإيجابيّة، وبالتالي فهي سياجٌ منيعٌ ضد كلّ صور اليأس والإحباط، والقلق والجزع. وإذا كانت مآلات المشاعر السوادويّة التي يُصاب بها البعيدون عن المنهج النبويّ كارثيّةٌ بكل المقاييس، وبحسب ما ظهر لنا من خلال اللمحة السريعة التي أظهرت غياب الطمأنينة العالميّة، فإن التفاؤل سيكون وفق واقعنا المعاصر ضرورةً مُلحّة لا يمكن الاستغناء عنها، ولا تزال الماديّة الراهنة تدفع ثمناً باهضاً نتيجةً للبعد عن الدين، بكلّ قيمه وتعاليمه التفاؤليّة، وهي حتميّةُ نستلهمها من كتاب الله عزّ وجل:{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} (طه:124).
  18. من قواعد المعاملات، وأساس المعاوضات ما نص عليه سبحانه في قوله: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} (البقرة:188)، فهذه الآية الكريمة أصل تشريعي عظيم للأموال في الإسلام، والكلام حولها يسير وفق المنحى التالي: أولاً: الخطاب بهذه الآية يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق. فيدخل في هذا جميع أنواع التعامل المالي المحرم: كالربا، والقمار، والخداع، والغصب، وجحد الحقوق، وما لا تطيب به نفس مالكه، أو حرمته الشريعة، وإن طابت به نفس مالكه، كمهر البغي، وأثمان الخمور، والخنازير، وغير ذلك مما حرم الله أثمانه. ثانياً: لفظ (المال) في الشرع يُطلق على كل ما يتموَّله الناس، وينتفعون به، وما تقوم عليه مصالحهم، وتتحصل به منافعهم، من عقارات، وأراضٍ، وسلع عينية، وأموال نقدية، ونحو ذلك. وأكل المال {بالباطل} على وجهين: أحدهما: أخذه على وجه الظلم، والسرقة، والغصب، وما جرى مجراه. والآخر: أخذه من جهة محظورة، كالربا، والقمار، وأجر الغناء، وأجر البغاء، وسائر الوجوه التي حرمها الشارع. وقد انتظمت الآية تحريم كل هذه الوجوه، وهي كلها داخلة تحت قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}. قال العلماء: ليس المراد النهي عن خصوص (الأكل)؛ لأن غير الأكل من التصرفات كالأكل في هذا، ولكن لما كان المقصود الأعظم من (المال) هو الأكل، ووقع التعارف فيمن ينفق ماله أنه أكله، فمن ثَمَّ عبر الله عنه بـ (الأكل) فقال: {ولا تأكلوا}. قال ابن العربي في هذا الشأن: "لما كان المقصود من أخذ المال التمتع به في شهوتي البطن والفرج، قال تعالى: {ولا تأكلوا}، فخص شهوة البطن؛ لأنها الأولى المثيرة لشهوة الفرج". ثالثاً: اتفق أهل السنة على أن من أخذ ما وقع عليه اسم مال، قل أو كثر، أنه يفسق بذلك، وأنه محرم عليه أخذه. فلا يجوز بحال أخذ مال الغير، إلا ما دلَّ الدليل الشرعي على جواز أخذه، فإنه مأخوذ بالحق لا بالباطل، ومأكول بالحل لا بالإثم، وإن كان صاحبه كارهاً، كقضاء الدين، إذا امتنع منه من هو عليه، وتسليم ما أوجبه الله من الزكاة، ونحوها، ونفقة من أوجب الشرع نفقته، كالأهل والأولاد. والآية صريحة في أن الإثم على من أكل أموال الناس، وهو يعلم أنه ظالم في (الأكل)، وأما إن كان غير عالم، فلا إثم عليه. رابعاً: قوله سبحانه: {وتدلوا بها} يشمل وجهين: أحدهما: تقديم الأموال رشوة للحكام، ليقضوا لهم بأكل أموال الناس بالإثم، ورفع القضايا للحاكم ارتكاناً على الحجة الداحضة، وذرابة اللسان، وشهادة الزور، وما شاكل ذلك من وجوه الباطل، وكل ذلك محرم بالآية الكريمة. فإنها تقضي بتحريم كل ما يرفع إلى الحاكم فيحكم به في الظاهر ليحلها، مع علم المحكوم له أنه غير مستحق له. الثاني: رفع الأموال للحاكم ليقضي فيها ارتكاناً على الحجة الداحضة. وعليه، فكل مال يأخذه الحاكم على القضاء من الخصوم حرام، وهو من الباطل، إلا إذا لم يُجعل له شيء من بيت المال، ولم يكن له مال، فقد أباحوا له أخذ شيء معين على القضاء، سواء فيه كلا الخصمين. خامساً: من الأكل بالباطل أن يقضي القاضي لك وأنت تعلم أنك مبطل، فالحرام لا يصير حلالاً بقضاء القاضي؛ لأنه إنما يقضي بالظاهر، فحكم الحاكم لا يحلل حراماً، ولا يحرم حلالاً، فمن حكم له القاضي بشيء مستنداً في حكمه إلى شهادة زور ويمين فجور، فلا يحل له أكله؛ فإن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وهكذا إذا ارتشى الحاكم، فحكم له بغير الحق، فإنه من أكل أموال الناس بالباطل. سادساً: الذي عليه أئمة الفقه والشرع أن حكم الحاكم أو القاضي ينفذ ظاهراً، ولا ينفذ باطناً، على معنى أن حكم الحاكم يمضي ظاهراً، ولا يسع من يعلم بطلانه أن يعمل به. قال ابن العربي: "مدار حكم الحاكم هو في الظاهر على كلام الخصمين، لا حظ له في الباطن؛ لأنه لا يبلغه علمه، فلا ينفذ فيه حكمه؛ وإنما يحكم في الظاهرِ والباطنِ الظاهرُ الباطنُ سبحانه...والحاكم مصيب في حكمه في الظاهر، وإن أخطأ الصواب عند الله تعالى في الباطن، فهو في عفو الله وثوابه، والظالم في سخط الله تعالى وعقابه". وعلى هذا، فإذا قضى الحاكم بفرقة بين زوجين -بناء على شهادة زور- لم يحل للمرأة أن تتزوج؛ لأنها تعلم أنها لا تزال في عصمة الزوج، ولا يقربها الزوج احتراماً لسلطة القضاء الظاهرة. وقد حُكي عن أبي حنيفة أن حكم القاضي يمضي ظاهراً وباطناً. والذي يؤيد مذهب الأئمة في أن حم الحاكم إنما ينفذ ظاهراً لا باطناً، قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً، بقوله: فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها) متفق عليه. حاصل القول: إن الآية دالة على تحريم أكل الأموال بالباطل، وعلى تحريم إرشاء الحكام؛ لأكل الأموال بالباطل، وعلى أن قضاء القاضي لا يغير صفة أكل المال بالباطل، وعلى تحريم الجور في الحكم بالباطل ولو بدون إرشاء، لأن تحريم الرشوة إنما كان لما فيه من تغيير الحق، ولا جرم أن هاته الأشياء من أهم ما تصدى الإسلام لتأسيسه؛ تغييراً لما كانوا عليه في الجاهلية، فإنهم كانوا يستحلون أموال الذين لم يستطيعوا منع أموالهم من الأكل، فكانوا يأكلون أموال الضعفاء، فجاءت الآية تنهى عن الأكل الظالم، سواء أكان في ضمن التعامل الآثم بين المتعاملين، أم كان بالاستعانة بالحكام، بتضليل القضاء، أو بتحويل الحاكم عن الإنصاف بسحت من المال يُقدَّم.
  19. سورة الأنعام -وهي من السور المكية- من أجمع السور لأصول الدين، وإقامة الحجج عليها، ودفع الشبه عنها، ولإبطال عقائد الشرك وتقاليده وخرافات أهله. نقرأ في أواخرها قوله سبحانه: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} (الأنعام:162)، جاءت هذه الخاتمة مناسبة لجملة السورة في أسلوبها ومعانيها، حيث شملت أصول العبادات، والحياة، والممات، وجعلت كل ذلك لله سبحانه وتعالى. قد يعرف الكثير من الناس اليوم كيف يصلي لله، وكيف يحج، لكن القليل من الناس يدرك كيف يحيا حياته لله، وكيف يموت لله؟! لنقف مع هذه الآية، ولنرَ ما يقوله المفسرون في مضمونها والمراد منها. يذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية أن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين ومن بعدهم بمخالفتهم، والانحراف عما هم فيه، والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى. فقوله سبحانه: {صلاتي} قد يراد بـ(الصلاة) هنا معناها الأعم، أي: دعائي، وضراعتي، وعباداتي، ومنها الصلاة المفروضة، والنفل، والتهجد لله وحده، ليس لأحد فيها شركة، أو نصيب، بل هي لله وحده لا شريك له. وقد يراد بـ (الصلاة) هنا المعنى الخاص، فيكون المراد الصلاة المفروضة، وهي الركن الثاني في الإسلام الذي يتكرر كل يوم خمس مرات، وهي الركن الذي لا يسقط أبداً؛ لأن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يكفي أن يقولها العبد مرة في العمر، وقد يسقط عنه الصوم إن كان غير مستطيع له، لمرض أو سفر، وقد لا يزكي لأنه ليس له مال، وقد لا يستطيع الحج لعدم الاستطاعة البدنية أو المالية، وتبقى الصلاة التي لا تسقط أبداً عن العبد. ثم إن كل تكليف من التكاليف جاء بواسطة الوحي إلا الصلاة، فإنها جاءت بالمباشرة، وتلقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه دون واسطة. فحين يقول الحق سبحانه: {إن صلاتي }، فهو يذكر لنا عمدة أركان الإسلام، حتى إن الإنسان إذا كان طريح الفراش من مرض، ولا يستطيع القيام، فعليه أن يحرك رأسه بالصلاة، أو يخطر أعمال الصلاة على قلبه. وقوله تعالى: {ونسكي} (النسك) العبادة، و(النسك) أيضاً جمع نسيكة، وهي الذبيحة في أضحية، أو حج، أو عمرة. ويطلق بالمعنى الأخص على أفعال كثيرة في الحج، مثل نسك الطواف، ونسك السعي، ونسك الوقوف بعرفة، ونسك الرمي، ونسك رمي الجمار، وكل هذه اسمها مناسك، والأصل فيها أنها مأخوذة من مادة (النسيكة) وهي السبيكة من الفضة التي تصهر صهراً يُخرج منها كل المعادن المختلطة بها حتى تصير غاية في النقاء؛ فسميت العبادة نُسكاً لهذا، أي يجب أن تصفى العبادة لله كما تصفى سبيكة الفضة من كل المعادن التي تخالطها. وقد ذكر بعض المفسرين أن (النسك) هنا بمعنى العبادة، فيكون الكلام من عطف العام على الخاص، وتكون كلمة (الصلاة) المقصودة؛ الصلاة: فرضها ونفلها، والتهجد بها، وخصت بالذكر؛ لأنها عمود الدين ولبه، ولا دين من غير صلاة. وفسر ابن كثير (النسك) هنا بالذبائح في الأضحى، والحج، والعمرة؛ ذلك أن العرب كانوا يشركون، ويدَّعون أنهم على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويذبحون لغير الله، فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى له بالبيان بأن يذكر أن ملة إبراهيم كانت ديناً قِيَماً، يعبد الله وحده، ويذبح لله تعالى وحده. وعلى هذا التفسير لـ (النسك) يكون الجمع بين الصلاة وذبح النسك كالأمر بهما في قوله تعالى: {فصل لربك وانحر} (الكوثر:2). وسبب الاقتصار على ذكر هذين النوعين من العبادة -كما ذكر صاحب المنار- هو كونها أعظم مظاهر العبادة التي فشا فيها الشرك؛ فأما الصلاة فروحها الدعاء والتعظيم، وتوجه القلب إلى المعبود، والخوف منه والرجاء فيه، وكل ذلك مما يقع فيه الشرك ممن يغالون في تعظيم الصالحين، وما يذكر بهم كقبورهم، أو صورهم وتماثيلهم، وأما الحج والذبائح فالشرك فيهما أظهر. وقوله عز وجل: {ومحياي ومماتي} (المحيا) و(الممات) يستعملان مصدرين ميميين، ويستعملان اسمي زمان، من (حيي) و(مات)، والمعنيان محتملان؛ فإذا كان المراد من (المحيا) و(الممات) المعنى المصدري، كان المعنى على حذف مضاف تقديره: أعمال المحيا، وأعمال الممات، أي: الأعمال التي من شأنها أن يعمل بها المرء في حياته، ووقت مماته. وإذا كان المراد منهما المعنى الزمني، كان المعنى ما يعتريه في الحياة وبعد الممات. وقد قال ابن عاشور هنا: إن أعمال الحياة كثيرة وفيرة، وأما الأعمال عند الموت فهي ما كان عليه في مدة الحياة وثباته عليه؛ لأن حالة الموت أو مدته هي الحالة أو المدة التي تنقلب فيها أحوال الجسم إلى صفة تؤذن بقرب انتهاء مدة الحياة، وتلك حالة الاحتضار، وتلك الحالة قد تؤثر انقلاباً في الفكر، أو استعجالاً بما لم يكن يستعجل به الحي، فربما صدرت عن صاحبها أعمال لم يكن يصدرها في مدة الصحة؛ اتقاء، أو حياء، أو جلباً لنفع، فيرى أنه قد يئس مما كان يراعيه، فيفعل ما لم يكن يفعل، وأيضاً لتلك الحالة شؤون خاصة تقع عندها في العادة مثل الوصية، وهذه كلها من أحوال آخر الحياة، ولكنها تضاف إلى الموت لوقوعها بقربه، وبهذا يكون ذكر (الممات) مقصوداً منه استيعاب جميع مدة الحياة حتى زمن الإشراف على الموت. وقوله سبحانه: {لله رب العالمين} صفة تشير إلى سبب استحقاقه أن يكون عمل مخلوقاته له لا لغيره؛ لأن غيره ليس له عليهم نعمة الإيجاد. وقرن لفظ الجلالة (الله) بالصفة {رب العالمين} لبيان أنه سبحانه هو القائم على الحياة، وهو الذي بيده الموت، والحياة من بعده، وهو الحي القيوم لا إله إلا هو العزيز الحكيم. ومعنى كون حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وموته -وكذا من تأسى به- لله وحده، هو أنه قد وجَّه وجهه، وحصر نيته وعزمه في حبس حياته لطاعته ومرضاته تعالى، وبذلها في سبيله، ليموت على ذلك كما يعيش عليه. وختام الآية هذا يفيد أن المؤمن الحق في حياته الدنيا، ومماته من بعدها، ثم حياته في الآخرة لله تعالى، هو المتصرف فيها، المالك لها، فهو رب الوجود، ومالك يوم الدين. وعلى الجملة، فالآية جامعة لجميع الأعمال الصالحة التي هي غرض المؤمن الموحد من حياته وذخيرته لمماته، يجعلها خالصة لله رب العالمين. فعلى المؤمن أن يوطن نفسه على أن تكون حياته لله ومماته لله، يتحرى الخير والصلاح والإصلاح في كل عمل من أعماله، ويطلب الكمال في ذلك لنفسه؛ ليكون قدوة في الحق والخير في الدنيا، وأهلاً لرضوان ربه الأكبر في الآخرة. ثم يتحرى أن يموت مِيتة مرضية لله تعالى، فلا يحرص على الحياة لذاتها، ولا يخاف الموت، فيمنعه الخوف من الجهاد في سبيل الله؛ لإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإقامة ميزان العدل، والأخذ على أيدي أهل الجور والظلم والطغيان. فهذا مقتضى الدين يقوم به من يأخذه بقوة، وليس مقتضاه مجرد روابط قومية، وتقاليد اجتماعية، فأين أهل المدنية المادية من أهل الدين إذا أقاموه كما أمر الله؟ أولئك الماديون الذين لا هم لهم في حياتهم إلا التمتع بالشهوات الحيوانية، والتعديات الوحشية؛ يعدو الأقوياء منهم على الضعفاء لاستعبادهم لتحصيل لشهواتهم، واستبعادهم عن الشهود الحضاري لتحقيق منافعهم. ومما يؤسف له اليوم، أن غير قليل من المنتمين إلى الإسلام -وهو الدين الذي ارتضاه سبحانه لعباده- قد تركوا هدايته، وفتنوا بزينة الدنيا وزخرفها، وساروا في ركب أهل المدنية المادية، بيد أنهم لم يجاروهم في شؤون تقدمهم، بل جاروهم فيما هم فيه متخلفون، فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، ولو اعتصموا بحبل الله المتين، وعادوا إلى صراطه المستقيم، لنالوا سيادة الدنيا وسعادة الآخرة، وذلك هو الفوز العظيم، وعسى أن يكون ما يجري اليوم في ساحة المسلمين قد أيقظهم من رقادهم، وهداهم إلى السير على سَنَن نبيهم، وما ذلك على الله بعزيز. بقي أن نذكر في ما يتعلق بهذه الآية الحديث الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) الحديث.
  20. سورة المؤمنين هي السورة الثالثة والعشرون بحسب ترتيب المصحف الشريف، وهي السورة السادسة والسبعون في عداد نزول سور القرآن الكريم، نزلت بعد سورة الطور، وقبل سورة تبارك الذي بيده الملك، وآياتها ثماني عشرة ومائة آية، وهي مكية بالاتفاق. تسميتها يقال: سورة المؤمنين، ويقال: سورة المؤمنون؛ فالأول على اعتبار إضافة السورة إلى المؤمنين؛ لافتتاحها بالإخبار عنهم بأنهم أفلحوا. ووردت تسميتها بمثل هذا فيما رواه مسلم عن عبد الله بن السائب، قال: (حضرت رسول الله يوم الفتح، فصلى في قَبَل الكعبة، فخلع نعليه، فوضعهما عن يساره، فافتتح سورة المؤمنين...) الحديث. والثاني على حكاية لفظ (المؤمنون) الواقع أولها في قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} (المؤمنون:1)، فجعل ذلك اللفظ تعريفاً للسورة. ومما جرى على الألسنة أن يسموها سورة (قد أفلح) ويسمونها أيضاً سورة الفلاح. مقاصد السورة سورة المؤمنين تدور حول محور تحقيق الوحدانية، وإبطال الشرك، ونقض قواعده، والتنويه بالإيمان وشرائعه، ويمكن تلخيص مقاصدها وأهدافها في التالي: أولاً: تقرير الفلاح للمؤمنين، وبيان الصفات التي حازوا بها الفلاح، وتقرير أن هذا الفلاح خاص بهم دون غيرهم؛ لما تحلوا به من أصول الفضائل الروحية والعملية، التي بها تزكية النفس واستقامة السلوك. ثانياً: بيان دلائل الإيمان في الأنفس والآفاق؛ وذلك من خلال عرض أطوار الحياة الإنسانية منذ نشأتها الأولى إلى نهايتها في الحياة الدنيا؛ والغرض من كل ذلك الدلالة على تفرد الله تعالى بالألوهية؛ لتفرده بخلق الإنسان ونشأته؛ وذلك بقصد اعتبار الإنسان في كيفية بدء خلقه، ثم موته وانتهاء حياته، ودلالة ذلك الخلق على إثبات البعث بعد الممات، وأن الله لم يخلق الخلق سدى ولعباً. ثالثاً: بيان حقيقة الإيمان وأنه إفراد العبودية لله وحده دون سواه، وهي الحقيقة التي تَوَافَق عليها الرسل دون استثناء: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (المؤمنون:23). ثم بيان تفرق الناس بعد الرسل، وتنازعهم حول تلك الحقيقة الواحدة: {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون} (المؤمنون:53). رابعاً: بيان غفلة كثير من الخلق عن ابتلاء الله لهم بالنعمة، واغترارهم بما هم فيه من متاع، بينما المؤمنون مشفقون من خشية ربهم، يعبدونه ولا يشركون به، وهم مع ذلك دائمو الخوف والحذر: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} (المؤمنون:60). خامساً: لفت نظر الإنسان إلى الاعتبار بخلق السماوات ودلالته على حكمة الله تعالى، وإلى الاعتبار والامتنان بمصنوعات الله تعالى التي أصلها الماء الذي به حياة ما في هذا العالم من الحيوان والنبات، وما في ذلك من دقائق الصنع، وما في الأنعام من المنافع، ومن تسخير المنافع للناس وما أوتيه الإنسان من آلات الفكر والنظر. سادساً: التذكير بدعوة الرسل للهدى والإرشاد إلى التوحيد والعمل الصالح، وما تلقاها أقوامهم من الإعراض والطعن والتفرق، وما كان من عقاب المكذبين، بغرض وعظ المعرضين عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم. سابعاً: الدعوة إلى أكل الطيب الحلال، ونبذ الخبيث الحرام، والإكثار من العمل الصالح {كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} (المؤمنون:51). ثامناً: استنكار القرآن لموقف المشركين العجيب من رسولهم الأمين، وهم يعرفونه ولا ينكرونه، وقد جاءهم بالحق لا يسألهم عليه أجراً، فماذا ينكرون منه ومن الحق الذي جاءهم به؟ وهم يسلمون بملكية الله لمن في السماوات والأرض، وربوبيته للسماوات والأرض، وسيطرته على كل شيء في السماوات والأرض. وبعد هذا التسليم هم ينكرون البعث، ويزعمون لله ولداً سبحانه! ويشركون به آلهة أخرى {فتعالى عما يشركون} (الأعراف:190). تاسعاً: أَمْرُ النبي صلى الله عليه وسلم أن يغض عن سوء معاملة المشركين له ولأصحابه، ويدفعها بالتي هي أحسن، وجاء الأمر بالتعوذ من وسوسة الشياطين وحضورهم. عاشراً: ذكَّرت السورة بمشهد من مشاهد القيامة، يلقى فيه المكذبون عاقبة التكذيب، ويؤنبون على ذلك الموقف المريب، ويُختم المشهد بتعقيب يقرر التوحيد المطلق والتوجه إلى الله بطلب الرحمة والغفران، وذلك هو الفلاح الذي ابتدأت به السورة.
  21. الأصل في كلام العرب أن يُجمع ما يعقل من الصفات والأسماء بالواو والنون في حالة الرفع، وبالياء والنون في حالتي النصب الجر، فنقول: جاء الطلاب المجتهدون، ورأيت الطلاب المجتهدين، ومررت بالطلاب المجتهدين. أما جمع ما لا يعقل فالأصل فيه أن يُجمع بالألف والتاء، كجمع المؤنث السالم، تقول: في السماء نجوم سابحات، وفي الأرض جبال شاهقات، وهلم جرًّا. وأيضاً، فإن الأصل في كلام العرب أن يُعبَّر عن ضمير جمع العقلاء بضمير الغائب (هم)، وغير العاقل بالضمير (ها)، أو (هن)، فتخبر عن العقلاء بقولك: رأيتهم، وعن غير العقلاء بقولك: رأيتها، أو رأيتهن. وكذلك يُعبَّر بضمير الفاعل لجمع المذكر السالم بـ (الواو)، يقال: ينظرون، ويدرسون...ولغير العاقل بالنون، قال تعالى: {ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن}، فقال: {يأكلن} والضمير يعود على (السنين). غير أن المتأمل في العديد من آيات الكتاب الكريم، يجد أن جمعَ غير العاقل، قد جُمِع جمع العقلاء، والمثال الأبرز قوله سبحانه: {والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} (يوسف:4)، فجاء بالوصف {ساجدين} بصيغة جمع العاقل نصباً بالياء والنون، والأصل أن يُجمع جمع غير العاقل، بالألف والتاء (ساجدات). وأيضاً جاء بضمير جمع الغائب المذكر (هم)، فقال: {رأيتهم}، ومقتضى القواعد أن يقال: (رأيتها). وجاء بضمير الفاعل (الواو) لغير العاقل، كما في قوله سبحانه: {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} (الأعراف:198). وعلى وفق هذا جاء عدد من الآيات كما سيتبين قريباً. وقد قال العلماء في توجيه هذا النحو من الكلام: إن العرب تجمع ما لا يعقل جمع من يعقل، إذا أنزلوه منزله، وإن كان خارجاً عن الأصل، قال ابن فارس : "من سَنَن كلامهم ما يُعرف بالتغليب، فهم يغلبون على الشيء ما لغيره؛ لاختلاط بين الشيئين، فإذا اختلط جمع ما لا يعقل بجمع من يعقل، غُلِّب جمع من يعقل". وقال أبو حيان : "وهذا سائغ في كلام العرب، وهو أن يعطي الشيء حكم الشيء؛ للاشتراك في وصف ما، وإن كان ذلك الوصف أصله أن يخص أحدهما". وقال ابن مالك في "شرح الكافية": "وإذا اختلط صنف من يعقل بصنف ما لا يعقل، جاز أن يُعَبَّر عن الجميع بـ (مَن) -وهي اسم موصول للعاقل-؛ تغليباً للأفضل"، كقوله تعالى: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض} (النور:41)، وأن يُعَبَّر عنه بـ (ما)؛ لأنها عامة في الأصل نحو: {سبح لله ما في السماوات والأرض} (الحديد:1)، واستحسن التعبير بـ (مَن) عما لا يعقل، إذا أُجري مجرى من يعقل". وقال الشيخ الشنقيطي: "العادة في اللغة العربية أنه إذا وُصف غير العاقل بصفة تختص بالعاقل، أجري عليه حكمه". وعبر بعضهم عن هذا بقولهم: "والشيء قد يُعامل معاملة شيء آخر، إذا شاركه في صفة ما". وقد ذكر ابن عاشور أن مجيء جمع المذكر للعقلاء غالب لا مطرد، فقد يأتي هذا الجمع لغير العقلاء، نحو قوله تعالى: {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} (الأعراف:198)، والمراد الأصنام، وهي لا تعقل. وحَمَل عليه قوله سبحانه: {رب العالمين} (الفاتحة:2)، قال: قوله سبحانه: {العالمين} جمعوه جمع العقلاء -بالواو والنون رفعاً، والياء والنون نصباً وجراً-، مع أن منه ما ليس بعاقل؛ تغليباً للعاقل. وحاصل ما تقدم: أن القاعدة عند إرادة جمع من يعقل ومن لا يعقل بلفظ واحد، أن يُعبَّر بضمير من يعقل؛ تغليباً له على ما لا يعقل. والأمثلة بحسب ما تقرر من القران الكريم وفق التالي: قوله تعالى: {ويلعنهم اللاعنون} (البقرة:159)، المشهور أن المراد بقوله سبحانه: {اللاعنون} الملائكة، والمؤمنون، لكن جاء في "سنن ابن ماجه" أن المراد دواب الأرض، وعلى هذا جاء الجمعُ جمعَ من يعقل؛ لأنه أسند إليهم فعل من يعقل -وهو اللعن-. قال الرازي: "ولم يقل: اللاعنات؛ لأنه تعالى وصفها بصفة من يعقل، فجمعها جمع من يعقل". قوله سبحانه: {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} (البقرة:257)، أعيد الضمير (هم) إلى الطاغوت بصيغة جمع العقلاء {يخرجونهم}؛ لأنه أسند إليهم ما هو من فعل العقلاء، وإن كانوا في الحقيقة سبب الخروج لا مُخْرِجين. قوله تعالى: {ثم عرضهم على الملائكة} (البقرة:31)، جاء بضمير العاقل (هم)، مع أن الضمير يعود على {الأسماء}، ووضع الضمير في كلام العرب أن يقال لمن يعقل: عرضهم، ولما لا يعقل: عرضها، أو عرضهن، لكن لما كان منطوق الآية يدل على أن المعروض عليهم جماعة العقلاء، أي: أعيان بني آدم، أو الملائكة، فقد جاء الضمير {عرضهم} بلفظ العقلاء تغليباً؛ لأن القاعدة عند إرادة جمع من يعقل، ومن لا يعقل بلفظ واحد أن يُعَبَّر بضمير من يعقل؛ تغليباً له على ما لا يعقل. قوله عز وجل: {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} (الأعراف:198)، الحديث عن الأصنام، لكن أخبر عنهم بـ (الواو) وهي جماد لا تبصر؛ لأن الخبر جرى على فعل من يعقل، بمعنى أنه سبحانه أجرى الكلام وَفْق ما يظن عَبَدة الأصنام بها من النظر والإبصار. قوله تعالى: {ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون} (هود:20)، إعادة ضمير جمع العقلاء على الأصنام منظور فيه إلى أن المشركين اعتقدوها تعقل. ومن هذا القبيل قوله عز وجل: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون} (النحل:73)، أجريت عليها صيغة جمع العقلاء؛ مجاراة لاعتقادهم أنها تعقل، وتشفع، وتستجيب. قوله سبحانه: {إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} (يوسف:4)، لم يقل: ساجدات؛ لأنه لما أخبر سبحانه عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود، وهما من أفعال من يعقل أخبر عنهما، كما يُخْبَر عمن يعقل. قال ابن عاشور : "لما كانت الحالة المرئية من الكواكب والشمس والقمر حالة العقلاء، وهي حالة السجود، نزَّلها منـزلة العقلاء، فأطلق عليها ضمير (هم)، وصيغة جمعهم"، وأراد بقوله: ضمير (هم)، قوله تعالى: {رأيتهم}، ومقتضى اللغة أن يقال: (رأيتها). قوله عز وجل: {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} (الأنبياء:33)، جاء بضمير من يعقل {يسبحون}، ولم يقل: (يسبحن)، قال الفراء : لما كانت السباحة من أفعال الآدميين جاء ما أُسند إليهما بضمير من يعقل. ونظير هذا أيضاً قوله عز وجل: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} (النمل:18)، ذكرها بصيغة جمع العقلاء، فقال: {ادخلوا}. قوله سبحانه: {فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم} (الأنبياء:58)، ضمير {لهم} عائد إلى (الأصنام) من قوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} (الأنبياء:57)، أجرى على (الأصنام) ضمير جمع العقلاء؛ محاكاة لمعنى كلام إبراهيم ؛ لأن قومه يحسبون الأصنام عقلاء. قوله تعالى: {فإنهم عدو لي} التعبير عن الأصنام بضمير جمع العقلاء في قوله: {فإنهم} دون (فإنها) جَرْيٌ على غالب العبارات الجارية بينهم عن الأصنام؛ لأنهم يعتقدونها مدركة وعاقلة. قوله عز وجل: {شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون} (فصلت:20)، إجراء ضمائر (السمع)، و(البصر)، و(الجلود) بصيغتي ضمير جمع العقلاء؛ لأن التحاور معها صيرها بحالة العقلاء يومئذ. ونظيره أيضاً قوله سبحانه: {أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} أجرى (الآلهة) مجرى العقلاء، فجاء بضمير جمع الفاعل العقلاء (الواو) في قوله: {يعبدون}؛ إذ اعتقدوهم عقلاء عالمين. قوله سبحانه: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون} (الأحقاف:5)، و{من لا يستجيب} الأصنام، عبر عنها باسم الموصول المختص بالعقلاء {من}معاملة للجماد معاملة العقلاء؛ إذ أسند إليها ما يُسند إلى أولي العلم من الغفلة. ومثل هذا في الآية نفسها جعل ضمائر جمع العقلاء في قوله: {وهم}، وقوله: {غافلون}، وهي عائدة إلى {من لا يستجيب}. قوله تعالى: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} (غافر:18)، جمع (الكاظم) جمع المذكر السالم؛ لأنه وصفها بـ (الكظم) الذي هو من أفعال العقلاء. قوله سبحانه: {فظلت أعناقهم لها خاضعين} (الشعراء:4)، لم يقل: (خاضعات)، بل جمعه جمع من يعقل؛ وذلك أن (الأعناق) لما وُصِفت بفعل لا يصدر إلا عن العقلاء، وهو الخضوع؛ إذ هو فعل يتبع أمراً في النفس، جمعها فيه جمع من يعقل. قوله تعالى: {وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين} (الحجر:20)، أخبر عن المخلوقات غير الإنسان باسم الموصول (من)؛ لأنها عند الحاجة تطلب أرزاقها من خالقها، فصارت شبيهة بمن يعقل من هذه الجهة، فلم يبعد ذكرها بصيغة من يعقل. قوله سبحانه: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم} (يس:81)، لم يقل: (مثلها)، أو (مثلهن)، بل جمع الضمير جمع من يعقل، فقال: {مثلهم} من حيث كانتا {السماوات والأرض} متضمنتين من يعقل من الملائكة والثقلين. قوله تعالى: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} (فصلت:11)، قوله: {طائعين}، حال، والأصل في الحال أن توافق صاحبها، تذكيراً وتأنيثاً، وإفراداً، وتثنية، وجمعاً، وهنا خالفته؛ لأنها جاءت جمع مذكر عاقل، وصاحبها ضمير تثنية لغير العاقل، ولو طابقت صاحبها في التثنية لقال: أتينا طائعتين؛ لأنه إذا وُصف غير العاقل بصفة تختص بالعاقل، أُجري عليه حكمه. قال بعض المفسرين: "إنما قيل: {طائعين} على وزن جمع العقلاء الذكور، لا (طائعتين) حملاً على اللفظ، أو (طائعات) حملاً على المعنى؛ باعتبار كونهما في معرض الخطاب والجواب، فلما وصفتا بأوصاف العقلاء، عوملتا معاملة العقلاء، وجمعتا لتعدد مدلولهما". قوله تعالى: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله} (فصلت:21)، أتى بصيغة جمع العقلاء في خطاب (الجلود)، في قوله: {لم شهدتم}، وكذا في قوله: {قالوا أنطقنا} إلى آخر الآية؛ لوقوعها موقع السؤال والجواب المختصين بالعقلاء. ما تقدم من أمثلة ليس على سبيل الحصر، وإنما لتوضيح القاعدة، وإلا ففي القرآن الكثير مما جرى وفق هذا المسلك. نخلص مما تقدم: أن خطاب غير العاقل في القرآن الكريم قد يُعامل معاملة خطاب العاقل، في حال نُسِب إليه فِعْلٌ، هو من فعل العقلاء، أو نُظِرَ إليه على أنه ممن يعقل، وهو أسلوب معهود في كلام العرب، والقرآن جاء على وفاقه.
  22. في سياق حديث القرآن الكريم عن غزوة أُحد ورد قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} (آل عمران:128)، فأخبر سبحانه نبيه أنه ليس له من الحكم شيء في عباده إلا ما أمره الله به فيهم. يذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية قولين: الأول: أنها نزلت بسبب دعاء النبي صلى الله على بعض كفار قريش، لما آذوه، وفعلوا به ما فعلوا. والمروي في هذا روايات منها: - ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر، يقول: (اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً)، بعد ما يقول: (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)، فأنزل الله: {ليس لك من الأمر شيء} إلى قوله: {فإنهم ظالمون}. وفي رواية له أيضاً: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول في صلاة الفجر، ورفع رأسه من الركوع، قال: (اللهم ربنا، ولك الحمد في الأخيرة)، ثم قال: (اللهم العن فلاناً وفلاناً)، فأنزل الله عز وجل: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}. - وفي رواية أخرى ذكرت الذين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول الرواية -وهي عند البخاري-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، فنزلت: {ليس لك من الأمر شيء} إلى قوله: {فإنهم ظالمون}. - وروى البخاري أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد، أو يدعو لأحد، قنت بعد الركوع، فربما قال، إذا قال: (سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد: اللهم أنجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها سنين كسني يوسف)، يجهر بذلك، وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: (اللهم العن فلاناً وفلاناً)، لأحياء من العرب، حتى أنزل الله: {ليس لك من الأمر شيء}. - وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر ويرفع رأسه: (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)، ثم يقول وهو قائم: (اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان، ورعلاً، وذكوان، وعصيَّة، عصت الله ورسوله)، ثم إنه ترك ذلك لما أنزل الله: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}. - وروى الترمذي عن ابن عامر، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة نفر، فأنزل الله عز وجل: {ليس لك من الأمر شيء} فهداهم الله للإسلام. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح. ورواية الترمذي هذه تبين السبب الذي لأجله ترك النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء على المشركين. الثاني: أنها نزلت بسبب ما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وكان قد جُرِح، وكُسرت بعض أسنانه، والمروي في هذا الصدد روايات، منها: - ما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُسرت رباعيته يوم أحد، وشُجَّ في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه، ويقول: (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟)، فأنزل الله عز وجل: {ليس لك من الأمر شيء}. - وروى الطبري عن قتادة، قوله: ذُكِرَ لنا أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وقد جُرح نبي الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، وأصيب بعض رباعيته، فقال -وسالم مولى أبي حذيفة يغسل عن وجهه الدم-: (كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم، وهو يدعوهم إلى ربهم!) فأنزل الله عز وجل: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}. - وروى الطبري عن الربيع بن أنس، قال: أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وقد شُجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، وأصيبت رباعيته، فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليهم، فقال: (كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم، وهو يدعوهم إلى الله، وهم يدعونه إلى الشيطان، ويدعوهم إلى الهدى، ويدعونه إلى الضلالة، ويدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار!)، فهمَّ أن يدعو عليهم، فأنزل الله عز وجل: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}، فكفَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء عليهم. - وروى الطبري عن الحسن البصري، قال: جاء أبو سفيان من الحَوْل غضبان لما صُنِعَ بأصحابه يوم بدر، فقاتل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم أحد قتالاً شديداً، حتى قتل منهم بعدد الأسارى يوم بدر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة، علم الله أنها قد خالطت غضباً: (كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم، وهو يدعوهم إلى الإسلام!)، فقال الله عز وجل: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}. ويَرِدُ على القولين سؤال، وهو أن قصة أحد متقدمة على قصة رعل، وذكوان، الذين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أجاب ابن حجر على هذا بقوله: "يحتمل أن يكون نزول الآية تراخى عن قصة أحد؛ لأن قصة رعل، وذكوان، كانت بعدها، وفيه بُعْد. والصواب أنها نزلت في شأن الذين دعا عليهم بسبب قصة أُحد. ويؤيد ذلك ظاهر قوله في صدر الآية: {ليقطع طرفا من الذين كفروا} أي: يقتلهم، {أو يكبتهم} أي: يخزيهم، ثم قال: {أو يتوب عليهم} أي: فيسلموا، {أو يعذبهم} أي: إن ماتوا كفاراً"، قال الشيخ أحمد شاكر معقباً على قول ابن حجر: "وهذا تحقيق نفيس جيد من الطراز العالي". وكلام ابن حجر يفيد أن ما جرى يوم أحد هو السبب الذي لأجله نزلت هذه الآية. وقد قال الطبري رحمه الله: "إن الله عز وجل إنما أنزل هذه الآية على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما أصابه بأحد ما أصابه من المشركين، قال كالآيس لهم من الهدى، أو من الإنابة إلى الحق: (كيف يُفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم)، وكلام الطبري يفيد أن ما حدث للنبي صلى الله عليه والسلام يوم أحد هو السبب الذي لأجله نزلت هذه الآية.
×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.