اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

alfahloy-alfahloy

الأعضاء
  • مجموع الأنشطة

    44096
  • تاريخ الانضمام

  • آخر نشاط

كل منشورات العضو alfahloy-alfahloy

  1. السلام عليكم بالاعتمادات 100 اعتماد بالمواضيع 100 موضوع بالردود 250 رد بالتوفيق ان شاء الله
  2. السلام عليكم اهلا وسهلا بك فى موقع الفهلوى ديزاين اولا اضح لك ان تحويا هذه القوالب ليس مجانى يمكن تحويلهم مقابل اعتمادات او مشاركات اختار ال يناسبك بالتوفيق ان شاء الله
  3. السلام عليكم اشهار موفق يا غالى ومن تقدم الى تقدم بالتوفيق الدائم ان شاء الله تقبل تحياتى
  4. السلام عليكم بعد معاينة المدونة الخاصة بك ممكن اعمل معاك تبادل نصى ولكن مع المدونة وليس المنتدى بالتوفيق ان شاء الله هذا رابط المدونة http://afahloy.blogspot.com/ اذا اردت ذلك فقط غير الرابط واخبرنى حتى اقوم بوضع الكود الخاص بك بالتوفيق لك ان شاء الله
  5. علمتني سورة الكهف : { فلينظر أيها أزكى طعاماً } لا تأكل إلا طيباً ولا تُطعِم إلا طيباً فالله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً. علمتني سورة الكهف : { ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا } الصديق الصالح من إذا صاحبته تعلّقتَ بالآخرة . علمتني سورة الكهف : أنه لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله، فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين سبحانه { من يهد الله فهو المهتد } علمتني سورة الكهف : أن الرب الذي أمات أصحاب الكهف ثلاث مائة عام وازدادوا تسعا ثم أحياهم بعد ذلك قادر على أن يحيي أمتنا مهما طال سباتها . علمتني سورة الكهف : من الأدب مع الله تعالى أن لا يقول العبد سأفعل كذا مستقبلاً إلا قال بعدها إن شاء الله. علمتني سورة الكهف : " فانطلقا " " فانطلقا " "فانطلقا" أن النجاح يحتاج إلى انطلاق!! علمتني سورة الكهف : { واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى أن يهدينِ ربي لأقرب من هذا رشداً } ذكر الله والدعاء علاج للنفس والنسيان علمتني سورة الكهف : أن عذاب الدنيا مهما بلغ فإنه لا يقارن بعذاب الآخرة. { ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا } نعوذ بالله من النار علمتني سورة الكهف : ( احفظ الله يحفظك ) قال تعالى: { ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال } قال ابن عباس لو لم يُقَـلّبوا لأكلتهم الأرض. علمتني سورة الكهف : أنها نور من بين كل جمعة وجمعة، وحفظ عشر آيات أولها أو آخرها يحفظك من المسيح الدجال . علمتني سورة الكهف : على المسلم أن يأوي إلى سورة الكهف تلاوةً وتدبراً وعملاً لينجو من أعظم الفتن، فتنة الدجال وفتنة الدين والمال والعلم والملك. علمتني سورة الكهف : قال تعالى :{ ولا يشعرنَّ بكم أحدًا } قال أهل العلم يستفاد من هذه الآية: مشروعية كتمان بعض الأعمال وعدم إظهارها . علمتني سورة الكهف : أنه أعظم علاج للنسيان هو الإكثار من ذكر الله !! { واذكر ربك إذا نسيت }. فلا تنسوا أحبتي قراءة سورة الكهف في يوم الجمعه .
  6. أجمل ما قيل في الأمل لا تيأس إذا تعثرت أقدامك وسقطت في حفرة واسعه فسوف تخرج منها و أنت أكثر تماسكا وقوة إن الله مع الصابرين لا تحزن إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك فسوف تجد من ينزع السهم ويعيد لك الحياة و الابتسامه ولا تعتقد أن نهايه الأشياء هي نهاية العالم فليس الكون هو ما ترى عيناك لا تحاول البحث عن حلم خذلك وحاول أن تجعل من حالة الإنكسار بداية حلم جديد لا تقف كثيراً على الأطلال خاصة اذا كانت الخفافيش قد سكنتها والأشباح عرفت طريقها وابحث عن صوت عصفور يتسلل وراء الأفق مع ضوء صباح جديد لا تنظر الى الأوراق التي تغير لونها وبهتت حروفها وتاهت سطورها بين الألم و الوحشه سوف تكتشف أن هذه السطور ليست أجمل ما كتبت وأن هذه الأوراق ليست اخر ما سطرت ويجب أن تفرق بين من وضع سطورك في عينيه ومن القى بها للرياح لم تكن هذه السطور مجرد كلام جميل عابر ولكنها مشاعر قلب عاشها حرفاً حرفاً ونبض إنسان حملها حلماً واكتوى بنارها ألماً لا تكن مثل مالك الحزين هذا الطائر العجيب الذي يغني أجمل الحانه وهو ينزف فلا شيء في الدنيا يستحق من دمك نقطة واحده إذا أغلقت الشتاء أبواب بيتك وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان فانتظر قدوم الربيع وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي وانظر بعيدا فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغني وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبيه فوق أغصان الشجر لتصنع لك عمراً جديداً وحلماً جديداً وقلباً جديداً إدفع عمرك كاملاًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً لإحساس صادق وقلب يحتويك ولا تدفع منه لحظة في سبيل حبيب هارب أو قلب تخلى عنك بلا سبب لا تسافر الى الصحراء بحثاً عن الاشجار الجميله فلن تجد في الصحراء غير الوحشة وانظر الى مئات الأشجار التي تحتويك بظلها وتسعدك بثمارها وتشجيك بأغانيها لا تحاول أن تعيد حساب الأمس وما خسرت فيه فالعمر حين تسقط أوراقه لن تعود مرة أخرى ولكن مع كل ربيع جديد سوف تنبت أوراق أخرى فانظر الى تلك الأوراق التي تغطي وجه السماء ودعك مما سقط على الأرض فقد صارت جزءاً منها إذا كان الأمس ضاع فبين يديك اليوم وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل فلديك الغد لا تحزن على الأمس فهو لن يعود ولا تأسف على اليوم فهو راحل واحلم بشمس مضيئه في غد جميل إننا أحياناً قد نعتاد الحزن حتى يصبح جزءاً منا ونصير جزءاً منه وفي بعض الأحيان تعتاد عين الإنسان على بعض الألوان ويفقد القدرة على أن يرى غيرها ولو أنه حاول أن يرى ما حوله لأكتشف أن اللون الأسود جميل ولكن الأبيض أجمل منه وأن لون السماء الرمادي يحرك المشاعر والخيال ولكن لون السماء أصفى في زرقته فابحث عن الصفاء ولو كان لحظة وابحث عن الوفاء ولو كان متعباً و شاقاً وتمسك بخيوط الشمس حتى ولو كانت بعيده ولا تترك قلبك ومشاعرك وأيامك لأشياء ضاع زمانها إذا لم تجد من يسعدك فحاول أن تسعد نفسك وإذا لم تجد من يضيء لك قنديلاً فلا تبحث عن اخر أطفأه وإذا لم تجد من يغرس في أيامك ورده فلا تسع لمن غرس في قلبك سهماً ومضى أحياناً يغرقنا الحزن حتى نعتاد عليه وننسى أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء في ظلام أيامنا شمعة فابحث عن قلب يمنحك الضوء ولا تترك نفسك رهينة لأحزان الليالي المظلمة ولتجعل السعادة كلها في قلبك تمسك بكتاب ربك
  7. من اراد زادا ..........فالتقوى تكفيه من ارادعدلا............فحكم الله يكفيه من اراد جليسا.........فالقرآن يكفيه من اراد غنى...........فالقناعة تكفيه من اراد جمال..........فالاخلاق تكفيه من اراد عزا............فالاسلام يكفيه من اراد انيسا...........فذكر الله يكفيه من اراد واعظا.........فالموت يكفيه من اراد زينة ...........فالعلم يكفيه من اراد راحة...........فالآخرة تكفيه ومن لم يكفيه كل هذاــــــــــــــــ»»فالنار تكفيه
  8. السر في الإعجاز مجهول، فنحن نؤمن أن هنالك إعجازا بلاغيا وغيبيا وتشريعيا وعلميا، ولكن قاعدة الإعجاز في القرآن الكريم هي في هذا التركيب البليغ الذي لم تعرف العربية له سابقة ولا لاحقة كما قال الدكتور شوقي ضيف، ونحن ندرك ملامح الإعجاز ودلائله، دون سره وحقيقته، فسر الإعجاز لا يعلمه إلا الله تعالى، يقول سيد قطب: "والشأن في هذا الإعجاز هو الشأن في خلق الله جميعا، وهو مثل صنع الله في كل شيء، وصنع الناس، إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات، فإذا أخذ الناس هذه الذرات، فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو آجرة، أو آنية أو أسطوانة، أو هيكلا أو جهازا، كائنا في وقته ما يكون.. ولكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة، حياة نابضة خافقة، تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز، سر الحياة ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر، ولا يعرف سره بشر، وهكذا القرآن، حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاما وأوزانا، ويجعل منها الله قرآنا وفرقانا، والفرق بين صنع البشر وصنع الله من هذه الحروف والكلمات، هو الفرق ما بين الجسد الخامد والروح النابض، هو الفرق بين صورة الحياة وحقيقة الحياة". يعرض الكاتبان في هذه الرسالة مظاهر من الإعجاز البلاغي والنفسي في سورة الكوثر، وهي أقصر سور القرآن الكريم الذي تحدى الله به المشركين أن يأتوا بمثله، فهي بهذه الخصيصة أقل شيء تحدى الله به المعاندين للدعوة والجاحدين لها، وهذه السورة تساوي سطرا واحدا في القرآن الكريم، وهذا مما يغري الجاحدين والمعاندين على أن يأتوا بمثلها لو استطاعوا، ولكن دون ذلك خرط القتاد!، فالإعجاز قليله وكثيره سواء، لأنه معدنه ليس مما يستطيعه البشر، فهو تماما كالخلق، فالذي يخلق ذبابة يخلق فيلا ويخلق إنسانا، والذي لا يستطيع خلق ذبابة هو لا يستطيع خلقفيل أو إنسان، والذي يأتي بمثل الكوثر يستطيع أن يأتي بمثل سورة البقرة، والذي لا يستطيع أن يأتي بمثلها هو من باب أولى لا يستطيع أن يأتي بمثل سورة البقرة أو غيرها من الطوال؛ وعليه: فإن سورة الكوثر فيها من الإعجاز ما لا يستطيعه الثقلان، إذ ليس بوسع البشر أن يأتوا بمثلها، لأنها ليست مما يقع تحت طاقة البشر، فكيف يأتون بما هو أطول منها!؟ خلاصة تحليل ابن القيم لسورة الكوثر ثمانية أوجه في الآية الأولى الأول) كلمة " الكوثر " تدل على الخير الكثير له ولعقبه . • لماذا قال تعالى الكوثرولم يقل الكثير؟ •الكوثر من صفات المبالغة تفيد (فوعل وفيعل) تدل على المبالغة المفرطة في الخير. وقيل عن الكوثر انه نهرفي الجنة وقيلالحوض وقيل رفعة الذكر وغيره وكل ما قيل يشمل الخير الذي اعطاه الله تعالى لرسوله فهو كوثر ومن الكوثر اي الخير الذي انعم الله تعالى على رسوله به. •والكوثر يدل على الكثرة المفرطة في الشيء والفرق بين الكوثر والكثير ان الكوثر قد تكون صفة وقد تكون ذاتاً اما الكثير فهي صفة فقط. •الثاني : جمع ضمير المتكلم : " إنا " وهو يشعر بعظمة الربوبية . إنا: ضمير التعظيم ومؤكد • الثالث : بني الفعل الذي هو خبر على المبتدأ : " إنا أعطيناك " ليدل على خصوصية وتحقق . • انا اعطيناك: في بناء الآية لغوياً يوجد تقديم الضمير إنا على الفعل أعطيناك وهو تقديم مؤكد تأكيد بـ (إن) وتقديم ايضاً. فلماذا قدم الضمير إنا؟ • اهم اغراض التقديم هو الاهتمام والاختصاص. • فعندما نقول أنا فعلت بمعنى فعلته أنا لا غيري (اختصاص). •لماذا قال الله اعطيناك ولم يقل آتيناك؟ •الإيتاء يشمل النزع بمعنى انه ليس تمليكا انما العطاء تمليك. والإيتاء ليس بالضرورة تمليكا (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) (وآتيناه من الكنوز....ثم خسفنا به وبداره الارض) اذن الايتاء يشمله النزع اما العطاء فهو تمليك. في الملك يستعمل الايتاء لأنه قد ينزعه سبحانه اما العطاء فهو للتمليك وبما انه تمليك للشخص فله حق التصرف فيه وليس له ذلك في الايتاء. •الرابع : بدأ الآية بحرف التوكيد " إن " الذي يجري مجرى القسم . • الخامس : عبر عن العطاء بالفعل الماضي " أعطيناك " ليدل على أن الكوثر لم يشمل الآجلة دون العاجلة . • السادس : جاء بالكوثر محذوف الموصوف للعموم والشمول ، ليشمل كل صور وأنواع الخير الكثير في الدنيا و الآخرة ، فلم يقل تعالى ماءً كوثراً ولا مالاً كوثراً وانما قال الكوثر فقط لإطلاق الخير كله. • السابع : اختيار كلمة " الكوثر" وهي صفة تدل على الكثرة •الثامن : إدخال الألف واللام على " الكوثر" لتدل على الشمول والاستغراق والكثرة . •أي عندما عرف الكوثر بأل التعريف دخل في معناها النهر ولو قال كوثر لما دخل النهر فيه لكن حذف الموصوف أفاد الإطلاق وجمع كل الخير. •وعندما اعطى الله تعالى رسوله الخير المطلق والكثير فهو في حاجة للتوكيد والتعظيم ولذلك قال إنا مع ضمير التعظيم لأنه يتناسب مع الخير الكثير والمطلق وناسبه التوكيد أيضاً في إنا. • الثمــــــــــــانية في الآية الثانية •الأول : فاء التعقيب " فصل " تدل على السببية ، حيث أفادت جعل النعم الكثيرة سببا إلى شكر المنعم . •لم يقل له الله أشكرني على هذه النعم لأن الشكر قد يكون قليلا وقد يكون كثيرا فلو قال الحمد لله لكان شاكرا لله ،لكنه أمره بالصلاة لأنها اعلى درجات الشكر لله و أمره بالنحر لأن فيه اعطاء خلق الله والشفقة بهم. فشكر النعم يكون بأمرين شكر الله والإحسان الى خلقه. • الثاني : ترك المبالاة بقول العدو ، الذي قال إن الرسول – صلى الله علية وسلم – أبتر لا عقب له . • الثالث : فعل الأمر في قوله " فصل لربك وانحر " تعريض بالكفار ، الذين صلاتهم وعبادتهم ونحرهم لغير الله . كماأن فيه تثبيتا للنبي – صلى الله علية وسلم . •لماذا لم يقل فصل لله، او فصل لنا؟ •اللام في (لربك) تفيد الاختصاص والقصد ان الصلاة لا تكون الا لله وحده . •الرابع : الأمر بالصلاة والنحر إشارة إلى العبادتين : البدنية في الصلاة والمالية في النحر . •الخامس : حذف الجار والمجرور في قوله " وانحر " لدلالة ما ذكر عليه. أي انحر لربك . •لماذا قال وانحر ولم يقل واذبح؟ •النحر في اللغة يتعلق بنحر الإبل فقط ولا تستعمل مع غير الإبل. يقال ذبح الشاة وقد يستعمل الذبح للجميع وللبقر والطيور والشاة والابل لكن النحر خاص بالإبل لأنها تنحر من نحرها فأراد الله تعالى ان يتصدق بأعز الاشياء عند العرب فلو قال اذبح لكان جائزاً ان يذبح طيراً او غير ذلك ومعروف ان الإبل من خيار أموال العرب. وبما أن الله تعالى أعطى رسوله الخير الكثير والكوثر فلا يناسب هذا العطاء الكبير ان يكون الشكر عليه قليلاً لذا اختار الصلاة والنحر وهما اعظم انواع الشكر. •السادس : في الآية الثانية مراعاة للسجع مع الآية الأولى ، بدون تكلف. •السابع : في قوله : " لربك " إلتفات من الخطاب للغيبة . وصرف الكلام من المضمر إلى الاسم الظاهر . وفيه إظهار لكبرياء الله . •الثامن : عرض بالذين لا يعبدون الله ربهم – ولا يلتمسون العطاء منه سبحانه . الخــــــــــــــــــمـــسة في الآية الثالثة: •الأول : كأن هذه الآية تعليل للأمر بالصلاة والنحر في الآية السابقة ، حيث يقبل على المطلوب منه ، ويترك شانئه. • الثاني : وردت هذه الآية ، كأنها جملة الاعتراض ، مرسلة إرسال الحكمة التي تحكم الأغراض . كقوله تعالى " إن خير من استأجرت القوي الأمين "والشانئ هو العاص بن وائل ، الذي عير الرسول عليه السلام بموت أولاده . •الثالث :لم تسم الآية ذلك المبغض الكافر – العاص بن وائل – باسمه ،ليتناول كل شانئ مبغض . • الرابع : صدرت الآية بحرف " إن " الذي يدل على التوكيد ، ويجري مجرى القسم. وعبر عن خصم النبي – صلى الله عليه وسلم بالشانئ ، ليدل على أنه مغرض غير صادق . • الخامس : جعل الخبر " هو الأبتر " معرفة ، حتى كأنه هو دون غيره الأبتر الذي لا عقب له . •الأبتر هو : •1. كل أمر انقطع من الخير أثره فهو ابتر. •2. إذا مات اولاد الشخص الذكور او ليس له اولاد ذكور أصلاً. •3. الخاسر يسمى أبتر. •هو الأبتر" يقال هو الغني لتفيد التخصيص. هو غني: اي هو من جملة الأغنياء. أراد الله تعالى ان يخصص الشانئ بالأبتر ولم يقل إن شانئك هو أبتر. هو في الآية ضمير منفصل وتعريف الأبتر بأل التعريف حصر البتر بالشانئ تخصيصاً.
  9. ج1/1 "المتحابون في الله .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ "صلى الله عليه وسلم": «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ لِجَلاَلِي؟ الْيَوْمَ أَظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي؛ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي».. عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: " رُبَّ قَائِمٍ مَشْكُورٌ لَهُ، وَرُبَّ نَائِمٍ مَغْفُورٌ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ يَتَحَابَّانِ فِي اللَّه ؛ِ فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي فَرَضِيَ اللهُ صَلَاتَهُ وَدُعَاءَهُ :: فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِنْ دُعَائِهِ شَيْئًا، فَذَكَرَ أَخَاهُ فِي دُعَائِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَخِي فُلَانٌ اغْفِرْ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ وَهُوَ نَائِمٌ.. قَالَ كَعْبٌ :: إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ عَلَى عَمَدٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، عَلَى رَأْسِ الْعَمُودِ أَلْفُ بَيْتٍ، مُشْرِفِينَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، مَكْتُوبٌ فِي جِبَاهِهِمْ: هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ، إِذَا اطَّلَعَ أَحَدُهُمْ؛ مَلَأَ حُسْنَهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ؛ كَمَا تَمْلَأُ الشَّمْسُ أَهْلَ الْأَرْضِ، تَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ اطَّلَعَ، يَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهِهِ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ " .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَعُمُدًا مِنْ يَاقُوتٍ؛ عَلَيْهَا غُرَفٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ؛ لَهَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ تُضِيءُ كَمَا يُضِيءُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يَسْكُنُهَا؟ قَالَ «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ، وَالْمُتَجَالِسُونَ فِي اللَّهِ، وَالْمُتَلَاقُونَ فِي اللَّهِ » ج1/2"المتحابون" في الله.. عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ نَاسًا يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ , مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , اذْكُرْهُمْ لَنَا فَإِنَّا نُحِبُّهُمْ قَالَ :: " هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا بَيْنَهُمْ , لَا يَفْزَعُونَ إِذَا فَزِعَ النَّاسُ , وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنُوا , ثُمَّ تَلَا: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يُوضَعُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ» فَقَالُوا :: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ :: «هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ».. عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ :: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" يَقُولُ: «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ؛ فِي ظِلِّ عَرْشِ اللهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يَفْزَعُونَ، وَيَخَافُ النَّاسُ وَلَا يَخَافُونَ».. عَنْ رَسُولِ اللهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ يَقُولُ :: " حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ؛ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ؛ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظلُّــــــــــــــــهُ " ج1/3"المتحابون في الله".. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": " الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ؛ عَلَى عَمُودٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، عَلَى رَأْسِ ذَلِكَ الْعَمُودِ سَبْعُونَ أَلْفَ غُرْفَةٍ؛ عَلَيْهَا الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ؛ يُشْرِفُونَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا طَلَعَ أَحَدُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ مَلَأَ حُسْنُهُ بُيُوتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ كَمَا يَمْلَأُ ضَوْءُ الشَّمْسِ بُيُوتَ أَهْلِ الدُّنْيَا؛ قَالَ: فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ خُضْرٌ، مَكْتُوبٌ فِي وُجُوهِهِمْ: هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " .. عَنْ أَبِي الـدَّرْدَاءِ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ:: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" :: يَقُولُ :: «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ؛ عَلَى مَنَابِرَ مِــــــنْ نُورٍ؛ يَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يَفْزَعُونَ؛ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ عَذَابًا ذَكَرَهُمْ؛ فَصَرَفَ الْعَـذَابَ عَنْهُمْ ؛ بِذِكْرِهِ إِيَّاهُمْ».. عَنْ أَبِي أَيُّوبَ "رضي الله عنه "، عَنِ النَّبِيِّ "صلى الله عليه وسلم": قَالَ: «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ يَاقُوتٍ حَوْلَ الْعَرْشِ".. وفي حَديِثٍ يُرْجِعُونَهُ إِلَى النَّبِيِّ "صلى الله عليه وسلم": قَالَ: قَالَ اللَّهُ: «إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ؛ الْمُتَحَابُّونَ فِي الدِّينِ ؛ يُعَمِّرُونَ مَسَاجِدِي ؛ وَيَسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ إِذَا ذَكَرْتُ خَلْقِي بِعَذَابٍ؛ ذَكَرْتُهُمْ ؛ فَصَــرَفْتُ عَذَابِي عَنْ خَلْقِي» ج1/4"المتحابون في الله" .. عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ مَسْجِدَ أَهْلِ دِمَشْقَ، فَإِذَا حَلْقَةٌ فِيهَا كُهُولٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَإِذَا شَابٌّ فِيهِمْ أَكْحَلُ الْعَيْنِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا؛ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إِلَى الْفَتَى، فَتًى شَابٌّ، قَالَ: قُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" :: قَالَ: فَجِئْتُ مِنَ الْعَشِيِّ فَلَمْ يَحْضُرْ .. قَالَ: فَغَدَوْتُ مِنَ الْغَدِ.. قَالَ: فَلَمْ يَجِيئُوا؛ فَرُحْتُ؛ فَإِذَا أَنَا بِالشَّابِّ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ، فَرَكَعْتُ، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ إِلَيْهِ.. قَالَ: فَسَلَّمَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللهِ.. قَالَ: فَمَدَّنِي إِلَيْهِ. قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قُلْتُ: إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللهِ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ "صلى الله عليه وسلم": يَقُولُ: " الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ". قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى لَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ يَقُولُ: " حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ".. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" "إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ لَتُرَى غُرَفُهُمْ فِي الْجَنَّةِ كَالْكَوْكَبِ الطَّالِعِ الشَّرْقِيِّ أَوِ الْغَرْبِيِّ فَيُقَالُ: مَنْ هَؤُلَاءِ ؟فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.. ج1/5"المتحابون في الله" عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": لَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا، وَاعْقِلُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ أَوْ قُرْبَتِهِمْ - شَكَّ ابْنُ صَاعِدٍ - مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ» ، فَجَذَا رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النَّاسِ، وَأَلْوَى بِيَدِهِ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، نَاسٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ ، تَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، انْعَتْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، وَشَكِّلْهُمْ لَنَا، قَالَ: فَسُرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُؤَالِ الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ، وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ، لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ، تَحَابُّوا فِي اللَّهِ، وَتَصَافَوْا فِيهِ، يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ؛ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْهَا، وَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُورًا، وَثِيَابَهُمْ نُورًا، يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُفْزَعُونَ، وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ لَا خَوْفَ عَلَيْهِمْ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ».. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ "رَحِمَه الله" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": سُئِلَ عَنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ يُذَكِّرُونَ اللَّهَ بِرُؤْيَتِهِمْ» يَعْنِي السَّمْتَ وَالْهَيْئَةَ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْإِخْبَاتُ وَالسَّكِينَةُ. وَقِيلَ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ. ج1/6"المتحابون في الله" .. عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} قَالَ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ تَعَالَى.. اعْلَمْ أَنَّ الْمَعْنَى الْجَامِعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ والإِسْلامُ، فَقَدِ اكْتَسَبُوا بِهِ أُخُوَّةً أَصْلِيَّةً، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ حُقُوقٌ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَنَّهُ قَالَ " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ".. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ: " إِنَّ النِّعْمَةَ تُكْفَرُ، وَالرَّحِمَ تُقْطَعُ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَإِذَا قَارَبَ بَيْنَ الْقُلُوبِ لَمْ يُزَحْزِحْهَا شَيْءٌ أَبَدًا، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} .. عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " إِذَا الْتَقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ؛ فَضَحِكَ فِي وَجْهِهِ؛ تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا الذُّنُوبُ كَمَا يَنْثُرُ الرِّيحُ الْوَرَقَ الْيَابِسَ مِنَ الشَّجَرِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: وَيْحَكَ إِنَّ هَذَا مِنَ الْعَمَلِ يَسِيرٌ، قَالَ: فَقَالَ: مَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}.. عَنْ عَبْدِ اللهِ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ: " لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} قَالَ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ " ج1/7"المتحابون في الله".. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": " إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ؛ لَتُرَى غُرَفُهُمْ فِي الْجَنَّةِ كَالْكَوْكَبِ الطَّالِعِ الشَّرْقِيِّ أَوِ الْغَرْبِيِّ؛ فَيُقَالُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجَمِيعِ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}.. - فَأَجْمَعُوا جَمِيعًا "رَضيَ اللهُ عَنْهُم" عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" , وَعَلَى الْمُعَاوَنَةِ عَلَى نُصْرَتِهِ , وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ , وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ , لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ , فَنَعَتَ اللَّهُ "عَزَّ وَجَلَّ" الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ "رَضيَ اللهُ عَنْهُم" فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْهُ بِكُلِّ نَعْتٍ حَسَنٍ جَمِيلٍ , وَوَعَدَهُمُ الْجَنَّةَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ , {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ "رحمه الله" أَنَّهُ لَقِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تَدْرِي لِمَا أَخَذْتُ بِيَدِكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ، فَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ قَالَ: «مَا الْتَقَى مُسْلِمَانِ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ الْآخَرِ , إِلَّا لَمْ يَتَفَرَّقَا , حَتَّى يُغْفَرَ لَهُمَا». ج1/8"المتحابون في الله".. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" أَنَّهُ قَالَ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} «هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي حَاتِمٍ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ" .. حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَةَ أَنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ السَّمْطِ؛ دَعَا عَمْرَو بْنَ عَبْسَةَ السُّلَمِيَّ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبْسَةَ، هَلْ أَنْتَ مُحَدِّثِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ أَنْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَلَيْسَ فِيهِ تَزَيُّدٌ، وَلَا تُحَدِّثْنِي عَنْ أَحَدٍ سَمِعَهُ مِنْهُ غَيْرُكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" يَقُولُ :: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَنَاصَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَافَوْنَ مِنْ أَجْلِي - أَوْ قَالَ: يَتَوَاصَلُونَ مِنْ أَجْلِي - وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ مِنْ أَجْلِي" .. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ "رَضيَ اللهُ عَنْهُ" ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" «إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يُجْلِسُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ , يَغْشَى وجُوهَهُمُ النُّورُ , وَيُلْقَى عَنْهُمُ السَّيِّئَاتُ حَتَّى يَفْرَغَ اللَّهُ مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِقِ» قِيلَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» ج1/9"المتحابون في الله".. عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ» وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} قَالَ: «يُذْكَرُ اللهُ بِرُؤْيَتِهِمْ» .. خَاتِمَةٌ فِي سَرْدِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ وَحَسَنَةٍ فِي ثَوَابِ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ تَعَالَى -: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ؛ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءُ فِي اللَّهِ وَيُبْغِضَ فِي اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي، الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي» . ج1/10"المتحابون في الله".. «إنَّ مِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ رَجُلًا؛ لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ؛ مِنْ غَيْرِ مَالٍ أَعْطَاهُ :: فَذَلِكَ الْإِيمَانُ» . «مَا تَحَابَّ رَجُلَانِ فِي اللَّهِ؛ إلَّا كَانَ أَحَبُّهُمَا إلَى اللَّهِ أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ» . «خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» «يَقُولُ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: «الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» . «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَادَقُونَ مِنْ أَجْلِي» .. «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ يَغْبِطُهُمْ لِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» . «إنَّ لِلَّهِ - تَعَالَى - جُلَسَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ - وَكِلْتَا يَدَيْ اللَّهِ يَمِينٌ - عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ وَلَا صِدِّيقِينَ، قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ هُمْ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِ اللَّهِ - تَعَالَى -» . «إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ قِيلَ مَنْ هُمْ؟ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلَا أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إذَا حَزِنَ النَّاسُ؛ ثُمَّ قَرَأَ: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ج1/11"المتحابون في الله".. {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} .. عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ "عَلَيْهِ السَّلامُ" أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: " {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [الزخرف: 67] ، قَالَ: خَلِيلَانِ مُؤْمِنَانِ , وَخَلِيلَانِ كَافِرَانِ، فَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ فَبُشِّرَ بِالْجَنَّةِ، فَذَكَرَ خَلِيلَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ خَلِيلِي فُلانٌ كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ، وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ، وَيُنَبِّئُنِي أَنِّي مُلاقِيكَ، اللَّهُمَّ فَلا تُضِلَّهُ بَعْدِي , حَتَّى تُرِيَهُ , كَمَا أَرَيْتَنِي، وَتَرْضَى عَنْهُ , كَمَا رَضِيتَ عَنِّي، ثُمَّ يَمُوتُ فَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَ أَرْوَاحِهِمَا، ثُمَّ لِيَقُلْ: لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: نِعْمَ الْأَخُ، وَنِعْمَ الصَّاحِبُ، وَنِعْمَ الْخَلِيلُ، ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُ الْكَافِرِينَ فَيُبَشَّرُ بِالنَّارِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ خَلِيلِي كَانَ يَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ , وَمَعْصِيَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ، وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ، وَيُنَبِّئُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلاقِيكَ، اللَّهُمَّ , فَلَا تَهْدِهِ بَعْدِي , حَتَّى تُرِيَهُ , كَمَا أَرَيْتَنِي، وَتَسْخَطَ عَلَيْهِ كَمَا سَخِطَ عَلِيَّ، ثُمَّ يَمُوتُ الْآخَرُ فَيَجْمَعُ بَيْنَ أَرْوَاحِهِمَا، ثُمَّ يَقُولُ: لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: بِئْسَ الْأَخُ، وَبِئْسَ الصَّاحِبُ , وَبِئْسَ الْخَلِيلُ، ثُمَّ قَرَأَ {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] " ج1/12"المتحابون في الله".. قال الله تعالى :: "لْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73).. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} [الجاثية: 30]. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13].. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}.. عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَحِبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغِضْ فِي اللَّهِ، وَوَالِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَادِ فِي اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ لَا تَنَالُ وِلَايَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بِذَلِكَ، وَلَنْ تَجِدَ طَعْمَ الْإِيمَان حَتَّى تَكُونَ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَرَأَ: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} وَقَرَأَ: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] ج1/13"المتحابون في الله".. إِنَّ رَجُلًا لَقِيَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ، وَدَعَا لَهُ حَتَّى أَرْضَاهُ، فَسَأَلَهُ كَعْبٌ «مِمَّنْ هُوَ؟» قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «أَهْلُ حِمْصَ» :: قَالَ :: لَسْتُ مِنْهُمْ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ يُعْرَفُونَ فِي الْجَنَّةِ بِثِيَابٍ خُضْرٍ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: " أَهْلُ دِمَشْقَ، قَالَ: قُلْتُ لَسْتُ مِنْهُمْ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ هُمْ فِي ظِلِّ عَرْشِ الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَزَّ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْأُرْدُنِّ»، قَالَ: قُلْتُ: لَسْتُ مِنْهُمْ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ مِنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ»، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «أَهْلُ فِلَسْطِينَ»، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْهُمُ..
  10. حمزة بن عبد المطلب الهاشمي القرشي صحابى من صحابة رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم و اخوه فى الرضاعة وأحد وزرائه الأربعة عشر، وهو خير أعمامه لقوله: «خَيْرُ إِخْوَتِي عَلِيٌّ، وَخَيْرُ أَعْمَامِي حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا» وهو أسنُّ من الرسولِ محمدٍ بسنتين، كما أنه قريبٌ له من جهة أمه، فأمه هي هالة بنت وهيب بن عبد مناف، ابنة عم امنة بنت وهب بن عبد مناف أمِّ الرسولِ محمدٍ. لُقِّب بسيد الشهداء، وأسد الله وأسد رسوله، ويكنى أبا عمارة شرف نسب حمزة بن عبد المطلب : هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، عم رسول الله وأخوه من الرضاعة، يقال له: أسد الله، وأسد رسوله . يكنى أبا عمارة، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وكان حمزة أسنَّ من رسول الله بسنتين. له من الأبناء: عمارة، ويعلى، وأمامة، وسلمى، وفاطمة، وأمة الله. حال حمزة بن عبد المطلب في الجاهلية : شهد حمزة حرب الفجار الثاني، وكانت بعد عام الفيل بعشرين سنة، وبعد موت أبيه عبد المطلب باثنتي عشرة سنة، ولم يكن في أيام العرب أشهر منه ولا أعظم، وتعدّ حرب الفجار أول تدريب عملي بالنسبة لحمزة ، مارس فيها التدريب العملي على استخدام السلاح، وعاش في جو المعركة والحرب الحقيقية، وكان عمره آنذاك نحو اثنتين وعشرين سنة، وكان مغرمًا بالصيد والقنص، مما يدل على مهارته في الفروسية والرمي. قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب : حينما أُخبر حمزة -وكان يومئذ مشركًا- أن أبا جهل اعترض لرسول الله عند الصفا فآذاه وشتمه، خرج سريعًا لا يقف على أحدٍ كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت متعمدًا لأبي جهل أن يقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه على رأسه ضربة مملوءة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا صبأت. فقال حمزة: وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه، أنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين. فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله قد عزَّ وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه، فكان حمزة ممن أعز الله به الدين. حمزة بن عبد المطلب في غزوة بـدر : قبل نشوب المعركة، خرج أحد المشركين الأسود بن عبد الأسد وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق، فقال: أعاهد الله لأشربَنَّ من حوضهم أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه. فخرج إليه حمزة فأطار قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض، فوقع على ظهره تَشْخَب رجله دمًا، ثم حبا إلى الحوض ليبرّ يمينه، وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض. وقد أبلى حمزة بلاءً عظيمًا يوم بدر، وكان يقاتل بسيفين، وقد قتل أشجع شجعان قريش، وأكثرهم إقدامًا؛ فقتل الأسود بن عبد الأسد، وقتل شيبة بن ربيعة، وشارك في قتل عتبة بن ربيعة، وهما من أشراف قريش وشجعانها، وقتل طعيمة بن عدي، وبذلك أثر أعمق الأثر في معنويات قريش، فانهارت معنوياتهم. حمزة في بني قينقاع : لما عاد رسول الله من بدر، أظهرت اليهود له الحسد بما فتح الله عليه، فبغوا عليه ونقضوا عهدهم معه، فغزاهم رسول الله وتحصنوا بحصونهم، فحاصرهم 15 ليلة فنزلوا على حكمه، فأجلاهم إلى أذرعات. وكان حمزة هو حامل لواء النبي في هذه المعركة. من مواقف حمزة بن عبد المطلب مع رسول الله : عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، اجعلني على شيء أعيش به. فقال رسول الله : "يا حمزة، نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها". قال: بل نفس أحييها. قال: "عليك بنفسك". في غزوة أحـد.. سيد الشهداء لما كانت غزوة أحد، والتحم الفريقان، يذكر قاتل حمزة وَحْشِيّ: كنت غلامًا لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أُحد قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمِّي، فأنت عتيق. قال: فخرجت مع الناس، وكنت رجلاً حبشيًّا أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما أخطئ بها شيئًا، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهدّ الناس بسيفه هدًّا ما يقوم له شيء، فوالله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني، إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فضربه ضربة كأنما أخطأ رأسه. قال: وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه فوقعت في ثُنَّته حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوي، فغُلب، وتركته وإياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأُعتق. فلما رأته "هند بنت عتبة" بقرت بطنه ومثّلت به؛ لأنه كان قد قتل أباها في بدر. وحينما رأى رسول الله ما جرى لحمزة ، حزن عليه النبي حزنًا شديدًا، وقال: "رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم، فعولاً للخيرات، فوالله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلَنَّ بسبعين منهم". قال: فما برح حتى نزلت: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، فقال رسول الله : "بل نصبر". وكفّر عن يمينه، ونهى عن المُثْلة. وكان يوم قُتل ابن تسع وخمسين سنة، ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد. من مناقب حمزة بن عبد المطلب : عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : "دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها فإذا جعفر يطير مع الملائكة، وإذا حمزة متكئ على سرير". وعن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله جُنُبًا، فقال رسول الله : "غسّلته الملائكة". وعن علي قال: "إن أفضل الخلق يوم يجمعهم الله الرسل، وأفضل الناس بعد الرسل الشهداء، وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ". بعض ما قيل في رثاء حمزة بن عبد المطلب : قال عبد الله بن رواحة: بكت عيني وحق لها بكاها *** وما يغني البكاء والعويـل على أسد الإله غداة قالـوا *** أحـمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعًا *** هناك وقد أصيب به الرسول أبا يَعْلَى لك الأركان هدت *** وأنت الماجد البر الوصول عليك سلام ربك في جنان *** يخالطها نعيـم لا يـزول
  11. متى تبكي على نفسك عندما تجدها ضعيفة أمام الشهوات ، عظيمة أمام المعاصي. متى تبكي على نفسك عندما ترى المنكر ولا تنكره .. وعندما ترى الخير فتحتقره. متى تبكي على نفسك عندما تدمع عينك لمشهد مؤثر في فيلم.. بينما لا تتأثرعند سماع القرآن الكريم. متى تبكي على نفسك عندما تبدأ بالركض خلف دنيا زائلة .. بينما لم تنافس أحدا على طاعة الله. متى تبكي على نفسك عندما تتحول صلاتك من عبادة إلى عادة .. متى تبكي على نفسك إن رأيت في نفسك قبولا للذنوب .. وحبا لمبارزة علام الغيوب متى تبكي على نفسك عندما لا تجد لذة العبادة .. ولا متعة الطاعة متى تبكي على نفسك. عندما تمتلئ بالهموم و الأحزان .. وأنت تملك الثلث الأخير من الليل. متى تبكي على نفسك عندما تهدر وقتك فيما لا ينفع .. وأنت تعلم أنك محاسب فتغفل. متى تبكي على نفسك عندما تدرك أنك أخطأت الطريق .. وقد مضى الكثير من العمر. متى تبكي على نفسك. بكاء المشفق . . التائب.. العائد .. الراجي رحمة مولاه..
  12. بدَايّة الإنْساَن ذَلكٍ المجُهّول / مزيِج مَنْ الصَفاًت المتُنافرَة التيِ تكُون لَه المًقوُد الرئيِسَي في حَياتهّ أحيَانْ تغلَب بعَض الصِفاَت علِينَا فيَشعرِ المَرء انَه علَى خطَأ جسيٍم لمَاذا ؟ لأَن حَياتّه لا تِسير بالشَكل الِذي يَتمنَاه .. ولكِنْ الحَل الرئيٍسيِ لذَلك هوُ الوَسطِية ِفي الأمُور يجَب الأخَذ مِن كٌل شيِ القَدر اليَسير لكِي تكَتمْل فيٍ النَهاية مَع سَابقاَتهّا فتتكوُن منِ خَلال البَساَطة ّ شخَصيْة عاليَة المٌستوّى مترَاميَة الأطًرافْ تكَسوهّا الطَيًبة مّن جَهةٍ وينَازَعها العقَل مِن أخٌرى .. وَسنَلخٍص هَذا فيٍ ماَيلٍي : القلَيـٍل مــٍنّ العَقـلْ لكِي يبعًدناً مِن خَلاله عًن ْسفاَسفّ الأمُور وًيجَعلنّا نضّع مُوازيٍن للأَشَياء وًلا نسَتعجْل بِها القلَيــــلّ مــِن الصَبــّـر لكِي لا نجِزعْ من نوَائبْ الدَهر وّلا نمَنع أنْفسَناً منْ أجّره قَال تعَالى ((إنمِا يُوفِى الصَابُروّن أجَرهَمْ بغَير ّحِسَابّ )) القَليـِلْ مــِن الرّحمّـة لكِي لاَ نظّلمْ مَن هُم تحَت إمُرتنّا سوَاء ِفي الحيَاة العمَليّة أو ْالاجَتمّاعيِة ولكِي نتَخْذ منّ إنسَانيِتنا بَاب يوقًظنا عَن الوصٌول إلىَ المَرحّلة البهَيمِية أو َبمعّنى الأصَح قانُون ّالغَابةّ ..! القَليِل مِن العلـّم لكِي نعبَد اللهْ علَى بَصِيرة ونِستَطيٍع أنّ نَواكِب المجُتمَع ِفي كّل حاَلاتهّ قاَل تعاَلى ((قُلْ هَل يسَتوٍي الذَينْ يَعلمٌون وَالذِينّ لاَ يعلْمُونّ )) القَليْل مــَن الكَرم ّ قَالْ تَعالىّ (( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومامحسورا )) السّلاسـّـة فِي المعَاملّــة لكِي تَستِطيعّ إنْ تحُب الَناس وَيحُبوّك وَلا تَكن شَحيٍحاً فيٍ عوَاطِفكّ فيكُرهكْ منّ حُولكّ .. القَليِـّل مـِـن الحُبّ لكَي تجَعلْ حَياتكْ ليَنه سَهله وتَبعّد عنَهاُ القَسوةّ الجَاِمحة وَالأناَنيِة المُبطنّة .. القَليٍـل مِــنّ الأمًـل لاَنْ الإنسّانّ بلا أمَل سُوف َيجّعل مِن نفَسه سًجيِنا ًفيِ غَابة مِن الوُحوُش تحَيطّ بَها المَتاهَات مِنّ كُل جَانبْ ويجَعّل مِن نفُسه معَرضاّ للإمَراضْ النفسّية الِتي لَن تجعًله يفُكر ِفي ما َوهبّه الله مِن نَعمّة يَستطِيع إنّ يمَتع نفَسّه بَها فيِ الدُنياّ .. القِليـِل مـِن محًاسَبــةالنفُــسّ فأّن الإنًسانّ الذِي لا َيحاُسب نفَسه إِنما يًكوُن قدّ ادَعى لنفَسه الكًماّل وَلم يعَلم بَأن الإنسَانّ الذِي لا َيحَاسبّ نفَسه يكوًن علَى ضَلالتهّ داَئمّا عرضّة للسخُريِة ممَن حَوُله . الإنسَانّ / مخًلوقُ ملولّ لوَ التَزم فيِ شَيء معُين لضّن انهُ محاَصَر وَلهم بَتركهّ فيِ النَهايهّ ولكَنه لوَ عمَل بعَضّ الاتزّان لعَاش ْمعه بكُل سلاَسّة .. وَقفـــّه /لا َنريـِـدْ الكَمـّال وَلكِـنْ نرِيـّد قلوُبـاً تصّحُو عِنــّد الخَطـأ .. وعَقــُولٌ تعِـي مَا هُو الخَطّـأ .!
  13. نتصور أحيانا أن العقول بين الناس متفاوته وأن لكل شخص حجم معين من العقل , والصحيح أن العقول واحدة ولكن الإختلاف والتباين يكون في التفكير وقد وضع العالم (إدوارد بوند) ست قبعات ملونه يرتديها الناس كل حسب تفكيره :: وسأذكرها مع ذكر أبرز صفاتها : - التفكير المحايد ويرتدي القبعة البيضاء - يجبيب إجابات مباشرة محددة على الاسئلة . - ينصت جيداً متجردا من العواطف . - يمثل دور الكمبيوتر في إعطاء المعلومات او تلقيها . - يهتم بالواقع والارقام والاحصاءات . التفكير السلبي ويرتدي القبعة السوداء - التشاؤم وعدم التفؤل باحتمالات النجاح . - يركز على العوائق والتجارب الفاشلة ويكون أسيرها . - يستعمل المنطق الصحيح وأحيانا الغير صحيح في إنتقاداتة - التفكير الإيجابي يرتدي القبعة الصفراء - متفائل وإيجابي ومستعد للتجارب . - يركز على على إحتمالات النجاح ويقلل إحتمالات الفشل . - لا يستعمل المشاعر والإنفعالات بوضوح بل يستعمل المنطق بصورة إيجابية . - يهتم بالفرص المتاحة ويحرص على إستعمالها . التفكير العاطفي يرتدي القبعة الحمراء - دائماً يظهر أحاسيسه وإنفعالاته بسبب وبدون سبب . - يهتم بالمشاعر حتى لو لم تدعم بالحقائق والمعلومات . - يميل للجانب الإنساني أو العاطفي وآرائه وتفكيره تكون على أساس عاطفي وليس منطقي . - قد لا يدري من يرتدي القبعة الحمراء أنه يرتديها لطغيان ميله العاطفي . التفكير المنظم يرتدي القبعة الزرقاء - يبرمج ويرتب خطواته بشكل دقيق . - يتميز بالمسوؤلية والإدارة في أغلب الأمور . - يتقبل جميع الآراء ويحللها ثم يقتنع بها . - يستطيع أن يرى قبعات الآخرين ويحترمهم ويميزهم . التفكير الابداعي ويرتدي القبعة الخضراء - يحرص على كل جديد من أفكار وتجارب ومفاهيم . - مستعد لتحمل المخاطر والنتائج المترتبه . - يستعمل وسائل وعبارات إبداعيه مثل (ماذا لو ؟ هل ؟ كيف ؟ ربما .) . - يعطي من الوقت والجهد للبحث عن الأفكار والبدائل الجديده . هذه الصفات لجميع القبعات باختصار مع العلم أن بعض الناس بإمكانهم ارتداء أكثر من قبعة في يوم واحد حسب المواقف التي يتعرضون لها .
  14. الحب ، العشق الفرق بين الحب والعشق عمليآ ، الفرق بين الحب والعشق اهم المشاعر في الكون الحب فماهو الحب ؟ وماهو العشق ؟ هل هناك فرق بين الحب والعشق ؟ والسؤال الأهم هل كل من يحب يقال انه عاشق ؟ والعكس ؟ لطالما فكرنا عن ماهية الحب الحب عالم من العواطف،و دنيا من الشعور،فيها كل عجيب و غريب" وقالت أم كلثوم : في الدنيا مافيش أبداً أحلا من الحب نتعب آه نغلب آه نشتكي منه لكن بنحب وقال كثير غيرها من المغنين والشعراء بغض النظر عن ديانتهم ووطنهم فالكل فيه ومنه شارون غارقون والجاي احلا خليكم معاي ************************************************** * ماهو الحب ؟ الحب إجتماعياً: هو هبة من الرحمن على العالمين . حارت فيه عقول الكتاب والمفكرين وسر قوته وسطوته وكلٌ فسره حسب منظوره الشخصي . ووصف بأنه تجمع مشاعر قويه داخليه لشخص ما (أم -أخ -صديق 000إلخ) أو شيئ ما مادي او معنوي (سيارة - منتدى- مبدأ - الوطن...إلخ) مع تدخل العقل في المشاعر ولربما أحببنا أكثر من شخص او شي مع إختلاف في درجات الحب. الحب علمياً : هو هرمون التيستوستيرون يفرزه المخ ليتفاعل مع هرمونات الجسد بطريقة معقده لم تفسرها للآن العقول البشريه إلا أنها كباقي الهرمونات التي تسبب للانسان (الحماس- الغضب - السعادة -....إلخ ) يزداد إفرازه كلما إزداد حب الشيئ . ------------------------- ماهو العشق ؟ العشق إجتماعياً : هو أيضاً من هبات الله على العالمين . عند اهل اليمن قالوا انت عاشق يعني أنت مجنون .العشق بمعناه الاصطلاحي العام لدى ابن سينا, قوة غريزية محرّكة تسري في كل الموجودات وملتصقة بها وملازمة إياها لا تفارقها أبداً،أي ان العشق شيئ من المشاعر القوية لشخص او شيئ مادي او معنوي ولكن بدون تدخل عقلاني بدون المعشوق يدخل العاشق في حاله هستيرية مشابهه لحالات المنتحرين لفراق شخص او مدمني الجنس او المخدرات ...اذا لم تكن هي . والعشق علمياً :هو شعور بالإنجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، وقد ينظر إليه على أنه كيمياء متبادلة بين إثنين، ومن المعروف أن الجسم يفرز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ "هرمون المحبين" أثناء اللقاء بين المحبين، ليتفاعل مع هرمونات الجسد ، ويولد ذاك الاحساس برغبة قوية لا يوقفها بُعد المعشوق. +++++++++++++++++++++++++++++++++++++ لاحظو الفرق بين الهرمون في الحب والهرمون الثاني وقولوا سبحان الله العظيم +++++++++++++++++++++++++++++++++++++ هذا يعني اذا ان الحب والعشق مع تشابهم الكبير لكنهم يختلفوا علميا وإجتماعياً ... وليس كل من أحب فهو عاشق ... وليس كل من عشق فهو محب ... فكل إحساس له لذته وسموه هذا من وجهة نظري ... ------------------------------------ الحب كلمة ينطق بها الانسان،فيرتجف لها قلبه و تخفق بها مشاعره و يتوتر بها وجدانه، و هي كلمة حلوة تحتوي في داخلها لذة الشقاء مع شقاء اللذة. والحب قديم قدم الزمن، و له درجات ما بين ظاهرة بسيطة الى قوية عميقة متمكنة من الجوارح و شغاف القلب. أما العشق فهو عجب المحب بالمحبوب، و هو مركب من امرين:- أ.استحسان للمعشوق ب.الطمع للوصول اليه فمتى انتفى احدهما انتفى العشق،لهذا نستطيع القول بان الحب يقع في قلب الطرفين معا،و يشعر كل منهما بذلك،بخلاف العشق،فهو يقع في قلب العاشق، و يحرق به، و ربما لا يشعر بذلك المعشوق لهذا،فالحب اشمل و اعم و اصدق من العشق. /\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\/\ أمام الشخص الذي تعشق نبضات قلبك تخفق في سرعه. ـ ولكن أمام الشخص الذي تحب تشعر في السعادة في قربه. ـ أمام الشخص الذي تعشق يظهر الشتاء وكأنه ربيعًا. ـ ولكن أمام الشخص الذي تحب يكون الشتاء شتاء جميلاً. ـ إذا نظرت في عين الشخص الذي تعشق تحمر وجنتيك. ـ ولكن إذا نظرت في عين الشخص الذي تحب فتبتسم. ـ أمام الشخص الذي تعشق لاتستطيع أن تقول كل مايدور في مخيلتك. ـ ولكن أمام الشخص الذي تحب تستطيع أن تفعل ذلك. ـ أمام الشخص الذي تعشق أنت تشع في الخجل. ـ ولكن أمام الشخص الذي تحب تستطيع إظهار نفسك أمامه. -الشخص الذي تعشقه يأتي إلى مخيلتك مرة كل دقيقتين. ـ أنت لاتستطيع أن تنظر مباشرة إلى عين من تعشق . ـ ولكن دائمًا تستطيع الإبتسامه أمام عيون من تحب. ـ عندما يبكي من تعشق فأنت تبكي معه. ـ ولكن من تحب تحاول أن تخفف عنه. ـ الشعور في العشق يبدأ في العيون. ـ والشعور في الحب يبدأ في الأذن. ـ إذا توقفت عن حب شخص كل ماتحتاج له أن تغلق أذنيك. ـ ولكن إذا حاولت إغلاق عينيك العشق سوف يتحول إلى قطرات من الدموع وسوف يبقى في قلبك إلى الأبد بعد ذلك
  15. تعودت أن ألقاك واطلق جنوني الانهائي بك على مرآك أن أدندن أغاني حب مع كل مد وجزر في مرساك وليلا أسكب الحب في قلبك وفي نجواك يشعرني حبك لي أني ملاك هل تعرف يا رجلا كم أهواك؟ مستحيل ومليون مستحيل أن أنساك أو يستهويني هوى رجل دون هواك لا يمكن أن أعشق سواك تأخذني الأحلام بعيدا وأنا أحلق معاك وبلمسة مني أرسم عصافير الحب في سماك تأكد يا حبيبي أني لن أنساك وسأظل على عهدي لك
  16. السلام عليكم احبتي الكرام اسامح لأرتاح .. وأتناسا لأبتسم .. وأصمت لأني لا اريد أن اجادل .. واتجاهل لأن لاشيء يستحق .. وأصبر لأن ثقتي بالله ليس لها حدود ..النفس الطيبه لايملكها الآ الشخص الطيّب والسيره الطيبه هي أجمل ما يتركه الإنسان في قلوب الآخرين .. ومن تسبب في سعادة إنسان تحققت له سعادته .. عباره اعجبتني .. اتمنى ان تنال اعجابكم ..
  17. صهيب بن سنان الرومي ـ رضي الله عنه ـ، كان من السابقين إلى الإسلام، ومن المستضعفين الأوائل الذين نالهم من مشركي قريش الأذى الشديد، والبلاء العظيم، الذي لا يتحمله إلا أصحاب العقيدة، فكان من الثابتين على الحق، وقد كَنَّاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي يحيى . قال ابن كثير: " صهيب بن سنان بن مالك أبو يحيى الرومي،وأصله من اليمن من قاسط، وكان أبوه ـ أو عمه ـ عاملا لكسرى على الأبلة (بلدة بالعراق)، وكانت منازلهم على دجلة عند الموصل ـ وقيل: على الفرات -، فأغارت على بلادهم الروم، فأسرته وهو صغير، فأقام عندهم حينا، ثم اشترته بنو كلب، فحملوه إلى مكة، فابتاعه عبد الله بن جدعان فأعتقه، وأقام بمكة حينا، فلما بُعِثَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ آمن به قديما هو وعمار بن ياسر في يوم واحد بعد بضعة وثلاثين رجلا، وكان من المستضعفين الذين يُعَذَّبون في الله ـ عز وجل ـ " . وقال عنه الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء: " كان من كبار السابقين البدريين، حدث عنه بنوه حبيب وزياد وحمزة، وسعيد بن المسيب، وكعب الحبر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى وآخرون، روى أحاديث معدودة، خرجوا له في الكتب، وكان فاضلا وافر الحرمة، له عدة أولاد، ولما طُعِنَ عمر استنابه على الصلاة بالمسلمين إلى أن يتفق أهل الشورى على إمام، وكان موصوفا بالكرم والسماحة رضي الله عنه .. مات بالمدينة في شوال سنة ثمان وثلاثين، وكان ممن اعتزل الفتنة وأقبل على شأنه ـ رضي الله عنه ـ " . إسلامه وهجرته : قال عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ: " لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها، فقلت له: ما تريد؟، فقال لي: وما تريد أنت؟، فقلت: أردت الدخول إلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأسمع كلامه، فقال: فأنا أريد ذلك، فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا حتى أمسينا، ثم خرجنا مستخفين " . قال مجاهد: " أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار،وأمه سمية " . وفي منتصف شهر ربيع الأول ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما زال مقيما بقباء بعد هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، عزم صهيب على الهجرة فرارا بدينه، وأسوة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبمن هاجر من الصحابة، وكان هو وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ آخر من هاجر . وكانت هجرته ـ رضي الله عنه ـ صورة من صور الهجرة التي تجلّت فيها معاني التضحية بالمال وبذله رخيصاً في سبيل الله، فحين خرج مهاجرا تبعه نفر من المشركين ليمنعوه فأدركوه، فوقف واستخرج نباله من كنانته وقال لهم: " يا معشر قريش تعلمون أني من أرماكم، والله لا تصلون إليَّ حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي بيدي منه شيء " . فقالوا له ـ كما روى الحاكم في مستدركه ـ : " أتيتنا صعلوكا فكثُر مالك عندنا، ثم تريد أن تخرج بنفسك ومالك؟، والله لا يكون ذلك، فقال: أرأيتم إن تركت مالي لكم هل تخلون سبيلي؟، قالوا: نعم، فدلّهم على الموضع الذي خبّأ فيه ماله بمكّة "، فسمحوا له بإتمام هجرته إلى المدينة المنورة، بعد أن ضحّى بكل ما يملك في سبيل دينه . بلغ خبر صهيب ـ رضي الله عنه ـ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن لحق به بالمدينة المنورة، فقال له ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ: ( ربح البيع أبا يحيى )، وتلا قول الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}( البقرة الآية: 207 ) . وفي رواية أخرى قال صهيب ـ رضي الله عنه ـ: ( وخرجت حتى قدمت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقِباء قبل أن يتحول منها، فلما رآني قال: يا أبا يحيى! ربح البيع، ثلاثا، فقلت: يا رسول الله ما سبقني إليك أحد، وما أخبرك إلا جبريل عليه السلام ) رواه الحاكم . وقال عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ في تفسيره لقول الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ }( البقرة الآية: 207 " نزلت في صهيب بن سنان وأصحابه، اشترى نفسه بماله من أهل مكة " . وقال ابن حجر عن هذا الحديث في ترجمة صهيب الرومي ـ رضي الله عنه ـ: " وروى ذلك ابن سعد وابن أبي خيثمة من طريق حماد عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب في سبب نزول الآية، ورواه ابن سعد أيضاً من وجه أخر عن أبي عثمان النهدي،وراه الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس،وله طرق أخرى، ورواه ابن عدي من حديث أنس، والطبراني من حديث أم هانئ " . لم يتخلف صهيب ـ رضي الله عنه ـ منذ أسلم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، في أي مشهد من المشاهد، فقد روى الطبراني عنه ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: " لم يشهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشهدا قط إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها، ولم يسر سرية إلا كنت حاضرها، ولا غزا غزاة إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما خافوا أمامهم قط إلا كنت أمامهم، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم، وما جعلت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيني وبين العدو قط حتى توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " . وصهيب - رضي الله عنه - لم يكثر من رواية الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقد روى نحواً من ثلاثين حديثاً، لم يخرج البخاري منها شيئاً، وإنما أخرج له مسلم نحو ثلاثة أحاديث، وروى عنه من الصحابة: عبد الله بن عمر، وجابر وغيرهم،ومن التابعين: كعب الأحبار، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأسلم مولى عمر، وسعيد بن المسيب وآخرون . وفي قصة إسلام وإيذاء وهجرة صهيب ـ رضي الله عنه ـ دليل على أن المؤمن مُبْتَلى، وأن المال عزيز، وبه قوام حياة الإنسان، ولكن الدين أعز وأغلى .. وفيها كذلك فضل صهيب ـ رضي الله عنه ـ، وأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه، فقد قال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ربح البيع أبا يحيى ) .
  18. اتخذ المشركون العديد من الوسائل والأساليب لمحاربة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والقضاء على دينه ودعوته، وكانت إحدى هذه الوسائل تلك الحرب الإعلامية التي شنتها قريش عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمحاولة تشويه دينه ودعوته، والتي كانت سببًا في تتبع بعض الباحثين عن الحق لأخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومحاولة التعرف على الدين الجديد الذي جاء به، وكان من هؤلاء عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ، فقد كان من الحنفاء المنكرين لعبادة غير الله ـ تعالى ـ في الجاهلية . قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: " عمرو بن عبسة بن خالد بن حذيفة،أبو نجيح السلمي البجلي، أحد السابقين، ومن كان يقال هو ربع الإسلام " . وقال عمرو بن عبسة عن نفسه: " لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام "، قال ابن كثير في البداية والنهاية: " فلعله أخبر أنه ربع الإسلام بحسب علمه، فإن المؤمنين كانوا إذ ذاك يستسرون بإسلامهم، لا يطلع على أمرهم كثير أحد من قراباتهم " . وقد أخرج مسلم في صحيحه قصة إسلام عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ وسؤاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أشياء من أمور الصلاة وغيرها . ويحدثنا عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ عن قصة إسلامه فيقول : ( كنت وأنا في الجاهلية، أظن أن الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مستخفيا، جراء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟، قال: أنا نبي، فقلت: وما نبي؟، قال: أرسلني الله، فقلت: وبأي شيء أرسلك؟، قال: أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء، قلت له: فمن معك على هذا؟، قال: حر وعبد، ـ قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به ـ، فقلت: إني متبعك، قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟، ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني . قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر الأخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة، حتى قدم علي نفر من أهل يثرب من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سُراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك . فقدِمْتُ المدينة فدخلت عليه فقلت: يا رسول الله، أتعرفني؟، قال: نعم، أنت الذي لقيتني بمكة؟، قال: فقلت: بلى، فقلت: يا نبي الله، أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة؟، قال: صلِّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلَّ فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة، حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار . قال: فقلت: يانبي الله فالوضوء؟ حدثني عنه، قال: ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرَّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى، فحمد الله وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه . فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة، انظر ما تقول في مقام واحد يُعْطَى هذا الرجل؟، فقال عمرو: يا أبا أمامة، لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا ـ حتى عدَّ سبع مرات ـ ما حدثتُ به أبدا، ولكني سمعته أكثر من ذلك ) رواه مسلم . وقصة إسلام الصحابي الجليل عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ جديرة بالدراسة واستخلاص العبر والفوائد وهي كثيرة، ومنها : ـ رسالة ودعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قامت على ركيزتين: حق العباد، وحق الله، فذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأول صلة الأرحام، وذكر من الثاني محاربة مظاهر الشِرك، ومن ثم قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمرو: ( أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان )، وفي ذلك دلالة على أهمية التوحيد وصلة الأرحام في الإسلام، وعلى هذين المحورين دارت التربية النبوية في دار الأرقم وفي المرحلة المكية . ـ حكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحرصه على سلامة وأمان صحابته، وإبعادهم عن التعرض للأذى ومواطن الخطر، وقد ظهر ذلك حين قال لعمرو: ( إنك لا تستطيع أن تعلن إسلامك في هذا اليوم، ولكن اذهب فإذا سمعتَ أني خرجت فأتني )، وهذا الحرص النبوي لا يتعارض مع الإيمان بالقضاء والقدر، وأن ما أصاب الإنسان ما كان ليخطئه، وما أخطأه ما كان ليصيبه، ولكنه من باب السياسة الشرعية، والأخذ بالأسباب في كل مرحلة من مراحل الدعوة، وقد ذهب عمرو بن عبسة إلى قومه في قبيلة أسلم، وكان له دور كبير في إسلام الكثير من أفرادها، ثم أتى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المدينة بعد نحو ثلاثة عشرة سنة في المدينة عندما ظهر أمره، وقال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أتعرفني؟، قال نعم، أنت الذي لقيتني بمكة )، وفي ذلك دلالة أيضا على تذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه وعدم نسيان مواقفهم وأحوالهم . ـ فضل إسباغ الوضوء، ومشروعية الصلاة في كل وقت، إلا أوقات النهي، وأنَّ من صلَّى صلاة لا يحدث فيها نفسه غُفِرت له ذنوبه . ـ يقين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أن الإسلام سيقوَى وتكون له شوكة ودولة، وأن عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ سيُسْلِم ويمتد به العمر، ولذا علمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة والوضوء . إن من أعظم مقاصد دراسة السيرة النبوية استخراج العبر والفوائد من أحداثها ومواقفها, ليستفيد المسلم منها في واقع حياته, فيعيش في جوها, ويستظل بظلالها, وينعم بآدابها وأحكامها, وتعلو همته, وبذلك يحصل له التأسي والاقتداء بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الكرام، ومنهم عمرو بن عبسة ـ رضي الله عنه ـ .
  19. الإسراء والمعراج معجزة كبرى من معجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أكرمه الله بها تأييدا لدعوته، وإظهارا لفضله وعلو منزلته، وقد حارت فيها بعض العقول، فزعمت أنها كانت بالروح فقط، أو كانت مناما، لكن الذي عليه جمهور المسلمين ـ من السلف والخلف ـ أنها كانت بالجسد والروح، قال الله تعالى عنها: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }(الإسراء :1 ) . قال ابن حجر: " إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة، في اليقظة بجسده وروحه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وإلى هذا ذهب جمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله، حتى يحتاج إلى تأويل " . وقال ابن القيم‏: "‏ أُسْرِىَ برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكبًا على البُرَاق، صحبة جبريل ـ عليهما الصلاة والسلام ـ، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد‏، ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا " . إن رحلة ومعجزة الإسراء والمعراج لم تكن مجرد حادث عادي، بل اشتملت على معان ودروس كثيرة، وأظهرت بشكل واضح فضْل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جميع الأنبياء والرسل . إمام الأنبياء : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي ، فسألتني عن أشياء في بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثله قط، قال: فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به، ولقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رَجُلٌ ضَرْبٌ (وسط) جعد (من جعودة الشعر)، كأنه من رجال شَنُوءَة (قبيلة مشهورة)، وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي، أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم - يعني نفسه ـ، فحانت الصلاة، فأممتهم ) رواه مسلم . هذه الواقعة حدثت في ليلة الإسراء والمعراج حيث وردت في سياق حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن سؤال المشركين له عن أوصاف بيت المقدس، وفيها دلالة واضحة على أفضلية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جميع الأنبياء، فقد صلى بهم إماما، وفيهم من فيهم من أولي العزم من الرسل ـ إبراهيم وموسى وعيسى ـ صلوات الله وسلامه عليهم جميعا ـ. قال ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى }(الإسراء من الآية: 1): " يُمجَّد تعالى نفسه، ويعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، فلا إله غيره، { الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } يعني: محمدا ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، { ليْلاً } أي: في جنح الليل، { مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } وهو مسجد مكة، {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى } وهو بيت المقدس الذي هو بإيلياء، معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل، ولهذا جمعوا له هنالك كلهم، فأمهم في محلهم ودارهم، فدل على أنه هو الإمام الأعظم، والرئيس المقدم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين " . لا شك أن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أفضل الأنبياء، بل هو سيد ولد آدم جميعا، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه إلا تحت لوائي ) رواه الترمذي . والأنبياء جميعا ـ عليهم السلام ـ لو قّدِّر لهم أن يجتمعوا في عصر واحد ما وسِعَهم إلا أن يتبعوا نبينا محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد قال النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: ( لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيّا ما وسعه إلّا اتّباعي ) رواه أحمد، وفي رواية أخرى: ( لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي )، ويؤيد ذلك قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }(آل عمران: 81). يقول السعدي: " فكل الأنبياء لو أدركوا محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، وكان هو إمامهم ومقدمهم ومتبوعهم، فهذه الآية الكريمة من أعظم الدلائل على علو مرتبته وجلالة قدره، وأنه أفضل الأنبياء وسيدهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ " . فائدة : حياة البرزخ ـ التي بين الدنيا والآخرة ـ وأحوالها تختلف تماما عن الحياة الدنيا، فلا تقاس عليها، ومن ثم يجب على المسلم أن يعتقد أن الحياة البرزخية لا تجري عليها سَنن الحياة الدنيوية، وإذا كانت حياة الشهداء البرزخية عند ربهم كاملة، فإن حياة الأنبياء أكمل، وقد ورد في كتاب الله في حق الشهداء أنهم أحياء يُرْزَقون، فكيف بالأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى : { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ }( آل عمران 169: 171 ) . والثابت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه رأى موسى ـ عليه السلام ـ في قبره يصلي، ورآه أيضا في السماء، وأنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ صلى بالأنبياء إماما بما فيهم موسى ـ عليه السلام ـ، فالله على كل شيء قدير، ولا يجوز إنكار ما ثبت صحته عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الموطن أو غيره، لحيرة العقول فيه، أو قياس عالم الغيب وعالم البرزخ على عالم الشهادة، فكل ذلك خطأ وانحراف عن الصراط المستقيم، ومن ثم فالمسلم يؤمن بهذه الحياة دون التعرض لكيفيتها وحقيقتها إلا بنصوص من الوحي ـ القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة . قال ابن حجر: " وما أفاده من ثبوت حياة الأنبياء حياة بها يتعبدون، ويصلون في قبورهم، مع استغنائهم عن الطعام والشراب كالملائكة أمر لا مِرْية فيه " . وقال القرطبي: " فإن قيل: كيف يصلون بعد الموت وليس تلك الحال حال تكليف؟، فالجواب: أن ذلك ليس بحكم التكليف، وإنما ذلك بحكم الإكرام لهم والتشريف، وذلك أنهم كانوا في الدنيا حببت لهم عبادة الله تعالى والصلاة بحيث كانوا يلازمون ذلك، ثم تُوفوا وهم على ذلك، فشرَّفهم الله تعالى بعد موتهم بأن أبقى عليهم ما كانوا يحبون، وما عُرِفوا به " . وقال ابن تيمية: " هذه الصلاة ونحوها مما يتمتع بها الميت ويتنعم بها كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح، فإنهم يلهمون التسبيح كما يلهم الناس في الدنيا النَّفَس، فهذا ليس من عمل التكليف الذي يطلب له ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل هو من النعيم الذي تتنعم به الأنفس وتتلذذ به " . وقال الألباني: " ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ إنما هي حياة برزخية، ليست من حياة الدنيا في شيء، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا، هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء، كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادِّعاء أن حياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قبره حياة حقيقية!، قال: يأكل و يشرب ويجامع نساءه !!، وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى " . لقد فضل الله ـ سبحانه ـ نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخصَّه بأشياء دون غيره من الأنبياء، تشريفا وتكريما له، مما يدل على جليل قدره وعلو منزلته، ومن هذه التشريفات صلاته بالأنبياء إماما في رحلة الإسراء والمعراج، وإذا كانت كل أمة من الأمم السابقة تفتخر وتدَّعي انتسابها إلى نبي الله إبراهيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لشرفه وإمامته، فحقيق بأمة الإسلام أن تفتخر أنها تنتسب إلى خاتم النبيين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ الذي صلى إبراهيمُ وموسى وعيسى ـ عليهم السلام ـ وراءه مأمومين، ويكون هذا الانتساب إليه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بالقول والاتباع والعمل .
  20. في أعقاب غزوة أحد، وبعد ما أصاب المسلمين ما أصابهم، وحُزْن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أصحابه وعمه حمزة ـ رضي الله عنه ـ، صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصحابه الظهر قاعدًا من الجراح التي أصابته، وصلى المسلمون خلفه قعودا، ثم توجه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد الصلاة إلى الله بالدعاء والثناء فقال لأصحابه: ( استووا حتى أثني على ربي ـ عز وجل ـ ) . عن رفاعة بن رافع ـ رضي الله عنه ـ قال: ( لما كان يوم أحد، وانكفأ (رجع) المشركون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: استووا حتى أثني على ربي - عز وجل ـ، فصاروا خلفه صفوفًا فقال: اللهم لك الحمد كلُّه، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لما هديت، ولا معطى لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مُقرِّب لما بعدت، ولا مُبْعِد لما قرَّبت، اللهم ابسط علينا من فضلك ورحمتك وبركتك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينهُ في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسُلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك إله الحق، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب، إله الحق ) رواه أحمد . إن دعاء النبي ـ صلى اله عليه وسلم ـ في هذا الموقف يكشف عن العبودية الكاملة لله رب العالمين، الفعَّال لما يريد، فهو القابض الباسط، المعطي المانع، لا راد ولا معقب لحكمه، دعاء فيه الحمد والشكر الدائم لله ـ عز وجل ـ، في كل الظروف والأحوال، حتى ولو كان بعد مصيبة أُحُد، والله قادر على نصر المسلمين ومنع الهزيمة، لكنه ـ سبحانه ـ شاء وأذن بوقوع المصيبة بالمسلمين في أحد لحِكم كثيرة يعلمها، قال الله تعالى: { وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللهِ }( آل عمران : 166 ) . والدعاء ـ شرعه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمته في ساعة النصر والفتح، وفي ساعة الشدة والبلاء، فله فضائل لا تحصى، وثمرات لا تُعد، ويكفي أنه نوع من أنواع العبادة، بل هو العبادة كلها، فعن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي . كما أن الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، وجعل القلوب متعلقة بخالقها، فينزل عليها السكينة، والثبات والاطمئنان، ويمدها بقوة من عنده، قال ابن حجر: قال السهيلي : " والجهاد تارة يكون بالسلاح وتارة بالدعاء " . لقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثير التضرع والدعاء، وخصوصا في مغازيه وحروبه، ففي بدر نظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القبلة، ثم مدَّ يديه، فجعل يهتف بربه: ( اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعْبد في الأرض، فما زال يهتف بربه، مادًّا يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه ) رواه مسلم . وفي غزوة الأحزاب دعا رسول الله ـ صلى الله عليه سلم ـ على الأحزاب قائلا: ( اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم ) رواه البخاري . فالدعاء سلاح هام في أيدي المسلمين، وهذا لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب البشرية للنصر، فقد تعامل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزواته وحروبه مع سُنَّة الأخذ بالأسباب وإعداد العدة للقتال, إلا أنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يعلمنا مع أخذنا بسُنَّة الأخذ بالأسباب, ضرورة الالتجاء إلى الله، وأهمية الدعاء في السراء والضراء، والعسر واليسر، والانتصار والهزيمة، والمتأمل في السيرة النبوية يستوقفه شأن الدعاء واهتمام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به في غزواته ودعوته وجهاده وكافة أموره .
  21. من أعظم ما تقرب به المتقربون لله ـ عز وجل ـ، طاعة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وقد أمر الله ـ تعالى ـ عباده المؤمنين بطاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وألزمهم بها في مواضع كثيرة من القرآن العظيم، وكذا على لسان نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهذا الأمر معلوم من الدين بالضرورة، ولا يسع أحد إنكاره، قال تعالى: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }(النساء:80)، وقال: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ }(المائدة:92)، وقال: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }(النور:56)، وقال تعالى: { وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ }(الحشر: 7) . قال الحافظ ابن كثير: " أي مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمركم بخير وإنما ينهى عن شر" . وقال الشيخ السعدي: " وهذا شامل لأصول الدين وفروعه، ظاهره وباطنه، وأن ما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتعين على العباد الأخذ به واتباعه، ولا تحل مخالفته، وأن نص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حُكم الشيء كنص الله - تعالى ـ، لا رخصة لأحد ولا عذر له في تركه، ولا يجوز تقديم قول أحد على قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " . وقال أحمد بن حنبل: " نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ثلاثة وثلاثين موضعًا " . وقال ابن تيمية: " أمر الله بطاعة رسوله في أكثر من ثلاثين موضعاً من القرآن، وقَرَنَ طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته " . لا تعارض بين الكتاب والسنة : من المستحيل وجود تعارض بين أوامر الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه الكريم، وبين أوامر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في السُنَّة الصحيحة، لأن الله أمرنا بطاعته ـ سبحانه ـ، وأمرنا كذلك بطاعة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ }(محمد:33) وقد جاءت السنة النبوية لتبين مجمل الكتاب، وتوضح ما اشتمل عليه من الأوامر، ولو ادَّعى أحد وجود تعارض بين الكتاب والسنة، لاستلزم الأمر أن الله ـ عزّ وجل ـ قد أمرنا بالشيء ونقيضه، وهذا يستحيل في الشرع الذي أنزله الله ـ تعالى ـ العليم الحكيم، وما كان من تعارض في الظاهر بين الكتاب والسنة فقد أزال العلماء هذا التعارض، بالجمع بينهما، أو بثبوت النسخ ، أو حمل المطلق على المقيد، أو العام على الخاص، أو ضعف الحديث وعدم ثبوته عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وقد قال الشافعي: " على أهل العلم طلب الدلالة من كتاب الله، فما لم يجدوه نصّا في كتاب الله، طلبوه في سنة رسول الله، فإن وجدوه فما قبلوا عن رسول الله فعن الله قبلوه، بما افترض من طاعته " . شبهة: الاستغناء بالقرآن عن السنة : لا يمكن الاستغناء بالقرآن الكريم عن سُنَّة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحال من الأحوال، بل لا يمكن أن يُفهم الكتاب بمعزل عن السُنَة، وأي دعوة لفصل أحدهما عن الآخر إنما هي دعوة ضلال وانحراف، وهي في الحقيقة دعوة إلى هدم الدين، وتقويض أركانه والقضاء عليه من أساسه، واعتقاد البعض أن القرآن يكفيهم ضلال، ورد للقرآن الذي أمرنا صراحة بطاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل ما أمر ونهى، قال تعالى: { وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ }(الحشر: 7) . وعن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( لا أَلْفِيَنَّ أحدَكم مُتَّكِئًا على أَرِيكته يأتِيه أمرٌ مِمَّا أمرْتُ به أو نَهيتُ عنه فيقول: لا أدري، ما وجدْنا في كتابِ الله اتبعناه ) رواه أبو داود . وعن المقداد بن معد يكرب ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أنه قال: ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان علي أريكته، يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، وإنَّ ما حرَّمَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما حرم الله ) رواه أبو داود . وهذا الحديث من أعلام نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، إذ ظهر في الأمة أناس ينكرون بعض السُنَّة أو كلها بدعوى الاستغناء عنها بالقرآن الكريم . قال الخطابي: " وفي الحديث دليل على أن لا حاجة بالحديث أن يُعْرَضَ على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان حجة بنفسه، فأما ما رواه بعضهم أنه قال: " إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقَه فخُذوه، وإن خالفه فدعوه " فإنه حديث باطل لا أصل له، وقد حكى زكريا الساجي عن يحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة ". والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له من الأوامر والنواهي التي ليس لها ذِكر في كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ الكثير، وهي أكثر من أن تحصى، والمسلم مأمور بطاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها كالتزامه بطاعة الله، ومنها على سبيل المثال في الصلوات: تشريع صلاة الاستسقاء، والجنازة، وصلاة العيدين، وسجود الشكر، وفي الزكاة: زكاة الفطر وغيرها من زكوات، وفيما يحرم لبسه: تحريم الذهب والفضة على الرجال، وفيما يتعلق بآداب الطعام والشراب وتحريم الأكل في آنية الذهب والفضة، كما أن في السُنة: الأمر بحضور الجماعات، وتغسيل الميت، وتكفينه ودفنه، وغير ذلك من أمور جاءت بها السُنَّة النبوية ولم ترِدْ في كتاب الله ـ عز وجل ـ . عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: ( لعن الله الْوَاشِمَات (التي تقوم بعمل الوشم) وَالْمُسْتَوْشِمَات (التي تطلب الوشم)، وَالنَّامِصَاتِ (التي تفعله) وَالمُتَنَمِّصَاتِ (التي تطلب النماص)، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ (التي تَبْرُد مَا بَيْن أسنانها) المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ الله، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك، أنك لعنتَ الواشماتِ والمستوشمات، والمتنمصاتِ، والمتفلجاتِ للحُسْنِ المغيِّراتِ خلقَ الله، فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهو في كتاب الله؟، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: إن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله ـ عز وجل ـ: { وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ }(الحشر: 7)، قالت: بلى، قال: فإنّه قد نهى عنه ) رواه مسلم . عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : لم يُفَّرق ربنا ـ عز وجل ـ بين طاعته سبحانه وبين طاعة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، بل جعل طاعة نبيه طاعة له سبحانه، فقال تعالى: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ }(النساء: 80)، وغالب الآيات القرآنية قرنت بين طاعته ـ سبحانه ـ وطاعة نبيه، وما سنَّه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما ليس فيه نص من كتاب الله فإنما سنَّه بأمر الله ووحيه . قال الشافعي: " وما سنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكم، فبحكم الله سنَّه " . فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ معصوم من أن يصدر عنه ما يخالف القرآن الكريم، وقد دلت الآية الكريمة: { وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ }(الحشر: 7)، دلالة مباشرة على عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جميع أقواله وأفعاله، وكل ما أمر به، أو نهى عنه، ووجه ذلك أن من وجبت طاعته طاعة مطلقة بلا قيد ولا شرط وجب أن يكون معصوماً، وما كان الله ليأمرنا أمرا مطلقا باتباع كل ما جاء بالسُنَّة النبوية، إلا لعلمه ـ سبحانه ـ بعصمة صاحب هذه السُنة ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، في جَدِّه وضحكه، ورضاه وغضبه، وصحته ومرضه، وفي حلّه وترحاله، قال الله ـ تعالى ـ : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }(لنجم 3 : 4) . قال القاضى عياض : " واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الشيطان وكفايته منه، لا في جسمه بأنواع الأذى - كالجنون والإغماء -، ولا على خاطره بالوساوس " . ستظل سُنَّة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مدى الأجيال والقرون، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها نبراساً للمسلمين، تضيء لهم حياتهم، ولئن انتقل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى جوار ربه، فإن الله قد حفظ لنا كتابه وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فهما طريق الهداية والسعادة في الدنيا والآخرة، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ترَكْتُ فيكم أَمرين، لَن تضلوا ما تمسَّكتُمْ بِهِما: كتاب الله وسنة رسوله ) رواه الحاكم . قال الشيخ الألباني: " والحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام " . نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المعظمين لرسولنا - صلى الله عليه وسلم ـ وسنته، المتبعين لها، وأن يسقينا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا ..
  22. هو عمر بن الخطاب بن نُفيل القرشي العدوي، يجتمع نسبه مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كعب بن لؤي بن غالب، ويكنَّى أبا حفص، لُقِّب بالفاروق، لأنه أظهر الإسلام بمكة ففرّق الله به بين الكفر والإيمان، وهو ثاني الخلفاء الراشدين، مثال العدل والإنصاف، والزهد والتواضع، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد أسلم ـ رضي الله عنه ـ في ذي الحجة سنة ست من النبوة، بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة ـ رضي الله عنه ـ، وله ست وعشرون سنة، وكان إسلامه فتحاً عظيماً، أعز الله به الإسلام والمسلمين . كان عمر ـ رضي الله عنه ـ في جاهليته من أشد الناس إيذاء للمسلمين، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرى أن في إسلامه أو إسلام أبي جهل كسبا كبيرا للإسلام، فلذلك كان يدعو الله أن يهدي أحب الرجلين إليه، فكان عمر ـ رضي الله عنه ـ . عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمر بن الخطاب، فكان أحبُّهما إلى الله عمر بن الخطاب ) رواه أحمد . وقد سبق إسلام عمر إرهاصات كانت تشير إلى أنه كان يفكر في الإسلام، وأن مآله سيكون إليه، رغم استبعاد المسلمين لذلك، لما يرونه من قسوة وشدة، لكن الله - تبارك وتعالى - القادر على كل شيء علم أن قسوة عمر الظاهرة قسوة عارضة لا مستحكمة ولا دائمة، وتكمن خلفها رحمة ورقة، وعدل وقوة، ولذلك هيأ له الأسباب للإسلام، وإذا أراد الله شيئاً هيأ له أسبابه . روى ابن إسحاق عن أم عبد الله بنت أبي حثمة زوج الصحابي الجليل عامر بن ربيعة،قالت: " والله، إنا لنترحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر بن ربيعة ( تعني زوجها ) في بعض حاجاتنا، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف عليَّ وهو على شركه، قالت: وكنا نلقي منه من البلاء أذى لنا وشدة علينا، قالت: فقال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله؟،قلت: نعم، والله لنخرجن في أرض من أرض الله - إذ آذيتمونا وقهرتمونا - حتى يجعل الله لنا مخرجاً، قالت: فقال: صَحِبَكُم الله، ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد أحزنه - فيما أرى ـ خروجنا، قالت: فجاء عامر بحاجته تلك، فقلت له: يا أبا عبد الله! لو رأيت عمر آنفاً ورقته وحزنه علينا!!، قال: أطمعت في إسلامه؟، قالت: نعم، قال: لا يُسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب!، قالت: يأساً منه لما كان يرى من غلظته وقسوته " . ولنستمع إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وهو يخبرنا عن لحظة إعلان عمر ـ رضي الله عنه ـ إسلامه، فيقول ـ كما يروي ذلك الألباني في صحيح السيرة ـ : " لما أسلم عمر قال: أي قريش أنقل للحديث؟!، فقيل له: جميل بن معمر الجمحي، فغدا عليه، قال عبد الله: وغدوت أتبع أثره، وانظر ما يفعل - وأنا غلام أعقل كل ما رأيت - حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل أني أسملت ودخلت في دين محمَّد - صلى الله عليه وسلم -؟، قال: فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه، واتبعه عمر واتبعته أنا، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش - وهم في أنديتهم حول الكعبة - ألا إن ابن الخطاب قد صبأ!، قال: يقول عمر مِن خلفه: كذب، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم، قال: وطلح ( أي أعيا ) فقعد، وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو كنا ثلاث مئة رجلٍ لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا، قال: فبينما هم على ذلك، إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبرة وقميص موشى حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟!، فقالوا: صبأ عمر!، قال: فمه، رجل اختار لنفسه أمراً، فماذا تريدون؟!، أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبكم هكذا؟!، خلوا عن الرجل، قال: فوالله، لكأنما ثوباً كُشط عنه، قال: فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى ( المدينة يا أبت! من الرجل الذي زجر القوم عنك بـ (مكة) يوم أسلمت وهم يقاتلونك؟، قال: ذاك أي بني! العاص بن وائل السهمي " . أسباب إسلام عمر بن الخطاب : سماعه للقرآن الكريم : فالقرآن هو كلام الله، له تأثير على القلوب، فيروى عن عمر أنه قال: "خرجت أتعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش، قال: فقرأ: { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ }(الحاقة 40 : 41 )، قلت: كاهن، قال: { وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ }(الحاقة: 42)، حتى بلغ آخر السورة. قال: فوقع الإِسلام في قلبي كل موقع " رواه الطبراني، وهذه القصة فيها ضعف، وكذلك قصته مع أخته فاطمة حين لطمها لإسلامها وضرب زوجها سعيد بن زيد، ثم اطلاعه على صحيفة فيها آيات وإسلامه فلم يثبت شيء من هذه القصص من طريق صحيحه، ولكن الحافظ ابن حجر ذكر بان الباعث له على دخوله في الإسلام ما سمع في بيت أخته فاطمة من القرآن الكريم . دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له بالهداية: عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمر بن الخطاب، فكان أحبُّهما إلى الله عمر بن الخطاب ) رواه أحمد . وفي إسلام عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ معجزة من معجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي سرعة استجابة دعائه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ حين دعا قائلا: ( اللهم أعز الإِسلام بأحب هذين الرجلين إليك )، فمن المعجزات والآيات التي أُعطى الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، تأييداً لدعوته، وإعلاءً لقدره، وهي من دلائل نبوته، سرعة استجابة الله لدعائه، ولرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الدعوات المستجابة ما لا يُحصى، مما امتلأت به كتب السيرة والحديث، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنها دعاؤه لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ بأن يهدي أمه إلى الإسلام، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ( كنت أدعو أمي إلى الإِسلام وهي مشركة، فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أكره، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإِسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اهد أم أبي هريرة، فخرجت مستبشراً بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما جئت فصرت إلى الباب وقرُبت منه، فإذا هو مجاف، فسمعتْ أمي خَشَفَ قدمي، فقال: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء، فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة! أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، فقلت: يا رسول الله! أبشر، فقد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه وقال: خيرا ) رواه مسلم . قال النووي: " وفيه استجابة دعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الفور بعين المسؤول، وهو من أعلام نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ " . وقال ابن تيمية: " ومعلوم أن من عوّده الله إجابة دعائه، لا يكون إلا مع صلاحه ودينه، ومن ادّعى النبوة، لا يكون إلا من أبرّ الناس إن كان صادقاً، أو من أفجرهم إن كان كاذباً، وإذا عوّده الله إجابة دعائه، لم يكن فاجراً، بل برّاً، وإذا لم يكن مع دعوى النبوة إلا برّاً، تعيّن أن يكون نبياً صادقاً، فإن هذا يمتنع أن يتعمّد الكذب، ويمتنع أن يكون ضالاً يظن أنه نبي". لقد فرح المسلمون بإسلام عمر ـ رضي الله عنه ـ فرحاً عظيماً، وازدادوا بإسلامه قوة ومنعة وعزة، وكان إسلامه ـ رضي الله عنه ـ نقطة تحول في تاريخ الإسلام، وبدأ المؤمنون يجهرون بتأدية شعائر الإسلام جماعات حول الكعبة، قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: " إن إسلام عمر كان فتحا، وإن هجرته كانت نصرا، وإن إمارته كانت رحمة، ولقد كنا وما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه " . والأحاديث الثابتة في فضل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كثيرة، منها: قوله ـ صلى الله علي وسلم ـ: ( إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به ) رواه ابن ماجه،وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدَّثون ( ملهمون )، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب ) رواه البخاري، وفي صحيح مسلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في عمر: ( والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا ( طريقا ) إلا سلك فجا غير فجك ) رواه البخاري، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟، فقالوا: لعمر، فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك، فوليت مدبرا، فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله ) رواه البخاري . إنَّ إسلام وحياة الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ صفحة مُشْرقة من السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، فهو أول من أسس وعمل بالتقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة، فرضي الله عن الفاروق عمر .
  23. لقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة المسداة والنعمة المهداة إلى الكون بكافة مكوناته وكائناته، وإلى العوالم بمختلف تشكلاتها وتنوعاتها، وراعت رسالة الإسلام مد شراع العدل إلى منتهاه؛ ليشمل عدل الإنسان مع نفسه وعدله في التعامل مع بني جنسه وعدله في التعامل مع المخلوقات الأخرى من حوله ليشمل ذلك العدل حتى تعامل الإنسان مع الحيوان ومراعاته حدود الإنصاف وعدم الجور في هذا التعامل. ونصوص السنة النبوية المطهرة خير شاهد على هذه الرعاية المبكرة لحقوق الحيوان والرفق به؛ فقد أوضحت أن البهائم والحيوانات تمتلك كبدا رطبة – كما الإنسان – ومن ثم فقد وعدت بالأجر العظيم جزاء تلبية حاجياتها الأساسية للحياة وإنقاذها من براثن الموت؛ كما وعدت بالأجر العظيم لقاء بعث الحياة في كل شيء؛ فلقد بين لنا النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه أن بغيا من بغايا بني إسرائيل دخلت الجنة في سقيا كلب كاد يقتله العطش [كما في الصحيحين]، وأن رجلا دخل الجنة بسبب أنه جاهد المشقة ليسقي كلبا رآه يلهث يأكل الثرى من شدة العطش، [ كما في الموطأ، و البخاري]، وبالمقابل بينت لنا السنة النبوية أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها فلاهي أطعمتها ولا أطلقتها تأكل من دواب وهوام الأرض [عند البخاري، ومسلم]، كل هذه النصوص تتضافر على أهمية رعاية الحيوان والأجر العظيم الذي قد يترتب على رعايته وتوفير سبل ووسائل الحياة له. ثم تمضي نصوص السنة النبوية في التنبيه على أهمية مراعاة حقوق الحيوان والتحذير من التهاون بها أو التفريط فيها؛ فقد روى أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم كثيرا " [أخرجه أحمد وصححه الألباني]، فهذا النص الجليل يوضح مقدار العناية التي أولاها الإسلام حتى للحيوان ومنظار الرحمة التي كان ينظر بها إليه في وقت كان العالم لا يعرف فيه تقديرا لحقوق كثير من البشر، ولا يرى فرقا بين طبقات المجتمع الدنيا – حسب تصنيفاته – والحيوان من جهة، ولا بين الحيوان والجماد من جهة أخرى . وفي ملمح آخر من ملامح اهتمام السنة بالحفاظ على الحياة وما فيها ، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن قبله نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام جعلا مكة والمدينة حرماً آمناً - بوحي من الله - ، فاستفاد كل من فيها وما فيها ،وأمن من كل أنواع الأذية والترويع فحرم اصطياد ما فيها من الصيد والطير ،وحرم قطع نباتها وكفل الحق التام في الحياة لكل ما يدب على ظهرها ، وكأن في ذلك ما يشير إلى جواز إنشاء المحميات من قبل الإمام الحاكم وإعطائه الحق في حماية بعض الحيوان من الاعتداء عليه إذا كان يقع ضمن الملكية العامة وفي انقراضه ما يهدد التوازن الطبيعي للبيئة . وأيا ما كان الأمر فإننا نجد أن المنظور الإسلامي للتعامل مع الحيوان يسير وفق منظور متزن ورؤية منصفة؛ فهو يرتب الكائنات في هذا الكون ترتيبا هرميا؛ يحتل قمة الهرم فيه الإنسان الذي شرفه الله بحمل الرسالة وكرمه بالعقل وتحمل الأمانة، يليه في الهرمية بقية الحيوانات الأخرى، ثم في قاع الهرم الجمادات والنباتات وما لا روح فيه من الكائنات، وحسب هذا الترتيب يبيح الإسلام للكائنات في قمة الهرم استخدام واستهلاك الكائنات أسفل منها وتمكنها الإرادة الكونية من ذلك ضمانا لاستمرار دورة الحياة ودولاب دوران الطاقة، ولكن تقيد قوانين الإسلام هذا الاستخدام بحدود العدل وضمان عدم الجور أو الإفراط في الاستهلاك، شكَّل هذا الهَدْي الرباني العظيم – كما يقول السرجاني - نظرة الحضارة الإسلامية عبر العصور إلى الحيوان، وإلى رعاية شئونه وحقوقه وهي نظرة فريدة، تُرجِمت - بلا ضجيج إعلامي صاخب - إلى سلوكيات تلقائية، ونُظُمٍ اجتماعية تَقَرَّب بها المسلمون إلى ربهم, ودخلت في نسيج عباداتهم؛ ومن ثم فهي منطلقة من المبدأ الإنساني, ومن الدافع التعبدي؛ فهي عبادة قبل أن تكون مجرد إحساس إنساني ومشاعر .
×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.