خالد عبد الله سليمان
الأعضاء-
مجموع الأنشطة
22 -
تاريخ الانضمام
-
آخر نشاط
الشعبية
0 Neutral-
-
انظروا كيف يخصص قسم خاص للمناقشات في هذا البرنامج التعليمي الالكتروني المجاني. ولا يتاح لنا أهل التعليم المفتوح هذا رغم أن العلم لا يكون إلا به. ونرى ائتلاف طلاب التعليم المفتوح يجاهد من أجل تحسين شكل الشهادة، وهي شهادة لا فائدة لها عمليا إلا لأعداد قليلة وبعوائد إنتاجية منخفضة جدا -لهم وللوطن - إنما فائدتها إجتماعية فقط ليُقال معه ليسانس أو بكارليوس. وقد دعاني هذا الائتلاف للمشاركة معهم فنصحتهم بأنه لا يصح للمصلح أن يشارك في برامج إصلاحية لا يديرها متخصصون في علوم الاصلاح. ولو حكيت لكم حقيقة علوم الاجتماع والأنثربولوجيا والعلوم السياسية التي ندرسها - ومن اعترافات ناس يُعتبرون أساتذة الجيل فيه في عالمنا العربي، ثم باعترافات مؤسسيه في العالم الأوروبي لرأيتم العجب العجاب - https://edraak.org/about
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الاخوة الأفاضل يسعدني الانضمام إليكم فقد فرحت جدا بوجود هذا المنتدى. لي رجاء ممن درس الترم الثالث أن أستعير منه كتب هذا الترم ممن أنهى دراسته حتى أتمكن من قراءتها ومراجعتها إلى حين استلام كتبي وأردها لصاحبها فورا، لأن شهر واحد قبل الامتحان لا أتمكن فيه من المذاكرة الجدية إطلاقا. وجزى الله خيرا من سيعيرني هذه الكتب ويفضل أن يكون من الاسكندرية، ولو من القاهرة يمكن أيضا لأني أتردد على الاقهرة هذه الأيام. وجزاكم الله خيرا. ومن يستطيع يرسل لي رسالة خاصة أو يكتب لي رقم تليفونه لأتواصل معه. وجزاكم الله خيرا
-
صاحب الحق يطلبه ولا ينتظر من غيره أن يعطيه له من غير سعي منه خاصة وأن هذا الغير مقصر من البداية رغم علمه بأهمية هذا الحق وتأثيره على مستوى تحصيل الطلاب. ولرفع هذه المطالب هناك روابط لتجميع هذه الطلبات ورفعها إلى إدارة الجامعة، وقد قرأت في النت عن رابطة خاصة بالتعليم المفتوح ولا أعرف أصحابها وهذا رابط صفحتهم على الفيس بوك ممنوع وضع روابط الفيس بوك فلنتواصل معهم
-
السلام عليكم. أنا من الاسكندرية وأرجو ممن يذهب إلى جامعة القاهرة كلية الآداب قسم علم الاجتماع أن يسأل لي عمن سيمتحن في مواد مؤجلة آخر هذا الشهر وهي " مدخل إلى الأنثروبولوجيا" ل د علي المكاةوي و" مدخل إلى علم الاجتماع التطبيقي" ل د عدلي السمري و " الاحصاء الاجتماعي" ل د عبد الحميد نجم و " مناهج البحث الاجتماعي" ل د هناء الجوهري ، كيف يعرف المحذوف منها؟ هل يسأل من اختبر فيهم في ميعاده ولم يؤجل أم ماذا؟
-
شكرا جزيلا لتفاعلكم. وأضيف أن من أسباب سوء التواصل بين الطالب وأستاذه هو تدني راتب المعلم في المدارس والجامعات مما يعيق المعلم عن التفاني في التدريس. ولكن من المفترض أن مهنة التعليم مهنة مقدسة وهي أرقى المهن في نظر دين الإسلام بل وفي نظر المذاهب الفلسفسية والأيديولجية التي تحكم العالم الغرب ف العصر الحديث، فاللائق بمعلمي المسلمين أن يفهموا رسالتهم في الحياة ويجاهدوا أنفسهم لتبليغ الرسالة وإن بُخس حقهم في الدنيا فالله يوفيهم حقهم في الآخرة ويعوضهم ما نقص في الدنيا بأن يحييهم حياة طيبة فيها وإن بُخست حقوقهم المادية فيها
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إلى كل طلاب التعليم المفتوح جامعة القاهرة تنص على أنها تريد التوسع في التعليم عن بعد، وهذا جيد لأن العلم الحقيقي المطلوب من طالب العلم العصري في كل المجالات لا يتحقق إلا بتحصيل العلم من الانترنت كما ينص على ذلك أكابر المفكرين الاجتماعيين كالدكتور سيد يس. ولكن مركز التعليم المفتوح أنشأ صفحة خاصة بالتعرف على أساتذة المادة في صفحات الطلاب الشخصية ولكنها منذ نشأتها وهي تحت الإنشاء ولم تُنشأ بعد!، وكان من المفترض أن يتاح لكل طالب بريد إلكتروني خاص بالأساتذة ليسألهم فيما لا يفهم من المقرر لأن هناك آلاف من طلاب التعليم المفتوح لا يحضرون في الجامعة ويتعلمون عن بُعد فقط، وحيث لم تبادر الجامعة بتوفير وسيلة التواصل هذه بين الطالب والأستاذ فالواجب على الطلاب أن يطالبوا بهذا الحق. وللعلم: فإن مشكلة البطالة في البلاد العربية كلها ترجع إلى أن الشهادات الرسمية التي يحصل عليها الطلاب لا تدل على علم حقيقي، ولكنهم نالوها بالحفظ أي هم حفظوا المكتوب في الكتاب وكتبوه في الامتحان وفقط! والعلم ليس هو الحفظ، إنما هو الفهم ، وما الحفظ إلا وسيلة إلى الفهم فقط لا أنه غاية وكل شيء!، ويرجع سبب اقتصار الطلاب على الحفظ إلى كثرة أعداد الطلاب في الفصل الواحد أو المدرج الواحد في الجامعة مما يقلل من فرصة تفاعل كل طالب مع أستاذه سؤالاً واستفسارًا. يعني أن مشكلة البطالة ترجع إلى عدم قدرة الطالب على التفاعل مع أستاذه لكثرة أعداد الطلاب مع محدودية وقت المحاضرة. فهل عرفنا مدى أهمية وخطورة التفاعل بين الطالب وأستاذه؟! فكيف نُحرم من هذا التفاعل حرمانًا مطلقًا!!!!
-
حاجة طالب العلم الشرعي إلى العلوم الاجتماعية ( والعكس) من تراث مدرسة المنار (1). الكاتب - خالد المرسي مقدمة. العلوم الاجتماعية هي علوم الاجتماع والسياسة والنفس والاقتصاد والأنثروبولوجيا .. الخ فكل تلك العلوم هي اجتماعية، والعلم الاجتماعي الحق والأفضل هو الذي يدرس أطرافا من هذه العلوم هو المنهج متعدد المداخل multidisciplinaryapproach وهو المرغوب فيه في الساحة العلمية العالمية الآن، وإن كان علماء هذا المنهج لا بد أن يرجعوا لمن تمحضوا لأحد هذه الأقسام كتخصص واختاروا ذلك لملائمته ميولهم التي لا ترغب إلا في التخصص المتمحض المركز. فليجتهد كل فرد وسيفيد الأمة أيا كان اجتهاده وميوله الخاصة ( والمهم أن يكون مقتنعا وراغبا في توجهه) فهذه العلوم بينها تداخل كبير جدا حتى أن كارل ماركس Karl Heinrich Marx مؤسس أخطر نظرية اقتصادية ( وهي مذهب فلسفي ضخم ) كان تخصصه فلسفة لا اقتصاد، وماكس فيبر Max Weber صاحب أهم تأصيلات وأعمقها في علم الاجتماع المعاصر كرس جل وقته لدراسة الأديان وهو في العقد الرابع من العمر رغم أنه لم يكن متدينا على المستوى الشخصي، وكذلك كارل بوبر Karl Raimund Popper مثلا، كل هؤلاء كتبهم من أمهات المراجع في علمي الاجتماع والسياسة على السواء. وكذلك يرى البعض أن علم الاجتماع يحاول حل محل الفلسفة لأنه يتناول مباحثها فيما يتناول من موضوعات. وعلى أي حال فلا يصح الاشتغال كثيرا بتحديد الفواصل بين هذه العلوم نظريا لقلة فائدتها وليكن أغلب الهم في فهم المواضيع والأبحاث التي تزخر بها تلك الكتب المختلفة المتخصصة. هذه العلوم نشأت في الغرب في العصر الحديث لكي تقاوم الأديان وتنصر العلمانية فواجب على طالب العلم الشرعي أن يدرسها دراسة واعية ناقدة إن لم يكن قد خصص نفسه لعلم ديني خادم لا جوهري، وكذلك يجب على المتخصصين في العلوم الاجتماعية أن يدرسوا علم الدين الإسلامي ليحفظوا فكرهم من الانحراف على المستوى الخاص ولكي يقوموا بواجب الإصلاح الاجتماعي والسياسي الذي هو هدف تخصصهم الاجتماعي، لأن الإصلاح ( لا سيما في بلاد الإسلام ) يستحيل أن ينجح في القيام به إلا من كان فقيها في علم الإسلام وعلوم الاجتماع معا ( هذا من أصول الاعتقاد وآيات القرآن الكريم كثيرة جدا فيه )، وإن لم يضبط القائمون على شأن النهضة ( طلاب دين وعلم اجتماع) هذا الموضوع ويهتمون بمعرفة الصواب فيه؛ سنظل في تخلف دينا ودنيا، لأن علماء الدين سيعجزون عن النهوض بمجتمعاتهم لضعفهم في علوم الاجتماع التي هي أساس القوة وسيعجز أيضا علماء الاجتماع عن النهوض بمجتمعاتهم لضعفهم في علم الدين الذي هو أساس القوة، ويستحيل قيام نهضة إلا بالأساسين يجتمعا في طائفة واحدة، أو في أضعف الأحوال الاستثنائية يجب أن لا يخلو فريق منهما من حد أدنى في الأساسين. وإن لم يهتم القائمون على شأن النهضة بضبط هذا الموضوع وظلوا على ما هم عليه الآن فياويل أمتهم منهم ويا ويلهم من الله يوم القيامة حين يسألهم أسئلة لم تكن تخطر ببالهم في الدنيا لغباوة بعض منهم ولإهمال البعض الآخر، سترهق بهم الأمة والدين لأنهما سيشكلان شوكة صعبة في خاصرة الدين والأمة إن بالإيجاب ( أي بتدخلهما في شئون الإصلاح على غير علم صحيح وحق واقع فيفسدا أكثر مما يصلحا ) أو بالسلب ( أي بتعطلهما عما ينبغي عليهما من شئون الإصلاح ) والتعطل والوقوف في مجال الإصلاح النفس والمجتمعي هو تقهقر إلى الخلف. وهذا الموضوع الخطير قال فيه بالحق كثير من علماء الدين المعاصرين من الأزهريين وغيرهم وقادة الصحوة الإسلامية، ولا أعرف عملا منظما جماعيا فيه إلا أعمال المعهد العالمي للفكر الإسلامي وفروعه الكثيرة فهم يقومون بجهد وافر في نشر هذه الدعوة أكاديميا ونظرياويمنحون درجات الماجستير والدكتوراة للباحثين فيه بأبعاده المختلفة. وأنا الآن سأنقل ماأقف عليه تباعا من كلام صاحب مدرسة المنار - أكبر مدونة في الفكر الإسلامي في العصر الحديث وهو ترجمان أفكار الشيخ المجدد محمد عبده كما وصفه الشيخ محمد عبده نفسه بذلك - من مجلة المنار أو تفسير المنار ومن كلامه أو من كلام من نشر لهم.
-
السؤال واضح في عنوان الموضوع، وأرجو من كل الدارسين أن يجاوبوا إجابات مفصلة عميقة تبين لنا أهدافه بوضوح لكي نستفيد من بعضنا فلعل أحدنا يعرف أهدافا جيدة لم يكن يعرفها من قبل أو يتأكد من أهمية أهداف كان يعرفها من قبل، أو نتناقش عموما في أراء كل منا حول مدى درجة هدف ما من حيث الأهمية أو ضعفها أو شدتها أو عدمها أو قصورها...الخ ونسأل الله أن يوفقنا
-
هل يوجد علم اجتماع عربي؟ ما هي أهم صعوباته؟ ما هي أهم مستلزماته؟ د. عبد الحكيم شباط مجلة العلوم الإجتماعية 26-04-2012 تمهيد يعتقد بعض الرومنسيين من أساتذة علم الاجتماع في عالمنا العربي اليوم أن كل من كتب في علم الاجتماع ومشاهيره ونظرياته واتجاهاته، أو كل من درّس ذلك في الجامعات أصبح عالم اجتماع. وإذا كان أي باحث اجتماعي عربي موضوعي لا يجرؤ على أن يزعم أنه يوجد اليوم علم اجتماع عربي، فإن المرء يتسائل حائرًا: هل يعتقد بعض أساتذة علم الاجتماع في العالم العربي أنهم علماء في علم الاجتماع الفرنسي أو الألماني أو الأمريكي مثلاً؟! وإذا جاء أحد هؤلاء الحالمين ليزعم أنه يوجد علم اجتماع عربي، فإننا ببساطة سوف نطلب منه أن يذكر لنا: بعض النظريات التي أنتجها علم الاجتماع العربي، والمشاكل التي استطاع أن يعالجها، والفروض التي يعمل على تطويرها. ونحن نزعم بدورنا أن الإجابة – غالباً- سوف تكون: صفراً مكعباً! في تحليل أجري بمصر لرسائل الدكتوراه والماجستير في تخصص علم الاجتماع لـ 131 أطروحة حتى عام 1974، تبين أن منها فقط أطروحتين بحثتا إمكانية تشكيل نظرية علمية لعلم الاجتماع العربي، الأولى على أساس وظيفي، والثانية على أساس المادية التاريخية، في حين جاء الاهتمام بالمسائل المنهجية والأساليب الفنية في البحث بنسبة 3.2 % فقط. أما معظم الرسائل المتبقية فقد جاءت خليطاً بين التوليف والنقل والتناول لمسائل اجتماعية جزئية. (...) وورد في تقرير حول الأبحاث السوسيولوجية في دولة العراق أن معظم الدراسات التي أنجزت حتى 1970 كانت قصيرة، وجزئية، ولم ينشر معظمها. (...) أما في دولة الجزائر فقد أشار تقرير حول وضع البحث السوسيولوجي إلى أن الدراسات الجادة حول الأوضاع الاجتماعية في الجزائر لاتزال نادرة، ومحدودة. (...) وحول الدراسات السوسيولوجية التي تصدر في سوريا ولبنان والأردن والجزائر والمغرب والعراق ومصر ورد في نفس البحث الذي أعده أحد أساتذة علم الاجتماع، عام 1981، أن معظم هذه الدراسات قد غلب عليها طابع التأليف المدرسي المعتمد على النقل والترجمة والتركيز حول مشكلات جزئية، أو نظام اجتماعي محدود كالأسرة والتعليم (...)، لذلك فإن البحث السوسيولوجي في الوطن العربي بصفة عامة "يعاني من مأزق منهجي يرتبط مباشرة بأنماط التوجه النظري، وبنوعية الموضوعات الجزئية المحدودة التي يتناولها (...)". وعلى الرغم من أن البحث الاجتماعي يأخذ اليوم في دول الخليج العربي عموماً حيزاً كبيراً من الاهتمام ويعد بنتائج طيبة وآمال مرجوة إلا أننا لا نستطيع الزعم بعد بأننا بتنا قادرين على بناء نظرياتنا ومناهجنا الخاصة في هذا المضمار. وفي ضوء هذا الواقع المخيب للبحث السوسيولوجي في الدول العربية، فإننا نرى أن استبدال سؤال: (ما هي عوائق تشكل علم اجتماع عربي؟) بسؤال: (هل يوجد علم اجتماع عربي؟)، سوف يكون أكثر نفعًا ومنطقيةً، وسوف يتيح لنا الفرصة لكي نسلط الضوء على بعض أهم الصعوبات التي حالت دون تأسيس علم اجتماع عربي - كما نراها على الأقل-، وسوف نقسم هذه العوائق إلى مجموعتين: 1- العوائق الخارجية. 2- العوائق الداخلية. أهم العوائق الخارجية 1- العوائق السياسية تركز الأبحاث والنظريات الكبرى للعلوم الاجتماعية على إعادة النظر في القيم والتقاليد السائدة، أو تلك التي يرغب أصحاب القرار السياسي من الحكام وذوي الزعامات الدينية والاقتصادية والاجتماعية في فرضها كقيم مسيطرة أو قانونية. لذلك فمن الطبيعي أن تتعرض الأبحاث الاجتماعية الجريئة إلى رقابة شديدة، وإلى جميع أنواع الضغوط والقيود، في ظل جميع الأنظمة السياسية، وخاصة تلك الاستبدادية منها. وبالتالي فإن عالم الاجتماع الذي يعمل في ظل نظام شمولي- كالأنظمة الشيوعية في الفترة السوفياتية وكثير من الأنظمة في عالمنا العربي والإسلامي مثلاً- لإظهار محاسن نظام الأحزاب المتعددة ومخاطر السلطة الشخصية لن يمنح الفرصة لنشر أعماله أو الدفاع عنها. وبالعكس، فإن السلطات العامة في ظل نفوذ الطبقات ذات الامتيازات الخاصة- كما هو الحال في بعض الدول الرأسمالية مثل الولايات المتحدة ودول أوربة الغربية- لا تشجع أبدًا الأبحاث الهادفة إلى إظهار الطابع المجحف لامتيازاتها السلطوية، وتفرد القلة بالنفوذ السياسي والاقتصادي في داخل المجموعات الاجتماعية. وغالبًا ما يتطلب نشر أبحاث تتضمن اكتشافات ثورية في العلوم الاجتماعية إلى ظروف مساعدة استثنائيًا تمامًا كي تستطيع الإفلات من رقابة السلطة. وحين كان يسعى عالم الاجتماع إلى اكتشاف كيفية تحول المجتمعات والأنظمة الاقتصادية والسياسية، وتحديد الحاجات والسلوك الإنساني فلا مفر له من طرح قضية النظام القائم، وسلطة رجال الحكم، والمجموعات المتنفذة في المجتمع، والتي غالباً ما تتحمل الوزر الأكبر في التسبب بمظاهر الفساد التي تبلى بها الدوائر الرسمية. ولا بد للباحث في العلوم الاجتماعية ليقوم بهذه المهمة الخطرة والضرورية من أن يعتمد أولاً على وعي الفاعل الاجتماعي. وكما هو الحال في الدول العربية فإن المرء يلاحظ خضوع البحث الاجتماعي عموماً لإرادة الحكومات السياسية وتوجهاتها، بل غالباً لا يوجد قدر كافي من الاستقلالية للباحث في اختيار موضوع بحثه، وعرض نتائجه بصورة موضوعية، فمعظم الباحثين في الدراسات الاجتماعية في البلدان العربية لا يعدون أن يكونوا موظفين حكوميين في الجامعات والمراكز البحثية التي تتبع للحكومة، وهم ينفذون ما يطلب منهم، وبالتالي فإن عملهم البحثي ينحصر في أحيان كثيرة في عمليات القص واللصق والترجمة الانتقائية، لتفادي الاصطدام مع السلطة القائمة، ولا شك أن دراسات اجتماعية من هذا النوع المشوه لن تفضي بأي حال من الأحوال إلى تأسيس علم اجتماع عربي. 2- الطبيعة الوصفية للعقلية البحثية العربية إن معظم الأبحاث التي يقدمها الباحثون العرب في مختلف التخصصات تقف في أغلب الأحيان عند مرحلة الوصف دون أن تتجاوزها إلى مرحلة التفسير، فأغلب هذه الدراسات تدور في فلك السؤال: كيف حدثت الظاهرة؟ وكيف تتبدى في الطبيعة أو المجتمع؟ دون الانتقال إلى السؤال التفسيري: لماذا حدثت هذه الظاهرة؟ هذا فضلاً عن الوصول إلى سؤال التنبؤ: ماذا سيحدث في المستقبل أو كيف ستحدث الظاهرة؟ ونحن هنا لا نقلل من أهمية عملية الوصف في الدراسات العلمية بشكل عام، فكثيرًا ما يكون الوصف بمنزلة اكتشاف للظاهرة؛ لأنه عملية تعيين واختبار علاقات أكثر أو أقل عمومية بين خواص الظاهرة موضوع البحث، وهو اكتشاف؛ لأن هذه العلاقات لم تكن معروفة قبل الوصف العلمي الذي كشف عنها، لكن التفسير يتجاوز الوصف، إذ يستعين به، ويضيف إليه القوانين أو النظريات كي يحقق هدفه، فيمثل التقدم الحقيقي للعلم. إذًا فالوصف هو أحد المراحل المنهجية المهمة لإنجاز العمل العلمي، لكن العمل العلمي حتى يكون مثمراً لابد له أن يتجاوز مرحل الوصف إلى مرحلة التفسير، ومن ثمة إلى مرحلة التنبؤ، وإذا كانت هذه المراحل المنهجية تعكس بشكل أو بآخر التطور التاريخي للعقل العلمي البشري بشكل عام، فإننا نعتقد أن العقل العربي لا يزال يمارس العملية البحثية وفق المعايير المنهجية للعمل العلمي العربي في القرون العربية المتأخرة. حيث كانت المنهجية العلمية التي يمارسها العقل العربي تركز على المنهجية الوصفية، وقد تتوجت الجهود العلمية للعقلية العربية في القرون الوسطى بأعمال بعض الرواد الذين استطاعوا أن يلامسوا الإرهاصات الأولى للمرحلة المنهجية التفسيرية، وهو كان مع الدراسة المميزة التي قدمها المؤرخ العربي عبد الرحمن بن خلدون (1406-1322) في كتابه المعروف (المقدمة)، وكذلك الدراسة التي قدمها عالم الرياضيات المسلم غياث الدين الكاشي ( 1465-1436) في كتابيه: (مفتاح الحساب) و(علم الهيئة)، اللذين اشتملا على اختراعه الرياضي لنظام الكسور العشرية. وعلى حسب علمنا لم تقدم المجتمعات العربية أي عالم بالمعنى الحقيقي لكلمة عالم منذ نهاية القرن الخامس عشر تقريبًا، وطبعًا نحن هنا نستثني العلماء العرب الذين يعملون في المؤسسات العلمية الأوروبية والأمريكية؛ لأن هؤلاء هم ثمرة التقدم العلمي في البلدان التي استقبلتهم، وفتحت لهم جامعاتها؛ ليتعلموا فيها، ومخابرها؛ ليعملوا فيها، وليسوا بأي حال من الأحوال نتاجاً للمجتمعات العربية، وبمعنى آخر نريد القول: إن العقل العلمي العربي قد جمد عند مرحلة زمانية مكانية في حركة تطور الوعي والتاريخ، وهذه المرحلة تقابل على المستوى المنهجي: المرحلة المنهجية الوصفية. وبالتالي فإن هذه الطبيعة الوصفية للعقلية العربية تنعكس بدورها على الأبحاث الاجتماعية، بحيث نستطيع الزعم دون التورط بموقف تعميمي صارم أن معظم الأبحاث السوسيولوجية العربية تراوح في المرحلة الوصفية، ولا تستطيع تجاوزها للمرحلة التفسيرية، فضلاً عن الوصول إلى المرحلة التنبؤية، على أنه لن ننسى هنا الإشارة إلى أن نظريات علم الاجتماع - بشكل عام- تعاني من إشكالية تجاوز المرحلة الوصفية إلى المرحلة التفسيرية والمرحلة التنبؤية، فذلك يعكس أحد أهم الإشكاليات المنهجية لعلم الاجتماع خاصة، والعلوم الإنسانية عامة، وبينما تنتج هذه الصعوبة في علم الاجتماع في البلدان المتقدمة من طبيعة الظاهرة الاجتماعية المعقدة، وإشكاليات البحث في العلوم الإنسانية عامة، فإنها في حالة الأبحاث الاجتماعية العربية - بالإضافة إلى كونها إشكالية تنتج من طبيعة الظاهرة الإنسانية، وخصوصية البحث الاجتماعي- أسلوب منهجي، تخلعه العقلية البحثية العربية سلفًا على مجرى البحث. وبالإضافة إلى سيطرة العقلية الوصفية في الدراسات الاجتماعية العربية، كذلك يلاحظ المرء أن هذه العقلية تسيطر عليها المزاجية والعاطفية الواضحة في تناول المشاكل الاجتماعية المطروحة للمعالجة، وعدم مراعاة الحد الأدنى لشروط الدقة العلمية والموضوعية النسبية في جمع المعلومات، وتوثيقها، ومعالجتها والنتائج المتحصلة عنها. ونستطيع أن نزعم أن المعالجة العاطفية للمشاكل الاجتماعية، وضمور النزعة العقلية في البحث الاجتماعي، إنما هو انعكاس لمناهج التربية والتعليم في المدارس والجامعات العربية، وكذلك بتأثير التربية الاجتماعية التي تساهم في تكوين عقلية تقليدية، لا تمتلك الروح النقدية القادرة على تطوير العملية المعرفية، وتحريرها من قيود التبعية للموروثات في الحقل العلمي، وهذا يعكس ما يمكن تسميته بحالة الجمود والتخلف في الأدوات المنهجية للعقل العربي- العلمي. وفي هذا السياق نختم هذه الفقرة بذكر هذا الاقتباس: "إنّ الدماغ العربي الآن في مرحلة الدماغ الانفعالى والغريزي، وهما مرحلتان من مراحل تطور الدماغ (...) فنحن نتعامل مع حياتنا في معظم المجالات تعاملاً عاطفياً غرائزياً بعيداً عن إعمال العقل فيها. نحن لسنا أمة التحليل، والبحث، والدرس. نحن أمة الحب أو الكراهية، الدفاع أو الهجوم، الإيمان أو التكفير، اليمين أو اليسار. حركة الفكر لدينا هي حركة اجترار الماضي فقط، وليس استنطاق المستقبل. نحن سجناء الماضي بقوة قاهرة عابرة للتاريخ. تراثنا فقط هو ملجأنا الوحيد ضد الأخطار التي تحدق بنا، وحين تعصف بنا العواصف، وتشتد علينا الأعاصير." 3- عائق التمويل والترجمة والنتاج العلمي يوجد ضعف في تمويل الأبحاث العلمية بشكل عام في البلدان العربية، فقد ورد أن ما ينفقه المواطن العربي في مجال البحث العلمي لا يتعدى 4 دولارات سنويًا، في مقابل 930 دولارًا في أمريكا، و972 دولارًا في إسرائيل، و39 دولاراً في الصين و19 دولاراً في الهند، و حوالي 950 دولاراً في أوروبا، وأن ما يتم إنفاقه في 22 دولة عربية مجتمعة، على البحث العلمي لايتعدى مليار و700 مليون دولار سنويًا وهو يعادل ماتنفقه جامعة هارفارد وحدها في أمريكا. وينصب الاهتمام بالدرجة الأولى على مشاريع البحث في مجال العلوم الطبيعية، في حين ينظر للأبحاث في مجال العلوم الإنسانية - بشكل عام- وعلم الاجتماع - بشكل خاص- على أنها ضرب من الترف، الذي يمكن تأجيله أو ليس له مبرر، بل يوجد اليوم في العالم العربي من يطالب بإغلاق أقسام علم الاجتماع في الجامعات؛ لأنها ليس لها أي دور أو أهمية في الحياة العلمية أو الاجتماعية، على حسب زعمهم. وقد دلت إحصائيات السنوات الخمس الماضية على أنه تم نشر ما يقرب من 305 مليون ورقة بحث علمية وتكنولوجية فى جميع أنحاء العالم، كان نصيب دول الاتحاد الأوروبي منها 37%، والولايات المتحدة 34%، و آسيا الباسفيك 21%، والهند 20%، وإسرائيل 10%، بينما اكتفت أكثر من 22 دولة عربية بنشر أقل من 1% من مجموع ما نشر من أوراق. مع العلم أن عدد الجامعات العربية الحكومية والخاصة يزيد على 200 جامعة، وعدد الأساتذة يزيد على 50 ألف أستاذ، وعدد خريجي الجامعات يزيد على 10 ملايين خريج، منهم ما يزد على 700 ألف مهندس. ونستطيع أن نضيف أيضًا إلى ضعف التمويل وانخفاض المخصصات في ميزانيات الحكومات العربية للبحث العلمي ضعف حركة الترجمة، فقد ورد في تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2003 أن 300 مليون عربي يترجمون أقل بسبع مرات من 20 مليون يوناني، وأن العالم العربي يمثل 5 بالمئة من سكان العالم لكنه ينتج فقط 1.1 بالمئة من الكتب العلمية والثقافية بينما ينتج ثلاثة أضعاف الكتب الدينية التي ينتجها العالم ككل. وربما يكون العرب اليوم هم أقل أمة تعنى بحركة الترجمة والثقافة المتبادلة مع بقية المجتمعات. 4- العوائق الدينية لا تزال النظرة الحذرة والمتوجسة تجاه العلوم الاجتماعية، راسخة ومسيطرة في ذهنية بعض المجتعات العربية والإسلامية، فالمؤسسة الدينية بشكل عام تنظر بعين الريبة لكل نتاج معرفي وافد من الغرب، وعلى وجه الخصوص في مجال الفلسفة، وتقيمه من الناحية الدينية على أنه يشكل خطراً على المعتقدات الدينية والأخلاقية. والبعض من رجال الدين يكُّفرون من يعمل ويبحث في مجال الفلسفة وعلم الاجتماع، بحجة أنهم يروجون للاتجاهات اليسارية والإلحادية في المجتمع، بل إن بعض حكومات الدول العربية تمنع تدريس بعض نظريات علم الاجتماع في جامعاتها. والمفارقة المثيرة للسخرية هنا أننا شاهدنا بعض رجال الدين يشجعون قراءة أعمال عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر في نشوء الرأسمالية؛ لأنهم يعتقدون بأن فيبر ينتصر للقيم الدينية في مقابل الفكر المادي الإلحادي، على الرغم من أن ماكس فيبر شخصيًا كان علمانيًا أو ملحدًا، كما ذكر هو ذلك مرارًا في مؤلفاته. وكذلك منهم من يستغرق في أحلامه، ليزعم أن علم الاجتماع بالكامل لا يعدو أن يكون علما إسلاميًا أسسه المؤرخ العربي ابن خلدون سابق الذكر، وإذا كانت الأمانة العلمية لتاريخ نشوء علم الاجتماع يجب ألا تبخس ابن خلدون حقه في التمهيد لتأسيس علم الاجتماع، وفي وضع تصور مبدئي لموضوعه، ومنهجه، وغايته، تحت ما أسماه "علم العمران البشري"، في مؤلفه "كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر" الذي يعرف اختصاراً بـ "المقدمة"، فإننا بالمقابل لا نستطيع إلا أن نؤكد الدور الرئيسي المباشر للجهود التي قدمها أوغست كونت (1798- 1857)، وكارل ماركس (1818-1883)، ودوركهايم (1858-1917)، وماكس فيبر (1864-1920)، ومن أتى بعدهم، لتأسييس علم الاجتماع، وصبغه بالشكل الذي يعرف به اليوم. أهم العوائق الداخلية 1- عدم امتلاك علم الاجتماع العربي لنظريات علمية اجتماعية عامة واضحة المعالم، يكون لها أنساق معرفية متكاملة، يمكن اختبارها واقعيًا، وتكون لها قدرات تفسيرية، وقدرات تنبؤية، كما هو الحال في علم الاجتماع في الغرب، أما معظم الدراسات الاجتماعية العربية فإنها تدور في فلك الدراسات الوصفية. فالنظرية تلعب دورًا أساسيًا في تحديد موضوع العلم، والفضاء المعرفي الذي يجب أن يتحرك به مجال البحث، وبالتالي تسهم في تراكم الخبرات العلمية والمعرفية، وتطويرها في اتجاهات محددة. 2- الفشل في تأسيس منهاج علمي خاص، يمكن تطبيقه في الدراسات الاجتماعية العربية، ويراعي طبيعة الإشكاليات الاجتماعية العربية وخصوصيتها. ولا شك أن المنهاج، والنظرية، بالإضافة إلى الموضوع، والمفاهيم، من أهم شروط تأسيس العلم. 3- عدم التنسيق بين الدراسات الاجتماعية العربية، وعدم توحيد المفاهيم والمصطلحات، والاستناد إلى مدارس ومرجعيات اجتماعية وافدة من نتاج الشعوب الأخرى، الأمر الذي خلق حالة من الفوضى والتضارب بين المشتغلين في الدراسات الاجتماعية العربية، نتج عنها ضياع الجهود، وخلق حالة هدامة، بدلاً من حالة بناءة، فقد يجتمع - على سبيل المثال- في أحد أقسام علم الاجتماع في إحدى الجامعات العربية مجموعة من الأساتذة، ينتمي كل واحد منهم لاتجاه اجتماعي مغاير أو منافس ومضارب للآخر (مثلاً: وظيفي، بنيوي، سلوكي، ماركسي، نقدي، إنشائي، توفيقي، تنظيمي، فوضوي ... إلخ)، فيسخر كل منهم طاقاته وجهوده البحثية للانتصار لمذهبه ومدرسته، التي هي بالأساس لا تنتمي للمجتمع العربي، فتكون النتيجة أن يساهم في تطوير علم الاجتماع الفرنسي أو الألماني أو الإنجليزي ... إلخ، وليس علم الاجتماع العربي! 4- إشكالية الإطار المرجعي الفكري الفلسفي للنظرية العلمية: فمعظم المحاولات التي قام بها بعض الباحثين العرب لتأسيس نظريات خاصة بعلم الاجتماع العربي، نراها قد اعتمدت على إطار مرجعي فكري ينتمي للفكر الفلسفي الغربي، أو الفكر الفلسفي اليساري في الفترة السوفياتية، أو وضعت في إطار تصور الباحث لما ينبغي أن يكون عليه الإطار الفكري الفلسفي العربي، وليس في ضوء ما هو عليه واقع هذا الفكر الحالي، وذلك دون مراعاة خصوصية أن تؤسس النظرية الاجتماعية في إطار مرجعية فلسفية تنتمي للمجتمع الذي يجب أن تعمل به هذه النظرية. 5- التركيز على الجوانب النظرية والتنظيرية في البحث الاجتماعي، وعدم القدرة أو الجدية في المضي قدمًا لاختبار واقعية البحث، وصدق افتراضاته من الناحية العملية، والكتابة والتأليف والترجمة بغاية التدريس الأكاديمي الصرف، ولغايات أيديولوجية، وتثقيفية، بدلاً من الاهتمام بتحقيق الأهداف العامة للبحث السيسولوجي، التي من شأنها محاولة فهم نشوء الظاهرة الاجتماعية، وتبديها في المجتمع، وتفسير عمليات تغيرها وتغييرها وتطورها وتطويرها، فجاءت معظم الدراسات الاجتماعية العربية في هذا السياق، أشبه بالخيال السيسولوجي أو التصور النظري المجرد، الذي يعوزه التثبت الاختباري لصحة افتراضاته. 6- إشكالية التعميمية، والتجزيئية، كصفة ملازمة لمعظم الأبحاث السوسيولوجية العربية، فإما أبحاث عامة سطحية تلامس الموضوعات المعالجة من الخارج دون الغوص إلى أعماق المشكلة لتحليلها وفهمها جيداً، وهذا غالبًا ما يتمثل بالنزعة المدرسية في التأليف، حتى نجد أن أستاذ علم الاجتماع العربي يمكن أن يكتب في أي شيء وفي كل شيء، دون مراعاة ضرورة التعمق في تخصص محدد. أو بالمقابل أبحاث تركز على مشكلات جزئية، ذات طابع أمبريقي، دون مراعاة ضرورة فهم الإطار النظري العام الذي يجب أن تعالج به هذه المشكلات، فنجد هنا نزعة ذات صبغة تبسيطية تميل للتطرف في التجزيئية والتخصصية. لا شك أننا لا نستطيع بهذه الصفحات القليلة أن نستوفي دراسة جميع الصعوبات الداخلية والخارجية، التي حالت دون تأسيس علم اجتماع عربي، وأسباب عدم امتلاكه لنظريات ومفاهيم ومصطلحات خاصة به، والتي يمكنه استعمالها وتطبيقها في معالجة القضايا والإشكاليات التي تهم مجتمعه ومواطنيه. لكن نأمل على الأقل أن نكون قد قدمنا خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح من أجل تسليط الضوء على بعض هذه العقبات، التي بدون تجاوزها، وبدون تهيئة الأرضية المناسبة لعمل سوسيولوجي عربي جاد، لا يمكن الحديث عن علم اجتماع عربي، وعلماء اجتماع عرب، بالمعنى الحقيقي للكلمة. دمتم سالمين موفقين انظر عبد المعطي، عبد الباسط: اتجاهات نظرية في علم الاجتماع، سلسلة عالم المعرفة الكوتية، عدد 44، 1981، ص.186. القزاز، إياد: "انطباعات عامة حول علم الاجتماع في العراق مابين 1950-1970 " مجلة الخليج والجزيرة العربية، أكتوبر 1978، ص.55-64. نقلاً عن المرجع السابق ص 188. عطية، بن فاروق وبوتفنوشان، مصطفى: "علم الاجتماع في الجزائر"، بحث مقدم لمؤتمر علماء الاجتماع العرب في الكويت، أكتوبر 1977. نقلا عن المرجع السابق ص.188. انظر عبد المعطي، 1981، ص.188-189 انظر(أقتباس مع بعض التصرف لذلك لم نضعه بين مزدوجتين) كورغانوف، فلاديمير بالتعاون مع كورغانوف، جان كلود: البحث العلمي، ترجمة يوسف وميشال أبي فاضل، منشورات عويدات، بيروت – باريس، ط1، 1983، ص. 111 - 110 انظر. الخولي، يمنى: فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول- الحصاد- الآفاق المستقبلية، سلسلة عالم المعرفة، العدد 264، الكويت، 200، ص. 386- 381 انظر. النابلسي، شاكر: بؤس الفلسفة العربية الحديثة، مقال منشور في مجلة إيلاف الإلكترونية، 2004، ص. 4. انظر تقرير ورد في صحيفة المدينة الإخبارية، منقول عن تقرير علمي لعام 2004 صادر عن جامعة هارفارد الأمريكية حول مخصصات ميزانية البحث العلمي في هذه الجامعة، تاريخ نشر المقال في صحيفة المدينة الإخبارية السعودية 2009.11.02 انظر سالم الشامسي، ميثاء: مقالة بعنوان "حصاد مراكز البحث العلمي في الدول العربية، ماذا أنفقت؟ وماذا قدمت؟ وهل هناك إنجاز علمي يمكن التحدث عنه؟"، ندوة مجلة العربي: ندوة منعقدة حول الثقافة العلمية في الوطن العربي، واستشراف المستقبل، الكويت، 2005، ديسمبر، اليوم الثالث. انظر تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية في العالم العربي لسنتي 2002 و2003 : ( نقلاً عن مقدمة العفيف الأخضر ص. 1-2 في الكتاب الذي نشرته مجلة إيلاف الإلكترونية في تاريخ 16 أبريل 2004). من أجل مزيد من المعلومات راجع كتاب: كريب، إيان: النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، ترجمة محمد حسين غلوم، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، العدد 244، 1999، الطبعة الإنكليزية 1992. وكذلك لمزيد من المعلومات حول أهمية دور النظرية الاجتماعية من الناحية التفسيرية والتنبؤية يمكن مراجعة كتاب: "الاتجاهات الرئيسية للبحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية"، القسم الأول، العلوم الاجتماعية، المجلد الأول، تأليف مجموعة كبيرة من الأساتذة المتخصصين في العلوم الإنسانية، أشهرهم: جان بياجه، ترجمة مجموعة من المترجمين السوريين، دمشق، 1976. للاطلاع على مزيد من المعلومات حول تاريخ إشكالية المنهاج في العلوم الاجتماعية وأهميته يمكن مراجعة كتاب، مصطفى أنور، علا: التفسير في العلوم الاجتماعية، دراسة في فلسفة العلم، القاهرة، 1988. وكذلك كتاب، سالم، علي: منهجيات في علم الاجتماع المعاصر، قرءات ونصوص، بيروت، 1992. وكذلك كتاب قنصوه، صلاح: "الموضوعية في العلوم الإنسانية، عرض نقدي لمناهج البحث"، القاهرة، 1980. يمكن أن نأخذ نموذجاً – مجرد مثال لهذه المحاولات- لإشكالية الإطار الفكري الفلسفي المرجعي للدراسات الاجتماعاعية العربية، وهو ما يتمثل في الدراسات التي قدمها كل من الدكتور طيب تيزيني بالاستناد إلى المرجعية الفلسفية الماركسية، والدكتور محمد عابد الجابري، بالاستناد إلى المرجعية الفلسفية الليبرالية – البنيوية، إذا صح التعبير. انظر عبد المعطي، 1981، ص.163-200 انظر المرجع السابق.
-
نحو علم اجتماع اسلامي الكاتب د.أحمد المختاريملتقى بن خلدون لعلم الإجتماع ضرورة علم اجتماع اسلامي الدعوة الى "علم اجتماع اسلامي" نظرياً وعمليا بدل "أسلمة علم الإجتماع" قد تبدو من ضرب الخيال إن لم تكن من المحال، بل قد يعتبرها البعض من قبيل العنتريات الفكرية التي تذوب وتتبخر داخل جدران المحاضرات. وهذا رأي صحيح إلى حد ما لسبب بسيط وهو أن "علم الإجتماع الاسلامي" لازالت معالمه لم تتضح حتى للمختصين، ناهيك عن غيرهم. هناك اساتذة يدرسون أدبيات علم الاجتماع الغربي في الجامعات الإسلامية ومن ثم فهم مروجو تلك الأفكار والنظريات وحتى "المبدعين" منهم إذا حللوا ظاهرة اجتماعية تحليلاً سوسيولوجيا لابد وأن يكون التحليل غربيا محضاً، بل هم يناضلون من أجل إخضاع الإسلام للتحاليل الإجتماعية المادية المحضة. منذ سنوات قليلة بدأت الرؤية الاسلامية تشق طريقها على وجل، وبدأ بعض الاساتذة الاسلاميين يتناولون مشكلة أسلمة المعارف بشكل عام ولكن الملاحظ أن علم الاجتماع لم يحظ بنصيب أوفر بالرغم من أنه حالياً _وهذه فرضيتي على كل حال _ أهم العلوم الاجتماعية التي يجب أن تحظى بأسبقية وعناية الاسلاميين، لما له من قدرة تحليلية شاملة يمكن استغلالها لأغراض شتى. إن الهدف الأساسي من إيجاد "علم إجتماع إسلامي" هو صياغة وتوضيح النظرية الإجتماعية الاسلامية، فالإسلام نظام اجتماعي شامل وكامل، بل هو فريد من نوعه وليس هناك نظاماً يشبهه، وإذا إستثنينا بعض الأحكام الأخلاقية الخاصة بالأفراد أو بعض العبادات التي قد يبدو لأول وهلة أنها ليست اجتماعية، كالصوم والصلاة، وإن كانت في نتائجها وتبعاتها إجتماعية، فكل العبادات إجتماعية: الزكاة والحج، الزواج والطلاق.. الخلافة، وفي نهاية المطاف الأمة التي هي وسيلة وغاية في نفس الوقت. ولكن النظام الإجتماعي الإسلامي يرتكز على ركيزة واحدة ووحيدة هي الله سبحانه وتعالى. فالتوحيد بكل ما تقتضيه هذه الكلمة من عظمة وجلال، هو العمود الفقري للنظرية الإجتماعية الإسلامية. فوحدانية الله سبحانه وتعالى تتراءى في وحدة الناس بالرغم من اختلاف ألوانهم وألسنتهم وطاقاتهم العقلية وأصولهم البيولوجية، فهم جميعاً من آدم وآدم من تراب، والأمة الإسلامية لا تتكون من أصول عرقية أو قومية أو جغرافية أو تاريخية.. وليست وقفاً على شعب معين أو سلالة خاصة فهي عبارة عن مجموعة شعوب وأمم ودول ذات عقيدة واحدة و "أيديولوجيات" عدة وبالتالي فهي مفتوحة لكل الناس شريطة أن يؤمنوا بالله رباً وبالإسلام ديناً يقول تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (الحجرات: 13). إن النظام الاجتماعي الاسلامي يتجسد كلية في الأمة الواحدة، يقول سبحانه وتعالى: (إنّ هذه أمتكُم أمّة واحدة وأنا ربكُم فاعبدون) (الانبياء: 92). ويقول سبحانه وتعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكُم واتقوا الله لعلَكُم ترحَمُون إن أهمية علم اجتماع اسلامي ضرورة حتمية أكثر من أي وقت مضى، فالأمة الإسلامية ممزقة إن لم نقل لا وجود لها من حيث الإرادة السياسية والإجتماعية. فهي عبارة عن "دويلات" متخلفة فكرياً وإقتصادياً، وسياسياً، وتكنولوجياً، وعلمياً، بالإضافة إلى كونها متناحرة متنافرة. هنا قد يقوم علم الإجتماع الإسلامي بدور ووظيفة لا تعوضان، بحيث يكون أحد العوامل والعناصر المساعدة على التئام وتوحد الأمة وبالتالي إستعادة مكانتها الهادية بالقيام بأهم دور فرضه الله عليها وميزها به حيث قال عز من قائل: (كُنتم خيرَ أمّةٍ أخرجَت للناسِ تأمرونَ بالمعروفِ وتنهونَ عن المنكرِ وتؤمنونَ بالله) (آل عمران:115) وذلك بكشف المشاكل الاجتماعية وتحليلها، وايجاد الحلول الناجعة لها، فعلم الاجتماع الاسلامي يهتم إهتماماً كلياً بمشاكل الإنسان، في واقع اجتماعي معقد بما فيه الكفاية، ومتعدد الأبعاد، ولكنه ليس حرباً على الإنسان كما صورته الفلسفات الاجتماعية الغربية، وأيضاً فهو ليس قومياً يمعنى يخدم قومية ضد أخرى، أو يعمل على تقدم قومية معينة لتكون هي السائدة، وليس تقدمياً،، إذا فهمت التقدمية على أنها خروج عن السنن والقوانين الإلهية وتخل كامل عن شريعة الله، أما إذا كانت التقدمية تعني خروج الإنسان من الجهل والفقر المادي والروحي، والإبتعاد عن الإستعباد والطاغوت، والإبتعاد عن عبادة الأوثان الحية والميتة، بكلمة واحدة إذا كانت التقدمية ضد الجاهلية فعلم الاجتماع الاسلامي يسعى الى ذلك، ومن ثم فعلم الإجتماع هذا يختلف تماماً عن العلوم الإجتماعية الأخرى التي تتفق في النهاية على أن الغاية من علم الإجتماع مهما تعددت الأسماء، هي الوصول بطريقة علمية الى "مشروعية التصورات المادية للعالم". ان المهمة الكبيرة لعلم الإجتماع الإسلامي هي قلب التصورات الفكرية والنظريات المنتشرة في أنحاء العالم عن الواقع الإجتماعي وعن الإنسان، فالسنن والقوانين الإجتماعية التي تُسير المجتمع، أي مجتمع، هي من عند الله لأن الطبيعة لم توجد لوحدها بل لها خالق سبحانه وتعالى. والإنسان مهما أوتي من عبقرية فهو مخلوق وعبد الله، طبعاً هذا شيء بدهي لمن أتاه الله الإيمان، ولكن هذه الحقائق نُسيت من طرف الذين طغت عليهم المادة. عملية خلخلة الواقع الفكري والتصورات الفكرية الخاطئة ليست سهلة لأنها أكثر مقاومة وصعوبة حتى من الواقع السياسي. للوصول إلى هذه الغاية لابد من جمع كل الجهود وذلك "بأسلمة" العلوم الإجتماعية لنمرّ إلى مرحلة أكثر إيجابية وهي "إسلامية" المعرفة وخاصة علم الاجتماع. فهو يكاد يكون الحلقة المفقودة في بناء التخصصات الإسلامية الأخرى، لذلك أميل إلى الإعتقاد بأن أهميته تنمو بسرعة، والحاجة إليه أيضاً لكونه يهتم أصلا بواقع المجتمعات ومشاكلها الآنية والمستقبلية. ولكي تظهر معالم علم الإجتماع الإسلامي، لابد من الحديث عن الأصول الإجتماعية لعلم الإجتماع وهو أصلاً علم مقارن. أصول علم الإجتماع: صحيح أن تاريخ علم الإجتماع لم يكتب حتى الآن وذلك لأسباب متعددة لا تهم هنا بالدرجة الأولى، ولكن المهم هنا هو ما يسمى بالتحليل السوسيولوجي لعلماء الإجتماع. هذه المحاولات تبرز أن هذه العملية ضرورة حيوية، ومزية تتجلى في كونها تكشف قصور وأخطاء علم الإجتماع الفكرة والإستولوجية، وتكشف أيضا غرور وتهور بعض علماء الاجتماع الذين يحاولون تطبيق المذهب المادي والتفسيرات المادية على كل الظواهر الإجتماعية حتى التي ترفض ذلك رفضاً قاطعاً مثل الأديان السماوية وخاصة الإسلام. وخطأ هذه التحاليل يكمن في كونها تؤكد وتناضل من أجل اعتبار الأديان ظواهر اجتماعية ثقافية، تنمو وتتطور في الزمان والمكان كباقي الظواهر الأخرى وبالتالي فهي متغيرة ومن ثم، فهي قد يتجاوزها الفكر الإنساني والتاريخ. هذه النظريات المنتشرة حالياً في علوم الاجتماع وخاصة علم الاجتماع الديني غير مقبولة تماماً بالنسبة لعلم الاجتماع الاسلامي، فالدين الاسلامي خاصة ليس ظاهرة ثقافية خاصة بالعرب. صحيح أن القرآن الكريم أنزله الله سبحانه وتعالى (بلسان عربي مُبين) (الشعراء: 195) وعلى نبي عربي، محمد (ص)، وفي مكان معين: هو جزيرة العرب، ولكنه للناس كافة، وليس لعبد أو لشعب أو "لطبقة" أو لجنس أو سلالة، يقول تعالى: (وما أرسلناكَ إلا كافة للناس، بشيراً ونذيراً ولكن أكثرَ النّاس لا يعلمونَ) (سبأ: 28). أضف إلى ذلك أن الظواهر الثقافية مهما كانت قوتها وحداثتها وجدتها فهي متغيرة متطورة وفي النهاية منقرضة لأنها لا تصلح لزمان غير زمانها ولا لأناس غير الذين ابتكروها، ومهما كانت عالميتها فهي نسبية ضرورة لأنها من إختراع بشر. وحتى إن تبناها قوم آخرون فقد لا توافقهم بحكم أنها تحمل في داخلها بصمات منتجيها. القول بأن الملاحظة المجردة تخبر بأن كل الدول الإسلامية متخلفة، وهذا واقع لا مراء فيه، شيء، واتهام الإسلام بأنه عامل تخلف شيء آخر. هنا يكون دور علم إجتماع إسلامي حاسماً، سواء على المستوى النظري والتطبيقي، وكذا طرق البحث، فوضع السؤال أكثر أهمية من الجواب. وبحث موضوع دون آخر له أسباب نفسية وايديولوجية، باطنية أو ظاهرية، وبالتالي فالنظرة الإسلامية المتحركة داخل إطار "معرفي إسلامي" مشبع بالمبادىء الإسلامية الكلية، كالتوحيد ووحدة الإنسانية، ووحدة المعرفة، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتصرف في كل شيء، وأن الإنسان عبد الله، حر مسؤول وأن الإطار الإجتماعي هو الأمة وليس الدولة القومية، والإطار السياسي هو الخلافة وليست الجمهوريات أو الملكيات... كل هذه المبادىء تحدد الوسائل والغايات ومن ثم يمكن تسمية "علم الإجتماع الإسلامي"، "علم إجتماع الأمة". ولإدراك ما نقصد "بعلم إجتماع الأمة" سأحاول ذكر بعض المبادىء العامة التي تمركز حولها الفكر السوسيولوجي، بالرغم من أنها تتلخص في كلمة واحدة هي: التقدم. والفكرة لها أربع مسلمات: أ_ التقدم ضرورة حتمية. ب_ أهم ميزة للتقدم هي إسعاد الإنسان. ج_ بمرور الزمان تتضاءل مشاكل الإنسانية. د_ إن سلوك الإنسان يميل إلى المعقولية أكثر فأكثر. وخرافية هذه المسلمات لا تحتاج إلى مناقشة أو توضيح، فعلماء الإجتماع الغربيون يقولون ذلك بأنفسهم بالرغم من أن المهتمين بعلم الإجتماع في البلاد العربية لازالوا معجبين إن لم نقل مفتونين بهذه الأفكار. بل أكثر من ذلك هناك من يطالب باسم "المناهج العلمية الحديثة" بإعادة النظر في كل شيء، وخاصة القرآن الكريم والسنة الشريفة. ولقد ذهب بعضهم إلى أبعد حد إذ قام عملياً ببحث ما أسماه كذباً "مشكلة أصالة قدسية القرآن" وهو يعتبر هذه المهمة دليلاً على خصوبة الفكر وحيويته؛ ليس فقط على صعيد الفكر الإسلامي؛ بل على صعيد الفكر العالمي. وإضفاء العالمية على فكر مثل هذا ليس إلا محاولة لذر الرماد في العيون وتضبيب القضية حتى تمر وتصبح "علمية" يجب إدخالها في البرامج الدراسية الجامعية، بالإضافة إلى ذلك؛ فهو يحاول جاهداً وضع الإسلام والمسيحية واليهودية في كفة واحدة بالرغم من الإختلاف الإجتماعي والتاريخي لكل منها. بل يهدف صراحة إلى دراسة القرآن كباقي الكتب المقدسة "من حيث هي معطى لغوي وعامل تاريخي واقعيين وليس من حيث (هو) آخر رسالة نسخت أو أكملت ما بعدها". كل هذا باسم العلوم الإجتماعية والإنسانية وعلى التحديد علم الإجتماع وعلم الإنسان. فإيجاد علم اجتماع إسلامي منتج، مبدع، من واجبه أن يهمش كل هذه الأكاذيب والمحاولات، ذلك أنه يعالج كل القضايا الاجتماعية في العالم من وجهة نظر إسلامية، بالإضافة إلى معالجة المشاكل الخاصة والعامة التي تخص الأمة الإسلامية وهي متعددة ومتنوعة. زيادة على ذلك فالمهمة الأساسية لسوسيولوجيا إسلامية هي دراسة الواقع الإسلامي المريض، لتنقيته من البدع والخرافات والأفكار التي تسربت إليه عبر القرون وخاصة القرنين الأخيرين. فمعرفة الواقع الاجتماعي ليست سهلة لأن الواقع الحقيقي كثيراً ما يختفي وراء الواقع المزيف أو الخيالي أو الذي يجب أن يكون، لذلك فمحاور علم الاجتماع الإسلامي متعددة ومتشابكة فهو من جهة يهدف إلى العالمية من حيث النظرة الإسلامية كما أنه يتفاعل مع الفكر الإنساني، علاوة على أن مهماته متعددة، فهو نقدي جدلي، نابع لا تابع، ابتكاري النزعة والإتجاه، ملتزم إلتزاماً كاملاً بالمبادىء الكلية للإسلام. صحيح أن كثيراً من المؤسسات والممارسات الإجتماعية التي توجد وتحسب على الإسلام، فيها من الأساطير والخرافات والاعتقادات المنحرفة مالا يرضى عنه الإسلام، ولا يقبله، فالبدع والضلالات والإنحرافات قد عولجت فيما مضى بعناية متناهية من طرف علماء هذه الأمة مثل الشاطبي وابن تيمية وابن القيم وابن خلدون.. فهذه الأوهام الإجتماعية والفكرية هي ميدان علم الإجتماع الإسلامي، لأني أعتقد أن العلوم الإجتماعية أكثر قدرة في فهم وتحليل هذه المواضيع الإجتماعية بالدرجة الأولى أكثر من غيرها. ولكن المشكل الحقيقي هو أن على العلم الجديد إختراع وإيجاد كل شيء من النظرية إلى طرق البحث والمعالجة، إلى النظرة العميقة غير المستلبة. لأن علم الإجتماع الإسلامي يختلف عن غيره من حيث هو يهدف ويسعى إلى إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية وخاصة في النظام الإجتماعي أو النظم الإجتماعية التي تفرزها "المجتمعات الإسلامية". بمعنى آخر فهو ليس كباقي العلوم الساعية إلى فصل الدين عن المجتمع والنضال من أجل ذلك فهو يعكس المسألة، وهنا تكمن الصعوبة، وفي نفس الوقت الأهمية البالغة، خصوصاً وأن "المجتمعات الإسلامية" تميل أكثر فأكثر إلى النظم الإجتماعية اللادينية. ما ينبغي التأكيد عليه بقوة هو أن علم الإجتماع وباقي فروعه، كما يمارس حالياً في الغرب ومن حيث هو نموذج مرجعي لباقي التحاليل الأخرى بالرغم من قيمته التحليلية والإجرائية، لا يمكن إعتماده أو الركون إليه نموذجاً علمياً لتحليل وتشريح مشاكل الأمة الإجتماعية. لأنه وليد أطر إجتماعية مختلفة من حيث العقيدة والهدف والمثال والنماذج التي يُريد بناءها. لذلك أسلمة علم الإجتماع كما حاولت وصف ما يعني ذلك قد لا تفيد هنا. فالمطلوب علم إجتماع إسلامي نابع كلية من قضايا الإسلام فهماً وتحليلاً، آنياً ومستقبلياً، فكراً وممارسة، وبالتالي فهو يستطيع حينئذ منافسة النظم التحليلية الأخرى بكامل الحرية والثقة. أما أن يكون كما هي العادة في الدراسات الجامعية _مكتفيا بنقل وتطبيق مناهج وأطر فكرية أنشئت داخل بيئة إجتماعية وثقافية مختلفة تماماً بل متناقضة كلية مع المجتمع الإسلامي المنشود، فذلك شيء لا أرى له أية أهمية ولا حتى ضرورة، إذ يكفي تطبيق نظريات الغرب الإجتماعية وهي بلغت الشيء الكثير من الفنية والدقة والشمولية، للحكم على مجتمعاتنا بأنها كذا وكذا.. ولكن الواقع والتجربة والممارسة كلها أدانت هذه النظرة الأخيرة، بالرغم من كل الجهود الفكرية والأيديولوجية التي حُشدت لذلك ولا تزال. فهي مضيعة للوقت والجهد والحياة. ولهذا فالمسألة التي يجب أن نعيها جميعاً هي أن البداية تحدد النهاية إلى حد كبير وإن كانت الأبحاث العلمية تمر بفرضيات ليس من الضروري صحتها منذ البداية، ولكنها تتعدل خلال سير وإجراء البحث فهي عملية بلا شك ديكالكتيكية، ولكن هنا لا أرى أية ضرورة لذلك. خصائص وأهداف علم الإجتماع الإسلامي لكل أمة خصائص تميزها عن سواها، وأهم خاصية تمتاز بها الأمة الإسلامية هي التوحيد والإيمان، وكل المميزات الأخرى هي نتيجة منطقية وتطبيقات فكرية وعملية واجتماعية، يقول سبحانه وتعالى: (فاعلَم أنّه لا إله إلاّ الله واستغفر لذبنِكَ وللمؤمنينَ والمُؤمناتِ. والله يُعلمُ متقلّبكُم ومثواكم). فالله سبحانه وتعالى واحد أحد هو الخالق الرزاق يتصرف في ملكه كما يشاء، له الملك وله الحمد، ووحدة الناس والقوانين الطبيعية والإجتماعية كلها من تدبيره. صحيح أن الإنسان حر مسؤول ولكن حريته هبة من عند الله وإبتلاء في نفس الوقت، وهذه الحرية هي أحد عناصر تكريم الإنسان وتبعاته تنوء بحملها الجبال. وإلا أن هذه الحرية قد تغري الإنسان والمجتمعات فتطغي وتتجبر، وتعتقد أن الإنسان بإمكانه منافسة العلي القدير، ومن ذلك نرى المجتمعات والشعوب الضالة تكفر بالله وبشريعته، وتزعم أن لا سلطان فوق سلطان العقل، وهنا تأتي خاصية أخرى للأمة الإسلامية، وهي إعترافها وإقرارها بالوحي، وفي نفس الوقت لا تنكر قيمة العقل بنص القرآن الكريم. لكن العقل بدون وحي قاصر إن لم يكن باطلا. فالعقل وحده لا يكفي وإن كان ضرورياً، بينما الوحي كافٍ وحده، وإن كان لابد من عقل لفهمه وتدبره واكتشاف أغواره التي لا تنضب، فالمشكل الحقيقي الذي على الأمة حله هو تمسكها بالشرع والخضوع له في كل شيء، مع إستغلال طاقات وقدرات العقل البشري، إذ في النهاية لا تناقض بين الوحي والعقل، بالرغم من أنه لا مجال للموازنة بينهما، لأن لا فلاح بدونهما. فالإيمان مع الجهل ناقص ضرورةً بحكم لاشرع، ولكن يجب أن يكون واضحاً أن العقل له حيل معروفة عند الفلاسفة، قد تستغل من طرف بعض الناس للإدعاء كذباً أن لا طاقة تفوق طاقة العقل، هذا شيء مرفوض، لأن العقل وسيلة أو آلة من بين وسائل متعددة يمكنها أن تقود الإنسان إلى المعرفة، بينما الشرع أو الوحي يعصم الإنسان من الزلل وخاصة الإبتعاد عن الشرك _ الظلم. لأن الشرك له تبعات إجتماعية خطيرة للغاية. فدور علم الإجتماع الإسلامي هنا توضيح ما هو أساسي وما هو ثانوي إنطلاقاً من المبدأ الأساسي: التوحيد: فالنظام الإجتماعي الإسلامي لا يشبهه أي نظام، ولكن قول هذه الحقيقة أصبح لا يكفي، نظراً لما تعرضت له الأمة من اكتساحات فكرية حضارية وإجتماعية، أصبح معها النظام الإسلامي مبلبلا، غير واضح أحياناً، حتى بالنسبة لأبناء الأمة الملتزمين، وذلك ناتج عن هجوم الحضارة المادية بنظمها الفكرية والتكنولوجية، وخاصة إنتصاراتها العلمية الباهرة حقاً في شتى الميادين. كل هذه الثورات الفكرية والإجتماعية والعلمية التي حققها الغرب، ليست وليدة صدفة، بل هي تعبير عن طاقات الفكر البشري المبدعة، وتحقيق لمبدأ عام هو أن الطبيعة كتاب مفتوح للجميع وليست مقصورة على "أمة" بعينها، لأنها مؤمنة ولا تشرك بالله. فالقوانين الإلهية لا تتخلف وسنن الله في الطبيعة والإنسان والكون لا تتبدل ولا تتغير، ولكن الذي يتغير دائماً هو إدراك الإنسان لها. فالإنسان مقيد بالزمان والمكان، والبنى الإجتماعية والثقافية، ولذلك قد يبدو أن الحقائق الكونية مختلفة تماماً، ولكن الذي يختلف في الواقع هو قدرة الإنسان على النفاذ إلى أغوارها حسب مكوناته الفكرية والعقلية. إن أهمية علم الإجتماع تكمن في كونه واقعياً، أي أنه يصف الظواهر كما هي لا كما ينبغي أن تكون، وإذا استطاع تشريح المجتمع تشريحاً واقعياً علمياً، يمكنه حينئذ أن يوجه الأفراد والمؤسسات الإجتماعية توجيهاً معيناً، بحيث ينطبق السلوك مع الاعتقاد والمبادىء الكلية للإسلام. والعالم الاجتماعي المسلم، مهمته شائكة وخطيرة للغاية. فهو من جهة قد يقع بسهولة في انفصام الشخصية، بمعنى أنه سوسيولوجي (مادي) في تحاليله وتفاسيره ودراساته، ومسلم في بيته أو في المسجد. أي أن دراسته في واد وهي الأهم، وحياته الثانوية في واد آخر، وهذا معناه أن لا تواصل بين الفكر والواقع والمخيلة الإجتماعية، فالقطيعة تامة، وعميقة وهذا يفسر إلى حد بعيد مدى غياب الرؤية الإسلامية الصحيحة في الأعمال الجامعية المكتوبة من قبل المسلمين. يضاف إلى ذلك عامل طغيان المذهب المادي في العلوم الاجتماعية، وعلم الإجتماع بالذات مما أدى بهذه العلوم إلى أن تصبح علوماً أيديولوجية تخدم استراتيجيات معينة، وذلك ما يفسر أزمة العلوم الإجتماعية الغربية في العشر سنوات الأخيرة. يبقى أن علم الإجتماعي الإسلامي ليس علماً إجتماعياً غربياً مكرراً، أو على الأصح مبتذلاً ولقيطاً. فخصوصية علم الإجتماع الإسلامي، هي قلبه لكل التصورات والنظريات الغربية حول المجتمع كما أن هدفه أو أهدافه تكمن في كونه علماً يهتم بقضايا الأمة، وليس علماً يهتم بمصالح طبقة أو قبيلة، والطبقة هنا قد تعني دولة أو دولاً كالرأسمالية أو الشيوعية، والقبيلة تعني الأحزاب السياسية لأن العنصر الحاسم هو الأيديولوجي والإقتصادي في كل التكتلات المعاصرة، بينما العنصر الحاسم عند شعوب الأمة هو التوحيد والوحدة، مع الاخوة والنهضة والعدل طبقاً للمبادىء الإسلامية. وعلم الإجتماع الإسلامي لا يمكن أن يكون إجرائياً إلا إذا طور تخصصات فرعية مكملة ومغذية له وأهمها: 1_ علم إجتماع ديني، يهتم بقياس ممارسة الناس وإلتزامهم بمبادىء الإسلام ومدى فهمهم للتصورات الإسلامية. وكذلك تحليل المؤسسات الإجتماعية كالطرق الصوفية والفرق المنحرفة، وإيضاح كل ذلك وضعاً وإحصاءً. وهذا فرع هام جداً. 2_ علم إجتماع الخلافة، وهدفه أولاً التركيز على أن نظام الحكم في الإسلام هو الخلافة وهي قضية كبرى، تعرضت لكثير من التأويلات الخاطئة الضالة وكذلك معالجتها علاجاً علمياً إجتماعياً خالياً من الأهواء والمصالح الدنيوية الفانية وتوضيح معاني البيعة ومعاني الخلافة وكل الأمور الشرعية التي تتطلبها إقامة الخلافة من جديد. ولا بأس هنا من التركيز على عنصر أساسي، وهو أنه بدون استرجاع الخلافة، وبالتالي توحيد الأمة وتوحيد أهدافها ومشاريعها السياسية والاقتصادية والعمرانية والعلمية، فإنه يصعب بل يستحيل إقامة الأمور الأخرى كما يجب. هذان رافدان لابد منهما لتغذية وتكميل علم الإجتماع الإسلامي، كما أنهما حقلان لابد من إعطائهما كل ما يستحقان من عناية، لأن البعد الإجتماعي للإسلام هام جداً، ولكنه لا يزال غير مدروس إن لم أقل غير معروف، على الأقل لدى أغلبية المثقفين والباحثين، لأسباب أيديولوجية وسياسية. الذي ينبغي التأكيد عليه، هو أن دور علم الإجتماع الإسلامي، ليس فقط في تكامل المعرفة الإسلامية، بل في تعميقها وإعطائها النفس الجديد الذي هي في حاجة إليه، دور أساسي وحاسم. إذ طبيعة علم الإجتماع نفسها تحتم أن يكون علماً نقدياً متحركاً، عاملاً على تعرية الآليات التي تتحكم في سير البنى الإجتماعية. كما أنه يفضح الأيديولوجيات بإظهار جذورها، وإن كان استعمل في الغرب لتبرير أيديولوجيات وفلسفات معينة. ولكن هذا لا يعني أبداً أن علم الإجتماع هو المفتاح السحري لكل شيء، فهو واحد من بين كل العلوم الإجتماعية، التي يجب الإهتمام بها من طرف الإسلاميين، وإن كانت مساهماته هامة، فهي تبني بدون فائدة إذا لم توجد البيئة الإجتماعية والنفسية التي تساعد على فعاليته.