اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  24130 اعضاء

حفظ
نادي جامعة القاهرة للتعليم المفتوح
Hamdy Tawfik-manar9

عــــــزت بيجــــوفيتــــــش: الإســـــلام يقــــــدم رؤيـــــة ثنائيــــة ماديــــــة وروحيــــة للعالـــــم

Recommended Posts

'


عــــــزت بيجــــوفيتــــــش: الإســـــلام يقــــــدم رؤيـــــة ثنائيــــة ماديــــــة وروحيــــة للعالـــــم

ماذا نطلق على هذا الكتاب أنه علامة فارقة فى تاريخ الدراسات الإسلامية؟ الإجابة البسيطة تجىء من مقدمة الدكتور الراحل عبد الوهاب المسيرى للكتاب التى قال فيها: «عزت بيجوفيتش الرئيس السابق للبوسنة، وقائدها السياسى وزعيمها الفكرى والروحى صاحب اجتهادات مهمة فى تفسير ظاهرة الإنسان فى كل تركيبها. وهذه التركيبة، المرتبطة تمام الارتباط بثنائية الإنسان والطبيعة، هى نقطة انطلاقه والركيزة الأساسية فى نظامه الفلسفى..

إنه ليس مجتهدا وحسب، وإنما هو مجاهد أيضا، فهو مفكر ورئيس دولة، يحلل الحضارة الغربية ويبين النموذج المعرفى المادى العدمى الكامن فى علومها وفى نموذجها المهيمن، ثم يتصدى لها ويقاوم محاولتها إبادة شعبه».

أما الإجابة العميقة فهى تأتى من أسلوب الرئيس الراحل بيجوفيتش الفلسفى الراقى، واكتشافه لمناطق جديدة على العقل العربى عن أصل الإنسان وتطوره ونشأة العلوم والفنون والآداب. لكن انبهارنا بكتاب بيجوفيتش لا يجعلنا نهمل عرض المختلفين معه فى آرائه الخاصة عن التقدم التكنولوجى والأخلاق والقيم.

المدهش فى كتاب بيجوفيتش، الذى ترجمه إلى العربية المترجم القدير محمد يوسف عدس، اكتشاف أن المؤلف قادر على استيعاب العالم الغربى، وكل ما يخصه من معلومات ودراسات وإحصاءات، وتصنيفها وتوظيفها. هذه المقدرة آتية؛ لأن بيجوفيتش لديه إلمام غير معتاد بالفلسفات الغربية، حسبما يرى المسيرى، وهو ليس كإلمام أساتذة الفلسفة الذين يعرضون للأفكار الفلسفية المختلفة عرضا محايدا، بل هو إلمام المتفلسف الحقيقى الذى يقف على أرضية فلسفية راسخة ويُطل على الآخر فيدرك جوهر النموذج المعرفى الذى يهيمن عليه. لكن إدراك بيجوفيتش لإنتاج الفلسفة الغربية لا يجعلنا نغفل تحيزه، وهذا طبيعى ومنطقى فى حياة البشر، لأفكار ضد أخرى، من منطلق أن هناك ظواهر لا يمكن تفسيرها بالمنطق.

فلننظر ونتأمل سؤاله: أى لذة توجد فى الزهد والتبتل والصيام وفى كثير من أنواع نكران الذات وكبح النفس؟ فالإنسان (يضحى بنفسه من أجل الوطن أو من أجل جوانب معنوية ليست لها أى قيمة مادية، ويموت دفاعا عن الشرف). أو لنقرأ عبارته التى توضح رأيه فى الأخلاق والمادية: «إذا غامر الإنسان بحياته فاقتحم منزلا يحترق لينقذ طفل جاره، ثم عاد يحمل جثته بين ذراعيه، فهل نقول إن عمله كان بلا فائدة؛ لأنه لم يكن ناجحا..؟! إنها الأخلاق التى تدور فى إطار غير مادى،

هى التى تضفى القيمة على هذه التضحية عديمة الفائدة، لهذه المحاولة التى لم تنجح». إذن التضحية من وجهة نظر بيجوفيتش تعد خطا فارقا ملموسا فاصلا بين الإنسان والحيوان. وهو هنا يطرح مبدأ مناقضا لمبدأ المصلحة والمنفعة. المصلحة حيوانية من وجهة نظره، أما التضحية فهى إنسانية. كتاب بيجوفيتش دسم، يحتاج إلى قراءات متعددة متأنية، فهو ليس كتابا بسيطا، مكتوب لقارئ كسول، بل هو كتاب عميق شديد التعقيد، رغم بساطة أسلوبه، إذ يتناول موضوعات جدلية مثيرة مختلف عليها فى كل زمان ومكان، خاصة أزمة الهوية بين الشرق والغرب. لكن مقدمة الدكتور عبد الوهاب المسيرى فككت قليلا تعقيد الكتاب، وأضافت إليه لمسة كاتب مبدع متخصص فى كل ما يخص الجانب الحضارى للإسلام.

وقد قسم بيجوفيتش كتابه إلى قسمين؛ الأول وهو مقدمات: نظرات حول الدين، يتحدث فيه عن داروين ومايكل أنجلو، والأداة والعبادة، والفن والدين، والأخلاق والدين، والأخلاق بدون إله، وكذلك الثقافة والتاريخ، والدراما والطوبيا. أما القسم الثانى فيحمل عنوان «الإسلام: الوحدة ثنائية القطب»، يتكلم فيه عن الأنبياء: موسى وعيسى ومحمد، والدين المجرد، وقبول المسيح ورفضه، والطبيعة الإسلامية للقانون، ونوعين من المعتقدات الخرافية، والطريق الثالث خارج الإسلام، فضلا عن تقديمه نظرة أخيرة بعنوان «التسليم لله».

وعن الفكرة المحورية لكتاب «الإسلام بين الشرق والغرب»، أى رأيه عن أصل الإنسان، يرى المؤلف أن ثمة شيئا ما حدث للإنسان جعله لا يقنع بجانبه الطبيعى المادى الحيوانى ــ مخالفا بذلك التصور الداروينى المادى ــ ودفعه إلى أن يبحث دائما عن شىء آخر غير السطح المادى الذى تدركه الأسماع والأبصار. ولتوضيح هذه الفكرة، قال المسيرى وتساءل المؤلف: «ما هذا الشىء الذى جعل الإنسان لا يكتفى بصنع الآلات التى تحسن من مقدرته على البقاء المادى، وبدلا من ذلك بدأ فى صنع العبادات والأساطير والمعتقدات الخرافية والغريبة والرقصات والأوثان والسحر وأفكاره عن الطهارة والنجاسة والسمو واللعنة والبركة والقداسة والمحرمات والمحظورات الأخلاقية التى تشمل حياته بأسرها..؟

ما الذى جعل الإنسان لا يقنع بالدلالة المباشرة للأشياء، وإنما يضيف لها دلالة متخيّلة تكون أكثر أهمية فى نظره من دلالتها الواقعية؟». فبينما يذهب الحيوان للصيد مباشرة ويوظف كل ذكائه فى اصطياد الفريسة يحيط الإنسان مثل هذا الفعل بطقوس وأحلام وصلوات.

المثير فى كتاب بيجوفيتش ــ الذى تناوله بالقراءة العديد من المفكرين والكتاب العرب مثل فهمى هويدى وأحمد بهجت وأنيس منصور ــ أنه يركز على الفنون والآداب فى نقده للنظرية الداروينية التى لم تكرس اهتماما كافيا للظواهر الثقافية، لسبب بسيط، حسبما يرى المسيرى: وهو أن هذه الظواهر ليست نتاج التطور. أو لأن الفن شأنه شأن الأخلاق والدين وكل الظواهر الروحية يتجاوز الرؤية المادية، ولذا لا يمكن تفسيره تفسيرا ماديا. فالعلم الذى يدور فى الإطار المادى يعطينا صورة دقيقة عن العالم، ولكنها صورة خالية من الحياة ومن الروح.

الإسلام والثنائية التكاملية

بعد أن يطرح ويفند بيجوفيتش آراء الغربيين فى الخلق والمادة، يوضح أن ثنائية الوجود الإنسانى (أى ثنائية المادى والروحى) لا يمكن تفسيرها وضمان بقائها واستمرارها إلا بافتراض ثنائية أخرى، هى ثنائية الخالق والمخلوق، ثنائية تأسيسية لا يمكن ردها إلى ما هو خارجها. ومن هنا يرى عزت بيجوفيتش أن الإنسان بصفة أساسية لا يوجد إلا بفعل الخلق الإلهى. ومن ثم، إذا لم يكن هناك إله فلن يوجد إنسان، حسب رأى بيجوفيتش. وهذه الثنائية هى وجهة النظر الثالثة التى يقدمها بيجوفيتش عن العالم، والإسلام مثل جيد لها، وهناك الرؤية المادية والاشتراكية مثل لهذه للرؤية، أما الرؤية الدينية المجردة أى اعتبار الدين تجربة فردية خالصة لا تذهب أبعد من العلاقة الشخصية بالله، والمسيحية تمثل باقتدار هذه الرؤية.

وعن رؤية بيجوفيتش لهذه الثنائية، يذكر المسيرى أنها سبب سوء فهم العقل الغربى للدين الإسلامى. فمن جانب الدين الروحى المجرد اتُهم الإسلام بأنه أكثر لصوقا بالطبيعة والواقع مما يجب، واتهم من جانب العلم أنه ينطوى على عناصر دينية وغيبية. وفى محاولة لتوضيح رؤيته للثنائية الإسلامية، عقد بيجوفيتش مقارنة رائعة راقية بين الإسلام والمسيحية، إذ يقارن بين المفردات المستخدمة فى الأناجيل وتلك التى وردت فى القرآن. واستخلص المؤلف فى مقارنته بين المسجد والكنيسة، فالمسجد مكان للناس، أما الكنيسة فهى معبد الرب.

فى المسجد يسود جو من العقلانية، وفى الكنيسة جو من الصوفية، المسجد بؤرة نشاط دائم وقريب من السوق فى قلب المناطق المعمورة بالسكان، أما الكنيسة فتبدو أقل التحاما ببيئتها. ويؤكد المؤلف أن التصميم المعمارى للكنائس يميل إلى الصمت والظلام والارتفاع، إشارة إلى عالم آخر، أما المسجد، فمن المفروض أن يناقش الناس فيه بعد انتهائهم من الصلاة هموم دنياهم ويكمل بيجوفيتش فكرته عند حديثه عن هذه الثنائية الإسلامية والتقدم، إذ يرى أن التقدم المادى الغربى لا يؤدى إلى سمو الإنسان، إذ هو منفصل تماما عن القيمة.

وحتى لا يقع الناس فى فخ رفض التقدم باعتباره عدوا للدين، طرح بيجوفيتش رؤية مختلفة تقرر أن الحياة نتيجة تفاعل متبادل بين عاملين مستقلين هما: الأساس المادى والتأثير الخلاق لعامل الوعى الإنسانى، متمثلا فى الشخصيات القوية والأفكار الكبرى والمثُل العليا. ونتيجة هذه الآراء طرح المؤلف سؤالا منطقيا: هل يستطيع الإنسان التغلب على هذا التناقض: إما هذا وإما ذاك، إما السماء وإما الأرض، أم أن الإنسان محكوم عليه أن يظل مشدودا إلى الأبد بين الاثنين؟ هل هناك وسيلة ما يمكن بواسطتها للعلم أن يخدم الدين والصحة والتقوى والتقدم والإنسانية؟ هل يمكن ليوتوبيا مملكة الأرض أن يسكنها أناس بدلا من أفراد مجهولى الهوية بلا وجوه، وأن تتمتع بملامح مملكة الله على الأرض؟

بحسب بيجوفيتش، «نعم» فى الإسلام، فالإسلام ليس مجرد دين أو طريقة حياة فقط، وإنما هو بصفة أساسية مبدأ تنظيم الكون، لقد وجد الإسلام قبل الإنسان، وهو كما قرر القرآن بوضوح، المبدأ الذى خلق الإنسان بمقتضاه، ومن ثم نجد انسجاما فطريا بين الإنسان والإسلام. فكما أن الإنسان هو وحدة الروح والجسد، فإن الإسلام وحدة بين الدين وبين الإنسان الاجتماعى، يمكن بدوره أن يخدم المثل العليا للدين والأخلاق.

ولعل عبارة بيجوفيتش الآتية، توضح خلاصة كتابه وتفكيره الراقى، إذ يقول: «على أى حال، لا يوجد فى الواقع دين خالص ولا علم خالص، فمثلا لا يوجد دين دون عناصر علمية فيه، ولا يوجد علم دون عناصر من أمل دينى فيه. هذه الحقيقة خلقت مزيجا يصعب فيه أن تجد الأصل الصحيح أو المكان الصحيح لفكرة ما أو اتجاه ما. ونحن، إذ نناقش الفكرتين، فإننا نستهدف الوصول إلى شكليهما الصافيين مع نتائجهما النهائية المنطقية بل الغامضة أحيانا. وسنجد أنهما نظامان منطقيان من الداخل ومغلقان على نفسيهما. ولكن بالنسبة لكثير منا ستبدو الصورة مفاجئة، حيث إن كلا منهما يفسر الآخر كأنهما فسيفساء بها مواضع خالية يمكن ملؤها باستخدام الجدل المعكوس». لكن اللافت للنظر فى كتاب بيجوفيتش الفكرى فى المقام الأول خاتمته عن «التسليم لله»،

إذ يرى أنه (لقد وضع الإنسان فى هذا العالم وقُدر له أن يعتمد فى وجوده على كثير من الحقائق التى لا يملك عليها سلطانا) أو قوله (فى التسليم لله يوجد شىء من كل حكمة إنسانية فيما عدا واحدة: تلك هى التفاؤل السطحى.. وكنتيجة لاعتراف الإنسان بعجزه وشعوره بالخطر وعدم الأمن يجد أن التسليم لله فى حد ذاته قوة جديدة وطمأنينة جديدة. إن الإيمان بالله والإيمان بعنايته يمنحنا الشعور بالأمن الذى لا يمكن تعويضه بأى شىء آخر)

http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=284578

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
جزاك الله خيرا يا حمدي ع الموضوع الجميل المفيد ده . بحب جدا بيجوفيتش من زمان الله يرحمه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.