اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  24130 اعضاء

حفظ
نادي جامعة القاهرة للتعليم المفتوح
Hamdy Tawfik-manar9

سؤال وجواب في الاسلام

Recommended Posts



الزميلات والزملاء

قي هذا الموضوع سأنقل لكم اراء علماء دين مسلمين

في بعض القضايا المهمة المطروحة علي الساحة

علي شكل سؤال وجواب

اغلب الاراء ستكون نقلا عن دار الافتاء المصرية

او عن شيوخ كبار ثقات عرفوا بوسطتيهم واعتدالهم

من امثال العلامة الشيخ يوسف القرضاوي او فضيلة الشيخ الغزالي

علي سبيل المثال لا الحصر

وسيتم وضع رابط لمصدر الفتوي او الرأي كل مرة

الموضوع مفتوح لكل من يريد المساهمة شرط الالتزام بما ذكرته في بداية الموضوع


تحياتي




شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
الدولة المدنية والدولة الدينية.. تحديد مفاهيم

السؤال: ماذا يعني المفكرون الإسلاميون بقولهم :

( الحكم الإسلامي في الإسلام يقوم على الدولة المدنية ، وليس على الدولة الدينية؟؟

ماالمراد بذلك؟ أم أن هذا الكلام به خطأ.


بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-

يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-

فالدولة الإسلامية كما جاء بها الإسلام، وكما عرفها تاريخ المسلمين دولة مَدَنِيَّة، تقوم السلطة بها على البَيْعة والاختيار والشورى والحاكم فيها وكيل عن الأمة أو أجير لها، ومن حق الأمة ـ مُمثَّلة في أهل الحلِّ والعَقْد فيها ـ

أن تُحاسبه وتُراقبه، وتأمره وتنهاه، وتُقَوِّمه إن أعوجَّ، وإلا عزلته، ومن حق كل مسلم، بل كل مواطن، أن ينكر على رئيس الدولة نفسه إذا رآه اقترف منكرًا، أو ضيَّع معروفًا، بل على الشعب أن يُعلن الثورة عليه إذا رأي كفرًا بَوَاحًا عنده من الله برهان.

أما الدولة الدينية "الثيوقراطية" التي عرفها الغرب في العصور الوسطى والتي يحكمها رجال الدين، الذين يتحكَّمون في رِقاب الناس ـ وضمائرهم أيضًا ـ باسم "الحق الإلهي" فما حلُّوه في الأرض فهو محلول في السماء، وما ربطوه في الأرض فهو مربوط في السماء؟ فهي مرفوضة في الإسلام، وليس في الإسلام رجال دين بالمعنى الكهنوتي،

إنما فيه علماء دين، يستطيع كل واحد أن يكون منهم بالتعلُّم والدراسة، وليس لهم سلطان على ضمائر الناس، ودخائل قلوبهم، وهم لا يزيدون عن غيرهم من الناس في الحقوق، بل كثيرًا ما يُهضَمون ويُظلَمون، ومن ثَمَّ نُعلنها صريحة: نعم.. للدولة الإسلامية، ولا ثم لا.. للدولة الدينية "الثيوقراطية". والله أعلم .


المصدر موقع الشيخ القرضاوي


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شرعية المظاهرات السلمية؟


تلقى فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي - رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين - رسالة بإمضاء " عدد من طلاب العلم الشرعي" (بتاريخ 5 فبراير 2008) تحمل هذا السؤال:

ما رأي فضيلتكم فيما ذكره بعض العلماء من عدم مشروعية تسيير المسيرات والمظاهرات، تأييدا لمطالب مشروعة، أو تعبيرا عن رفض أشياء معينة في مجال السياسة، أو الاقتصاد، أو العلاقات الدولية، أو غيرها؟ وقال هذا العالم: إن تنظيم هذه المسيرات أو الدعوة إليها، أو المشاركة فيها حرام. ودليله على ذلك: أن هذه بدعة لم يعرفها المسلمون، وليست من طرائق المسلمين، وإنما هي مستوردة من بلاد اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم من الكفرة والملحدين.

وتحدّى هذا العالم من يأتيه بواقعة واحدة، سارت فيها مظاهرة كبيرة أو صغيرة، في عهد الرسول أو الصحابة. وإذا كانت هذه المسيرات تعبّر عن الاحتجاج على الحكومة، فهذا خروج على المنهج الإسلامي في إسداء النصيحة للحكام، والمعروف: أن الأولى في هذه النصيحة أن تكون بين الناصح والحاكم، ولا تكون على الملأ. على أن هذه المسيرات كثيرا ما يستغلّها المخرّبون، و يقومون بتدمير الممتلكات، وتخريب المنشآت. ولذا وجب منعها سدا للذرائع.

فهل هذا الكلام مسلّم من الوجهة الشرعية؟ وهل يسوغ للناس في أنحاء العالم: أن يسيروا المظاهرات للتعبير عن مطالبهم الخاصة أو العامة، وأن يـؤثروا في الرأي العام من حولهم، وبالتالي يؤثِّرون على الحكام وأصحاب القـــرار، إلا المسلمين دون غيرهم، يحرم عليهم استعمال هذه الوسيلة التي أصبحت عالمية؟

نرجو أن نسمع منكم القول الفصل، الموثق بأدلة الشرع، في هذه الفضية الخطيرة، التي غدت تهم كل الناس في سائر الأقطار والقارات. وفقكم الله وسددكم.



وفي رده على السائل أفاد فضيلته بقوله:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ابتع هداه...أما بعد فمن حق المسلمين – كغيرهم من سائر البشر- أن يسيروا المسيرات وينشئوا المظاهرات، تعبيرا عن مطالبهم المشروعة، وتبليغا بحاجاتهم إلى أولي الأمر، وصنّاع القرار، بصوت مسموع لا يمكن تجاهله. فإن صوت الفرد قد لا يسمع، ولكن صوت المجموع أقوى من أن يتجاهل، وكلما تكاثر المتظاهرون، وكان معهم شخصيات لها وزنها: كان صوتهم أكثر إسماعا وأشد تأثيرا.

لأن إرادة الجماعة أقوى من إرادة الفرد، والمرء ضعيف بمفرده قوي بجماعته. ولهذا قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة:2]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا" وشبّك بين أصابعه . ودليل مشروعية هذه المسيرات: أنها من أمور (العادات) وشؤون الحياة المدنية، والأصل في هذه الأمور هو: الإباحة.

وهذا ما قررته بأدلة – منذ ما يقرب من نصف قرن- في الباب الأول من كتاب: (الحلال والحرام في الإسلام) الذي بين في المبدأ الأول أن القاعدة الأولى من هذا الباب: (أن الأصل في الأشياء الإباحة). وهذا هو القول الصحيح الذي اختاره جمهور الفقهاء والأصوليين. فلا حرام إلا ما جاء بنص صحيح الثبوت، صريح الدلالة على التحريم. أما ما كان ضعيفا في مسنده أو كان صحيح الثبوت، ولكن ليس صريح الدلالة على التحريم، فيبقى على أصل الإباحة، حتى لا نحرم ما أحل الله.

ومن هنا ضاقت دائرة المحرمات في شريعة الإسلام ضيقا شديدا، واتسعت دائرة الحلال اتساعا بالغا. ذلك أن النصوص الصحيحة الصريحة التي جاءت بالتحريم قليلة جدا، وما لم يجئ نص بحله أو حرمته، فهو باق على أصل الإباحة، وفي دائرة العفو الإلهي. وفي هذا ورد الحديث: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا". وتلا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64].

وعن سلمان الفارسي: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرّم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم" ، فلم يشأ عليه الصلاة والسلام أن يجيب السائلين عن هذه الجزئيات، بل أحالهم على قاعدة يرجعون إليها في معرفة الحلال والحرام، ويكفي أن يعرفوا ما حرم الله، فيكون كل ما عداه حلالا طيبا. وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" .

وأحب أن أنبه هنا على أن أصل الإباحة لا يقتصر على الأشياء والأعيان، بل يشمل الأفعال والتصرفات التي ليست من أمور العبادة، وهي التي نسميها: (العادات أو المعاملات) فالأصل فيها عدم التحريم وعدم التقييد إلا ما حرّمه الشارع وألزم به، وقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}[الأنعام:119]، عام في الأشياء والأفعال. وهذا بخلاف العبادة فإنها من أمر الدين المحض الذي لا يؤخذ إلا عن طريق الوحي، وفيها جاء الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" ، وذلك أن حقيقة الدين تتمثل في أمرين: ألا يُعبد إلا الله، وألا يُعبد إلا بما شرع، فمن ابتدع عبادة من عنده – كائنا من كان- فهي ضلالة ترد عليه، لأن الشارع وحده هو صاحب الحق في إنشاء العبادات التي يُتقرب بها إليه.

وأما العادات أو المعاملات فليس الشارع منشئا لها، بل الناس هم الذين أنشأوها وتعاملوا بها، والشارع جاء مصححا لها ومعدلا ومهذبا، ومقرا في بعض الأحيان ما خلا عن الفساد والضرر منها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.

وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه. والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى، وذلك لأن الأمر والنهي هما شرع الله، والعبادة لا بد أن تكون مأمورا بها، فما لم يثبت أنه مأمور به – أي من العادات – كيف يحكم عليه بأنه محظور؟ ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}[الشورى:21]. والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرّمه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً}[يونس:59].

وهذه قاعدة عظيمة نافعة، وإذا كان كذلك فنقول: البيع، والهبة، والإجارة، وغيرها من العادات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم – كالأكل والشرب واللباس- فإن الشريعة قد جاءت في هذه العادات بالآداب الحسنة، فحرمت منها ما فيه فساد، وأوجبت ما لا بد منه، وكرهت ما لا ينبغي، واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه العادات ومقاديرها وصفاتها. وإذا كان كذلك، فالناس يتبايعون ويستأجرون كيف يشاءون، ما لم تحرم الشريعة، كما يأكلون ويشربون كيف شاءوا ما لم تحرم الشريعة – وإن كان بعض ذلك قد يستحب، أو يكون مكروها - وما لم تحد الشريعة في ذلك حدا، فيبقون فيه على الإطلاق الأصلي) .انتهى.

ومما يدل على هذا الأصل المذكور ما جاء في الصحيح عن جابر بن عبد الله قال: "كنا نعزل والقرآن ينزل، فلو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه القرآن" . فدل على أن ما سكت عنه الوحي غير محظور ولا منهي عنه، وأنهم في حل من فعله حتى يرد نص بالنهي والمنع، وهذا من كمال فقه الصحابة رضي الله عنهم، وبهذا تقررت هذه القاعدة الجليلة، ألا تشرع عبادة إلا بشرع الله، ولا تحرم عادة إلا بتحريم الله. والقول بأن هذه المسيرات (بدعة) لم تحدث في عهد رسول الله ولا أصحابه، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار: قول مرفوض؛ لأن هذا إنما يتحقق في أمر العبادة وفي الشأن الديني الخالص. فالأصل في أمور الدين (الاتباع) وفي أمور الدنيا (الابتداع). ولهذا ابتكر الصحابة والتابعون لهم بإحسان: أمورا كثيرة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما يعرف بـ (أوليات عمر) وهي الأشياء التي ابتدأها عمر رضي الله عنه، غير مسبوق إليها.

مثل: إنشاء تاريخ خاص للمسلمين، وتمصير الأمصار، وتدوين الدواوين، واتخاذ دار للسجن، وغيرها. وبعد الصحابة أنشأ التابعون وتلاميذهم أمورا كثيرة، مثل: ضرب النقود الإسلامية، بدل اعتمادهم على دراهم الفرس، ودنانير الروم، وإنشاء نظام البريد، وتدوين العلوم وإنشاء علوم جديدة مثل: علم أصول الفقه، وعلوم النحو والصرف والبلاغة، وعلم اللغة، وغيرها. وأنشأ المسلمون (نظام الحسبة) ووضعوا له قواعد وأحكاما وآدابا، وألّفوا فيه كتبا شتّى. ولهذا كان من الخطأ المنهجي: أن يطلب دليل خاص على شرعية كل شأن من شؤون العادات، فحسبنا أنه لا يوجد نص مانع من الشرع. ودعوى أن هذه المسيرات مقتبسة أو مستوردة من عند غير المسلمين: لا يثبت تحريما لهذا الأمر، ما دام هو في نفسه مباحا، ويراه المسلمون نافعا لهــم." فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها" .

وقد اقتبس المسلمون في عصر النبوة طريقة حفر الخندق حول المدينة، لتحصينها من غزو المشركين، وهي من طرق الفرس. واتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم خاتما. حيث أشير عليه أن يفعل ذلك، فإن الملوك والأمراء في العالم، لا يقبلون كتابا إلا مختوما. واقتبس الصحابة نظام الخراج من دولة الفرس العريقة في المدنية والتنظيم. واقتبسوا كذلك تدوين الدواوين، من دولة الروم، لما لها من عراقة في ذلك. وترجم المسلمون الكتب التي تتضمن (علوم الأوائل) أي الأمم المتقدمة، التي طورها المسلمون وهذبوها وأضافوا إليها، وابتكروا فيها مثل: (علم الجبر) بشهادة المنصفين من مؤرخي العلم. ولم يعترضوا إلا على (الجانب الإلهي) في التراث اليوناني؛ لأن الله تعالى أغناهم بعقيدة الإسلام عن وثنية اليونان وما فيها من أساطير وأباطيل.

ومن نظر إلى حياتنا المعاصرة في شتى المجالات: وجد فيها كثيرا جدا مما اقتبسناه من بلاد الغرب: في التعليم والإعلام والاقتصاد والإدارة والسياسة وغيرها. ففكرة الدستور، والانتخابات بالصورة المعاصرة، وفصل السلطات، وإنشاء الصحافة والإذاعة والتلفزة، بوصفها أدوات للتعبير والتوجيه والترفيه، وإنجاز الشبكة الجبارة للمعلومات (الإنترنت). والتعليم بمؤسساته وتقسيماته وترتيباته ومراحله وآلياته المعاصرة، مقتبس في معظمه من الغرب. والشيخ رفاعة الطهطاوي، حين ذهب إلى باريس إماما للبعثة المصرية، ورأى من ألوان المدنية ما رأى، بهرته الحضارة الحديثة، وعاد لينبه قومه إلى ضرورة الاقتباس مما سبق به الأوربيون، حتى لا يظلوا يتقدمون ونحن نتأخر. ومن يومها بدأ المصريون، وبدأ معهم كثير من العرب،

وقبلهم بدأ العثمانيون في اقتباس ما عند الغربيين. كل هذه مقتبسات من الغرب الذي تفوق علينا وسبقنا بها، ولم نجد بدا من أن نأخذها عنه، ولم تجد نكيرا من أحد من علماء الشرع ولا من غيرهم فأقرها العرف العام. وقد أخذ الغرب عنا من قبل واقتبس منا، وانتفع بعلومنا أوائل نهضته {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:140]. المهم أن نأخذ ما يلائم عقائدنا وقيمنا وشرائعنا، دون ما يناقضها أو ينقضها. فالناقل هو الذي يأخذ من غيره ما ينفعه لا ما يضره. وأهم ما يأخذه المسلم من غيره: ما كان متعلقا بشؤون الحياة المتطورة، وجله يتصل بالوسائل والآليات التي طابعها المرونة والتغير، لا بالأهداف والمبادئ التي طابعها الثبات والبقاء. على أن ما ذكره السائل أو السائلون، من نسبة هذه المظاهرات أو المسيرات إلى الشيوعيين الملحدين: غير صحيح، فالأنظمة الشيوعية لا تسمح بهذه المسيرات إطلاقا؛ لأن هذه الأنظمة الشمولية القاهرة تقوم على كبت الحريات، وتكميم الأفواه، والخضوع المطلق لسلطان الحكم وجبروته. قاعدتان مهمتان وأود أن أقرر هنا قاعدتين في غاية الأهمية: 1- قاعدة المصلحة المرسلة: الأولى هي: قاعدة المصلحة المرسلة، فهذه الممارسات التي لم ترد في العهد النبوي، ولم تعرف في العهد الراشدي، ولم يعرفها المسلمون في عصورهم الأولى، وإنما هي من مستحدثات هذا العصر: إنما تدخل في دائرة (المصلحة المرسلة) وهي التي لم يرد من الشرع دليل باعتبارها ولا بإلغائها. وشرطها: أن لا تكون من أمور العبادات حتى لا تدخل في البدعة، وأن تكون من جنس المصالح التي أقرها الشرع، والتي إذا عرضت على العقول، تلقتها بالقبول، وألا تعارض نصا شرعيا، ولا قاعدة شرعية.

وجمهور فقهاء المسلمين يعتبرون المصلحة دليلا شرعيا يبنى عليها التشريع أو الفتوى أو القضاء، ومن قرأ كتب الفقه وجد مئات الأمثلة من الأحكام التي لا تعلل إلا بمطلق مصلحة تجلب، أو ضرر يدفع. وكان الصحابة – وهم أفقه الناس لهذه الشريعة- أكثر الناس استعمالا للمصلحة واستنادا إليها. وقد شاع أن الاستدلال بالمصلحة المرسلة خاص بمذهب المالكية، ولكن الإمام شهاب الدين القرافي المالكي (684هـ ) يقول – ردا على من نقلوا اختصاصها بالمالكي-: (وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا أو جمعوا أو فرقوا بين المسألتين، لا يطلبون شاهدا بالاعتبار لذلك المعنى الذي جمعوا أو فرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذ في جميع المذاهب) .

2- للوسائل حكم المقاصد: والقاعدة الثانية: هي أن للوسائل في شؤون العادات حكم المقاصد، فإذا كان المقصد مشروعا في هذه الأمور، فإن الوسائل إليه تأخذ حكمه، ولم تكن الوسيلة محرمة في ذاتها. ولهذا حين ظهرت الوسائل الإعلامية الجديدة، مثل (التلفزيون) كثر سؤال الناس عنها: أهي حلال أم حرام؟ وكان جواب أهل العلم: أن هذه الأشياء لا حكم لها في نفسها، وإنما حكمها بحسب ما تستعمل له من غايات ومقاصد. فإذا سألت عن حكم (البندقية) قلنا: إنها في يد المجاهد: عون على الجهاد ونصرة الحق ومقاومة الباطل، وهي في يد قاطع الطريق: عون على الجريمة والإفساد في الأرض، وترويع الخلق. وكذلك التلفزيون: من يستخدمه في معرفة الأخبار، ومتابعة البرامج النافعة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، بل والبرامج الترفيهية بشروط وضوابط معينة،

فهذا لا شك في إباحته ومشروعيته، بل قد يتحول إلى قربة وعبادة بالنية الصالحة. بخلاف من يستخدمه للبحث عن الخلاعة والمجون وغيرها من الضلالات في الفكر والسلوك. وكذلك هذه المسيرات والتظاهرات، إن كان خروجها لتحقيق مقصد مشروع، كأن تنادي بتحكيم الشريعة، أو بإطلاق سراح المعتقلين بغير تهمة حقيقية، أو بإيقاف المحاكمات العسكرية للمدنيين، أو بإلغاء حالة الطوارئ التي تعطي للحكام سلطات مطلقة. أو بتحقيق مطالب عامة للناس مثل: توفير الخبز أو الزيت أو السكر أو الدواء أو البنزين، أو غير ذلك من الأهداف التي لا شك في شرعيتها. فمثل هذا لا يرتاب فقيه في جوازه. وأذكر أني كنت في سنة 1989م في الجزائر، وقد شكا إلي بعض الأخوات من طالبات الجامعة من الملتزمات والمتدينات، من مجموعة من النساء العلمانيات أقمن مسيرة من نحو خمسمائة امرأة، سارت في شوارع العاصمة، تطالب بمجموعة من المطالب تتعلق بالأسرة أو ما يسمى ( قانون الأحوال الشخصية) مثل: منع الطلاق، أو تعدد الزوجات، أو طلب التسوية بين الذكر والأنثى في الميراث، أو إباحة تزوج المسلمة من غير المسلم، ونحو ذلك.

فقلت للطالبات اللائي سألنني عن ذلك: الرد على هذه المسيرة العلمانية: أن تقود المسلمات الملتزمات مسيرة مضادة، من خمسمائة ألف امرأة! أي ضعف المسيرة الأولى ألف مرة! تنادي باحترام قواطع الشريعة الإسلامية. وفعلا بعد أشهر قليلة أقيمت مسيرة مليونية عامتها من النساء تؤيد الشريعة، وإن شارك فيها عدد محدود من الرجال. فهذه المسيرة – بحسب مقصدها- لا شك في شرعيتها، بخلاف المسيرة الأخرى المعارضة لأحكام الشريعة القطعية، لا يستطيع فقيه أن يفتي بجوازها. سد الذرائع أما ما قيل من منع المسيرات والتظاهرات السلمية، خشية أن يتخذها بعض المخربين أداة لتدمير الممتلكات والمنشآت، وتعكير الأمن، وإثارة القلاقل. فمن المعروف: أن قاعدة سد الذرائع لا يجوز التوسع فيها، حتى تكون وسيلة للحرمان من كثير من المصالح المعتبرة. ويكفي أن نقول بجواز تسيير المسيرات إذا توافرت شروط معينة يترجح معها ضمان ألا تحدث التخريبات التي تحدث في بعض الأحيان. كأن تكون في حراسة الشرطة، أو أن يتعهد منظموها بأن يتولوا ضبطها بحيث لا يقع اضطراب أو إخلال بالأمن فيها، وأن يتحملوا المسؤولية عن ذلك. وهذا المعمول به في البلاد المتقدمة ماديا.

في السنة دليل على شرعية المسيرات أعتقد أن فيما سقناه من الأدلة والاعتبارات الشرعية، ما يكفي لإجازة المسيرات السلمية إذا كانت تعبر عن مطالب فئوية أو جماهيرية مشروعة. وليس من الضروري أن يطلب دليل شرعي خاص على ذلك، مثل نص قرآني أو نبوي، أو واقعة حدثت في عهد النبوة أو الخلافة الراشدة.

ومع هذا، نتبرع بذكر واقعة دالة، حدثت في عهد النبوة، وذلك عندما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فبعد أن يسرد عمر رضي الله عنه قصة إسلامه، ولنستمع إلى عمر نفسه، وهو يقص علينا نبأ هذه المسيرة. حتى إذا دخل دار الأرقم ابن أبي الأرقم معلنا الشهادتين يقول: (فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال: "بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق إن متم وإن حييتم" قال: فقلت: ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفين: حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إليّ قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها. فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق) . ومن تتبع السيرة النبوية، والسنة المحمدية، لا يعدم أن يجد فيها أمثلة أخرى. والحمد لله رب العالمين.


رابط الفتوي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
ما حكم الإسلام في الغناء والموسيقي؟

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

سؤال يتردد علي ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيانًا شتي.
سؤال اختلف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه، واختلف سلوكهم تبعًا لاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل نوع من أنواع الغناء، ولكل لون من ألوان الموسيقي مدعيًا أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة التي أباح الله لعباده.

ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع أية أغنية قائلا: إن الغناء مزمار الشيطان، ولهو الحديث ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبخاصة إذا كان المغني امرأة، فالمرأة -عندهم- صوتها عورة بغير الغناء، فكيف بالغناء؟ ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال.
ومن هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقي، حتي المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار.

ووقف فريق ثالث مترددًا بين الفريقين؛ ينحاز إلي هؤلاء تارة، وإلي أولئك طورًا، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوع الخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصًا بعد أن دخلت الإذاعة –المسموعة والمرئية- علي الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليها أسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعًا وكرهًا.

والغناء بآلة -أي مع الموسيقي- وبغير آلة: مسألة ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الإسلام منذ العصور الأولي، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخري.

اتفقوا علي تحريم كل غناء يشتمل علي فحش أو فسق أو تحريض علي معصية، إذ الغناء ليس إلا كلامًا، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل علي حرام فهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟
واتفقوا علي إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب، وأيام الأعياد، ونحوها بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها.
وقد وردت في ذلك نصوص صريحة – سنذكرها فيما بعد.

واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينا: فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغير آلة، بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم من منعه منعًا باتًا بآلة وبغير آلة وعده حرامًا، بل ربما ارتقي به إلي درجة الكبيرة.

ولأهمية الموضوع نري لزامًا علينا أن نفصل فيه بعض التفصيل، ونلقي عليه أضواء كاشفة لجوانبه المختلفة، حتي يتبين المسلم الحلال فيه من الحرام، متبعًا للدليل الناصع، لا مقلدًا قول قائل، وبذلك يكون علي بينة من أمره، وبصيرة من دينه.


الأصل في الأشياء الإباحة: ـ

قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالي: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا) (البقرة: 29)، ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالي، أو سنة رسوله –صلي الله عليه وسلم- أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شيء من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقي في دائرة العفو الواسعة، قال تعالي: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه). (الأنعام: 119).

وقال رسول الله –صلي الله عليه وسلم-: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسي شيئا"، وتلا: (وما كان ربك نسيا) (مريم: 64). رواه الحاكم عن أبي الدرداء وصححه، وأخرجه البزار.
وقال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" أخرجه الداراقطني عن أبي ثعلبة الخشني. وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووي في الأربعين.
وإذا كانت هذه هي القاعدة فما هي النصوص والأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء، وما موقف المجيزين منها.

أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها

استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالي: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) وفسروا لهو الحديث بالغناء.
قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوًا.

ولو أن امرأ اشتري مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرًا ! فهذا هو الذي ذم الله تعالي، وما ذم قط عز وجل من اشتري لهو الحديث ليتلهي به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالي. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا وكذلك من اشتغل عامدًا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالي، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن. (المحلي لابن حزم (9/60) ط المنيرية). أ هـ.

واستدلوا بقوله تعالي في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (القصص: 55). والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك، وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالي: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (القصص: 55)، فهي شبيهة بقوله تعالي في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا). (الفرقان: 63).
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب.

روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتي به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيه باللغو، قال تعالي: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). (البقرة: 225، والمائدة: 89).
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالي علي الشيء علي طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص ؟!). (إحياء علوم الدين. كتاب السماع ص 1147 ط دار الشعب بمصر).

علي أننا نقول: ليس كل غناء لغوا؛ إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة، والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء: "إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم". (رواه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم).

وننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في "المحلي" ردًا علي الذين يمنعون الغناء قال: (احتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ ولا سبيل إلي قسم ثالث، وقد قال الله تعالي: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (يونس: 32). فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي" (متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب، وهو أول حديث في صحيح البخاري). فمن نوي باستماع الغناء عونًا علي معصية الله فهو فاسق وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوي به ترويح نفسه ليقوي بذلك علي طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك علي البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق.

ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلي بستانه، وقعوده علي باب داره متفرجًا، وصبغه ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غير ذلك ومد ساقه وقبضها، وسائر أفعاله). (المحلي. 9/60).

جـ- واستدلوا بحديث: "كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" رواه أصحاب السنن الأربعة، وفيه اضطراب، والغناء خارج عن هذه الثلاثة.
وأجاب المجوزون بضعف الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة، فإن قوله: "فهو باطل" لا يدل علي التحريم بل يدل علي عدم الفائدة. فقد ورد عن أبي الدرداء قوله: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوي لها علي الحق. علي أن الحصر في الثلاثة غير مراد، فإن التلهي بالنظر إلي الحبشة وهم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة، وقد ثبت في الصحيح. ولا شك أن التفرج في البساتين وسماع أصوات الطيور، وأنواع المداعبات مما يلهو به الرجل، ولا يحرم عليه شيء منها، وإن جاز وصفه بأنه باطل.

واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري -معلقا- عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري -شك من الراوي- عن النبي -عليه السلام- قال: "ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر (الحر: أي الفرج والمعني يستحلون الزني). والحرير والخمر والمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.
والحديث وإن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسندات المتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور علي (هشام بن عمار) (انظر: الميزان وتهذيب التهذيب). وقد ضعفه الكثيرون.

ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادة حرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" –كما ذكر ابن العربي- لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازًا عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعني الحقيقي، لكان كفرًا.

ولو سلمنا بدلالتها علي الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع، لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه.

هـ- واستدلوا بحديث: "إن الله تعالي حرم القينة (أي الجارية) وبيعها وثمنها وتعليمها".
والجواب عن ذلك:
أولا: أن الحديث ضعيف.
ثانيا: قال الغزالي: المراد بالقينة الجارية التي تغني للرجال في مجلس الشرب، وغناء الأجنبية للفساق ومن يخاف عليهم الفتنة حرام، وهم لا يقصدون بالفتنة إلا ما هو محظور. فأما غناء الجارية لمالكها، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث. بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة، بدليل ما روي في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالي عنها. (الإحياء ص 1148) وسيأتي.

ثالثا: كان هؤلاء القيان المغنيات يكون عنصرًا هامًا من نظام الرقيق، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجيًا، فلم يكن يتفق وهذه الحكمة إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي، فإذا جاء حديث بالنعي علي امتلاك "القينة" وبيعها، والمنع منه، فذلك لهدم ركن من بناء "نظام الرق" العتيد.
واستدلوا بما روي نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع ؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتي قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلي الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.

ولو صح لكان حجة علي المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حرامًا ما أباح النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حرامًا ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر دليل علي أنه حلال.
وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئًا وأن يبيت عنده دينار أو درهم .... إلخ.

واستدلوا أيضًا لما روي: "إن الغناء ينبت النفاق في القلب" ولم يثبت هذا حديثًا عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وإنما ثبت قولاً لبعض الصحابة، فهو رأي لغير معصوم خالفه فيه غيره، فمن الناس من قال -وبخاصة الصوفية- إن الغناء يرقق القلب، ويبعث الحزن والندم علي المعصية، ويهيج الشوق إلي الله تعالي، ولهذا اتخذوه وسيلة لتجديد نفوسهم، وتنشيط عزائمهم، وإثارة أشواقهم، قالوا: وهذا أمر لا يعرف إلا بالذوق والتجربة والممارسة، ومن ذاق عرف، وليس الخبر كالعيان.

علي أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغني لا للسامع، إذ كان غرض المغني أن يعرض نفسه علي غيره ويروج صوته عليه، ولا يزال ينافق ويتودد إلي الناس ليرغبوا في غنائه. ومع هذا قال الغزالي: وذلك لا يوجب تحريمًا، فإن لبس الثياب الجميلة، وركوب الخيل المهلجة، وسائر أنواع الزينة، والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع وغير ذلك، ينبت النفاق في القلب، ولا يطلق القول بتحريم ذلك كله، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب المعاصي فقط، بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثيرًا (الإحياء ص 1151) .

واستدلوا علي تحريم غناء المرأة خاصة، بما شاع عند بعض الناس من أن صوت المرأة عورة. وليس هناك دليل ولا شبه دليل من دين الله علي أن صوت المرأة عورة، وقد كان النساء يسألن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في ملأ من أصحابه وكان الصحابة يذهبون إلي أمهات المؤمنين ويستفتونهن ويفتينهم ويحدثنهم، ولم يقل أحد: إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة يجب أن تستر.

فإن قالوا: هذا في الحديث العادي لا في الغناء، قلنا: روي الصحيحان أن النبي سمع غناء الجاريتين ولم ينكر عليهما، وقال لأبي بكر: دعهما. وقد سمع ابن جعفر وغيره من الصحابة والتابعين الجواري يغنين.

والخلاصة: أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريم إما صحيح غير صريح، أو صريح غير صحيح. ولم يسلم حديث واحد مرفوع إلي رسول الله يصلح دليلاً للتحريم، وكل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكية والحنابلة والشافعية.

قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة.
وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد.
وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع.

أدلة المجيزين للغناء:

تلك هي أدلة المحرمين، وقد سقطت واحدًا بعد الآخر، ولم يقف دليل منها علي قدميه، وإذا انتفت أدلة التحريم بقي حكم الغناء علي أصل الإباحة بلا شك، ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد علي ذلك غير سقوط أدلة التحريم. فكيف ومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة، ومبادئه الكلية ؟
وهاك بيانها:

أولا: من حيث النصوص:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-، وهذا يدل علي أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.

والمعول عليه هنا هو رد النبي -صلي الله عليه وسلم- علي أبي بكر -رضي الله عنه- وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفية سمحة. وهو يدل علي وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدي الآخرين، وإظهار جانب اليسر والسماحة فيه.
وقد روي البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي -صلي الله عليه وسلم-: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو".
وروي ابن ماجة عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله فقال: "أهديتم الفتاة ؟" قالوا: نعم قال: "أرسلتم معها من يغني ؟" قالت: لا. فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم ؟!

وروي النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت علي قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحبي رسول الله أهل بدر يفعل هذا عندكم ؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.
وروي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلاً قدم المدينة بجوار فأتي عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلي ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، غبنت بسبعمائة درهم ! فأتي ابن عمر إلي عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بل نعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعي في بيع المغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة.

واستدلوا بقوله تعالي: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين). (الجمعة: 11).
فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما -بمناسبة قدوم القافلة وضرب الدفوف فرحًا بها- عن خطبة النبي -صلي الله عليه وسلم-، وتركه قائمًا.
واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.
واستدلوا لما نقله غير واحد من الإجماع علي إباحة السماع، كما سنذكره بعد.

وثانيا: من حيث روح الإسلام وقواعده:
لا شيء في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الأذن، كما أن الطعام الهنيء لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الذكية لذة الشم ... إلخ، فهل الطيبات أي المستلذات حرام في الإسلام أم حلال ؟

من المعروف أن الله تعالي كان قد حرم علي بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم علي سوء ما صنعوا، كما قال تعالي: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرًا. وأخذهم الربا وقد نهو عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (النساء: 160، 161). فلما بعث الله محمدًا –صلي الله عليه وسلم- جعل عنوان رسالته في كتب الأولين (الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم). (الأعراف: 157).

فلم يبق في الإسلام شيء طيب أي تستطيبه الأنفس والعقول السليمة إلا أحله الله، رحمة بهذه الأمة لعموم رسالتها وخلودها. قال تعالي: (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات). (المائدة: 4).
ولم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم علي نفسه أو علي غيره شيئًا من الطيبات مما رزق الله مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء وجه الله فيه، فإن التحليل والتحريم من حق الله وحده، وليس من شأن عباده، قال تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) (يونس: 59). وجعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات، كلاهما يجلب سخط الله وعذابه، ويردي صاحبه في هاوية الخسران المبين، والضلال البعيد، قال جل شأنه ينعي علي من فعل ذلك من أهل الجاهلية: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء علي الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين). (الأنعام: 140).

ولو تأملنا لوجدنا حب الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية وفطرة بشرية، حتي إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه، وتنصرف نفسه عما يبكيه إلي الإصغاء إليه ولذا تعودت الأمهات والمرضعات والمربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم، بل نقول: إن الطيور والبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة

حتي قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائد في غلظ الطبع وكثافته علي الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادة طبعه يتأثر بالحداء تأثرًا يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر -لقوة نشاطه في سماعه- المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فتري الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرع في سيرها، حتي تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها) .

وإذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطر والتنكيل بها ؟ كلا، إنما جاء لتهذيبها والسمو بها، وتوجيهها التوجيه القويم، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها.
ومصداق ذلك أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية: فقال عليه السلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحي ويوم الفطر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

وقالت عائشة: "لقد رأيت النبي يسترني بردائه، وأنا أنظر إلي الحبشة يلعبون في المسجد، حتي أكون أنا التي أسأمه -أي اللعب- فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة علي اللهو".
وإذا كان الغناء لهوا ولعبًا فليس اللهو واللعب حرامًا، فالإنسان لا صبر له علي الجد المطلق والصرامة الدائمة.

قال النبي -صلي الله عليه وسلم- لحنظلة -حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "يا حنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.
وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا أكرهت عميت.
وقال كرم الله وجهه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوي لها علي الحق.

وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله: (هو كذلك، ولكن الدنيا كلها لهو ولعب ... وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد، وكذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل ذلك عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وعن الصحابة.
وأي لهو يزيد علي لهو الحبشة والزنوج في لعبهم، فقد ثبت بالنص إباحته. علي أني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر، والقلوب إذا أكرهت عميت، وترويحها إعانة لها علي الجد، فالمواظب علي التفكر مثلاً ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة؛ لأن عطلة يوم تساعد علي النشاط في سائر الأيام، والمواظب علي نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات، ولأجله كرهت الصلاة في بعض الأوقات، فالعطلة معونة علي العمل، اللهو معين علي الجد ولا يصبر علي الجد المحض، والحق المر، إلا نفوس الأنبياء عليهم السلام،

فاللهو دواء القلب من داء الإعياء، فينبغي أن يكون مباحًا، ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء. فإذًا اللهو علي هذه النية يصير قربة، هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها، بل ليس له إلا اللذة والاستراحة المحضة، فينبغي أن يستحب له ذلك، ليتوصل به إلي المقصود الذي ذكرناه. نعم هذا يدل علي نقصان عن ذروة الكمال،

فإن الكامل هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق، ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ومن أحاط بعلم علاج القلوب، ووجوه التلطف بها، وسياقتها إلي الحق، علم قطعًا أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غني عنه) انتهي كلام الغزالي (الإحياء: كتاب السماع ص 1152، 1153)، وهو كلام نفيس يعبر عن روح الإسلام الحقة.
القائلون بإجازة الغناء:
تلك هي الأدلة المبيحة للغناء من نصوص الإسلام وقواعده، فيها الكفاية كل الكفاية ولو لم يقل بموجبها قائل، ولم يذهب إلي ذلك فقيه، فكيف وقد قال بموجبها الكثيرون من صحابة وتابعين وأتباع وفقهاء ؟
وحسبنا أن أهل المدينة -علي ورعهم- والظاهرية- علي حرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص -والصوفية- علي تشددهم وأخذهم بالعزائم دون الرخص- روي عنهم إباحة الغناء.
قال الإمام لشوكاني في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية، إلي الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكي الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يري بالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
وحكي الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي) .

وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإلي جنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله ؟! فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي ؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول !) .
وروي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلي ابن سيرين قال: (إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل علي ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجل فساومه، فلم يهو فيهن شيئًا. قال: انطلق إلي رجل هو أمثل لك بيعًا من هذا. قال: من هو ؟ قال: عبد الله بن جعفر .. فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن، فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء ابن عمر ... إلخ. القصة) .

وروي صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمر دخل علي ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل تري بذلك بأسًا ؟ قال: لا بأس بهذا، وحكي الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعًا العود عند ابن جعفر، وروي أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء المزهر بشعر من شعره.
وذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك. والمزهر عند أهل اللغة: العود.

وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة. ونقل ابن السمعاني الترخيص عن طاووس، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضي المدينة سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعلي الخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة.

وحكي الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وحكي الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود، وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورًا في بيت المنهال بن عمروا المحدث المشهور.
وحكي أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود.
قال ابن النحوي في العمدة: (وقال ابن طاهر: هو إجماع أهل المدينة. قال ابن طاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم.

وحكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن أبي إسحاق الشيرازي، وحكاه الإسنوي في "المهمات" عن الروياني والماوردي، ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور وحكاه ابن الملقن في العمدة عن ابن طاهر، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحكاه صاحب الإمتاع عن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي.

هؤلاء جميعًا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة -أي آلات الموسيقي- وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوي في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق علي حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الحرمين عليه، ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضًا إجماع أهل المدينة عليه، وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيها بالعبادة والذكر. قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر -كما رواه ابن عبد البر وغيره- وعثمان- كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي -وعبد الرحمن بن عوف- كما رواه ابن أبي شيبة- وأبو عبيدة بن الجراح- كما أخرجه البيهقي- وسعد بن أبي وقاص- كما أخرجه بن قتيبة- وأبو مسعود الأنصاري- كما أخرجه البيهقي- وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد- كما أخرجه البيهقي أيضا- وحمزة كما في الصحيح- وابن عمر- كما أخرجه ابن طاهر- والبراء بن مالك- كما أخرجه أبو نعيم- وعبد الله بن جعفر- كما رواه ابن عبد البر- وعبد الله بن الزبير- كما نقل أبو طالب المكي- وحسان- كما رواه أبو الفرج الأصبهاني- وعبد الله بن عمرو- كما رواه الزبير بن بكار- وقرظة بن كعب- كما رواه ابن قتيبة- وخوات بن جبير ورباح المعترف- كما أخرجه صاحب الأغاني- والمغيرة بن شعبة- كما حكاه أبو طالب المكي- وعمرو بن العاص- كما حكاه الماوردي- وعائشة والربيع- كما في صحيح البخاري وغيره.

وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري.
وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور الشافعية) . انتهي كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (جـ 8/264-266) .

قيود وشروط لابد من مراعاتها:

ولا ننسي أن نضيف إلي هذه الفتوي قيودًا لابد من مراعاتها في سماع الغناء.
فقد أشرنا في أول البحث إلي أنه ليس كل غناء مباحًا، فلابد أن يكون موضوعه متفقًا مع أدب الإسلام وتعاليمه.
فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس" عاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والتدخين أيضًا آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم والنفس والمال.

والأغاني التي تمدح الظلمة والطغاة والفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا، مخالفة لتعاليم الإسلام، الذي يلعن الظالمين، وكل من يعينهم، بل من يسكت عليهم، فكيف بمن يمجدهم ؟!
والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أو صاحب العيون جريئة أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم … وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) (النور: 30، 31). ويقول –صلي الله عليه وسلم- يا علي : "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولي وليست لك الآخرة".

ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلي إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة- ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلي دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع علي الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تلح علي جانب واحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام، وإشعالها بكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصًا لدي الشباب والشابات.

إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) . فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير ؟!
ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال والنساء، بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوف في مجالس الغناء والطرب من قديم. وهي الصورة المائلة في الأذهان عند ما يذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.

وهذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره: "ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".
وأود أن أنبه هنا علي قضية مهمة، وهي أن الاستماع إلي الغناء في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء، ومخالطة المغنين والمغنيات وحواشيهم، وقلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع، ويكرهها الدين.

أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلي الأغاني وهو بعيد عن أهلها ومجالسها، وهذا لا ريب عنصر مخفف في القضية، ويميل بها إلي جانب الإذن والتيسير.

هذا إلي أن الإنسان ليس عاطفة فحسب، والعاطفة ليست حبًا فقط، والحب لا يختص بالمرأة وحدها، والمرأة ليست جسدًا وشهوة لا غير، لهذا يجب أن نقلل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية وأن يكون لدينا من أغانينا وبرامجنا وحياتنا كلها توزيع عادل، وموازنة مقسطة بين الدين والدنيا وفي الدنيا بين حق الفرد وحقوق المجتمع، وفي الفرد بين عقله وعاطفته، وفي مجال العاطفة بين عواطف الإنسانية كلها من حب وكره وغيره وحماسة وأبوة وأمومة وبنوة وأخوة وصداقة ... إلخ فلكل عاطفة حقها.

أما الغلو والإسراف والمبالغة في إبراز عاطفة خاصة فذلك علي حساب العواطف الأخري، وعلي حساب عقل الفرد وروحه وإرادته، وعلي حساب المجتمع وخصائصه ومقوماته، وعلي حساب الدين ومثله وتوجيهاته.

إن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتي في العبادة فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا ؟!
إن هذا دليل علي فراغ العقل والقلب من الواجبات الكبيرة، والأهداف العظيمة، ودليل علي إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحمود وعمره القصير، وما أصدق وأعمق ما قال ابن المقفع: (ما رأيت إسرافًا إلا وبجانبه حق مضيع) وفي الحديث: "لا يكون العاقل ظاعنًا إلا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم"، فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ولنعلم أن الله سائل كل إنسان عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه ؟

وبعد هذا الإيضاح تبقي هناك أشياء يكون كل مستمع فيها فقيه نفسه ومفتيها، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزته، ويغريه بالفتنة، ويسبح به في شطحات الخيال، ويطغي فيه الجانب الحيواني علي الجانب الروحاني، فعليه أن يتجنبه حينئذ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة علي قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح.

تحذير من التساهل في إطلاق التحريم:

ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلي السادة العلماء الذين يستخفون بكلمة "حرام" ويطلقون لها العنان في فتواهم إذا أفتوا، وفي بحوثهم إذا كتبوا، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ويعلموا أن هذه الكلمة "حرام" كلمة خطيرة: إنها تعني عقوبة الله علي الفعل وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولا بموافقة المزاج، ولا بالأحاديث الضعيفة، ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم، إنما يعرف من نص ثابت صريح، أو إجماع معتبر صحيح، وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعة، ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة.

قال الإمام مالك رضي الله عنه: ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا، وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا علي ما يصيرون إليه غدًا لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليًا وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل -وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي -صلي الله عليه وسلم- فكانوا يجمعون أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم- ويسألون، ثم حينئذ يفتون فيها، وأهل زماننا قد هذا صار فخرهم، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم قال: ولم يكن من أمر الناس ولا من مضي من سلفنا الذين يقتدي بهم، ومعول الإسلام عليهم، أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره كذا وأري كذا، وأما "حلال" و "حرام" فهذا الافتراء علي الله.

أما سمعت قول الله تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) يونس: 59؛ لأن الحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرماه.
ونقل الإمام الشافعي في "الأم" عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال:
(أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير.

وحدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم -وكان أفضل التابعين- أنه قال: إياكم أن يقول الرجل: إن الله أحل هذا أو رضيه، فيقول الله له: لم أحل هذا ولم أرضه، ويقول: إن الله حرم هذا فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه ! وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه، قالوا: هذا مكروه، وهذا لا بأس به، فأما أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا) .

هذا ما ذكره القاضي أبو يوسف، ونقله الشافعي، ولم ينكر عليه هذا النقل ولا مضمونه بل أقره، وما كان ليقر مثله إلا إذا اعتقد صحته.
وقال الله تعالي: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون). (النحل: 116).

والله أعلم

اسلام اون لاين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.