اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

Prince M!Do

الأعضاء
  • مجموع الأنشطة

    192
  • تاريخ الانضمام

  • آخر نشاط

المشاركات كُتبت بواسطة Prince M!Do




  1. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث

    رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.





    أما بعد :





    القرآن كلام الرحمن.

    القرآن تلاوته تَشرح صدر الإنسان.

    القرآن تدبُّر آياته يزيد الإيمان.

    القرآن تعلُّمه وتعليمه رِفعة للشأن.

    القرآن هدى يهدي القلوب، ونور يُنير الحياة.

    القرآن الكريم: كتاب الله المعجز المتعبَّد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر.

    القرآن للداء دواءٌ، وللمرض شفاء، وللقلب نقاء، وللرُّوح ارتقاء.

    القرآن رِفعة للدرجات، ورفيق في المُدْلهمَّات.

    القرآن ارتقاء رُوحي؛ لتسمو الروح في بحر الطمأنينة، وارتقاء فكري؛ ليَسبح العقل في التفكُّر والتأمُّل.

    القرآن شفاء لنفسٍ أنْهَكتها المعاصي والآثام، وشفاء لجسد أتعَبته الأمراض والآلام.

    القرآن بركة في العمر والأوقات، وزيادة في الأجر والحسنات.

    القرآن فيه القَصص النيِّرات، والمعجزات الخالدات.

    باختصار: القرآن منهج حياة.








    ][قــواعــد قرآنية..القاعدة الثامنة عشرة: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه)][




    القاعدة الثامنة عشرة: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه)



    د.عمر بن عبد الله المقبل











    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فهذا موعد جديد لموضوعنا المتنور: (قواعد قرآنية)، نعيش فيها مع قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب التعامل مع الخلق، تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فاطر: 43].

    وهذه القاعدة القرآنية جاءت ضمن سياق آيات في سورة فاطر، يحسن ذكرها ليتضح معناها، يقول تعالى عن طائفة من المعاندين(1): {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيْقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلا بَأَهْلِه فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}[فاطر: 42، 43].



    ومعنى هذه القاعدة التي تضمنتها هذه الآية باختصار:
    أن هؤلاء الكفار المعاندين أقسموا "بالله أشد الأَيْمان: لئن جاءهم رسول من عند الله يخوِّفهم عقاب الله ليكونُنَّ أكثر استقامة واتباعًا للحق من اليهود والنصارى وغيرهم، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا بُعْدًا عن الحق ونفورًا منه، وليس إقسامهم لقَصْد حسن وطلبًا للحق، وإنما هو استكبارٌ في الأرض على الخلق، يريدون به المكر السيِّئ، والخداع والباطل، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم، فلن تجد لطريقة الله تبديلاً ولا تحويلاً فلا يستطيع أحد أن يُبَدِّل، ولا أن يُحَوِّل العذاب عن نفسه أو غيره" (2).

    وهذا المعنى الذي قررته هذه القاعدة، جاء معناه في آيات أخر من كتاب الله تعالى، تأمل قوله عز وجل: {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم} وقولَه تعالى: {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}، بل قد قرر الله تعالى أن هذا الأسلوب ـ وهو المكر ـ إنما هو منهجٌ من مناهج أعداء الرسل مع الأنبياء والرسل، فقال ـ في سورة الرعد: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد: 42]، وقال عز وجل: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46].

    وأما الأمثلة الفردية التي تبين معاني هذه القاعدة، فكثيرة في كتاب الله تعالى، لكن حسبنا أن نشير إلى بعضها، فمن ذلك:
    1 ـ ما قصه الله تعالى عن مكر إخوة يوسف بأخيهم، فماذا كانت العاقبة؟ يقول تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}[يوسف: 102] صحيح أن إخوته تابوا، لكن بعد أن آذوا أباهم وأخاهم بأنواع من الأذى، فعاد مكرهم على غير مرادهم، وفاز بالعاقبة الحسنة، والمآل الحميد من صبر وعفى وحلَم.

    2 ـ وتأمل في قول الله تعالى عمن أرادوا كيداً بني الله عيسى؛: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54]!

    3 ـ ولما تحايل المشركون بأنواع الحيل لأذية نبينا صلى الله عليه وسلم، قال الله عنهم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].

    وأما في السنة، وفي التاريخ فكثيرٌ جداً، ومن قرأ التاريخ قراءة المتدبر المتأمل، وجد من ذلك عبراً، وأدرك معنى هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}.

    ولهذا، ولما كان المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً، والكيدُ له عظيماً، سلاه الله بآية عظيمة، تبعث على الثقة والطمأنينة، والأمل والراحة، ليس له صلى الله عليه وسلم وحده، بل لكل داعية يسير على نهجه ممن قد يشعر بكيد الكائدين ومكر الماكرين، فقال ـ: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ* إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل: 127، 128].

    "فالله حافظه من المكر والكيد، لا يدعه للماكرين الكائدين وهو مخلص في دعوته لا يبتغي من ورائها شيئاً لنفسه، ولقد يقع به الأذى لامتحان صبره، ويبطئ عليه النصر لابتلاء ثقته بربه، ولكن العاقبة مظنونة ومعروفة: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} ومن كان الله معه فلا عليه ممن يكيدون وممن يمكرون"(3)، والمهم أن يحفظ سياج التقوى، ولا يقطع إحسانه إلى الخلق، ثم ليبشر بعد ذلك ببطلان كيد الماكرين.

    أيها القارئ المحب لكلام ربه:
    لعلك تلاحظ أن المكر ـ في هذه القاعدة القرآنية: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} ـلعلك تلاحظ أن المكر أضيف إلى السوء، وهذا يوضح أن المكر من حيث هو لا يذم ولا يمدح إلا بالنظر في عاقبته، فإن كان المكرُ لغاية صحيحة فهو ممدوح، وإلا فلا، ومن بلاغة البيان القرآني التعبير بالحيق مع كلمة المكر، في قوله: (ولا يحيق)، فالعرب تقول: حاق به المكروه يحيق به حيقاً، إذا نزل به وأحاط به، ولا يطلق إلا على إحاطة المكروه خاصة، فلا تقول: حاق به الخير، بمعنى: أحاط به(4).

    ولعلك تتأمل معي ـ أيها المستمع الكريم ـ في الحكمة من اتباع هذه القاعدة القرآنية بقوله ـ: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} ليتبين أن هذه القاعدة القرآنية مطردة، وفي ذلك من التحذير من مكر السوء ما فيه، لمن تدبر ووعى، كما سبق في ذكر الآيات الكريمة الدالة على ذلك.

    وإذا تقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإنه يدخل في هذه الآية كل مكرٍ سيء،يقول العلامة ابن عاشور: مبيناً علة اطراد وثبات هذه القاعدة {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}:

    "لأن أمثال هذه المعاملات الضارة تؤول إلى ارتفاع ثقة الناس بعضهم ببعض، والله بنى نظام هذا العالم على تعاون الناس بعضهم مع بعض؛ لأن الإنسان مدني بالطبع، فإذا لم يأمن أفراد الإنسان بعضهم بعضاً تنكر بعضهم لبعض، وتبادروا الإضرار والإهلاك؛ ليفوز كل واحد بكيد الآخر قبل أن يقع فيه؛ فيفضي ذلك إلى فساد كبير في العالم، والله لا يحب الفساد، ولا ضر عبيده إلا حيث تأذن شرائعه بشيء.

    وكم في هذا العالم من نواميس مغفول عنها، وقد قال الله _تعالى_: [وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ].

    وفي كتاب ابن المبارك في "الزهد" بسنده عن الزهري بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تمكر، ولا تُعن ماكراً فإن الله يقول: [ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله]".

    ومن كلام العرب: من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً!.

    فكم انهالت من خلال هذه الآية من آداب عمرانية، ومعجزات قرآنية، ومعجزات نبوية خفية"(5).

    أيها الممعن النظر:
    وإذا أردنا أن ننظر في آثار هذه القاعدة {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} على أهلها في الدنيا والآخرة، فلنتأمل هذه القصص التي ذكرها ربنا في كتابه عن أهل المكر بأوليائه والدعاة إلى سبيله، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره عن جملة من الأنبياء، نجد أمثلة أخرى لأتباعهم، نجاهم الله فيها من مكر الأعداء، ومن ذلك:
    ـ فهذا فرعون! كم كاد لبني إسرائيل لمّا آمنوا به! ومن جملتهم ذلك الرجل الذي عرف بـ"مؤمن آل فرعون" الذي قصّ الله خبره في سورة غافر! تأمل قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: 45، 46] فنجى الله المؤمن، وأما فرعون وجنوده فهم الآن، بل منذ ماتوا وهم يعذبون وإلى يوم القيامة.

    ـ وهذا الإمام البخاري: ـ صاحب الصحيح ـ كان كثير من أصحابه يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك! فيقول: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} [النساء 76] ويتلو أيضاً: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فاطر: 43]، فقال له أحد أصحابه: كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك ويتناولونك ويبهتونك؟
    فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"، وقال صلى الله عليه وسلم: (من دعا على ظالمه، فقد انتصر)(6).

    ـ وقد ذكر ابن القيم: أمثلةً تطبيقية وعملية من واقع الناس لهذه القاعدة: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} ـ في سياق حديثه عن المتحايلين على الأحكام الشرعية، كالمتحايلين على أكل الربا ببعض المعاملات، أو يحتالون على بعض الأنكحة، وأمثال هؤلاء، فقال:
    "فالمحتال بالباطل مُعَاملٌ بنقيض قصده شرعاً وقَدَرَاً، وقد شاهد الناس عيانا أنه من عاش بالمكر مات بالفقر، ولهذا عاقب الله ـ من احتال على إسقاط نصيب المساكين وقت الجداد بحرمانهم الثمرة كلها(7)، وعاقب من احتال على الصيد المحرم بأن مسخهم قردة وخنازير، وعاقب من احتال على أكل أموال الناس بالربا بأن يمحق ماله، كما قال تعالى: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} فلا بد أن يمحق مال المرابي ولو بلغ ما بلغ، وأصل هذا: أن الله سبحانه جعل عقوبات أصحاب الجرائم بضد ما قصدوا له بتلك الجرائم،... إلى أن قال:
    وهذا بابٌ واسعٌ جداً عظيمُ النفع، فمن تدبره يجده متضمناً لمعاقبة الرب سبحانه من خرج عن طاعته بأن يعكس عليه مقصوده شرعاً وقدراً، دنياً وأخرى، وقد اطردت سنته الكونية سبحانه في عباده بأن: من مكر بالباطل مكر به، ومن احتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خُدِعَ، قال الله تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم}، وقال تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}، فلا تجد ماكراً إلا وهو ممكورٌ به، ولا مخادعا إلا وهو مخدوع ولا محتالا إلا وهو محتال عليه" انتهى كلامه، وبه تنتهي هذه الوقفات المختصرات مع هذه القاعدة القرآنية الكريمة، ولم تنته بعد وقفاتنا التي نريدها مع بقية القواعد، فإلى لقاء قادم بإذن الله تعالى.







    ____________________


    (1) ينظر في تحديدهم: التحرير والتنوير 12/73 في تفسير ابن عاشور لهذه الآية.

    (2) التفسير الميسر (تفسير المجمع).

    (3) في ظلال القرآن 4/499.

    (4) ينظر: أضواء البيان 4/153.

    (5) التحرير والتنوير 22/335_336.

    (6) سير أعلام النبلاء (23 / 455).

    (7) يشير بذلك إلى قصة أصحاب الجنة في سورة القلم.





  2. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث

    رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.





    أما بعد :





    القرآن كلام الرحمن.

    القرآن تلاوته تَشرح صدر الإنسان.

    القرآن تدبُّر آياته يزيد الإيمان.

    القرآن تعلُّمه وتعليمه رِفعة للشأن.

    القرآن هدى يهدي القلوب، ونور يُنير الحياة.

    القرآن الكريم: كتاب الله المعجز المتعبَّد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر.

    القرآن للداء دواءٌ، وللمرض شفاء، وللقلب نقاء، وللرُّوح ارتقاء.

    القرآن رِفعة للدرجات، ورفيق في المُدْلهمَّات.

    القرآن ارتقاء رُوحي؛ لتسمو الروح في بحر الطمأنينة، وارتقاء فكري؛ ليَسبح العقل في التفكُّر والتأمُّل.

    القرآن شفاء لنفسٍ أنْهَكتها المعاصي والآثام، وشفاء لجسد أتعَبته الأمراض والآلام.

    القرآن بركة في العمر والأوقات، وزيادة في الأجر والحسنات.

    القرآن فيه القَصص النيِّرات، والمعجزات الخالدات.

    باختصار: القرآن منهج حياة.









    ][قــواعــد قرآنية..القاعدة التاسعة عشرة: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)][




    القاعدة التاسعة عشرة: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)



    د.عمر بن عبد الله المقبل












    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فحي هلا بكم في ملتقانا البديع: (قواعد قرآنية)، نعيش فيه مع قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب التعامل بين الخلق، الذين لا تخلو حياة كثير منهم من بغي عدوان، سواء على النفس أو على ما دونها، تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: 179].

    وهذه الآية القاعدة القرآنية العظيمة جاءت بعد قوله ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ثم قال تعالى ـ مبيناً هذه القاعدة العظيمة في باب الجنايات ـ {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة: 178، 179]، ولنا مع هذه القاعدة القرآنية المحكمة وقفات:

    الوقفة الأولى:
    إن من تأمل في واقع بلاد الدنيا عموماً ـ مسلمها وكافرها ـ فسيجد قلة القتل في البلاد التي يُقتلُ فيها القاتل ـ كما أشار إلى ذلك العلامة الشنقيطي: ـ وعلل ذلك بقوله: "لأن القصاص رادع عن جريمة القتل؛ كما ذكره الله في الآية المذكورة آنفاً، وما يزعمه أعداء الإسلام من أن القصاص غير مطابق للحكمة؛ لأن فيه إقلال عدد المجتمع بقتل إنسان ثان بعد أن مات الأول، وأنه ينبغي أن يعاقب بغير القتل فيحبس، وقد يولد له في الحبس فيزيد المجتمع، كله كلامٌ ساقط، عارٍ من الحكمة؛ لأن الحبس لا يردع الناس عن القتل، فإذا لم تكن العقوبة رادعةً فإن السفهاء يكثر منهم القتل، فيتضاعف نقص المجتمع بكثرة القتل" انتهى كلامه.



    الوقفة الثانية:
    مع قوله سبحانه وتعالى في هذه القاعدة القرآنية المحكمة {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}، ذلك أن "الحياة أعز شيء على الإنسان في الجبلة، فلا تعادل عقوبة القتل في الردع والانزجار، ومن حكمة ذلك: تطمين أولياء القتلى بأن القضاء ينتقم لهم ممن اعتدى على قتيلهم، قال تعالى: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً}[الإسراء:33] أي: لئلا يتصدى أولياء القتيل للانتقام من قاتل مولاهم بأنفسهم؛ لأن ذلك يفضي إلى صورة الحرب بين رهطين فيكثر فيه إتلاف الأنفس"(1).

    الوقفة الثالثة:
    مع تنكير كلمة (حياة) في هذه القاعدة القرآنية {ولكم في القصاص حياة}.

    فهذا التنكير "للتعظيم، أي: في القصاص حياة لنفوسكم؛ فإن فيه ارتداعُ الناس عن قتل النفوس، فلو أهمل حكم القصاص لما ارتدع الناس؛ لأن أشد ما تتوقاه نفوس البشر من الحوادث هو الموت، فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت لأقدم على القتل مستخفاً بالعقوبات كما قال سعد بن ناشب لما أصاب دماً وهربَ فعاقبه أمير البصرة بهدم داره بها:
    سأغسلُ عني العار بالسيف جالباً *** عليَّ قضاء الله ما كان جالبا

    وأذهل عن داري، وأجعل هدمها *** لعرضيَ من باقي المذمة حاجبا

    ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت *** يميني بإدراكك الذي كنت طالبا
    ولو ترك الأمر للأخذ بالثأر ـ كما كان عليهفي الجاهلية ـ لأفرطوا في القتل وتسلسل الأمر كما تقدم، فكان في مشروعية القصاص حياة عظيمة من الجانبين"(2).

    الوقفة الرابعة مع هذه القاعدة القرآنية {ولكم في القصاص حياة}:
    هي مع ختم هذه القاعدة بقوله تعالى: {يا أولي الألباب} ففي ذلك "تنبيه على التأمل في حكمة القصاص؛ ففي توجيه النداء إلى أصحاب العقول إشارة إلى أن حكمة القصاص لا يدركها إلا أهل النظر الصحيح؛ إذ هو في بادئ الرأي كأنه عقوبة بمثل الجناية؛ لأن في القصاص رزية ثانية لكنه عند التأمل هو حياة لا رزية للوجهين المتقدمين.

    ثم قال: {لعلكم تتقون} إكمالا للعلة، أي لأجل أن تتقوا، فلا تتجاوزوا في أخذ الثأر حد العدل والإنصاف"(3).

    الوقفة الخامسة مع هذه القاعدة القرآنية {ولكم في القصاص حياة}:
    أن هذه القاعدة العظيمة من جوامع الكلام وبليغِه، فاق ما كان سائراً مسرى المثل عند بعض المتأخرين(4) وهو قولهم: (القتل أنفى للقتل).

    وقد اشتغل جمع من البلاغيّين في تحليل هذه القاعدة القرآنية {ولكم في القصاص حياة} للبحث عن مواطن إيجازها المتقَن، ومقارنتِها بالمثل المشهور الذي تكرر وتردد على ألسنة كثير من الأدباء، والكُتاب والصحفيينن ذلكم هو قول العرب: (القتلُ أنفى للقتل) فزعم بعضهم أنها أفصح من هذه القاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها {في القصاص حياة}،

    وقبل بيان المقارنة يحسن إيراد كلمة محررة ومتينة لأبي بكرٍ الباقلاني: حيث يقول كلاماً، هو كالقاعدة في بين حال من يريد أن يقارن بين كلام الله وكلام خلقه:

    "فإن اشتبه على متأدب أو متشاعر أو ناشئ أو مُرْمَدٍ(5) فصاحة القرآن، وموقع بلاغته وعجيب براعته فما عليك منه! إنما يخبر عن نفسه، ويدل على عجزه، ويبين عن جهله، ويصرح بسخافة فهمه وركاكة عقله" (6)!

    أيها الإخوة:
    وبالمقارنة بين ما نحن بصدده من هذه القاعدة القرآنية: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وبين ذلك المثل: "الْقَتْلُ أنْفَى لِلْقَتل" ظهر ما يلي:

    (1) إنّ حروف القاعدة القرآنية: {فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} أقل عدداً من عبارة العرب: "الْقَتْلُ أنْفَى للقتل".

    (2) القاعدة القرآنية ذكرت "الْقِصَاصَ" ولم تقل القتل، فشملت كلَّ ما تُقَابَلُ به الجناية على الأنفس فما دون الأنفس من عقوبة مُمَاثلة، وحدّدَتِ الأمر بأنْ يكون عقوبة وجزاء لخطأ سابق، لا مجرد عدوان، وهذا عين العدل.

    أمّا عبارة العرب فقد ذكرت القتل فقط، ولم تقيّده بأن يكون عقوبة، ولم تُشِرْ إلى مبدأ العدل، فهي قاصرة وناقصة.

    (3) القاعدة القرآنية {في القصاص حياة} نصَّتْ على ثبوت الحياة بتقرير حكم القصاص، أما المثل العربي فذكر نَفْي القتل، وهو لا يَدُلُّ على المعنى الذي يَدُلُّ عليه لفظ "حياة".

    (4) القاعدة القرآنية خالية من عيب التكرار، بخلاف المثل العربي الذي تكررت فيه كلمة القتل مرتين في جملة قصيرة.

    (5) القاعدة القرآنية صريحة في دلالتها على معانيها، مستغنية بكلماتها عن تقدير محذوفات، بخلاف عبارة "العرب" فهي تحتاج إلى عدّة تقديراتٍ حتى يَستقيم معناها، إذْ لا بُدَّ فيها من ثلاثة تقديرات، وهي كما يلي: "القتلُ" قصَاصاً "أنْفَى من تركه "لِلقَتْلِ" عمْداً وعدواناً.

    (6) في القاعدة القرآنية سَلاَسة، لاشتمالها على حروف متلائمة سهلة التتابع في النطق، أمّا العبارة "العرب" ففيها تكرير حرف القاف المتحرِّك بين ساكنين، وفي هذا ثقل على الناطق (7).

    وبعد فإن لهذه المقارنة البلاغية الموجزة قصةً أختم بها حديثي في هذه القاعدة القرآنية، وهي أن العلامو محمود شاكر: قرأ مقالةً لأحد الصحفيين يقرر فيها أن عبارة "القتل أنفى للقتل" أبلغ من هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {ولكم في القصاص حياة}، فضاق صدر الشيخ محمود شاكر جداً، ووصف هذه الكلمة بأنها كافرة، فكتب ـ وقتها ـ إلى الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي يستحثه على الجواب عن هذه الدعوى المزيفة، يقول الشيخ محمود شاكر:: "غلى الدم في رأسي حين رأيت الكاتب يلج في تفضيل قول العرب: "القتل أنفى للقتل" على قول الله -تعالى- في كتابه الحكيم: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]، فذكرت هذه الآية القائلة: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121]... ففي عنقك أمانة المسلمين جميعًا لتكتبن في الرد على هذه الكلمة الكافرة لإظهار وجه الإعجاز في الآية الكريمة، وأين يكون موقع الكلمة الجاهلية منها؛ فإن هذه زندقة إن تركت تأخذ مأخذها في الناس؛ جعلت البر فاجرًا، وزادت الفاجر فجورًا، هم ذئاب الزندقة الأدبية التي جعلت همها أن تلغ ولوغها في البيان القرآني... الخ كلامه".

    فلما بلغ هذا الكلام الأديب الرافعي غضب غضبة مضرية، وانبرى للرد على هذه الكلمة الآثمة في بضع صفحات من كتابه الرائع "وحي القلم"، لخصنا شيئاً منها فيما ذكرته آنفاً، فجزاه الله خيراً، وغفر له، وإلى هنا ينتهي ما أردتُ بيانه حول هذه القاعدة القرآنية الكريمة: {ولكم في القصاص حياة} وإلى لقاء جديد بإذن الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.








    ____________________


    (1) التحرير والتنوير (2 / 192).

    (2) التحرير والتنوير 2/200.

    (3) التحرير والتنوير 2/200، بتصرف واختصار.

    (4) ينظر في بيان كون هذا المثل منقولاً ومترجماً: وحي القلم 3/407 - 410.

    (5) أي من في عينيه رمدٌ، إشارة إلى عماه عن إبصار الحقيقة.

    (6) نقلها الرافعي في وحي القلم: (3/399).

    (7) ينظر ـ في بيان أوجه إعجاز هذه الآية الكريمة ـ: وحي القلم للرافعي 3/402 – 409، والبلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها (492) للميداني.






  3.  

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث

    رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.

     

     

    أما بعد :

     

     

    القرآن كلام الرحمن.

    القرآن تلاوته تَشرح صدر الإنسان.

    القرآن تدبُّر آياته يزيد الإيمان.

    القرآن تعلُّمه وتعليمه رِفعة للشأن.

    القرآن هدى يهدي القلوب، ونور يُنير الحياة.

    القرآن الكريم: كتاب الله المعجز المتعبَّد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر.

    القرآن للداء دواءٌ، وللمرض شفاء، وللقلب نقاء، وللرُّوح ارتقاء.

    القرآن رِفعة للدرجات، ورفيق في المُدْلهمَّات.

    القرآن ارتقاء رُوحي؛ لتسمو الروح في بحر الطمأنينة، وارتقاء فكري؛ ليَسبح العقل في التفكُّر والتأمُّل.

    القرآن شفاء لنفسٍ أنْهَكتها المعاصي والآثام، وشفاء لجسد أتعَبته الأمراض والآلام.

    القرآن بركة في العمر والأوقات، وزيادة في الأجر والحسنات.

    القرآن فيه القَصص النيِّرات، والمعجزات الخالدات.

    باختصار: القرآن منهج حياة.

     

     





     

     

     

    [size=5]][قــواعــد قرآنية..القاعدة العشرون: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)][



    القاعدة العشرون: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)



    د.عمر بن عبد الله المقبل[/size]








     



     

     

     


     


    [size=4]الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:[/size]

    [size=4]فهذا حديث متجدد عن قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب العدل والجزاء، ولتدبرها أثرٌ في فهم المؤمن لما يراه أو يقرأه في كتب التاريخ، أو كتاب الواقع من تقلبات الزمن والدهر بأهله، سواء على مستوى الأفراد أم الجماعات، إنها القاعدة القرآنية التي دل عليها قوله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18].

    ولعل إيراد الآية الكاملة التي ذكرت فيها هذه القاعدة مما يجلي لنا أبرز صور الإهانة التي تنزل الإنسان من عليائه، يقول سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18].

    فهل أدركتَ معي ـ أخي ـ وأنت تستمع لهذه الآية الكريمة أن أعلى وأبهى وأجلى صور كرامة العبد أن يوحّد ربه، وأن يفرده بالعبادة، وأن يترجم ذلك بالسجود لربه، والتذللِ بين يدي مولاه، وخالقِه ورازقه، ومَنْ أمرُ سعادتِه ونجاته وفلاحِه بيده سبحانه وتعالى، يفعلُ ذلك اعترافاً بحق الله، ورجاءً لفضله، وخوفاً من عقابه؟!

    وهل أدركتَ ـ أيضاً ـ أن غاية الهوان والذلّ، والسفول والضعة أن يستنكف العبد عن السجود لربه، أو يشرك مع خالقه إلهاً آخر؟! وتكون الجبال الصم، والشجر، والدواب البُهمُ، خيراً منه حين سجدت لخالقها ومعبودها الحق؟!

    أيها الإخوة:
    وإذا تبيّن هذا فإن هذه القاعدة القرآنية الكريمة: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} جاءت في سياق بيان من هم الذين يستحقون العذاب؟ إنهم الذين أذلوا أنفسهم بالإشراك بربهم، فأذلهم الله بالعذاب، كما قال سبحانه وتعالى: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} فلا يجدون حينها من يكرمهم بالنصر، أو بالشفاعة!

    وتأمل ـ أيها المبارك ـ كيف جاء التعبير عن هذا العذاب بقوله: {ومن يهن الله} ولم يأت بـ(ومن يعذل الله) وذلك ـ والله أعلم ـ "لأن الإهانة إذلالٌ وتحقيرٌ وخزيٌ، وذلك قدرٌ زائدٌ على ألم العذاب، فقد يعذب الرجل الكريم ولا يهان" (1).

    ثم تأمل كيف جاء التعبير عن ضد ذلك بقوله: (فما له من مكرم) فإن لفظ "الكرم لفظ جامع للمحاسن والمحامد، لا يراد به مجرد الإعطاء، بل الإعطاء من تمام معناه، فإن الإحسان إلى الغير تمام المحاسن، والكرم كثرة الخير ويسرته،... والشيء الحسن المحمود يوصف بالكرم، قال تعالى: {أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} [الشعراء: 7]، قال ابن قتيبة: من كل جنس حسن، والقرآن قد دل على أن الناس فيهم كريم على الله يكرمه، وفيهم من يهينه، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13]، وقال تعالى: {ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء} [الحج:18] (2)

    أيها القارئ الكريم:
    وإذا كان الشرك بالله هو أعظم صورةٍ يذل بها العبد نفسه، ويدسها في دركات الهوان، فإن ثمةَ صوراً أخرى ـ وإن كانت دون الشرك ـ إلا أن أثرها في هوان العبد وذله ظاهر بيّن: إنه ذل المعصية، وهوان العبد بسببها، يقول ابن القيم: موضحاًً شيئاً من معاني هذه القاعدة القرآنية المحكمة {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} وهو يتحدث عن شيء من شؤم المعاصي، وآثارها السيئة:
    "ومنها: أن المعصية سببٌ لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم!.
    وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}! وإنْ عَظّمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفاً من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه...
    إلى أن قال: وهو يتحدث عن بعض عقوبات المعاصي:
    "أن يرفع الله عز وجل مهابته من قلوب الخلق، ويهون عليهم، ويستخفون به، كما هان عليه أمر الله، واستخف به، فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الناس، وعلى قدر تعظيمه الله وحرماته يعظم الناس حرماته! وكيف ينتهك عبدٌ حرمات الله ويطمع أن لا ينهك الناس حرماته؟! أم كيف يهون عليه حق الله ولا يهونه الله على الناس؟! أم كيف يستخف بمعاصي الله ولا يستخف به الخلق؟!

    وقد أشار سبحانه إلى هذا ـ في كتابه ـ عند ذكر عقوبات الذنوب، وأنه أركس أربابها بما كسبوا، وغطي على قلوبهم، وطبع عليها بذنوبهم، وأنه نسيهم كما نسوه، وأهانهم كما أهانوا دينه، وضيعهم كما ضيعوا أمره، ولهذا قال تعالى ـ في آية سجود المخلوقات له ـ: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} فإنهم لما هان عليهم السجود له، واستخفوا به، ولم يفعلوه أهانهم، فلم يكن لهم من مكرم بعد أن أهانهم، ومن ذا يكرم من أهانه الله أو يهن من أكرم... إلى أن قال:: ومن عقوباتها: أنها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذم والصغار، فتسلبه اسم المؤمن والبر والمحسن والمتقي والمطيع... ونحوها، وتكسوه اسم الفاجر والعاصي والمخالف والمسيء...، وأمثالها فهذه أسماء الفسوق وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان التي توجب غضب الديان، ودخول النيران، وعيش الخزي والهوان، وتلك أسماء توجب رضى الرحمان، ودخول الجنان، وتوجب شرف المتسمي بها على سائر أنواع الإنسان، فلو لم يكن في عقوبة المعصية إلا استحقاق تلك الأسماء وموجباتها لكان في العقل ناهٍ عنها، ولو لم يكن في ثواب الطاعة إلا الفوز بتلك الأسماء وموجباتها؛ لكان في العقل أمرٌ بها ولكن لا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع، ولا مقرب لمن باعد، ولا مبعد لمن قرب، ومن يهن الله فماله من مكرم، إن الله يفعل ما يشاء"(3) انتهى كلامه.

    معشر القراء الكرام:
    وفي كلمة ابن القيم الآنفة: "ومن ذا يكرم من أهانه الله، أو يهنْ من أكرم؟" إشارة إلى معنى يفهم من هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} وهو أن من أكرمه ربه بطاعته، والانقيادِ لشرعه ظاهراً وباطناً، فهو الأعز الأكرم، وإن خاله المنافقون أو الكفار الأمر على خلاف ذلك، كما قال من طمس الله على بصائرهم من المنافقين وأشباههم: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[المنافقون: 8] إي والله.. لا يعلمون من هم أهل العزة حقاً!

    ألم يقل الله: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين} [آل عمران: 139]؟!
    وكيف يشعر المؤمن بالهوان وسنده أعلى؟! ومنهجه أعلى؟! ودوره أعلى؟ وقدوته ج أعلى وأسمى؟!
    فهل يعي ويدرك أهل الإيمان أنهم الأعزة حقاً متى ما قاموا بما أوجب الله عليهم؟

    وأختم حديثي عن هذه القاعدة القرآنية المحكمة {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}،بكلمة رائعة لشيخ الإسلام ابن تيمية: حيث يقول:
    "الكرامة في لزوم الاستقامة، واللهُ تعالى لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه وهو طاعته وطاعة رسوله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وهؤلاء هم أولياء الله الذين قال الله فيهم: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}" (4)، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم منهم، وأن يكرمنا وإياكم بطاعته، ولا يذلنا ويهيننا بمعصيته، وإلى لقاء جديد بإذن الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    [/size]

     








    ____________________

     



     

     

    [size=4](1) مجموع الفتاوى 15/367.
    (2) مجموع الفتاوى 16/295.
    (3) الجواب الكافي: (38 – 52) باختصار.
    (4) التحفة العراقية في الأعمال القلبية: (12).
    [/size]

  4. بِسْمِ الله الرَحْمَانِ الرَحِيمِ وَالصَلاة والسلاَمْ عَلَى أَشْرَفِ المرْسَلِينْ ،،، {}

    { قَبْلَ البَـدأْ بِالْكَـلاَمْ صَلـوا مَعَنَا عَلَى رَسولِ الله سَيِدِنَـا محمد }

    { صَلَـوَاتِ الله وَسـَلاَمه عَلَيْـهِ وَعَلَى آلـهِ وَصَحْبِـهِ أَجْمَعِينْ وَمَنْ تَبِعَـه بِإِحْسَـان إِلَى يَـوْمِ الدِيــن }

    { يا ألف أهلا وسهلا بأعضاء منتدانا الأفاضل منورينـ،ـ// ،،، {}

    السلام عليكم و رحة الله تعالى و بركاته،

    ألف أهلا وسهل بكافة زوار موضوعي الكرام ،

    منورين شباب ، وإن شاء الله يفيدكــم الموضوع ،

    ولا تنسونا بردودكم وإنتقاداتكم ،

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقاصد سورة الفاتحة


    تعريف بالسورة

    سورة الفاتحة هي أول سور القرآن ترتيباً لا تنزيلاً. وهي سورة مكية، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروي عن عطاء بن يسار وغيره أنها مدنية، ورُوي أنها نزلت مرة بمكة حين فُرضت الصلاة، وبالمدينة أخرى حين حُوِّلت القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام.

    والإجماع على أنها سبع آيات، إلا ما شذ فيه من لا يُعتبر خلافه. فعدَّ الجمهور المكيون والكوفيون {بسم الله الرحمن الرحيم} آية، ولم يعدوا {أنعمت عليهم}، وسائر العادِّين -ومنهم كثير من قراء مكة والكوفة- لم يعدوها آية، وعدوا {صراط الذين أنعمت عليهم} آية، قال ابن عطية: وقول الله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} (الحجر:87) هو الفصل في ذلك.

    أسماء السورة

    ذكر المفسرون أسماء عديدة لسورة الفاتحة، منها: الحمد، وفاتحة الكتاب، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والواقية، والكافية، والشفاء، والشافية، والرقية، والواجبة، والكنز، والدعاء، والأساس، والنور، وسورة الصلاة، وسورة تعليم المسألة، وسورة المناجاة، وسورة التفويض. وكل هذه التسميات دالة على معنى واحد، وهو أنها تضمنت مقاصد القرآن كله، فهي أساسه.

    وهذه التسميات ثبت بعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وورد بعضها عن السلف.

    وذكروا أسباباً لبعض هذه التسميات، فقالوا:

    قال البخاري: سميت أم الكتاب؛ لأنها يُبدأ بكتابتها في المصحف، وبقراءتها في الصلاة. وقال أبو السعود: سميت أم الكتاب لكونها أصلاً لكل الكائنات.

    وقال ابن تيمية: سميت الواجبة؛ لأنها تجب في الصلوات، لا صلاة إلا بها. وسميت الكافية؛ لأنها تكفي من غيرها، ولا يكفى غيرها عنها.

    قالوا: سميت بـ (المثاني)؛ لأنها تثنى في كل ركعة. وقيل: سميت بذلك؛ لأنها استثنيت لهذه الأمة، فلم تنزل على أحد قبلها؛ ذخراً لها.

    وسميت أمَّ القرآن؛ لكونها أصلاً ومنشأً له، إما لمبدئيتها له، وإما لاشتمالها على ما فيه من الثناء على الله عز وجل، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان وعده ووعيده. وقال البقاعي: سميت أمَّ القرآن؛ لأن القرآن جميعه مفصل من مجملها.

    قالوا: وسميت سورة الحمد؛ لأنه سبحانه افتتحها بحمده، فقال: {الحمد لله رب العالمين}، و(حمدُه) جل وعلا هو الذي تدور عليه السورة.

    قال المفسرون: سميت سورة الشكر، والدعاء، وتعليم المسألة؛ لاشتمالها عليها. وسميت الشافية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء) رواه الدارمي.

    وسميت سورة (الصلاة) لقول الله تعالى في الحديث القدسي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) الحديث، رواه مسلم.

    أحاديث في فضل السورة

    وقد ورد في فضل سورة الفاتحة بعض الأحاديث، منها، ما رواه البخاري عن سعيد بن المعلى، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن.؟ قال: {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).

    ومنها، ما رواه مسلم في "صحيحه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فُتح اليوم، ولم يُفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، ولم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته).

    ومنها، ما رواه مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال : {الرحمن الرحيم} قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين}، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل).

    ومنها، ما رواه الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أربع آيات نزلن من كنز تحت العرش، لم ينزل منهن شيء غيرهن، أم الكتاب، فإنه يقول: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} (الزخرف:4)، وآية الكرسي، وسورة البقرة، والكوثر).

    ومنها، ما جاء في حديث آخر عند الطبراني، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (وأعطيت فاتحة الكتاب، وخواتيم البقرة من كنز تحت العرش).

    مقاصد السورة وأهدافها

    قال البقاعي ما حاصله: إن سورة الفاتحة جامعة لجميع ما في القرآن؛ فالآيات الثلاث الأُول شاملة لكل معنى تضمنته الأسماء الحسنى والصفات العلى، فكل ما في القرآن من ذلك فهو مفصل من جوامعها، والآيات الثلاث الأُخر من قوله: {اهدنا} شاملة لكل ما يحيط بأمر الخلق في الوصول إلى الله، والتحيز إلى رحمته، والانقطاع دون ذلك، فكل ما في القرآن فمن تفصيل جوامع هذه، وكل ما يكون وصلة بين ما ظاهره من الخلق ومبدؤه وقيامه من الحق فمفصل من آية {إياك نعبد وإياك نستعين}.

    وذكر ابن القيم في مقدمة كتابه "مدارج السالكين" أن هذه السورة اشتملت على الرد على جميع طوائف أهل البدع والضلال، كما بينت منازل السائرين، ومقامات العارفين...وبيان أنه لا يقوم غير هذه السورة مقامها، ولا يسد مسدها؛ ولذلك لم ينزل في التوراة، ولا في الإنجيل مثلها.

    وهذه السورة على إيجازها -كما قال الشيخ السعدي- احتوت على ما لم تحتوِ عليه سورة من سور القرآن، فقد تضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، يؤخذ من قوله: {رب العالمين}. وتوحيد الإلوهية، وهو إفراد الله بالعبادة، يؤخذ من لفظ: {اللَّه}، ومن قوله: {إياك نعبد}.

    وتوحيد الأسماء والصفات، وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى، التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل، ولا تمثيل، ولا تشبيه، وقد دل على ذلك لفظ {الحمد}.

    وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله: {مالك يوم الدين}، وأن الجزاء يكون بالعدل؛ لأن {الدين} معناه الجزاء بالعدل.

    وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى، عبادة واستعانة في قوله: {إياك نعبد وإياك نستعين}.

    وتضمنت إثبات النبوة في قوله: {اهدنا الصراط المستقيم}؛ لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.

    وتضمنت إثبات القدر، وأن العبد فاعل حقيقة، خلافا للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله: {اهدنا الصراط المستقيم}؛ لأنه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك.

    أما سيد قطب رحمه الله، فقد قال: "إن في هذه السورة من كليات العقيدة الإسلامية، وكليات التصور الإسلامي، وكليات المشاعر والتوجيهات، ما يشير إلى طرف من حكمة اختيارها للتكرار في كل ركعة، وحكمة بطلان كل صلاة لا تُذكر فيها".

    وقد قال بعض أهل العلم: أنزل الله تعالى كتباً، وجمع هذه الكتب كلها في ثلاثة، هي: (الزبور، والتوراة، والإنجيل)، ثم جمع هذه الثلاثة في القرآن، وجمع القرآن في الفاتحة، وجمعت الفاتحة في {إياك نعبد وإياك نستعين}.

    وعلى العموم، فقد حوت سورة الفاتحة معاني القرآن العظيم، واشتملت على مقاصده الأساسية، فهي تتناول أصول الدين وفروعه، العقيدة، والعبادة، والتشريع، والاعتقاد باليوم الآخر، والإيمان بصفات الله الحسنى، وإفراده بالعبادة، والاستعانة، والدعاء والتوجه إليه سبحانه بطلب الهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم، والتضرع إليه بالتثبيت على الإيمان، ونهج سبيل الصالحين، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين، وفيها الإخبار عن قصص الأمم السابقين، والاطلاع على معارج السعداء، ومنازل الأشقياء، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه، وغير ذلك من مقاصد وأهداف، فهي كالأم

    بالنسبة لباقي السور الكريمة



  5. الحمدُ لله الذي انْعم علينا بالإسلام، وَ رزقـنَـا هذه الهداية بعد الجهْل والضَـلال، وصلّى الله على سيّدنا محمّد الهادي البشير، وَ السّراج المنـير،

    وعلى آله وصحْبه، ومَنْ تَبعه إلى يوْمِ الدين ..

    وبـعْـد ..

    السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و برَكاته

    أخوتي و أخَواتي في الله
    أتمنى مِنْ الله عز و جل أن تكونوا جميعاً بأفضل حال
    منهج السياق القرآني
    موقع إسلام ويب

    جاء في كتب الصحاح أن مروان بن الحكم - الخليفة الأموي - أشكل عليه قوله - تعالى -: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم) (آل عمران: 188)، فقال لبوابه: اذهب إلى ابن عباس، فقل: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً، لنعذبن أجمعون! فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: وما لكم ولهذه، إنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يهود فسألهم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم.

    هذا الخبر الثابت يدلنا على أهمية معرفة منهج السياق لفهم نصوص القرآن الكريم، فما هو هذا المنهج، وما أنواعه، وما موقف المفسرين منه، ثم أخيراً لا آخراً ما هي الثمرة المرجوة منه؟

    و(السياق) من حيث المدلول العام، يُقصد به: الإطار العام الذي تنتظم فيه عناصر النص، ووحدته اللغوية، ومقياس تتصل بوساطته الجُمل فيما بينها وتترابط، بحيث يؤدي مجموع ذلك إلى إيصال معنى معيَّن، أو فكرة محددة لقارئ النص.

    وإن شئت قل: (السياق) هو الصورة الكلية التي تنتظم الصور الجزئية، ولا يفهم كل جزء إلا بحسب موقعه من الكل؛ وقد أثبت العلم أن الصورة الكلية تتكون من مجموعة كبيرة من الجزئيات المتشابهة أو المتباينة، تدخل كلها في تركيب الصورة.

    ونوضح ذلك بمثال محسوس، فنقول: إن الإنسان إذا دخل مدينة ما لأول مرة لا يمكنه أن يشكل تصوراً كلياً عن تلك المدينة إلا بعد أن يكون قد تعرف على أجزاء غير قليلة منها، ووقف على أهم معالمها، وأن يكون كذلك قد خبر عادات أهلها، فعندئذ يستطيع أن يطلق حكماً أو تصوراً عن تلك المدينة، أما قبل ذلك فإنه لو فعل لكان ناطقاً بما لا يعلم.

    ثم إن اعتبار (السياق) منهج عام، اعتمد عليه المفسرون في تفسيرهم لكتاب الله العزيز، ووظفوه في فهم دلالات ألفاظ القرآن الكريم، وإن لم يلتزموه دائماً. وقد تجلى اعتماد المنهج السياقي أكثر ما تجلى في تفسير القرآن بالقرآن.

    ولما كانت دلالة السياق من أهم القرائن التي تدل على مراد المتكلم، وإثبات المعنى المراد دون غيره، فإن المفسرين اهتموا بمنهج السياق، واعتبروا كل قول لا يؤيده السياق لا عبرة به، ولا يعول عليه.

    فأنت إذا رجعت إلى كتب التفسير، وجدت المفسرين يقولون: " وهذا أحسن وأقوى؛ لأن السياق..."، ويقولون: " ولكن السياق أدلُّ على المعنى "، ويقولون: " وتركيب السياق يأبى ذلك "، ويقولون: " فإن السياق يقتضي.. "، ويقولون: " لا نأباه إذا صلح له السياق "، ويقولون: " وهو الذي يؤذن به السياق "، وأخيراً لا آخراً يقولون: " وهو بعيد عن السياق "، إلى آخر عباراتهم.

    ولا بأس في هذا المقام أن نسوق كلاماً للشاطبي يبين أهمية معرفة السياق، واعتماد منهج السياق لفهم مقصود الكلام عموماً، ومقصود القرآن خصوصاً، يقول الشاطبي: " المساقات تختلف باختلاف الأحوال والأوقات والنوازل... فالذي يكون على بال من المستمع والمتفهم والالتفات إلى أول الكلام وآخره، بحسب القضية وما اقتضاه الحال فيها، لا يُنظر في أولها دون آخرها، ولا في آخرها دون أولها، فإن القضية وإن اشتملت على جُمل، فبعضها متعلق بالبعض؛ لأنها قضية واحدة نازلة في شيء واحد، فلا محيص للمتفهم عن رد آخر الكلام على أوله، وأوله على آخره، وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف، فإن فرَّق النظر في أجزائه، فلا يتوصل به إلى مراده، فلا يصح الاقتصار في النظر على بعض أجزاء الكلام دون بعض ".

    فإذا تبين معنى (السياق) وأهميته لفهم الكلام، وموقف العلماء منه، كان لا بد من الانتباه إلى أن السياقات على أنواع عديدة، ونحن نقصر الحديث على تلك الأنواع التي تتعلق بالسياق القرآني، الذي هو مجال حديثنا، فنقول: إن السياقات القرآنية؛ إما أن تكون سياقات مكانية، أو سياقات زمانية، أو سياقات تاريخية، أو سياقات موضوعية، أو سياقات مقاصدية، أو سياقات لغوية، وإليك التفصيل مع التمثيل:

    السياق المكاني: يقصد بالسياق المكاني في القرآن: إما علاقة السورة القرآنية بما قبلها من السور وبما بعدها، أو علاقة الآية الواحدة ضمن السورة بما قبلها وبما بعدها من الآيات، والعلماء يطلقون على هذا النوع من السياق اسم (المناسبات)، ولهم فيه بعض المؤلفات، وقد يتعرض إليه المفسرون في أثناء تفسيرهم للقرآن الكريم؛ فتجدهم يقولون: " مناسبة الآيات لما قبلها.. "، ويقولون: " ووجه مناسبتها للسورة التي قبلها.. "، ويقولون: " فإن مناسبتها لما معها من الآيات.. "، ونحو هذا غير قليل.

    السياق الزماني: يُقصد بالسياق الزماني معرفة ما نزل من القرآن أولاً، وما نزل آخراً، وتفيد معرفة ذلك عند التعارض بين بعض الآيات، فيحكم ما نزل آخرًا على ما نزل أولاً؛ فمثلاً قوله - تعالى -: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم) (البقرة: 240)، فلا يمكن معرفة المقصود من هذه الآية إلا بعد معرفة وقت نزولها، وأنها سابقة في النزول لقوله - تعالى -: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير) (البقرة: 234)؛ قال ابن العربي: " المتوفى عنها زوجها كانت بالخيار بين أن تخرج من بيتها وبين أن تبقى بآية الإخراج، ثم نسخها الله - تعالى - بالآية التي فيها التربص، ثم أكد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".

    وكذلك قوله - تعالى -: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) (النساء: 15)، فهذه الآية لا يمكن بيان المقصود منها إلا إذا عرفنا ما نزل بعدها من آيات، كقوله - تعالى -: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) (النور: 2)، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنزل الله - سبحانه - بعد ذلك (الزانية والزاني)، فمن كان محصناً رُجم، ومن كان بكراً جُلد. قال ابن كثير بعد أن ساق قول ابن عباس: " وكذا روي عن عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وعطاء... أنها منسوخة، وهو أمر متفق عليه ". وقل مثل ذلك في غير ذلك من الآيات المتقدمة والمتأخرة في النـزول.

    السياق التاريخي: وهذا ما يُعرف عند علماء التفسير بأسباب النـزول، ومعرفته أمر مهم للمفسر، وتتوقف على معرفته فهم الآيات، وما ينبني عليها من أحكام؛ فمثلاً قوله - تعالى -: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (البقرة: 195)، لا يمكن أن نفهم منه التقاعد والتقاعس عن واجب الجهاد، وعدم اقتحام ميادين القتال، فهذا فهم غير مراد من الآية، بل ينبغي أن نفهم هذا الخطاب القرآني على ضوء سبب النزول الذي نزلت الآية بسببه؛ وإنما المعنى كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ليس التهلكة أن يقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله.

    يوضح هذا المعنى، ما رواه الطبري عن المغيرة - رضي الله عنه -، قال: بعث عمر - رضي الله عنه - جيشاً، فحاصروا أهل حصن، وتقدم رجل فقاتل فقُتل، فأكثر الناس الكلام فيه، يقولون: ألقى بيده إلى التهلكة! قال: فبلغ ذلك عمر - رضي الله عنه -، فقال: كذبوا! أليس الله - عز وجل - يقول: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) (البقرة: 207).

    وأيضاً قوله - تعالى -: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) (التغابن: 14)، لا ينبغي أن يفهم من هذه الآية كراهة الأزواج الأولاد والبعد عنهم، وإنما ينبغي أن تفهم على ضوء سبب النـزول الذي وردت فيه؛ وهو أن أناساً من قبائل العرب كان يسلم الرجل أو النفر من الحي، فيخرجون من عشائرهم، ويدعون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم، فيناشدونهم الله أن لا يفارقوهم، ولا يؤثروا عليهم غيرهم، فمنهم من يرق ويرجع إليهم، ومنهم من يمضي حتى يلحق بنبي الله - صلى الله عليه وسلم -. فنـزلت الآية لتخبر أن الأزواج والأولاد بقدر ما هم نعمة من الله يمنُّ بها على الإنسان، فهم في الوقت نفسه امتحان واختبار له؛ ليُعلم أيضحي بدينه لأجلهم، أم يضحي بهم لأجل دينهم في حال استدعى الأمر منه التضحية.

    السياق الموضوعي: يُقصد به دراسة الآية أو الآيات بحسب الموضوع الذي تندرج تحته، كآيات الجهاد مثلاً، وآيات النفاق، وآيات الدعوة، وآيات الموالاة، ونحو ذلك من الآيات التي ينظمها موضوع واحد؛ فمثلاً حكم شرب الخمر لا يمكن أن نأخذه من قوله - تعالى -: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) (البقرة: 219)، ولا من قوله - سبحانه -: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) (النساء: 43)، وإنما لا بد أن نضع هاتين الآيتين إلى جانب قوله - تعالى -: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) (المائدة: 90)، ليتبين لنا حكم شرب الخمر، وانه حرام يجب اجتنابه، وعدم قربانه.

    واعتباراً لهذا النوع من السياقات، ظهر ما يسمى بالتفسير الموضوعي للقرآن، فقد أُلفت بعض التفاسير المعاصرة التي تنطلق في تفسيرها للقرآن الكريم، من خلال تفسير كل موضوع على حده، فيتم تجميع الآيات ذات الموضوع الواحد تحت وحدة موضوعية واحدة، ويُربط أجزاؤها بعضها ببعض، ليستخرج منها المفسر فهماً عاماً لمجموعها.

    السياق المقصدي: يُقصد بالسياق المقصدي النظر إلى الآية القرآنية من خلال مقاصد القرآن الكلية، وعلى ضوء الرؤية القرآنية للموضوع المعالَج.

    فمثلاً قوله - تعالى -: (لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) (آل عمران: 130)، لا يمكن أن نفهم هذا النص فهماً صحيحاً إلا إذا نظرنا إليه على ضوء موقف القرآن عموماً من الربا، وإلا لأدى بنا الأمر إلى القول بجواز أكل الربا القليل، كما ذهب إلى القول بذلك بعض المعاصرين.

    وأيضاً فإن الآيات الدالة على قتال المشركين لدخولهم في الإسلام، لا يمكن أن تفهم إلا على ضوء النصوص الأخرى الداعية إلى الدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن.

    السياق اللغوي: ويقصد به قراءة النص وفهمه على ضوء علاقات ألفاظه بعضها ببعض، وخير مثال هنا لبيان المقصود من السياق اللغوي الألفاظ المشتركة الدلالة، فإن تلك الألفاظ لا يمكن تحديد معناها المقصود إلا من خلال السياق الذي وردت فيه؛ فمثلاً لفظ (الأمة) في قوله - تعالى -: (وإذ قالت أمة) (الأعراف)، معناه غير ما هو في قوله - تعالى -: (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) (هود: 8)، وكلاهما معناهما غير ما هو في قوله - تعالى -: (إنا وجدنا آباءنا على أمة) (الزخرف: 22)، والشيء نفسه يقال في كثير من الألفاظ المشتركة الواردة في القرآن الكريم، فإن تحديد المقصود منها تماماً لا يحكمه إلا السياق اللغوي الذي وردت فيه.

    فإذا تبيَّنت أنواع السياقات القرآنية، وعرفت أهميتها في بيان فهم نصوص القرآن الكريم، نزيدك مثالاً يبين أن الجهل بسياق النص قد يدفع إلى فهمه فهماً غير مستقيم، والمثال المختار قوله - تعالى -: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) (يوسف: 53)، فقد شرَّق المفسرون وغربوا في المقصود بهذه الآية، فذهب بعضهم أن هذا من كلام يوسف - عليه السلام -، والصواب أن هذا من قول امرأة العزيز، وليس من قول يوسف - عليه السلام -؛ لأن السياق يفيد أن كلام يوسف - عليه السلام - قد انقطع، وبدأ كلام امرأة العزيز أمام الملك، ولم يكن يوسف حاضراً وقتئذ، ولكنه استدعي فيما بعد.

    يقول ابن كثير في بيان هذا الوجه: " تقول المرأة: ولست أبرئ نفسي، فإن النفس تتحدث وتتمنى؛ ولهذا راودته؛ لأن: (النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)، أي: إلا من عصمه الله - تعالى -" ثم قال: " وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام. وقد حكاه الماوردي في تفسيره، وانتدب لنصره ابن تيمية - رحمه الله -، فأفرده بتصنيف على حدة ".

    فأنت ترى أن توجيه الآية وفق سياقها العام حَمَلَ على تفسيرها محملاً يليق بعصمة الأنبياء، فكان الالتفات إلى السياق مهماً في توجيه الآية وتفسيرها بما هو أوفق وأولى.

    ثم ها هنا أمر لا بأس أن يشار إليه، وهو أن بعض المفسرين يعبر عن لفظ السياق بالقول: " وهو الذي يقتضيه السياق والسباق "، وهم يقصدون بـ (السباق) ما يأتي قبل الكلام، ويقصدون بـ (السياق) ما يأتي بعده، وأكثر من يستعمل هذا التعبير الآلوسي في تفسيره، لكن أغلب المفسرين يكتفون بالتعبير بلفظ (السياق)، وهم يقصدون بالطبع ما قبل الكلام وما بعده، ولا مشاحة في الاصطلاح.

    أخيراً نقول: إن الالتفات إلى السياق ليس مهماً في معرفة المقصود من النص القرآني فحسب، وإنما أيضاً معرفة السياق مهمة لفهم نصوص السنة الشريفة، ولفهم كل كلام مقروء أو مسموع.

  6. لحمدُ لله الذي انْعم علينا بالإسلام، وَ رزقـنَـا هذه الهداية بعد الجهْل والضَـلال، وصلّى الله على سيّدنا محمّد الهادي البشير، وَ السّراج المنـير،

    وعلى آله وصحْبه، ومَنْ تَبعه إلى يوْمِ الدين ..

    وبـعْـد ..

    السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و برَكاته

    أخوتي و أخَواتي في الله
    أتمنى مِنْ الله عز و جل أن تكونوا جميعاً بأفضل حال
    مكانة القرآن في النفوس
    الكـاتب : عبد الرحمن بن صالح المحمود

    الخطبة الأولى:

    إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ، ونستغفرهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لهُ، ومنْ يُضلل فلا هاديَ له. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران: 102). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71).

    أما بعدُ: فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ وشرُّ الأمورِ محدثاتُها، وكل محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار

    أما بعد:

    أيَّها المسلمون:

    سؤال عظيم يوجه إلى أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وهو أيضاً يوجه إلى كل فردٍ من المسلمين، وبمقدار ما فيه من بداهة ووضوح، فهو بحاجةٍ إلى أن يؤخذ بعزم وقوة.

    والسؤال باختصار: ما منزلة هذا القرآن في نفوسنا وحياتنا إيماناً وتصديقاً، وعلماً وفهماً، وعملاً وتطبيقاً، وحكماً وتشريعاً، وشفاءً ودواءً لمختلف الأمراض؟ وهل نحنُ عارفون بمنزلة هذا القرآن -علماً وعملاً- كما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته من بعده؟ وإذا كنَّا عارفين، فلماذا صارت أحوالنا هجراً للقرآن كلياً أو جزئياً حتى يكاد أن يتحقق فينا شكوى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (الفرقان: 30).

    وإذا علمنا أن هجر القرآن أنواع: فالمشركون كانوا لا يصغون للقرآن ولا يسمعونه، بل إنهم قالوا: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فصلت: 26).

    حيث كانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره، حتى لا يسمعونه، فهذا من هجرانه بل من أعظم الهجران.

    وترك الإيمان به وتصديقه من هجرانه.

    وترك تدبره وتفهمه، وتلاوته من هجرانه.

    وترك العمل به، وامتثال أوامره واجتناب زواجرهِ من هجرانه.

    وترك التحاكم إليه في جميع الشؤون من هجرانه.

    والعدول عنه إلى غيره من شعرٍ أو قول أو غناء، أو لهوٍ أو كلام، أو طريقةٍ مبتدعةٍ من هجرانه

    فما موقع كلُّ واحدٍ منا- أمة الإسلام- من هذا الهجران للقرآن الكريم؟

    أيها المسلمون: إنَّ من أخطر مسببات الهجران، الانحراف عن الأهداف الكبرى والأساسية للقرآن؛ فعند البعض أنَّ هذا القرآن نزل للأموات وليس للأحياء، فلا يلتفتون إلى القرآن إلاَّ عند المآتم، حين يموتُ ميت لهم، وحينئذٍ يجتمعُ القراء في هذا البيت الهاجرِ للقرآن، أو تصدع أجهزةُ التسجيل بالقرآن- حسب العادة المتبعة-. وأحياناً ينقلون القراءَ إلى المقابر بعد زمن، وإذا كان الميت ذا شأنٍ كبير، شاركت الإذاعة في إيقافِ إرسالها العادي لتبث القرآن.

    وعند البعض يكفي أن يفتتح بالقرآن في مؤتمراتهم واحتفالاتهم، وفي إذاعاتهم،

    ويختتم به أحياناً، وكل ذلك للبركة، وتحول القرآن عند البعض إلى تمائم ورقى تعلق على الأجساد، وتوضع في البيوت أو السيارات، دفعاً للضرر.

    فهل نزل القرآن على قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم -حفظه الله- إلى قيام الساعة من التحريفِ والتبديلِ والزيادةِ والنقصان ليكون هكذا؟

    هل نزل ليحتفظ كل واحدٍ منا بنسخةٍ من القرآن -أو عدد من النسخ- في بيته، ويبقى مركوناً، لا نعطيه حتى ولا جزءاً من وقت، نعطيه كل يوم للجريدة التي نقرؤها ونطالعها؟

    هل نزل هذا القرآن لنمدحهُ نظرياً مظهرين احترامه ومنزلته؟

    ثم نعرض عنه عملياً في حياتنا ومناهجنا التربوية، وأحكامنا وتشريعاتنا وجميع أمورنا؟ إن هذا القرآن له في أمةِ الإسلام شأنٌ وأي شأن!

    أيها الأخوة في الله: وحتى أذكركم -ونفسي- بأهميةِ وعظمةِ هذا القرآن، فاسمعوا إلى بعض ما ذكرهُ الله في كتابهِ عن كتابه، وتذكروا أن هذا الذي نتلوهُ كلام الله تعالى- لا كلام بشر-:

    قال تعالى: (قل لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: من الآية88).

    وقال تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (يونس: 37).

    وقال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الإسراء: 9).

    وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) (الإسراء: 82).

    وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 57).

    (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس: 58).

    وقال تعالى: (مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف: من الآية111).

    وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت: 42، 41).

    وقال تعالى: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (هود: 1).

    وقال تعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) (الإسراء: 105).

    وقال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: 102).

    وغيرها من الآيات كثير.

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

    الخطبة الثانية:

    أيها المسلمون: لقد ميَّز الله تعالى هذا القرآن عن الكتاب والسابقة، وحفظه، ليكون له شأنٌ في أمة الإسلام- في أي مكان أو زمان- إلى قيام الساعة. فما هي الأهداف الأساسية لهذا القرآن؟

    1- إن هذا القرآن -أولاً- هو كتابُ هدايةٍ لمن أراد السير على الصراط المستقيم.

    فهو ((هُدىً لِلْمُتَّقِينَ))!

    قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (الشورى: 7).

    فالقرآن روحٌ ونور، روحٌ للحياة، ونورٌ للطريق. حياة الإنسان وطريقه، وحياة الأمة وطريقها.

    فهو يخرج الإنسان والأمة من ظلمات الشرك والكفر، والجهالةِ والعصيان، إلى نور الإيمان، والعلم والطاعة للواحد الديَّان.

    2- ثم إنَّ هذا القرآن كتابُ حكمٍ وتشريع، يشملُ جميع شؤون الحياة، بدءاً من حياة المواليد الرضع، وانتهاءً بالموت وأحكامه الشرعية، وفيما بين ذلك يشملُ الأمور العبا دية، والاجتماعية، والاقتصادية، والعسكرية...إلخ.

    3- ثم إنَّ هذا القرآن كتاب عقيدةٍ خالصة صافية، فيها البيان الحق لكلِ ما وراء الغيب: مما تعلق بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وربوبيته، وألوهيته، وما يتعلق بخلقه للسموات والأرض، والإنسان ونشأته، وما يتعلقُ بالإيمان بالملائكة والكتب والرسل، واليوم الآخر، وما يتعلق بما يضاد ذلك من الكفر والشرك والنفاق، ودلائل الربوبية، والألوهية والنبوات، وإعجاز هذا القرآن.

    4- وهو أيضاً كتاب عبادة، يتعبد الإنسان بقراءتهِ وتلاوتهِ وحفظه، ويتقرب إلى الله - تعالى - بذلك. فهو نورُ قلوب العارفين والعابدين، يتلونهُ آناءَ الليل وأطراف النهار، ويعلمونه ويتعلمونه ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

    وكما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن قرأ حرفاً منه كان له به عشر حسنات)).

    5- ثم هو حبل الله المتين في مواجهة أعداء الإسلام، المتربصين بأمة الإسلام، حيث لا يرقبون فيها إلَّا ولا ذمة، ولا يدعون وسيلةً في حربها إلاَّ سلكوها، فهذا القرآن يعلمُ الأمة حقيقة المعركة مع عدوها، ويبينُ لها أهدافها من جانب أعدائها، ثم هو يمدها بوسائل النصر وأسلحة الجهاد باللسان والبيان وبالسنان.

    إنَّ هذا القرآن معتصم هذه الأمة في جميع أحوالها.

    6- ولأنَّ القرآن حق وصدق؟ لأنَّه من عند الله الحكيم العليم، ففيه لفتات عظمى في نواحٍ متعددة: علمية، أو طبية، أو اجتماعية، أو نفسية، أو غيرها.

    اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا.




  7. الحمدُ لله الذي انْعم علينا بالإسلام، وَ رزقـنَـا هذه الهداية بعد الجهْل والضَـلال، وصلّى الله على سيّدنا محمّد الهادي البشير، وَ السّراج المنـير،

    وعلى آله وصحْبه، ومَنْ تَبعه إلى يوْمِ الدين ..

    وبـعْـد ..

    السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و برَكاته

    أخوتي و أخَواتي في الله
    أتمنى مِنْ الله عز و جل أن تكونوا جميعاً بأفضل حال
    معاني الخير في القرآن
    موقع إسلام ويب

    من الألفاظ المركزية في القرآن لفظ (الخير)، حيث ورد هذا اللفظ ما يقرب من مئة وثمانين مرة، جاء في معظمها (اسماً)، كقوله - تعالى -: (ذلكم خير لكم) (البقرة: 45)، وجاء في سبعة مواضع فقط (فعلاً)، منها قوله - تعالى -: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) (القصص: 66).

    ولفظ (الخير) في الأصل اللغوي يدل على العطف والميل، وعليه قالوا: (الخير) ضد الشر؛ لأن كل أحد يميل إليه، ويعطف على صاحبه؛ وعليه أيضاً قالوا: (الاستخارة) وهي الاستعطاف، لأن المستخير يسأل خير الأمرين، ويُقدِم عليه؛ و(الخِيَرة الاختيار؛ لأن المختار لأمر إنما هو مائل إليه، ومنعطف عليه دون غيره.

    ثم توسعوا في هذا الأصل اللغوي، فقالوا: رجل خيِّر، أي: فاضل؛ وقوم خيار وأخيار، أي: من أفاضل الناس. و(الخير) من أسماء المال، والعرب تسمِّى الخيل: الخير؛ لما فيها من الخير.

    ثم إن (الخير) في التعريف الاصطلاحي: ما يرغب فيه كل الناس، كالعقل، والعدل، والفضل، والشيء النافع، وضده: الشر.

    و(الخير) يطلق على نوعين: أحدهما: خير مطلق، وهو أن يكون مرغوباً فيه بكل حال، كطلب الجنة. وثانيهما: خير نسبيٌّ، ويكون مقابلاً للشر، كالمال يكون خيراً للبعض، ويكون شراً لآخرين.

    ولفظ (الخير) في القرآن على وجهين:

    أحدهما: أن يكون (اسماً)، كقوله - تعالى -: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) (آل عمران: 104).

    ثانيهما: أن يكون (وصفاً)، على تقدير صيغة (أفعل)، كقوله - تعالى -: (وأن تصوموا خير لكم) (البقرة: 184)، أي: الصيام للمسافر أفضل من الفطر، ونحو ذلك قوله - تعالى -: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) (البقرة: 197)، أي: أفضل ما يتزود به قاصد البيت الحرام تقوى الله.

    وورد لفظ (الخير) مقابلاً لـ (الشر) مرة، وورد مقابلاً لـ (الضُرِّ) مرة أخرى، فمن أمثلة مقابلته لـ (الشر)، قوله - سبحانه -: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) (الزلزلة: 7-8)، ومن أمثلة مقابلته لـ (الضر) قوله - تعالى -: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير) (الأنعام: 17).

    أما من حيث المعنى، فإن لفظ (الخير) في القرآن أطلق على معان، منها:

    الأول: المال، كقوله - تعالى -: (إن ترك خيراً) (البقرة: 180)، فـ (الخير) هنا - كما قال القرطبي - المال من غير خلاف. وعلى هذا المعنى جاء أكثر استعمال القرآن للفظ (الخير).

    الثاني: الطعام، كقوله - تعالى - على لسان موسى - عليه السلام -: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) (القصص: 24)، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: سار موسى من مصر إلى مدين ليس له طعام إلا البقل وورق الشجر، وكان حافياً، فما وصل إلى مدين حتى سقطت نعل قدميه، وجلس في الظل وهو صفوة الله من خلقه، وإن بطنه للاصق بظهره من الجوع، وإن خضرة البقل لترى من داخل جوفه، وإنه لمحتاج إلى شق تمرة.

    الثالث: القوة، كقوله - سبحانه - في حق مشركي العرب: (أهم خير أم قوم تبع) (الدخان: 37)، قال البغوي: يعني: أقوى، وأشد، وأكثر من قوم تُبَّع، وقال ابن عاشور: " المراد بالخيرية: التفضيل في القوة والمَنَعَة ". وعلى هذا المعنى قوله - تعالى -: (أكفاركم خير من أولئكم) (القمر: 43).

    الرابع: العبادة والطاعة، كقوله - سبحانه -: (وأوحينا إليهم فعل الخيرات) (الأنبياء: 73)، قال القرطبي: " أي: أن يفعلوا الطاعات ".

    الخامس: حُسْن الحالة، كقوله - تعالى -حاكياً قصة شعيب - عليه السلام - مع قومه: (إني أراكم بخير) (هود: 48)، قال الطبري: " يدخل في خير الدنيا: المال، وزينة الحياة الدنيا، ورخص السعر، ولا دلالة على أنه عنى بقيله ذلك بعض خيرات الدنيا دون بعض، فذلك على كل معاني خيرات الدنيا"، وقال ابن عاشور: " الخير: حسن الحالة ".

    السادس: التفضيل، من ذلك قوله - تعالى -: (أولئك هم خير البرية) (البينة: 7)، أي: المؤمنون بالله حق الإيمان أفضل الخلق أجمعين.

    السابع: القرآن، وذلك في قوله - تعالى -: (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا) (النحل: 30)، قال القرطبي: " المراد: القرآن ".

    وعلى ضوء هذه المعاني للفظ (الخير)، نسلط الضوء على بعض الآيات التي هي على صلة وثيقة بهذا اللفظ، لننظر ماذا تفيد من معنى.

    فقوله - تعالى -: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) (الأعراف: 188)، المراد بـ (الخير) في هذه الآية الكريمة: المال - على ما رجحه الشنقيطي وغيره - ويدل على ذلك كثرة ورود الخير بمعنى (المال) في القران، كقوله - تعالى -: (وإنه لحب الخير لشديد) (العاديات: 8)، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، في معنى الآية، قال: (لاستكثرت من الخير)، أي: من المال.

    وقوله - سبحانه -: (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير) (فصلت: 49)، قال الطبري: " الخير في هذا الموضع: المال وصحة الجسم "، وقال القرطبي: " والخير هنا: المال، والصحة، والسلطان، والعز "، ويقوي هذا المعنى قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - لهذه الآية: (لا يسأم الإنسان من دعاء المال).

    وقوله - تعالى -: (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير) (الحج: 36)، قال الطبري: (لكم فيها خير الأجر في الآخرة بنحرها والصدقة بها، وفي الدنيا: الركوب إذا احتاج إلى ركوبها. ونحو هذا قال البغوي.

    وقوله - سبحانه -: (أشحة على الخير) (الأحزاب: 19)، قال بعض المفسرين: الخير هنا: الغنيمة التي يصيبها المسلمون في المعركة.

    وقال آخرون: الخير هنا: المال المنفق في سبيل الله. وقال فريق ثالث: الخير هنا: المودة بالمسلمين، والشفقة عليهم.

    ويكون معنى الآية عموماً: أن المنافقين لا يروق لهم أن تكون الغنائم للمسلمين، بل يريدونها خاصة لهم من دون المؤمنين.

    وأيضاً، فإن المنافقين يقبضون أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله، حرصاً على ما في أيديهم من المال. وهم فوق هذا وذاك لا يوادون المسلمين، ولا يشفقون بهم حال اشتداد القتال.

    وقريب من هذه الآية قوله - تعالى -: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) (البقرة: 105)، فالمراد بـ (الخير) هنا: شرعة الإسلام، قال ابن كثير: "ينبه - تعالى - على ما أنعم به على المؤمنين من الشرع التام الكامل، الذي شرعه لنبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -".

    وقوله - تعالى -: (إني أحببت حب الخير) (ص: 32)، قال ابن العربي: " يعني: الخيل، وسماها (خيراً)؛ لأنها من جملة المال الذي هو خير بتسمية الشارع له بذلك ". وفي قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه -: (إني أحببت حب الخيل).

    وقوله - تعالى -: (فيهن خيرات حسان) (الرحمن: 70)، فـ (الخيرات) في الآية: حور العين، وصفن بذلك: إما لأنهن خيِّرات الأخلاق. وإما لأنهن مختارات، اختارهن الله، فأبدع خلقهن باختياره.

    ختاماً، فإن لفظ (الخير) كغيره من ألفاظ القرآن، لا يُفهم المراد منه تماماً إلا من خلال معرفة السياق الذي ورد فيه، فعلى الرغم من أنه قد ورد في كثير من الآيات القرآنية بمعنى (المال)، إلا أنه قد ورد في آيات غير قليلة على غير هذا المعنى، مما يحتم ضرورة معرفة السياق الذي ورد فيه هذا اللفظ أو ذاك.


  8. لسلام عليكم و رحمة الله وبركاته

    إليكم طريقة سهلة جداااا تستمع بها إلى القرآن الكريم بشتى أنواع القراء

    [size=4]أنشر الخير في كل مكان ولتكن لك صدقة جارية تجدها يوم لا ينفع مال ولا بنون .
    [/size]

    [size=4]اذهب لسطح المكتب (Bureau) و اضغط باليمين (Nouveau) ثم اختار Raccourci

    سيظهر لك نافذة بها مستطيل ... الصق أحد هذه الروابط:

    الإذاعة العامة - إذاعة متنوعة لمختلف القراء
    mms://50.22.223.13/radio

    إذاعة القارئ ماهر المعيقلي
    mms://50.22.223.13/maher

    إذاعة القارئ أحمد العجمي
    mms://50.22.223.13/ajm

    إذاعة القارئ سعود الشريم
    mms://50.22.223.13/shur

    إذاعة القارئ عبدالباسط عبدالصمد
    mms://50.22.223.13/basit

    إذاعة القارئ عبدالرحمن السديس
    mms://50.22.223.13/sds

    إذاعة القارئ سعد الغامدي
    mms://50.22.223.13/s_gmd

    إذاعة القارئ محمد صديق المنشاوي
    mms://50.22.223.13/minsh

    إذاعة القارئ عبدالباسط عبدالصمد - المصحف المجود
    mms://50.22.223.13/basit_mjwd

    إذاعة القارئ مشاري العفاسي
    mms://50.22.223.13/afs

    إذاعة القارئ خالد القحطاني
    mms://50.22.223.13/qht

    إذاعة القارئ ناصر القطامي
    mms://50.22.223.13/qtm

    إذاعة القارئ فارس عباد
    mms://50.22.223.13/frs_a

    إذاعة القارئ إدريس أبكر
    mms://50.22.223.13/abkr

    إذاعة القارئ ياسر الدوسري
    mms://50.22.223.13/yasser

    إذاعة القارئ شيخ أبو بكر الشاطري
    mms://50.22.223.13/shatri

    ثم اضغط
    Suivant[/size]

    [size=4]
    ثم سميها بالاسم الموجود فوق الرابط
    [/size]

    [size=4]
    ثم اضغطTerminer
    ستجد علي سطح المكتب أيقونة مثل أيقونة "الميديا بلاير" او "الريال بلير"

    اضغط عليها واستمع للإذاعات التى أضفتها
    [/size]











    [size=4]والفيديو والصورة للتوضيح[/size]

    [size=4]
    http://safeshare.tv/w/NGmDPkQzKh
    [/size]



    لا تنسونا بخالص دعائكم و جزاكم الله خيرا

    و السلام عليكم

  9. بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين وعلى أله الطيبين الطاهرين وصحبه الميامين أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان الى يوم الدين وبعد إخوتي المكرمين:
    كثيراً ما راودتني تساؤلات حول ما هية السر الإلهي المكنون في ربط دخول العبد في صلاته بالوضوء؟؟ إذلا تصح الصلاة بدونه؟؟ فلا بد من وجود حكمة إلهية تعود بالفائدة على الإنسان في عاجله وأجله فبالإضافة للفائدة الروحية المعروفة لنا جميعاَ بتكفير الذنوب و الإستعداد للوقوف بين يدي الخالق العظيم جل وعلا وإستباحة فرض الصلاة هناك فوائد صحية جمة تعود بالصحة والفائدة على جسم المتوضيء حفاظاً عليه سليماً معافى ليواصل معيشته في عبودية الله تعالى وإعماراً لأرضه بالخير.
    بداية لنستذكر أية الوضوء وبعض الأيات الكريمة التي تذكر الطهارة :
    حيث قال تعالى:
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ))
    ( المائدة- آية 6)
    (( اذ يغشيكم النعاس امنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام ))
    (الأنفال أية11)
    ((وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا))
    (الفرقان أية48)
    وكذلك لنستذكر بعض أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الوضوء
    حيث قال صلى الله عليه وسلم :
    ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) متفق عليه
    وأيضاً-(حدثنا محمد بن معمر بن ربعي القيسي حدثنا أبو هشام المخزومي عن عبد الواحد وهو بن زياد حدثنا عثمان بن حكيم حدثنا محمد بن المنكدر عن حمران عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره).
    رواه مسلم
    أيضاً-حدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب قال وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن حمران مولى عثمان قال توضأ عثمان بن عفان يوما وضوءا حسنا ثم قال : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فأحسن الوضوء ثم قال من توضأ هكذا ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة غفر له ما خلا من ذنب.)
    رواه مسلم
    كما روي أيضاً:
    حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عطاء بن يزيد عن حمران مولى عثمان بن عفان( : أنه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل كل رجل ثلاثا ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ نحو وضوئي هذا وقال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه.)
    رواه البخاري
    ان في تلاوتنا للأيات الكريمة نستدل على وجوب الوضوء وأهمية الطهارة وتأتي الأحاديث النبوية لتؤكد لنا هذه الحقيقة ولتشرح لنا كيفيتها وهذا قد يكون بديهياً لجميعنا
    إلا أن الملفت ما أظهرته لنا الدراسات الحديثة وما اكثرها من أسرار مكنونة في هذه
    الأعمال التي شرعت لإستقبال كل فرضمن الصلوات ولخمس مرات يومياً اليكم بعضاً منها
    فقد وجد أن الوضوء ينظف البدن ويقضي على أعداد هائلة من الكائنات الدقيقة والطفيليات الممرضة والتي يمكن أن تكون سببا لإصابة الإنسان بكثير من الأمراض والعلل واهمها: أمراض الجهاز التنفسي - الأمراض الجلدية – أمراض الجهاز الهضمي-أمراض الجهاز العصبي
    ولنبدأ بالإستنشاق والإستنثار
    حيث أن في تكراره ثلاث مرات حكمة إلهية وطبية ومعجزة لا تقارن حيث
    توصل الباحثين إلى النتائج التالية:
    - في المرة الأولى للإستنشاق تخفض نسبة الميكروبات إلى النصف.
    - في الإستنشاق للمرة الثانية تنخفض النسبة إلى الثلث.
    - وفي الإستنشاق للمرة الثالثة تنعدم تماما .
    - وبالتفسيرالعلمي للنتائج السابقة نجد أن عملية الوضوء والغسل ثلاث مرات ماهي إلا عملية تخفيف لتركيز الكائنات الدقيقة المتواجدة حتى نصل إلى حد الإنعدام تقريبامع نهاية الوضوء.
    - وثبت علمياً أن الأنف يبقى نظيفا (من الميكروبات) من 3 - 5 ساعات ثم يعود للتلوث الذي يقضي عليه الوضوء التالي إذ وجد أنه في الظروف الملائمة لنمو الميكروبات (كالبكتيريا) يتم انقسام الخلية ثنائيا كل 20 دقيقة بحيث تنتج الخلية الواحدة 4 خلايا في 40 دقيقة إلى أن تصل إلى 512 خلية في 3 ساعات وفي خلال ذلك تؤثر الخلايا البكتيرية بعضها على بعض بإفرازات معينة خاصة بالبكتيريا فتؤدي إلى الحد من نموها وهلاك البعض منها .
    ويأتي دور البكتيريا في إحداث المرض حيث أنها تحتاج الى وقت يصل إلى 3 ساعات حتى تبدأ في إنتاج إفرازاتها الخاصة الممرضة.
    ومما سبق يتضح أن الوضوء التالي يأتي وقد تأهبت البكتيريا لإحداث المرض فيزيلها من الأنف ويحفظه طاهراً من أي ميكروب.
    وقدأثبت العلم الحديث بعد الفحص الميكروسكوبي للمزرعة الميكروبية التي عملت للمنتظمين في الوضوء .. ولغير المنتظمين : أن الذين يتوضئون باستمرار .. قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفا طاهراً خالياً من الميكروبات ولذلك جاءت المزارع الميكروبية التي أجريت لهم خالية تماماً من أي نوع من الميكروبات في حين أعطت أنوف من لا يتوضئون مزارع ميكروبية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة من الميكروبات الكروية العنقودية الشديدة العدوى .. والكروية السبحية السريعة الانتشار .. والميكروبات العضوية التي تسبب العديد من الأمراض
    وقد ثبت أن التسمم الذاتي يحدث من جراء نمو الميكروبات الضارة في تجويفى الأنف ومنهما إلى الرئتين والى داخل المعدة والأمعاء ولإحداث الإلتهابات والأمراض المتعددة ولا سيما عندما تدخل الى الدورة الدموية .. لذلك شرع الاستنشاق بصورة متكررة ثلاث مرات في كل وضوء
    أما بالنسبة للمضمضة
    فقد ثبت أنها تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات ومن تقيح اللثة وتقى الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها فقد ثبت علمياً أن تسعين في المئة من الذين يفقدون أسنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسري إلى الدم .. ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضاً كثيرة وأن المضمضة تنمي بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديراً.. وهذا التمرين لم يذكره من أساتذة الرياضة إلا القليل لإنصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم
    وفي غسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين الى الكعبين
    فائدة إزالة الغبار وما يحتوى عليه من الجراثيم فضلاً عن تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية بالإضافة إلى إزالة العرق وقد ثبت علميا أن الميكروبات لا تهاجم جلد الإنسان إلا إذا أهمل نظافته فإن الإنسان إذا مكث فترة طويلة بدون غسل لأعضائه فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد محدثه حكة شديدة وهذه الحكة بالأظافر .. التي غالبا ما تكون غير نظيفة تدخل الميكروبات إلى الجلد كذلك فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتريا كي تتكاثر وتنمو لهذا فإن الوضوء بأركانه قد سبق علم البكتريولوجيا الحديثة والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف البكتريا والفطريات التي تهاجم الجلد الذي لا يعتني صاحبه بنظافته التي تتمثل في الوضوء والغسل ومع استمرار الفحوص والدراسات..أعطت التجارب حقائق علمية أخرى
    فقد أثبت البحث أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما .. ولذلك يجب غسل اليدين جيداً عند البدء في الوضوء .. وهذا يفسر لنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا استيقظ أحدكم من نومة .. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ) كما قد ثبت أيضا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته ومن ذلك كله يتجلى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام
    الوضوء يعيد للنفس الهدوء عند الغضب
    فطبقاً لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (إذا غضب أحدكم فليتوضأ فإن الغضب من الشيطان وخلق الشيطان من النار
    ولا يطفيئ النار الا الماء) أوكما قال صلى الله عليه وسلم
    فأيضاً هناك تاثيرللوضوء على الإستعداد النفسي والحالة العصبية كما وجد في دراسات عديدة أخرى
    - قال الدكتور أحمد شوقي ابراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الامراض الباطنية والقلب .. توصل العلماء الى ان سقوط أشعة الضوء على الماء أثناء الوضوء يؤدي الى انطلاق أيونات سالبة ويقلل الايونات الموجبة مما يؤدي الى استرخاء الأعصاب والعضلات ويتخلص الجسم من إرتفاع ضغط الدم والآلام العضلية وحالات القلق والأرق ..ويؤكد ذلك أحد العلماء الامريكيين في قوله : إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ الماء على الوجه واليدين - يقصد الوضوء - هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزلة التوتر ... فسبحان الله العظيم.
    - وكذلك أكد بحث علمى حديث للدكتورة "ماجدة عامر" ـ أستاذة المناعة بجامعة عين شمس واستشارى الطب البديل ـ أن الوضوء وسيلة فعالة جداً للتغلب على التعب والإرهاق، كما أنه يجدد نشاط الإنسان.
    وأشار البحث إلى أن وضوء المسلم للصلاة يعيد توازن الطاقة التي تسري في مسارات جسم الإنسان، ويصلح ما بها من خلل بعد تنقية المرء من ذنوبه وخطاياه التى لها تأثير على الحالة النفسية والجسمية، أما من الناحية الحسية والمعنوية ففى الوضوء علاج خفى لسائر أعضاء الجسم إذ يعالج الخلل الموجود بالجسم.
    ودللت على ذلك بحديث النبى عليه الصلاة والسلام الذي رواه مسلم فى صحيحه عن عمرو بن عبسة قال: "قلت: يا رسول الله، حدثني عن الوضوء. قال: ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلي المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه مع أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلي الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإذا هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذى هو أهله وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئة يوم ولدته أمه"
    فوائد التدليك في الوضوء
    وفى دراسة علمية قام بها مركز أكاديمي أمريكي نشرت مؤخرا أكدت أن عمليات التدليك لأعضاء الجسم أثناء الوضوء للصلاة تعيد للمرء حيويته ونضارته، بالإضافة إلى أنها تساعد خلايا المخ على التجدد والاستمرار فى ضخ الدم.
    والأغرب من ذلك ـ كما تقول الدكتورة "ماجدة عامر" ـ أنه قد اكتشف أخيرا أن للذنوب علاقة طردية بالأيدى والأرجل والوجه والأذن؛ فقد وجدوا أن الذنوب تحدث أثراً يتعلق بمسارات الطاقة والمجال الحيوى المحيط بجسم الإنسان، حيث إنها تترك إختلافات واضحة فيه؛ بمعني تغير الوجه أو العضو، مما يؤثر على صحته بالسلب؛ وذلك لأن الإنسان لا يتكون من مادة صلبة فحسب، بل إن الذرات المكونة لجسمه ما هى إلا طاقات إلكتروكيميائية وإلكترومغناطيسية.
    أما الوضوء فقالت الدراسة إنه يجدد كل خلايا الجسم ويمدها بالطاقة اللازمة التى تشع من أجسامنا، والتي تسمى "بران" وأيا كانت مسمياتها فإنها حقيقة ملموسة.
    أيضاً يحقق الوضوءإعادة التوازن للإ نسان
    وقد توصل البحث العلمي إلي أجهزة خاصة يطلق عليها Bioresonance"" يمكنها قياس مقدار الطاقة في الإنسان والكائنات الحية، وأيضا كاميرات خاصة تصور المجال المغناطيسى المحيط بكل كائن حى؛ وقد عرف هذا المجال الذى يتحكم فى كياننا وبقائنا كمخلوقات حية باسم الهالة "Aura" ودونه نصبح تركيبة من الكيماويات التي تتحلل وتفنى.
    ومن هنا يتضح أن من أسرار فضل الوضوء علي كل مسلم: أنه يعيد التوازن النموذجى للمجال الحيوى المحيط بالإنسان، ويصلح أى خلل فى مسارات الطاقة، وفي ذلك حماية له من الآثار السلبية للتكنولوجيا الحديثة وتلوث البيئة وغيرها من المجالات المختلفة المؤثرة علي الطاقة الحيوية للإنسان.
    وختاماً أذكر قصة حدثت معي أثناء قيامي بالحجامة تلك السنة النبوية التي تعد من أهم معجزات الطب النبوي لدى أحد المختصين بالعلاج الطبيعي وأثناء حديثي معه حول الدين وفوائد العبادات كلها التي وضعها لنا الخالق عز وجل لمصلحة الأنسان حيث ذكر لي أنه أثناء قيامه بإحدى الدورات التدريبية للعلاج الطبيعي(بطاقة الريكي) مع مدرب من كوريا وأثناء الإستراحة بين المحاضرات قام ليتوضأ وضوئه للصلاة وإذ به يتفاحأ من مراقبة ذلك المدرب لما يقوم به بتركيز شديد حيث لدى إنتهائه فاجأه المدرب الكوري بالسؤال ماهذا الذي فعلته فأجابه إنه الوضوء الذي نتهيأ به للصلاة فسأله ثانية كم مرة تفعلون ذلك ؟
    فكان جوابه بالطبع خمس مرات باليوم قبل كل صلاة فعاود بسؤاله وهل دينكم يفرض عليكم ذلك الأمر ومنذ متى فأحابه طبعاً وهذا مفروض مذ بدأت رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم منذحوالي 1400 عام؟؟
    فكان جواب المدرب الكوري لديكم كل هذه الحركات وتأتون لتتدربوا عندنا إنه لحري بكم أن تعلمونا إياها؟؟
    فتفاجاء المعالج متسائلاً وكيف ذلك ؟؟
    فأجابه المدرب الكوري هل تعلم أن جامعتنا وأخصائيينا قد بذلو من الجهد والوقت ما يقارب الستون عاماً على أبحاث في العلاج الطبيعي ليتوصلوا لنفس الحركات التي قمت بها في وضوئك هذا؟؟
    هل تعلم انك بدون أن تعلم قد قمت وخلال دقائق بتنشيط كامل لكافة المراكز العضلية والنهايات العصبية لكافة أعضاء جسمك وحري بجسم يكرر ذلك خمس مرات يومياً أن يكون خالٍ تماماً من أية أمراض؟؟؟
    فتبارك الله أحسن الخالقين
    وجزى الله عنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير ما جزى نبياً عن أمته
    كما جاء في الأية الكريمة :
    "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ



  10. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث

    رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.





    أما بعد :





    القرآن كلام الرحمن.

    القرآن تلاوته تَشرح صدر الإنسان.

    القرآن تدبُّر آياته يزيد الإيمان.

    القرآن تعلُّمه وتعليمه رِفعة للشأن.

    القرآن هدى يهدي القلوب، ونور يُنير الحياة.

    القرآن الكريم: كتاب الله المعجز المتعبَّد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر.

    القرآن للداء دواءٌ، وللمرض شفاء، وللقلب نقاء، وللرُّوح ارتقاء.

    القرآن رِفعة للدرجات، ورفيق في المُدْلهمَّات.

    القرآن ارتقاء رُوحي؛ لتسمو الروح في بحر الطمأنينة، وارتقاء فكري؛ ليَسبح العقل في التفكُّر والتأمُّل.

    القرآن شفاء لنفسٍ أنْهَكتها المعاصي والآثام، وشفاء لجسد أتعَبته الأمراض والآلام.

    القرآن بركة في العمر والأوقات، وزيادة في الأجر والحسنات.

    القرآن فيه القَصص النيِّرات، والمعجزات الخالدات.

    باختصار: القرآن منهج حياة.









    ][قــواعــد قرآنية..القاعدة الحادية والعشرون: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين)][




    القاعدة الحادية والعشرون: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين)



    د.عمر بن عبد الله المقبل













    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
    فهذا مرفأ جديد إلى حلقة جديدة من هذه السلسلة الموسومة بـ(قواعد قرآنية)، نعيش فيها مع قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب التعامل مع الخالق سبحانه وتعالى والتعامل مع خلقه، هي قاعدة تمثل سفينةً من سفن النجاة، وركناً من أركان الحياة الاجتماعية، وهي ـ لمن اهتدى بهديها ـ علامة خير، وبرهان على سمو الهمة، ودليل على كمال العقل، تلكم هيالقاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين}[التوبة: 119].

    أيها الإخوة:
    هذه القاعدة المحكمة جاءت تعقيباً على قصة جهاد طويل، وبلاء كبير في خدمة الدين، والذب عن حياضه، قام به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه رضي الله عنهم،وذلك في خاتمة سورة التوبة ـ التي هي من آخر ما نزل عليه – صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117، 119].

    والمعنى: إن هؤلاء الذين تاب الله عليهم ـ النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه، والثلاثة الذين خلفوا ـ هم أئمة الصادقين، فاقتدوا بهم.



    وأنت ـ أيها المبارك ـ إذا تأملتَ مجيء هذه القاعدة القرآنية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} بعد هذه الآيات، أدركتَ أن الصدق أعمّ من أن يختصر في الصدق في الأقوال! بل هو الصدق في الأقوال والأفعال والأحوال، التي كان يتمثلها نبينا صلى الله عليه وسلم في حياته كلها، قبل البعثة وبعدها.

    ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم صادق اللهجة، عف اللسان، أميناً وفيّاً حافظاً للعهود قبل بعثته، عرف بالصادق الأمين، وكان ذلك سبباً في إسلام بعض عقلاء المشركين، الذين كان قائلهم يقول: لم يكن هذا الرجل يكذب على الناس أفتراه يكذب على الله؟!

    أيها الإخوة:
    كثيرٌ من الناس حينما يسمع هذه القاعدة القرآنية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} لا ينصرف ذهنه إلا للصدق في الأقوال، وهذا في الحقيقة تقصير في فهم هذه القاعدة، وإلا لو تأمل الإنسان سياقها لعلم أنها تشمل جميع الأقوال والأفعال والأحوال! كما تقدم.

    يا أهل القرآن!
    إن للصدق آثاراً حميدة، وعوائد جليلة; وهو دليل على رجحان العقل، وحسن السيرة، ونقاء السريرة.
    ولو لم يكن للصدق من آثار إلا سلامته من رجس الكذب، ومخالفة المروءة، والتشبه بالمنافقين! فضلاً عما يكسبه الصدق من عزة، وشجاعة، تورثه كرامة، وعزة نفس، وهيبةَ جناب، ومن تأمل في قصة الثلاثة الذين خلفوا أدرك حلاوة الصدق ومرارة الكذب ولو بعد حين.
    ومن تأمل في الآيات الواردة في مدح الصدق والثناء على أهله وجدَ عجبا عجاباً!

    ولو أخذتُ في سرد الآيات الواردة فيه سرداً فقط لانقضى وقت الحلقة قبل أن تنقضي الآيات، ولكن حسبنا أن نشير إلى جملة من الآثار التي دلّ عليها القرآن للصدق وأهله في الدنيا والآخرة:
    1. فالصادق سائر على درب الأنبياء والرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ الذين أثنى الله عليهم في غير ما آية بالصدق في الوعد والحديث.

    2. والصادق معانٌ ومنصورٌ، ويسخر الله له من يدافع عنه من حيث لا يتوقع، بل قد يكون المدافع خصماً من خصومه، تأمل في قول امرأة العزيز: {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}[يوسف: 51].

    3. والصادق يسير في طريق لاحب إلى الجنة، ألم يقل النبي ج: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا" أخرجه الشيخان(1)، وقد قال الله عز وجل ـ مبيناً صفات أهل الجنة ـ: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}[آل عمران: 17].

    4. وأهل الصدق هم الناجون يوم العرض الأكبر على ربهم، كما قال تعالى: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}[المائدة: 119].

    5. والصادقون هم أهلٌ لمغفرة الله وما أعده لهم من الأجر والثواب العظيم، قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) [الأحزاب: 35].

    وبعد هذا.. فإن من المحزن والمؤلم أن يرى المسلم الخرق الصارخ ـ في واقع المسلمين ـ لما دلّت عليه هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}!
    فكم هم الذين يكذبون في حديثهم؟ وكم هم الذين يخلفون مواعيدهم؟ وكم هم أولئك الذين ينقضون عهودهم؟
    أليس في المسلمين من يتعاطى الرشوة ويخون بذلك ما اؤتمن عليه من أداء وظيفته؟ أليس في المسلمين من لا يبالي بتزوير العقود، والأوراق الرسمية؟ وغير ذلك من صور التزوير؟
    لقد شوّه ـ هؤلاء ـ وللأسف بأفعالهم وجهَ الإسلام المشرق، الذي ما قام إلا على الصدق!

    وإنك لتعجب من مسلم يقرأ هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}! ومع ذلك يمارس كثير من المسلمين الكذب مع وفرة النصوص الشرعية التي تأمر بالصدق وتنهى عن الكذب!

    ليت هؤلاء يتأملون هذا الموقف، الذي حدّث به أبو سفيان س قبل أن يسلم، حينما كان في أرض الشام، إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، فقال هرقل: هل ها هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم، قال: فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل، فأجلسنا بين يديه، فقال: أيكم أقرب نسباً من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقلت: أنا، فأجلسوني بين يديه، وأجلسوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه، فقال له: قل لهم: إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني فكذبوه، فقال أبو سفيان: وايم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت(2).

    فتأمل ـ أيها المؤمن ـ كيف حاذر هذا الرجل الذي كان مشركاً يومئذ من الكذب؛ لأنه يراه عاراً وسُبةً لا تليق بالرجل الذي يعرف جلالة الصدق، وقبح الكذب؟! إنها مروءة العربي، الذي كان يعد الكذب من أقبح الأخلاق!
    ولهذا لما سئل ابن معين: عن الإمام الشافعي قال: دعنا، والله لو كان الكذب حلالاً لمنعته مروءته أن يكذب(3)!
    وجاء في ترجمة الحافظ إسحاق بن الحسن الحربي (ت: 284) أن الإمام إبراهيم الحربي سئل عنه، فقال: ثقة، ولو أن الكذب حلال ما كذب إسحاق(4)!
    وكان إبراهيم الحربي (ت: 285) يقول في الإمام المحدث هارون الحمال: لو أن الكذب حلال لتركه هارون تنزهاً(5).
    ولله درُّ الإمامِ الأوزاعي: أنه قال: والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت!

    فأين من هذا أولئك الذين استمرأوا الكذب، بل وامتهنوه، ولم يكتفوا بهذا بل روّجوا شيئاً من عادات الكفار في الكذب، كما هو الحال فيما يسمى بكذبة إبريل! ويزعم بعضهم أن تلك كذبة بيضاء! وما علموا أن الكذب كله أسود! إلا ما استثناه الشرع المطهر.

    ويقال: لو لم يكن من خسارة يجنيها هؤلاء الذين يكذبون إلا أنهم يتخلفون بكذبهم هذا عن ركب المؤمنين الصادقين، الذين عناهم الله بهذه القاعدة القرآنية المحكمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين}.

    ما أحرانا معشر الآباء والمربين، أن نربي أجيالنا على هذا الخلق العظيم، وبغض الكذب، وأن نكون لهم قدوات حية يرونها بأعينهم.

    يقول الأستاذ الأديب الكبير محمد كرد علي:
    "لو عَمَدنا إلى الصدق نجعله شعارنا الباطنَ والظاهر في عامة أحوالنا؛ لوفرنا على أنفسنا وعلى من يحتفون بنا وعلى القائمين بالأمر فينا أوقاتاً وأموالاً ولغواً وباطلاً، ولعشنا وأبناءنا سعداء لا نقلق ونَرَوّع، ممتعين بما نجني، مباركاً لنا فيما نأخذ ونعطي، ولعشنا في ظل الشرف، وتذوقنا معنى الإنسانية، ونَعِمْنا بالقناعة، وعَمّنا الرضى"(6). انتهى، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





    ____________________



    (1) البخاري ح ()، ومسلم ح ().
    (2) صحيح البخاري ح (؟)، وصحيح مسلم ح (74).
    (3) لسان الميزان 5/416.
    (4) تاريخ بغداد (6/382).
    (5) تاريخ بغداد (14/22) وفي النص خلل، صحح من تذكرة الحفاظ 2/478.
    (6) أقوالنا وأفعالنا (178).





  11. بِسْمِ الله الرَحْمَانِ الرَحِيمِ وَالصَلاة والسلاَمْ عَلَى أَشْرَفِ المرْسَلِينْ ،،، {}

    { قَبْلَ البَـدأْ بِالْكَـلاَمْ صَلـوا مَعَنَا عَلَى رَسولِ الله سَيِدِنَـا محمد }

    { صَلَـوَاتِ الله وَسـَلاَمه عَلَيْـهِ وَعَلَى آلـهِ وَصَحْبِـهِ أَجْمَعِينْ وَمَنْ تَبِعَـه بِإِحْسَـان إِلَى يَـوْمِ الدِيــن }

    { يا ألف أهلا وسهلا بأعضاء منتدانا الأفاضل منورينـ،ـ// ،،، {}

    السلام عليكم و رحة الله تعالى و بركاته،

    ألف أهلا وسهل بكافة زوار موضوعي الكرام ،

    منورين شباب ، وإن شاء الله يفيدكــم الموضوع ،

    ولا تنسونا بردودكم وإنتقاداتكم ،

    لفظ (البر)



    ثمة ألفاظ في القرآن الكريم إذا طرقت سمعك فتحت لك آفاقاً واسعة من المعاني، وأفاضت عليك كثيراً من الدلالات، من ذلك لفظ (البر)، فما حقيقة هذا اللفظ لغة، وما هي الدلالات التي جاء عليها في القرآن الكريم؟ :

    ذكر ابن فارس في "مقاييسه" أن مادة (برَّ) بتشديد الراء تفيد أربعة أصول:

    الأول: الصدق. يقال: برَّ فلان، إذا صَدَق بقوله، أو بما وعد به. وبرَّت يمينه: صدقت. وأبرَّ بيمينه: أمضاها على الصدق. وتقول: برَّ الله حجك وأبره، وحجة مبرورة: قُبِلَت قَبول العمل الصادق. ومن ذلك قولهم: يَبَرُّ ربه، أي: يطيعه. وهو من الصدق. ومن هذا الباب قولهم: هو يَبَرُّ ذا قرابته، وأصله الصدق في المحبة. ويقال: رجل بِرٍّ وبار: رجل صِدْق. وأبرَّ الرجل: رُزق بأولاد أبرار. الجواد (المُبِرُّ) هو من هذا؛ لأنه إذا جرى صدق، وإذا حمل صدق.

    الثاني: خلاف البحر. يقال: أبرَّ الرجل: صار في البَرِّ، بعد أن كان راكباً في البحر. والعرب تستعمل ذلك نكرة، يقولون سافرت بَرًّا، وسافرت بحراً. والبرَّية: الصحراء. واعتبر الأصفهاني أن (البِرَّ) بكسر الباء مأخوذ من هذا الأصل بجامع التوسع، فبعد أن ذكر أن (البَرَّ) بفتح الباء خلاف البحر، قال: "تُصُوِّر منه التوسع، فاشتق منه البِرُّ، أي: التوسع في فعل الخير".

    الثالث: حكاية صوت. وهو البربرة: كثرة الكلام، والجلبة باللسان. ويقال: لا يَعْرِف هِرًّا من بِرٍّ. (الهِرُّ) دعاء الغنم، و(البِرُّ) الصوت بها إذا سيقت. يقال لمن لا يَعْرِف من يكرهه ممن يَبَرُّه.

    الرابع: اسم نبات. منه البُرُّ: وهي الحنطة، الواحدة: بُرَّة. يقال: أبرت الأرض: إذا كثر بُرُّها. ويقال للخبز: ابن بُرَّةُ، غير مصروف.

    ولفظ (البر) ورد في القرآن الكريم في اثنين وثلاثين موضعاً، جاء في ثلاثين منها بصيغة الاسم، من ذلك قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} (البقرة:44)، وجاء في موضعين فقط بصيغة الفعل، الأول: قوله عز وجل: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا} (البقرة:224). والثاني: قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم} (الممتحنة:8).

    ولفظ (البر) ورد في القرآن الكريم على عدة معان، هي:

    الأول: البَرُّ -بفتح الباء- خلاف البحر، جاء على هذا المعنى في عدة مواضع من ذلك قوله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر} (القصص:41). وقوله عز وجل: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} (المائدة:96). وأكثر ما جاء لفظ {البر} على هذا المعنى في القرآن الكريم.

    الثاني: البَرُّ -بفتح الباء- اسم من أسماء الله، بمعنى اللطيف، جاء على هذا المعنى قوله تعالى: {إنه هو البر الرحيم} (الطور:28)، يعني: اللطيف بعباده. روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: {إنه هو البر}، يقول: اللطيف. وليس غيره في القرآن الكريم على هذا المعنى.

    الثالث: البَرُّ -بفتح الباء- الصدق في فعل ما أمر الله، وترك ما نهى عنه، من ذلك قوله تعالى: {إن كتاب الأبرار لفي عليين} (المطففين:18)، {الأبرار} جمع بَرٍّ: وهم الذين صدقوا الله بأداء فرائضه، واجتناب محارمه. نظيره قوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم} (الانفطار:13)، أي: إن الذين صدقوا بأداء فرائض الله، واجتناب معاصيه لفي نعيم الجنان، ينعمون فيها. ومنه أيضاً قوله عز وجل: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} (الإنسان:5)، يعني: المؤمنين الصادقين في إيمانهم، المطيعين لربهم.

    الرابع: البِرُّ -بكسر الباء- بمعنى طاعة الله سبحانه وتعالى، من ذلك قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} (المائدة:2)، أي: تعاونوا على طاعة الله، وفعل ما يُرضيه. وعلى هذا المعنى أيضاً قوله عز وجل: {إن الأبرار لفي نعيم} (الانفطار:13)، أي: إن أهل طاعة الله في مقام النعيم. وقوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} (البقرة:44) مراد به هذا المعنى كما ذكر الطبري وغيره. ومن هذا القبيل أيضاً قوله عز وجل في وصف الملائكة: {كرام بررة} (عبس:16)، أي: مطيعين، جمع بار.

    الخامس: البِرُّ -بكسر الباء- بمعنى الجنة، من ذلك قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} (البقرة:92)، روى وكيع في "تفسيره" عن عمرو بن ميمون، قال: {البر} الجنة. قال الطبري: "قال كثير من أهل التأويل: (البر) الجنة؛ لأن بِرَّ الله بعبده في الآخرة، إكرامه إياه بإدخاله الجنة". ونقل البغوي أقوالاً أُخر في معنى {البر} في الآية، والمعتمد ما ذكره الطبري؛ لأنه هو المروي عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما.

    السادس: البِرُّ -بكسر الباء- بمعنى فعل الخير، من ذلك قوله عز وجل: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب} (البقرة:177)، قال البغوي: "{البر} كل عمل خير يفضي بصاحبه إلى الجنة". وبحسب هذا المعنى قوله سبحانه: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} (البقرة:224)، قال الطبري: عنى به فعل الخير كله؛ وذلك أن أفعال الخير كلها من (البر)، قال هذا تعقيباً على من حمل (البر) هنا على معنى صلة الرحم.

    السابع: البِرُّ -بكسر الباء- بمعنى الإحسان إلى الغير، من ذلك قوله عز وجل: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم} (الممتحنة:8)، قال ابن كثير: أي: تحسنوا إليهم. وعلى هذا قوله تعالى في وصف النبي يحيى عليه السلام: {وبرا بوالديه} (مريم:14)، أي: باراً لطيفاً بهما، محسناً إليهما. وبعضهم فسر (البر) في الآية الأخيرة بمعنى (الطاعة)، أي: كان مطيعاً لوالديه، غير عاقٍّ بهما. وهذا القول لازم القول بالإحسان إليهما.

    وحاصل الأمر: أن تتبع لفظ {البر} في القرآن الكريم يُظْهِرُ أن هذا اللفظ جاء في أكثر مواضعه القرآنية بمعنى (البَّر) الذي هو خلاف البحر، وهو معنى مادي بحت. وجاء بمعانٍ أُخر، منها: فعل الخير، اسم من أسماء الله تعالى، اسم للجَنَّة، طاعة الله، الإحسان للغير، الصدق بالالتزام بما شرع الله فعلاً ونهياً.



    لكم تحياتيـ،ـ//
    وإلى موضوع آخر بمشيئة الله ،
    أخوكم في الله ـ،ـ{ دوفة}ـ،ـ
    المصدر ـ،ـ{ اسلام ويب}ـ،ـ

  12. { )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:208)
    { 210 } قوله تعالى: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله }: الاستفهام هنا بمعنى النفي؛ و{ ينظرون } بمعنى ينتظرون؛ أي ما ينتظر هؤلاء المكذبون الذين زلوا بعد ما جاءتهم البينات؛ وتأتي بمعنى النظر بالعين؛ فإن عديت بـ«إلى» فهي للنظر بالعين؛ وإن لم تعدّ فهي بمعنى الانتظار؛ مثال المعداة بـ«إلى» قوله تعالى: {لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم} [آل عمران: 77] .

    وقوله تعالى: { إلا أن يأتيهم الله } أي يأتيهم الله نفسه؛ هذا ظاهر الآية، ويجب المصير إليه؛ لأن كل فعل أضافه الله إليه فهو له نفسه؛ ولا يعدل عن هذا الظاهر إلا بدليل من عند الله.

    قوله تعالى: { في ظلل من الغمام }؛ { في } معناها «مع»؛ يعني يأتي مصاحباً لهذه الظلل؛ وإنما أخرجناها عن الأصل الذي هو الظرفية؛ لأنا لو أخذناها على أنها للظرفية صارت هذه الظلل محيطة بالله عزّ وجلّ؛ والله أعظم، وأجلّ من أن يحيط به شيء من مخلوقاته؛ ونظير ذلك أن نقول: جاء فلان في الجماعة الفلانية أي معهم -؛ وإن كان هذا التنظير ليس من كل وجه؛ لأن فلاناً يمكن أن تحيط به الجماعة؛ ولكن الله لا يمكن أن يحيط به الظلل؛ وهذا الغمام يأتي مقدمة بين يدي مجيء الله عزّ وجلّ، كما قال تعالى: {ويوم تشقق السماء بالغمام} [الفرقان: 25] ؛ فالسماء تشقق - لا تنشق - كأنها تنبعث من كل جانب؛ وقيل إن { في } بمعنى الباء؛ فتكون كقوله تعالى: {ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا} [التوبة: 52] ؛ وهذا قول باطل لمخالفته ظاهر الآية؛ و{ الغمام }: قالوا: إنه السحاب الأبيض الرقيق؛ لكن ليس كسحاب الدنيا؛ فالاسم هو الاسم؛ ولكن الحقيقة غير الحقيقة؛ لأن المسميات في الآخرة - وإن شاركت المسميات في الدنيا في الاسم - إلا أنها تختلف مثلما تختلف الدنيا عن الآخرة.

    قوله تعالى: { والملائكة } بالرفع عطفاً على لفظ الجلالة؛ يعني: وتأتيهم الملائكة أيضاً محيطة بهم، كما قال الله تعالى: {كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً * وجاء ربك والملك صفاً صفاً} [الفجر: 21، 22] ؛ وفي حديث الصور الطويل الذي ساقه ابن جرير، وغيره(7) أن السماء تشقق؛ فتشقق السماء الدنيا بالغمام، وتنزل الملائكة، فيحيطون بأهل الأرض، ثم السماء الثانية، والثالثة، والرابعة...؛ كل من وراء الآخر؛ ولهذا قال تعالى: {صفاً صفاً} [الفجر: 22] يعني صفاً بعد صف؛ ثم يأتي الرب عزّ وجلّ للقضاء بين عباده؛ ذلك الإتيان الذي يليق بعظمته وجلاله؛ ولا أحد يحيط علماً بكيفيته؛ لقوله تعالى: {ولا يحيطون به علماً} [طه: 110] ؛ وقد تقدم الكلام على الملائكة عند قوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} [البقرة: 177] ؛ وبيَّنا أن الملائكة عالم غيبي مخلوقون من نور خلقهم الله عزّ وجلّ لعبادته يسبحون الليل والنهار لا يفترون.

    قوله تعالى: { وقضي الأمر }: اختلف فيها المعربون؛ فمنهم من قال: إنها معطوفة على: { أن يأتيهم فتكون في حيّز الأمر المنتظر بمعنى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله؛ وإلا أن يقضى الأمر؛ ولكنه أتى بصيغة الماضي لتحقق وقوعه؛ وعلى هذا فيكون محل الجملة النصب؛ لأن «تأتيهم الملائكة» منصوبة - يعني: هل ينظرون إلا إتيانَ الله في ظلل من الغمام، وإتيانَ الملائكة، وانقضاءَ الأمر -؛ ومنهم من قال: إنها جملة مستأنفة؛ أي: وقد انتهى الأمر، ولا عذر لهم بعد ذلك، ولا حجة لهم؛ و{ الأمر } بمعنى الشأن؛ أي قضي شأن الخلائق، وانتهى كل شيء، وصار أهل النار إلى النار، وأهل الجنة إلى الجنة؛ ولهذا قال بعده: { وإلى الله ترجع الأمور }؛ وفي { ترجع } قراءتان؛ الأولى: بفتح التاء، وكسر الجيم؛ والثانية: بضم التاء، وفتح الجيم؛ والمتعلِّق هنا مقدم على المتعَلَّق به؛ لأن { إلى الله } متعلق بـ{ ترجع }؛ وتقديم المعمول يفيد الحصر، والاختصاص؛ أي إلى الله وحده لا إلى غيره ترجع الأمور - أمور الدنيا والآخرة - أي شؤونهما كلها: الدينية، والدنيوية، والجزائية، وكل شيء، كما قال الله تعالى: {وإليه يرجع الأمر كله} [هود: 123] فالأمور كلها ترجع إلى الله عزّ وجلّ؛ ومنها أن الناس يرجعون يوم القيامة إلى ربهم، فيحاسبهم.

    الفوائد:

    1 - من فوائد الآية: وعيد هؤلاء بيوم القيامة؛ لقوله تعالى: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام... } إلخ.

    2 - ومنها: أن الله تعالى لا يعذب هذه الأمة بعذاب عام؛ لأن الله جعل وعيد المكذبين يوم القيامة؛ ويدل لذلك آيات، وأحاديث؛ منها قول الله - تبارك وتعالى -: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «أنه سأل ربه أن لا يهلك أمته بسنة عامة فأجابه»(8).

    3 - ومنها: إثبات إتيان الله عزّ وجلّ يوم القيامة للفصل بين عباده؛ وهو إتيان حقيقي يليق بجلاله لا تُعلَم كيفيته، ولا يسأل عنها - كسائر صفاته -؛ قال الإمام مالك - رحمه الله - وقد سئل عن قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] كيف استوى؟ فقال: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة» ؛ هذا وقد ذهب أهل التعطيل إلى أن المراد بإتيان الله: إتيان أمره؛ وهذا تحريف للكلم عن مواضعه، وصرف للكلام عن ظاهره بلا دليل إلا ما زعموه دليلاً عقلياً وهو في الحقيقة وهمي، وليس عقلياً؛ فنحن نقول: الذي نسب فعل الإتيان إليه هو الله عزّ وجلّ؛ وهو أعلم بنفسه؛ وهو يريد أن يبين لعباده، كما قال تعالى: {يبين الله لكم أن تضلوا} [النساء: 176] ؛ وإذا كان يريد أن يبين، وهو أعلم بنفسه، وليس في كلامه عِيٌّ، وعجز عن التعبير بما أراد؛ وليس في كلامه نقص في البلاغة؛ إذاً فكلامه في غاية ما يكون من العلم؛ وغاية ما يكون من إرادة الهدى؛ وغاية ما يكون من الفصاحة، والبلاغة؛ وغاية ما يكون من الصدق؛ فهل بعد ذلك يمكن أن نقول: إنه لا يراد به ظاهره؟! كلا؛ لا يمكن هذا إلا إذا قال الله هو عن نفسه أنه لم يرد ظاهره؛ إذاً المراد إتيان الله نفسه؛ ولا يعارض ذلك أن الله قد يضيف الإتيان إلى أمره، مثل قوله تعالى: {أتى أمر الله} [النحل: 1] ، ومثل قوله تعالى: {أو يأتي أمر ربك} [النحل: 33] ؛ لأننا نقول: إن هذا من أمور الغيب؛ والصفات توقيفية؛ فنتوقف فيها على ما ورد؛ فالإتيان الذي أضافه الله إلى نفسه يكون المراد به إتيانه بنفسه؛ والإتيان الذي أضافه الله إلى أمره يكون المراد به إتيان أمره؛ لأنه ليس لنا أن نقول على الله ما لا نعلم؛ بل علينا أن نتوقف فيما ورد على حسب ما ورد.

    4 - ومن فوائد الآية: إثبات الملائكة.

    5 - ومنها: إثبات عظمة الله عزّ وجلّ في قوله تعالى: { في ظلل من الغمام }؛ فـ{ ظلل } نكرة تدل على أنها ظلل عظيمة، وكثيرة؛ ولهذا جاء في سورة الفرقان: {ويوم تشقق السماء بالغمام} [الفرقان: 25] يعني تثور ثوراناً بهذا الغمام العظيم من كل جانب؛ كل هذا مقدمة لمجيء الجبار سبحانه وتعالى؛ وهذا يفيد عظمة الباري سبحانه وتعالى.

    6 - ومنها: أن الملائكة أجسام خلافاً لمن زعم أن الملائكة قوى الخير، وأنهم أرواح بلا أجسام؛ والرد على هذا الزعم في القرآن والسنة كثير.

    7 - ومنها: أن يوم القيامة به ينقضي كل شيء؛ فليس بعده شيء؛ إما إلى الجنة؛ وإما إلى النار؛ فلا أمل أن يستعتب الإنسان إذا كان من أهل النار ليكون من أهل الجنة؛ لكنه أتى بصيغة ما لم يسم فاعله لعظمة هذا الأمر؛ وهذا كقوله تعالى: {وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين} [هود: 44] .

    8 - ومنها: أن الأمور كلها ترجع إلى الله وحده؛ لقوله تعالى: { وإلى الله ترجع الأمور } أي الأمور الكونية، والشرعية؛ قال تعالى: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} [الشورى: 10] ، وقال تعالى: {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} [يوسف: 40] ؛ فالأمور كلها مرجعها إلى الله - تبارك وتعالى -؛ وما ثبت فيه أنه يرجع فيه إلى الخلق فإنما ذلك بإذن الله؛ فالحكم بين الناس مرجعه القضاة؛ لكن كان القضاة مرجعاً للناس بإذن الله تعالى.

    9 - ومنها: إثبات الأفعال الاختيارية لله - أي أنه يحدث من أفعاله ما شاء -؛ لقوله تعالى: { إلا أن يأتيهم الله }؛ وهذا مذهب السلف الصالح خلافاً لأهل التحريف والتعطيل الذين ينكرون هذا النوع، ويحرفونه إلى معان قديمة لمنعهم قيام الأفعال الاختيارية بالله عزّ وجلّ؛ ومذهبهم باطل بالسمع، والعقل؛ فالنصوص المثبتة لذلك لا تكاد تحصى؛ والعقل يقتضي كمال من يفعل ما يشاء متى شاء، وكيف شاء.

    10 - ومن فوائد الآية: عظمة الله، وتمام سلطانه، وملكه؛ لقوله تعالى: { وإلى الله ترجع الأمور }.

    الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ.



  13. بِسْمِ الله الرَحْمَانِ الرَحِيمِ وَالصَلاة والسلاَمْ عَلَى أَشْرَفِ المرْسَلِينْ ،،، {}

    { قَبْلَ البَـدأْ بِالْكَـلاَمْ صَلـوا مَعَنَا عَلَى رَسولِ الله سَيِدِنَـا محمد }

    { صَلَـوَاتِ الله وَسـَلاَمه عَلَيْـهِ وَعَلَى آلـهِ وَصَحْبِـهِ أَجْمَعِينْ وَمَنْ تَبِعَـه بِإِحْسَـان إِلَى يَـوْمِ الدِيــن }

    { يا ألف أهلا وسهلا بأعضاء منتدانا الأفاضل منورينـ،ـ// ،،، {}

    السلام عليكم و رحة الله تعالى و بركاته،

    ألف أهلا وسهل بكافة زوار موضوعي الكرام ،

    منورين شباب ، وإن شاء الله يفيدكــم الموضوع ،

    ولا تنسونا بردودكم وإنتقاداتكم ،





    من المقاطع القرآنية المتشابهة في القرآن الكريم نقرأ الآيتين التاليتين: الأولى: قوله تعالى: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم} (آل عمران:86).

    الثانية: قوله عز وجل: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم} (التوبة:74)، فهاتان الآيتان اتفقتا في أن المذكورين فيهما قد وقع منهما كفر بعد إسلام، فلِمَ عبر عنه في آية آل عمران بـ (الإيمان) وفى آية التوبة بـ(الإسلام)؟

    أجاب العلماء عن ذلك، فقالوا: إن اختلاف حال من عنى بهما في كل آية، استدعى التعبير بـ(الإيمان) في آية آل عمران، والتعبير بـ(الإسلام) في آية التوبة.

    وقد ذكر المفسرون أن آية آل عمران نزلت في الحارث بن سويد الأنصاري، وكان قد أسلم، ثم ارتد، ولحق بالكفار، ثم ندم، فأرسل إلى قومه ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل له من توبة؟ فسألوا، فنزلت الآية، فكتبوا بها إليه، فأسلم، وحَسُن إسلامه، ولم يكن في إسلامه أولاً من عُرِفَ بنفاق، ولا أنه أبطن خلاف ما ظهر منه من إسلام، فكانت حاله حال إيمان وتصديق صحيح، لم يظهر خلافه، وذلك هو الإيمان، فناسب حاله وصفه بـ(الإيمان) وهو التصديق بالقلب.

    أما آية التوبة فنزلت في الجُلاس بن سويد بن الصامت حين قال في غزوة تبوك: لئن كان ما يقول محمد حقاً، لنحن شر من الحمر، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فاستدعاه، فحلف ما قال، وكان منافقاً معروف النفاق، يتظاهر بالإسلام، ويبطن خلافه، فأنزل الله في قضيته: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم}، فقيل هنا: {بعد إسلامهم} مناسبة للحال؛ إذ الإسلام يقع في الغالب على الانقياد في الظاهر، وقد لا يكون المتصف به مصدقاً بقلبه، كما قال تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} (الحجرات:14).

    فاختصاص كل آية منها بالوصف الوارد فيها بيِّنٌ؛ لاختلاف الحالين، وفي كل من السببين قصة ذكرها المفسرون وأهل السير. وقد ذكروا أن الجلاس أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه.

    ولا بأس أن نشير هنا إلى أن ما ذُكِرَ في سبب نزول كل آية من هاتين الآيتين، إنما هو قول من قولين ذُكِرَا في سبب نزول كلٍّ منهما، وقد توقف الطبري في ترجيح أحدهما.


  14. [size=4]رحـــيلـــهــــا كــــــــ السبب ــــــان

    الفصل الأول .."ثرثرة الغياب "

    تتداخل الكلمات عندمايصبح> لشوقك .. صدى< ..فحنيني لم يعد يحتمل طوق الذكريات التي عشناها ..
    حقاً لكِ آلام ذقــتِها وأنا لا أشعر .. آلام كنت السبب في معظمها ..
    ,فسفري الذي بات جزء من حياتك "كان يؤلمك"..
    ........
    جمعتنا أيام منثورة بالسعادة ..بيت, سيارة ,ومرتب شاغر,إلا الأطـــفــال ..
    نعم حبيبتي كل شيءكان جميل لأنك موجودة فيه ..ولـــــكن :
    أتذكرين.. كيف اختفت تلك الحياة ؟؟
    أعيدي لمخيلتي أحداث قتلتني ..!
    ابتداءاً برثاء المرض لك ..تدهور حالتك ..وأخيراً : "نهاية أيامك " .
    لم تذكري شيء بعد ..حسناً ألا تذكرين مطلع شمسنا ,, رائد ,,صدقيني هو كل ماتَمنيتِه وأنت معي ..
    دعكِ مني :ألم تعهدي بأنه من تعيشين له ..أين أنت..
    ليس لأجلي "فقط" لأن رائد يشتاقك. .: نسيت بأنك لست بعد على مركبة أحلامنا ,فالموت اختصك من بين كل الأشياء التي أملكها ..
    أنا السبب !!!
    لولا غياب ٌ خلف بداخلك وطناً للفراغ .. ما همَّ إحساس الأمومة الوامق فيك بلإنجراف لواد من الوجد الماحق ..

    صارحوني : أن المرض ينساب بأوردتك ,, شُمِلتُ بمعرفة ما بقلبك من علة تمنعك من الإنجاب ..لا تملكين قوة تواجهين بها معاناة مرحلة خطرة كهذه ..
    اهتماماتي صرفت ناظراي عن هذا الأمر في بعض أعمال حكرت وقتي فيها..أصبح أكبر همي أن لا أعود لدوامة تفكيرك
    تريدين طفل يملأ لكِ ساعات تركتُ الملل يساكنك فيها بدل عني ..
    لاشيء ..سوى لحظات تمر طويلة ثم يحين موعد لقائك بأهلي الذين لن يسكن لهم طرف حتى تدمع عيناك حزنا ..أشعروك " بنقص "مابرح حتى فتأ بك ..
    قررتي بأحدى >غياباتي< ...بعد تفكير أجزم بأنه ماحُزم إلا بعد صراع قتلك بجرعات مأسورة بــــــــــ(الوجل)ــ ..
    .........
    اختيارك لم يمنحني فرصة الرد بـــــــــ"ــلا" قد توجعك ألماً ..
    انقيادي هو الحل ..لمرحلة صار الخجل من مواجهتك يعتريني .
    هل سألومك على تقصيري ..؟؟
    أم على ما ساوموك أهلي به ؟؟
    سحقاً لهم ..:
    جَعُلُهُم من أمانينا بالعيش معاً محاطة بواقع مسه الفقد,هو من أفقدنا بريق القناعة...



    في وقت ســـابق .. "ضـــــــجـة العودة"


    ولك ماأردت من مخطوطات أوقفتني مكتوف اليدين ..
    ,كما أقف الآن مترع ُ بأوهام قد تعيد لي جزء مفقود من حياتي ,
    هو بحد ذاته الجزء المختار منك ومن غيااااابك .
    ....................
    بعد ثلاث سنين .لأول مرة. أدخل هذا المكان فلا أجد صداك .
    أريد أن أقول لك شيء كنت تتمني سماعه ..
    كل الأشواق تتألم لفقدك..
    كل ما تعلق بك قد خالجني بالندم المعتم..:
    ندم على كل زمن مضى كنت بحاجتي ولهروبي المتكرر لم تجديني ..
    الآن أفهم .: معنى أن تكون وحدك بظلمة الليل رغم كونك معهم ..
    ولأجل ذلك ..لك مني أن أخرج من محواة مغلقةأوقفت بها سير أحلامنا.. وأن أتغير..
    نعم : أعدك بأن ما فات من عمرك انتظاراً لمجهولي بالظهور لن ينسى تضحيتك ..سأخرج من عالمي ولن أعود له
    أعدك : بأن أجعل لثمرة فقدك..:
    حياة لا تنقصها المحبة ..ولا يميتها الإهمال , سأعتني به كأنك أنتِ .
    ولك مني أن أغرس ما أردت فيه حتى أجعل منك مخبأ لطفولته ..
    فرائد وُلِد ليرـــــيني ثمن خسارتي ..
    لذا ..:
    "غـــيابك المؤلم ..خير من غفوة طال انتظارك لصحوتها "


    "الفقر..: هو عبارة عن جزء نفتقده في حياتنا .. وكنت حقاً أفتقر لوجود خربشة مشاعري على طيات العالم المجاور .."



    ".. إحساس صادق .."

    [/size]

  15. [size=6]أسعد زوجة
    [size=6]هى اللتى يسكب زوجها من عينيه

    [size=6]حبا دافقا الى قلبها فيدفئها بشمس مشاعره

    [size=6]فتغد[size=6]وا حياتها شروق[size=6] دائم وسعادة ب[size=6]ا[size=6]قية
    [size=6]
    [size=6][size=6]وأى عين[size=6]ا
    ن تفعل كل هذا ................

    انهما عينان[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
    [/size][/size][/size] تمتلئان محبة وحنان

    تأسر قلب من ينظر اليهما


    [size=6]اذن كيف بالشخص الذى يملك هاتان العينان؟؟؟
    [/size]

  16. [size=6]حبيبى

    اننى ادوب عشقا اننى احبك فى صمت وكان الصمت جنونى


    وحدثتك فى صمت وكان الحديث عيونى

    احبك يامن عجز القلب ان يبوح لك بما فى داخله من مشاعر واحاسيس


    حبيبى

    ان الفنان يرسم الصوره على اللوحه وانا رسمتك فى قلبى


    جلست فى حيرة من أمرى افكر حتى ارهقنى التفكير


    فذهبت الى احد الحكماء اسأله عن دواء لحالى فقال لى ان دواكى


    عند حبيبك ..........فاذا نظرتى اليه ستشفين من دائك.......


    فقلت لنفسى ليتنى أظل مريضه حتى انظر اليك ما بقى من عمرى


    وحتى لا أغيب عنك ثانية واحدة من عمرى

    اتمنى ان احتمى بظلال قلبك


    الى أغلى انسان قلبى اتعلق بيك خلاص مهما اتوه واتغرب حبى ليك بيقرب


    حبيبى

    فى حبك الفت ديوان وكتبت الشعر ألوان

    الى من ملك شعورى واحاسيسى وحبى وتقديرى

    الى الحب والهوى الى الجرح والدواء

    الى الحياه والمنى والى الفرح والهنى

    الى الملاك الطاهر الى من له كل الحب وكل بسمه من شفتى وله ينبض القلب



    واليكم جميعا وكل عام وانتم بخير وعيد سعيد


    بقلمى


    عروس النيل

    [/size]

  17. [size=6]بــدأت دقـــات قلبــي تــتســـارع يومــااّ بعــد يــوم
    وفـــي لحظة رؤيتك توقف قلبي للحظات ولحظاات ولحظااّت
    لمــست قلبـــي في هــذي اللحظة احــاول العثور علـــيهه
    ولـــكن لــمم اجــده لمــااذاّ ؟؟ لانـــك ذهبـــت واخــذت معــك قلبي
    لــمم تأخــذه فقــط بــل امتــلكته ولــمم تبــقي لــي شــيء
    [/size]

  18. [b][size=5][size=5]حبيبي ….. يسابقني شوقي للقياك ، أذوب حنينا لأن أرتوي من بحر عيناك الّذي لا يهدأ…… وأتوق شوقا لأن ألقي بروحي في عاصفة جنون حبك الهوجاء………. حبيبي… أعدّ دقائق الساعات في اللحظة التي سألتقيك بها ….. يصارعني الزمن.. تنقلب عندي كل الموازين …. أحسب الدقيقة التي تمر بطول سنين عمري……. يرتابني القلق…. أسمع صدى دقات قلبي كقطرات مطر قوية يدوي صداها في أعالي السماء…….. ويشتد قلقي… ويعلو خفقان قلبي…. وأترنّم على صدى ايقاع نبضاته كأجمل معزوفة قيلت في الحب تهمس لك بأرق الكلمات… أتعثر في خطواتي … تتسارع أنفاسي دفئها يزيد اشتعال نيران الشوق في قلبي….. حبيبي ………. يقترب اللقاء ……..
    أريد أن اكون أجمل النساء…… أريد للقائنا أثر لا يمحى…. وسحر لا ينطفئ….. أطلقت لليل شعري العنان…. وجمعت من أجمل الأزهار طوقا يزيد في ليل الظلام الداكن بريق خصيلاته اللامعة اشتعال………
    بحثت عن أجمل الثياب …. وارتديت لك ثوبا مخمليا يباهي بلونه وجماله جمال ورود الجوري الحمراء…… ثوبا يروي لك قصة عشقي…… من رأسي حتى أخمص قدماي…. وزينت عيناي ببريق حبك في قلبي…. وكأنهما لؤلؤتان تغوصان في بحر هواك الغارق…….جمعت من حدائق الدنيا أجمل رحيق الأزهار…… صنعت منه أرقى عطر تعطرت به ليسكرك حتى الإختناق…… وسرقت من أشعة القمر خيوطا فضية متلألئة….. نسجتها شالا رميته على كتفاي لأحميك فيه من جميع النساء……..
    فرشت طريقك إلي ورود ياسمين ……. يعبق شذاها بسماء دنيتي بأكملها…… وأنتظر بفارغ صبري لحظة اللقاء …….. لأركض اليك كطفلة يسعدها الحب وموعد اللقاء….. وأرمي برأسي بين ثنايا صدرك…… وأطوقك بذراعاي…… وأعانقك بشدة……. وأهمس لك بأعذب الكلمات …….. حبيبي ….. قلبي خلق لك وحدك….. ومشاعري لن تدفق يوما الا لعيناك……. حبيبي …. توجتني ملكة على عرش قلبك……… ولن أقبل الا أن أنحني لك تواضعا يا سيدي … لتعتلي رأسي وتكون أجمل تاج يرصع جبيني مدى الحياة.............
    ...
    [/size][/b][/size]

  19. جرحنى فأحببته ... خاننى فأرشدته

    دى أول مشاركة ليا أتمنى إنها تعجبكم



    أيا يا منية القلب ِ
    ندانى حبك فلبيته
    جذبتنى إلى دربك فسلكته
    وقرب بلوغى منتهاه
    جرحتنى .... فأحببتك


    عجبا لقلبى
    أيعشق من خان الوفاء ؟!
    فما أصبره على العذاب

    أيريح قلبى الشقاء؟!
    عجبا لك من قلب ناداه الكثير
    فلم تلبى يوما نداء
    الآن أحبت الجراح
    أحببت من أسكنك قصرا للبكاء
    أحببت من توجك أميرا للبأساء


    عجبا لك من قلب
    أما زلت له محب
    أتشفق على من خانك ؟!
    تطلب له السعادة
    وتحصنه بعيدا عن الضراء !
    تتمنى له حسن البقاء !

    جرحني فأحببته... خانني فأرشدته

    ما أصبرك من قلب على البلاء
    ما أقساك على ...وما أرحمك على
    من سقاك كأس العناء
    أأنت قلبى أم قلبه ....
    أم أدمنت له الوفاء؟

    جرحني فأحببته... خانني فأرشدته

    آآآآآآآآآآآآآآه لك من قلب
    أمن عاقل يبيع مثل هذا الحب !
    أم أن قلبى هو الذى إعتاد السماحة والصفاء
    يالك من قلب تستحق الانحناء

    مع إخلاصي،

  20. ومـآمِنْ شئ يؤلمني في هذه الحيــآه أكثر من بعد من أحب عني
    ويظلُ الحب بيننا كبييييييير ومهما فرقت بيننا الصحرااء والجبال

    #احبائي يا من ادخلتم السرور على قلبي ومسحتم دموعي بعباراتكم
    الرقيقه .. انتم معنى الحب الحقيقي .. انتم من اشكر ربي على وجودكم حولي

    #أحبائي يا من هجرتموني لم اهجركم يوماا وسأظل اذكركم .. أحبكم



    ويظل الرفيق والحبيب هو الذي يؤنس الوحده ومـآ إن يبتعد حتى تحس وكأن قلبك انفصل عن جسدك




  21. لو رجع بى الزمن ما تركت اناسا احبونى واحببتهم
    لو رجع بى الزمن لفعلت كل ما بوسعى لافيد مجتمعى
    لورجع بى الزمن لما احببت رجلا ليس لى
    لو رجع بى الزمن لترجيت القدر الا ياخذ ابى منى
    وذكرت الناس بالموت وان يكونوا رحماء على بعضهم
    ولرجوته ان يحقق حلم ان اعيش الامومة
    التي لم تعرف امى كيف تعطينى منها

  22. لو رجع بى الزمن ما تركت اناسا احبونى واحببتهم
    لو رجع بى الزمن لفعلت كل ما بوسعى لافيد مجتمعى
    لورجع بى الزمن لما احببت رجلا ليس لى
    لو رجع بى الزمن لترجيت القدر الا ياخذ ابى منى
    وذكرت الناس بالموت وان يكونوا رحماء على بعضهم
    ولرجوته ان يحقق حلم ان اعيش الامومة
    التي لم تعرف امى كيف تعطينى منها

  23. لطالما كانت البراءه تمحي المعاصي فتذوب
    وبراءتك سيدي أحيت كل الذنوب
    ماذا أقول في حقك؟؟
    ان كنت ترى الدنيا كما أراها انا
    ما استسلمت لغباءك
    ان كنت فعلا نادم على ماضيك
    ما كنت أعلنت غضبك
    هذه لعبتك سيدي
    تروي عطشك من بحيره كرهتها كل القلوب
    مازلت أحمق ضائع شريد الخاطر مسلوب
    ماذا تريد؟
    تالله ما ظننت الارض تحمل أمتالك
    ما نسبك في هذه الأوطان؟
    افعل شيء يدل على انك انسان
    تبعثرت كل احلامك بسببك انت
    عشقت دور ابليسك وما نابك سوى المصائب
    استيقظ سيدي..فقد نمت طويلا
    أصبحت تائها منعدما ذليلا
    لا تهمك حياتك
    بقدر ما يهمك تدمير حياه غيرك
    ان كنت أحمق
    فأنا قادره ان أكون حمقاء في كل حوار معك
    ان كنت عاقلا….فاعلم
    أن زحزحه قدري ليس بيدك
    كل خطوه تخطوها تهمك انت وحدك
    لا تتمنى ابتسامه ليست لك
    لا تحسب خجلي وتواضعي ضعفا يمحيني
    فلطالما تواضعت لحشره تختبأ مني
    قلبك قطعه رخام
    صدقني ان كنت رفعت شانك وتكبرت
    فأنت لا شيء ولا قلب يتمناك
    كن كما شئت…. ولا تنسى
    أن الأيام ستأخد ربيعك دون ان تراك
    استمر في جنونك
    عالمك يليق بك
    استمر في جنونك
    فانت لاتملك سوى صفر
    يملأ فرااااغك


    [size=6]منقووووووول بقلم الأخت " سميرة
    "[/size]

  24. [size=6]أبي ابكي من الضيقة وابعزف للهمـوم ألحـان
    أبي اطلق مواويل الحـزن واطـرح دواوينـي

    أبي أشكي أبي احكي ابوصف للبشـر حرمـان
    أبيهم كلهـم يـدرون أبيهـم يشعـروا فينـي

    أبي لا من طرى اسمي بكى من لوعتي شيبـان
    أبي لامن طرى"عاشق" ذكر من كـان يغلينـي

    أبيهم يذكرون أنـي بدمعـي صرت غرقـان
    أبيهـم يعرفـون الهـم هوّ اللـي يخاويـنـي

    أبي أصرخ وأبلغهم وأقول أن الفـرح خـوّان
    يجي مرة معاي و هو بطـول العمـر ناسينـي

    أبي اترك لهم قصة وأخيّرهـم علـى العنـوان
    يسمّوا "حزن "يحطوا "دمع"أنا ما عـاد يعنينـي

    أبي لامن وصل صوتي يحس بضيقتي إنسـان
    أبي لامن نزف جرحي لقيـت اللـي يداوينـي

    أبي شخص يجي يمـي و يقفـل للعنـا بيبـان
    أبيه يكون لي خـلٍ علـى حزنـي يواسينـي
    أبيه لمركبي مرسى وأبيـه لغربتـي أوطـان

    أبي لامن ذرفـت الدمـع لينـه لـي يعزّينـي
    أنا ما أبيه يصبح ضلع أبيه يكون لـي ضلعـان

    أبي لا من مشيت وطحت حط يديه في يدينـي
    إلامن خانني التعبير أبيـه يكـون لـي لسـان

    أبي لامن سكتْ ألقاه .يفهم مـن نظـر عينـي
    أبي لا من تعبت وضقت لمّ الروح بالأحضـان

    أبيه يكون لـي كتـاب إذا ضاعـت عناوينـي
    أبي أعشق وأبي أغـرم وببنـي للهوى بنيـان

    أبيه يكون مبنى ضخم ويسكـن فيـه مغلينـي
    أبي واحد ويسكن بي وابطرد لأجلـه السكّـان

    أبي يسكن وسط قلبـي وعمـره مـا يخلينـي
    أبي أشعل شموع الحب وبأعطي من الغلا بستان
    [/size]

  25. عندما كنت صغيرة كنت احلم بالزوج والابناء والسعادة رجل يعوضنى حنان ابى وعندما وجدت الرجل الذى رسمته فى خيالى ليكون فارس احلامى وابا لاولادى صرخ الزمن فى وجهى قائلا حبيبك ليس لك حبيبك لزوجة وابناء ليسوا
    اولادك منه فحملت جرحى بقلبى وصرت ابحث عن صورة الحب الاول فى كل رجل اقابله وفى كل مرة اقول فيها وجدته اجد سرابا وغدرا لتبقى صورة الحب الاول اجمل صورة عندي

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.