-
مجموع الأنشطة
1792 -
تاريخ الانضمام
-
آخر نشاط
نوع المحتوي
الاقسام
المدونات
Store
التقويم
التحميلات
مكتبة الصور
المقالات
الأندية
دليل المواقع
الإعلانات
كل منشورات العضو Mr ToDAY
-
"الزراعة" تدفع بـ7 لجان لمكافحة الجراد بسيناء
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ mido mix في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
طلب استايل
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ Mr ToDAY في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's أرشيف أقسام الطلبات
-
طلب استايل
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ Mr ToDAY في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's أرشيف أقسام الطلبات
-
طلب استايل
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ Mr ToDAY في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's أرشيف أقسام الطلبات
-
[center][rtl]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/rtl] [rtl]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونـــــعوذ بالله من شرور أنفسنا[/rtl] [rtl]ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،[/rtl] [rtl] وأشهد ان لا إلـــــــه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبـده ورسـولـــه[/rtl] اما بعد : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبة وبعد: فقد رفع الرافضة رؤوسهم، وأظهروا عقائدهم، وأعلنوا بها، فنحن إذاً أمام خطر عظيم، والقوم جادون، وقد تمثل ذلك في الأمور الآتية: - الصدع بعقائدهم وإظهارها دون خوف ولا وجل. - طبع الكتب الرافضية، ونشرها في مجمعات أهل السنة في العالم الإسلامي. - الصعود السريع والقوي لقوة إيران العسكرية، وتبنيها لنشر الرفض ودعمها الرافضة في جميع العالم خصوصاً في منطقة الخليج. - التعاون الرافضي السري تارة والمكشوف أخرى مع اليهود والنصارى الأمريكان ليكون لإيران دور في التمكين والسيطرة على المنطقة، ونتج من ذلك تمكن إيران بمخابراتها وحلفائها من السيطرة لأول مرة مع العراق توج ذلك بزيارة رافسنجاني في الأخيرة للعراق. وكذلك سيطرة (حزب الله) وفرض نفسه على جميع الساحة السياسية في بلاد الشام، وتأمين حدود إسرائيل الشمالية. - أطماع إيران الفارسية في منطقة الخليج، وتصريحات علي أكبر ناطق نوري الأخيرة "بأن البحرين هي المحافظة الرابعة عشرة" شاهد على ذلك. - نشر إيران الرفض في العالم، خصوصاً قي أفريقيا. - وأخيراً وليس آخراً أطماع إيران الرافضة الواضحة الصريحة في السيطرة على الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لأن زعامتهم للعالم الإسلامي لا تتم إلا بذلك، والتصريحات التي يطلقها الرافضة في كل من إيران والعراق دليل على ذلك. لهذا وجب سريعاً وبكل الجديّة على أهل السنة التحرك السريع والجاد والممنهج لمواجهة هذا البلاء العظيم وهذا الخطر الداهم. وإني اقترح هذه البرامج العلمية، لنطرحها كبرنامج عمل لهذه المواجهة: 1- تثبيت عقائد أهل السنة والجماعة في نفوس عامة الأمة، مستثمرين كل الوسائل الممكنة من دروس ومحاضرات وخطب جمع وإذاعة وتلفاز وصحف، ونشر الكتب والمؤلفات. وأهم هذه العقائد، التوحيد، وإبطال الشرك، وكذلك ما يتعلق بفضائل الصحابة وعدالتهم ورد جميع الشبهات عنهم. 2- كشف باطل الرافضة بالصريح ورد عقائدهم الفاسدة وإبطال أصولهم وكشف تناقضاتهم وحقدهم، وجرائمهم السابقة واللاحقة. 3- نشر الكتب المطولة والمختصرة التي كشفت الشيعة وإبطال عقائدهم. وإنشاء مراكز علمية متخصصة لأجل ذلك. 4- الدفاع عن رموز وأئمة أهل السنة الذين يركز الرافضة على ذمهم ومحاولة إسقاطهم، يساعدهم على ذلك بغفلة بعض المنتسبين للسنة. ومن هؤلاء الأئمة شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد عبد الوهاب - رحمهما الله -. 5- فتح مكاتب وتشكيل لجان خاصة تدير هذه البرامج العلمية داخل البلاد. 6- فتح مكاتب وتشكيل لجان في البلدان التي غزاها الرافضة في إفريقيا وغيرها خصوصاً كينيا، وغانا، وتوغو وغيرها. لمد أهل السنة والتعاون معهم ونشر الدعوة بينهم ومواجهة جهود الرافضة فيها. وهذا أمر مهم. 7- التواصل مع أهل السنة في إيران نفسها ومدهم وتثبيتهم. 8- مناصحة دعاة التقريب من المنسوبين لأهل السنة. وبيان ضلال هذا المسلك، وأن مدح الرافضة وتهوين الخلاف معهم له أعظم المضرة في تفريق أهل السنة وإضعاف حذرهم وتحذيرهم. في الوقت الذي يجدد الرافضة عقائدهم ويجمعون صفوفهم. 9- إنشاء مركز علمي متخصص يجمع جميع الكتب والمؤلفات القديمة والجديدة وكذا الرسائل العلمية من الجامعات السعودية وغيرها، مما أُلـِّـف عن الشيعة، ووضعها على شبكة (الانترنت) وتنزيلها في سيديهات وتوزيعها على جميع مراكز ومنتديات ومكاتب الدعوة داخل البلاد وخارجها. 10-الاهتمام بمن اهتدى من الشيعة ودعمهم ثم لاحقاً إمكانية الاستفادة منهم. 11-التواصل مع كل العلماء والدعاة والمراكز في الداخل والخارج الذي لهم جهود وفي مواجهة الرافضة ومجابهتهم والاستفادة منهم ودعمهم ليواصلوا جهودهم. 12-الاستثمار الحقيقي والفاعل لموسم العمرة والحج والزيارة في نشر الدعوة بين المسلمين الوافدين، بل وبين المنتسبين للتشيع. 13-التواصل مع التجار وإقناعهم بإنشاء المعاهد العلمية و الجامعات في مناطق مختلفة في أفريقيا وأسيا، لتقديم تعليم عصري مع العلم الشرعي، وكسب النوابغ والمتفوقين لأهل السنة، لأني لاحظت أن إيران لها جهد كبير في أفريقيا خصوصاً في كينيا في هذا الاتجاه.[/center]
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال العلامة الشيخ النحرير محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي أسبغ الله عليه لباس الرحمة و الحبور و أنزله مساكن الفوز و السرور : ” أيها الأب الكريم المؤمن العربي الشهم بأيِّ مسوِّغ من عقل أو دين أو مروءة أو إنسانية تترك فلذة كبدك التي هي ابنتك مائدة سبيلاً تتمتع بجمالها كلُّ عين فاجرة غدراً وخيانة ومكراً وظلماً لذلك الجمال الذي يُستغلّ مجاناً في إرضاء الشيطان و تقليد كفرة الإفرنج تقليداً أعمى مع إضاعة الشرف و الفضيلة و العفاف !؟ . و الفاجر قد يتمتع بالنظر إلى جمال المرأة وربما بلغت به لذة النظر إلى حد بعيد . ألا ترون قول بعضهم في محبة النظر الحرام : قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة … ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم مع أن فلذة كبدك التي هي ابنتك لو ربيتها تربية إسلامية في حنان و صيانة و محافظة على الشرف و الفضيلة لكانت هي جوهرة الدنيا و أنفس شيء موجود فيها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ )) [1] . ولا تكون صالحة إلا بالتربية الدينية . ولا يصح لعاقل أن يشك في أن اختلاط الجنسين في غاية الشباب و نضارته وحسنه أنه أكبر وسيلة و أنجح طريق إلى انتشار الفاحشة وفشو الرذيلة بين الجنسين . ولا شك أنهما بحكم كونه زميلها و هي زميلته في الدراسة أنهما يخلوان كما يخلو الزميل بزميله في منتزهات ومواضع السباحة في الماء ومواضع مراجعة الدروس ، وخلوه بها طريق إلى ارتكاب ما لا ينبغي لا ينكرها إلا مكابر ، و السبيل الموصلة إلى ذلك سبيل سيئة كما قال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [ الإسراء / 32 ] فصرح بأنه فاحشة وأن سبيله سيئة . و الفاحشة هي : الخصلة التي بلغت غاية القبح و السوء ، و كل شيء بلغ النهاية في شيء فهو فاحش فيه ، ومنه قول طرفة بن العبد في معلقته : أرى الموت يَعتام الكرام َ ويصطفي … عقيلةَ مال الفاحش المتشدِّد فقوله ” الفاحش ” أي البالغ غاية البخل . وتأملوا لم قال تعالى : { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا } ولم يقل : ولا تزنوا ؛ لأن النهي عن القرب منه يستلزم التباعد من جميع الوسائل التي توصل إليه ، ولأن من قرب من الشيء كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه . فما أجمل تعاليم القرآن و آدابه السماوية ، وما أحسن ما تدعو إليه من النزاهة و الفضيلة و التباعد عن الرذائل … … وبعد هذا كله فإنا نُهِيب بالآباء الكرام المسلمين العرب فنقول : أين شهامتكم العربية العريقة المتوارثة على مر العصور ؟! كيف تتركون بناتكم خارجات عاريات مبذولات لمن شاء أن يتمتع بالنظر إليهن مجاناً عدواناً على المسكينات الجاهلات و على الشرف و الفضيلة ؟! … … فليكن في كريم علمكم أن الزي الذي ترتديه بنات العرب و غيرهن من المسلمين في الجامعات و غيرها المقتضي كشف شيء من بدن المرأة لا يحل كشفه شرعاً ولا مروءة ، أن منشأه الأساسي هو ما يُفهم من القرآن العظيم و التاريخ ، و إيضاح ذلك : أن الشيطان هو العدو الألد لآدم وزوجه وذريتهما كما قال تعالى : { إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ } الآية [ طه / 117 ] و قال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ فاطر / 6 ] وقال تعالى : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [ الكهف / 50 ] إلى غير ذلك من الآيات ، ومعلوم أن الشيطان لشدة عداوته لآدم و زوجه وذريته أنه يسعى بكل ما لديه من الوسائل في إهانتهم بأنواع الإهانات الدنيوية و الأخروية ، ومن المعلوم أن من أعظم الإهانات الأدبية كشف عورة الإنسان ونزع ثيابه التي تستره عنه ، وهذه الإهانة الأدبية العظيمة هي أول إهانة ظفر بها إبليس فأهان الله بها بها آدم وحواء ، كما صرح الله بذلك في قوله : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا } [ الأعراف /20 ] . وقوله : { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ } [ الأعراف / 22 ] ، وكونهما طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة يدل على عملهما وكدحهما ليُخَفِّفا من ضرر الإهانة التي تسبب لهما منها عدوهما إبليس . وقد نادى الله – عز وجل – بني آدم نداءً سماوياً ونهاهم عن أن يغشم الشيطان ويهينهم كما أهان أبويهم آدم وحواء ، وذكر من ذلك أمرين : أحدهما : الإخراج من الجنة . و الثاني : نزع اللباس و إبداء السوأة التي هي العورة ، فجعل نزع اللباس و إبداء العورة مقروناً بالإخراج من الجنة ، وفي ذلك دليل على أن كليهما له وقع شديد ، و أنه أذية بالغة و إهانة عظيمة وذلك في قوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا } الآية [ الأعراف / 27 ] وبهذا تعرفون أن كشف العورة و إبداء السوأة مقصد أصيل عريق من مقاصد إبليس ليهين بها كرامة النوع الآدمي ، و إهانة كرامتهم تسره و تقر عينه لعداوته لهم . و لم يزل إبليس يحاول إهانة بني آدم بكشف العورة و إبداء السوأة حتى بلغ غايته من ذلك ، وقد كان حَمَل العرب في الجاهلية على أن يخلعوا جميع ثيابهم عند الطواف بالبيت الحرام حتى يهينهم بكشف العورة في حرام الله و أشرف بقاع أرضه حول أول بيت وضع للناس فيطوفوا عراة في حالة مزرية ، وكانت المرأة منهم تطوف بالبيت عارية و العياذ بالله وكل ذلك من إهانة الشيطان لهم ، وقد ثبت في صحيح مسلم [2] من حديث ابن عباس أن المرأة في الجاهلية كانت تطوف عارية وتقول : اليوم يبدو بعضه أو كله … وما بدا منه فلا أحله وكل ذلك إهانة من الشيطان لأعدائه الآدميين بكشف عوراتهم ، وله مع ذلك مقصد آخر وهو أن انكشاف عورتها يدعو إلى الفاحشة . ولم يزل الشيطان يهين الآدميين بكشف العورة حتى في حال الطواف بالبيت ، حتى دفع الله باطله بالوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم و أرسل صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي : ألَّا يحج بعد اليوم مشرك و لا يطوف بالبيت عريان [3] ، و أنزل الله قوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } الآية [ الأعراف / 31] وقوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ } الآية [ الأعراف / 26 ] و بنور ذلك الوحي سُتِرت العورات و لُبِست ثياب الزينة و التستر ، و رجع الشيطان خاسئاً ، ولكن لما طال الزمان و ضعف الدين و انصرف أكثر الناس عن الوحي السماوي وجد الشيطان الفرصة سانحة فأعادَ الكرَّة لإهانة الجنس الآدمي بكشف العورة و إبداء السوأة بفلسفة شيطانية من شعاراتها التقدم و الحضارة و الرقي و التمدن . و قد وصل إلى جميع غاياته في البلاد الكافرة ، فترك نساءها عاريات الفروج بالمجلات و الجرائد و مواضع السباحة في الماء و غير ذلك ، والإباحية فيها قائمة على قدم وساق ، و أولاد الزنا لا يمكن إحصاؤهم إحصاءاً دقيقاً لكثرتهم و العياذ بالله ، وهذا أمر معلوم مفروغ منه في أوروبا وما جرى مجراها . ثم إن الشيطان أراد أن يهين المسلمين بنفس الإهانة المذكورة التي هي أول نكاية أوقعها بآدم وحواء ، وقد وصل إلى كشف كثير من أبدان نساء المسلمين في الجامعات و الحفلات و الطرق وغير ذلك ، وبينت العورة المغلظة ، و الشيطان مُجِدٌّ في الوصول إلى إبدائها و كشفها من نساء المسلمين . ومعلوم أنه إن تمادى الأمر على ما هو عليه أنه سيصل إلى ذلك كما تشير إليه طبيعة التقاليد المتبعة . نرجو الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته و يبصِّر المسلمين طريق الحق و يلهمهم العمل بها حتى يحافظوا على بناتهم من كل ما يخل بالشرف و الفضيلة على ضوء النور السماوي الذي أنزله الله على سيد خلقه صلى الله عليه وسلم “. انتهى النقل من ” فتوى في تحريم التعليم المختلط ” للعلامة الشنقيطي ضمن مجموع فيه بعض فتاويه و محاضراته مضمن في آثار العلامة محمد الأمين الشنقيطي صفحة [159 ] و من [166 إلى 169 ] ببعض الحذف . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] : رواه الإمام مسلم في صحيحه (1467) . [2] : برقم (3028) . [3] : أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها برقم (1622) وبوب للحديث بمضمونه ، ومسلم في صحيحه (1347) .
-
السلام عليكم [ أحكام تتعلق بالأضحية ] ١) وقت ذبح الأضحية أربع أيام ، و أوله من بعد صلاة العيد ، و ثلاث أيام بعده ، و ينتهي بغروب شمس اليوم الثلاث عشر ، و يجوز الذبح في الليل و النهار . فتاوى ابن عثيمين رحمه الله : ٢٥ / ١٦٧ ➖➖➖➖➖➖ ٢) يحرم على المضحي في أيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة : ١) إزالة شعره ، ٢) تقليم أظافره ، ٣) إزالة بشرته أي جلده . أما أهل المضحي فيجوز لهم إزالة الشعر و تقليم الأظافر و إزالة الجلد . فتاوى اللجنة الدائمة : ١١ / ٣٩٧ ➖➖➖➖➖➖ ٣) شرط سن الأضحية : الإبل خمس سنين ، البقر سنتان ، المعز سنة ، الخروف ستة أشهر فتاوى ابن عثيمين : ٢٥ / ١٣ ➖➖➖➖➖➖ ٤) عيوب مانعة من الإجزاء في الأضحية : ١) العوراء البين عورها ، ٢) المريضة مرضا شديدا ، ٣) العرجاء ، ٤) العجفاء التي لا تنقي ، أي ليس فيها مخ لهزالها و ضعفها ، ٥) ما كان مثل هذه العيوب أو أشد فهو بمعناها ، فتاوى ابن عثيمين : ٢٥ / ١٣ ➖➖➖➖➖➖ ٥) الوكيل الذي وكله شخص أن يذبح عنه ، يجوز له أن يزيل شعره ، و أن يقص أظافره ، و أن يزيل بشرته . فتاوى ابن عثيمين : ٢٥ / ١٥٥ ➖➖➖➖➖➖ ٦) يظن بعض الناس أن من أراد الأضحية ثم أخذ من شعره ، أو ظفره ، أو بشرته شيئا ، في أيام العشر من شهر ذي الحجة أنه : لم تقبل أضحيته ، [ و هذا الأعتقاد غير صحيح ] فتاوى ابن عثيمين : ٢٥ / ١٦١ ➖➖➖➖➖➖ ٧) يحرم أن يبيع شيئا من الأضحية : من اللحم و الشحم و الدهن و الجلد أو غيره ، لأنها مال أخرجه لله فلا يجوز الرجوع فيه كالصدقة ، و لا يعطي الجازر منها في مقابلة أجرته أو بعضها فتاوى ابن عثيمين : ٢٥ / ١ ➖➖➖➖➖➖ جزى الله خيرا قائلها وجامعها خيرا ، وجدتها اختيارات موفقة فنشرتها .
-
[b]بسم الله الرحمن الرحيم عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده … وبعد: فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها. نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟ حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور: 1- التوبة الصادقة : فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31]. 2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام : فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت 3- البعد عن المعاصي: فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل. فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم. فضل عشر ذي الحجة 1- أن الله تعالى أقسم بها: وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح. 2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره: قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس. 3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا: فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني] 4- أن فيها يوم عرفة : ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه في رسالة (الحج عرفة(0 5- أن فيها يوم النحر : وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني]. 6- اجتماع أمهات العبادة فيها : قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره). فضل العمل في عشر ذي الحجة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري]. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشرـ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني]. فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها. من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كانوا ـ أي السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم. ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي: 1- أداء مناسك الحج والعمرة. وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه]. والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات. 2- الصيام : وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه]. وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم]. وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً. 3- الصلاة : وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري]. 4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر: فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري ك كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً. ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده. 5- الصدقة : وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم]. وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي: قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [/b] [center][/center]
-
[center]أحكام الشريعة الإسلامية الفصل الأول تعريف الشريعة الإسلامية المبحث الأول: تعريف الشريعة الإسلامية يراد (بالشريعة) كل ما شرعه الله للمسلمين من دين، سواء أكان بالقرآن الكريم نفسه، أم بسنة الرسول،صلى الله عليه وسلم ؛ فهي، لهذا، تشمل أصول الدين، أي ما يتعلق بالله وصفاته والدار الآخرة وغير ذلك من بحوث علم التوحيد. كما تشمل ما يرجع إلى تهذيب المرء نفسه وأهله، وما يجب أن تكون عليه العلاقات الاجتماعية، وما هو المثل الأعلى الذي يجب أن يعمل لبلوغه أو مقاربته، وما هي الطرق، التي بها يصل إلى هذا المثل، أو الغاية من الحياة، وذلك كله هو ما يعرف باسم علم الأخلاق. ومع هذا و ذاك، تشمل الشريعة أحكام الله في جميع الأعمال: من حل، وحرمة، وكراهة وندب، وإباحة. وذلك ما نعرفه اليوم باسم (الفقه) المرادف لكلمة (قانون) في عرف المعاصرين. وفي ذلك نجد أحد الذين عنوا عناية فائقة بتحقيق مصطلحات العلوم، وهو محمد علي التهانوي يقول: "الشريعة ما شرع الله لعباده من الأحكام، التي جاء بها نبي من الأنبياء، صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، سواء كانت متعلقة بكيفية عمل، وتسمى فرعية وعملية، ودون لها علم الفقه، أو بكيفية الاعتقاد، وتسمى أصلية واعتقادية، ودون لها علم الكلام". إلى آخر ما جاء في مادة (شريعة)، مما فيه التفرقة واضحة بينها وبين الفقه، وإذ كان قد ذكر ما يفيد أنها قد يراد بها الفقه في بعض الأحيان من باب إطلاق العام، ويراد به الخاص. ومن قبل "التهانوي" نرى أبا إسحاق الشاطبي، يفرق، عرضًا، بين الشريعة والفقه. وذلك، بأنه، وهو يتكلم في المقدمة العاشرة لكتابه "الموافقات في أصول الشريعة"، يقول: "إن معنى الشريعة أنها تحد للمكلفين حدودا في أفعالهم وأقوالهم واعتقاداتهم، وهو جملة ما تضمنته". ومعنى هذا، أن الشريعة مرادفة للدين، وليس يراد بها الفقه وحده؛ لأن الفقه لا يتعرض للاعتقادات، كما نعرف جميعا، بل ذلك موضوع علم الكلام أو التوحيد. وقد عرفت اللغة العربية كلمة "شريعة" قبل كلمة "فقه" بزمن طويل، ذلك بأننا نجد مادة (شرع)، ومشتقاتها وردت في كثير من آي القرآن الكريم، بل نجد كلمة "شريعة" نفسها جاءت في قوله تعالى:سورة الجاثية، الآية 18 ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ـ سورة الجاثية، الآية 18. وهذا في مقابلة الشريعة اليهودية، والشريعة النصرانية، ويراد بها الدين بصفة عامة. على حين أن كلمة "فقه" لم تعرفها لغة العرب بمعناها الذي نريده اليوم، إلا بعد مضي صدر من الإسلام، وفي هذا يقول ابن خلدون، في الفصل الذي عقده للكلام عن علم الفقه وما يتبعه من الفرائض: "الفقه معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين، بالوجوب، والحظر، والندب، والكراهة، والإباحة، وهي متلقاة من الكتاب والسنة، وما نصبه الشارع لمعرفته من الأدلة، فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة، قيل لها: "فقه". ويذكر بعد هذا أن هؤلاء، الذين يستخرجون هذه الأحكام، كانوا يسمون في فجر الإسلام بالقراء.. تمييزا لهم من الذين لم يكونوا يقرؤون الكتاب الكريم، إذ كان العرب أمة أمية، كما نعلم. "ثم عظمت أمصار الإسلام وذهبت الأمية من العرب، بممارسة الكتاب وتمكن الاستنباط وكمل (الفقه)، وأصبح صناعة وعلمًا، فبدلوا اسم الفقهاء والعلماء من القراء". المبحث الثاني: الحاجة إلى الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، مثله مثل كائن حي مادي، أو معنوي، لا ينشأ من لا شيء، ولا يبلغ كماله طفرة واحدة،. بل ينشأ من شيء موجود سابق عليه، ويأخذ في السير متدرجا في مراتب الحياة والوجود، حتى يبلغ أقصى ما يقدر له من نضج وكمال، ثم ينال منه الزمن، وأحداثه حتى يدركه الهرم. والعرب الذين نزل القرآن الكريم بلغتهم، وأصبحوا حملة الإسلام ودعاته، وناشريه في أقطار الأرض، كانوا أمة أمية حقا، ليس لها ما لجيرانها من الروم والفرس، من علوم، وفلسفات، وثقافة عالية. إنهم لم يكونوا يعنون إلاّ بعلم اللسان، واللغة، والشعر، وبرواية السير، والتاريخ، وبشيء من علم التنجيم، اضطرتهم إليه ظروف الحياة، وعرفوه من التجربة (لا على طريق تعلم الحقائق ولا على سبيل التدريب في العلوم)، كما يقول صاعد الأندلسي المتوفى عام 462 هـ. ونجد غير (صاعد) هذا، يتعرضون قصدا أو عرضا لحالة العرب العلمية، قبل الرسالة الإسلامية، والباحث يرى الكثير من ذلك فيما رواه العلماء الأثبات، وحفظه لنا التاريخ الصادق الأمين. ومن هؤلاء العلماء، نجد أبا إسحاق الشاطبي، الذي يذكر أن العرب كان لهم اعتناء بعلوم ذكرها الناس، ومن هذه العلوم "علم النجوم" وما يختص بها من الاهتداء في البر والبحر، واختلاف الأزمان باختلاف سيرها، وتعرف منازل سير النيرين، وما يتعلق بهذا المعنى، وهو معنى مقرر في آيات القرآن الكريم في مواضع كثيرة. ومنها، علوم "الأنواء"، وأوقات نزول الأمطار ونشوء السحاب وهبوب الرياح المثيرة لها. وهنا نجد الشرع، القرآن الكريم والحديث، قد جاء ببيان حقها من باطلها. ومنها، علم الطب، الذي كان يقوم على التجارب، لا على الأصول، التي عرفها الأوائل من حكماء اليونان، إلى آخر ما قال فيما يتصل بعلم التاريخ ومعارف أخرى. وقد كان للعرب مع ذلك، بطبيعة الحال، شيء من القوانين تحكم حياتهم ومعاملاتهم، قوانين لم تصدر حقا عن سلطة تشريعية، كما صار الحال، بعد أن جاء الإسلام، ولكنها كانت أوضاعا وتقاليد وأعرافا. استفادوا أكثرها من البلاد، التي كانوا يعيشون بجوارها، ويتصلون بها اتصالات عرفها التاريخ. ومن هذه البلاد: "الشام"، وقد كان قطرا يطبق فيه القانون الروماني، "والعراق"، حيث كان يسود القانون الفارسي، فضلاً عمن كان في "يثرب" ـ والتي سميت بـ "المدينة"، فيما بعد ـ من اليهود، وقد كان لهم قانونهم وتشريعاتهم المستمدة من الديانة اليهودية، بعد مَا دخلها التحريف والتبديل.. وإلى جانب ذلك نعرف، من تاريخ الأمم والشعوب، أنه كان لكل مجتمع، مهما كانت درجته من الحضارة والرقي الفكري والعملي، حظه من قواعد قانونية يجري عليها، في معاملاته، وعقوده، وتصرفاته المالية، وفي المسائل الشخصية، التي تبنى عليها الأسرة كالزواج ونحوه، وفي علاج جرائم المجتمع، بوضع العقوبات الزاجرة عنها الرادعة لمن يقترفون شيئا منها، وفي غير هذا كله من الشؤون ومسائل الحياة ومشاكلها. والمجتمع العربي، في شبه جزيرة العرب قبل الإسلام، لم يشذ طبعاً عن هذا الأصل، الذي يقوم عليه بقاء الشخص والنوع والاجتماع والعمران. عرف العرب في جاهليتهم قواعد قانونية كثيرة، قام عليها مجتمعهم، وكان ذلك في نواح شتى من النواحي، التي عالجها الإسلام فيما بعد. بما جاء به من فقه وتشريعات، وقد أقر الرسول،صلى الله عليه وسلم كثيراً من هذه القواعد، والمبادئ، التي كانت قد تبلورت فصارت أعرافا ينزلون على حكمها، فما كان الإسلام ليغير كل ما كانت عليه الأمة العربية، حتى ما كان صالحاً لبناء مجتمع صالح للحياة الطيبة، ومن ثم، لنا أن نقرر أن الإسلام طرأ على مجتمع له تقاليده وأعرافه وحياته القانونية. لقد عرف العرب كثيرًا من ضروب المعاملات، كالبيع، والرهن، والشركة، والمضاربة، والإجارة، والسلم. وأقر الإسلام، في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين، صلى الله عليه وسلم، وفعله وتقريره، غير قليل من أنواع هذه التصرفات، والعقود حين وجدها صالحة للبقاء، وحرم وألغى ما كان غير صالح منها. وكان من هذا الذي حرمه الربا، لأن فيه أكل أموال الناس بالباطل، كما كان، مما نهى عنه، أنواع من البيوع ـ سيجيء الكلام عنها ـ لما تؤدي إليه من غرر ومنازعات. وهذه الإشارة تحتاج إلى بعض الإيضاح، فلنذكر من الشواهد والأدلة ما يدل على ذلك، الذي نشير إليه. قال الرسول، صلى الله عليه وسلم ، للسائب بن أبى السائب، وقد جاءه يوم الفتح:سن أبي داود، الحديث الرقم (4196). كُنْتَ شَرِيكِي فَنِعْمَ الشَّرِيكُ كُنْتَ لا تُدَارِي وَلا تُمَارِي ، وقد روي أيضاً بألفاظ أخرى. وقال ابن هشام، وهو يتحدث عن زواج الرسول، صلى الله عليه وسلم ، بخديجة بنت خويلد: "وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم". من هذين الخبرين، نرى أن العرب عرفوا عقد الشركة، والإجارة، والمضاربة، وهي عقود أقرها الإسلام؛ لأن الحياة العملية لا تقوم بدونها، ثم وضع "الفقه" فيما بعد قواعدها، وشروطها، وحدودها، وذلك ليكون الغرض منها مصلحة المتعاقدين معا، في حدود شرع الله. كما عرف العرب عقد السلم، وهو شراء الشيء، الذي لم يوجد بعد، بثمن عاجل حال، ولهذا نجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، حين ينهى عن بيع المعدوم، لما فيه من الغرر والخطر، يستثنى السلم؛ إذ كان نوعا من المعاملات التجارية المعروفة قبل الإسلام، وبخاصة عند أهل يثرب، ولما يكون في منعه من الحرج، والتضييق على الناس. وفي هذا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا، قَالَ:صحيح البخاري، الحديث الرقم (2086). قَدِمَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم ، الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: "مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وفي ناحية ما يسمي اليوم في الفقه (بالأحوال الشخصية)، نراهم عرفوا ضروبًا مختلفة، من صلة الرجل بالمرأة، وقد أقر الإسلام منها ما يتفق والشريعة، وحرم الأنواع الأخرى، التي لم تكن إلاّ سفاحًا صريحًا. وفي ذلك تقول عائشة،رضى الله عنها :صحيح البخاري، الحديث الرقم (4732). إنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا . فهذا هو عقد الزواج الذي أقره الإسلام، ووضع له أصوله وحدوده، ليقوم به بيت صالح وأسرة طيبة هي أساس المجتمع، ولم يكن بد فيه من الخطبة والمهر، كما كانت المرأة لا تزوج إلاّ بإذنها. جاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني: "أن الحارث بن عوف المري وفد على أوس بن حارثة الطائي، يخطب إليه إحدى بناته، وكان له ثلاث بنات، فعرض الأمر على الكبرى والوسطى فأبتا، ثم خاطب الصغرى فقال: هذا الحارث بن عوف، سيد من سادات العرب، جاء طالبًا خاطبًا: فقالت: أنت وذاك، فأخبرها بإباء أختيها، فقالت: لكني والله للجميلة وجهًا، الصناع يداً، الرفيعة خلقًا، الحسيبة أبًا، فإن طلقني فلا أخلف الله عليه بخير"، فزوجها الحارث. إذاً، قد عرف العرب قبل الإسلام، ما أقره الإسلام من الزواج حين جاء، كما عرفوا أيضا فسخ الزواج بالطلاق، وإن لم يكونوا يتقيدون بعدد في الطلاق. فعَنْ عَائِشَة،رضى الله عنها ، قَالَتْ:سنن الترمزي، الحديث الرقم (1113). كَانَ النَّاسُ وَالرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ امْرَأَتُهُ إِذَا ارْتَجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ ، ولذلك نزل القرآن الكريم بتحديد عدد الطلقات، وبأنه ليس للزوج بعد الثالثة مراجعة. وعلى ذلك النحو من صلة الرجل بالمرأة بطريق الزواج، الذي تتقدمه خطبة الزوجة من وليها، نجد زواج الرسول، صلى الله عليه وسلم بالسيدة خديجة، رضي الله عنها. فقد روى أبو العباس المبرد المتوفى في عام 285هـ، أن أبا طالب خطب في هذا الزواج فقال: الحمد لله، الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعل لنا بلدًا حرامًا، وبيتًا محجوجًا، وجعلنا الحكام على الناس. ثم إن محمد بن عبدالله ابن أخي ممن لا يوازن به فتى من قريش، إلاّ رجح عليه: "برًا وفضلاً وكرمًا، وعقلاً ومجداً ونبلاً، وإن كان في المال قُلاً، فإن المال ظل زائل، وعارية مسترجعة. وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك، وما أحببتم من الصداق فعلي. ويروي ابن هشام في سيرته أن أبا طالب قال: "ومحمد من قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله، وعاجله كذا من مالي، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطب جليل جسيم"، وكان أن تم الزواج، وقام بتزويجها عمها عمرو بن أسد، وابن عمها ورقة بن نوفل، بشهادة صناديد قريش. من هذا، نرى أن عقد زواج الرسول، صلى الله عليه وسلم، جرى على ما جاء به الإسلام بعد، من صداق يدفع للمرأة، وقيام وليها به، وشهادة ملأ من الناس؛ ليتوافر له ركن العلانية، تمييزا له عن الزنى، والسفاح، ولا عجب! فهو زواج من أعده الله لحمل رسالته، وصانه من أوضار الجاهلية. وبعد ناحية الأحوال الشخصية، نجد في باب العقوبات، أنهم كانوا يقولون: "القتل أنفى للقتل"، أي أن عقوبة القتل العمد هي القصاص من القاتل، على حين كانت عقوبة القتل الخطأ هي الدية. ولم يقر الإسلام عقوبة القتل العمد والخطأ على ما كان عليه العمل قبله فقط، بل أقر كذلك ما يعرف بالقسامة حين يقتل قتيل في محلة ولا يدرى قاتله. ففي صحيح مسلم أن النبي،صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، كما ذكر البخاري في صحيحه صفتها في الجاهلية، في حديث طويل يبين منه أن الرسول،صلى الله عليه وسلم ، قضى بها حين قُتِلَ رجل من الأنصار في أرض لليهود، ولم يعرفوا من قتله منهم. وهكذا عرفنا أنه مهما كان ما عرفه العرب قبل الإسلام من قواعد ومبادئ قانونية، في هذه الناحية، أو تلك من نواحي الحياة العملية، فلا نستطيع أن نزعم أنهم وصلوا من ذلك إلى ما يكفي ليقوم عليه مجتمع سليم، وأمة صالحة للحياة، وما كان يمكن أن يكون الأمر إلاّ كذلك. ونصيب العرب في الجاهلية من الرقي، والحضارة كان نصيبا محدودا إلى درجة كبيرة، ومن أجل هذا وغيره، كانت الحاجة ماسة جدًا إلى الإسلام، وشريعته. أجل، ظهر الإسلام والعرب، بل العالم كله، في أشد الحاجة إليه، فآتاهم العقيدة الحقة، والشريعة الصحيحة، والنظم، التي يقوم عليها المجتمع، والأمة، لتسهم في بعث العالم، ونهضته، وإخراجه من الظلومات إلى النور، وكان من هذه الشريعة والنظم، ما نسميه بالفقه، أو التشريع الإسلامي.[/center]
-
السلام عليكم لحومهم مسمومة لكن ماهي صفاتهم؟ هذا ما سيجيب عليه شيخنا صالح السحيمي حفظه الله ما هي صفات العلماء الذين يُستفتون ؟ : صفات العلماء الذين يستفتون واضحة جدا أوضح من الشمس الصفة الأولى : اهتمامهم بالكتاب والسنة وتعويلهم عليها وتركيزهم عليها . والصفة الثانية : اعتدالهم ووسطيتهم في جميع الأمور . الصفة الثالثة : تعويلهم على العلم والتعلم , والفقه في دين الله عز وجل . الصفة الرابعة : وضوح منهجهم ووضوح طريقتهم العلمية , فلا يتخفون بفتاواهم أو بتجمعات خاصة بعيدة عن أنظار الناس بدعوى الاختفاء عن الأنظار , وإنما يدعون في وضح النهار , ليس عندهم شيء يخفونه , وليس عندهم شيء يخشون منه إلا الله عز وجل , ولذلك هم فتاواهم معلنة , لا تُبث عبر شبكة , ولا تبث عبر أشرطة مدسوسة مخفاة , أو تبث عبر رسائل من هنا وهناك , لأ ؛ أمورهم واضحة , ولذلك يروى عن سفيان ابن عيينة أنه قال : ( إذا رأيت الناس يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم مفتتحوا باب ضلالة أو بدعة إذ أن من علامات المبتدعة التناجي دائما , لأنهم مثل الخفافيش , الذي لا يتحرك إلا بماذا ؟ في الظلام , لكن العالم الرباني دينه واضح , منهجه واضح طريقته واضحة ( إن هذا العلم دين فاعرفوا عمن تأخذون دينكم ) قاله ابن سيرين في الإسناد ولكنه يشمل جميع أمور الدين , فاعرفوا عمن تأخذون دينكم . من علاماتهم : محبة الخير للناس يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم . من علاماتهم التواضع : ومن تواضع لله رفعه من علاماتهم التحري تحري الصواب , وعرض المسائل الجديدة على الكتاب والسنة وقواعد السلف القديمة , وقد يختلفون فيها الليالي والأيام ثم يتوصلون فيها إلى شيء أو قد ينقسمون فيها إلى قسمين في المسائل التي يسوغ فيها ماذا ؟ الإجتهاد . من علاماتهم الرجوع عن الخطأ وإعلان الرجوع , ولو رأيتم ما بين مشايخنا الشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن إبراهيم وسماحة المفتي والشيخ الفوزان , والشيخ ابن عثيمين وغيرهم ما بينهم من ردود في بعض المسائل , حيث يرجع بعضهم في كثير من الأحيان إلى قول البعض الآخر , ويعلن أنه تبين لي أن ما رآه أخي فلان هو الحق والصواب فرجعت إليه , لأنهم ليس عندهم تعصب لآرائهم , الحق ضالتهم أنى وجدوه ماذا ؟ اتبعوه . من أعظم علامات العلماء الربانيين أن يكون لهم موقف واضح في النوازل المدلهمة , والمسائل التي تتعلق بمصير الأمة , موقف واضح لا ( يشوبه ) غبار , ولا يستره الظلام , فإذا ألمَّت مُلِمَّة بالمسلمين سارع إلى الجد والإجتهاد للوصول إلى الحق فيها , وانظروا إلى بيانات كبار علمائنا فيما يتعلق بماذا ؟ من يكمل ؟ ها ؟ بفعل من ؟ فيما يتعلق بفعل من ؟ ها ؟ بفعل من ؟ ما زلتم تترددون في أن تسموهم خوارج , بفعل الخوااارج مدوها مد لازم , خوارج بكل معنى الكلمة , جماعة أسامة والظواهري , ولا تكفيهم بل أقول لكم شيئا إن الخوارج الأولين على ما عندهم من ضلال أقل منهم خطرا . لأن الخوارج القدامى يعلنون موقفهم , ويبارزون بالسلاح , أما هؤلاء يسيرون في الأنفاق المظلمة , حتى اضطروا أن يفتوا أتباعهم بجواز حلق لحاهم , وبجواز لبس لباس من ؟ المرأة , ولباس المتخنفسين , على قاعدة أحد منظريهم القَعَدة , فإنه قَعَّدَ لهم قاعدة قبل نحو سبع عشرة سنة وهي قوله : ( إننا قد نضطر أحيانا إلى تطبيق نظرية ميكافيللي ) ما هي نظرية ميكافيللي ؟ الغاية تبرر الوسيلة , يمكن يلبس ثوب مرأة , يمكن يذهب إلى الكفار ويمالئهم ضد المسلمين , يمكن ينزل إليهم ويمالئهم ضد المسلمين , يمكن أن يذبح ويقتل , هذا معنى الغاية تبرر ايش ؟ الوسيلة . المهم هو يصل إلى ما يريد مما يدعي أنه الحق , ولو على أشلاء المسلمين , ولا أَدَلَّ على ذلك من فعل أصحاب الجزائر القريبة هذه , وما فعلوا عندنا في مكة والمدينة والرياض والقصيم وغيرها , فانتبهتم هذه ميزة العلماء الربانيين أنهم يتكلمون في وضح النهار ما عندهم جلسات استراحات يدسون فيها علومهم عند بعض الخاصة , أحد مشايخنا استدعاه بعض الشباب قال يا شيخ نريد أن نلقاك في نصائح تنصحنا وتوجهنا , قال لهم حبا وكرامة تفضلوا , فوعدوه بمكان , فلما جلسوا قالوا : لا لا يا شيخ هذا المكان يرانا فيه الناس , ثم ذهبوا إلى واد آخر قالوا : لا لا هذا الوادي مكشوف ! ثم ذهبوا لشجرة ثالثة , قالوا : لا لا هذه الشجرة مكشوفة !! فقال لهم : أنتم ما شأنكم ؟ ما الذي وراءكم ؟ ماذا تخفون ؟ عمن تريدون أن تندسوا ؟ عمن تريدون أن تختبئوا ؟ هيا هيا معي أنا أريكم المكان الطيب المناسب , فلعلهم استحوا وذهبوا معه , تصوروا أين ذهب بهم ؟ ها ؟ أين ؟ أحد الحضور : المسجد . الشيخ : المسجد أحسنت . ذهب بهم إلى المسجد , فقال لهم : هذا المكان لا رقيب فيه إلا الله , ... هذا هو شأن العلماء الربانيين , لا يندسون تحت الأشجار ولا في ( الوياد ) لا يتصورون أن كل البشر عبارة عن استخبارات ومباحث عليهم , هذا من دأب من ؟ وما الذي بينك وبين الباحث والإستخبارات ؟ ماذا بينك وبينهم إذا كنت سليما فلا تخف لا من مباحث ولا من استخبارات , وأما إن كنت ؛ إن كان وراءك شيء تخفيه فأنت وشأنك , ولذلك من علامات هؤلاء المبتدعة الخوارج بالذات : والقطبيين خاصة , من علاماتهم تصور أن كل من يدعو إلى منهج السلف منتمي إلى جهاز كذا وكذا , جهاز مراقبة , جهاز مباحث الخ .. وماذا بينك وبين المباحث يا أخي أُدعو لهم إخوانك يسهرون الليالي والأيام من أجل راحتك , ويتعرضون للموت أحيانا والقتل , وأنت نائم عند امرأتك , ماذا تنقم عليهم ؟ إن كان والله في بطنك , إذا في بطنك ريح فما أنت بمستريح , أما إن كنت سليما معافى سائرا على منهج السلف واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار أو رائعة النهار فلا عليك من أحد , ولن تؤذى بإذن الله تعالى . فمن أعظم علامات العلماء الربانيين وضوح ماذا ؟ وضوح المنهج , وضوح الهدف , وضوح الطريق الذي يسلكونه , عرفتم إخواني ؟ أنتم تسجلون هذه العلامات ؟ هذا مهم جدا معرفة هذه العلامات حتى نعرف العلماء من غير العلماء , أيضا من علامات العلماء الدعاء لولي الأمر : خلهم يسمونك ما شاؤوا , محبة ولي الأمر والدعاء له ومحبة الخير له والدعاء له بالصلاح , والتقى والبطانة الصالحة لأن بصلاحه تصلح الرعية وبالمقابل من علامات المبتدعة : الدعاء عليه , بعضهم ينقمون عليك إذا دعوت يوم الجمعة لولي الأمر ! لماذا يا أخي ؟ ما الذي عندك عندما لا تريدنا أن ندعو لولي الأمر ؟ والله نحبه في الله ؟ ونتقرب بحبه إلى الله لأن بصلاحه تصلح الرعية , ونتمنى له الخير وندعو له أن يرزقه الله البطانة الصالحة ؟ وأن يوفقه لما فيه صلاح البلاد والعباد , وأن يقيه شر الأعداء . هذي ترى من علامات أهل السنة , كما روي عن الإمام أحمد وغيره وعن الفضيل بن عياض وغيرهم من أئمة الهدى كانوا يدعون لولاة الأمور , و يقول لو كنت أعلم أني مستجاب الدعوة لدعوت لولي الأمر . أنا أضرب لكم مثل : المأمون العباسي المعتزلي الجهمي , ماذا فعل بالإمام أحمد ؟ تعلمون ماذا فعل بقضية المحنة بالخوف القول بخلق القرآن ؟ لما جاءه بعض الشباب وسجن أحمد وضربه أبناءه من بعده الواثق ضربه وغيره , ومع ذلك يقول لو كنت أعلم أني مستجاب الدعوة لادخرتها لمن ؟ لولي الأمر , هو يعلم أن ولي الأمر مخدوع بهذا المذهب خدعه بِشر المريخي وأحمد بن أبي دؤاد وغيرهم وأنه مسكين مغرور مخدوع بهم , ولما جاءه مجموعة من الشباب يدعونه إلى الخروج , ويقول شاركنا نخرج على المأمون الذي فعل وفعل وفعل وقال بخلق القرآن ووو ؛ قال ويحكم لا تفعلوا ثم نصحهم فأبوا أن يسمعوا النصيحة , فما كان منهم إلا أن ذهبوا , فمنهم من شُرِّد ومنهم من قُتِل ومن من سُجِن ومنهم من اختبأ إلى أن زالت الغمة في عهد المتوكل . كيف يدعو له وهو معتزلي ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لأن بصلاحه تصلح الرعية , ولأنه يعلم أنه مغرر به ولم يكن هو أصلا المتبني لهذا الفكر , فانتبهوا يا إخوان فإذا كان المأمون المعتزلي ووقف منه الإمام أحمد هذا الموقف وهو الذي آذاه بألوان الأذى وسلط عليه المعتزلة والجهمية , ومع ذلك يقول : لو كنت أعلم أني مستجاب الدعوة لدعوت له , سبحان الله أين هذا ( ... ) من العلماء ؟ ان شاء الله موجودون ولله الحمد علماؤنا سائرون على هذا الفكر النير - أو ما نسميه فكرا نحن لأن الإسلام ليس فكرا ولا فكرة - على هذا المنهج النير القويم المستد من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , اسمحولي السؤال كان مهم جدا مسألة علامات أهل السنة وعلامات العلماء الربانيين كان يتطلب وقفات ووقفات في ذلك أطلنا فيه . اهـ من هنا المادة صوتية http://alsoheemy.net/play.php?catsmktba=1020
-
[center] [center]إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ... أما بـــــــــعد السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و برَكاته أخوتي و أخَواتي في الله أتمنى مِنْ الله عز و جل أن تكونوا جميعاً بأفضل حال [rtl] تنبيه الأنام لما في الأذان من أخطاء وأوهام [rtl]الأذانُ والإقامةُ من شعائرِ الإسلامِ التعبديَّة الظاهرةِ، المعلومةِ من الدينِ بالضَّرورةِ بالنصِّ وإجماعِ المسلمينَ، ولهذا فالأذانُ من العلاماتِ الفارقةِ بَينَ بلادِ الإسلامِ وبلادِ الكُفرِ، وتوارَثَ الأجيالُ على مدِّ العصورِ من قديمٍ على فعلِه، كما حُكي الاتِّفاقُ على أنه لو اتفق أهلُ بلدٍ على ترْكهما لقُوتلوا. قال الشيخ الحنبلي مراد شكري في نونيتِهِ: إن الأذان كما الإقامةِ لازمٌ *** أهل القرَى للخمس والبلدانِ كما قد شُرع الأذانُ في السنةِ الأولَى مِن الهجرةِ، لذا أحببت وضع تنبيهات مهمَّة مقتبسةٍ من كلام العلماء المتقدمين والمعاصرين لما رأيت من العجب الكبير الذي يفعله المؤذنون، ثم ذكرتُ بعض الأحاديث الواردة في فضله، وإن لم أوافِ حق الأذان من أدلة ومسائل وأقاويل للفقهاء - رحمهم الله - وتعريفاتهم، لكن أردت بهذا العمل (مذكرةً) لتذكير إخواني المؤذنين بتأذينهم الذي قد يوصل إلى البطلان. (شُروطُ الأذانِ والمؤذِّن) 1- أن يكون عالماً بدخولِ الوقتِ، فلا يصح الأذانُ قبلَه أو بعدَه، لأنَّ الأذانَ بمعنى الإعلام، أيْ: إعلامُ الناسِ أنَّ الوقتَ قد دخلَ، ولا بأسَ بالعمل (بالتقويمات)؛ لأنها مبنيّةٌ على العلمِ والنظرِ، فتكون بمنـزلةِ المخبر، ما لم يثْبتْ تقديمُها الأذانَ كما في بعض الدولِ. قال الشيخ الألباني - رحمه الله - بعد بيانه تفريط الناس في وقت أذانهم وربطهم بمواقيت ملزمة قد تكون خاطئة، وسببه "الجهل": لعل من كان يملك أذانه من المؤذنين، ومن كان من الحكام الغيورين على أحكام الدين يهتمون بالمؤذنين وتوجيههم أحكام دينهم وأذانهم، ويمكنونهم من أداء الأمانة التي أنيطت بهم، وهم يعلمون قوله - صلى الله عليه وسلم -: (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)). الصحيحة (15/16). 2- وجودُ النـيَّة، فلا يصح من الصبيِّ غير المميّز، والمجنونِ والسكرانِ. 3- أن يكونَ ذكراً؛ لأنه ليسَ على المرأةِ أن تُؤذن على الصَّحيح؛ لأنَّ ذلك لم يُعهد إسنادُه إليها ولا تَولّيها إياهُ زمنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا في زمنِ الخلفَاءِ الراشدينَ -رضي الله عنهم-، وهو ليس من أعمَالها، وأذانهُا لا يُجزئُ عند الجمهور. 4- أن يكون عدلاً أميناً، فقد ثبت "المؤذن مؤتمنٌ"، ويكره أذان الفاسق غير المجاهر بفسقه عند شيخ الإسلام، كما أنّ الأولى أن يكون هناك مؤذنٌ راتبٌ مسئولٌ، قال الشيخ الحنبلي مراد شكري جامعاً شروط ما ذكرنا: مِن مسلم ذكرٍ وعدلٍ عاقلٍ *** ومميّزٍ بل ناطقٍ بلسـانِ 5- عدم التطويل في الأذان والتمطيط والتلحين فلا نعلم له أصلاً، بل السنة أن يؤذن الأذان الشرعي بحيث يكون معتدلاً، قال الشيخ صالح الفوزان: ويستحبُ أن يتمهَّلّ بألفاظ الأذان من غيـر تمطيط ولا مد مفرط. اهـ ولا يستدل جوازه بقوله "أندى صوتا". 6- الترتيب في الأذان؛ لأن المقصود منه يختل بعدم الترتيب وهو الإعلام، فإنه إذا لم يكن مرتبا لم يعلم أنه أذان ولأنه شرع في الأصل مرتبا، وعّلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا محذورة مرتباً، والترتيب أن يبدأ بالتكبير، ثم التَّشهُّد، ثم الحيعلة، ثم التَّكبير، ثم التَّوحيد، فلو نَكَّسَ لم يجزئ، ووجب الإعادة. 7- الموالاة، حيث إن كلَّ واحد منهما عبادة، فاشترطت الموالاة بين أجزائها كالوُضُوء، فلو كبَّر أربع تكبيرات ثم انصرف وتوضَّأ ثم أتى فأتمَّ الأذان، فإن هذا الأذان لا يصحُّ، بل يجب أن يَبْتَدِئَهُ من جديد. إلا إذا قَصُر الفصل كعارض فإنه لا يلزم الإعادة. 8- وجوده من الشخص بذاته، فلا يصح من مسجّلٍ أو مذياع أو رجال يتناوبونه، وهو ما يعرف "بالموحد" لما فيه من المخالفات الشرعية الكثيرة، ومن البدع المحدثة، منها: أنه قد يُبدأ به وقد صار في نصفِ أذانه. ومنها: قد يصحبُه في آخره أو أثنائه أو حينَ ابتدائه بعضاً من الأصوات المحرمة. لذا كانت العبادات توقيفية، فلا يردّ خلفه إنما هو صدى تأذين أمّا الأذان المسجل الذي يذكر بوقت الصلاة لا بأس به. أما إن كان أذاناً شرعياً يُعرف به دخول الوقت، ويؤذن به لجميع الناس، ويكون بديلاً للمؤذن فلا يصح، وليس هو الأذان المطلوب شرعاً، وهذا قرار علمائنا المعاصرين والمجمع الفقهي الإسلامي. قال الشيخ مراد شكري الحنبلي جامعاً ما ذكرنا: ومرتّباً متوالياً في وقتـه *** من واحدٍ والصوتُ ذو رفعانِ 9- عدم الزيادة أو النقص أو تغيير المعنى المبطل أو المؤثم، وذلك مثل: "حي على خير العمل" و " أشهد أنّ عليا وليّ الله" وبعد الأذان "أقبلوا هداكم الله" وغيرها. كذلك قول المؤذن "التصبيح": أصبح ولله الحمد، و"التحضير": حضرت الصلاة رحمكم الله. و"التأهيب" قبل صلاة الجمعة: الوضوء للصلاة. و"الترقية" بعد الأذان الثاني من يوم الجمعة: إن الله وملائكته...وحديث: إذا قلت لصاحبك أنصت فقد لغوت.و"الترضي" بعد أذان الفجر: رضي الله عليك يا شافعي أو حسين.... ونظمُ بعد الأذان: أمّة خير الأنام. وقل ما شئت من البدع المحدثة (والله المستعان). (تَنبِيهَاتٌ ومُستَحَباتٌ قبلَ الأذانِ) 1- أن يكون المؤذن صيّتاً، وذا صوت جميل قال النبي - عليه السلام - عن أذان بلال "هو أندى صوتاً" وذلك أنَّه أبلغُ في الإعلامِ. 2- يفضّل للمؤذن أن يختار مكانا مناسبا يسمع فيه الناس الأذان ذلك إن لم يكن ثمة ميكرفونات بل في الفيافي والصحاري والقفار أو لافتقار وجود مكبرات صوت، كذا مع وجودها فقد ثبت في الحديث "يغفر للمؤذن مدى صوته". 3- قال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني" (1/ 248): " الْمُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْجَنَابَةِ جَمِيعًا " ويدخل المسجد ولو كان جنباً على القول الراجح. 4- لا يجوز عقد إجارة للتأذين، بأن يستأجرَ شخصاً يؤذِّن أو يُقيم؛ لأنهما قُربة من القُرَب وعبادةٌ من العبادات، والعبادات لا يجوز أخذ الأجرة عليها. أما الجعَالة؛ بأن يقول: من أذَّن في هذا المسجد فله كذا وكذا دُونَ عقدٍ وإلزام فهذه جائزة؛ لأنَّه لا إلزام فيها، فهي كالمكافأة لمن أذَّن، ولا بأس بالمكافأة لمن أذَّن، وكذا الإقامة، لكن إن لم يوجد متطوعونَ فيحلَّ وضع مؤذّن بنفقةِ بيت المال. 5- السنة أن يؤذن المؤذنُ قائماً، كما كان يفعل مؤذنو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكما سار عليه المسلمون إلى يومنا هذا، وانعقد عليه إجماع الكافة، فإن أذن قاعدا أو مضجعا لغير عذر، صح أذانه مع الكراهة. 6- يتأخر بعضهم عن الأذان إذا كان يوم صومٍ بشغله بأكل وشرب، والناس تنتظر أذانه، فلا يحق له الأكل والشرب كثيراً بحيث يتأخر، أما إن كان يسيراً كشربة ماء، أو كان في الحيّ وحده فيؤخر الأذان، فلا حرج في ذلك. 7- قراءة القرآن في مكبرات الصوت قبُيل الأذان بزمن من البدع المحدثة في هذا الزمان، وهو تشويشٌ وإزعاجٌ. كذلك الأذان على الميت في القبر بدعة محدثة، والأولى: الدعاء له. 8- التعوّذ والبسملة قبل الأذان، فلم تنقل كتب الحديث والآثار أيّ أصل يمكن أن يُعتمد عليه في الحكم بمشروعيته، سواء بالنسبة للمؤذن أو لمن يسمعه، ويتعذر القياس في التعبدات لعدم إدراك العلة الجامعة بين الأصل والفرع، وعليه فلا يشرع ذلك. 9- يستحبُّ أن يكون الأذان في المسجد، والمؤذن هو من يقيم، وحديث "من أذن فليقم" ضعيف الإسناد، ويقيم في موضع أذانـه، ويرفع بصره ووجهه إلى ناحية السماء. 10- قال ابن قدامة في "المغني": وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى أَذَانِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ شَخْصَيْنِ، كَالصَّلَاةِ " انتهى منه بلفظه. (تنبيهاتٌ ومستحباتٌ في الأذان) (أ) يفضّل للمؤذن أن يكون سليمَ النطق فلا يكون عنده لُكنة أو لَثغة في لسانه أو تغنٍ أو تلحين، والسليم أولى من غيره، والمؤذنون كثير منهم لا يحسن الأذان باللفظ الصحيح فأخطاءهم على مراتب: 1- قولهم: آآللهَ أكبرَ، بمد "آلله" فبمدِّ ألف لفظ الجلالة إشعارٌ بالاستفهام. كذلك نصب" أكبرَ " فهذا لحنٌ. وإعرابه/ اللهُ: مبتدأ مرفوع. وأكبرُ: خبر مرفوع. فلا يصح بحال نصبه. وأمَّا ما رويَ " التكبير جزمٌ " فيظنّها بعضهم حديثا للنبي - عليه السلام -، وهذا لا أصل له البتة، بل هي مقولة عند أهل اللغة عن إبراهيم بن يزيد النخعي، وهو تابعي صغير -يروي عن بعض أصحاب ابن مسعود- وليس معناه: اجزم في تكبيرك بقول " اللهْ أكبرْ " لأنه مخالفٌ للّغةِ!. والصحيح في معناه: التكبير جزم أي اخطفْ فلا يمد بـ اآلله. 2- قال الإمام النووي - رحمه الله -: " قال أصحابنا يستحب للمؤذن أن يقول: كل تكبيرتين بنفس واحد، فيقول في أول الأذان " الله اكبر الله اكبر" بنفس واحد، ثم يقول: " الله اكبر الله اكبر" بنفس اخر. ثم قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": " وهذا إنما يتأتى في أول الأذان، لا في التكبير الذي في آخره". كما في الصحيح عند مسلم. 3- مدّ الألف من اسم "الله" ومن "الصلاة" و"الفلاح" زائداً على ما تكلمت به العرب فهذا لحن وتطريب. 4- قولهم: أكبار بالتمديد، ومعناه: الطبل. أو إكبار فهو في بعض اللغات معنى للحيض، ومنه قول الشاعر: ........ ولا *** يأتي النساء إذا أكبرن اكباراً. فهذا لا يحل وإن لم يقصد فعله ويجب التنبّه لمثلِهِ. 5- إشباع حركة الضم في قوله (اللهُ أكبر) فتجده يقول: (الله وكبر) والصحيح أن يظهر النطق بالهمز في قوله (الله أكبر الله أكبر) ولكن لا يبطل به الأذان. 6- قولهم (أشهد أنْ لا إله إلى الله) فيقف عند "أن" والصواب أن تقول " أنْ لا إله إلا الله " بسكون النون مدغمة، ف (أنْ) هنا مخففة من الثقيلة، وإذا خففت وهي ساكنة ووليتها اللام فإنها تدغم في اللام فيقال أشهد ألا إله إلا الله. كذلك تشديدها "أنَّ " من الأخطاء في الأذان. 7- نطق الشهادة بصيغة الأمر"اشهدووا" والمشروع مضارعةُ الفعلِ بـ " أشهدُ ". 8- نطقُ ألفِ التنوينِ من " محمدا رسول الله " وهو صحيحٌ خطا لا لفظا إذ النطق الصحيح: إدغام بـ "محمد رَّسول الله". 9- قولُهم: (أشهد أن محمدٌ رسولَ الله) فيقلب الإعراب وهذا خطأ لُغوي، والصحيح قول (أشهد أن محمداً رسولُ الله) بنصب "محمد" وضم "رسول" فالإعراب يكون: أن: حرف توكيد ولها اسم وخبر. فاسمها المنصوب: محمداً. وخبرها المرفوع: رسولُ الله. 10- أن لا ينطق الهاء في قوله (حيّ على الصلاة) فيقول (حيّ على الصلى) فيصير دعوةً إلى النار وهو من أكثر الأخطاء شيوعاً. 11- أن ينطق الهاءَ تاءاً فيقول عند الوقف: حيّ على الصلاة. والأصل في وفقه أن يكون على هاء. 12- قولهُم (حيا على الصلاة) الظاهر أنّه لا بأس به إن لم يُبالغ به، لأنَّ غايته أنه أشبع الفتحة حتى جعلها ألفاً. 13- الالتفات بالجسم كله عند قولِ "حيّ على الصلاة" و"حيّ على الفلاح" لمخالفته الحديث الذي عند أبي داود "عن أبي جحيفةَ قال: رأيتُ بلالاً يؤذن يتتبَّع فاهُ هاهنا وهاهنا.. وفي لفظ "لوى عنقَه لما بلغ "حي على الصلاة" يمينا وشمالا ولم يستـدر" وهو صحيح. 14- الالتفات وقت الفراغ من الحيعلتين، والمشروع الالتفات وقت الشروع فيهما. 15- زيادة بعضهم حرف العطف "و" في الأذان كقولهم: ولا إله إلا الله والله أكبر. فهذا غير مشروع، ولكن لا تبطل الأذان لكونها لا تغيّر المعنى. 16- إدماج الحروف بعضها ببعض، كأن يقول "حيَّعصَّلا" و"أشّـَد"ُ بحذف الهاء. 17- قولهم في إقامة الصلاة "قد قامتُ الصلاة" والصحيح" قد قامتِ الصلاة" لأن تاء التأنيث في (قامتْ) ساكنة، لكنها حركت هنا بالكسر للاتقاء الساكنين. قال الإمام ابن مالك في "الكافية": إن ساكنِان ِ التقيـَا اكسر ما سـبقْ *** وإن يكنْ ليْنا ً فـحذفَه استحقّ (ب) لا يشرعُ الأذانُ ثلاث مرات للجمعة فهوَ أمرٌ محدثٌ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) وبقولِهِ - عليه الصلاة والسلام-: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)). (ج) وُجدت في عصرنا (مكبِّرات الصوتِ) فهي غنيّةٌ عن أشياء: 1- الالتفاتُ يميناً وشمالاً 2- وضع الأصبُوع في الأذن 3- اختيار مكان مرتفع للصوت؛ لأنَّ الالتفات مقصودُه إيصالُ الصوتِ، ووضعُ الأصبوع لتجميل الصوت ولارتفاعه، ولكن يفضّل للمؤذن أن يضع أصبعه على أذنه في الصحراء، أو بغير وجود (المكبرات)؛ لأنّ هذا ممّا يقوي الصوت؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( فَلُيؤَذَّن لكم أحدكم))، وقوله: (( لكم)) يشير إلى رفع الصوت؛ ليسمع الآخرين، فمن خفت صوته كان أذانه لنفسه، وورد في البخاري أنّه: (( لا يسمعُ مدَى صوتَ المؤذَّن جنُّ ولا إنَسُ ولا شيءُ إلا شَهِد لَهُ يومَ القيامِة))، كما أنّه لا يصح الإسرار بالأذان. (د) لا يحقُّ للمؤذنِ أن يتكلم في أذانه بأمر لا ضرورة فيه، فإن طالَ في الكلام فقد حكى بعضهم بطلانه ما لم يقصُر، كما لو تكلّم بأمر محرّمٍ كالسب أو الضرب فلا يصح، أمَّا إن تكلمَ لحاجة كالعطاس جاز، ولو طال الفصل بين الأذان لزم إعادته ما لم يكن يسيراً. (هـ) يُخطئ بعضهم بإعادة الأذان إذا انقطع التيار الكهربائي وكان هناك ثمة مساجد قد أذنت وسمع منها، بل يكمل من حيث أنشأ، أما إذا كان المسجد وحيداً فإنه يعيد الأذان حتى يَسمعَ النَّاس. (ز) ما يفعله بعض المؤذنين من الإسراع في الأذان وحدرِ ألفاظه على وجه يشقّ على السامعين متابعته وإجابته أو الترديد معه، فالسنّة الترسل في الأذان، والحدر في الإقامة، قال - عليه السلام -: إذا أذنت فترسل وإذا أقمتَ فاحدر. (ح) (التصلية) وهي: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله وأزواجه جهراً- من البدع المحدثة في هذا الزمن. والمشروع: السرُّ به من غير صوت الأذان. (ط) التثويب في أذان الفجر (الصلاة خير من النوم) يكون في الأذان الثاني الذي هو إعلام الناس لدخول الفجر، خلافا لبعض العلماء القلال، لأن الحديثَ نصّ من "الأول من الصبح" ويقال: هو الأذان الحقيقي، والإقامة الأذان الثاني، وهذا واردٌ في الشرع، فقد كان أذان بلال بدون ترجيع وأبي محذورة بترجيع كما جاء في الأثر، ونقل ابن هبيرة في "الإفصاح" الإجماع على ذلك. (ي) "سنّةٌ مهجورةٌ" قولهم: (ألا صلّوا في الرحال) في حالة البرد الشديدة والمطر، وهو ثابت في الأدلّة الصحيحة، وتقال بعد الأذان حضراً وسفراً. ولا بأس بقول "صلّوا في بيوتكم" بدل "صلّوا في رحالكم" لكون الناس قد لا يتفهمون معناها، ولكنهم يعلَّمون على هذا حتى يعمل ما عمل به من قبل. (ك) الأذان الأول في يوم الجمعة لا يصحّ على الراجح، وإنما فعله عثمان -رضي الله عنه- لحاجةٍ، وهذه الحاجة قد زالت، فإن وجدت بمثلها صح العمل بها، وسنة الخلفاء متَّبعة، وفائدة ما ذكرناه: أنه لو جاء إنساناً إلى المسجدِ يوم الجماعة وهذا الأذان يُؤذَّن فصلِّ ولا حرج، والأذان الثاني يُؤتى به عند صعود الإمام المنبر، وهذا ما كان العمل به زمنَ الرسول - عليه السلام - وأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما-. (ل) يشرع الأذان والإقامة للمقيم والمسافر، أما المقيم فإن كان منفرداً جاز له وإن كانوا جماعة أو قرية فهو فرض كفاية لأنه شعار للمسلمين، ويكره تركهما عمداً ونسياناً عند الجمهور، وإن جاء الجماعة وقد فاتته شُرع له الأذان والإقامة، وشرع له تركهما والشروع في الصلاة، أما المسافر "قال ابن عبد البر: أجمعوا أنّه جائز له، محمودٌ عليه، مأجورٌ فيه". (م) لا يشرعُ الأذان في كلٍّ من (الكسوف، الاستسقاء، الجنازة، العيدين، التراويح،، وقت الحرب، عند إنزال القبر الميت، في أذن المهموم أو منذر الجيش، وما لا يشرع له الاجتماع من الصلوات) والقياس على غيرها من الصلوات فاسدُ الاعتبارِ، لأنه تكرَّر كثيرا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين، ولم ينقل فعل الأذان. وأجاز بعضهم الأذان في أذن المصروع لطرد الشيطان وإبعاده كما ورد عن السف - رحمهم الله - فعله. (ن) الأذان الجماعي: ويسمّى "أذان الجوق" أو "الأذان السلطاني" باختلاف المذاهب والآراء، فلم يعلم ذلك من الإسلام، وتوافق الأديان، وهو من الاختلاف والتشتت الكبير. (فضلُ وعِظَم الأَذانِ) • عَنْ مُعَاوِيَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ (( الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). رواه مسلم. • قال العلماء: لَيْسَ إِنَّ أَعْنَاقَهُمْ تَطُولُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ يَعْطَشُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِذَا عَطِشَ الإِنْسَانُ انْطَوَتْ عُنُقُهُ وَالْمُؤَذِّنُونَ لاَ يَعْطَشُونَ فَأَعْنَاقُهُمْ قَائِمَةٌ. • عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ ذَهَبَ حَتَّى يَكُونَ مَكَانَ الرَّوْحَاءِ))، قَالَ سُلَيْمَانُ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّوْحَاءِ. فَقَالَ هِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ سِتَّةٌ وَثَلاَثُونَ مِيلاً. رواه مسلم. • عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ أَحَالَ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ فَإِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ ذَهَبَ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ)) رواه مسلم. ومعنى أحال: تحوّل من موضعه. • عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا)) رواه البخاري ومسلم. • عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( لا يسمع مدى صوت المؤذن شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة)) ورواية: (( وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون حسنة ويكفر عنه ما بينهما)) صححه الألباني. • عن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( يغفر للمؤذن منتهى أذانه ويستغفر له كل رطب ويابس سمعه)) وعند النسائي رواية: وله مثل أجر من صلى معه. "صحيح الترغيب والترهيب". • عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: (( يعجب ربك من راعي غنم على رأس شظية للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله - عز وجل - انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة)) صححه الألباني. • عن أبي أمامة رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( المؤذن مؤتمن، اللهم اغفر للمؤذنين..)) انظر حديث رقم (2787) في صحيح الجامع. • قَالَ الْبُخَارِىُّ: وَيُذْكَر أَنَّ قَوْمًا اخْتَلَفُوا فِي الأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ. وقال ابن عمر: "كنا نحدث أن أبواب السماء تفتح عند كل أذان" وقال ابن مسعود رضي الله عنه-: لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا أحج ولا أغزو. • والأذان أفضل من الإمامة، لما سبق ذكر فضائل الحميدة الكثيرة، ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يغفر له وللأئمة بأن يرشدهم، والدعاء لهم بالمغفرة أكثر كمالاً من دعاء النبي لهم بالرشد. وأخيراً: عَلى المسلمِ أن يتقيَ الله في أذانه، فيعملَ بالمشروعِ ويترُك المحدَث قدرَ استطاعته- ما لم تكن تلزِمه وجهةُ في البلدِ، فيبادرُ المرء لهم بالنصحِ، فالدينُ النصيحةُ، قال - تعالى -: ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد). وعلى المسلمِ أن يطلبَ العلمَ في أوانه وارتحالهِ، ويتفقَه في دينِه ودنياهُ، فالمرءُ من أجل العبادةِ والعملِ خُلق.[/rtl] الكـاتب : معاذ إحسان العتيبي أسأل الله تعال أن يشغلنا بذكره وطاعته [b]ويطهر ألسنتنا..من كل ما يغضبه .. اللهم صلى على محمد وعلى آله وصحبة أجمعين .. أستغفر الله وأتوب اليه ..[/b][/rtl][/center][/center]
-
وتتناول هذه الدراسة، موضوع تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، في مجتمع تتعدد فيه الملل والثقافات. وبعابرة أخرى، تجيب عن أسئلةٍ، كثيراً ما تثار حول: (أ) الأسس التي وضعها الإسلام، في مجال التعامل مع غير المسلمين، لتكون هادية للفرد، والمجتمع، والدولة، ولتكون ديانة يدين بها المسلمون، ويلتزمون أحكامها، طاعة لله، وعبادة، وتكون مع ذلك قضاءً، وقوانين حاكمة، للدولة والمجتمع. (ب) التعامل مع المواطنين، من غير المسلمين، ممن يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة في الدولة، التي تحمي قوانينها حرمات المواطنين، وحقوقهم في الحياة، والتكريم، والحرية الاعتقادية، والفكرية.. وعن المساواة، والعدل، والتعليم، والعمل، والتملك، والتصرف فيه. (جـ) التكامل في المجتمع، والوطن، حتى يسود المجتمع كله، خلق البر، والقسط، والتراحم، والمعاملة الحسنة. ومن ثم فإن هذه الدراسة، تهدف إلى تحقيق مزيدٍ من التعاون بين جميع المواطنين، على اختلاف مللهم، وثقافاتهم في مجتمع الشريعة الإسلامية، حيث تتكافل جهودهم جميعاً، وتتفجر الطاقات من أجل نهضة البلاد وتقدمها، وسيادتها، على ضوء تلكم القواعد والأسس العادلة، التي تحقق التسامح الديني، والتآلف، والتواصل الاجتماعي، والفكري، بين جميع المواطنين. وها هنا نذكر نذكر بشيء من البيان والتفصيل، ما أُجمل فيما سبق، فنتحدث وبشكل عام عن:وحدانية البشرية، والدين، وأصل الاختلاف، وأسس التعامل مع غير المسلمين. منشأ البشرية يرجع البشر كلهم إلى أصل واحد، تفرعوا عنه، ونفس واحدة، خلقوا منها :(يأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفسٍ وحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذى تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) (النساء :1).. والقرآن يذكرنا بهذا الأصل، الذي تفرعت عنه الشعوب والقبائل، ليتعارف الناس فيما بينهم، ويتواصلوا :(يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (الحجرات :13) .. وتقريراً لهذا الأصل، قال عليه الصلاة والسلام، في خطبة الوداع :(يا أيها الناس إن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ) (1). وأصل الدين واحد، من عند الله جل جلاله، أنزل الكتب على رسله الكرام، الذين تعاقبوا مبشرين ومنذرين، يدعون إلى توحيد الله.. والإيمان بهم جميعاً، واجب، دون تفرقة بينهم، لقوله تعالى :(ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحدٍ من رسله ) (البقرة :285)، ولقوله أيضاً:(قولو ءامنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون ) (البقرة :136). اختلاف الناس: وقد قدر الله تعالى، أن يكون بين البشر، اختلاف في الدين :(ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدةً ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) (هو :118-119). وهذا ما يخبرنا به الخلاق العليم جل جلاله :(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) (الملك :14). وتبعاً لذلك، فللناس حرية الرأي، والفكر، والاختيار للعقيدة، التي يعتقدونها :(فمن شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر ) (الكهف :29)، وليس لأحد، ولا قوة، أن تكره فرداً، أو جماعة، على دين، يقول تعالى: (لا إكراه في الدين ) (البقرة :256). وهي مشيئة الله القاضية، أن يترك الناس واختيارهم الحر، وما يدينون: (ولو شآء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (يونس :99). الإسلام والحرية الفكرية والإسلام هو دين الحرية الفكرية، الذي تواترت فيه آيات الكتاب، الداعية إلى التفكر والنظر، ولا حجر على أحد في حرية الفكر، والتعبير عن آرائه، إلا إذا صار الأمر افتراءً محضاً، أو إثارة للفتنة. وما جاء في القرآن الكريم، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، من ذكر أقوال المخالفين من غير المسلمين، على اختلاف مللهم، ومناقشة هذه الأقوال بالحجة، والبرهان، دليل واضح على هذه الحرية، كما هو دليل على امتداد بقاء غير المسلمين، وسماحة التعامل معهم.. وقد كانت هذه الحقيقة، واضحة في المواقف، التي وقفها كل داعية إلى الإسلام، وسيظل معلماً بارزاً لكل الأجيال، موقف الصحابي الجليل ربعي بن عامر، رضي الله عنه، حين أجاب على القائد الفارسي رستم :(إن الله ابتعثنا، لنخرج من شاء الله، من عبادة العباد، إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن الأديان إلى عدل الإسلام) (2). والواقع التاريخي، يثبت أنه على توالي القرون، في تاريخ الدعوة الإسلامية، لم يحدث أن أكره المسلمون غيرهم على الدين، وهذا ما شهد به كل منصف، ولو كان غير مسلم، مثل (السير توماس آرنولد) في كتابه :(الدعوة إلى الإسلام) الذي كتب فيه عن تاريخ نشر الدعوة الإسلامية، في أرجاء العالم، وكيف أن دعاة الإسلام، نشروا دعوتهم بين أقوام، عرفوا بالشدة، والخروج على كل نظام، أو قانون، حتى أسلموا، وصار دعاة يهدون غيرهم) (3). ويمضي آرنولد في هذه الشهادة، ليقول :(لم نسمع عن آية محاولة مدبرة، لإرغام الطوائف من غير المسلمين على قبول الإسلام، أو عن أي اضطهاد منظم قصد منه استئصال الدين) (4)، ويزيد آرنولد في بيان تسامح المسلمين فيقول: (لا يسعنا إلا الاعتراف، بأن تاريخ الإسلام، في ظل الحكم الإسلامي، يمتاز ببعده بعداً تاماً، عن الاضطهاد الديني) (5). وهذه شهادة منصفة أخرى، يؤديها (ول ديورنت)، في كتابه :(قصة الحضارة)، حيث يقول :(لقد كان أهل الذمة، المسيحيون، والزردشتيون، واليهود، والصابئون، يتمتعون في عهد الخلافة الأموية، بدرجة من التسامح، لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية، في هذه الأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم، ومعابدهم، ولم بفرض عليهم أكثر من أداء ضريبة عن كل شخص، تختلف باختلاف دخله) (6). وهذه الحرية لغير المسلمين، تشمل التعبير عن معتقداتهم، بالتعليم والممارسة، وأداء شعائر دينهم، فردياً، وجماعياً. أدب الدعوة والحوار مع غير المسلمين وإذا كان ثم حوار، أو مجادلة، أو مناقشة، فالأدب القرآني يقضي أنه :(ولا تجدلوا أهل الكتاب إلا بالتى هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهانا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ) ( العنكبوت :46). فهي دعوة إذاً تعتمد الأدب، والحجة، والبيان، لمن أراد من غير المسلمين الاستبصار في الدين، فيجادل بالتي هي أحسن، لتكون أنجح فيه كما قال تعالى :(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) (النحل :125)، ولا تكون مواجهة بالقوة، إلا حين يختار الطرف الآخر ذلك، ويكون من أهل الحرب (7). التطبيق العملي في عهد النبوة والخلافة الراشدة والوثائق، والعهود، والأمثلة التالية، دليل قاطع على هذه الحرية الفكرية، والتسامح الديني: 1- وثيقة المدينة: أول وثيقة تفصيلية، بين المسلمين وأهل الكتاب، ضمنت حرية الاعتقاد، والفكر، وحقوق المواطنة الكاملة، هي الوثيقة المعروفة بوثيقة المدنية (8) وهي تبدأ هكذا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد النبي، رسول الله بين المؤمنين، والمسلمين من قريش، وأهل يثرب، ومن تبعهم، ولحق بهم، وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة، من دون الناس (9). 2- عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجران: وهو عهد ضمن لنصارى نجران، الأمان على أنفسهم، وأموالهم، وعشيرتهم، وأماكن عبادتهم، وألا يغير أسقف، ولا راهب، ولا كاهن (10). 3- عهد أبي بكر لأهل نجران: ولما آلت الخلافة إلى أبي بكر رضي الله عنه، فإنه أكد في عهدٍ منه لأهل نجران، أنه أجارهم بجوار الله، وذمة النبي محمد رسول صلى الله عليه وسلم على أنفسهم، وأرضهم، وملتهم، وعبادتهم، وأساقفتهم، ورهبانهم، وفاءً لهم بكل ما ورد في العهد النبوي لنصارى نجران (11). 4- عهد عمر لأهل إيلياء: وعلى ذات النهج، سار عمر رضي الله عنه، فأعطى لأهل إيلياء عهداً، وأماناً لأنفسهم، وأموالهم، ولكنائسهم، وصلبانهم، وسقيمهم، وبريئهم، وسائر ملتها، ألا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صلبهم، ولا من شيء من أموالهم، وألا يضار أحد، ولا يكره على الدين (12). وقد التزمت مشروعات القوانين، المستمدة من نفس الشريعة الإسلامية، وخاصة في مسائل التعامل مع غير المسلمين، أعدل الأقوال، والآراء، وأوثقها، وأدومها، وأنسبها لتحقيق العدل والإحسان، مع رعاية لظروف المكان، والزمان.. وغير المسلمين، أشبه بأهل العهد، الذين حررت بشأنهم وثيقة المدينة، والعهد النبوي مع أهل نجران، ومما ينبغي أن يعلم بهذه المناسبة، أن اصطلاح أهل الذمة، في الفقه الإسلامي، ليس كما لم يحسن فهمه كثير من الناس. فالذمة في اللغة، بمعنى :الأمان، والعهد، والضمان، والكفالة (13).. وأهل الذمة هم المعاهدون من النصارى، واليهود، من أهل الكتاب، وغيرهم، ممن بقي في دار الإسلام (14). وعليه، فالذمة هي العهد، أي العهد الذي يعهده الإمام، أو من ينوب عنه، مع غير المسلمين على السلم، ووضع الحرب.. وعقد الذمة، كما عبر عنه بعض الفقهاء المعاصرين، يشبه التجنس في الوقت الحاضر (15). ويلحق بأهل الكتاب من اليهود والنصارى، غيرهم من جميع الملل، غير الإسلامية، كالمجوس، حيث ورد في الهدي النبوي، أنه أخذ الجزية من مجوس هجر (16). ويؤيده ما ورد في صحيح البخاري، عن عبدالرحمن بن عوف، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه سلم أخذ الجزية من مجوس هجر(17). وأيضاً، فقد روي مرسلاً عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال :(سنوا بهم سنة أخل الكتاب ) (18). ويقول في ذلك، الإمام علي رضي الله عنه :(من كان له ذمتنا، فدمه كدمنا، ودَيْنُه كَدَيْنِنَا)، وأنهم (إنما بذلوا الجزية، لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا) (19).. وفي مصنف الإمام عبدالرزاق (20) أن رجلاً مسلماً، قتل آخر من أهل الذمة، في عهد عمر بن عبدالعزيز، فاقتص من المسلم بالذمي. العدل والحقوق المتساوية لغير المسلمين المساواة أمام القانون ويتمتع كل مواطن بهذه المساواة أمام القانون، وهو أمر رباني لا يحتمل مساومة، يقول تعالى :(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) (النساء :58).. وهذه الآية الكريمة، تأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، مسلمين أو غير مسلمين، كما تقضي بأن يلتزم العدل في الحكم بين الناس كلهم، دون تمييز، بسبب اختلاف الدين، أو العنصر، أو الثقافة، أو الجنس، أو اللون. والمؤمنون مأمورون ديناً، أن يكونوا قوامين بالقسط في كل موقف، لقوله تعالى :(يأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجر منكم شنئان قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) (المائدة :8). وبموجب هذا العقد، يصير غير المسلمين كالمسلمين، في حرمة الدماء، والأموال، يقول صلى الله عليه وسلم :(من قتل معاهداً لم ير رائحة الجنة، وأن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما ً) (21)، ويقول في حديث غيره :(ألا من ظلم معاهداً، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ شيئاً منه بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة ) (22). واستقر هذا الفقه يسود في العهد النبوي، وعهد الخلافة الراشدة، واستمر إلى زمن المماليك، والدولة الإسلامية. واتساقاً مع موقف المسلمين الثابت، في حماية غير المسلمين، من أهل ذمتهم، في دمائهم، وأموالهم، أنه لما أراد أحد سلاطين التتار أن يطلق سراح أسرى المسلمين، دون النصارى، اعترضه الإمام ابن تيمية، لأنه سرى في حقهم ما يسري في حق المسلمين، وأنه إن لم يطلق سراحهم، جاهد المسلمون، واستأنفوا القتال، لافتكاكهم .. ولابن تيمية رسالة مشهورة بهذا الخصوص، اسمها :(الرسالة القبرصية)(23). الجزية وحق الدفاع: وحكمة مشروعية عقد الذمة، هي أن يترك الحربي القتال، مع احتمال دخوله في الإسلام، عن طريق مخالطته للمسلمين، واطلاعه على شرائع الإسلام. وليس المقصود من عقد الذمة، تحصيل المال (24)، وقد كان دفع الجزية واجباً على كل رجل بالغ، قادر، حسب طاقته، نظير الحماية والدفاع، حتى إن القادة المسلمين، كانوا يردون على غير المسلمين، ما دفعوا من جزية، إذا لم يقدروا على القيام بواجب الحماية والدفاع، بل كان بعض الخلفاء الراشدين- وهو عمر رضي الله عنه- يسقط دفع الجزية عن غير المسلمين الذين يشتركون مع الجيش، ويؤدون خدمات عسكرية، وهو ما نأخذ به في عصرنا هذا. والتفسير الصحيح لكلمة الصغار في قوله تعالى :(حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صغرون ) (التوبة :29)، هو جريان أحكام الشريعة عليهم، وإعطاء الجزية، فإن التزام ذلك هو الصغار (25)، وفي ذلك يقول الشافعي: وسمعت عدداً من أهل العلم، يقولون :إن الصغار أن يجري عليهم حكم الإسلام (26)، وفي ذلك رد، على من زعم أن الصغار هو الإذلال.. وتأسيساً على ما تقدم، فليس يصح ما نسب لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، من شروط سميت بالشروط العمرية (27)، وإسنادها ضعيف اتفاقاً، حتى إن ابن القيم، لم يجد سبيلاً لتأكيدها، إلا بأن قال :إن شهرة هذه الشروط، تغني عن إسنادها. وقد أنكر محقق الكتاب، د. صبحي الصالح، هذه العلة، لأن الاستفاضة لم تكن دليلاً على الصحة في موضوع تاريخي، تشريعي كهذا، ثم وصف هذه الشروط بأنها متضاربة، ومتناقضة (28) والواقع أن هذه الشروط، تخالف ما صح من جملة العهود، والمواثيق النبوية، كوثيقة المدينة، وعهد النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجران، وعهد أبي بكر ضري الله عنه أيضاً لأهل نجران، وكانوا نصارى، كما أنها تخالف العهود العمرية، كعهد عمر رضي الله عنه لأهل إيليا، الذي نص على إعطاء الأمان للنصارى، على أنفسهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصلبانهم، وأنهم لا يكرهون، ولا يضار أحد منهم (29). حق التعليم: ويدل على مكانة العلم في الإسلام، أن أول كلمة نزلت منه هي :(اقرأ باسم ربك الذى خلق ) (العلق :1)، وتوفير العلم بمختلف تخصصاته، وفنونه، واجب المجتمع، والدولة، وقد شهد الواقع العملي للمسلمين، ما كان يتمتع به غير المسلمين من امتلاك ناصية العلم، في كثير من التخصصات، التي لا غنى عنها في مجتمع، كالطب والهندسة. ويشمل هذا الحق، الرجل، والمرأة، على السواء.. ومن واجب الدولة، تنمية شخصية الإنسان، وتوسيع ثقافته.. وقد ذهب ابن حزم، إلى إلزامية التعليم، وأن الإمام يجبر النساء على التعليم (30) .. وفي الجانب التطبيقي، كان التعليم تاريخياً متاحاً للجميع، من أدنى المراحل التعليمية، إلى أعلى المراحل، والتخصصات.. وتوزيع الفرص الدراسية، محكوم بأسس عادلة، هي التميز العلمي. عقوبة المرتد على الخيانة العظمى: وقتل المرتد، ليس عقوبة على الفكر ذاته، لأن غير المسلمين، قد كفل لهم الإسلام، حرية العقيدة، وحمايتها، من غير إكراه، ولا تضييق، لكن هذه العقوبة على الجناية الكبرى، والمكيدة، التي ادعى بها المرتد اعتناق الإسلام، ثم أعلن الخروج منه، للطعن فيه، والإساءة إليه، وإلى ذلك يشير قوله تعالى :(وقالت طائفة من أهل الكتاب ءامنوا بالذى أنزل على الذين ءامنوا وجه النهار واكفروا ءاخره لعلهم يرجعون ) (آل عمران :72). ولقد تحدث ابن قيم الجوزية في كتابه، زاد المعاد (31) عن الردة، وأثرها على الأمن الداخلي لدولة الإسلام، وأنها ليست مسألة فردية. الشريعة الإسلامية وحقوق الشعوب والأقاليم وفي ظل تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، تتحقق للشعوب حقوقها الجامعة .. وقد حكم القاضي المسلم لأهل سمرقند، بحق تقرير مصيرهم، لأنهم كانوا أُدخلوا في سلطان الدولة، بالقوة، دون اختيارهم، ودون مراعاة أحكام الشريعة، القاضية بالتخيير، والإعلام، والإنذار، لأن استخدام القوة الجهادية، ليس في الواقع، إلا لرفع الإكراه، على اعتناق دين، أو على المنع منه. كما يكفل نظام الحكم الإسلامي، حق الحكم الذاتي، مع حق التمييز الثقافي للأقاليم، التي يكون فيها غير المسلمين متحيزين في مكان يخصهم، ويباشرون بأنفسهم إدارة شؤونهم، مع الاحتكام إلى محاكمهم، بما كان يجعلهم في حكم الأقاليم الآن، وهكذا كان الشأن مع نصارى نجران، الذين كانوا على عهد دولة المدينة، خارج حدودها، وجاءت اتفاقية المدينة تؤكد هذا المعنى (32).. وهذا الاستثناء، ليس استثناءً من الجريمة، بحيث يعد الفعل مباحاً، بل وضعت عقوبات تعزيرية لهذه الجرائم، عدا الخمر والردة.. ولم يقفل الطريق أمام المسلم القوي، المتثبت في دينه، أن يطلب تطبيق الحدود عليه، بل إن هذا الحق، من المطالبة بالطوع، والاختيار، ثابت لغير المسلم. والتأصيل الفكري لمبدأ استثناء غير المسلمين، من تطبيق أحكام الحدود، يعتمد على نص الآية الكريمة:(فإن جآءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ) (المائدة :42).. وقد اختار الإمام الطبري هذا القول بالاستثناء، وأن الآية الكريمة محكمة (33). الحقوق المدنية والسياسية: في ظل تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، فإن الحقوق المدنية، والسياسية مكفولة لكل مواطن، فيحق لكل فرد أن يملك، ويرث، ويبيع، ويشتري، ويرهن، ويكفل، ويهب، ويوصي، ويقف، ويتصرف، وفقاً لمصلحته الشخصية. حق العمل: يضمن الإسلام لكل أفراد المجتمع، العدالة في ممارسة العمل الشريف، والأجر المناسب، لأن ذلك كله من أداء الأمانات، والوفاء بالحقوق، والقيام بالعدل والإحسان، كما في قوله تعالى :(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) (النساء :58)، وقوله عزوجل :(إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) (النحل :90)، ثم إن العمل في الفقه الإسلامي، ضروري، لسد حاجة المجتمع، وعمران الكون.. وفي حماية الشريعة الإسلامية للعاملين، وضمان الأجر العادل لهم، ورد قوله :صلى الله عليه وسلم (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) (34). وتطبيقاً لذلك، فلغير المسلمين فرصة للعمل، وحرية التوظيف للوظائف العليا القيادية، في مناطقهم، والوسيطة، وغيرها، وقد بلغ بعض المؤرخين الغربيين، حد الإعجاب، في بيان ما لاحظه من كثرة العمال غير المسلمين في الدولة الإسلامية، حيث يقول :(من الأمور التي نعجب لها، كثرة العمال والمصرفين غير المسلمين، في الدولة الإسلامية) (35). الضمان الاجتماعي: يقوم المجتمع الإسلامي، على التكافل، والتراحم، بين الناس جميعاً، على مستوى الأسرة، والجيران، والحي، والمجتمع، يقول الله تعالى :(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاءِ ذى القربى ) (النحل :90).. وفي التوجيهات النبوية في التراحم بين الناس كلهم :(الراحمون يرحمهم الرحمن، تبارك وتعالى، إرحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء) (36). وفي حق الجيران، يقول صلى الله عليه وسلم :(ليس المؤمن، الذي يشبع، وجاره جائع ) (37). وفي مسؤولية الجيران، وأهل الحي، نحو المحتاجين، يقول :(أيّما أهل عرصة، بات فيهم امرؤ جائع، فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله ) (38) .. وقد كان بيت المال، في عهد الخلافة الراشدة، يفرض للمواليد القوت، ثم توسع الأمر، حتى شمل الكسوة (كما يذكر البلاذري) (39). وتقوم الأوقاف الإسلامية، والمبرات الخيرية، والجمعيات الطوعية، بدور عظيم، يحقق التكافل، والترابط، والتراحم. وأما الدولة، فلها الصناديق القومية للضمان الاجتماعي، والتكافل الاجتماعي لأرباب المعاشات، إلى جانب ديوان الزكاة، الذي يسع بمصارفه المتعددة، الأفراد، والمجتمع. التعامل مع غير المسلمين: نماذج قرآنية وهنا نقدم نماذج، من آيات القرآن الكريم، محكمة وحاكمة، في المعاملة، الحسنة، العادلة: 1- يقول تعالى :(لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) (الممتحنة :8). فهذه الآية، تقرر أسس التعامل مع غير المسلمين، أنها البر، والقسط إليهم، بكل ما يقتضيه معنى البر من الخير، والقسط من عدل، وفاصلة الآية :(إن الله يحب المقسطين )، تدعو كل مسلم، أن يسارع في تنفيذ ما يحبه الله. ولاشك في أن هذا التعامل، يقود إلى السلام الحقيقي، وقد أحسن صاحب الظلال، في تعليقه على هذه الآية، حيث يقول: إن الإسلام دين سلام، وعقيدة حب، ونظام يستهدف أن يظلل العالم كله بظله، وأن يقيم فيه منهجه، وأن يجمع الناس تحت لواء الله، إخوة متعارفين، متحابين، وليس هنالك من عائق يحول دون اتجاهه هذا، إلا عدوان أعدائه عليه، وعلى أهله, فأما إذا سالموهم، فليس الإسلام براغب في الخصومة، ولا متطوع بها كذلك، وحتى هو في حالة الخصومة، يستبقي أسباب الولوج في النفوس، بنظافة السلوك، وعدالة المعاملة، انتظاراً لليوم الذي يقتنع فيه خصومه، بأن الخير أن ينضووا تحت لوائه الرفيع. ولا ييأس الإسلام من هذا اليوم، الذي تستقيم فيه النفوس، فتتجه هذا الاتجاه المستقيم. ويمضي التعليق في الظلال، يبين أن الأصل في العلاقات، هو العدل، والسلام، فيقول :وتلك القاعدة في معاملة غير المسلمين، هي أعدل القواعد، التي تتفق مع طبيعة هذا الدين، ووجهته، ونظره إلى الحياة الإنسانية، بل نظرته الكلية لهذا الوجود، الصادر عن إله واحد، المتجه إلى إله واحد المتعاون في تصميمه اللدني، وتقديره الأزلي، من وراء كل اختلاف، وتنويع.. وهو أساس شريعته الدولية، التي تجعل حالة السلم بينه وبين الناس جميعاً، هو الحالة الثابتة، لا يغيرها إلا وقوع الاعتداء الحربي، وضرورة رده، أو خون الخيانة بعد المعاهدة، وهي تهديد بالاعتداء، أو الوقوف بالقوة، في وجه حرية الدعوة، وحرية الاعتقاد، وهو كذلك اعتداء، وفيما عدا هذا، فهي السلم، والمودة، والبر، والعدل للناس أجمعين (40). 2- يقول تعالى :(إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ً) (النساء :105)، فقد جاءت هذه الآية تأكيداً عملياً لما يأمر به القرآن، من الحكم بين الناس بالعدل، دون تفرقة بينهم، بأي سبب من الأسباب. وهنا تبين الآية، أن الله تعالى قد أنزل كتابه القرآن الكريم، بالحق، على رسوله صلى الله عليه وسلم، ليحكم بين الناس، بما هداه إليه الله تعالى.. والآية تدعوه صلى الله عليه وسلم ألا يكون محامياً، ولا مدافعاً، عن الخائنين للأمانات، ممن يلوون ألسنتهم بالكذب، حتى يقضي لهم بظاهر شهاداتهم. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، كما في الحديث التالي: روى الإمام أحمد في مسنده، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت :( جاء رجلان من الأنصار، يختصمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في موارث بينهما، قد درست، ليس عندهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم تختصمون إليّ، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً، فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار، يأتي بها انتظاماً في عنقه يوم القيامة ).. فبكى الرجلان، وقال كل منهما :حقي لأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(أما إذا قلتما، فاذهبا، فاقتسما ثم توخيا الحق بينكما، ثم استهما، ثم ليحلل كل منكما صاحبه ) (41). وفي أسباب النزول، إشارة إلى أن بعض الأنصار، رمى أحد اليهود بغير حق، بتهمة ظالمه، فجاءت هذه الآية وما بعدها، في براءته.. آيات تتلى أبد الدهر، تؤصل للعدالة، وتؤكدها بين الناس كلهم، دون تفرقة، بسبب اختلاف الدين، أو العنصر، أو القبائل، أو الشعوب. يقول تعالى:(وطعام الذين أوتوا الكتاب حلُُّ لكم وطعامكم حلُُّلهم والمحصنات من المؤمانت والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا ءاتيتموهن أجورهن محصنين غير مسفاحين ولا متخذى أخدانٍ ) (المائدة :5). يقول صاحب الظلال، في بيان معاني هذه الآية (42) :(وهنا نطلع على صفحات السماحة الإسلامية، في التعامل مع غير المسلمين، ممن يعيشون في المجتمع الإسلامي (في دار الإسلام)، وتربطهم به روابط الذمة، والعهد، من أهل الكتاب، أن الإسلام لا يكتفي بأن يترك لهم حريتهم الدينية، ثم يعتزلهم، فيصبحوا في المجتمع مجفوين، معزولين، أو منبوذين، إنما يشملهم بجو من المشاركة الاجتماعية، والمودة، والمجاملة، والخلطة، فيجعل طعامهم حلاً للمسلمين، وطعام المسلمين حلاً لهم كذلك، ليتم التزاور، والتضايف، والمؤاكلة، وليظل المجتمع كله في ظل المودة، والسماحة.. وكذلك يجعل العفيفات من نسائهم- وهنا المحصنات بمعنى العفيفات الحرائر- طيبات للمسلمين.. ويقرن ذكرهن، بذكر الحرائر العفيفات، من المسلمات، وهي سماحة لم يشعر بها إلا أتباع الإسلام، من بين سائر أتباع الديانات والنحل). وواضح أن الإسلام، لم يبح زواج المسلمات بغير المسلمين، والسبب الظاهر في ذلك، هو أن القوامة في الزواج للرجال، والمسلم مؤتمن على رعاية حقوق زوجته الكتابية، لا يكرهها في الدين، ولا يمنعها من الكنيسة، بل يوصلها، ولا يمنعها ما هو مباح لها في دينها. وفوق كل هذا، فهو مؤمن بأنبياء الله جميعاً، لا يفرق بين أحد من رسله، بينما غير المسلم، يكفر بالرسالة الخاتمة، ويخشى من فتنه المسلمة عن دينها. وهذه المعاملة الحسنة، وخلق البر، والقسط، أصل ثابت مستقر، في توجيهات القرآن، والسنة، والتطبيق العملي في العهد النبوي، والخلافة الراشدة، وما اتصل بها من معاملات في العصور الإسلامية، وليست سياسة عارضة، أو مؤقتة. ومثالاً على هذه المعاملة الحسنة، وخلق البر والقسط، مع غير المسلمين، وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود غلاماً يهودياً مريضاً، حتى إن والده لم يملك تقديراً لهذا الجميل، والصنيع الحسن، من الزيارة النبوية، إلا أن يشجع ولده على قبول الدعوة النبوية، واعتناق الإسلام (43). وقد انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ودرعه مرهونة عند يهودي، وفي ذلك أعظم الدلالة على حسن التعامل .. وفعل ذلك مع وجود مسلمين أثرياء، في صحابته، الذين يفدونه بأرواحهم، وأموالهم (44). وقد كان صلى الله عليه وسلم يستقبل الوفود من القبائل، والأمصار، ويحسن وفادتهم، وهكذا صنع حين زاره وفد نصارى نجران، وكان بمسجده في المدينة المنورة، مما هو معروف خبره في السيرة النبوية، وتاريخ الدعوة الإسلامية(45)، وسيظل هذا الهدي النبوي العظيم، هو نبراسنا في معاملاتنا المعاصرة، بإذن الله. من المهم قبل أن نتحدث عن ما ينبغي أن نرجع فيه إلى “المبادئ الكلية” – كما ورد في “وثيقة الأزهر” مثلاً[1]، وغيرها من الوثائق والأطروحات التأسيسية الهامة في هذه المرحلة – من المهم أن نجيب عن السؤال التالي: ما هي “مبادئ الشريعة الإسلامية”؟ وما علاقتها بالأحكام الفقهية المختلفة؟ وما مدى حجيتها وثبوتها؟ وهل يعني الرجوع إليها “مصدراً أساسياً للتشريع” أننا بالضرورة لا يمكن أن نعود إلى تفاصيل الشريعة كما فهمها الفقهاء في أي مسألة؟ أولًا: الاسم العلمي لمبادئ الشريعة وكلياتها وأهدافها هو “مقاصد الشريعة”، ومقاصد الشريعة هي الغايات والمصالح والمعاني والأهداف والعلل والحكَم والأسباب (على تفصيل في مفاهيم هذه المصطلحات المتقاربة عند أهل هذا العلم)، والتي أتت الشريعة لتحقيقها في دنيا الناس. والأساس الفلسفي الذي بنيت عليه هذه المقاصد هو أن الله عز وجل لا يفعل شيئاً عبثاً، وهو قد منّ علينا بإرسال الرسول – صلى الله عليه وسلم – وإنزال هذه الشريعة (بمعنى ما نزل به الوحي من الله)، وهذا لم يكن عبثاً ولكنه لتحقيق مصالح وغايات وأهداف ومعاني معينة. من أهم هذه المقاصد والمعاني -على سبيل المثال- العدل، إذ يقول تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }[2]، واللام في “ليقوم” هي “اللام السببية”، وبالتالي فالعدل مقصد وهدف رئيس من إرسال الرسل وإنزال الكتب، وهو من مقاصد الشريعة “العامة” و”الكلية”، بالإضافة إلى مقاصد أخرى ذكرها العلماء في نظرياتهم المختلفة.[3] وتأمل هنا في أن هذا العدل ورفع الظلم هو الذي إذا مات إنسان في سبيل تحقيقه فهو شهيد، كما مرّ في حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. والمقاصد والمبادئ بهذا المعنى هي من الفقه والفهم للشريعة وليست هي الشريعة في ذاتها وإنما هي نظريات وفهم عميق ومهم لهذه الشريعة. ولذلك، فإن هذا الفقه له نظريات متعددة وليس نسق واحد. ورغم أن المقام لا يتسع لتفصيلها،[4] إلا أننا سوف نلقي الضوء هنا على بعض التقسيمات الأساسية، ألا وهي التي تتعلق بما يسمى الضرورات، والحاجيات، والتحسينيات. أما الضرورات، فمعناها مسائل الحياة والموت، فالشيء الضروري هو الذي يتوقف عليه بقاء الناس أو هلاكهم. وأما الحاجيات، فهي تأتي بعد الضرورات وتشمل كل ما يحتاجه الناس مما لا يدخل تحت مسائل الحياة أو الموت، فهي حاجات استهلاكية لكنها مطلوبة ومهمة. والقسم الثالث هو التحسيني أو الكمالي، أي المسائل الاستهلاكية الغير أساسية أو ضرورية. ودرجات المصالح هذه كلها مما أتت الشريعة لتحقيقه في دنيا الناس واستهدفت توفيرها على مستويات مختلفة. وأما الضرورات، فقد قال العلماء في هذا المجال على أن الضرورات الشرعية هي “عصمة” أو “حفظ” التالي: (1) الدين و(2) النفس و(3) العقل و(4) النسل و(5) العرض و(6) المال، على خلاف في بعض تفاصيل الترتيب والمصطلحات. والإمام الغزالي له كلام جميل يدور على أن الحفظ هذا له جانب إيجابي وجانب سلبي: الجانب السلبي هو الحفاظ على المصلحة من النقص والتضييع، والجانب الإيجابي هو الحفظ من باب التنمية والتزكية، وينبغي مراعاة الجانبين في التطبيق والتفعيل.[5] فمثلا، حفظ الدين المقصود به حماية أصل الدين، أي أصل الإيمان بالله سبحانه وتعالى، لأن كل شيء في الإسلام له علاقة بالدين، لكن حفظ الدين -بهذا المعنى أي الأولوية الأولى في ما نزلت الشريعة لتحقيقه من مصالح وغايات- هو حفظ أصل الإيمان بالله من ما ينقضه من عقائد وأفكار، وهذا للمسلمين. [font] أما لغير المسلمين، فحفظ الدين في حقهم مكفول وضروري في الشريعة أيضاً لأن: (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)[6] – عن طريق حفظ أصل حرية الاعتقاد عندهم، والقرآن صريح في قوله: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[7]، و(فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)[8]، (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)[9]، وهذه آيات مطلقة واضحة محكمة على أن غير المسلم لا يصح أن يُكره على الإسلام أو على أيّ من أحكامه الخاصة بالمسلمين، وهذا من حفظ الدين في حقه، وتعبير الشيخ الإمام الطاهر بن عاشور في نفس المعنى هو “حرية الاعتقادات”.[10] [/font] أما حفظ النفس فيتعلق بحفظ الحياة البشرية في الإسلام، بكل صورها وفي كل مراحلها، ويتعلق عمليًا بدرء ما يفوّت هذه الحياة من قتل وما يؤدي إلى الضرر بالنفس بكل أشكاله، أي ما يضر بالإنسان ضرراً بالغاً يفقده أحد أعضائه أو يُفقد الحامل جنينها أو يؤدي إلى المرض مثلاً، ثم يتعدى المقصد المذكور ذلك المعنى السلبي إلى معنى إيجابي يتعلق بشرعية كل ما من شأنه أن ينمّي صحة الإنسان ويوفّر الوقاية من الأمراض والعلل والعدوى وما إلى ذلك. بل إن حفظ النفس في الإسلام يتعلق أيضاً بحفظ أشكال الحياة المختلفة كأمم الحيوان والنبات ومكونات البيئة، فالتعديّ على الحياة بشتى صورها محرّم في الشريعة والإبقاء عليها مشروع ومقصود.[11] وأما حفظ العقل فربطه العلماء قديمًا بقضية تحريم الخمر في الشريعة الإسلامية وقالوا إن هذا يعني حفظ العقل من الغياب عن الوعي بكل مسكر أو مخدر مهما كانت الأسماء والمسميات وبغض النظر عن طريقة الصنع والمواد المؤثرة! ولكن حفظ العقل في الإسلام في حقيقته وكما يبين القرآن هو أيضاً معنى إيجابي أوسع من المعنى السلبي للحفظ والحماية، لأنه يتعلق بمفاهيم تنموية، كطلب العلم، وتنمية المهارات، والحفاظ على عقول الناس من الخرافة والشعوذة والاتباع الأعمى، والحرص على البراهين والأدلة العقلية في كل مسألة (أياً كان المنهج العقلي والفلسفي)، ولو كانت المسألة هي وجود الله تعالى أو صدق الرسل، ومحاربة عقلية القطيع والإمعة، والحفاظ على عقول النشء، إلى غير ذلك من المعاني. أما حفظ النسل، فلا يتعلق في الشريعة بالحفاظ على نسب الأولاد إلى أبيهم فحسب، بل يضاف إلى ذلك إلى حفظ الطفولة وحفظ الأسرة بالمعنى السلبي وبالمعنى الإيجابي أيضًا، أو الحماية والتنمية في آن واحد. ففي واقعنا المعاصر، الأسرة هي الأساس في الحفاظ على الأمة وفي تنشئة الأولاد وتربيتهم، ولذلك فحفظ النسل كمفهوم اتسع في الاجتهاد المعاصر في مقاصد الشريعة ليشمل حفظ الأسرة -كما شاع في الكتابات المعاصرة- وكل ما يتعلق بها من نظم اجتماعية وثقافية وقانونية. وأما حفظ العرض، فهو مفهوم يمتد كذلك وراء كونه متعلقاً بالحفاظ على سمعة الإنسان –رجلا كان أو امرأة- من أي قذف أو تجريح أو تشهير أو اتهام بالباطل أو تجسس، إلى أن يكون متعلقاً بكرامة الإنسان و”حقوق الإنسان الأساسية” كما نعرفها اليوم في المواثيق الحقوقية المعاصرة. ولكننا هنا ينبغي أن نفرق بين حقوق الإنسان الأساسية التي يتفق عليها كل البشر (كحق الحياة وحرية الاختيار والحماية من التعذيب وحرية التعبير والعدالة القضائية، إلى آخره)، وبين تطبيقات لهذه المعاني في الثقافات المختلفة قد تختلف بين أهل الشرق والغرب وبين المسلمين وغيرهم – دون أن يلزم أن تجبر أي ثقافة الثقافات الأخرى على تبنّي مفاهيمها وتطبيقاتها التفصيلية أياً كانت. ولكننا نرى أحيانا بعض الدول ذات النفوذ أو ذات الغنى والثروة تحاول أن تفرض ثقافتها الخاصة على الآخرين باسم حقوق الإنسان، وهذا الأمر –في معرض الحديث عن الشريعة- يحتاج إلى تنويه، خاصة في مجال الأسرة، كما سيأتي. وأما حفظ المال فهو في الفقه يتعلق بالعقوبات التي فرضتها الشريعة على السرقة والغش والاحتكار والاختلاس، ولكن المعنى المعاصر الفقهي أضاف بعدًا إيجابيًا يمتد إلى حفظ الحقوق والملْكيات (بما فيها الحقوق والملْكيات الفكرية)، وحفظ الاقتصاد من الانهيار والبطالة والتضخم، وقس إلى ذلك. [font] وللشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله طرح تأسيسي حول “ضرورات الفرد” و”ضرورات الأمة”، إذ قال إن مصلحة الأمة مقدمة على مصلحة الفرد، وبالتالي فإن دين الأمة ونفسها وعقلها ونسلها وعرضها ومالها مقدّم كله على دين الفرد ونفسه وعقله ونسله وعرضه وماله. وهذا معنى مهم كذلك في التطبيق والتفعيل للشريعة خاصة في مجال الأولويات والسياسات، وهو في المعنى المعاصر بمعنى أن المصلحة العامة تقدم –كقاعدة عامة– على مصلحة الفرد، مما سيأتي أيضًا. [/font] وأما الحاجيات، فهي قضايا ومصالح يحتاجها الناس على درجة أقل من الضرورات لأنها ليست مسائل حياة أو موت، وقد ضرب العلماء أمثلة على هذه الحاجيات كالزواج والسفر والتجارة، بمعنى أنه لا يموت الشخص إذا لم يتاجر، أو يتزوج (أرجو ذلك!)، أو يتاجر، وهكذا. ولكنّ بعض الأصوليين قالوا أيضا إن (الحاجة إذا عمت نزلت منزلة الضرورة)، أي أنه إذا كان هناك كساد عام في التجارة أصبحت التجارة ضرورة، وإذا كان هناك كساد عام في الزواج أصبح الزواج ضرورة، وهكذا. وهذه الحاجات –إذن- مهمة ولكنها تأتي بعد الضرورات ولا تتقدم عليها في سلم الأهمية والاهتمام. والنظر إلى “مبادئ الشريعة” لابد أن يراعي هذا الترتيب ولا يخل به، وهو ترتيب منطقي على أي حال يتفق عليه العقلاء. وأما التحسينيات: فمن فضل الله سبحانه وتعالى وكرمه ووده أن جعل من أهداف الشريعة ومقاصدها أن تحسّن حياتنا وتجملها حتى بالكماليات، وليس فقط بما نحتاجه على سبيل الضرورة أو الحاجة، وذلك كتزيين البيوت والمساجد وتعبيد الطرقات، وكأمور الترفيه المباح والروائح الطيبة، والطعام والشراب الشهي المباح، والأثاث المريح والألوان الجميلة، وما إلى ذلك، وتحقيق هذا كله من مقاصد الشريعة وأهدافها ولكنه يأتي في المرتبة التي تلي الحاجات وتقدم وتمهد لها، ولا يصح أن تتقدم عليها في سلم الأولويات والاهتمامات والسياسات والميزانيات مثلًا! [font] وبالإضافة إلى هذا التقسيم المشهور من تقسيمات المقاصد، هناك تقسيمات أخرى تتعلق بما يسمى بالكليات العامة. فقد قال العلماء إن العدل من مقاصد الشريعة الكلية، وقالوا إن مراعاة الفطرة أي الطبيعة البشرية التي فطر الله عليها الناس من مقاصد الشريعة الكلية أيضاً، وقالوا كذلك إن مراعاة السنن الإلهية بمعنى النظم والقوانين الكونية التي جعلها الله عز وجل حاكمة على حركة الكون والحياة – قالوا إن الشريعة تتغيا مراعاة هذه القوانين ولا تقصد أبدًا أن تصطدم معها، وذكروا “حفظ نظام الأمة” ضمن المقاصد الكلية العامة التي تستهدفها الشريعة بتفاصيلها المختلفة، مما له أهمية خاصة في كلامنا عن أولويات ما بعد الثورات. ومن معاني الكليات العامة التي ذكرها علماء المقاصد كذلك: السماحة، والتيسير، والحكمة، والمصلحة العامة، والتعاون، والتعايش، والتكافل، والأمانة، والتطوع، وغير ذلك من القيم المجتمعية التي نطلق عليها اليوم “قيم مدنية”. إذن، فالرجوع إلى “مبادئ الشريعة الإسلامية” هو رجوع إلى كل هذه المعاني والغايات المذكورة أعلاه، والتي تغيّتها الشريعة وراعتها كمصالح وحقوق مطلقة. وهذا الرجوع للمبادئ ميزته أنه لا يختلف فيه العقلاء نظراً لأن هذه المقاصد “مراعاة في كل ملة” –على حد تعبير الإمام الشاطبي رحمه الله- ويقبلها العقل السليم بداهة ولا يجادل فيها أياً كانت ديانته أو أيديولوجيته، وهي إذن أرضية مشتركة بين كافة القوى السياسية في أي مشروع سياسي عام، وهو مهم في سياق كلامنا عن الشريعة ومرحلة ما بعد الثورات. على أن هناك أحكام من الشريعة الإسلامية (كالأحوال الشخصية مثلاً) لا يسع المسلمين أغلبيات أو أقليات، ولا في أي بلد ولا تحت أي سلطان أن لا يلتزموا بها، ولا يكفيهم فيها أن يعود المشرّع القانوني إلى “المبادئ العامة” والمعاني المطلقة، بل لابد للمسلم سواء فرديًا أو باسم بالقانون إن أمكن، لابد أن يعود إلى التفاصيل والأركان والشروط والأسباب والموانع المحددة التي نصت عليها الشريعة، وذلك على ألا يخرج تفسير النصوص التفصيلية عن المبادئ والمقاصد الكلية المذكورة – وهكذا تكون الموازنة بين النصوص المحددة الثابتة والمقاصد الكلية العامة. أما التفريق بين المجالات التي تكفي فيها المبادئ والمقاصد العامة وبين ما يجب العودة فيه إلى التفاصيل الفقهية والتفسيرات المذهبية، فهذا مما سوف نزيده تفصيلاً في سياق الحديث عن الموازنة بين “الديني” و”المدني”، كما سيأتي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [/font] راجع الإشارة إلى “مبادئ الشريعة” كثيرًا في وثيقة الأزهر المشهورة. راجع موقع الهيئة العامة للاستعلامات: www.sis.gov.eg، وقد ورد في مبادئها: “أولا: دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة, التي تعتمد علي دستور ترتضيه الأمة, يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة. ويحدد إطار الحكم, ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها علي قدم المساواة, بحيث تكون سلطة التشريع فيه النواب الشعب, بما يتوافق مع المفهوم الإسلامي الصحيح حيث لم يعرف الإسلام لا في تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف في الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التي تسلطت علي الناس, وعانت منها البشرية في بعض مراحل التاريخ, بل ترك للناس إدارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة لمصالحهم, شريطة ان تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع, وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخري الاحتكام الي شرائعهم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية. ثانيا: اعتماد النظام الديمقراطي, القائم علي الانتخاب الحر المباشر, الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مبادئ الشوري الإسلامية …”. الحديد 25 راجع مثلا: جاسر عودة، فقه المقاصد، المعهد العالمي للفكر الإسلامي – ط3 – بيروت 2008م. لي في هذا العلم أبحاث متواضعة ومقالات منشورة. راجع مثلاً: جاسر عودة، فقه المقاصد، المعهد العالمي للفقه الإسلامي، واشنطن، ط3، 2008، وجاسر عودة، مقاصد الشريعة كفلسفة للتشريع الإسلامي – رؤية منظومية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، بيروت، 2012. مزيد من التفاصيل في المراجع السابقة. تسمى في الفقه “قاعدة لهم ما لنا وعليهم ما علينا”، وهي مقولة للإمام علي بن أبي طالب وشيخ الإسلام ابن تيمية ولغيرهما وفي كتب الفقه والأصول في مواضع كثيرة ولها تطبيقات شتى، ورويت مرفوعة (أي على أنها حديث منسوب للنبي صلى الله عليه وسلم) ولكنها لم تثبت كحديث، ولو أن المعنى صحيح. راجع مثلًا: أحمد عبد الحليم بن تيمية، كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ط2، بدون تاريخ، ج28، ص618، وعلاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع، دار الكتاب العربي، ط2، بيروت، 1982م، ج7، ص111. البقرة 256، ونفي النفي معنى أقوى من الإثبات، أي أن تعبير نفي الإكراه في الدين أقوى من تعبير الحرية الدينية. الكهف: 29 يونس 99 أما قضية “حد الردة”، فهي قضية خلافية ذات تفاصيل متشعبة وأفضل ما كتب فيها في عصرنا في رأيي كتابا شيخينا طه العلواني ويوسف القرضاوي. راجع: طه العلواني، لا إكراه في الدين: دراسة في إشكاية الردة والمرتدين، مكتبة الشروق الدولية, القاهرة، 2003م، ويوسف القرضاوي، جريمة الردة وعقوبة المرتد، مكتبة وهبة، القاهرة، ط2، 2005م، وفيهما ينفيان أن تكون هناك عقوبة شرعية على مجرد تغيير الدين دون جرائم أخرى، كما قد يتوهم البعض. راجع مثلا كتاب الشيخ القرضاوي: رعاية البيئة في شريعة الإسلام، دار الشروق، 2001م. [font] - See more at: http://feker.net/ar/2012/10/12/12583/#sthash.DcoTaRuP.dpuf من المهم قبل أن نتحدث عن ما ينبغي أن نرجع فيه إلى “المبادئ الكلية” – كما ورد في “وثيقة الأزهر” مثلاً[1]، وغيرها من الوثائق والأطروحات التأسيسية الهامة في هذه المرحلة – من المهم أن نجيب عن السؤال التالي: ما هي “مبادئ الشريعة الإسلامية”؟ وما علاقتها بالأحكام الفقهية المختلفة؟ وما مدى حجيتها وثبوتها؟ وهل يعني الرجوع إليها “مصدراً أساسياً للتشريع” أننا بالضرورة لا يمكن أن نعود إلى تفاصيل الشريعة كما فهمها الفقهاء في أي مسألة؟ أولًا: الاسم العلمي لمبادئ الشريعة وكلياتها وأهدافها هو “مقاصد الشريعة”، ومقاصد الشريعة هي الغايات والمصالح والمعاني والأهداف والعلل والحكَم والأسباب (على تفصيل في مفاهيم هذه المصطلحات المتقاربة عند أهل هذا العلم)، والتي أتت الشريعة لتحقيقها في دنيا الناس. والأساس الفلسفي الذي بنيت عليه هذه المقاصد هو أن الله عز وجل لا يفعل شيئاً عبثاً، وهو قد منّ علينا بإرسال الرسول – صلى الله عليه وسلم – وإنزال هذه الشريعة (بمعنى ما نزل به الوحي من الله)، وهذا لم يكن عبثاً ولكنه لتحقيق مصالح وغايات وأهداف ومعاني معينة. من أهم هذه المقاصد والمعاني -على سبيل المثال- العدل، إذ يقول تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }[2]، واللام في “ليقوم” هي “اللام السببية”، وبالتالي فالعدل مقصد وهدف رئيس من إرسال الرسل وإنزال الكتب، وهو من مقاصد الشريعة “العامة” و”الكلية”، بالإضافة إلى مقاصد أخرى ذكرها العلماء في نظرياتهم المختلفة.[3] وتأمل هنا في أن هذا العدل ورفع الظلم هو الذي إذا مات إنسان في سبيل تحقيقه فهو شهيد، كما مرّ في حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. والمقاصد والمبادئ بهذا المعنى هي من الفقه والفهم للشريعة وليست هي الشريعة في ذاتها وإنما هي نظريات وفهم عميق ومهم لهذه الشريعة. ولذلك، فإن هذا الفقه له نظريات متعددة وليس نسق واحد. ورغم أن المقام لا يتسع لتفصيلها،[4] إلا أننا سوف نلقي الضوء هنا على بعض التقسيمات الأساسية، ألا وهي التي تتعلق بما يسمى الضرورات، والحاجيات، والتحسينيات. أما الضرورات، فمعناها مسائل الحياة والموت، فالشيء الضروري هو الذي يتوقف عليه بقاء الناس أو هلاكهم. وأما الحاجيات، فهي تأتي بعد الضرورات وتشمل كل ما يحتاجه الناس مما لا يدخل تحت مسائل الحياة أو الموت، فهي حاجات استهلاكية لكنها مطلوبة ومهمة. والقسم الثالث هو التحسيني أو الكمالي، أي المسائل الاستهلاكية الغير أساسية أو ضرورية. ودرجات المصالح هذه كلها مما أتت الشريعة لتحقيقه في دنيا الناس واستهدفت توفيرها على مستو
-
[center]القضاء في الشريعة الإسلامية الوظائف المنوطة بمنصب الإمامة العظمى والسياسة العليا للأمة ، تحقيقاً لمصالحها ، ودرءاً للمفاسد عنها ، ورعاية لنبذ ما من شأنه الإخلال بنظامها من الشقاق والنزاع والمخاصمة ، ولذا وردت النصوص القواطع في شريعة الإسلام آمرة بالعدل ملزمة به بأمر عام . قال الله تعالي : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) النحل 16/90 . قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) الآية . وقال أبو حيان - رحمه الله - : "العدل فعل كل مفروض من عقائد وشرائع وسَيْرٍ مع الناس في أداء الأمانات ، وترك الظلم والإنصاف ، وإعطاء الحق" . وقال العلامة ابن العربي المالكي – رحمه الله - : "قوله : (بالعدل) وهو مع العَالَم ، وحقيقته التوسط بين طرفي النقيض وضده الجور ، وذلك أن البارئ خلق العالم مختلفاً متضاداً مزدوجاً ، وجعل العدل في طراد الأمور بين ذلك على أن يكون الأمر جارياً فيه على الوسط في كل معنى". كما ورد النص بالحض على العدل والأمر به في مقام الحكم بين الناس خاصة لعظيم حاجتهم إليه ، ولكون أحوالهم لا تستقيم إلا به . قال الله تعالي : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم ببين الناس أن تحكموا بالعدل) النساء . قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - : "قوله : (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ، أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس ، ولهذا قال محمد بن كعب ، وزيد بن أسلم ، وشهر بن جوشب : إن هذه الآية إنما نزلت في الأمراء يعني الحكام بين الناس" . وقال الشوكاني – رحمه الله -: "هذه الآية من أمهات الآيات المشتملة على كثير من أحكام الشرع .. والعدل هو : فصل الحكومة على ما في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا الحكم بالرأي المجرد ، فإن ذلك ليس من الحق في شيء إلا إذا لم يوجد دليل تلك الحكومة في كتاب الله ولا في سنة رسوله فلا بأس باجتهاد الرأي من الحاكم الذي يعلم بحكم الله سبحانه وبما هو أقرب إلى الحقل عند عدم وجود النص" . تعريف القضاء واركانه تعريف القضاء لغة : مأخوذ من مادة "قضى" وهو أصل صحيح يدل على إحكام الأمر وإتقانه والفراغ منه . قال الله تعالي : (فقضاهن سبع سموات في يومين) فصلت 41/12 . أي : أحكم خلقهن . والقضاء : الحكم ، قال سبحانه : (فاقض ما أنت قاضٍ) طه 20/72 . أي : اصنع واحكم ، ومنه سمي القاضي قاضياً ، لأنه يحكم الأحكام وينفذها . ويرد القضاء بمعنى القطع والفصل والإعلام . والقضاء في الاصطلاح يدور معناه على فصل الخصومات ، وقطع المتنازعات بحكم شرعي على سبيل الإلزام . أركانه للقضاء أركان ستة تجمع أجزاء ماهيته وهي : القاضي - المقضي به - المقضي عليه - المقضي فيه - المقضي له - كيفية القضاء فالقاضي : هو الحاكم المنصوب للحكم . والمقضي به : هو الحكم الصادر عنه . والمقضي عليه : هو المحكوم عليه المُلْزَم بحكم الحاكم . والمقضي فيه : هو موضع التقاضي والمنازعة . والمقضي له : هو المحكوم له على خصمه بالحق الواجب له عليه . وكيفية القضاء : تعني طرق الحكم الموصولة إليه . الحكمة من القضاء القضاء بين الناس في حكوماتهم ومنازعاتهم عمل جليل القدر والاعتبار ، يراد مه تحصيل مصالح ومنافع ، ودفع مفاسد ومضار للعموم تقوم الحاجة الملحة لاقتضاء ذلك . ولذا نبه فقهاء الشريعة – رحمهم الله – إلى المقصد الجليل والهدف النبيل من هذه الوظيفة العظيمة السامية ، وأنه مرتكز على إيصال الحقوق ودفع المظالم وقطع التنازع تحقيقاً لإقامة العدل والمعروف ، ومنابذ الظلم والمنكر . قال العلامة ابن فرحون المالكي – رحمه الله - : "وأما حكمته فرفع التهارج ورد التواثب وقمع الظالم ونصر المظلوم وقطع الخصومات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : "المقصود من القضاء وصول الحقوق إلى أهلها ، وقطع المخاصمة فوصول الحقوق هو المصلحة ، وقطع المخاصمة إزالة المفسدة ، فالمقصود هو جلب تلك المصلحة وإزالة هذه المفسدة ، ووصول الحقوق هو من العدل الذي تقوم به السماء والأرض ، وقطع الخصومة هو من باب دفع الظلم والضرر وكلاهما ينقسم إلى إبقاء موجود ودفع مفقود . حكم القضاء لما كان القضاء يترتب عليه مصالح ضرورية للأمة ، ويناط به تحقيق العدل والإنصاف ومنع التظالم والتنازع بين أفرادها ، فقد اتفقت عبارة الفقهاء – رحمهم الله – على أن حكمه فرض كفاية يجب على العموم ولا يتعين على أحد إلا أن لا يوجد ممن تتوفر فيه شرائط القضاء إلا شخصاً بعينه فيلزمه فرضاً عينياً . - قال ابن قدامه – رحمه الله - : "القضاء من فروض الكفايات لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه فكان واجباً عليهم كالجهاد والإمامة 00 قال أحمد : لا بد للناس من حاكم أتذهب حقوق الناس 00" . القضاء في عهد النبوة القضاء أسس النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أصول القضاء في شريعته الخاتمة للناس، وتولى صلوات الله وسلامه عليه هذا العمل الجليل بنفسه فكان هو المرجع في فصل الخصومات وقطع المنازعات ، وقد جاءت نصوص الشريعة موضحة لركائز الحكم وضوابطه ، وأبان المصطفى صلى الله عليه وسلم واقعها التطبيقي في أقضية متعددة ، وابرز الأسس التي تستوحي من سيرته صلى الله عليه وسلم في القضاء ما يلي : أولاً : الأصل في الحكم والمرجع في القضاء لحكم الشريعة العادلة بمدلول قوله عز وجل : (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) المائدة 5/42 . وقوله سبحانه : (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) المائدة 5/49 . ثانياً : الحكم بين الناس مبناه على إقامة العدل والقسط من غير ميلٍ أو حيف أو هوى . قال جل وعلا : (وإذا حكمتم بني الناس أن تحكموا بالعدل) النساء 4/58 . ويقول عز شانه : (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) سورة ص 38/26 . ثالثاً : التحاكم من الناس واجب إلى شرع الله وحكمه دون غيره من أحكام الطواغيت ، يقول تعالى : (ألم تر إلى الذي يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً * فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً * أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً) النساء 5/60-63 0 ويقول سبحانه : (ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون * إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) النور 24/47-51 . ويقول عز شأنه : (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم أحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فان تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثراً من الناس لفاسقون * أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائدة 5/49-50 . رابعاً : التسليم لحكم الله والرضى به والانقياد له أمر حتم لازم لمن آمن ، والنكوص عن ذلك بأية صورة منافٍ لمقتضى الإيمان وحقيقته ، يقول الرب تعالى وتقدس : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) النساء 4/65 . خامساً : الحكم والقضاء في سائر الخصومات والمنازعات يقع من الحاكم على ظواهر الحال ودلائل المتخاصمين ، والحكم بموجب ذلك لا يحل الباطن لمن حكم له إذا كان الأمر في ذاته وحقيقته بخلاف ما ظهر وما حكم به ، دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" رواه البخاري ومسلم . سادساً : المتولي لعمل القضاء ينظر إلى سلامته من توابع حكمه وقضائه برقابة ذاتية لكونه قد أنيط به إيقاع الحق والقسط في الحكومة بحكم الشريعة ، ولذا لزمه الاجتهاد والتحري فيما وكل إليه ليحصل له أجر اجتهاده وإصابته وليسلم من تبعة المؤاخذة في التقصير في الآخرة ، روى بريدة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "القضاة ثلاثة : واحد في الجنة واثنان في النار ، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار" رواه أبو داود . سابعاً : القاضي في اختصام الناس وشقاقهم يلي أمراً مهماً عظيماً يوجب عليه عناية خاصة فيما يعالج فيتعين خلوه من الشواغل والمؤثرات بحيث يضمن سلامة الحكم وصحته في أعيان الوقائع وفي مثل هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان" رواه البخاري ومسلم . ومقيس على الغضب ما هو من جنسه من الشواغل المؤثرة . ونتيجة لما سلف من أسس قضائية فريدة أسسها وأرسى دعائمها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتربى عليها وآمن بها أصحابه – رضوان الله عليهم – كان في الواقع عدل وإنصاف فريد متميّز ، وحظي الناس بحكم مقسط أظهر الحقوق ورد المظالم وقطع شقائق الخلاف والنزاع . القضاء في عهد الخلفاء الراشدين القضاء في عهد الخلافة الراشدة يُعد أول تجربة قضائية للمسلمين بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم ولئن تميّز عهد النبوة بالوحي الذي هو مصدر التشريع ، وبوجود النبي صلى الله عليه وسلم قائماً بأمر الحكم بني الناس ومتولياً لهذا الشأن بتسليم ورضى وانقياد منهم تحقيقاً لما أمروا به في مثل قوله تعالى : (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوات إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) النور 24/51 . فان عهد الخلفاء الراشدين هو المرحلة التطبيقية للقضاء تأسيساً على نصوص الشريعة ، وتأصيلاً للأحكام على ما فهم من سنن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من بعده ، كما يظهر في هذه المرحلة الطريقة الصحيحة للنظر والاجتهاد في أعيان الحوادث المستجدة في واقع الناس ولم يكن لها نص يخص آحادها من المشرّع ، فيتحقق قيام المقتضي لاستخراج العلل وتحقيق المناطات واستجلاء الأقيسة السالمة من العوارض والنواقض ، ولقد كان في عهد الخلفاء النيّر تقعيد وتأصيل وتأسيس للقضية والأحكام على ما جمعوه من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وحفظوه عنه فيها ، ومما يُظهر اعتبار عهد الخلافة الراشدة وتميّزه حتماً بمزيد من العناية ما صح به الأثر عن النبي المصطفى – صلوات الله وسلامة عليه – بالأمر بالعمل بسنة الخلفاء الراشدين من بعده . فعن العرباض بن سارية – رضي الله عنه – قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ، قال : "أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن تأمّر عليكم عبد ، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة" رواه أبو داود . قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله - : "وفي أمره صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين بعده وأمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور عموماً دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة كاتباع سنته ، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور" . ويمكن أن نستجمع أهم مميزات عهد الخلافة المبارك وسماته في المجال القضائي بما يلي : أولاً : المرجع في الأقضية والأحكام في قضاء الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم – إلى وحي الرسالة بما ورد في كتاب الله تعالى وصح من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث يعد النص من المشرع هو الأساس المعتبر المنتهي إليه في كل حكومة يرام فصلها والقضاء فيها اهتداء بما ورد من نصوص الكتاب والسنة الموجبة لهذا الاعتبار . ثانياً : الحرص على تقفّي سنن الرسول صلى الله عليه وسلم في أحكامه وأقضيته ، واتباع سبيله فيها ، والعناية بجمعها . وتحقيق صحة وقائعها بالتتبع والسؤال والبحث والنظر سمة ظاهرة في عمل الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم – في حكوماتهم وأقضيتهم . ثالثاً : الأحكام والأقضية تحتاج إلى إعمال نظر وتأمل ومقايسة ، ولذا فقد كان من منهج الخلفاء - رضي الله عنهم - في قضائهم المشاورة وطلب الرأي فيما يعرض لهم من القضاء ابتغاء للحق ، وتطلباً لحكم الله في الوقائع . رابعاً: آحاد القضايا وأعيانها تتجدد وتتنوع وقد لا يكون ثمة نص في عين قضية ما فيعمد الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم - إلى أعمال أنظارهم باجتهاد وبحث ونظر ، استخراجا لحكم الواقعة وما يرتبط بها من المناطات والعلل المعتبرة في منظور الشريعة مما يتخرج عليه حكمها . خامساً: توسعت أقاليم الدولة الإسلامية فيعصر الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - حتى تجاوزت حدود جزيرة العرب للفتوحات الكثيرة ، واقبل الناس على الدخول في دين الله أفواجاً ، فاقتضت الحال بعث جملة من القضاة يتولون الفصل والحكم في المنازعات والخصومات بين الناس في كل ناحية وإقليم ، وكان لهذا العمل مصالح كثيرة وإيجابيات متعددة في واقع القضاء حيث جرى ترتيب لهذه الإنابة القضائية من وليّ أمر المسلمين إلى من يقيمه لهذا الشأن بتقعيد أصول القضاء وبيان أساليبه ، وإيضاح سبله وطرائقة وطرائقه من أشهر ما يذكر في هذا المقام كتاب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - في أمر القضاء حيث قال في كتابه : "أما بعد : فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ، فافهم إذا أدلي إليك ، فإنه لا ينفع تكلّم بحق لا نفاذ له ، وآس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك ، حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك ، البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً ، ومن ادعى حقاً غائباً أو بينة فاضرب له أمداً ينتهي إليه ، فإن جاء ببينة أعطيته حقه ، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية فإن ذلك أبلغ في العذر ، وأجلى للعمى ، ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه رأيك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق ، لأن الحق قديم لا يبطله شيء ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشهادة إلا مجلوداً في حدٍ أو مجرباً عليه شهادة زور ، أو ظنيناً في ولاء أو قرابة ، فإن الله تعالى تولى من العباد السرائر ، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان ، ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ليس في قرآن ولا سنة ، ثم قايس الأمور عند ذلك ، واعرف الأمثال والأشياء ، ثم اعتمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق ، وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس عند الخصومة والتنكر ، فأن القضاء في مواطن الحق يوجب الله به الأجر ، ويحسن به الذخر ، فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تزيّن بما ليس في نفسه شانه الله ، فان الله لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصاً ، وما ظنك بثواب الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته .. والسلام" . القضاء في عصور ما بعد الخلافة الراشدة تتابعت عصور المسلمين ودولهم بعد عهد النبوة والخلافة الراشدة من بعد سنة الأربعين من الهجرة وللعمل القضائي قواسم مشتركة بين عموم الفترات والمراحل الزمنية المتعاقبة ، وإن كان للمتأمل في كل مرحلة وفترة خصائص تميزها عن غيرها إلا أن العناية بالجوامع بين العموم واستخلاصها وإبرازها أولى بالاعتبار والنظر ، كما أن ذلك يعطي تصويراً عاماً لمسيرة القضاء وعمله في تاريخ المسلمين وحضارتهم في الزمن الماضي ، فقد حكمت ديار المسلمين بعد الخلافة الراشدة عدد من الدول والحكومات في مختلف الأنحاء والأقاليم. ولقد اتسم القضاء في عموم هذه الدول بسمات تدل على تقدم أعماله ورسوم وظيفته حيث ظهرت بحوث ودراسات وتراتيب وتنظيمات لهذا العمل الجليل تفيد بعدد من القواعد والضوابط والأحكام والرسوم لشكله ومضمونه مما أعطي هذا الجانب المزيد من العناية والاعتبار ، وأقام لهذه الولاية الشريفة نزلاً يليق بمهمتها ووظيفتها السامية 00 ولعل من أبرز السمات الظاهرة للعمل القضائي في تلك العصور ما يلي : أولاً : أن عمل المسلمين في قضائهم عبر عصورهم المتعاقبة ودولهم المتتابعة جار على تحكيم شرع الله المطهر وإعمال أحكامه وإقامة حدوده ولا غرو في ذلك فهو واجب مقطوع به في اصل الدين ، ولم يحصل إخلال به في مجمل أقضية المسلمين عبر تاريخهم إلى حين الزمن المتأخر الذي ظهرت فيه المنابذة لحكم الشريعة واستبداله بحكم الطاغوت . ثانياً : أن عمل القضاء من وظائف الإمامة العظمى ، وقد كان ولاة الأمة في الصدر الأول يتولونه بأنفسهم ، وبعد توسع لفتوحات وتعدد البلدان والأقاليم ظهرت الحاجة إلى بعث القضاة في سائر النواحي للقيام بمهمة الحكم بين الناس في خصوماتهم ونزاعاتهم . إلا أن دول المسلمين بعد عصر الخلفاء ظهرت فيها ظاهرة تخلي الخليفة وولي الأمر العام عن القيام بوظيفة القضاء بالكلية وإنابة من يقوم بذلك من أهل الكفاية علماً وفضلاً . ثالثاً: إثراء الجوانب المتعلقة بالدراسات الفقهية والقضائية بنشاط التأليف والتصنيف والبحث والنظر وظهور المدارس العلمية في كثير من بلدان العالم الإسلامي مما كان له الأثر البالغ على تحرير الأحكام ، وتصوير وقائعها ، ومعرفة مآخذ الأحكام من النصوص والدلالات الشرعية ، وقد أنتجت العناية بهذا الشأن للمسلمين في عصورهم المتعاقبة مرجعية علمية ثرية بحيث يندر أن تند نازلة من النوازل عن مجموع هذه البحوث والدراسات في الأصول والفروع ، وشاهد ذلك ما تحفل به المكتبات السلامية من مؤلفات ومصنفات متنوعة في هذا الفن بين مطوّلات وشروحات ومجاميع ، ولقد كان لعناية الخلفاء والولاة والحكام في تلك العصور بأهل العلم والنظر والتصنيف وحفزهم وتشجيعهم مزيد إثراء لهذا العمل الجليل القدر ونماء للعطاء فيه . رابعاً : حيث تكثر القضايا وتتباين أنواعها ، وتتسع أقاليم الدولة وتتباعد أنحاؤها وأطرافها ، تظهر الحاجة الملحة في الواقع إلى تخصيص العمل القضائي نوعاً ومكاناً ، تحقيقاً لمصلحة المتقاضين وقضاياهم ، وقد كان العمل القضائي المتخصص هو السمة الغالبة على قضاء المسلمين عبر تاريخهم ، ولهذا قرر فقهاء الشريعة بنصوص متظافرة جواز الأخذ بهذا المنهج المتخصص سواء أكان في النوع أو المكان . خامساً: تعدد القضاة في المصر الواحد بحيث يتولى كل واحد منهم نوعاً من القضايا ، أو يتلوى مجموعة منهم قضاء المصر من الأمور التي ظهرت في تاريخ قضاء المسلمين وعُدَّ سمة من سماته لقيام المقتضي له ، وقد سمي بعض هؤلاء القضاة بعمله كقاضي الجند ، وقاضي السوق ، وقاضي المناكح وهكذا . سادساً: ولاية القضاء وعمل الحكم والفصل بني الناس هو جزء مستفاد من الإمامة العظمى المنوطة بولي الأمر العام ، وحين ظهر في عصور المسلمين تخلي الأئمة عن هذا العمل وإناطته بغيرهم ممن تأهّل له كان لابد في ظل ذلك من تحديد هذه الولاية ووظائفها ، ولذلك تظافرت كتب الفقهاء - رحمهم الله - في ذكر وظائف القاضي وبيان ما يرتبط بولايته من الأعمال ، وقد يتباين حديثهم عن هذه الوظائف بحسب مفهومها عند كل فقيه وما عاصره إلا أن هناك قواسم مشتركة في تحديد ذلك من حيث العموم ، حيث جعلوا من وظيفة المتولي لعمل القضاء الفصل في منازعات الناس وشقاقهم ، والقيام على أمر المحبوسين والموقوفين والحكم في شأنهم ، ورعاية الأيتام والقاصرين وأموالهم ، والنظر في شأن الأوقاف والوصايا والغيّب والمجاهيل ، والأخذ على السفهاء بالحجر عليهم وزجرهم حفاظاً لهم وللعموم ، وإقامة الحدود ، وإمامة الجمعة والعيد وغير ذلك . وقد يكون من شأن القاضي القيام بهذه الأعمال وغيرها مما قد يزاد عليها في عصر من الأعصار ، وقد يحصر عمله في بعضها دون بعض ، ولكن تحديد وظيفة القاضي حال توليته صفة لازمة للعمل القضائي بعامة في زمنه الماضي . سابعاً: درج الولاة على كفاية من يولون عمل القضاء بمنحهم ما يقوم بحاجتهم من رزق بيت المال ليكفوهم مؤونة المعاش ، وليتفرغوا لمعالجة الحكومات وما يعرض من أمر القضاء ، وليكون في ذلك بُعْدٌ للقضاة عن الصفق في الأسواق والدخول في معامع الاتجار وطلب المكاسب ، حفاظاً لمقامهم وشريف وظيفتهم ونبذ احتمال استمالتهم بعرض الدنيا من قبل أرباب المصالح في الخصومة ، وقد كان من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن كتب إلى عماله : "استعملوا صالحيكم على القضاء واكفوهم" وعلى هذا السنن جرى عمل القضاء في سائر أعصار المسلمين . ثامناً: حيث كثر عدد القضاة في دول المسلمين عبر تاريخهم كان لابد من ترتيب هذا العدد وتشكيله وإيجاد مرجعية تؤول إليها أمور القضاء والقضاة ويكون لها نوع إشراف على عملهم . تاسعاً: تسجيل الأحكام وتدوين وقائعها مفيد إفادة ظاهرة في حفظها وضبطها توثيقاً للحقوق ومقايسة للنظائر مما يقع فيما يستقبل من النوازل ، ولذا عني المعتنون بأمر القضاء فيما سلف برصد وقوعات الأحكام والأقضية وتسجيلها وتدوينها في محفوظات ووثائق وفق ضوابط وقيود توحي بتصور دقيق لهذا العمل ومحرراته وشرائط من يقوم به . [/center]
-
السلام عليكم تاريخ مروع وخسيس للشيعة عليهم من الله مايستحقون سأحدثكم عن صفحات من صفحات الشيعة التي لم ينساها التاريخ وما فعلوه بالمسلمين من مذابح بشرية ومقابر جماعية وانتهاكات لا حدود لها فاسمعوها وعوها... انشر هذه الاحصائيات حتی لا ينخدع أحد من أهل بيتك أو أي مسلم بالرافضة وفرقها لانهم أصحاب تقية اي تخفي بإظهار الحب للمسلمين والتستر بلباس حب آل البيت وإخفاء الكيد والحقد والغل على كل مسلم على وجه الأرض والتآمر على بلدان المسلمين لأن التقية دين الرافضة كما قال الهالك الخميني لا دين لمن لا تقية له بل يقول إن تسعة أعشار الدين بالتقية . واحتسب الأجر بفضح عقائد وتاريخ الرافضة: 📌 في سنة 317 هـ كان المسلمون يطوفون حول الكعبة فاكتسح الكعبة جيش من الشيعة القرامطة وذبحوا في يوم واحد (30,000) ثلاثين ألف حاج من الرجال والنساء والأطفال... 📌 وقف قائد الشيعة أبو طاهر القرمطي على باب الكعبة ونادى في الحجيج لمن الملك اليوم؟!. فلم يجبه أحد فقال أنا الله أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا. 📌 هدم الشيعة بئر زمزم ورموا فيها مئات الجثث من الذين قتلوهم من الحجيج حتى امتلأت البئر بالجثث وجمعوا فوقها بقية الجثث حتى صارت الجثث جبلا" ضخما"... 📌 أمر قائد الشيعة القرامطة جيشه بخلع باب الكعبة ومزق كسوة الكعبة إربا" إربا" ونادى في الناس أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل ولم يجبه أحد!. 📌 هرب الحجيج من جيش الشيعة وتعلق باستار الكعبة (1700) رجل وامراة لعل أستار الكعبة تشفع لهم عند الشيعة فنادى قائد الشيعة ابدأوا بهم فاذبحوهم... 📌 جمع قائد الشيعة القرامطة حاجات بيت الله من النساء حول الكعبة وفي حجر إسماعيل وأمر جنوده باغتصابهنّ علنا ثم ذبحوهن ورموا جثثهنّ في بئر زمزم... 📌 أمر قائد الشيعة القرامطة بخلع ميزاب الكعبة فصعد رجل من الشيعة ولما وصل الميزاب سقط الرجل على رأسه فانكسرت رقبته فقال قائدهم لا يصعد له أحدا... 📌 هتك الشيعة القرامطة باب الكعبة ودنسوها ونهبوا منها كنوزا" عظيمة كان الملوك يهدونها للكعبة المشرفة وساقوها معهم إلى القطيف... 📌 تبوّل قائد الشيعة القرامطة أبو طاهر الجنابي على الكعبة المشرفة ونادى في جيشة أين أبرهة والفيل والطير الأبابيل وهم يتقهقهون ويضحكون كالسكارى. 📌 أمر زعيم الشيعة القرامطة أن يُهدم مكان الحجر الأسود وضرب بفاسه الحجر الأسود فانكسر شقين ثم حملوه معهم إلى القطيف وظلّ الحجر الأسود معهم (22) سنة... 📌 أراد الشيعة القرامطة أن يسرقوا مقام إبراهيم فدسه أهل مكة في مكان آمن فهددهم وتوعدهم قائد الشيعة ولما رفضوا تسليمه قام بمجزرة كبرى في شعاب مكة... 📌 أمر قائد الشيعة القرامطة بذبح جميع الحجيج حتى سالت أنهار الدم حول الكعبة كالسيل وقتل من الصباح إلى العصر (30،000) ألف حاج وحاجة ولم يترك أحدا"... 📌 بنى الشيعة كعبة لهم بدلا" عن الكعبة في القطيف ووضعوا عليها الحجر الأسود وأمر جيوشه أن تعترض الحجاج فمن حج إلى كعبتهم تركوه ومن رفض سلبوه وقتلوه... 📌 استغل الشيعة القرامطة ضعف الدولة العباسية وتفككها لدويلات وانشغالها بحرب مع ثورة الزنوج فعاثوا في الأرض فسادا" وروعوا الآمنين وهتكوا الأعراض... 📌 لما رفض العرب والمسلمون الحج إلى كعبة الشيعة في القطيف باع الشيعة الحجر الأسود للخليفة العباسي بـ (50،000) ألف دينار ذهبيا" وعادت بعد (22) عاما". 📌 سيطر الشيعة القرامطة على الجزيرة العربية وارتكبوا مجازر كبرى خاصة في طريق الحجاج فألغى أهل الشام والعراق الحج لشدة الرعب من شيعة القطيف... 📌أمر زعيم الشيعة القرامطة جميع الناس أن يتوجهوا بصلاتهم إلى كعبة القطيف بدلا" من مكة وأجبروا الناس على تحويل القبلة إلى القطيف ومن رفض ذبحوه... 📌 سيطر الشيعة القرامطة على كثير من مناطق الجزيرة العربية وقاموا بمجازر جماعية لا مثيل لها في التاريخ وكانوا يغتصبون النساء فوق جثث القتلى... 📌 هاجم الشيعة القرامطة بجيوشهم مدينة البصرة وقاموا بمجزرة كبرى استمرت (17) يوما" واستباحوا الأموال واغتصبوا نساء المسلمين وهتكوا أعراضهم وأذلوهم. 📌غزا الشيعة القرامطة أطراف الشام وكانوا كلما مروا بقرية سلبوا الأموال وقتلوا الرجال واغتصبوا النساء ثم يحرقون القرية بما فيها من أطفال وعجائز. 📌 وقف قائد الشيعة حول جثث الحجيج وعددهم (30،000) ألف وهو على فرسه يضحك ويتلو: (لإيلاف قريش) حتى وصل (وآمنهم من خوف).فقهقه وقال: ما آمنهم من خوفنا... 📌 بنى الشيعة القرامطة كعبة في القطيف وبنوا حولها موضعا" سموه المشعر الحرام وموضعا" سموه عرفات وآخر سموه مِنى وأجبروا العوام على الحج إلى كعبتهم... 📌 أباح زعماء الشيعة القرامطة لأتباعهم فعل الفاحشة بأمهاتهم وبناتهم فقال مرجعهم في نصوصه "أحلّ البنات مع الأمهات ومن فضله زاد حِلُّ الصبي كفى الله المسلمين وبلادهم شرهم وشر من يواليهم ويدعو للتقارب معهم...اللهم آمين.. بلغ الرسالة غفر الله ذنبك انشر هذه الاحصائيات حتی لا ينخدع أحد من أهل بيتك أو أي مسلم بالرافضة وفرقها لانهم أصحاب تقية اي تخفي بإظهار الحب للمسلمين والتستر بلباس حب آل البيت وإخفاء الكيد والحقد والغل على كل مسلم على وجه الأرض والتآمر على بلدان المسلمين لأن التقية دين الرافضة كما قال الهالك الخميني لا دين لمن لا تقية له بل يقول إن تسعة أعشار الدين بالتقية . واحتسب الأجر بفضح عقائد وتاريخ الرافضة
-
معنى قول : آمين بعد الفاتحة والدعاء
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
صفات يحبها الله تعالى
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
“اتصالات” تطلق مركز التحكم بالاتصال بين الأجهزة
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
نيكسوس القادم سيكون من إنتاج “موتورولا”
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
شركة “والت ديزني” تطلق أول هواتفها الذكية
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع
-
جوجل تضيف الإعلانات إلى تطبيقها للخرائط
قام Mr ToDAY بالرد على موضوع لـ alfahloy-alfahloy في نادي الفهلوى ديزاين للإبداع's ارشيف الموقع