اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  9231 اعضاء

نادي الفهلوى ديزاين للإبداع
اميرة الكون

افتراضي: جديد: الإنسان ذلك اللغز

Recommended Posts


[b]الإنسان ذلك اللغز




عجيبٌ أمر هذا الإنسان..



رقيق حنون عطوف رؤوف جداً.. في أمريكا يتوقف المرور لأن قطة خطر لها أن تتمخطر ببطء عبر الطريق.. و يتجمع الناس حول كلب مكسور الساق وقع من الدور السابع و تتسابق البلاغات إلى بوليس النجدة و إلى جمعية الرأفة بالحيوان و إلى جمعية الكلاب الضالة و يأتي طابور من العربات و يتحرك الموكب حاملا الكلب الجريح إلى مستشفى الكلاب و يظهر النبأ في الصفحة الأولى من جرائد الإقليم و يتقاطر الزوار على الكلب الراقد في جبيرة من الجبس و ترفع جمعية الرأفة بالحيوان قضية على صاحب الكلب و يترافع محامون و وكلاء نيابة و يقرر القاضي غرامة كذا ألف دولار على الجاني المجرم الذي أهمل رعاية كلبه. 
هذا الإنسان الرقيق الحنون العطوف الذي تحرك وجدانه و تحركت صحافته لكلب جريح.. هو نفسه و هو عينه الذي يلقي قنبلة ذرية على هيروشيما و ناجازاكي.. يقتل فيها و يجرح و يشوه سبعة ملايين ضحية آدمية بشرية.. مايزال بعضها يجرجر حياة بائسة مفعمة بآلام سرطان العظام و المثانة و الكلي و الجلد.. بينما هو الإنسان القاتل المحترف مايزال مستمراً في حرفته الرهيبة، و قد تطورت صناعة الموت على يديه من قنابل ذرية إلى قنابل هيدروجينية إلى قنابل نيوترونية إلى قنابل ذرية نظيفة.. و تأملوا معي كلمة (( نظيفة )) أي تقتل قتلا نظيفاً دون أن تترك مخلفات إشعاعية. 
و مصنع الموت أو البنتاجون ينفق على صناعة الموت أضعاف أضعاف ما ينفق في مشاريع التنمية و أضعاف أضعاف ما ينفق على الحياة و العلاج و البناء و التعمير. 
لا تسرعوا و تتهموا هذا الإنسان في عقله..
فهذا الإنسان لا يمكن اتهامه بنقصان العقل؛ فهو قد عبر الفضاء و مشى على القمر و أرسل سفناً إلى المريخ و الزهرة و المشتري و أرسل أقماراً صناعية إلى الشمس.. و هو قد ابتكر أجهزة يتسمّع بها إلى همس الأمواج على أطراف المجرّة.. 



و هو صاحب تاريخ حافل بالفكر و الفلسفة من سقراط إلى برتراند رسل، فهو إذن ليس ناقص العقل. 
إذن كيف نفهمه و هو ينتقل من النقيض إلى النقيض في لحظة.. و هو يتحول من الحنان إلى الوحشية و من العقل إلى الجنون و من الشهامة إلى الغدر و من العبقرية إلى الحمق..؟ 
من هو ذلك الإنسان اللغز؟.. 
الزوجة التي تخون زوجها القوي المكتمل مع رجل ضعيف عاجز جنسياً..
و الرجل الذي يمزّق زوجته بسكين و يقول باكيا.. قتلتها لأني أحبها..
و الأوروبي المتمدن تأتيه المدنية بالعلم و وسائل الترف و الراحة و النظافة و العناية الطبية و الحياة الحافلة بالمشوقات و المشهيات و السياحات الممتعة بطول الأرض و عرضها فيقابل هذه النعمة بالعكوف على المخدرات و الإرهاب و العنف و الانتحار. 
و مريض القرحة يشرب السجائر و في التدخين هلاكه.
و الطبيب العليم الخبير يشكو الكبد و يشرب الخمر و فيها دماره.. هو ليس نقص علم و لا نقص عقل فهو طبيب يعرف ما هي الخمر و ماذا تفعل في البدن.. و تراه في عيادته ينصح مرضاه بعدم تعاطي الخمور.. ثم تراه يشربها في بيته. 
و الكثرة على هذه الحال. 
الغالبية بهذه الصورة من التناقض و التقلب و عدم الاتزان و اضطراب المزاج و اضطراب الأفعال و التباين بين الأقوال و الأعمال.. و الخلاف بين الظواهر و البواطن و المفارقة بين السر و العلن و التلوّن و التغيّر و التبدّل.. 
و الأقلية القليلة..
و ربما أقل من القليل.. هم أهل الكمال.. الأطهار في السر و العلن.. الأبرار يداً و قلباً و ضميراً.. أهل الثبات الذين لا يتغيرون و إن تغيرت حولهم الدنيا.. و لا يتبدلون و لو أغرتهم الغوايات و جاذبتهم المغريات. 
الواحد منهم حضارة.
لو عثرت عليه في الأدغال و بين البدائيين فهو حضارة و هو قد سبق الذين مشوا على القمر.. فهو صاحب المشوار الأطول و الأشق فهو قاهر نفسه.. و هو مؤشر التقدم الحقيقي.. بين الكثرة الكثيرة التي تفعل ما لا تقول و تقول ما لا تفعل و هو الواحد الفرد المميز الذي له سحنة نفسية بين أغلبية غالبة هي على ما قلنا من الاضطراب.. ليس لها سحنة و لا وجه.. و إنما هي تتقلب مع الأحوال و الأوقات و المصالح و تتبدل مع اللحظات و تنتقل من النقيض إلى النقيض و من الموقف إلى ضدّه. 
و هؤلاء هم أهل الهوى.
و أغلب الناس أهل الهوى.
و لا يقر لأهل الهوى قرار.
لأن الهوى لا يقر له قرار. 
و هم مؤشر تخلف و إن لبسوا الحرير و تقنعوا بالشهادات و تفاخروا بالتكنولوجيا و الاختراعات. 
فالسؤال بالنسبة للإنسان ليس ماذا جمع من مال، و لا ماذا حصّل من علم، و لا ماذا شيّد و لا ماذا اخترع.. و لكن ماذا صنع بنفسه أولا.. ذلك هو الإنجاز الأول.. و هو الأساس الذي سوف يبني عليه كل ما يأتي بعده.. 
و هو الأساس الذي يكون به تقييم كل شيء..
و هو ما نسميه بالأخلاق. 
يقول الله تعالى لمحمد عليه الصلاة و السلام في القرآن:
( و إنك لعلى خلق عظيم ).
لم يقل له (( و إنك لعلى علم عظيم )).
فقد رأينا العلم في أمريكا و أوروبا و روسيا و ماذا يصنع بدون خلق..
و رأينا أن الصعود الصعب هو أن تصعد على نفسك و تملك ناصيتها و ليس أن تصعد إلى القمر و تمشي عليه. 
و لهذا تحدّث القرآن عن المؤشر الحقيقي و الأزلي للعظمة الإنسانية و هو العظمة الخُلقية.. أما الأمجاد الأخرى فهي أمجاد قابلة للتقليد، ألم تقلد اليابان التكنولوجية الأمريكية في سنوات قليلة و تتفوق عليها و تزاحمها في جميع الأسواق. 
فمن استطاع أن يقلد النبي في كمالاته الخُلقية.. و من استطاع أن يفوقه..؟؟ 
ذلك هو المعراج المستحيل على عامة الناس و جماهيرهم.. لا يصعده إلا نبي.. و لا يقوى على السير فيه إلا أفراد هم الصدّيقون و الشهداء و الأبرار و الأولياء.. و هم معدودون في كل أمة و في كل عصر. 
بهم تقوم أركان الدنيا و يحفظ الله ببركتهم الأرض.
و بانقطاعهم.. يهدم الله عمارة الكون.. و يقيم القيامة.. حينما لا تبقى إلا حثالة لا تستحق أن تطلع عليها شمس. 

المصدر: كتاب (( هل هو عصر الجنون )) للدكتور مصطفى محمود
 


[/b]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شكرا لك ننتظر الجديد والمفيد من ابداعك المتميز

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تسلم ايديكِ على المجهود الرائع ,, تابعِ العطاء ,, تحياتى لك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

روووعةة جداً الموضوع ,, شكراً لك على جهودك الرائعةة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شكراً على مجهودك العظيم ,, جزاكِ الله الف خير ,, تحياتى لك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اشهد بأن مواضيعك كلها رائعة كروعتك واصل ابداعك وتألقك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مشكور اخى على مجهودك الجميل فى المنتدى .... تقبل مرورى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.