اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  9231 اعضاء

نادي الفهلوى ديزاين للإبداع
الرسام

سلوك الملوك

Recommended Posts

[size=24][size=32]سلوك الملوك[/size][/size]


التحاور ـ و هو تبادل الرأي بين شخصين أو أكثر ـ يقتضي الهدوء و حسن الظن بالمحاوِر، بكسر الواو، إلى أن يتبين بالدليل أنه غير جاد في حواره أو هو غير أهل للمحاورة و المحادثة فيجب اتخاذ أحد ثلاثة مواقف منه: فإما قطع الحوار معه البتة أو تحويله إلى جدل سلبي عقيم أو توجيه الكلام إلى أشخاص آخرين يشاهدون ما يحدث أو يتابعونه من خلال وسائل الإعلام.

و هذا الموقف الثالث فيما يبدو لي هو الأحسن المواقف الثلاثة، لأن قطع الحوار البتة قد يحرم المشاهدين أو المتابعين من الفائدة المتوخاة منه ؛ و أما الجدل السلبي فيكفيه سوءا أنه سلبي غير مُجدٍ إضافة إلى ما سيترتب عنه من تشنجات و ضغائن و أحقاد و غضب مُغلِق و الغاضب لا يفكر و إنما ينفعل و يثور ولا سبيل إلى عقله المُغْلَق ؛ و أما الموقف الثالث فهو يدخل ضمن ما أسميه "سلوك الملوك".

و "سلوك الملوك" هذا يعتمد أساسا على تجاهل "المحاوِر" السلبي لأنه غير أهل للحوار لسبب من الأسباب، و هي كثيرة، و بالحوار تتلاقح الأفكار عند الأحرار، و لأن كلام الملوك نفيس كنفاسة منصبهم و أوقاتهم و حيواتهم فلا يسمحون لأنفسهم بتبديده على السفهاء ممن يكون مجرد مصافحتهم أو النظر إليهم تقديرا لهم عظيما.

كما أن في "سلوك الملوك" دروسا بليغة لغير المقصود بالتجاهل ولاسيما إن كان سفيها بيِّن السفه، فهو لسفهه أو لسفاهته غير مؤهل أصلا للمخاطبة أو المحاورة و أما إن كان عاقلا لبيبا مدركا كيسا فسيتعظ من نفسه و قديما قيل:"الكيس من اتعظ بأخطائه و الأكيس منه من اتعظ بأخطاء غيره" و لعل في "سلوك الملوك" مع السفهاء عظة عظيمة لغيرهم من العقلاء النبهاء.

و في هذا السياق أقص مشهدا من شريط شاهدته منذ سنين طويلة عن حياة الأميرة، أميرة ويلز، "ديانا" المغتالة، و كانت أحداث الشريط تحكي، تُحاكي، أزمة زوجية بين الأميرة و الأمير زوجها آن ذاك "تشارلز"، ولي عهد الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا العظمى، فتدخلت الملكة لحل الأزمة بين الزوجين المتخاصمين لما يترتب عن الأزمة من دعاية سلبية للبيت الملكي، لكنها أثناء استقبالهما في مكتبها، أو حجرة الاستقبال، لم توجه كلامها إلا لابنها الأمير فقط و عاتبته عتابا شديدا لكن بهدوء يليق بالملوك، و تجاهلت الأميرة "ديانا" تجاهلا كليا بحيث لم تنظر إليها فضلا عن أن تخاطبها أو توجه إليها كلمة واحدة خلال جلسة الاستقبال كلها.

و لما رجعت "ديانا" إلى بيتها، قصرها، سألتها سلفتُها، زوجة "
آندرو" الأمير الثاني أخي ولي العهد:"ماذا قالت لك جلالتُها ؟" أجابتها "ديانا":" لقد تجاهلتني كلية كأنها تريد أن تقول لي:"أنت لا تستأهلين أن أحدثك، فهذا حديث الملوك و يخص الملوك"، و الفاهم يفهم مقاصد الملكة، هذا فحوى تلك الحداثة أقصها بالمعنى التقديري حسب ما علق في ذهني منها لقدم عهدها به.

و ما استوقفني من هذه القصة المعبرة و هو ما أوحى لي بعنوان مقالتي هذه، أن للملوك الحقيقيين و ليس الذين صنعهم أربابهم من "لاشيء" فصاروا ملوكا على رعاياهم المغبونة بهم، سلوكا خاصا هو في نفسه دروس قيمة للناس، كافة الناس.

فالملوك الحقيقيون، على ما في هذه التسمية من تحفظ ليس هنا محل مناقشته، و ليس المزيفين المصطنعين من الكذب و الغش، لا يستحقون لقبهم إلا لأنهم أشخاص مميزون يجعلون حياتهم كلها متميزة ليس بمكانتهم فقط بل بسلوكهم كله أيا كان ذلك السلوك، فاستحقوا رتبة "العظماء" فخاطبهم العظماء بهذا اللقب ؛ فللملوك الحقيقيين إذن سلوك خاص يتميزون به عن الخاصة من شعوبهم فضلا عن السوقة، فترى الأثرياء من الخاصة يحاولون اقتفاء آثار ملوكهم لأنهم يرون فيها سنة واجبة الاتباع.

و انطلاقا من هذه الملاحظة ألا يجدر بمن يريدون التميز في حيواتهم الخاصة و العامة أن يسلكوا فيها "سلوك الملوك" في أحاديثهم و انفعالاتهم و تصرفاتهم فيتجاهلون السوقة في كل شيء و لا يجارونهم في جهالتهم ؟ بَلَىا !

ثم أما بعد، قد يبدو كلامي السالف مشوبا بشيء من المبالغة في تقدير الأمور و قد يقول بعضٌ ممن يقرءونه أكثرَ من هذا حسب تقديرهم الشخصي الذاتي العاطفي لصاحبه، و الله أعلم بما في نفوس العالمين عالمهم و جاهلهم، عاقلهم و سفيههم، بيد أنني أسجل في ختام مقالتي هذه أنني أتحدث في قضية عامة واسعة و ليس خاصة ضيقة قد تفيد قارئها حتى و إن كان ممن يَشْنَئُون عارضها، و الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام و جعلنا من أمة خير الأنام محمد عليه الصلاة و السلام الذي يُروَى عنه أنه قال:"الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها" و هو، صلى الله عليه وسلم، من أوحي إليه:{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} الأحزاب/21 و هذا مسك الختام.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.