اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  9231 اعضاء

نادي الفهلوى ديزاين للإبداع
alfahloy-alfahloy

فوائد من السياسة الشرعية لابن تيمية

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم




ما أجمل الوقت الذي قضيتُه مع مجموعة طيبة في قراءة رسالة السياسة الشرعية لابن تيمية -وهي موجودة ضمن مجموع الفتاوى من المجلد الثامن والعشرين- وذلك في أربع جلسات، وكنتُ مستمتعا -جدا- بقراءة هذه الرسالة وشعرت بقدر ما فتح الله به على ذاك الرجل المبارك الذي تميز في جميع مؤلفاته ، ولعل من الأمور التي ميزت هذه الرسالة :
أولا - استيعابها لمسائل شرعية كثيرة جدا مع أنها رسالة متوسطة وليست كتابا كبيرا أو مجلدا ضخما .
ثانيا - كثرة الجُمل القصيرة المتينة لشيخ الإسلام في هذه الرسالة والتي تذكرك كل عبارة منها ببيت شعر منتقى من معلقة سارت بها الركبان، وذلك مثل قوله "فإن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة كما قال تعالى {إن خير من استأجرت القوي الأمين} 28/253
وقوله "فمن عدَل عن الكتاب قُوّم بالحديد ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف" 28/246
وقوله "وأخسر الناس صفقة من باع آخرته بدنيا غيره" 28/282
وقوله " فلا تتم رعاية الخلق وسياستهم إلا بالجُود الذي هو العطاء والنجدة" 28/428 وقوله "وولي الأمر إنما نُصِّب ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهذا هو مقصود الولاية" 28/306
ثالثا - جمع ابن تيمية عليه رحمة الله أطراف الموضوع الذي أراد الحديث عنه ، وهو موضوع متشعب الأجزاء، فرتبه وقسّمه ولم يكثر من الاستطراد فجاءت الرسالة مركزة في موضوعها .

وسألخص - إن شاء الله - أهم ما جاء في الرسالة موضحا مقاصدها ورابطا بين أفرادها على أجزاء أبتدئها بهذا الجزء مستعينا بالله مستهديا به .

التعريف بالرسالة والإشارة إلى أهم فوائدها :
هذه الرسالة موجهة بالأساس للولاة يرسم لهم فيها منهجا شرعيا في سياسة الناس يؤدون به حق الله وحق الناس ، كما قال في افتتاح الرسالة "أما بعد فهذه رسالة مختصرة فيها جوامع من السياسة الإلهية والايات النبوية لا يستغني عنها الراعي والرعية اقتضاها من أوجب الله نصحه من ولاة الأمور "
- وبيّن الأساس الذي سار عليه في الرسالة بقوله في مقدمة الرسالة 28/245
" وهذه الرسالة مبنية على آيتين في كتاب الله ; وهي قوله تعالى { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا } { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } قال العلماء : نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور ; عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم ; عليهم أن يطيعوا أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك ; إلا أن يأمروا بمعصية الله فإذا أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"
- ثم درات رسالته كلها على جملتين من هاتين الايتين وهما
1/ " أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" فبين هذه الأمانات التي يجب تأديتها وفصل في ذلك تفصيلا مستوعبا.
2/ "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" وأطال الكلام في هذه الجملة حيث ذكر فيها تفاصيل أحكام الحكم بين الناس في الحدود والحقوق.
- فأما أداء الأمانات فقسمها إلى نوعين : الولايات والأموال .
فأما الولايات فتكلم فيها عن صفات من يصلح أن يولى في الوزارات وفي قيادة الجيش وفي القضاء ونحو ذلك، وشدد على أن الولايات امانة وأن الواجب تولية الأصلح ، فقال " فيجب على كل من ولي شيئا من أمر المسلمين من هؤلاء وغيرهم أن يستعمل فيما تحت يده في كل موضع أصلح من يقدر عليه ولا يقدم الرجل لكونه طلب الولاية أو سبق في الطلب ; بل يكون ذلك سببا للمنع ; فإن في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم { أن قوما دخلوا عليه فسألوه ولاية ; فقال : إنا لا نولي أمرنا هذا من طلبه }" 28/247
وشدد في أمر المحاباة في الولايات وعدها خيانة حيث قال 28/248 :
" فإنْ عَدَلَ عن الأحق الأصلح إلى غيره لأجل قرابة بينهما أو ولاء عتاقة أو صداقة أو مرافقة في بلد أو مذهب أو طريقة أو جنس : كالعربية والفارسية والتركية والرومية ; أو لرشوة يأخذها منه من مال أو منفعة ; أو غير ذلك من الأسباب أو لضغن في قلبه على الأحق أو عداوة بينهما ; فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ودخل فيما نهي عنه في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون } ثم قال : { واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم } . "
ومما يدل على أن الولايات داخلة في الأمانة ما وضحه بقوله
" وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الولاية أمانة يجب أداؤها في مواضع : مثل ما تقدم ومثل { قوله لأبي ذر رضي الله عنه في الإمارة : إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها } رواه مسلم " 28/250
وبعد ان قرر وجوب تولية الأصلح : شرَعَ يبين من الأصلح في كل ولاية ووبالجملة فإنه ذكر قاعدة عامة في هذا فقال " فإن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة كما قال تعالى {إن خير من استأجرت القوي الأمين}" 28/253
ثم بين أن القوة في كل ولاية بحسبها حيث قال " فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب وإلى الخبرة بالحروب والمخادعة فيها ; فإن الحرب خدعة، وإلى القدرة على أنواع القتال : من رمي وطعن وضرب وركوب وكر وفر ونحو ذلك " قال "والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام .
والأمانة ترجع إلى خشية الله وألا يشتري بآياته ثمنا قليلا وترك خشية الناس " 28/253
ثم بين أن اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل "ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : اللهم أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة . فالواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها . فإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوة ; قدم أنفعهما لتلك الولاية : وأقلهما ضررا فيها ; فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع - وإن كان فيه فجور - على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أمينا" 28/254
وذكر حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تولية خالد بن الوليد على الحرب مع أنه قد يقع منه ما يُنكره النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث "اللهم إني أبرا إليك مما صنع خالد" لأنه الأصلح في هذا الباب وفعل ما فعل بنوع تأويل ، و"كان أبو ذر رضي الله عنه أصلح منه في الأمانة والصدق ; ومع هذا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم { يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي : لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم } رواه مسلم . نهى أبا ذر عن الإمارة والولاية لأنه رآه ضعيفا مع أنه قد روى : {ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر } " 28/256،
ولكنه بين رحمه الله أنه إذا كانت الحاجة للأمانة أشد مثل حفظ الأموال يُقدم الأمين، وفي القضاء يُقدم الأعلم الأورع الأكفأ. 257/28-258/28
ثم انتقل انتقالة جميلة جدا لتكون مرتكزا للوصول إلى الأصلح في أمر الولايات " وأهم ما في هذا الباب معرفة الأصلح وذلك إنما يتم بمعرفة مقصود الولاية ومعرفة طريق المقصود ; فإذا عرفت المقاصد والوسائل تم الأمر . فلهذا لما غلب على أكثر الملوك قصد الدنيا ; دون الدين ; قدموا في ولايتهم من يعينهم على تلك المقاصد وكان من يطلب رئاسة نفسه يؤثر تقديم من يقيم رئاسته" 28/260،
وقال" فالمقصود الواجب بالولايات : إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانا مبينا ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا ; وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم .. ولهذا كان عمر بن الخطاب يقول : " إنما بعثت عمالي إليكم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم ويقسموا بينكم فيأكم " ، فلما تغيرت الرعية من وجه والرعاة من وجه ; تناقضت الأمور . فإذا اجتهد الراعي في إصلاح دينهم ودنياهم بحسب الإمكان كان من أفضل أهل زمانه وكان من أفضل المجاهدين في سبيل الله " 28/262
ودبّج الخاتمة في هذا قائلا :
"فالمقصود أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الله : اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه.. فإذا كان هذا هو المقصود فإنه يتوسل إليه بالأقرب فالأقرب وينظر إلى الرجلين أيهما كان أقرب إلى المقصود ولي ; فإذا كانت الولاية مثلا - إمامة صلاة فقط ; قدم من قدمه النبي صلى الله عليه وسلم ... فإذا تكافأ رجلان ; وخفي أصلحهما أقرع بينهما كما أقرع سعد بن أبي وقاص بين الناس يوم القادسية لما تشاجروا على الأذان ; متابعة لقوله صلى الله عليه وسلم { لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا } ، فإذا كان التقديم بأمر الله إذا ظهر وبفعله - وهو ما يرجحه بالقرعة إذا خفي الأمر - كان المتولي قد أدى الأمانات في الولايات إلى أهلها. " 28/ 263،264

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
شكرا لك على موضوعك المميز
,, بارك الله فيك
,, واصل تميزك
ابدعت في طرحك
موضوع مفيد ورائع
شكرا لك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.