اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  9231 اعضاء

نادي الفهلوى ديزاين للإبداع
mr.mohamed

الفرق بين أنواع القتال بين أهل القبلة ( الفتنة ، الخوارج ، البغي ) عند شيخ الإسلام !!

Recommended Posts

الفرق بين أنواع القتال ( الفتنة ، البغي ، الخوارج ) عند شيخ الاسلام ابن تيمية ( رحمه الله )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله تعالى وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛
أما بعد :- معرفة الفروق الفقهية من العلوم المهمة جداً لطالب العلم تتقوى
بها مداركه الفقهية وتتضح له المميزات بين المتشابهات وذلك دليل فقهه
وفهمه وتميزه على أقرانه قال الطوفي: «إن الفرق من عمد الفقه وغيره من
العلوم، وقواعدها الكلية، حتى قال قوم: إنما الفقه معرفة الجمع والفرق)
ولهذا السبب أردت أن أُبين الفرق في أنواع القتال الذي يقع بين أهل القبلة
حتى يتميز المشروع منه والممنوع وما يترتب عليه من آثار وأحكام شرعية هامة
ولقد رأيت أن أفضل من بين هذه المسألة تأصيلاً وتفصيلاً وتوضيحاً شيخ
الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقمت بتلخيص كلامه وترتيبه وتوضيحه للأستفادة
منه في هذا المبحث الكبير الذي له أثر كبير فيما يحدث من قتال بين أهل
القبلة منذ القرن الأول والى يوم الناس هذا!!!
وأنواع القتال هي ( قتال البغي ، قتال الفتنة ، قتال الخوارج ) والله الموفق ...
بين ابن تيمية أن القول بعدم التفريق بين أنواع القتال السابقة قول باطل وقائلها مجازف !!
وذكر أن من رأى التسوية بين هذه الأنواع فهو من أهل الجهل والظلم ومن جنس
الرافضة والمعتزلة الذين خلطوا في هذا الباب فآذوا عباد الله من الصحابة
وخيار الأمة بعدهم !!!
ومن هنا تتبين أهمية التفقه في هذه المسألة الجليلة !!
قال شيخ الاسلام ابن تيمية ( أما قول القائل : أن الأئمة اجتمعت على أن لا
فرق بينهما إلا في الاسم. فدعوى باطلة ومدعيها مجازف فإن نفي الفرق إنما هو
قول طائفة من أهل العلم من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم : مثل
كثير من المصنفين في " قتال أهل البغي " فإنهم قد يجعلون قتال أبي بكر
لمانعي الزكاة وقتال علي الخوارج وقتاله لأهل الجمل وصفين إلى غير ذلك من
قتال المنتسبين إلى الإسلام باب " قتال أهل البغي ...) ثم قال ( وأما جمهور
أهل العلم فيفرقون بين " الخوارج المارقين " وبين " أهل الجمل وصفين "
وغير أهل الجمل وصفين . ممن يعد من البغاة المتأولين . وهذا هو المعروف عن
الصحابة وعليه عامة أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين وعليه نصوص أكثر الأئمة
وأتباعهم : من أصحاب مالك وأحمد والشافعي وغيرهم ...) ((الفتاوى / ج35- ص
53 وما بعدها ))
ثم ذكر دليل التفريق بين حالات القتال هذه فقال ( . وذلك أنه قد ثبت في
الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {تمرق مارقة على حين فرقة من
المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق} وهذا الحديث يتضمن ذكر الطوائف
الثلاثة ويبين أن المارقين نوع ثالث ليسوا من جنس أولئك ؛ فإن طائفة علي
أولى بالحق من طائفة معاوية ... إلى أن قال : وقد ثبت في الصحيح {عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين
فئتين عظيمتين من المسلمين } فقد مدح الحسن وأثنى عليه بإصلاح الله به بين
الطائفتين : أصحاب علي وأصحاب معاوية وهذا يبين أن ترك القتال كان أحسن
وأنه لم يكن القتال واجبا ولا مستحبا . "وقتال الخوارج " قد ثبت عنه أنه
أمر به وحض عليه فكيف يسوي بين ما أمر به وحض عليه وبين ما مدح تاركه وأثنى
عليه . فمن سوى بين قتال الصحابة الذين اقتتلوا بالجمل وصفين وبين قتال ذي
الخويصرة التميمي وأمثاله من الخوارج المارقين والحرورية المعتدين : كان
قولهم من جنس أقوال أهل الجهل والظلم المبين . ولزم صاحب هذا القول أن يصير
من جنس الرافضة والمعتزلة الذين يكفرون أو يفسقون المتقاتلين بالجمل وصفين
كما يقال مثل ذلك في الخوارج المارقين؛ فقد اختلف السلف والأئمة في كفرهم
على قولين مشهورين مع اتفاقهم على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل
وصفين والإمساك عما شجر بينهم . فكيف نسبة هذا بهذا ) (( الفتاوى / 35 -
ص55 ))
والتسوية بين هذه الأنواع من قبل أكثر الفقهاء انتج آثاراً سيئة في الأمة
كما بين شيخ الاسلام قال ( ولهذا لما اعتقدت طوائف من الفقهاء وجوب القتال
مع علي جعلوا ذلك " قاعدة فقهية " فيما إذا خرجت طائفة على الإمام بتأويل
سائغ وهي عنده راسلهم الإمام فإن ذكروا مظلمة أزالها عنهم وإن ذكروا شبهة
بينها فإن رجعوا وإلا وجب قتالهم عليه وعلى المسلمين . ثم إنهم أدخلوا في
هذه القاعدة " قتال الصديق لمانعي الزكاة " و " قتال علي للخوارج المارقين "
; وصاروا فيمن يتولى أمور المسلمين من الملوك والخلفاء وغيرهم يجعلون أهل
العدل من اعتقدوه لذلك ثم يجعلون المقاتلين له بغاة لا يفرقون بين قتال
الفتنة المنهي عنه والذي تركه خير من فعله كما يقع بين الملوك والخلفاء
وغيرهم وأتباعهم : كاقتتال الأمين والمأمون وغيرهما ; وبين قتال " الخوارج "
الحرورية والمرتدة والمنافقين " كالمزدكية " ونحوهم .
وهذا تجده في الأصل من رأي بعض فقهاء أهل الكوفة وأتباعهم ثم الشافعي
وأصحابه ثم كثير من أصحاب أحمد الذين صنفوا ( باب قتال أهل البغي نسجوا على
منوال أولئك تجدهم هكذا فإن الخرقي نسج على منوال المزني والمزني نسج على
منوال مختصر محمد بن الحسن وإن كان ذلك في بعض التبويب والترتيب .
والمصنفون في الأحكام : يذكرون قتال البغاة والخوارج جميعا وليس عن النبي
صلى الله عليه وسلم في " قتال البغاة " حديث إلا حديث كوثر بن حكيم عن نافع
وهو موضوع ) (( ج4/ ص450))
وهذا كلام مهم جداً لمنهجية أكثر الكتب الفقهية التي التي لم تفرق بين هذه
الأنواع بل بعضها جعلت قتال الخوارج والبغاة في باب واحد !!!
قال رحمه الله مبيناً المحاذير التي وقع فيها أصحاب هذا القول ( . وأما
القتال لمن لم يخرج إلا عن طاعة إمام معين فليس في النصوص أمر بذلك فارتكب
الأولون ثلاثة محاذير : - ( الأول : قتال من خرج عن طاعة ملك معين وإن كان
قريبا منه ومثله - في السنة والشريعة - لوجود الافتراق والافتراق هو الفتنة
.
والثاني : التسوية بين هؤلاء وبين المرتدين عن بعض شرائع الإسلام والثالث
: التسوية بين هؤلاء وبين قتال الخوارج المارقين من الإسلام كما يمرق
السهم من الرمية ; ولهذا تجد تلك الطائفة يدخلون في كثير من أهواء الملوك
وولاة الأمور ويأمرون بالقتال معهم لأعدائهم بناء على أنهم أهل العدل
وأولئك البغاة ; وهم في ذلك بمنزلة المتعصبين لبعض أئمة العلم أو أئمة
الكلام أو أئمة المشيخة على نظرائهم مدعين أن الحق معهم أو أنهم أرجح بهوى
قد يكون فيه تأويل بتقصير لا بالاجتهاد وهذا كثير في علماء الأمة وعبادها
وأمرائها وأجنادها وهو من البأس الذي لم يرفع من بينها ; فنسأل الله العدل ;
فإنه لا حول ولا قوة إلا به )
بل ذكر رحمه الله تنبيهاً مهماً عن كتب الاعتقاد والسنة في أنها أقتصرت
على ذكر نوعين من أنواع القتال وهما ( الخوارج والفتنة ) دون ذكر قتال
البغاة !!
قال رحمه الله ( وأما كتب الحديث المصنفة مثل : صحيح البخاري والسنن فليس
فيها إلا قتال أهل الردة والخوارج وهم أهل الأهواء وكذلك كتب السنة
المنصوصة عن الإمام أحمد ونحوه . وكذلك - فيما أظن - كتب مالك وأصحابه ليس
فيها ( باب قتال البغاة وإنما ذكروا أهل الردة وأهل الأهواء وهذا هو الأصل
الثابت بكتاب الله وسنة رسوله وهو الفرق بين القتال لمن خرج عن الشريعة
والسنة فهذا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم )
ثم بين الخلل والاضطراب في الحكم والفتوى والتنزيل في من لم يعرف الفرق بين
أنواع القتال بين أهل القبلة ! فقال رحمه الله ( ولهذا كان أعدل الطوائف "
أهل السنة " أصحاب الحديث . وتجد هؤلاء إذا أمروا بقتال من مرق من الإسلام
أو ارتد عن بعض شرائعه يأمرون أن يسار فيه بسيرة علي في قتال طلحة والزبير
; لا يسبى لهم ذرية ولا يغنم لهم مال ولا يجهز لهم على جريح ولا يقتل لهم
أسير ويتركون ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وسار به علي في قتال
الخوارج وما أمر الله به رسوله وسار به الصديق في قتال مانعي الزكاة فلا
يجمعون بين ما فرق الله بينه من المرتدين والمارقين وبين المسلمين المسيئين
; ويفرقون بين ما جمع الله بينه من الملوك والأئمة المتقاتلين على الملك
وإن كان بتأويل ) فمن أراد العدل في التأصيل والتنزيل في هذا الباب على
منهج أهل الحديث فعليه ( بالفرق والجمع ) وذلك بجمع النصوص الشرعية في
المسألة ودراستها وعدم الأخذ ببعض الحق وترك البعض كما هي صفة أهل الهوى
والجهل ، قال ابن تيمية ( فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر
بالحق كله ولا يكون لنا هوى ولا نتكلم بغير علم ; بل نسلك سبل العلم والعدل
وذلك هو اتباع الكتاب والسنة ; فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض فهذا منشأ
الفرقة والاختلاف ) (( الفتاوى ج 4/ 450))
والآن إلى الشروع في المقصود من ذكر بعض الفروق الهامة :-
الفرق الأول :- 1- قتال البغاة ليس مأموراً به ابتداءً وإنما بعد الامر
بالإصلاح وعدم الفيئة اليه ، قال ابن تيمية ( والقرآن إنما فيه قتال
الطائفة الباغية بعد الاقتتال ; فإنه قال تعالى : { وإن طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي
تبغي } الآية . فلم يأمر بالقتال ابتداء مع واحدة من الطائفتين ; لكن أمر
بالإصلاح وبقتال الباغية ) وقال رحمه الله ( وقد يكون هذا من أسرار القرآن
في كونه لم يأمر بالقتال ابتداء ; وإنما أمر بقتال الطائفة الباغية بعد
اقتتال الطائفتين وأمر بالإصلاح بينهما فإنه إذا اقتتلت طائفتان من أهل
الأهواء : كقيس ويمن - إذ الآية نزلت في نحو ذلك - فإنه يجب الإصلاح بينهما
وإلا وجب على السلطان والمسلمين أن يقاتلوا الباغية ; لأنهم قادرون على
ذلك فيجب عليهم أداء هذاالواجب ...)
وقال رحمه الله ( وأما "أهل البغي" فإن الله تعالى قال فيهم : {وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى
فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل
وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} فلم يأمر بقتال الباغية ابتداء . فالاقتتال
ابتداء ليس مأمورا به؛ ولكن إذا اقتتلوا أمر بالإصلاح بينهم؛ ثم إن بغت
الواحدة قوتلت؛ ولهذا قال من قال من الفقهاء : إن البغاة لا يبتدءون
بقتالهم حتى يقاتلوا)
2-وأما قتال الخوارج ، قال ابن تيمية ( وأما الخوارج فقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم فيهم : { أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا عند
الله لمن قتلهم يوم القيامة } وقال: {لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد}) وقال (
وأيضا { فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال الخوارج قبل أن يقاتلوا )
3- قتال الفتنة ، قال ابن تيمية ( التاركون للقتال بالنصوص الكثيرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم في ترك القتال في الفتنة وبينوا أن هذا قتال فتنة
) وقال رحمه الله ( قوم يقولون : بل المشروع ترك القتال في الفتنة كما
جاءت به النصوص الكثيرة المشهورة كما فعله من فعله من القاعدين عن القتال
لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم " { أن ترك القتال في الفتنة خير } و " {
أن الفرار من الفتن باتخاذ غنم في رءوس الجبال خير من القتال فيها } وكنهيه
لمن نهاه عن القتال فيها وأمره باتخاذ سيف من خشب ..)
الفرق الثاني :- 1- الخوارج المارقين أختلف في تكفيرهم ! قال ابن تيمية (
كما يقال مثل ذلك في الخوارج المارقين؛ فقد اختلف السلف والأئمة في كفرهم
على قولين مشهورين ..) وقال ( على قولين هما روايتان عن أحمد كالروايتين
عنه في تكفير الخوارج )
2- البغاة بغياً مجرداً ، قال فيهم ( وأما أهل البغي المجرد فلا يكفرون
باتفاق أئمة الدين؛ فإن القرآن قد نص على إيمانهم وإخوتهم مع وجود الاقتتال
والبغي )
3- قتال الفتنة ، قال ابن تيمية ( مع اتفاقهم على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل وصفين والإمساك عما شجر بينهم )
الفرق الثالث :- ضابط قتال الفتنة
قال ابن تيمية ( ولأجل هذه النصوص لا يختلف أصحابنا أن ترك علي القتال كان
أفضل ; لأن النصوص صرحت بأن القاعد فيها خير من القائم والبعد عنها خير من
الوقوع فيها قالوا : ورجحان العمل يظهر برجحان عاقبته ومن المعلوم أنهم إذا
لم يبدءوه بقتال فلو لم يقاتلهم لم يقع أكثر مما ووقع من خروجهم عن طاعته
لكن بالقتال زاد البلاء وسفكت الدماء وتنافرت القلوب وخرجت عليه الخوارج
وحكم الحكمان حتى سمي منازعه بأمير المؤمنين فظهر من المفاسد ما لم يكن قبل
القتال ولم يحصل به مصلحة راجحة .
وهذا دليل على أن تركه كان أفضل من فعله فإن فضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها!!!)
وقال ( ومن رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته : علم أنه قتال فتنة !!!) ( الفتاوى 4/ص 443) وهذا كلام نفيس للغاية !!
وقال ذاكراً أدلة ذلك ( ويشهد لذلك أن الرسول أخبر بظلم الأمراء بعده
وبغيهم ونهى عن قتالهم لأن ذلك غير مقدور ; إذ مفسدته أعظم من مصلحته ; كما
نهي المسلمون في أول الإسلام عن القتال كما ذكره بقوله : { ألم تر إلى
الذين قيل لهم كفوا أيديكم } وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
مأمورين بالصبر على أذى المشركين والمنافقين والعفو والصفح عنهم حتى يأتي
الله بأمره ) فمن رأى أن القتال الذي يدور بين طائفتين من المسلمين مفسدته
أكثر من مصلحته وأمره الامام ( الرئيس ) بالقتال فلا تجب عليه طاعته ! قال
رحمه الله ( ومن رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته : علم أنه قتال
فتنة فلا تجب طاعة الإمام فيه إذ طاعته إنما تجب في ما لم يعلم المأمور أنه
معصية بالنص فمن علم أن هذا هو قتال الفتنة - الذي تركه خير من فعله - لم
يجب عليه أن يعدل عن نص معين خاص إلى نص عام مطلق في طاعة أولي الأمر ولا
سيما وقد أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الله والرسول ) ولذلك بين
رحمه الله أن قتال من خرج عن طاعة إمام معين ليس مأموراً به بل حذر أهل
العلم والفتوى أن يسايروا الملوك والأمراء في تجويز هذا القتال الذي يكون
على المُلك والرئاسة ونحوه ، قال رحمه الله ( . وأما القتال لمن لم يخرج
إلا عن طاعة إمام معين فليس في النصوص أمر بذلك فارتكب الأولون ثلاثة
محاذير : - ( الأول : قتال من خرج عن طاعة ملك معين وإن كان قريبا منه
ومثله - في السنة والشريعة - لوجود الافتراق والافتراق هو الفتنة
.....ولهذا تجد تلك الطائفة يدخلون في كثير من أهواء الملوك وولاة الأمور
ويأمرون بالقتال معهم لأعدائهم بناء على أنهم أهل العدل وأولئك البغاة ;
وهم في ذلك بمنزلة المتعصبين لبعض أئمة العلم أو أئمة الكلام أو أئمة
المشيخة على نظرائهم مدعين أن الحق معهم أو أنهم أرجح بهوى قد يكون فيه
تأويل بتقصير لا بالاجتهاد وهذا كثير في علماء الأمة وعبادها وأمرائها
وأجنادها وهو من البأس الذي لم يرفع من بينها ; فنسأل الله العدل ; فإنه لا
حول ولا قوة إلابه ، ولهذا كان أعدل الطوائف أهل السنة أصحاب الحديث !!!)
وقال رحمه الله (ولهذا لما اعتقدت طوائف من الفقهاء وجوب القتال مع علي
جعلوا ذلك " قاعدة فقهية " فيما إذا خرجت طائفة على الإمام بتأويل سائغ وهي
عنده راسلهم الإمام فإن ذكروا مظلمة أزالها عنهم وإن ذكروا شبهة بينها فإن
رجعوا وإلا وجب قتالهم عليه وعلى المسلمين . ثم إنهم أدخلوا في هذه
القاعدة " قتال الصديق لمانعي الزكاة " و " قتال علي للخوارج المارقين " ;
وصاروا فيمن يتولى أمور المسلمين من الملوك والخلفاء وغيرهم يجعلون أهل
العدل من اعتقدوه لذلك ثم يجعلون المقاتلين له بغاة لا يفرقون بين قتال
الفتنة المنهي عنه والذي تركه خير من فعله كما يقع بين الملوك والخلفاء
وغيرهم وأتباعهم : كاقتتال الأمين والمأمون وغيرهما ; وبين قتال " الخوارج "
الحرورية والمرتدة والمنافقين " كالمزدكية " ونحوهم ) (( الفتاوى 4/ 450))
2- ضابط قتال البغي ، قال رحمه الله ( و " إن قيل " الباغية يعم
الابتداء والبغي بعد الاقتتال . قيل : فليس في الآية أمر لأحدهما بأن تقاتل
الأخرى وإنما هو أمر لسائر المؤمنين بقتال الباغية )
فإذا تحقق أن جميع المؤمنين يقاتلون الباغية تحققت المصلحة التي تزيد على المفسدة خلافاً لقتال الفتنة كما أسلفت ...
قال رحمه الله ( الوجه الثاني : أنها صارت باغية في أثناء الحال بما ظهر
منها من نصب إمام وتسميته أمير المؤمنين ومن لعن إمام الحق ونحو ذلك . فإن
هذا بغي بخلاف الاقتتال قبل ذلك فإنه كان قتال فتنة ; وهو سبحانه قد ذكر
اقتتال الطائفتين من المؤمنين ثم قال : { فإن بغت إحداهما على الأخرى }
فلما أمر بالقتال إذا بغت إحدى الطائفتين المقتتلتين دل على أن الطائفتين
المقتتلتين قد تكون إحداهما باغية في حال دون حال . فما ورد من النصوص بترك
القتال في الفتنة : يكون قبل البغي وما ورد من الوصف بالبغي يكون بعد ذلك ;
وحينئذ يكون القتال مع علي واجبا لما حصل البغي وعلى هذا يتأول ما روى ابن
عمر " { إذا حمل على القتال في ذلك } وحينئذ فبعد التحكيم والتشيع وظهور
البغي لم يقاتلهم علي ولم تطعه الشيعة في القتال ومن حينئذ ذمت الشيعة
بتركهم النصر مع وجوبه وفي ذلك الوقت سموا شيعة وحينئذ صاروا مذمومين
بمعصية الإمام الواجب الطاعة وهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولما تركوا
ما يجب من نصره صاروا أهل باطل وظلم إذ ذاك يكون تارة لترك الحق وتارة
لتعدي الحق )
ومن الإشكالات التي رفعها وحلها شيخ الاسلام في قتال علي ابن ابي طالب (
رضي الله عنه ) في الجمل وصفين هل كان القتال قتال بغي أم فتنة ؟!!
قال رحمه الله ( : فهنا الكلام في وجوب القتال معه للطائفة الباغية أو
الإمساك عن القتال في الفتنة وهو موضع تعارض الأدلة واجتهاد العلماء
والمجاهدين من المؤمنين بعد الجزم بأنه وشيعته أولى الطائفتين بالحق فيمكن
وجهان : ( أحدهما : أن الأمر بقتال الطائفة الباغية مشروط بالقدرة والإمكان
. إذ ليس قتالهم بأولى من قتال المشركين والكفار ومعلوم أن ذلك مشروط
بالقدرة والإمكان فقد تكون المصلحة المشروعة أحيانا هي التآلف بالمال
والمسالمة والمعاهدة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة والإمام
إذا اعتقد وجود القدرة ولم تكن حاصلة كان الترك في نفس الأمر أصلح .....
الوجه الثاني : أنها صارت باغية في أثناء الحال بما ظهر منها من نصب إمام
وتسميته أمير المؤمنين ومن لعن إمام الحق ونحو ذلك . فإن هذا بغي بخلاف
الاقتتال قبل ذلك فإنه كان قتال فتنة ; وهو سبحانه قد ذكر اقتتال الطائفتين
من المؤمنين ثم قال : { فإن بغت إحداهما على الأخرى } فلما أمر بالقتال
إذا بغت إحدى الطائفتين المقتتلتين دل على أن الطائفتين المقتتلتين قد تكون
إحداهما باغية في حال دون حال .{ فما ورد من النصوص بترك القتال في الفتنة
: يكون قبل البغي وما ورد من الوصف بالبغي يكون بعد ذلك }وحينئذ يكون
القتال مع علي واجبا لما حصل البغي وعلى هذا يتأول ما روى ابن عمر " { إذا
حمل على القتال في ذلك } وحينئذ فبعد التحكيم والتشيع وظهور البغي لم
يقاتلهم علي ولم تطعه الشيعة في القتال ومن حينئذ ذمت الشيعة بتركهم النصر
مع وجوبه وفي ذلك الوقت سموا شيعة وحينئذ صاروا مذمومين بمعصية الإمام
الواجب الطاعة وهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولما تركوا ما يجب من
نصره صاروا أهل باطل وظلم إذ ذاك يكون تارة لترك الحق وتارة لتعدي الحق )
وهذا كلام عظيم تشد إليه الرحال لمن تأمله وتفحصه وفيه فوائد :-
1- توجيه حديث عمار ( تقتله الفئة الباغية ) مع أن كثير من الصحابة أعتبروا هذا القتال قتال فتنة !
وذلك بأن يجاب عن هذا بأن الأمر في بدايته كان قتال فتنة وبعد ذلك صار قتال بغي ..
2- لا يجب طاعة الأمراء والملوك في قتال الفتنة ، ويجب طاعتهم في قتال البغاة ..
3- سبب ذم شيعة علي أنهم لم ينصروه عند ظهور البغي حيث كان واجباً عليهم نصره حينئذٍ!!
الفرق الرابع :-
جاءت النصوص في ذكر علامات الخوارج التي تأمر بقتالهم ، بخلاف غيرهم من أهل
القبلة الذين يقاتَلون قد يشتبه أمرهم هل هم بغاة أم قتال فتنة بحسب
الاجتهاد والرأي من قبل أهل العلم والمُلك ، قال ابن تيمية ( وكان علي رضي
الله عنه مسرورا لقتال الخوارج ويروي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الأمر بقتالهم؛ وأما قتال " صفين " فذكر أنه ليس معه فيه نص؛ وإنما هو
رأي رآه وكان أحيانا يحمد من لم ير القتال) ...
فإذا كان علي ابن ابي طالب ( رضي الله عنه ) يخبر عن قتاله في صفين أنه
رأي رآه فكيف بغيره فينبغي التأمل والتريث والتثبت في هذا الباب العظيم !!!
الفرق الخامس :-
أن البغاة أهل تأويل وأجتهاد سائغ ، والخوارج أهل أعتداء ومروق ظاهر !!
قال ابن تيمية ( فمن سوى بين قتال الصحابة الذين اقتتلوا بالجمل وصفين وبين
قتال ذي الخويصرة التميمي وأمثاله من الخوارج المارقين والحرورية المعتدين
: كان قولهم من جنس أقوال أهل الجهل والظلم المبين )
وقال ( فإذا جعل هؤلاء وأولئك سواء لزم أن تكون الخوارج وسائر من يقاتلهم
من أهل الاجتهاد الباقين على العدالة سواء ؛ ولهذا قال طائفة بفسق البغاة
ولكن أهل السنة متفقون على عدالة الصحابة. وأما جمهور أهل العلم فيفرقون
بين " الخوارج المارقين " وبين " أهل الجمل وصفين " وغير أهل الجمل وصفين .
ممن يعد من البغاة المتأولين !!)
وأختم بهاتين اللطيفتين أتحف بها إخواني :-
اللطيفة الأولى :- قال ابن تيمية ( وكذلك أنكر يحيى بن معين على الشافعي
استدلاله بسيرة علي في قتال البغاة المتأولين قال : أيجعل طلحة والزبير
بغاة ؟ رد عليه الإمام أحمد فقال ويحك وأي شيء يسعه أن يضع في هذا المقام :
يعني إن لم يقتد بسيرة علي في ذلك لم يكن معه سنة من الخلفاء الراشدين في
قتال البغاة ) (( الفتاوى ج4- ص 438))
اللطيفة الثانية :- قال ابن تيمية ( احتجوا على الإمام أحمد في ترك
التربيع بخلافته فإنه لما أظهر ذلك قال له بعضهم : إذا قلت كان إماما واجب
الطاعة ففي ذلك طعن على طلحة والزبير حيث لم يطيعاه بل قاتلاه فقال لهم :
أحمد : إني لست من حربهم في شيء : يعني أن ما تنازع فيه علي وإخوانه لا
أدخل بينهم فيه ; لما بينهم من الاجتهاد والتأويل الذي هم أعلم به مني وليس
ذلك من مسائل العلم التي تعنيني حتى أعرف حقيقة حال كل واحد منهم وأنا
مأمور بالاستغفار لهم وأن يكون قلبي لهم سليما ومأمور بمحبتهم وموالاتهم
ولهم من السوابق والفضائل ما لا يهدر ) (( الفتاوى ج 4/ص 440 ))
ليتدبر غلاة التكفير والتبديع والتجريح قول الامام أحمد هذا !!!!
والله الموفق لا رب سواه ...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الله يـع’ـــطــيكم الع’ــاأإأفــيه ..
.. بنتظـأإأإأر ج’ـــديــــدكم الممـــيز ..
.. تقــبل ــو م’ـــروري ..
كل أإألــــ ود وباأإأإقــة ورد ...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شكرا لكم على مروركم الجميل
نورتم موضوعى المتواضع
تحياتى لكم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك


شكرا لكى على مرورك الجميل
نورتى موضوعى باطلالتك الرائعة
تحياتى وتقديرى لكى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.