اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  24130 اعضاء

حفظ
نادي جامعة القاهرة للتعليم المفتوح
أمجد1

الخوف والرجاءأرجى حديث للأمة ومعناه للشيخ محمد المقدم

Recommended Posts








[center]

[size=21][b]الخوف والرجاءأرجى حديث للأمة ومعناه للشيخ محمد المقدم
[/size]

[size=21]لقد
اختلف العلماء في أرجى آية في القرآن على أقوال كثيرة، ومعلوم أن القرآن
كله رجاء وبشارة للمؤمنين والمسلمين على اختلاف مراتبهم، فعلى العبد
المؤمن أن يحسن الظن بربه، فهو أرحم به من أمه وأبيه، والرجاء يستلزم دوام
الطاعة والاستقامة على شرع الله سبحانه وتعالى، وذلك بفعل الأوامر وترك
النواهي
.


أرجى حديث للأمة ومعناه
ان
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ][آل عمران:102] ]يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً []
[النساء:1] ]يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً
سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ]
[الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله
عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلاله، وكل
ضلالة في النار. عن
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم:]رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ/01][إبراهيم:36]، وقال عيسى عليه السلام:]إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ][المائدة:118]
فرفع يديه فقال: (اللهم! أمتي أمتي) وبكى، فقال الله تعالى: يا جبريل!
اذهب إلى محمد -وربك أعلم- فاسأله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله، فأخبره
رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال، فقال الله لجبريل: اذهب إلى
محمد فقل: إنا سنزضيك في أمتك ولا نسوءك) رواه الشيخان البخاري و مسلم و النسائي. هذا الحديث يقول فيه الإمام النووي
رحمه الله تعالى: هذا من أرجى الأحاديث لهذه الأمة. يعني: هذا أعظم
الأحاديث النبوية في رجاء الله عز وجل وتجاوزه ورحمته لهذه الأمة
المرحومة، الحديث يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل
حاكياً عن إبراهيم عليه السلام: (رب إنهن) أي: الأصنام. (أضللن كثيراً
من الناس) أي: صرن سبب ضلال كثير من الناس. (فمن تبعني) أي: على
التوحيد والإخلاص والتوكل. (فإنه مني) أي: من أتباعي وأشياعي. وتمامها:
(ومن عصاني فإنك غفور رحيم) أي: تغفر ما دون الشرك لمن تشاء، وترحم
بالتفضل على من تشاء، أو تغفر للعاصي المشرك بأن توفقه للإنابة، وإلى
الإيمان والتوحيد والطاعة في الدنيا، وترحمه بزيادة المثوبة في العقبى.
استشهد صلى الله عليه وسلم أولاً بقول إبراهيم عليه السلام: (رب إنهن
أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم)
وقال عيسى عليه السلام، أي: تلا صلى الله عليه وسلم قول الله عز
وجل حاكياً عن عيسى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت
العزيز الحكيم) أي: لا يغلبك شيء فإنك القوي القادر، فتحكم بما تشاء،
لأنك الحاكم الذي لا معقب لحكمك، أو الحكيم الذي يضع الأشياء في
مواضعها، ويتقن الأفعال ويحكمها، بعدما تلا
هذين القولين عن إبراهيم وعن عيسى عليهما السلام، رفع صلى الله عليه
وسلم حينئذ يديه الشريفتين فقال: (اللهم! أمتي أمتي) أي: اللهم اغفر
لأمتي، اللهم ارحم أمتي، وجه التكرار في قوله: (أمتي أمتي) أن أمتي
الأولى يعني: اللهم اغفر لأمتي، والثانية: اللهم ارحم أمتي، أو أراد
بقوله: (اللهم أمتي أمتي) التأكيد، أو أراد بقوله: (أمتي أمتي) أي:
الأولون والآخرون من أمته صلى الله عليه وسلم. (وبكى صلى الله عليه
وسلم) لأنه تذكر الشفاعة الصادرة عن الخليل (رب إنهن أضللن كثيراً من
الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) فهنا شفاعة من
إبراهيم عليه السلام فيمن تبعه، وفيمن تاب الله عليه من المشركين أو
العصاة، وتذكر أيضاً شفاعة روح الله عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة
والسلام، (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز
الحكيم) فرق حينئذ لأمته صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: (يا
جبريل! اذهب إلى محمد -وربك أعلم- فاسأله) قوله: (وربك أعلم) هذه جملة
معترضة؛ لأن هناك معنى محذوراً يوهمه قوله: (فاسأله) فالله عز وجل يعلم
كل شيء، وقد أحاط بكل شيء علماً، وإنما أراد بذلك بيان الحكمة وشدة
رحمته بهذه الأمة، فلذلك قال: (يا جبريل! اذهب إلى محمد -وربك أعلم-
فاسأله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله، فأخبره رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما قال) أي: أخبره بشيء قاله صلى الله عليه وسلم من
سبب البكاء، وهو الخوف لأجل أمته، وشفقته على أمته، ورجاؤه أن ترحم
أمته (فقال الله لجبريل: اذهب إلى محمد فقل: (إنا سنرضيك) يعني: إنا
بعظمتنا سنرضيك وسنجعلك راضياً، قوله: (في أمتك) أي: في حق أمتك (ولا
نسوءك) أي: ولا نحزنك في حق الجميع، بل ننجيهم ولأجل رضاك نرضيهم.
صدق الله العظيم حيث يوصف نبيه بأنه رحمة مهداه بقوله:]
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ][الأنبياء:107] صلى الله عليه وآله وسلم. وقول الإمام النووي : هذا من أرجى الأحاديث لهذه الأمة أي: أن هذا من أرجى الأحاديث الواردة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه الإمام البخاري و مسلم و النسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنهما. والإنسان يحتاج في بعض الدروس إلى تذكر وحشد آيات
الرجاء، كما يحشد عن الابتلاء مثلاً آيات الصبر حتى يستعين بها على
مواجهة الابتلاءات، كذلك هناك مواقف معينة لا بد من حشد نصوص الرجاء
والتعلق بها، عسى أن يرحم الله عز وجل عباده، فمن المواضع التي ينبغي
أن تسرد وتحشد فيها نصوص الرجاء عند الإنسان المحتضر، فإذا حضرت
إنساناً يحتضر قد أيس من حياته وأشرف على الموت، فيستحب أن تغلب عليه
جانب الرجاء؛ لأنه لم يبق للخوف فائدة في هذا المقام؛ لأن الخوف إنما
المقصود به الحث على العمل، أما الرجاء فالمقصود به تهيئته لكي يقبل
على ربه ويلقاه وهو يحسن الظن به، فالله عز وجل يقول: (أنا عند ظن عبدي
بي فليظن بي ما شاء) ، فإذا احتضر العبد وهو يحسن الظن بربه لقي من
الله عز وجل خيراً، وإن كانت الأخرى فالأخرى. ......

معنى الرجاء وحقيقته
]

وقبل أن نتكلم في خلاف العلماء في أرجى آية في القرآن الكريم، ننبه إلى معنى الرجاء. معنى الرجاء: يقول الله عز وجل:1]وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ /0][الأعراف:156] ، وقال عز وجل: ]إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ][يوسف:87] ، وذكر النبي :
(أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف) فإن كان هذا الثواب العظيم
وهذه المضاعفة للحسنات مع أن السيئة تكون بواحدة، وما يعفو الله عز وجل
عنه أعظم، فويل لمن غلبت آحاده عشراته، ولا يهلك على الله إلا هالك،
فلذلك يقول العلماء: إن من رحمة الله عز وجل أنه جعل تأخير التوبة ذنب
يجب التوبة منه، وبهذا يسد على العبد جميع المنافذ، فهو يحرم عليه
القنوط من رحمته، ويجعل اليأس من رحمة الله قريناً للكفر، ويفتح له
أبواب التوبة صباح مساء، ويغفر الذنوب، ويخبر بأن التوبة تجب ما قبلها،
ويخبر بأن رحمته وسعت كل شيء، ثم بعد ذلك يحتم على العبد التوبة، فيقول
العلماء: تأخير التوبة ذنب يجب التوبة منه
. ......


المقصود بالرجاء وأسباب تحقيقه
]

إن
المقصود بالرجاء: هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب عنده، ولكن هذا
المحبوب لا بد له من سبب حتى يكون رجاء، فالإنسان عنده شيء يحبه ويرجو
أن يحققه، فإن لم يأخذ بالأسباب التي توصله إلى تحقيقه، فهذا هو الغرور
وهذا هو الحمق، كما قال الله عز وجل:]
وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ][الحديد:14]
فهذا هو الاغترار بالله عز وجل، لكن الرجاء لا يصدق عليه لفظ رجاء حتى
يكون معه الأخذ بالسبب؛ لأن من رجا شيئاً استلزم رجاؤه ثلاثة أمور:
أولاً: محبته لما يرجوه. ثانياً: السعي في تحصيله بحسب الإمكان. ثالثاً:
خوفه من فواته. فالدنيا هي مزرعة الآخرة، والقلب كالأرض، والإيمان كالبذر
في هذه الأرض، والطاعات جارية مجرى تقليب الأرض، فالإنسان إذا أراد أن
يزرع فإنه يبحث عن الأرض الطيبة، ويلقي فيها بذراً جيداً غير عفن ولا
مسوس، ثم يتعهد هذا البذر بما يحتاج إليه من سوق الماء إليه في أوقاته،
وتنقية الأرض من الشوك والحشيش وكل ما يمنع نبات البذر أو يفسده، ثم يظل
منتظراً فضل الله تعالى بأن يدفع الصواعق والآفات التي تتسبب في إفساد
هذا الزرع، حتى يتم ذلك الزرع ويبلغ غايته، فهذا الانتظار بعد الأخذ
بالأسباب يسمى رجاء. إذاً: بعد الأخذ بالأسباب تنتظر رحمة الله عز وجل
ونفحاته، هذا هو الرجاء. أما الشخص الذي يبث البذر في أرض صلبة سبخة،
مرتفعة لا ينصب إليها الماء، ولم يشتغل بتعهد البذر أصلاً، ثم انتظر
الحصاد، فإن انتظاره هذا يعد حمقاً وغروراً لا رجاء، فمثلاً: يقول الله
عز وجل: ]
وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ][الكهف:54]
تجد الإنسان إذا كلمته في الدنيا وقلت له: هون عليك في طلب الدنيا
فإنما يأتيك ما قدر لك، وتخبره بالنصوص التي فيها ضمان الرزق وكذا وكذا،
يقول لك: كل شيء بسبب، ربنا خلق الأسباب وأمرنا بالأخذ بأسباب، ويطيل
القول في ذلك، لكن إذا أمرته بمعروف أو نهيته عن منكر أو كلفته بشيء من
الطاعات والواجبات فسرعان ما يتعلق بنصوص الرجاء، ويقول: ربنا غفور
رحيم، ربنا رحمته وسعت كل شيء، ويتعلق بنصوص الرجاء وهو يفرط في أسباب
التوبة، مع أن الرزق الذي يسعى خلفه هو مضمون ضمنه الله عز وجل له،
فالرزق والأجل مضمونان، لو أن ابن آدم يهرب من رزقه كما يهرب من الموت
لأدركه رزقه كما يدركه أجله، لكن النجاة في الآخرة لا تأتي إلا بالسعي،
قال الله عز وجل: ]
وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى ][النجم:39-41]
هذا في الدنيا؛ لأن هذا موافق لهواه وموافق لشهواته يسعى ويكد. إذاً:
الرجاء الذي لا يكون معه الأخذ بأسباب النجاة فهذا هو عين الحمق، وهذا هو
عين الغرور. والإنسان إذا بث البذور في أرض طيبة، لكن هذه الأرض لا ماء
لها، وأخذ ينتظر مياه الأمطار في مكان لا يغلب فيه نزول الأمطار ولا
يمتنع أيضاً، هذا يسمى تمنياً لشيء لا يقع في العادة. أما الرجاء فإنما
يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه التي تدخل تحت اختيارك، بحيث لم
يبق إلا ما ليس بداخل تحت اختيارك، ولهذا قال ]
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ][النمل:62]
المضطر بعدما يعجز عن الأسباب التي في يده يدعو الله عز وجل وينتظر
فضله؛ لأنه أخذ بما في يده لكن بقيت أسباب ليست تحت اختياره، فهذا محض
فضل الله عز وجل لصرف القواطع والمفسدات لعمله. فالعبد الذي يجتهد في
الطاعات ويجتنب المعاصي حقيق بأن ينتظر من فضل الله تمام النعمة، وما تمام
النعمة إلا بدخول الجنة، كما قال :
(حينما سمع أحد الصحابة رضي الله عنه يقول: اللهم إني أسألك تمام
النعمة، فقال: أتدري ما تمام النعمة؟ قال: لا، قال: تمام النعمة أن تدخل
الجنة) أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، أما العاصي فإنه إذا تاب
وتدارك جميع ما وقع منه من تقصير فهذا حقيق بأن يرجو قبول توبته إذا كان
كارهاً للمعصية، كما قال :
(إذا سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك، فأنت مؤمن) فمن يذم نفسه ويشتهي التوبة
ويشتاق إليها فهذا حقيق بأن يوفقه الله للتوبة؛ لأن هذا الحرص على
التوبة هو سبب من الأسباب الشرعية التي أمرنا بها. فالرجاء لا بد من
ارتباطه بأسباب النجاة، وآية ذلك قول الله عز وجل: ]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ][البقرة:218]
فما أطلق عليهم وصف الرجاء إلا بعد أن ربطه بالأخذ بهذه الأسباب ( إن
الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله )
أما من ينهمك فيما يكرهه الله سبحانه وتعالى ولا يذم نفسه ولا يعزم على
التوبة والرجوع، فرجاء المغفرة في حقه هو الحمق والغرور. يقول
يحيى بن معاذ
رحمه الله تعالى: من أعظم علامات الاغترار عندي التمادي في الذنوب مع
رجاء العفو من غير ندامة، وتوقع القرب إلى الله بغير طاعة، وانتظار زرع
الجنة ببذر النار، وطلب دار المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير
عمل، والتمني على الله عز وجل مع الإفراط. ترجو النجاة ولم تسلك
مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس ويقول الحسن البصري
في الكلمة المشهورة: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في
القلب وصدقه العمل، وإن قوماً خرجوا من الدنيا ولا حكمة لهم، قالوا:
نحن نحسن الظن بالله وكذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل. يقول
النبي :
(ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو
مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتناً تواباً
نسياً إذا ذُكِّر ذَكَرَ) أي: أن المؤمن ليس بالمعصوم، ولا بد أن يقع
منه شيء، لكن شأنه أنه إذا ذُكِّر ذكر وتاب واستغفر. ......


الأقوال في أرجى آية في القرآن
ما هي أرجى آية في القرآن؟ اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً، فالمشهور أن أرجى آية في القرآن هي قول الله عز وجل]إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ/][النساء:48]، وقال جماعة من العلماء: أرجى آية في القرآن قوله تعالى: ]قُلْ
يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا
مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ]
[الزمر:53]، والذين ذهبوا إلى أن هذه الآية هي أرجى آية لعصاة المؤمنين استدلوا بما ثبت في الصحيحين عنابن عباس
رضي الله عنهما قال: (إن ناساً من المشركين قتلوا فأكثروا، وزنوا
فأكثروا، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول
وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت: (وَالَّذِينَ
لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ)[الفرقان:68] إلى قوله: ]
غَفُورًا رَحِيمًا][الفرقان:70]، ونزل أيضاً: /01/]قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا
مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ]
[الزمر:53]) وروى الطبراني بإسناد ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بعث رسول الله إلى وحشي قاتل حمزة
رضي الله عنه يدعوه إلى الإسلام، فقال: كيف تدعوني وأنت تزعم أن من
قتل أو زنى أو أشرك يلق أثاماً، ويضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد
فيه مهاناً، وأنا صنعت ذلك؟! فهل تجد لي من رخصة؟ فأنزل الله عز
وجل:]
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ][الفرقان:70] إلى آخر الآية، فقال وحشي: هذا شرط شديد، (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً) فلعلي لا أقدر على هذا، فأنزل الله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ 1][النساء:48] فقال وحشي : هذا أرى بعده مشيئة، فما أدري أيغفر لي أم لا؟ فهل غير هذا؟ فأنزل الله تعالى: ]قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا
مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ]
[الزمر:53] قال وحشي
: هذا نعم فأسلم) والحديث في إسناده ضعف. وفي قوله تعالى: (قل يا عبادي
الذين أسرفوا) مما يؤكد الرجاء ويقويه إضافة العباد إلى الله سبحانه
وتعالى: (قل يا عبادي) وذلك جبراً لانكسارهم، وتسريعاً لهم للمبادرة
بالتوبة. وروى الحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن في سورة النساء لخمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها، الأولى: ]
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا النساء:40] والآية الثانية: ]إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ][النساء:31] الثالثة: ]إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ
لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً
عَظِيماً ]
[النساء:48] الرابعة:]وَلَوْ أَنَّهُمْ
إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً]
[النساء:64]). وروى عبد الرزاق عنه أيضاً قال: (خمس آيات من النساء لهن أحب إلي من الدنيا جميعاً وذكر فيهن:]وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً [][النساء:110] بدل الآية/01]وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ ][النساء:64])، الخامسة:]وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ][النساء:110]. وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ثمان آيات نزلت في سورة النساء خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت فقال: أولهن: ]يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ][النساء:26] والثانية:/01]وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا/][النساء:27]، والثالثة: /]يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ][النساء:28]، ثم ذكر مثل قول ابن مسعود في الآيات الخمس سواء بسواء). وقال علي رضي الله تعالى عنه: (أرجى آية في كتاب الله قول الله تعالى: ]وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِي][الشورى:30]
ثم قال: وإذا كان يكفر عني بالمصائب ويعفو عن كثير، فأي شيء يبقى بعد
كفارته وعفوه؟!)، وورد عنه أنه قال: (ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب
الله -يعني بالنسبة للعصاة- حدثني بها النبي صلى الله عليه وسلم []
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ][الشورى:30])
قوله: (ما أصابكم)أي: من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا (فبما كسبت
أيديكم)، أي: هذه عقوبتكم في الدنيا، والله أكرم من أن يثني عليكم
العقوبة في الآخرة وقد عاقبكم بها في الدنيا، وما عفا الله عنه في
الدنيا فالله أحلم من أن يعاقب به بعد عفوه، فهذا هو وجه اختيار علي رضي الله عنه لهذه الآية على أنها أرجى آية في القرآن. وقال بعض العلماء: أرجى آية هي قوله تعالى في آخر سورة الأحقاف:]
بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ/01][الأحقاف:35]
وقرئ: (بلغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) والمقصود بقوله: (فهل يهلك
إلا القوم الفاسقون) الآية اقتصرت في الإهلاك بالعذاب على الكفار؛
فأطمعت المسلمين في رحمة الله تبارك وتعالى، ومثلها أيضاً قوله تعالى]
وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ/01][سبأ:17] وفي قراءة أخرى: (وهل يجازى إلا الكفور). وقيل أيضاً: إن أرجى آية هي قوله تعالى: ]إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى][طه:48]. وقيل: إن أرجى آية هي قوله تعالى: ]قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ][الإسراء:84]. ......

..

[/size]
[/center]
[/b]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.