عاش عمره كله يرجو الله أن ينظر إليها ... فكانت النظرة الأولي .. والأخيرة

[نورهان الملاك 0]

العمر بيجري ياحاجة ... ادعي لنا ربنا يكتب لنا زيارة بيته

الحرام .. قالها عم عبد السلام .. سبعون عاما حفرت علي وجهه خيوط

سنوات طويلة من الكدح في الحياة حتي انحني ظهره , ووهن العظم منه , واشتعل راسه شيبا


عم عبد السلام يشهد له أهل الحي الفقير الذي يسكنه

منذ ان جاء شاباً من أقصي صعيد مصر يبحث عن عمل فاستقــــــــــر

به المقام فيه , فتزوج وعاش حياته راضياً بما قسم الله له , يشهد له الجميع بطيب المعاملة


وحسن الجوار , وبصلاة الفجر التي ما غاب عن أذانها يوما

إلا مريضا , أو مسافراً الي بلدته ( قنا ) إحدي محافظات الوجة القبلي 

( العمر بيجري ياحاجـــة .. ياتري الواحد هيشوف الكعبة قبل ما يموت !! كررها ودموع شوقه


لزيارة الكعبة تسيل علي خديه لتجد مجراها في تجاعيد

وجهه الطيب البشوش ... ربنا قادر علي كل شئ يا عبد الســــــلام

مش بعيد علي الله .. بتلك الكلمات البسيطة العميقة الراضية ردت ( أم الخير ) زوجة عم


عبد السلام , وعشرة عمره _ تطيّب خاطر زوجها المتشوق

لرؤية الكعبة , وتكفكف بها دموعه .... دق جرس الباب فقامت ( أم الخير )

تتكئ علي طرف الكنبة القديمة التي ما عرفت غيرها من أثاث البيت من زمن بعيد .. وفتحت


الباب فإذا بشاب يبادرها بالسلام .. وعليكم السلام يابني 

ورحمة الله وبركاته ... خير ... رد الشاب : خير ياأمي إن شاء الله ... هل

هذا منزل الحاج عبد السلام راضي ؟ ردت ( أم الخير ) بشئ من الدهشة والوجل .. أيــــــوه


يابني فيه حاجة ؟ قطع الشاب دهشة المرأة سريعاً رفقاً

بها ... وقال : ألف مبروك ياحاجة عم عبد السلام راضي كسب عمــــرة

إية ؟ عمــرة ؟ منين يابني ؟؟؟ قالتها وتكاد تسقط مغشياً عليها من الفرح , ونادت بمـــــا


أسعفتها حنجرتها الضعيفة .. ياعبد السلام .. ياعبد السلام 

ياراجل تعالي بسرعة .. لحظات وكان زوجها واقفاً بجانبها وكأنما دبت فيه

روح شباب العشرين , لكن حالة من الصمت الناطق بجلال الشكر والإمتنان لرب العالمين


يشع من ملامح وجهه المتجعد ... ثم سارع الشاب الواقف

بالباب مداعباً : إية ياجماعة مش هنشرب الشربات يعني ؟ ثم إستأنــف

قائلاً : بكرة الصبح إن شاء الله تشرفنا ياعم عبد السلام في مكتب الحاج ( ............. )


رجل الأعمال المعروف , فقد إختار عشرين رجل وامرأة

من أهل الحي لأداء العمرة علي نفقته الخاصة ... وانت ياعم عبده منهم

مرت أيام قليلة أنهي فيها عم عبد السلام كل ما يخصه من أجراءات السفر , ليجد نفسه


بعد ساعتين من إقلاع الطائرة في جدة ومنها الي 

مكة ... لم تتوقف دموعه لحظة ودخل المسجد الحرام عند أذان العصر

أدرك الصلاة في مؤخرة الصفوف بعيداً عن ساحة الكعبة , أنهي صلاته مع الإمام , ثم 


إنطلق كالطفل الملهوف الي حضن أمه متجهاً 

الي أقرب الأبواب التي يدلف منها الي الكعبة , هاهو يري الكعبة

لأول مرة .. لم تحمله قدماه .. هوي ساجداً باكياً ثم راح في صمت طويل , جمـــوع


المعتمرين يمرون حول هذا الرجل الساجد الذي 

طال سجوده , ولا يرفع رأسه ... استراب بعض الناس في حالـــه

وضع أحدهم يده علي كتفه يحركه فانقلب ( عبد السلام ) علي جنبه الأيمن شاخصاً


بصره في اتجاه الكعبة التي عاش عمره كله 

يرجو الله أن ينظر إليهــا ... فكانت هي النظرة الأولي ... والنظرة الأخيرة

[mor 0]

قصة معبرة 

اللهم أحسن ختامنا وختام المسلمين وأنت راض عنا 

دائماً متميزة يا نورهان بالموضوعات النافعة 

[نورهان الملاك 0]

mor كتب:

قصة معبرة 

اللهم أحسن ختامنا وختام المسلمين وأنت راض عنا 

دائماً متميزة يا نورهان بالموضوعات النافعة 

ميرسى ياعمرو ربنا يحسن ختامنا جميعاااااااااااااااااااااااااااااا