اذهب الي المحتوي
أحلى نادي لأحلى أعضاء
البحث في
  • المزيد من الخيارات...
عرض النتائج التي تحتوي على:
إيجاد النتائج في:

مجموعة عامة  ·  24130 اعضاء

حفظ
نادي جامعة القاهرة للتعليم المفتوح
maly

محاضره ثالثه ماده اجرام 118 حقوق ترم اول

Recommended Posts

المحاضرة الثالثة

غأهداف المحاضرة :

نتناول فى هذه المحاضرة بعض النظريات التى قيل بها ضمن الاتجاه الاجتماعى فى تفسير الظاهرة الإجرامية وهو يشمل :

1- نظرية التفكك الاجتماعي.

2- نظرية المخالفة الفارقية.

3- نظرية النظام الرأسمالي.

وبعد ذلك نختم دراستنا المتعلقة بتفسير الظاهرة الإجرامية بالتعرف على أهم نظريات الاتجاه التكاملى فى تفسير هذه الظاهرة وهى نظرية :

- التكوين أو الاستعداد الإجرامي.
غالاتجاه الاجتماعي في تفسير الظاهرة الإجرامية

·      يستند الاتجاه الاجتماعي في تفسير الجريمة، على عكس المذهب الفردي، إلى عوامل خارجية لا تتصل بالتكوين العضوي والنفسي للفرد، وإنما تتعلق بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها من الظروف المحيطة بالفرد.
·  وقد نشأ هذا المذهب الاجتماعي في تفسير الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أخضع علماء الاجتماع السلوك الإجرامي لنفس القواعد التي تخضع لها كافة صور السلوك الاجتماعي. وقد تعددت الدراسات التي أجريت في هذا الخصوص واتسمت هذه الدراسات  في بادئ الأمر بالطابع الفردي وذلك بدراسة حالات فردية وبحث نوعية معينة من الجرائم كل على حدة. وفي تطور لاحق وفي محاولة لوضع تفسير عام ظهرت بعض النظريات المفسرة للسلوك الإجرامي استناداً لعوامل اجتماعية.
وقد سلكت هذه الدراسات الأخيرة أحد طريقين:

الأول: دراسة صور التنظيم الإجرامي وعلاقته بمعدل الجريمة وذلك لمحاولة التعرف على كيفية ظهور الجريمة وارتباطها بالتنظيم أو التركيب الاجتماعي.
الثاني: دراسة الكيفية التي يصير الفرد وفقاً لها مجرماً بدلاً من أن يأتي سلوكه متمشياً مع القانون والضوابط الاجتماعية ولذلك تعددت النظريات الاجتماعية المفسرة للسلوك الإجرامي، إلا أن دراستنا سوف تقتصر على بيان أهم هذه النظريات وهي نظرية التفكك الاجتماعي، نظرية المخالطة الفارقية، نظرية النظام الرأسمالي وذلك على النحو التالي.
(1) نظرية التفكك الاجتماعي

-  مضمون النظرية

·  تستند هذه النظرية في تفسيرها للجريمة إلى ما يسود المجتمع من تنازع أو تضارب وهو ما يعبر عنه بالتفكك الاجتماعي. وفي دراستهم لبيان علاقة التفكك الاجتماعي بالجريمة ميز أنصار هذه النظرية بين أنواع المجتمعات من ناحية وبين تطور حياة الفرد داخل نفس  المجتمع من ناحية أخرى. فمن ناحية، ميز أنصار هذه النظرية بين المجتمع الريفي البدائي ومجتمع الحضر الحديث حيث لاحظوا أن المجتمع الريفي يتميز بالانسجام والرقابة المتبادلة بين أعضائه وتسوده مجموعة متشابهة من القيم والعادات والتقاليد، ويعيش أفراده حياة مشتركة لخدمة مصالح الجماعة ولذلك تخلو حياتهم غالباً من النزعة الفردية والصراعات المتبادلة. وقد ترتب على ذلك انخفاض معدل الجريمة بصورة كبيرة داخل المجتمع الريفي. وعلى العكس من ذلك فإن طبيعة الحياة داخل المجتمع الحديث تتسم بالتعقيد والتشابك وتضارب المصالح وما نتج عن ذلك من تصارع بين أفراده الذين غالباً ما ينحدرون من مجتمعات متباينة في عاداتها وتقاليدها. ولذلك تسود في هذا المجتمع روح الفردية ومحاولة تحقيق كل فرد لمصلحته الشخصية ولو على حساب الآخرين دون مراعاة للقيم والمبادئ والضوابط اللازمة للحياة في المجتمع وهو ما يقود الفرد إلى مخالفة القانون وارتكاب الجريمة.
·      ومن ناحية أخرى، فإن الفرد وخلال مراحل حياته المختلفة يتعامل مع مجموعات متنوعة من الأشخاص المحيطين به، ففي مرحلة الطفولة يعيش الطفل في أسرته ويتلقى داخلها ما يؤثر على سلوكياته وتصرفاته ومنها سلوكه الإجرامي. فلو كان الوالدين أو أحدهما يمثل قدوة سيئة فسوف يأتي سلوك الطفل مخالفاً للقيم الاجتماعية، ولو فرض وكان أبواه صالحين ولقناه القيم والمبادئ الأخلاقية فإنه سوف يخرج في مرحلة تالية ليتعامل مع جماعة من الأشخاص المختلفين في سلوكياتهم وتصرفاتهم وذلك في مجتمع المدرسة ثم مجتمع الأصدقاء ومجتمع العمل.
·                  وهذا التطور في تعاملاته وفقاً لتطور مراحل عمره قد يضعه، خاصة في المجتمعات الحديثة، في تناقض وأزمة اختيار ما بين السلوك القويم والسلوك المستهجن، وقد ينتهي به الأمر في النهاية إلى انتهاج السلوك الإجرامي.
 
 
 
- تقدير النظرية

·  لا شك أن هذه النظرية قد أصابت الحقيقة في قدر منها وذلك عندما فسرت الجريمة استناداً لما أصاب المجتمع الحديث من تفكك وتناقض أصاب هذا المجتمع في ثقافاته وقيمه ومبادئه، الأمر الذي يشكل عاملاً دافعاً إلى ارتكاب الجريمة.
·  ومع ذلك فإن هذه النظرية لا تصلح لتفسير الجريمة كظاهرة عامة في حياة المجتمع، لأن فكرة التفكك الاجتماعي لا يمكن الاستناد إليها وحدها وإهمال غيرها من العوامل الخارجية والفردية التي تحكم السلوك الإنساني وتؤثر بشكل ملحوظ في السلوك الإجرامي.
·  وفي النهاية لا يمكن لهذه النظرية أن تقدم تفسيراً مقبولاً لعدم ارتكاب بعض أفراد المجتمع للجريمة رغم أنهم يعيشون في نفس المجتمع وفي نفس ظروف التفكك الاجتماعي التي تسوده.
(2) نظرية المخالطة الفارقية:

مضمون النظرية

·  تنسب هذه النظرية إلى عالم الاجتماع الأمريكي سذرلاند، الذي يسلم بنظرية التفكك الاجتماعي وبما خلصت إليه من نتائج ومع ذلك فقد وضع نظرية جديدة لتفسير السلوك الإجرامي باعتباره ظاهرة اجتماعية.
·  ويرفض سذرلاند تفسير السلوك الإجرامي باعتباره تعبيراً عن مجموعة من الحاجات، تأسيساً على أن السلوك غير الإجرامي يأتي هو الآخر تعبيراً عن نفس الحاجات. فالحاجة كما تصلح لتفسير السلوك الإجرامي تصلح أيضاً وبنفس الدرجة لتفسير السلوك المطابق للقانون. فالحاجة إلى المال قد تدفع الشخص إلى السرقة وقد تدفعه إلى مضاعفة العمل الشريف.
· ويرى سذرلاند أن السلوك الإجرامي يأتي من خلال التعلم فهو ليس سلوكاً موروثاً، فالشخص يكتسب السلوك الإجرامي من خلال اختلاطه بالأشرار وخلطاء السوء وانفصاله عن الجماعة التي تحترم القانون. مع ملاحظة أن السلوك الإجرامي وفقاً لما يراه سذرلاند يتم تفسيره من خلال التعلم المباشر القائم على العلاقات الشخصية المباشرة، ولذلك يرى سذرلاند أن وسائل الإعلام ، باعتبارها وسائل تعليم غير مباشرة، تلعب دوراً ثانوياً في هذا الخصوص.
وهناك عدة عوامل تساهم في تحديد مدى تأثر الفرد بجماعة معينة عند واختلاطه بها وهي:

أولها: أسبقية تأثر الفرد بالسلوك السائد في جماعة معينة سواء كان هذا السلوك مطابقاً للقانون أم مخالفاً له، فيستمر تأثر الفرد بسلوكيات هذه الجماعة رغم اختلاطه بجماعات أخرى.
وثانيها: استمرار التأثر فترة من الزمن تسمح للفرد باكتساب مسلك الجماعة في مخالفة القانون. وثالثها: عمق التأثير الذي يتعرض له الفرد داخل هذه الجماعة ومدى فاعليته في دفعه إلى طريق الإجرام، وهذا يتوقف على حدة وقوة التأثير الذي تمارسه الجماعة المخالطة للفرد على سلوكه الإجرامـي.
·  وقد احتل التنظيم الاجتماعي أهمية كبيرة في نظرية سذرلاند، فالسلوك الإجرامي ما هو إلا انعكاس للتنظيم الاجتماعي السائد. فاختلاطات الفرد مع غيره تعتمد إلى حد بعيد على التنظيم الاجتماعي، وهذا التنظيم قد يبني بطريقة تشجع على ظهور السلوك الإجرامي وقد يبنى بطريقة تحول دون ذلك.
تقدير النظرية

·  لا شك أن هذه النظرية قد لفتت الأنظار إلى أهمية العلاقات الشخصية للفرد وما قد ينتج عن ذلك من اختلاط بمجموعات إجرامية تؤثر تأثيراً سيئاً على سلوكياته مما يدفعه إلى ارتكاب الجريمة. ومع هذا يؤخذ عليها ما يلي:
·  فمن ناحية أولى، أغفلت النظرية دور العوامل الفردية وما يصيب الشخص من خلل عضوي أو نفسي في الدفع إلى ارتكاب الجريمة.
·  ومن ناحية ثانية، فكرة التعلم التي اتخذتها النظرية أساساً لتفسير السلوك الإجرامي لا يمكن التسليم بها، لأنه لو كان الشخص يتعلم الإجرام من مخالطته للمجرمين، فمن الذي علم المجرم الأول أسلوب ارتكاب الجريمة. بل إن البعض قد ذهب إلى القول بأن السلوك غير الإجرامي هو الذي يتم اكتسابه من خلال التعلم.
·  ومن ناحية ثالثة، تقود النظرية إلى نتائج لا يمكن التسليم بها، وهي أن الذين يخالطون المجرمين سوف يرتكبون الجريمة وهو أمر لا يثبت الواقع صحته، وإلا لاعتبر رجال الشرطة وأعضاء النيابة وغيرهم ممن يخالطون المجرمين ممن يخالفون القانون ويرتكبون الجريمة، فهؤلاء يخالطون المجرمين ومع ذلك لم تنتقل إليهم عدوى ارتكاب الجريمة، وفي المقابل يثبت الواقع مخالطة البعض لأفراد يحترمون القانون ومع ذلك يرتكبون الجريمة.
 
 
(3) نظرية النظام الرأسمالي:

·  ظهر التفسير الاقتصادي للظاهرة الإجرامية بصورة واضحة على يد ماركس وأنجلز أصحاب فكرة النظام الشيوعي الاشتراكي. وترتكز هذه النظرية على ما يشوب النظام الرأسمالي من مساوئ وما يتميز به من غياب لفكرة العدالة الاجتماعية.
·  فالنظام الرأسمالي يؤدي إلى فتح باب المنافسة غير المشروعة بين التجار مما يؤدي إلى احتكار السلع والخدمات ويدفعهم إلى بذل الأساليب غير المشروعة لتحقيق أكبر ربح مثل الغش والاحتيال والمبالغة في رفع السعار والانتقاص من جودة السلع والخدمات التي يقدمونها.
·  وتظهر مساوئ النظام الرأسمالي كذلك في التفاوت الهائل في مستوى معيشة طبقة أصحاب العمل وطبقة العمال، وما يقوم به أرباب العمل من استغلال للعمال وتشغيل النساء والأطفال وزيادة عدد ساعات العمل وعدم إعطاء العامل الأجر الذي يستحقه، علاوة على انخفاض مستوى التعليم والرعاية الصحية لدى طائفة العمال، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الفقر والبطالة بين أفراد الطبقة العاملة وزيادة ثراء الطبقة الرأسمالية، وهذه بلا شك عوامل تدفع إلى ارتكاب الجريمة.
·  وتحت تأثير هذه الأفكار نشر العالم الهولندي بونجر كتاباً في عام 1905 عن "الجريمة والظروف الاقتصادية" انتقد فيه النظام الرأسمالي لأنه يولد انعدام المسئولية الاجتماعية ويدفع إلى ارتكاب الجريمة بسبب ما يسود هذا النظام من ظلم للطبقات الاجتماعية الفقيرة يدفعهم لارتكاب الجريمة في محاولة منهم لتحسين أحوالهم والتنفيس عما بداخلهم من حقد تجاه طبقة الرأسماليين وذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى يدفع النظام الرأسمالى بسبب ما يؤدي إليه هذا النظام من تشجيع للطبقات الرأسمالية على ارتكاب العديد من الجرائـم الاقتصادية.
- تقدير النظرية

·  ولا شك أن هذه النظرية قد لفتت الأنظار إلى دور العوامل أو الظروف الاقتصادية في الدفع إلى ارتكاب الجريمة، خاصة فيما يتعلق بتفسير ارتكاب جرائم الاعتداء على الأموال.
ومع ذلك فقد وجهت لهذه النظرية بعض الانتقادات:
·  من ناحية، لا تصلح هذه النظرية لإعطاء تفسير مقبول لارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص أو جرائم الاعتداء على العرض، وعليه فالظروف الاقتصادية لا يمكن الاستناد إليها دون غيرها في تفسير الظاهرة الإجرامية.
·  ومن ناحية أخرى، فإن الواقع يكذب هذه النظرية حيث أنه لا يمكن القول بأن المجتمعات الاشتراكية تخلو من ظاهرة ارتكاب الجريمة، كما أنه لم يثبت أن جميع أفراد المجتمع الرأسمالي قد سلكوا طريق الجريمة.
غالاتجاه التكاملي في تفسير الظاهرة الإجرامية

·  من دراسة النظريات التي حاولت تفسير السلوك الإجرامي، سواء تلك التي تنتمي للاتجاه الفردي أو تلك التي قيل بها في نطاق المذهب الاجتماعي، تبين عدم صلاحيتها لتفسير الظاهرة الإجرامية باعتبارها ظاهرة عامة. ويرجع فشل هذه النظريات إلى أن كلاً منها اكتفى بالتركيز على دراسة عامل واحد من العوامل الدافعة إلى ارتكاب الجريمة وأغفلت تماماً دور العوامل الأخرى أو أعطتها دوراً هامشياً في تفسير السلوك الإجرامي. ونتيجة ما وجه من انتقادات شديدة إلى كل من المذهب الفردي والمذهب الاجتماعي، حاول علماء الإجرام المحدثين تفسير الظاهرة الإجرامية استناداً إلى الجمع بين العوامل الفردية المتعلقة بالتكوين البدني والنفسي للفرد وبين العوامل الخارجية المحيطة به والتي تتعلق بالبيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها وقد أطلق على هذا المذهب أو الاتجاه "التفسير التكاملي للظاهرة الإجرامية".
·  وقد تعددت النظريات التي قيل بها ضمن هذا الاتجاه التكاملي في تفسير الظاهرة الإجرامية وسوف نعــرض لدراسة أهم هذه النظريات وهي نظرية التكوين أو الاستعداد الإجرامــي التي قال بها العالم الإيطالي دي توليو.
(4)  نظرية التكوين أو الاستعداد الإجرامي :

مضمون النظرية

·  لم تقتصر هذه النظرية على فكرة تعدد الأسباب التي تؤدي إلى تحقق السلوك الإجرامي، وإنما بينت الكيفية التي من خلالها يحدث التفاعل بين هذه الأسباب المتعددة في إنتاج الظاهرة الإجرامية.
·  وتقوم هذه النظرية على أن المجرم يتوافر لديه استعداد بعدم تقبل قواعد السلوك الاجتماعي واحترام الآخرين في المجتمع، وهو ما يمكن أن يطلق عليه الاستعداد الإجرامي لدى الفرد. ولكن هذا الاستعداد الإجرامي يعتبر حالة ساكنة لا تؤدي بالضرورة إلى ارتكاب الجريمة وإنما تخلق لدى الفرد ميلاً تجاه الإجرام. هذا الميل لا يتحول إلى تنفيذ فعلي للجريمة إلا إذا اقترن وتفاعل مع عوامل أخرى خارجية، بحيث يمكن القول أن الجريمة ما هي إلا نتيجة تفاعل عوامل داخلية تتعلق بتكوين الشخص وعوامل خارجية تتعلق بالبيئة المحيطـة بـه.
·  وذهب دي توليو إلى أن الكشف عن الاستعداد الإجرامي لدى الفرد يتطلب دراسة متكاملة لتكوينه وشخصيته من ثلاث نواحي.
·  الناحية الأولى تتعلق بدراسة الأعضاء الخارجية لجسم الإنسان للتعرف على ما يتوافر لديه من شذوذ، حيث لاحظ دي توليو تميز المجرمين عن غير المجرمين بنسبة كبيرة من العيوب الجسمانية. الناحية الثانية تتعلق بدراسة وظائف الأعضاء والأجهزة الداخلية للجسم كالجهـاز الدوري والتنفسـي والبولي والهضمي والتناسلي، ودراسـة إفرازات الغـدد إلى غير ذلك، وقد لاحـظ دي توليو وجود خلل فى الجهاز البولي والعصبي والبولي لدي المجرمين بنسبة أكبر من نسبتها لدى غير المجرمين. الناحية الثالثة تتعلق بدراسة الناحية النفسية للفرد للوقوف على مدى نشاط غرائزه وحاجاته. وقد لوحظ أن المجرم غالباً ما يكون مصاباً بشذوذ في بعض الغرائز مثل الشذوذ الذي يصيب غريزة التملك فيدفع الفرد إلى ارتكاب جرائم اعتداء على الأموال، والشذوذ الذي يصيب غريزة الدفاع فيؤدي بالفرد إلى ارتكاب جرائم اعتداء على الأشخاص، والشذوذ الذي يصيب الغريزة الجنسية فيرتكب الفرد نتيجة لذلك جرائم اعتداء على العرض.
·  وذهب دي توليو إلى أن الاستعداد الإجرامي لدى الشخص يظل كامناً بداخله إلى أن يوقظه ويتفاعل معه بعض العوامل والمؤثرات الخارجية مما يدفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة. ويقرر دي توليو أن هذا الاستعداد الإجرامي لا يتوافر لدى جميع الناس، بدليل أن العوامل الخارجية التي تدفع المجرم لارتكاب الجريمة لا تحدث هذا التأثير لدى غير المجرمين.
·  والعلة في ذلك أن السلوك الإجرامي أشبه بالمرض الذي تتوقف إصابة الجسم به على قدر ما يتمتع به من مناعة وقدرة على مقاومة جراثيمه. فلذلك الوضع بالنسبة للسلوك الإجرامي حيث يتوقف ارتكاب الجريمة على ضعف قدرة الشخص على التكييف مع مقتضيات الحياة الاجتماعية بسبب ما يصيبه من خلل عضوي ونفسي أدى إلى توافر الاستعداد الإجرامي لديه.
·  وقد قسم دي توليو الاستعداد الإجرامي إلى نوعين، الأول استعداد إجرامي أصيل والثاني استعداد إجرامي عارض. فالاستعداد الإجرامي الأصيل يتميز بالثبات والاستمرار ويرجع إلى وجود خلل عضوي ونفسي لدى الفرد ويجعله يميل إلى ارتكاب الجريمة وقد يصل ذلك إلى حد الاعتياد على ارتكابها والإقدام على ارتكاب أشدها خطورة. أما الاستعداد الإجرامي العارض فهو ذو صفة عارضة ويرجع إلى عوامل داخلية تتعلق بتكوين الفرد وإلى عوامل خارجية تؤثر عليه وتضعف من قدرته على التحكم في نزعاته الفطرية فيرتكب الجريمة على سبيل المصادفة.
·  واستناداً إلى فكرة الاستعداد الإجرامي قسم دي توليو طائفة المجرمين المجانين إلى نوعين: المجرم المجنون، والمجنون المجرم.
·  فالمجرم المجنون هو شخص يرجع ارتكابه للجريمة إلى تكوين كامن فيه وسابق على إصابته بالجنون، ولذلك فإن شفاء هذا المجرم من جنونه لا يمنع من احتمال عودته إلى ارتكاب الجريمة لأن لديه الاستعداد الإجرامي لذلك، وهذا الاستعداد يتصف بالثبات والاستمرار. أما المجنون المجرم فيرجع سبب ارتكابه للجريمة إلى إصابته بالجنون فقط، ولذلك فإن شفاء هذا المجرم من جنونه يؤدي إلى زوال سبب إجرامه نظراً لعدم توافر استعداد إجرامي لديه سابق على حالة الجنون.
- تقدير النظرية

·  تميزت هذه النظرية بالنظرة التكاملية في تفسير الظاهرة الإجرامية مستندة في ذلك إلى العوامل الفردية المتعلقة بتكوين المجرم وشخصيته وإلى العوامل الخارجية المحيطة به، وهي بذلك تجنبت التطرف الذي اتسمت به نظريات كل من الاتجاه الفردي والاتجاه الاجتماعي كما سبق بيانه.
ومع ذلك فقد أخذ على هذه النظرية بعض الملاحظات:
·  أولى هذه الملاحظات، أن فكرة الاستعداد الإجرامي يصعب التسليم بها لكونها لا تصدق على جميع أنواع الجرائم، لأن الجريمة كواقعة قانونية تختلف من زمان لآخر ومن مكان لآخر حسب ما يسود مجتمع ما في زمان ما من قيم ومصالح تدفع المشرع إلى التدخل لحمايتها وهو ما يطلق عليه "الجريمة المصطنعة"، وعليه فإن فكرة الاستعداد الإجرامي لا تصلح لتفسير هذه النوعية من الجرائم. ولذلك قيل بأن فكرة الاستعداد الإجرامي تصلح فقط لتفسير ما يطلق عليه تعبير "الجريمة الطبيعية" التي قال بها جاروفالو وهي الجريمة التي تتعارض مع القيم الأخلاقية والاجتماعية الراسخة في الضمير الإنساني مثل جريمة القتل وجريمة السرقة.
·  وثاني هذه الملاحظات، أن هذه النظرية تقود إلى اعتبار العوامل الاجتماعية غير كافية بمفردها لدفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة، باعتبار أن ذلك لا يتم إلا إذا تفاعلت مع استعداد إجرامي كامن لدى الشخص وما عليها إلى أن توقظه لتحدث الجريمة.
·  ولا شك أن هذه القول لا يمكن التسليم بصحته في جميع الفروض، لأنه قد ترتكب الجريمة تحت تأثير العوامل الخارجية وحدها كما هو الحال بالنسبة للزوج الذي يفاجأ زوجته متلبسة بالزنا فيقتلها في الحال هي ومن يزني بها. في هذه الحالة يرتكب الزوج جريمته تحت تأثير ظروف وعوامل خارجية دون أن يتوافر لديه استعداد إجرامي سابق.
·  ومع ذلك يمكن القول أن هذا الزوج قد توافر لديه استعداد إجرامي عارض تم إثارته بهذا المؤثر الخارجي ثم حدث تفاعل بينهما أدى إلى ارتكابه للجريمة.
·  وعلى أية حال فإن هذه النظرية لاقت تأييد واسع من جانب الفقه الحديث الذي يفضل تسميتها بنظرية "الاستعداد اللا اجتماعي أو الانحرافي" ذلك أن هذه التسمية تعتبر أكثر شمولاً من تعبير "الاستعداد الإجرامي"، ويسمح بتفسير الجريمة كواقعة قانونية متغيرة بحسب الزمان والمكان.
·  كما يطلق جانب من الفقه على هذه النظرية تعبير "نظرية العقلية اللااجتماعية". وهو تعبير يتفق في معناه مع فكرة الاستعداد اللا اجتماعي.
·  ومجمل القول أن تفسير الظاهرة الإجرامية تفسيراً علمياً يجب أن يستند إلى الجمع بين العوامل الفردية والعوامل الخارجية.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انشئ حساب جديد او قم بتسجيل دخولك لتتمكن من اضافه تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل ؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان

×
×
  • اضف...

Important Information

We have placed cookies on your device to help make this website better. You can adjust your cookie settings, otherwise we'll assume you're okay to continue.